الرسالة البابوية لعيد القيامة المجيد

20 أبريل 2025
Large image

باسم الآب والابن والروح القدس الإﻟﻪ الواحد آمين ﺗﺤل علينا نعمته ورﺣﻤته من الآن وإﻟﻰ الأبد آمين.
إخرستوس آنيستى، أﻟﻴثوس آنيستى اﻟﻤسيح قام، حقًا قام.
أھنئُكم أیھا الأحباءُ بعیدِ القیامةِ المجید أھنئُ كلَ الكنائسِ والأدیرة القبطیة الأرثوذكسیة في قارات العالم: في أفریقیا وآسیا وأوروبا وأمریكا الشمالیة وأمریكا الجنوبیة وأیضًا في قارة أسترالیا وفي مدینة إلھِنا العظیم أورشلیم. أھنئُكم بھذا العید الذي نحتفلُ به بعد أن صمنا ھذا الصوم الكبیر، الصوم المقدس. وھو الصومُ الذي فیه نسكیاتٌ وفیه حیاةٌ روحیة، نمتلئ ونشبع بھا وعندما نأتي إلى القیامةِ وإلى فجرِ القیامةِ تأتي أمامَنا مشاھدٌ كثیرة من ھذه المشاھدِ مشھدُ المریمات وھن یحاولن أن یقدمن الأطیاب ولكن كان یشغلھن ھذا السؤال، من یدحرجُ لنا الحجرَ (مرقس ۱٦: 3)؟
وھذا السؤالُ لیس من عند المریمات فقط ولكنه یواجھنا في حیاتنا الیومیة نواجه موضوعاتٍ كثیرة ومواقفَ كثیرة في حیاة كلِ واحدٍ فینا،وأحیانًا یبقى ظاھرًا في حیاتنا حجرٌ ھذا الحجرُ یمكن أن یكون الخطیة ممكن أن یكون الكسل،ممكن أن یكون الانشغال الزائد بالعمل، ممكن أن یكون ذات الإنسان، ممكن أن یكون الأولویات
وترتیبھا من یدحرجُ لنا الحجر؟ الحجرُ ھنا یمثل صعوبةً أمامَ الإنسان من سیحركھا؟ طبعًا واضحٌ لنا أن
المریمات كن نساءً وقفن أمامَ حجرٍ كبیرٍ كان یسدُ بابَ القبرِ، ولم یكن بسھولة أن یحركنه فكان یسببُ مشكلة ونحن في حیاتِنا الیومیة نواجه مشكلاتٍ كثیرة ویأتي السؤالُ: من یدحرجُ الحجر؟ من یحِلُ المشكلة؟
من یزیلُ ھذه الصعوبة؟ من یفتحُ الطریقَ المسدود؟
أذكَّركم بالشاب الغني (مرقس ۱۰: 17-22) الشاب الغني الذي عاش وذھب لیسألَ المسیحَ سؤالاً جمیلاً
جدًا وقال "مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَیَاةَ الأَبَدِیَّةَ؟" سؤالٌ رائع شابٌ یبحث عن أبدیته وبعدما شرحَ له المسیحُ
أن یحفظَ الوصایا، قال له "ھَذِهِ كُلُّھَا حَفِظْتُھَا مُنْذُ حَدَاثَتِي" فقال له "یُعْوِزُكَ أَیْضاً شَيْءٌ وَاحِدٌ"باقٍ خطوة واحدة ما ھي الخطوة الباقیة؟ "اذْھَبْ بِعْ كُلَّ مَا لكَ وَأعَطِ الْفقُرَاءَ فَیَكُونَ لكَ كَنْزٌ فيِ السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِیبَ". یقول لنا الكتاب: "فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِینًا" (متى ۱۹: 22) كان ھناك حجرٌ أمامَه، وھذا الحجر لم یستطع أن یتخطاه كان غناه ھو الحجر. ویمكن أن أذكِّرُكم بمثل الفریسي والعشار (لوقا ۱۸: 9-14) عندما دخلا للصلاة، الفریسي وقفت أمامه الذات. الذاتُ وإحساسٌ بأنه ھو الأفضل. أما الرجلُ العشار فخرج مُبَررًا،لأنه قال عبارةً واحدةً: "اللھُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ"(لوقا ۱۸: 13) من یدحرجُ لنا الحجر؟
النقطة الثانیة: المریمات بالرغم من أن السؤال شغلْھن وكانت ھناك صعوبةٌ قدامھن، لكن –في الحقیقة- كان عندھن اجتھادٌ، وكان عندھن جھاد ماذا فعلن؟ أعددن الحنوطَ وابتدأن یحضِّرن أنفسَھن وابتدأن یَخْرُجْن ویمشین في الفجر مبكرًا(مرقس ۱٦: 1) لكي یذھبن ویضعن ھذه الحنوط على جسدِ المسیحِ الذي ماتَ على عودِ الصلیب لكن كان عندھن شاغلٌ: من یرفعُ الحجر؟ ھذا السؤال لم یجعلھن یتعطلن. بل حفَّزَھن لیكون عندھن جھادٌ، وعندھن نشاطٌ، وعندھن أملٌ،وعندھن إیمانٌ قويٌ أن ھناك أشیاء ستحدث القدیس بولس الرسول یقول لنا أیةً جمیلةً إذ یقول "غَیْرَ مُتَكَاسِلِینَ فِي الِاجْتِھَادِ حَارِّینَ فِي الرُّوحِ عَابِدِینَ الرَّبَّ" (رومیة ۱۲: 11) وفي سفر الأمثال في العھد القدیم یقول "الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَیْدًا" (أمثال ۱۲: 27) فھذا یعني لو أنك أحضرتَ صنارةً ووضعتھا ھكذا من غیر أن تستعدَ لھا جیدًا، سوف لا تمسك ولا سمكة[واحدة]. في العھد القدیم یأتي أمامَنا موقفُ نحمیا وھو في الأسْرِ أو السبي. فقد أتت لنحمیا أخبار أن بلادَه أسوارُھا مھدومةٌ وأبوابُھا محروقة بالنار وبعد أن أخذ إذنَ الملكِ، ابتدأ یرجع لمدینتِه التي ھي أورشلیم ویحاول أن یبني ولیس لدیه أيُ إمكانیات، فبدأ یقولُ للساكنینَ على محیطِ السور أن یبني كلُ واحدٍ جزءً من السورِ الذي یقعُ أمامَ بیتِه(نحمیا ۳: 28) وابتدأوا یعملون كذلك. وقال لھم شعارًا قویًا إذ قال: "إِنَّ إِلَه السَّمَاءِ یُعْطِینَا النَّجَاحَ وَنَحْنُ عَبِیدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي" (نحمیا ۲: 20) یعني أن ھذا النجاح نأخذه من ربنا، ونحن سنقوم ونعمل رغم أن السورَ كان أمامه مھدومًا والأبواب محروقةَ بالنار. ربما كان نفس ھذا الموقف أیضًا مع العذارى الحكیمات (متى ۲٥: 1-13) فقداجتھدن وحضَّرن الزیتَ وحضَّرن المصابیحَ وانتظرن المسیحَ. سھرن، رغم أنھن لم یكنَّ یعرفن متى سیأتي المسیحُ العریس.
الخطوة الأولى: مَن یدحرجُ لنا الحجر؟ ھذه ھي
الصعوبة.
الخطوة الثانیة: الاجتھاد والجھاد.
الخطوة الثالثة: كانت خطوةً طیبة، وھي خطوةُ الحجر المرفوع. وھي یدُ ربنا عندما تعمل. وصلن إلى القبر وشاھدن الحجرَ مرفوعًا (مرقس ۱٦: 4)وأرجوكم أن تتخیلوا مشاعرھن، وفرحتھن الداخلیة بأن الحجر -الذي كان یمثل المشكلة والصعوبة-رفعه السیدُ المسیحُ وقامَ من بین الأموات. وجدن الحجرَ مرفوعًا والقبرَ فارغًا ویدَ الله قد عملت لأجل ذلك وأنتَ أمام أي صعوبة، اعرف أن یدَ ربنِا تعمل. في یوم من الأیام، وقبل القیامة بیومین، كان الصلیبُ یوم الجمعة، وعلى الصلیب صُلب السید المسیح وعن یمینه لصٌ وعن شماله لصٌ، لكي یُحسَب الجمیع كأنھم لصوص. واللصُ الیمین قال عبارةً جمیلة، وأعتقد أنه لم یكن یتوقع نتیجتَھا:
"اذْكُرْنِي یَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ" فكانت النتیجة: "الْیَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" (لوقا42:23-43) لقد قامَ المسیحُ لیُقیمَنا معه. لأجل ذلك أنت عندما تواجه صعوبة أو مشكلة، اجتھدْ وكنْ أمینًا واعرفْ أن یدَ الله تعملُ وستكون النتیجة مبھرةً بإیمانِك وبرجائِك.
أھنئُكم بھذا العید المجید. أھنئُ كلَ الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكھنة القمامصة والقسوس، أھنئُ الشمامسة والأراخنة والخدام والخادمات، وأھنئُ أیضًا كلَ أسرة قبطیة في كلِ كنیسة وفي أي مكانٍ، وأھنئُ الشبابَ والشاباتِ، وأھنئُ أیضا الفتیانَ والفتیات، وأھنئُ الأطفالَ والصغار. أھنئكم جمیعًا من أرض مصر ومن الكنیسة القبطیة الأرثوذكسیة، ھنا من الكاتدرائیة -كاتدرائیة مارمرقس- في العباسیة بالقاھرة، أرسلُ ھذه التھنئةَ إلى جمیعِكُم، وأرجولكم عیدًا مملوءً بالفرح والبھجة والشعور القوي الذي نشعرُ به في القیامة المجیدة التي نصلي بھا كل یوم في التسبحة ونقول: "قوموا یا بني النورِ لنُسبحَ ربَ القوات" إخرستوس آنيستى، أﻟﻴثوس آنيستى اﻟﻤسيح قام، حقًا قام.
قداسة البابا تواضروس الثاني

عدد الزيارات 31

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل