التعليم الكنسي (3) - المتعلم

18 أكتوبر 2019
Large image

تكلمنا في الأعداد الماضية عن المنظومة التعليمية الكنسية بأركانها الثلاثة، وهي: المعلم والمنهج والمتعلم. وتحدثنا بإسهاب عن الركن الأول (المعلم) والركن الثاني (المنهج)، ويبقى الحديث عن الركن الثالث أي المتعلم.
المتعلم هو التلميذ الذي يتبع باختياره مُعلّمًا ويشاركه أفكاره ويمتصّ منه المعرفة الكنسية بكل جوانبها الروحية والنفسية والسلوكية والعلمية والتربوية... وفي العهد القديم نقرأ عن تلاميذ الأنبياء والحكماء مثلما كان أليشع النبي تلميذًا يتبع إيليا النبي (1مل 19:19)، أو يشوع بن نون تلميذًا لموسى النبي، وغيرهم... وفي العهد الجديد نقرأ عن تلاميذ يوحنا المعمدان (مرقس 2: 18)، وتلاميذ الفريسيين (متى 22: 16)، ثم تلاميذ الرب يسوع الاثني عشر (متى 10)، ثم الرسل السبعين (لوقا 10). وامتد هذا اللقب – تلميذ أو متعلم – إلى سائر المؤمنين سواء عرفوا يسوع المسيح خلال حياته وخدمته على الأرض، أو لم يعرفوه سوى بالإيمان خلال كل الأجيال التالية كما نقرأ في سفر الأعمال (6: 1، 2؛ 9: 10-26)... الخ.
و"المتعلم" في كنيستنا أو "المخدوم" يتمثّل في ثلاثة قطاعات أساسية وهي: فرديًا – جماعيًا – جماهيريًا.
1- القطاع الفردي:
والمقصود أن يكون المتعلم فردًا واحدًا أو أسرة، يتلقى المعرفة والتعليم الكنسية فرديًا، وهذا يتمثل في:
أ. الشخص المعترف: الذي يمارس سر التوبة والاعتراف أمام أب اعترافه الذي يقوده روحيًا وتقويًا ويصلي معه ويصلي له التحليل الكنسي. والعلاقة بين أب الاعتراف والمعترف قد تمتد عشرات السنوات في منهجية تعليمية تهدف لخلاص الشخص طوال مسيرته الروحية.
ب. طالب الإرشاد الروحي: والمرشد هنا قد يكون بأي صورة: كاهن أو غير كاهن، ولكن له قامة روحية دراسية يستطيع أن يرشد آخر بكل حكمة ورؤية ثاقبة. وطالب المشورة قد يستمر في هذه العلاقة الروحية وقتًا طويلاً أو قصيرًا، ولكنه شكل من أشكال التعليم الكنسي الذي يجب أن يكون مصحوبًا بالصلاة والتقوى.
جـ. زيارة الافتقاد: عندما يفتقد الكاهن أو الخادم أي شخص بمفرده أو أسرة محدودة العدد، فإنما تكون جلسة الافتقاد جلسة تعليمية رعوية، وفيها التعليم الكنسي بصورة مناسبة، سواء بالإنجيل أو بالحديث الروحي أو بالصلاة، بعيدة تمامًا عن المظاهر الاجتماعية أو الأحاديث الفارغة.. وهذه مسئولية الكاهن أو الخادم أولاً وأخيرًا في كيفية إدارة جلسة الافتقاد.
2- القطاع الجماعي:
والمقصود أن يكون المتعلم / المخدوم مجموعة متجانسة في السن أو العمر أو في النوعية (شباب أو شابات أو سيدات أو ...). وقد تكون شاملة لنوعيات كثيرة من قطاعات الخدمة، ويمكن أن نقسّم هذه المجموعات إلى ما يلي:
أ. فصول مدارس الأحد: بدءًا من الحضانة إلى الابتدائي إلى الإعدادي، وهي مراحل التعليم الأساسي، وهي غالبًا مشتركة بين البنين والبنات أو منفصلة، ولكنها مقسمة إلى سنوات دراسية. وفي بعض الأماكن التي بلا كنائس غالبًا تكون كل مرحلة معًا، مثل ابتدائي أو إعدادي بدون تقسيم سنوات، نظرًا لضيق الأماكن أو قلّة العدد.
ب. الاجتماعات النوعية: مثل الأسر الجامعية، أو اجتماعات الكهنة أو المكرسين والمكرسات، أو المهن المختلفة مثل المحامين أو المحاسبين أو الأطباء أو رجال الأعمال. ويندرج تحت هذا النوع اجتماعات الشباب الجامعي أو اجتماعات الخريجين أو المخطوبين أو حديثي الزواج وغيرها. وغالبًا تكون هذه الاجتماعات دورية، مثلاً مرة كل شهر أو كل 3 شهور أو مرتين في السنة، وغير ذلك حسب ظروف كل خدمة، والعامل المشترك في كل نوعية هو الذي يحدّد المنهج الذي يُقدَّم وموضوعاته وأنشطته.
جـ. الصلوات الليتورجية: مثل القداس أو العشية أو التسبحة اليومية أو السنوية أو الكهيكية.. وهذه متاحة لجميع الناس والأعمار، ولكنها محدودة بسعة الكنيسة والمكان، وغالبًا تدور حول شكل الصلاة بكل ما فيها من ألحان وترانيم وتعاليم وقراءات وشرح وحياة شركة. ومثلاً القداسات لها منهج تعليمي مُحدَّد لكل يوم بحسب القطمارس الكنسي.
3- القطاع الجماهيري:
وهو القطاع المفتوح أمام مئات وآلاف للحضور والمشاركة، وغالبًا لا يحمل الصفة الدورية بل يكون مرة واحدة في السنة. ومن أمثلة هذا القطاع:
أ. النهضات: وهي احتفالات بتذكارات القديسين عادة تدوم لمدة ثلاثة أيام أو خمسة أو أسبوع أو عشرة أيام، وغالبًا لا تزيد عن أسبوعين، وهي تتنوع من كنيسة لكنيسة. ومن أشهر النهضات الكنسية ما يتم خلال الصوم المقدس (الكبير)، أو خلال صوم العذراء مريم. وهذه النهضات تعتمد أساسًا على برنامج تعليمي يشترك فيه عدد من الآباء والخدام الزائرين، وعادة يدور حول سلسلة من الموضوعات المترابطة، وهو بمثابة إنهاض الحياة الروحية لدى المؤمنين، ويتبع ذلك بعض الأنشطة كالمسابقات الكتابية أو الأنشطة الاجتماعية مثل تقديم المعارض وغيرها.
ب. المهرجانات: وهو أسلوب المنافسات في عدة مجالات كنسية واجتماعية، يتم سواء في حدود الكنيسة المحلية أو على مستوى الإيبارشية أو على مستوى الكرازة كلها. وقد ظهر هذا الأسلوب منذ حوالي ثلاثين عامًا في بعض المناطق بصورة محلية، ثم اتسع مع السنين ليشمل أعدادًا كبيرة من كافة قطاعات الخدمة، ويشترك فيه الصغار والكبار خلال شهور الإجازة الصيفية، وتوضع له مناهج وتحتاج دائمًا إلى التطوير والتجديد بما يناسب كنائسنا سواء في مصر أو خارجها.
جـ. الاحتفالات العامة: وهي احتفالات المناسبات سواء محلية أو على مستوى الكرازة والتي لها أثر شعبي كبير، مثل احتفالات الكنيسة بمائة عام على إنشاء مدارس الأحد (اليوبيل المئوي الأول)، أو احتفالنا بمرور خمسين عامًا على إنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وتجديدها وتجميلها وتدشينها في احتفال مهيب يوم 18/11/2018، وكذلك احتفالنا بالوبيل الذهبي لظهور أمنا العذراء مريم في كنيستها بالزيتون بالقاهرة (1968-2018).
أمثال هذه الاحتفالات تحمل الطابع التاريخي والوثائقي، وفيها تواصل الأجيال وحركة عمل الكنيسة من جيل إلى جيل، وتُعتبر علامات مضيئة في مسيرة حياة الكنيسة والمؤمنين.
قداسة البابا تواضروس الثانى

عدد الزيارات 908

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل