إبراهيم أبو الآباء ج3

19 أكتوبر 2019
Large image

نسل إبراهيم:-
أورد الرب تشبيهين لنسل إبراهيم الأول فى (تك 13: 16) " واجعل نسلك كتراب الأرض " والثانى فى (تك 15: 5) " وقال أنظر الى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها وقال له هكذا يكون نسلك " التشبيهان هما تراب الأرض، ونجوم السماء أبناء إبراهيم حسب الجسد كتراب الأرض، لكن نسله الروحى كنجوم السماء. ليسوا فقط عديدين بل ممجدين ومضيئين ومرتفعين كنجوم السماء،-" لهم التبنى والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد، ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد، الكائن على الكل إلها مباركا، الى الأبد آمين " (رو 9: 4، 5).
الله ينبىء إبراهيم بما سيحل بنسله:-
وقال الله لإبراهيم " اعلم يقينا أن نسلك سيكون غريبا فى أرض ليست لهم، فيذلونهم أربعمائة سنة.. وبعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة " (تك 15: 13، 14) الله تحدث اولا عن الضيقة ثم بعدها الفرج – التعب ثم الراحة -..هذا هو طريق الله: نتألم ثم نملك، العبودية ثم الحرية، أى عبودية الخطية ثم حرية مجد أولاد الله وبعد أن تحدث الرب عن غربة نسل إبراهيم واستعبادهم واذلالهم يقول " ثم الامة التى يستعبدون لها أنا أدينها " (تك 15: 14) وهنا نرى نعمة الله لأولاده كأفراد" لى النقمة أنا أجازى يقول الرب " (رو 12: 19 ؛ عب 10: 30) ككنيسة والأمثلة على ذلك لا تحصى فى الماضى والحاضرأن الله يكفكف دموع المؤمنين النائحين، أما الذين جدفوا على اللاهوت، فقد طرحهم لاسفل، قد يتأنى الله فى العقاب ولكنه يختار الوقت المناسب يرى الآباء أن ال 400 سنة تمثل أربعة أجيال الجيل الأول هو عصر ماقبل الناموس، والجيل الثانى هو عصر الناموس (الشريعة)، والجيل الثالث هو عصر الأنبياء، والجيل الرابع هو عصر السيد المسيح، وحينما يقول: " وفى الجيل الرابع يرجعون إلى ههنا " يعنى أن الجنس البشرى – الذى يرمز إليه نسل إبراهيم – يرجع إلى السماء بالمسيح وفى عصره.
الرؤيا التى رآها إبراهيم:-
" ثم غابت الشمس فصارت العتمة، وإذ تنور دخان، ومصباح نار (متقد) يجوز بين تلك القطع " (تك 15: 17) تنور الدخان..يشير إلى ما سيحل بنسل إبراهيم من اضطهادات فى مصر مصباح النار المتقد يشير إلى وجود الله الدائم وسط شعبه ؛ فى الضيقات والآلام مصباح النار المتقد (بمفرده) – يجوز بين القطع ؛ اشارة إلى تحمل الله لمسئولية تنفبذ الميثاق مع البشر لوحده، وهكذا كانت مصالحتنا مع الله بموت المسيح، كان إنعاما من جانب الله نحو الأنسان الضعيف، الذى قابل العمل الفدائى العظيم بالعداوة " أصلبه أصلبه ".
هاجر الجارية والزوجة:-
لإبراهيم بعض العذر لانه قبل الزواج بهاجر، لكنه بلا أدنى شك كان مخطئا.. إن الله يعطى الوعد، والإيمان يقبله، والرجاء يتوقعه، والصبر ينتظره بسكوت!! سبب زواج إبراهيم بهاجر كانت سارة ونلاحظ ان سارة هى التى اضعفت ايمان إبراهيم بعد أن " آمن بالرب فحسبه له برًا " خطة الشيطان استخدام اقرب الناس لنا فى تجربتنا واضعافنا" سمع إبراهيم لقول ساراى " – خطورة الأستماع بدون تعقل خطة سارة هى إقناع إبراهيم بأن الأمر من الله " هوذا الرب قد أمسكنى عن الولادة " (تك 16: 2)،أليست نسبة بعض الأمور لله هى خطة ابليس فى بعض الأحيان.
سارة والشيخوخة:-
هناك الأيمان والعيان العيان هو المقياس المادى..كالشيخوخة مثلا فى حالة الأنجاب، هكذا نظرت سارة ؛ وقالت للرب " أبعد فنائى يكون لى تنعم "الأمر ليس هل يستطيع الأنسان أم لا يستطيع، بل هل " يستطيع الله أم لا يستطيع "!! إن التأخير عندما يربده الله هو فى صالح الأنسان من وجوه كثيرة ومنها التدرب على الفضيلة، ولذا يقول فى العبرانيين " متمثلين بالذين بالإيمان والأناة يرثون المواعيد " (عب 6: 12) يقول مارإسحق (إذا أنت طلبت ولم تأخذ، فلست أحكم من الله).
إبراهبم وهاجر وسارة:-
كانت زيجة إبراهيم بهاجر زيجة غير متكافئة، فإبراهيم كان غنيا جدا وهاجر كانت جارية
أظهرت هاجر الجارية كبرياء.. نسيت نفسها ووضعها كجارية وصغرت مولاتها سارة أمام عينيها!! عجيب أمرالأنسان الذى يرفعه الله من المذلة، وبعد ذلك يتنكر لماضيه ويستعلى على من كانوا سبب نعمته كانت نتيجة تعالى هاجر أن " أذلتها ساراى فهربت من وجهها " – وكان هروبها خطئا، كان ينبغى عليها تقويم سلوكها أمام سيدتها سارة، وحين أمرها الملاك أن ترجع، لم يأمرها بالرجوع إلى بيت سارة، بل قال لها: " إرجعى إلى مولاتك واخضعى تحت يديها "هاجر وسارة يمثلان العهدين القديم والجديد: عهد الناموس وعهد النعمة، على نحو ما خلق الله الانسان من عنصرين جسدانى وروحانى، وعلى نحو مادبر الحياة الدنيا والحياة الأبدية، كذلك يوجد عهدان وشريعتان:-
شريعة العهد القديم: تأمر بأوامر جسدانية وتعد بمواعيد جسدانية،وهذا يشابه الميلاد الجسدانى من هاجر..انها تغفر الخطايا بذبائح دموية، وعلامة العهد هى الختان الجسدى، ومواعيدها جسدية " أرض تفيض لبنا وعسلا ".
أما شريعة العهد الجديد: كلها روحانية على مثال سارة التى لم تلد أسحق كالولادة الجسدية المعروفة، فقد انقطع أن يكون لسارة عادة كالنساء (تك 18: 11).
عهد الله مع إبراهيم:-
ظهر الرب لإبراهيم وهو فى التاسعة والتسعين من العمر – أى بعد ولادة اسماعيل بثلاثة عشر عاما – وقال له " أنا الله القدير سر أمامى وكن كاملا، فأجعل عهدى بينى وبينك أكثرك كثيرا جدا " (تك 17: 2) عبارة " كن كاملا " تعنى ضمنيا أن الله يسمح بالضيقة من أجل تكميل الأنسان، قال بولس الرسول (يكمل رئيس خلاصهم بالآلام) – عب 2: 10أما الوعد فكان " واعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكا أبديا "والموعد بتمليك الأرض إنما يشير روحيا إلى الميراث السماوى للمؤمنين من جميع الشعوب – فليس شئ أبدى إلا ما هو روحى،،،هنا نرى أن الله يغير أسم آبرام (أب عظيم) إلى إبراهيم (أب لجمهور كبير)،،، وأسم ساراى (أميرتى) إلى سارة (أميرة)، حيث سينتسب إليها جميع الذين يرثون إيمان إبراهيم وكان العهد هو الختان للذكور، والختان كان عهد دم (بقطع جزء من الجسم)، الختان يرمز إلى موت الجسد، وإلى المعمودية، وكلاهما إشارة إلى الموت مع المسيح، "مدفونين معه فى المعمودية" (كو 2: 8 –12).
ظهور الله لإبراهيم، والوعد بولادة أسحق:-
ظهر الرب لإبراهيم بشكل ثلاثة رجال.. ليترجم لإبراهيم الوعد الوارد فى (ص 17):-
الرأى الأرجح أن (الرب) هنا هو الأقنوم الثانى فى الثالوث القدوس، ظهر بصورة إنسان تدبيريا لكى يهئ عقول البشر لسر التجسد، أما الأثنان اللذان معه فكانا ملاكين ظهرا معه لتنفيذ مقاصده فى سدوم وعمورة من الأمور التى نلاحظها فى هذه الزيارة كرم إبراهيم وحسن ضيافته للرجال الثلاثة، كانت الضيافة عبارة عن (عجل رخص، وثلاثة أكيال دقيق، وزبد ولبن) كل هذا يسميه إبراهيم " كسرة خبز.. "، وقد أشار بولس إلى هذه الضيافة " لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لايدرون " (عب 13: 1)أعطى الله وعدا نهائيا لسارة بأن تنجب أبنا، فضحكت سارة فى قلبها، - لقد أخطأت سارة عدة أخطاء منهاطردها لهاجر، ولومها لإبراهيم بدون مبرر، وعدم إيمانها أن يكون لها إبن،. ومع هذا لم يمنع الله عنها النسل، فالله فى عطاياه بلا ندامة ولا يعطى بناء على استحقاق الأنسان، وإنما يعطى بناء عن غناه فى العطاء والمجد، وقد عادت سارة وآمنت " بالأيمان سارة نفسها أيضا أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت، إذ حسبت الذى وعد صادقا " (عب 11: 11) بعد إنتهاء الزيارة بدأ الله يتحدث مع إبراهيم عما هو عتيد أن يفعله بسدوم ونتعجب عن الطريقة التى تكلم بها الله مع إبراهيم " هل أخفى عن إبراهيم ما أنا فاعله " (تك 18: 17) وهنا تبدأ شفاعة إبراهيم فى سدوم " أفتهلك البار مع الأثيم "إن هذا يظهر مكانة أولاد الله فى نظره، يقول داود " سر الله لخائفيه " (مز 25: 14)ولدينا فى الكتاب المقدس قصة إيليا النبى الذى بصلاته أغلق السماء ثلاث سنوات ونصف وبصلاته فتحها (1 مل 17، 18)
إبراهيم وابيمالك ملك جرار:-
بعد ذلك تغرب إبراهيم فى جرار، وقال عن سارة إنها أخته مرة أخرى يكذب إبراهيم كما فعل فى مصر، وفى دفاعه عن نفسه قال إبراهيم " ليس فى هذا الموضع خوف الله البته فيقتلونى لأجل إمرأتى " – والسؤال إذا كان إبراهيم يعلم أن هذا المكان ليس فيه خوف الله، فلماذا ذهب إليه؟ وعلى الرغم من أن أبيمالك أخذ سارة على أنها أخت إبراهيم، ومع ذلك فقد أعتبره الله مخطئا وهكذا تعلمنا الكنيسة أن نصلى من أجل الخطايا " التى صنعناها بمعرفة والتى صنعناها بغير معرفة "وعلى الرغم من خطأ إبراهيم فإن الله لم يوبخه، الله الحنون نظر إلى قلب إبراهيم، على نحو ما نظر إلى قلب شاول الطرسوسى رغم كل ما كان يفعله!!!
ولادة إسحق (تك 21):-
"وافتقد الرب سارة كما قال وفعل الرب لسارة كما تكلم. فحبلت سارة وولدت لإبراهيم إبنا فى شيخوخته فى الوقت الذى تكلم الله عنه " هذا يعود بنا إلى (تك 18: 10) حينما قال الله فى شخص الثلاثة رجال: " إنى أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة إمراتك إبن "هنا نجد ثمر الأنتظار والصبر" وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحق " (تك 21: 8)..ونلاحظ أن الوليمة لم تصنع يوم الولادة بل يوم الفطام إن هذا بالمفهوم الروحى يعنى أن الفرح الحقيقى يكون يوم الفطام عن العالم وشهواته، والخطية وتوابعها.
القمص تادرس يعقوب ملطى

عدد الزيارات 1521

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل