بعد الصليب والقيامة:

28 أبريل 2025
Large image

المسيح مركز الحياة الجديد
كلّنا نعرف أنّ أبانا آدم كان هو رأس الجنس البشري، والمركز الذي تَفَرّع منه كلّ البشر، حتّى أنّنا نُدعى "بني آدمين" وعندما فسد هذا المركز بالخطيّة، ودبّ فيه الموت، وسرى الفساد والموت منه إلى نسلِهِ، انحدرت البشريّة إلى أسوأ درجات الشرّ، ووقَعَت تحت اللعنة، وفقدت تواصُلها مع الله الذي هو ينبوع الحياة!
وظلّ هذا هو الوضع البائس للإنسان، حتّى تجسَّدَ المسيح. فباتّحاده بطبيعتنا البشريّة، دخل إلى عالمنا، واجتاز كلّ تحدّيات مراحل الحياة مثلنا؛ من طفولة وشباب ورجولة، ليبارك هذه المراحل لقد دخل بِنا إلى معاركنا لكي ينتصر لحسابنا، وينقل لنا في جسده هذا الانتصار لقد أتى المسيح ليصير رأسًا لخليقة بشريّة جديدة فهو آدم الثاني عِوَض آدم الأول، ذاك الذي صار بالخطيّة مستَودعًا للموت فأراد الله أن يُنشئ بالمسيح مركزًا جديدًا يكون مُستودَعًا للحياة، كلّ مَن يتّجه إليه،ويُغرَس في جسده بالمعموديّة، ويتغذّى باستمرار عن طريق التناول من جسده ودمه، يدخل إلى دائرة الحياة مرّة أخرى..!
قبل أحداث الصليب، أشار الربّ يسوع إلى أنّه باستعلان محبّته الفائقة، عن طريق بذل نفسه على عود الصليب، سيصير مركزًا جاذِبًا جديدًا للبشر فهو قال "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع" (يو12: 32) لقد صار ربنا يسوع الفادي مركزًا للحياة مقابِل الموت السائد في العالم، ومركزًا للبركة مقابل اللعنة السائدة في الأرض فكلّ مَن ينتمي إليه، ويتّحِد به، يستردّ الحياة ويتمتّع بالبركة..!
وبعد أن داس الموت بالموت، وقام منتصرًا، فهو يدعو كلّ إنسانٍ في العالم أن يترك المركز القديم، ويأتي إلى المركز الجديد بمعنى أن يتجاوز الانتماء للمركز القديم (آدم الأول) الذي دَبّ فيه الموت، ويُقبِل إلى المركز الجديد (آدم الثاني) الذي هو ينبوع الحياة الأبديّة يرتقي فوق الجذر الذي فسد، ويُطَعَّم في الجذر الحيّ الجديد، ويصير غُصنًا ناميًا مُثمِرًا في الكرمة الحقيقيّة كما يوَضِّح لنا القدّيس بولس الرسول أنّه "إنْ كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا" (2كو5: 17) فإذا كان المسيح قد أصبح مركزًا لحياتنا الجديدة التي لا يغلبها الموت، ويًقدِّم لنا جسده الحيّ لنتثبّت فيه كأعضاء من لحمه ومن عظامه (أف5: 30)، ويهبنا أن نتناوله طعامًا مُحيِيًا، نأكله فنحيا به (يو6: 57) فنحن بالتالي ملتزِمون أن نكون سفَراءه في هذا العالم؛ نعيش له ولتمجيد اسمه، كما قال القدّيس بولس "هُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2كو5: 15) ومن هنا، فإنّ علينا تقديم المحبّة للجميع، إذ أنّ محبّتنا هي امتداد لمحبّته للعالم، ورسالتنا هي امتداد لرسالته الخلاصيّة فندعو الكلّ للتصالُح مع الله،والتمتُّع بخلاصه، كما فعل هو أيضًا، بحسب الشرح الجميل الذي يُقَدِّمه لنا الرسول الإلهي بولس "اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (2كو5: 19-20).
حياتنا الجديدة،
مركزها شخص المسيح،
وقوّتها حُبّ المسيح،
وضامنها دم المسيح،
وهدفها مجد المسيح.
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.

عدد الزيارات 7

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل