«بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ» (لو21: 19)

28 أكتوبر 2019
Large image

قال السيد المسيح لتلاميذه: «بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ» (لو21: 19). وقال معلمنا يعقوب الرسول: «وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ» (يع1: 4)، وقال أيضًا: «هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ» (يع 5: 11). ويقول معلمنا بولس الرسول: «لْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا» (عب12: 1)، ويقول إن المحبة «تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (1كو13: 7). وفي سفر الرؤيا يقول «هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ. هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإِيمَانَ يَسُوعَ» (رؤ14: 12).إن الصبر يحتاج إلى إيمان بعمل الله، والصبر يعطي فرصة للرب أن يعمل «أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أف3: 20). والصبر في التعامل يمنع تصعيد المشاكل، وكذلك يعطي فرصة للطرف الآخر لمراجعة النفس. وعلينا أن نصبر على احتمال الآلام والتجارب ومحاربات الشياطين.التجارب نوعان: النوع الأول هو الآلام والضيقات التي يسمح الله بها لإختبار محبة القديسين، والنوع الثاني هو الخطايا التي نطلب في الصلاة الربانية ونقول «وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ» (مت6: 13). الآلام نحتملها بصبر أما التجارب الشريرة فنرفضها ونحارب فيها طالبين معونة الله لكي يتمجد الله باقتنائنا حياة القداسة كقول معلمنا بطرس الرسول «هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً» (2بط1: 4-7)، ويكمل «لِذَلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا. لأَنَّهُ هَكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ» (2بط1: 10، 11).الصبر يلزم في احتمال الآلام والصعاب التي تُختبَر بها محبتنا للرب وتُختبًر ثقتنا في الجزاء الأخروي.الشيطان يشتكي ضد القديسين أمام الرب مثلما قال: «هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟» (أي1: 9). والسؤال هنا هل نحن نعبد الله لأنه يغمرنا بالخيرات أم لأننا نحبه ونعترف بفضله لأنه هو الذي أعطانا نعمة الوجود كما أنه وفَّي دين الخطايا التي علينا بدم الصليب؟هل نعرف قيمة الوجود مع الله في شركة الحب؟ ومعروف طبعًا أن المحبة تُختبر بالألم. والمسيح نفسه أعطانا مثالًا لمحبته لنا بالآلام التي احتملها من أجل خلاصنا. إذا كان المسيح هو رأس الكنيسة والكنيسة هي جسده الاعتباري فلا يمكن أن نتصور جسدًا متنعمًا تحت رأس مكلل بالشوك! ولكن معلمنا بولس الرسول قال: «أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا» (رو8: 18). وقال أيضًا: «كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذَلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا» (2كو1: 5). ولكن من جانب آخر توجد تعزيات للصابرين حتى في وسط آلامهم. كشهداء صاحبت آلامهم معجزات ورؤى وإعلانات سمائية فلم ينهزموا أمام نيران التعذيب، بل صاحبت شهادتهم معجزات شفاء باهرة جذبت الكثيرين إلى إعلان إيمانهم بإله هؤلاء الشهداء. هناك فرق شاسع بين أفراح العالم وتعزيات الروح القدس. وقال السيد المسيح لتلاميذه: «إنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ» (يو16: 20).
نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس

عدد الزيارات 1387

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل