ملابس رئيس الكهنة ج5

03 نوفمبر 2019
Large image

وَصْف الجُبَّة :-
﴿ وَتَصْنَعُ جُبَّةَ الرِّدَاءِ كُلَّهَا مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ . وَتَكُونُ فَتْحَةُ رَأْسِهَا فِي وَسَطِهَا . وَيَكُونُ لِفَتْحَتِهَا حَاشِيَةٌ حَوَالَيْهَا صَنْعَةَ الْحَائِكِ . كَفَتْحَةِ الدِّرْعِ يَكُونُ لَهَا . لاَ تُشَقُّ ﴾ ( خر 28 : 31 – 32 ) الجُبَّة ثَوْب وَاسِعْ طَوِيلٌ يَصِل إِلَى القَدَمَيْن بِدُون أكْمَام وَتَنْتَهِي أذْيَالُه بِرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَجَلاَجِل مِنْ الذَّهَبْ الخَالِص وَتُسَمَّى " جُبَّة الرِّدَاء "لأِنَّ الرِّدَاء يُلْبَس فَوْقَهَا وَكَانَتْ كُلَّهَا مِنْ أسْمَانْجُونِي " أزْرَق سَمَاوِي " إِشَارَة إِلَى الصِفَة السَّمَاوِيَّة لِرَئِيس الْكَهَنَة الَّتِي تَتَنَاسَبْ مَعَ رِسَالِة الكَهَنُوت إِذْ كَانَ لاَبُدْ أنْ يَتَحَلَّى بِالصِفَات السَّمَاوِيَّة لأِنَّهُ خَادِم الأُمور السَّمَاوِيَّة بَلْ قِيلَ عَنْ رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ أنَّهُ إِجْتَازَ السَّموَات وَصَارَ أعْلَى مِنَ السَّموَات ( عب 7 : 26 ) وَجُبَّة الرِّدَاء يَلْبِسْهَا رَئِيسُ الْكَهَنَة تَحْتَ الرِّدَاء مُبَاشَرَةً وَكَأنَّهَا تُشِير إِلَى طَبِيعِة الكَاهِن الدَّاخِلِيَّة حَيْثُ الفِكْر السَّمَاوِي الَّذِي يَتَأصَّل فِي الدَّاخِل فَنَجِدُه يُقَدِّم السَّمَاء المُعَاشَة دَاخِلِياً لَيْسَ مُجَرَّدٌ مَادَّة لِلوَعْظ وَلكِنَّهَا تَمْلأ قَلْبُه وَفِكْرُه وَكُلَّ أحْشَائُه وَكَانَتْ قِطْعَة وَاحِدَة مَنْسُوجَة كُلَّهَا مِنْ فَوْق لاَ تُشَقّ وَعَدَم شَقَّهَا إِشَارَة إِلَى أنَّ السَّمَاوِي فِي طَبِيعَتِهِ غِير مُنْقَسِمْ فِي كَمَالُه وَهذَا مَا يُرِيدْ أنْ يُعَلِّمْنَا إِيَّاه رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَم أنْ تَكُون أفْكَارْنَا وَمَشَاعِرْنَا وَاتِجَاهَاتْنَا تُعَبِّر عَنْ أشْوَاق سَمَاوِيَّة غِير مُنْقَسِمَة فَنُقَدِّم كُلَّ القَلْب وَالقَلْب الوَاحِدٌ ( Single Heart ) فِي مَحَبِّتُه وَمَخَافَتُه .
شَقّ الجُبَّة :-
فَتْحَة وَحَاشِيَة :-
وَكَانَ لِفَتْحَتِهَا حَاشِيَة حَوَالِيهَا صَنْعِة الحَائِك لِتَكُون قَوِيَّة حَتَّى أنَّهَا تُشَبَّه بِفَتْحِة الدِّرْع وَالدِّرْع مِنْ أدَوَات الحَرْب إِذْ تُوضَعْ بِهَا حَوَاشَي مَتِينَة لِتَقْوِيَتْهَا وَكَأنَّ مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة هِيَ كَالأسْلِحَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول الدِّرْع ( الجُبَّة ) الخُوذَة ( الْعَمَامَة ) المَنْطِقَة إِنَّهَا تُعَبِّر عَنْ حَالِة الإِسْتِعْدَادٌ الكَامِل لِلدُخُول فِي الحَرْب مَعَ أجْنَادٌ الشَّر الرُّوحِيَّة وَهكَذَا لاَ تُوْجَدٌ أيَّة قُوَّة تَسْتَطِيعْ أنْ تُؤَثِّر عَلَى تِلْكَ الجُبَّة الكَهَنُوتِيَّة المَتِينَة فَلاَ تَتَمَزَق بِسَبَبْ لِبْس الجُبَّة وَخَلْعِهَا إِذْ كَانَ مَحْظُوراً تَمْزِيق هذِهِ الجُبَّة .. وَكَانَتْ عَاقِبَة هذَا الأمر المَوْت .
لاَ تَشُّقُوا ثِيَابَكُمْ :-
هكَذَا نَجِدٌ فِي سِفْر اللاَّوِيِّين ﴿ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُون وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ابْنَيْهِ لاَ تَكْشِفُوا رُؤُوسَكُمْ وَلاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا وَيُسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ ﴾ ( لا 10 : 6 ) وَهُنَا نَجِدٌ إِبْدَاع الوَحْي الإِلهِي فِي تَحْقِيقٌ قَصْدٌ الله مِنْ إِنْتِهَاء مُمَارَسَة كَهَنُوت العَهْد القَدِيم رَأيْنَا أنَّ قِيَافَا رَئِيسُ الْكَهَنَة رُبَّمَا دُونَ أنْ يَشْعُر أثْنَاء مُحَاكَمِة رَبَّنَا يَسُوع يَشُقٌ جُبَّتَهُ ( مر 14 : 63 ) .. فَكَانَ إِعْلاَناً عَلَى أنَّ قِيَافَا لَمْ يَعُدٌ رَئِيسُ الْكَهَنَة .. وَكَأنَّهُ يُشِير إِلَى قِيَام كَهَنُوت آخَر جَدِيد عِوَض هذَا المَحْكُوم عَلَيْهِ بِالمَوْت لأِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ المَكْتُوب ﴿ لاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا ﴾ .. فَجَاءَ يَسُوع رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الحَقِيقِي الَّذِي لَمْ تُشَقٌ ثِيَابُه .. إِذْ هُوَ حَي كُلَّ حِينٍ .. وَسُنُوهُ لاَ تَفْنَى وَكَهَنُوتُه لاَ يَنْتَهِي .. وَأتَى لَنَا بِكَنِيسَتَهُ المُقَدَّسَة الَّتِي هِيَ عَرُوسُه الحَقَّانِيَّة الَّتِي تَحْمِل صِفَاتُه فَنَجِدٌ أنَّ كَنِيسَتُه أهَمْ مَا يُمَيِزُهَا أنَّهَا وَاحِدَة وَحِيدَة .. إِنَّهَا تُمَثِّل ثَوْب يَسُوع الَّذِي قِيلَ عَنْهُ ﴿ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ ﴾ ( يو 19 : 23 ) .
رُمَّانَات وَجَلاَجِل :-
وَضْع الرُّمَانَات وَالجَلاَجِل :-
﴿ وَتَصْنَعُ عَلَى أَذْيَالِهَا رُمَّانَاتٍ مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ وَأَرْجَُوَانٍ وَقِرْمِزٍ . عَلَى أَذْيَالِهَا حَوَالَيْهَا وَجَلاَجِلَ مِنْ ذَهَبٍ بَيْنَهَا حَوَالَيْهَا . جُلْجُلَ ذَهَبٍ وَرُمَّانَةً جُلْجُلَ ذَهَبٍ وَرُمَّانَةً عَلَى أَذْيَالِ الْجُبَّةِ حَوَالَيْهَا . فَتَكُونُ عَلَى هَارُون لِلْخِدْمَةِ لِيُسْمَعَ صَوْتُهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ أَمَامَ الرَّبِّ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ ﴾ ( خر 28 : 33 – 35 ) .. وَالجُبَّة تُوضَعْ عَلَى أذْيَالُهَا رُمَّانَات وَهيَ عِبَارَة عَنْ كُرَات صَغِيرَة مَصْنُوعَة مِنْ خُيُوط مَجْدُولَة مُلَوَنَة بِذَات الألْوَان البَدِيعَة الَّتِي لِلرِّدَاء .. وَجَلاَجِل أي أجْرَاس صَغِيرَة مِنْ الذَّهَبْ وَكَانَتْ الرُّمَانَات وَالجَلاَجِل تُوضَعْ بِالتَّوَالِي حَوَالَي ذَيْل الجُبَّة .. وَيُقَال أنَّ عَدَد كُلٍّ مِنْهَا كَانَ إِثْنَيْنِ وَسَبْعِين .
رَمْز الرُّمَانَات :-
وَهُنَا نَتَعَجَّبْ لِمَاذَا يَهْتَمْ الله بِهذِهِ التَّفَاصِيل الدَّقِيقَة وَالعَجِيبَة .. إِلَى أي شَيْءٍ تَرْمُز الرُّمَانَات وَجَلاَجِل الذَّهَب ؟ الرُّمَان مَذْكُور فِي الكِتَاب المُقَدَّس بِصِفَة خَاصَّة كَثَمَر لأِرْض المَوْعِد وَهذَا مَا يُدْرِكَهُ الشَّعْب جَيِّداً .. وَحِينَ أرْسَلَ مُوسَى النَّبِي جَوَاسِيس إِلَى أرْض المَوْعِد أحْضَرُوا مَعَهُمْ ثَمَر الرُّمَان .. ﴿ شَيْءٍ مِنَ الرُّمَانِ وَالتِّينِ ﴾ ( عد 13 : 23 ) .. وَمِنْ المَعْرُوف أيْضاً عَنْ الأرْض الجَيِّدَة الَّتِي أدْخَلَهُمْ الرَّبَّ إِلَيْهَا أنَّهَا ﴿ أَرْضِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكَرْمٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ . أَرْضِ زَيْتُونِ زَيْتٍ وَعَسَلٍ ﴾ ( تث 8 : 8 ) .وَالمُلاَحَظْ أنَّ هذِهِ الثِّمَار لاَ تُذْكَر عَنْ أرْض مِصْر بَلْ يُذْكَر ﴿ الْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ ﴾ ( عد 11 : 5 ) .. وَهيَ ثِمَار تَظْهَر عَلَى سَطْح الأرْض مُبَاشَرَةً أوْ فِي بَاطِنْهَا .. فَطَعَام مِصْر مِنْ مَصَادِر أرْضِيَّة مُنْخَفِضَة .. بَيْنَمَا ثَمَر الأرْض المُقَدَّسَة مُرْتَفِعْ فَوْقَ الأرْض .. يَنْضُج فِي الهَوَاء النَقِي وَالرُّمَان يُشِير إِلَى الحَيَاة المُثْمِرَة العَامِلَة يَحْتَوِي عَلَى حَبَّات صَغِيرَة يُحِيطُ بِهَا سَائِل أحْمَر حُلْو المَذَاق قَدْ تُشِير إِلَى مَفْعُول دَمٌ الذَّبَائِح فِي حَيَاة الخَاطِئ وَبِالتَّالِي تَرْمُز إِلَى دَمٌ الْمَسِيح الَّذِي أعْطَى حَيَاة لِكُلَّ العَالَمْ .
رَمْز الجَلاَجِل الذَّهَبِيَّة :
تُشِير لِلتَّسْبِيح وَالكِرَازَة الَّتِي يَسْمَعْهَا العَالَمْ .. وَرَئِيسُ الْكَهَنَة حِينَ يُصَلِّي وَيُسَبِّح يَسْمَعَهُ الشَّعْب وَيُصَلِّي وَرَاءَهُ فَلاَ يَمُوْت .. وَهكَذَا فَمَنْ يَحْيَا سَمَاوِيّاً يَكُون لَهُ ثَمَر يِفَرَّح الله ( رُمَّانَات ) وَتَسْبِيح وَكِرَازَة فَيُنْقِذ أُلُوف مِنْ مُوْت مُحَقَّقٌ .
إِقْتِرَان الرُّمَانْ بِالجَلاَجِل :
الرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَبُوصٌ مَبْرُومٌ .. إِنَّهَا تُعَبِّر عَنْ ثِمَار نَقِيَّة صَادِرَة مِنْ إِنْسَان سَمَاوِي .. وَبَيْنَ كُلُّ رُمَّانَتَيْن هُنَاكَ جِلْجِل ذَهَبْ فَكَانَ الصَوْت الذَّهَبِي يَقْتَرِنْ بِالثَمَر الشَهِي وَإِقْتِرَان الرُّمَان بِالأَجْرَاس إِشَارَة إِلَى إِقْتِرَان السُلُوك بِالشِّهَادَة .. وَالشَّهَادَة بِالحَيَاة فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى خِدْمِة رَبَّ المَجْد يَسُوع نَجِدٌ أنَّ كُلَّ مَا عَلَّمَ بِهِ عَمَلَ بِهِ .. فِي الحُبْ .. وَالإِتِضَاع وَالبَذْل .. وَالصُّوم وَالصَّلاَة وَالسَّهَر هكَذَا وَجَدْنَا رُمَّان مُتَفِقٌ مَعَ جَلاَجِل .. وَهكَذَا يَجِبْ فِي أوْلاَدٌ الله أنْ يَقْتَرِن كَلاَمَهُمْ بِأفْعَالِهِمْ وَإِلاَّ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ قَوْل أبُونَا إِسْحَق لِيَعْقُوب ﴿ الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ وَلكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو ﴾ ( تك 27 : 22 ) .. وَ" اليَدَيْن " تُشِير إِلَى الأعْمَال .. فَلْنَحْرِص عَلَى ألاَّ نَحْيَا هذَا التَنَاقُض .. بَلْ لِيَكُنْ لَنَا صَوْت يَعْقُوب وَأيْضاً يَدَيّ يَعْقُوب ( رُمَّان وَجَلاَجِل ) .
رَنِينْ القَدَاسَة وَالسَّلاَم :
وَسَبَقٌ أنْ ذَكَرْنَا أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة لاَ يَدْخُل بِهذِهِ المَلاَبِس إِلَى قُدْس الأقْدَاس بَلْ كَانَ يَدْخُل لِيَرُش الدَّمٌ يَوْم الكَّفَّارَة العَظِيمْ لاَبِساً ثِيَاب كِتَّان فَقَطْ وَلَيْسَ ثِيَاب المَجْد وَالبَهَاء وَبِذلِك لَمْ تَكُنْ هُنَاك جَلاَجِل دَاخِل قُدْس الأقْدَاس وَمِنْ هُنَا فَالإِعْتِقَادٌ السَائِدٌ بِأنَّ هذِهِ الجَلاَجِل لِيَطْمَئِنْ الشَّعْب أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة لاَ يَزَال حَيّاً هُوَ إِعْتِقَادٌ خَاطِئ بَلْ بِحَسَبْ النَّص ﴿ لِيُسْمَعَ صَوْتُهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ أَمَامَ الرَّبِّ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ ﴾ ( خر 28 : 35 ) .. أي أنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْت الجَلاَجِل أمَام الله فَإِنَّهُ يَمُوْت وَلَيْسَ لِكَيْ يَعْلَمْ الشَّعْب أنَّهُ لَمْ يَمُتْ .. وَهكَذَا كَانَ هَارُون يُزَوَدٌ بِتِلْكَ الجَلاَجِل الذَّهَبِيَّة الَّتِي تُعْطِي رَنِيناً إِلَهِيّاً عَذْباً عِنْدَمَا يَدْخُل إِلَى القُدْس .. فَلاَ يَكُون صَوْت خَطَوَاتُه كَصَوْت إِنْسَانٍ عَادٍ بَلْ يُعَبِّر عَنْ سُلُوك سَمَاوِي لِئَلاَّ يَمُوْت .. وَهكَذَا فِي خُرُوجِهِ إِلَى المَحَلَّة كَانَتْ خَطَوَاتُه تُعْلِنْ نَفْس الحَقّ فَيَكُون سُلُوكُه مُبَارَكاً فِيهِ رَنِينْ القَدَاسَة وَالسَّلاَم وَيُعَلِّقٌ العَلاَّمَة أُورِيچَانُوس عَلَى عَمَل هذِهِ الجَلاَجِل قَائِلاً .. ﴿ هذِهِ الجَلاَجِل الَّتِي يَنْبَغِي أنْ تُعْطِي صَوْتاً كُلَّ حِين كَانَتْ مُثَبَتَة حَوْل ذِيل جُبَّتِهِ وَالغَرْض مِنْ ذلِك كَمَا أظُنْ هُوَ أنَّهُ يَنْبَغِي ألاَّ تَصْمُتُوا قَطٌ عَنْ الكَلاَم عَنْ الأيَّام الأخِيرَة وَالدَّيْنُونَة .. بَلْ يَلْزَم أنْ تُذِيعُوا دَائِماً هذِهِ الأُمور .. وَبِهذَا يَصِير إِنْسَانَكُمْ الدَّاخِلَي مُزَيَناً مِثْلَ رَئِيسُ الْكَهَنَة الَّذِي يُمْكِنَهُ أنْ يَدْخُل لَيْسَ فَقَطْ إِلَى القُدْس بَلْ أيْضاً إِلَى قُدْس الأقْدَاس .. وَهكَذَا يَقْدِر أنْ يَقْتَرِبْ مِنْ كُرْسِي الرَّحْمَة حَيْثُ الشَّارُوبِيم وَحَيْثُ يَتَرَاءَى لَهُ الله وَيُكَلِّمَهُ .. وَقَدْ يَكُون القُدْس هُوَ تِلْكَ الأشْيَاء الَّتِي يُمْكِنْ الحُصُول عَلَيْهَا فِي الزَّمَنْ الحَاضِر بِالسُلُوك المُقَدَّس فِي العَالَمْ الحَاضِر .. أمَّا قُدْس الأقْدَاس الَّذِي يَدْخُلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَة مَرَّة وَاحِدَة فَقَطْ فَهُوَ الطَّرِيقٌ إِلَى السَّمَاء حَيْثُ كُرْسِي الرَّحْمَة وَالكَارُوبَيْنِ قَائِمَيْن .. حَيْثُ يُمْكِنْ أنْ يُسْتَعْلَنْ الله لأِنْقِيَاء القُلُوب ﴾ .
ثَمَر الرُّوح :
وَالْمَسِيح حِينَ دَخَلَ لِلسَّمَاء حَلَّ الرُّوح القُدُس فِي دَاخِلْنَا فَكَانَ صَوْت كِرَازِة الرُّسُلٌ الذَّهَبِي وَكَانَ حُلُول الرُّوح القُدُس فَكَانَتْ الحَيَاة لِلعَالَمْ وَثِمَار حُلُول الرُّوح القُدُس فِينَا .. وَلاَحِظْ أنَّ لُونْ عَصِير الرُّمَان الأحْمَر الَّذِي سَبَقٌ وَتَكَلَّمْنَا عَنْهُ إِشَارَة لِدَمٌ الْمَسِيح الَّذِي سُفِكَ مِنْ أجْل شَعْبِهِ .. فَأرَادَ شَعْبُ الْمَسِيح أنْ يَسْفِكُوا دِمَائِهِمْ حُبّاً لأِجْلِهِ .. فَهُوَ عَصِير الحُبْ .. وَكَثِيراً مَا نَجِدٌ الرُّمَان وَالكُرُوم فِي الكِتَاب المُقَدَّس يُخْبِرَان عَنْ ثِمَار مَحَبِّة الله .. فَنَجِدٌ مُنَاجَاة لِعَرُوس النَّشِيد ﴿ هَلْ أَقْعَلَ الْكرْمُ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَانُ ﴾( نش 6 : 11 ) .. وَأيْضاً يَقْتَرِن عَصِيرَهُمَا مَعاً .. ﴿ أَسْقِيكَ مِنَ الْخَمْرِ الْمَمْزُوجَةِ مِنْ سُلاَفِ رُمَّانِي ﴾( نش 8 : 2 ) .. هذِهِ هِيَ الثِّمَار الَّتِي تُبْهِجُ قَلْبَ الحَبِيبْ .. وَهيَ تَرْمُز إِلَى ثَمَر الرُّوح الَّذِي هُوَ ﴿ مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ ﴾ ( غل 5 : 22 – 23 ) .. وَكَأنَّ هذِهِ الثِّمَار مُجْتَمِعَة مُرْتَبِطَة مَعاً كَمَا فِي عَنْقُودٌ وَاحِدٌ وَلِذلِك تُسَمَّى ثَمَر الرُّوح وَلَيْسَ ثِمَار الرُّوح .
صُوْت الكِرَازَة وَالثَّمَر :
وَهكَذَا نَجِدٌ أنَّهُ فِي صَوْت الكِرَازَة نَجِدٌ رَنِينْ الفَرَحٌ الَّذِي لاَبُدْ أنْ يَقْتَرِن بِالثَّمَر المُفْرِح ( الرُّمَان ) أرَادَ الله أنْ يَذْكُر جِلْجِل ذَهَبْ وَرُمَّانَة بِهذَا التَّرْتِيبْ الإِلَهِي فَكَأنَّ الشِّهَادَة الصَّحِيحَة لِحَقَائِق الإِنْجِيل لاَبُدْ أنْ تُنْشِئ فِينَا أثْمَاراً صَالِحَة لِمَجْدِهِ وَخِدْمَتِهِ .. مِنْ هُنَا نَرَى أنَّ صَوْت الرُّوح القُدُس أوَّلاً وَنَتِيجِة الإِسْتِجَابَة ثِمَار مُفْرِحَة وَهذَا مَا رَأيْنَاهُ يَحْدُث مَعَ الأبَاء الرُّسُلٌ الأطْهَار حِينَ سُمِعَ صَوْت الجَلاَجِل فِي يَوْم الخَمْسِين فِي الشِّهَادَة الَّتِي أعْطَاهَا رُوح الله عَلَى أفْوَاه الرُّسُلٌ وَكَانَتْ تِلْكَ الشِّهَادَة مُقْتَرِنَة أيْضاً بِثَمَر الرُّوح فِي حَيَاة وَسُلُوك الَّذِينَ آمَنُوا بِوَاسِطَة تِلْكَ الشِّهَادَة .. فَنَجِدٌ أنَّ كِرَازِة الأبَاء الرُّسُلٌ أي صَوْت جَلاَجِلْهُمْ بَلَغَتْ إِلَى أقَاصِي الأرْض لِمَجْد الله وَنَشْر مَلَكُوتُه .. فَأتَتْ بِثِمَار كَثِيرَة وَلاَزَالَتْ الكَنِيسَة تَدُق أجْرَاسُهَا عَلَى الدَوَام رَمْزاً لِعَدَمٌ سُكُوت الْكَهَنَة عَنْ الكِرَازَة وَالتَّحَدُّث عَنْ التَوْبَة وَالرُّجُوع إِلَى الله .
الجُبَّة رِدَاء المُلُوك :-
وَنُلاَحِظْ أنَّ الجُبَّة كَانَتْ أيْضاً مِنْ مَلاَبِس المُلُوك ( 1أخ 15 : 27 ) وَهذَا يُؤَكِّدْ أنَّ الله أرَادَ أنْ يَجْعَل مَقَام رَئِيسُ الْكَهَنَة فِي مَقَام المُلُوك وَالرُّؤَسَاء .. وَهذَا الأمر لاَ يَتَحَقَّقٌ بِدَرَجَة مُطْلَقَة إِلاَّ فِي الْمَسِيح .. فَهُوَ فِي ذَاتُه المَلِك وَالكَاهِن فَهُوَ الَّذِي جَاءَ مِنْ سِبْط يَهُوذَا ( يَخُص المُلُوك ) وَأيْضاً عَلَى رُتْبِة مَلْكِي صَادِق ( الكَهَنُوت ) .. إِذْ لَهُ المَجْدٌ المُلُوكِي وَلَهُ أيْضاً القَلْب الكَهَنُوتِي .
القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة

عدد الزيارات 1799

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل