"و في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك و التفت الى تلاميذه و قال كل شيء قد دفع الي من ابي و ليس احد يعرف من هو الابن الا الاب و لا من هو الاب الا الابن و من اراد الابن ان يعلن له و التفت الى تلاميذه على انفراد و قال طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه لاني اقول لكم ان انبياء كثيرين و ملوكا ارادوا ان ينظروا ما انتم تنظرون و لم ينظروا و ان يسمعوا ما انتم تسمعون و لم يسمعوا و اذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا فاجاب و قال تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل قدرتك و من كل فكرك و قريبك مثل نفسك فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا".
يعوزك شيء واحد
وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لارث الحياة الأبدية ؟ فقال له يسوع أنت تعرف الوصايا لا تزن لا تقتل الخ فاجاب وقال يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثي فنظر إليه يسوع وأحبه وقال له يعوزك شيء واحد أذهب وبع كل مالك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعنى حاملا الصليب فاغتم على القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة ثم قال الرب للتلاميذ ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله .
سؤال للغنى :
ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟
ان هذا الشاب على ما يبدو مهتم بحياته الابدية وميراث الملكوت فتراه يركض ويجثوا أمام الرب يسوع ويسأل كيف يرث الحياة الأبدية ؟ ولكن يسوع يمتحن قلب الذين يطلبون الملكوت وكثيراً ما يجيب على سؤالهم بسؤال ولكن سؤال يسوع ليس لعدم معرفته بأحوالنا ، ولكنه يدخلنا مباشرة إلى النور والطريق المؤدى إلى الحياة ويشجعنا لكي تدخل فيه فالرب يسوع يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون وهو لا يشاء موت الخاطى ولا يسر بهلاكه . بل ان الفتيلة المدخنة والقصبة المرضوضة لها رجاء عنده .
سؤال يسوع :
أنت تعرف الوصايا : لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تسلب وأكرم أباك وأمك العجيب جداً أن الرب يسوع لم يذكر له الوصايا من أولها و تحب الرب إلهك من كل قلبك الخ إن الرب في حنانه يساله أولا عن الوصايا التي يعرفها والوصايا التى يحفظها وعندما أجاب الشاب بالايجاب نظر إليه الرب نظرة مملوءة حب ، نظرة تشجيع قائلا : يعوزك شيء واحد أذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء ، فيكون لك كنز في السماء وتعال أتبعنى حاملا الصليب وهنا يكشف الرب أمراً في غاية الأهمية والخطورة :ماذا تنفع الوصايا بدون محبة الله من كل القلب ؟
قد يقول واحد "اللهم انى أشكرك انى لست مثل سائر الناس الخاطفين والظالمين والزنا أصوم مرتين كل أسبوع وأعطى عشراً من كل أموالى ؟
و لكن يا عزيزي هل تحب الله من كل القلب ؟ ما هي علاقتك الشخصية بالله هكذا قال الرب لهذا الشاب يعوزك محبتى من كل القلب أذهب أفعل هذا فمضى حزيناً لأنه كان يحب آخر؟ يحب العالم ، يحب المال من أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله اني أؤثر يا ربى أن أكون فقيراً من أجل حبك على أن أكون غنياً بدونك أختار التغرب معك على الأرض أفضل من امتلاك السماء بدونك .
هناك نوع من المعرفة الكاذبة للوصايا الإلهية
معرفة عقلانية
مثل إنسان يحفظ وصايا المسيح عن ظهر قلب . ويناقش في الأمور الروحية ، ويتخيل في نفسه أنه يعرف الإنجيل بينما هو مرتبط بمحبة المال ، محبة العالم ، محبة الشهوات لمثل هذا الإنسان يقول الرب يسوع يعوزك شيء واحد أذهب وبع وتعال أتبعنى حاملا الصليب ان هذا الشاب لا يزنى ولا يقتل ولا يسرق ويكرم أباه وأمه فماذا يطلب منه الرب أكثر من هذا ؟
ألا يستحق مثل هذا الشاب التقى في عيني نفسه وفي عيني المجتمع أن يدخل الملكوت ؟ لو وجد مثل هذا الشاب في مجتمعنا الآن لمدحه الجميع من أجل أخلاقياته ومن أجل استقامته و لكن الملكوت لا يوهب من أجل الأخلاق ، ولكنه يعطى للمحبين لله من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة . هذا الأساس يجعل الفريسى الذى يصلى إلى الله ويصوم مرتين في الاسبوع ، مستحقاً للسكوت ولكن الرب يسوع يطالبنا بالوصية الأولى والعظمى ، تحب الرب إلهك من كل القلب ومن كل الفكر ومن كل القدرة وبدون هذه الوصية يصير كل شيء باطلا هناك أمثلة كثيرة طلب الرب إليهم أن يعملوا أموراً خارقة و فائقة للطبيعة فعملوها بفرح ووصلوا إلى ملكوت الله موسى أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله ، حاسباً عار المسيح عنده غنى أفضل من كل خزائن مصر ابراهيم قال له الله سر أمامى وكن كاملا فسمع الصوت الإلهى وأطاع و لما قال له الله اترك أهلك وعشيرتك ، خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي و لما قال له الله خذ ابنك وحيدك الذي تحبه و قدمه لى محرقة على الجبل الذي أعلمك به قام باكراً وقدم ابنه ولم يمسك ابنه الوحيد ولاوى قال له الله اتبعنى فقام من مكان الجباية وترك كل شيء وتبع الرب وهكذا بقية التلاميذ وتركنا كل شيء وتبعناك ،أما هذا الشاب فعندما قال أذهب وبع أملاكك واعط للفقراء فاغتم على الفور ومضى حزيناً . أين ما كان يبدو من اهتمام من أجل الملكوت ؟ لقد كان يركض ويجثو على ركبتيه أمام المخلص ويسأل بلهفة . و لكن عندما طلب منه أن يبذل شئ من أجل الملكوت اغتم هو يريد أن يحصل على الملكوت ولا يريد أن يبذل من أجل الملكوت .يريد أن يأخذ ولا يريد أن يعطى .مع أن ملكوت المسيح هو "الغبطة في العطاء أكثر من الأخذ " القديس العظيم الأنبا أنطونيوس سمع هذا الفصل من الإنجيل فى القرن الرابع ، فمضى على الفور وباع كل ما كان له ( ٣٠٠ فدان من أجود الأرض ) . ومع أن الشاب الذي سمعها لم تنفعه الكلمة . ولكن القديس أنطونيوس قبلها بفرح وخبأها في قلبه وخضع لناموسها ونفذها بشجاعة فرفعته الكلمة الإلهية إلى فوق وصار من أكبر القديسين الذين أرضوا الرب .
اتبعني حاملا الصليب.
هذا هو ملكوت المسيح الحقيقي ، وطريق الخلاص الذي يرفضه كثيرون ، لأن البعض يرسم صورة خيالية للملكوت ويطلبون راحتهم ومتعتهم ويتصورون الملكوت فرصة للذات البشرية وللتمتع ولكن ملكوت المسيح يبدأ بإنكار الذات و صلب الذات فنحن في المسيح نموت لنحيا حياة أبدية ونصلب معه لنقوم فيه ونسلك فى الحياة الجديدة الذين لا يقبلون صلب المسيح لا يكون لهم نصيب في مجده و قيامته، ومن الأمور اليقينية أن غنى هذا الشاب صار صخرة عثرة أمام خلاصه لقد صار غناه ترف ورفاهية وتلذذ وشهوات وما أبعد هذا الطريق عن الصليب ما أحوجنا إلى الصليب الذي يضع حداً لطغيان الأمور العادية في حياتنا ويسمر إنساننا العتيق ويصلبه فنتحرر من كل رباطات وعبودية هذا العالم ونختبر حرية مجد أولاد الله .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية