إنجيل قداس الأحد الرابع من شهر توت لو ٧ : ٣٦ -٥٠

05 أكتوبر 2025

"وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسي وإتكا وإذا إمرأة في المدينة كانت خاطئة إذ علمت أنه متكى في بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب ووقعت عند قدميه من وراءه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك تكلم في نفسه قائلا لو كان هذا نبياً لعلم من هذه الامرأة التي تلمسه وما هى أنها خاطئه فأجاب يسوع و قال له يا سمعان عندى شيء أقوله لك فقال قل يا معلم كان لمداين مديونان على الواحد خمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعاً فقل أيهما يكون أكثر حبا له فأجاب سمعان وقال أظن الذي سامحه بالأكثر فقال له بالصواب حكمت ثم التفت إلى المرأة وقال لسمعان أنتظر هذه المرأة إنني دخلت بيتك وماء لأجل رجلى لم تعط وأما هي فقد غسلت رجلي بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها قبلة لم تقبلني وأما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلى بزيت لم تدهن رأسي وأما هی فقد دهنت بالطيب رجلى . من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لانها أحبت كثيراً والذى يغفر له قليل يحب قليلا ثم قال لها مغفورة لك خطاياك فابتدأ المتكئون معه يقولون في أنفسهم من هذا الذي يغفر خطايا أيضاً فقال للمرأة إيمانك قد خلصك إذهبي بسلام" .
المرأة الخاطئة
وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بیت الفريسي وإتكا وإذا إمرأة في المدينة كانت خاطئة إذ علمت انه متكئ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب ووقفت من وراءه باكية وابتدأت تقبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها و تقبل قدميه وتدهنهما بالطيب قصة توبة المرأة الخاطئة مليئة بمشاعر يصعب على الإنسان أن يعبر عنها لأن هذه المرأة في توبتها لم تتكلم كلمة واحدة لم تفتح فاها فكيف نتكلم نحن عما عجزت هي ذاتها عن التعبير عنه ؟ لقد أذابت كل مشاعر التوبة و كل فكر الرجوع إلى الله في دموعها وسكبتها غزيرة على قدمى المخلص حتى بللت قدميه ، ولنتصور كمية الدموع التي زرفتها حتى غسلت قدمى يسوع لقد ابتكرت هذه المرأة بسلوكها العجيب طريقاً جديداً للتوبة علمت به الكنيسة كلها في كل الأجيال وصارت أعلى مثل لقوة التوبة وجراة الوصول إلى قدمى يسوع .
ابتدأت تبل قدميه بالدموع
الدموع هى علامة العجز عن التعبير ،فعندما تتغلب المشاعر القلبية يصمت الفم وتتكلم العيون بلغة هي أسمى من كل كلام وأقوى من كل لسان لكن ترى ماذا تريد هذه المرأة أن تقول بدموعها التي سكبتها على قدمى المخلص ؟
هل تريد أن تقول انها خاطئة جداً جداً وانها شاعرة بنجاسات خطيتها ولا تستطيع أن تعبر عن ثقل خطاياها بالكلام أم أنها ترى نفسها عاجزة عن التعبير عن مدى العمق والهوة السحيقة التى صارت إليها وهى كمثل طفل مفقود من أبيه ظل في شروده تائها غير مدرك مرارة البعد عن الأب حتى وجده أبوه في لحظة فانفجر الطفل باكياً في دموع اللقيا يشكو البعد والضياع ويبكي في حنين على صدر أبيه أم انها حالما نظرت المخلص الحبيب وأدركت مشاعرحبه الإلهى نحو الخطاة ونحوها هى بالذات رغم كثرة خطاياها انفجرت تبكى بإحساس عدم الإستحقاق للحب الإلهى وشعور بالتقصير والتأخير في السعى نحو هذا القلب الحنون .أم أنها أدركت بعين النبوة حينما نظرت إلى قدمى يسوع ، أحست للحال ما ستتحمله هاتان القدمان وهما تسيران نحو الجلجثة ورأت الرب يسلم قدميه للمسامير من أجلها لكي يخلصها وينقذها من طريق الخطية والموت فانسكبت تبكي و تبل قدميه بالدموع أم انها عندما لمست قدميه أدركت مقدار الفارق المهول بين نجاسة خطاياها وقذر أيديها و بين الطهر اللانهائي للرب القدوس فسكبت دموعها لعلها تضمل آثار نجاسة أيديها التي لمست بها قدميه الطاهرتين لابد أن يكون قلب المرأة قد إمتلأ بمثل هذه المشاعر بل ومن المؤكد أن أفكاراً مقدسة وسامية جداً كانت مختزنة ومكنونة فى قلبها منتظرة فرصة للتعبير فلما وجدت منفذاً إنفجرت ينابيع دموعها بلا توقف وكأن شمس البر ( يسوع ) عندما أشرقت عليها أذابت للحال ثلوج خطاياها فأسالت دموعها .
جاءت من ورائه
قال الرب عن العشار التائب أنه لم يشأ أن يرفع عينيه إلى السماء هكذا كانت هذه المرأة ، جاءت من ورائه في إتضاع وإحساس بعدم الإستحقاق ومخافة وخجل كثير وعيناها مملوءتان دموعاً ومطرتتين إلى أسفل ( إيه يا نفسى غير التائية كم من مرة وقفت بجرأة وعدم خشوع أمام الله ! ) ما أقدر هاتان العينان على إستدرار مراحم الرب الحنون الذي قال : ( حولى عينيك فإنهما غلبتاني) . .
بين الفريسي والمرأة الخاطئة
هوة عظيمة وبعد شاسع يفرق بين سمعان الفريسي والمرأة الخاطئة صحيح ان سمعان إستضاف الرب يسوع في بيته ولكن المرأة الخاطئة أدخلت الرب إلى قلبها وحياتها سمعان قدم للرب طعاماً مادياً وصنع وليمة ليفتخر بها أنه أضاف الرب ولكن معلوم أن للمسيح طعاماً آخر عرفته المرأة الخاطئة فشبع الرب بتوبتها وارتاحت نفسه في دموعها ورجوعها سمعان إتكأ بجوار المخلص في كبرياء وإعتداد بالنفس أما المرأة الخاطئة فلم تحسب نفسها أهلا للمس قدميه سمعان لم يقبل الرب في وجهه أما المرأة الخاطئة إذ علمت مقدار حب الحبيب لم تشبع ولم تكف عن تقبيل قدميه سمعان لم يغسل قدى المخلص بماء ولكن هذه المرأة بللت قدميه بدموعها سمعان لم يدهن رأس المخلص بزيت أما هذه فقد دهنت بالطيب قدميه أعرفت أيها الحبيب الفارق العجيب بين هاتين العينين ؟!
توجد نفوس كثيرة منشغلة بما يسمونه خدمة للمسيح مثل سمعان الفريسي ، ويسكتون ضمائرهم بأنهم يعملون من أجل ولائم أو حفلات أو إجتماعيات ولكن أين قلوبهم وأين توبتهم ؟ إن الرب يسوع لا ترضيه ولائم مادية أصحابها قلوبهم منشغلة بالعالم ولا يسر بعطايا مقدمة من إناس ليس لهم توبة ولا دموع ولا حب مثل المرأة الخاطئة. إن توبة مثل هذه المرأة قدام الرب لهى أثمن من كل عطايا الناس وهي في نظر المسيح أعظم من مشاريع ضخمة وأعمال عظيمة في نظر الناس ليتنا قبل أن نقدم عطايانا نقدم قلوبنا وقبل أن ندعو الرب إلى وليمة في منزلنا نسكب دموعنا على قدميه ليقبل حبنا وينعم لنا بغفران خطايانا هذه المرأة أحبت كثيراً ومن أجل ذلك غفرت لها خطاياها الكثيرة ثم التفت إلى المرأة وقال لها ( مغفورة لك خطاياك إذهبي بسلام إيمانك خلصك) يا للفرح الذي يتمتع به القلب التائب ، ويا للسلام الإلهى الذي يحل فى داخل النفس عوض الدموع وقرع الصدر والندم وكلمات التأنيب في داخل النفس يشرق الرب بنوره فيبدد الظلمة ويقول كلمة سلام فيستقر فى داخل النفس سلاماً إلهياً لا يعبر عنه أيحن المشتكين على هذه المرأة ؟
سمعان والمتكئين وجموع الذين يحركهم الشيطان للشكوى على أولاد الله حقا ما قاله معلمنا القديس بولس الرسول : « من سيشتكى على مختارى الله ؟! من الذي يدين ؟ المسيح هو الذي يبرر لقد وقف الرب كراع صالح يحمى خروفه الصغير الذي إلتجأ إليه تحت ظل جناحيه ويدفع عنه هجمات الذئاب الخاطفة طوباك أيتها المرأة التي بدموعها إستحقت أن تسمع كلمات عزاء من فم الرب نفسه أعطنى يا رب ينابيع دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطئة واجعلنى أبل قدميك اللتان أعتقتاني من طريق الضلالة ، وأقتنى لى عمراً نقياً بالتوبة لكي أسمع أنا ذلك الصوت الممتلى. فرحاً القائل " إن إيمانك خلصك".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية

عدد الزيارات 57

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل