الأحد الثانى من شهر هاتور مت13 : 1 - 9

23 نوفمبر 2025

في ذلك اليوم خرج يسوع من البيت و جلس عند البحر فاجتمع اليه جموع كثيرة حتى انه دخل السفينة و جلس والجمع كله واقف على الشاطئ فكلمهم كثيرا بامثال قائلا هوذا الزارع قد خرج ليزرع و فيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت الطيور و اكلته و سقط اخر على الاماكن المحجرة حيث لم تكن له تربة كثيرة فنبت حالا اذ لم يكن له عمق ارض و لكن لما اشرقت الشمس احترق و اذ لم يكن له اصل جف و سقط اخر على الشوك فطلع الشوك و خنقه و سقط اخر على الارض الجيدة فاعطى ثمرا بعض مئة و اخر ستين و اخر ثلاثين من له اذنان للسمع فليسمع.
مثل الزارع
جلسة مع الرب
هذا المثل فسره الرب للتلاميذ على أنفراد فهو حينما نختلى معه ونسأله عن أسرار الملكوت يفسر لنا ويفتح ذهننا لكي نفهم الكتب إذن لا يفهم الإنجيل المقدس في وسط مشغوليات العالم وإهتماماته ، وإنما يحتاج إلى جلسة على انفراد مع المسيح له المجد نسأله و نفهم منه ما يعسر علينا إستيعابه .
يشبه ملكوت السموات. أن ملكوت الله معناه أن الله يصير ملكاً علينا إذن ملكوت الله فينا يمكن تشبيه بنمو البذور في بطن الأرض ، وهذا يجعلنا نتأمل جيداً في أسرار النمو كيف تواجه البذور في بداية نموها مقاومات وصراع ضد عوامل كثيرة من الدفن في التربة إلى أن تصل إلى قول الرب " ان حبة الحنطة إن لم تمت وتدفن في الأرض تبقى وحدها ، ولكنها إن ماتت تأتى بثمر كثير "ان هذا الصراع بين
ما هو إلهى وما هو أرضى هو بداية ملكوت الله ان ملكوت الله لابد أن ينمو يوماً فيوم مثل البذار ،أما أى توقف في ملكوت الله فينا فهو إنذار بالخطر في حياتنا الروحية .
الزارع الجيد هو ! بن الإنسان
المسيح يزرع فينا كلمته كل يوم وفي كل مناسبة ، وهو يلقى بذاره بلا انقطاع ، وكلمته دائمة إلى الأبد هو كلم الآباء قديماً بالأنبياء وبطرق متنوعة أما الآن فهو يكلمنا بذاته لانه هو الكلمة الذاتي، وهو يزرع فينا ملكوته كل يوم حينما يطعمنا جسده المقدس " الكلمة صار جسداً ،"
فيما هو يزرع
سقط بعض على الطريق،وسقط آخر على الأماكن المحجرة ،وسقط آخر فى وسط الشوك ،وسقط آخر على الأرض الجيدة لاشك أن المسيح المبارك يعرف أسرار هذه العينات جميعها ،ولكنه في مراحمه ولطفه وأحساناته لا يمنع كلمته عن أحد يعطى الجميع بسخاء ،ويعطى فرصة لكل أحد ولكل قلب هو عارف قلب كل واحد ،وهو مختبر القلوب ويعرف أن فكر الإنسان مائل إلى الشر منذ صباه ولكنه طويل الروح وطويل الأناة ربما يقول قائل لماذا تلقى البذار على الطريق ؟ إنه لا يعطى ثمر ولماذا تلقى بعضاً عن الأرض المحجرة،وأيضاً في وسط الشوك ؟ ولكن الله في محبته يعطى الجميع فرصة وهو لا يشاء موت الخاطئ بل يسر برجوعه إنه يبذر بذار ملكوته في كل أرض حتى وهو يعلم أنها لا تأتى بثمر .
موقفك من ملكوت الله
لقد كشف لنا الرب فى المثل عن عينات القلوب التي تصادفها كلمة الملكوت ،وهنا نقف قليلا لتعرف مركزنا وموقفنا من الكلمة ان المطلوب منا ليس أن نقبل الكلمة فقط بل أن نعطى ثمراً لحساب الملكوت .
قال الرب عن المزروع على الطريق
"عن كلمة الملكوت" كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه هذا هو الإنسان العالمي الذي لا يعرف كيف يخبيء كلمة الملكوت في قلبه ،ولا كيف يفهم تدابير الله في حياته يستطيع أن يفهم كل ما يجرى في العالم وتدابير الشر والالتواء والاهتمامات هو يفهم في كل شيء إلا كلمة الملكوت ،وقد يسمع الكلمة ، يقرأها ولكنها لا تترك فى قلبه أثراً ولا تطبع في سلوكه تغييراً.
وقال الرب عن المزروع في الأماكن المحجرة
هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح ،ولكن ليس له أصل فى ذاته بل هو إلى حين هذا هو الإنسان السطحي في روحياته الذي ليس له عمق مع الله بل كل حياته مع الله عبارة عن منظر خارجى له شكل التقوى وصورة العبادة واستقبال كلمة الله بالفرح ،ولكنه يخبيء في داخله حجراً يظهر في الخارج أنه صالح ،ولكنه في داخل قلبه يضمر شروراً يظهر لطفا ،ولكن في داخله رجل قساوة وتجبر يبدو أمام الناس وديعاً و متواضعاً ،ولكنه يخفى داخله حجر كبرياء وعظمة انه قلب فريسي سوف ينفضح سريعاً لأنه ليس مكتوم إلا وسيعلن ولا خفى إلا وسيظهر.
وقال الرب عن المزروع في وسط الشوك
هو الذي يسمع الكلمة وهم العالم وغرور الغنى و شهوات العالم وسائر الأشياء تخنق الكلمة فتصير بلا ثمر وهذا هو الإنسان الذي خلط الحياة مع الله بالحياة مع العالم ، وجمع داخل قلبه بذرة كلمة الملكوت ،وبذرة شوك العالم والخطايا وجعلهما ينميان معاً لا مانع عنده من الصلاة ،ولا مانع عنده من الصوم ،ولا مانع من العطاء وأعمال الرحمة ،ولا مانع من حضور القداسات وسماع كلمة الله والتناول من الأسرار يستطيع أن يعمل كل هذا وفي نفس الوقت لا مانع من هم العالم وغرور الغني وشهوات سائر الاشياء لا مانع من البطالة والأماكن النجسة لا مانع من المعاشرات الرديئة ومجاراة أهل العالم لا مانع من الشهوات والغرور والكبرياء والزنى والنجاسة والاعتماد على الذات البشرية وكل هذه الأمور تختنق الكلمة فلا تأتى بثمر فلا تغير في الحياة ولا تجديد في الذهن ولا ثمر في الروح ولا تقدم في النعمة لذلك تصير كل الممارسات الروحية بالنسبة لهذا الإنسان بلا فاعلية وبلا قوة .
اخيراً قال الرب عن الأرض الجيدة
هو الذي يسمع الكلمة ويفهم ، وهو الذي يأتى بثمر وقال أيضاً في موضع آخر أنه يخبيء الكلمة في قلب صالح ويثمر بالصبر أن الذي يفهم مطاليب كلمة الله وتكاليف تبعية الذي يدرك مـر الصليب والحب الإلهى والألم من أجل الله ، و يفضل كلمة الله وملكوت الله على ملذاته واحتياجاته ، ويفهم كيف ينفصل عن الكل لكي يلتصق بالواحـــد ، وكيف يسعى باجتهاد لكي يدرك الهدف الذى من أجله يجاهد، ويفهم كيف يحمل صليبه كل يوم ويسهر في الصلاة ويحسب نفسة ميتا عن العالم ولكن يحيا لله ،ويسعى كسفير عن المسيح ، ويجاهد بالصبر ضد العالم وضد الذات البشرية والإغراءات هذا يثمر للحياة الأبدية وهذا الثمر قد لا يقدره العالم ولا يقبله ولا يعترف به لانه في الحقيقة ثمر الملكوت الذي قال عنه الرب " مملكتي ليست من هذا العالم" ان الثمار التي يأتى بها مثل هذا الإنسان سجلها بولس الرسول قائلا ، أما ثمر الروح فهو : محبة ، فرح ، سلام ، طول أناة ، لطف ، صلاح ، إيمان ، وداعة ، تعفف ،فتش إذن يا عزيزي عن هذا الثمر الذي لحساب الملكوت كم أثمرت ؟ ثلاثين أم ستين أم مئة ؟ وتذكر جيداً أن كل شجرة لا تعطى ثمراً تقطع،وأن كل ما يصنع ثمراً ينقيه لكي يأتى بثمر أكثر وإن لم يكن لنا ثمر للروح في حياتنا فلنبتدىء بأعمال التوبة و تفرح قلب الله إن كان القلب طريقاً للعالم فإنه يحتاج لسكين الروح القدس في التوبة لكي تحرثه فيصير صالحاً ،وإن كان القلب محجراً يحتاج إلى نقاوة ونزع الحجارة والقائها خارجاً بقوة إرادة و تضرعات كثيرة ،وإن يكن شوك العالم قد نما في قلبك فاتعب من أجل الله وانزع هذه الأشواك الخافقة أو أحرقها بروح التوبة ودموعها وحرارتها فلنتضرع إلى الله لكي يهبنا ثمار الروح القدس صلوا لأجلى يا إخوتي في الرب .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية

عدد الزيارات 60

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل