قلبا ُجديداُ وروحا ُ جديدة

28 ديسمبر 2019
Large image

نريد أن تكون هذه السنه جديدة في كل شئ . جديدة في الحياة ، في الأسلوب ، في السيرة ، في الطباع يشعر فيها كل منا ، أن حياته قد تغيرت حقاً إبي أفضل وكما قال الرسول " الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً "( 2كو 5: 17) . هناك أشخاص يعترفون ، ويتناولون ويقرأون الكتاب ، ويواظبون علي حضور الكنيسة والاجتماعات الروحية ، ويمارسون كثيراً من وسائط النعمة ومع كل هذه الممارسات الروحية ، ضعفاتهم ونقائصهم هي هي مازالت لهم نفس الطباع ، ونفس العيوب ، ونفس الشخصية لم يتغير في حياتهم شئ تراهم اليوم كما هو بالأمس لا فارق ! وفي السنة الجديدة كما في السنة الماضية لاتغيير ! الإعتراف عندهم هو تصفية حساب قديم ، ليبدأ حساب جديد ، بنفس النوع وبنفس الأخطاء ، ونفس العيوب و النقائض و السقوط ! ونحن لا ننكر قيمة الأسرار الكنسية وفاعليتها ، لمن يسلك فيها بطريقة روحية سليمة فبلا شك الإعتراف له عمله ، و التناول له فاعليتها ، لمن يسلك فيها بطريقة روحية سليمة فبلا شك الإعتراف له عمله ، و التناول له فاعليته ، وحضور الكنيسة له تأثيره ولكن هؤلاء الأشخاص لم يأخذوا القوة الموجودة في الأسرار ، أنما رأوها وجازوا مقابلها!ونحن نريد أن نستغل هذا العام الجديد ، لنعمل فيه عملاً لأجل الرب ويعمل الرب فيه عملاً لأجلنا ونقول فيه كفي يارب علينا السنوات القديمة التي أكلها الجراد تكفي السبع سنوات العجاف التي مرت علينا بلا ثمر ولا داعي لأن تستمر الضعفات القديمة نريد أن نبدأ معك عهداً جديده ، نفرح بك وبسكناك في قلوبنا ، وتجدد مثل النسر شبابنا فيهتف كل منا امنحني بهجة خلاصك قلباً نقياً أخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في أحشائي ( مز 50) .
أنه عمل إلهى :-
وأريد بهذه المناسبة أن أقرأ معكم بعض آيات هامة جداً في هذا الموضوع من سفر حزقيال النبي ولاحظوا في هذه الآيات ، أن الرب يحدثنا عن الدور الذي يقوم به هو من أجلنا ، وليس عن عملنا نحن إنه يقول أرش عليكم ماء طاهراً ، فتطهرون من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم ، وأعطيكم قلب لحم وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي ، وتحفظون أحكامي وتعلمون بها وتكون لي شعباً ، وانا أكون لكم إلهاً وأخلصكم من كل نجاستكم ( حزقيال 36: 25- 29) إذن الله نفسه ، هو الذي سيعمل فينا هذا التغييرهو الذي سينزع القلب الحجري ، وهو الذي سيعطي القلب الجديد وهو الذي سيسكن روحه القدوس في قلوبنا وهو الذي سيطهرنا من نجاساتنا ، ويخلصنا منها كل ذلك عبارة عن عمل إلهي هو حقاً إننا نتوه في الحياة ، أن كان لي عمل التوبة في نظرنا ، هو عمل ذراعنا البشري الذي نتكل عليه ‍
ويقف الأمر عند هذا الحد وهكذا كلت وضعفت وأنهارت كل أذرعتنا البشرية ، ولم يتغير فينا شئ ، ولم نكمل الطريق ونسينا قول الرب لنا " تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريكم ( مت 11: 28) أنا أريحكم من كل نجاستكم أنزع منكم قلب الحجر وأعطيكم قلباً جديداً وروحاً جديدة وأسكن في قلوبكم إنه عمل إلهي إن تركتموه ، وأعتمدتم علي سواعدكم البشرية ، ستظلون كما أنتم متعبين ، وثقيلي الأحمال لذلك حسناً قال مار اسحق عن عمل الله في التوبة " الذي يظن أن هناك طريقاً آخر للتوبة غير الصلاة ، هو مخدوع من الشياطين " لا شك أن عدونا قوي طرح كثيرين جرحي ، وكل قتلاه أقوياء ( أم 7: 26) ولكن الله أقوي من عدونا هذا وهو قادر أن يغلبه فينا ، ويخلصنا من كل نجاساتنا ، أن كنا نلجأ إلي معونته الإلهية لذلك فلنمسك بالرب في بداية هذا العام الجديد نمسك به من أعماقنا ، ونقول له أنت لا تقبل يارب مطلقاً ، أن يكون العام الجديد بنفس ضعفات وسقطات العام الماضي مستحيل يارب أن ترضي بهذا مستحيل ‍ إذن فاعطنا قوة لكي ننتصر بها إننا سنتمسك بمواعيدك التي ذكرتها في سفر حزقيال النبي لقد وعدتنا وأنت أمين في مواعيدك حقق وعودك لنا .
حياة جديدة:-
قلت لنا علي فم عبدك حزقيال " أعطيكم قلباً جديداً " فأين هو هذا القلب الجديد ؟ وقلت " أنزع منكم قلب الحجر " وللآن لم ينتزع فأعمل يارب عملاً نفذ وعودك فلح هذه الأرض وكما قلت في القديم ليكن نور ورأيت النور أنه حسن قل أيضاً هذه العبارة مرة أخري " أرنا يارب رحمتك ، وأعطنا خلاصك "( مز 85: 7) أعطنا هذا القلب الجديد ، وأعطنا تجديد أذهاننا ( رو 12: 2) ما أكثر الذين ساروا مع الرب ، وأعطاهم أسماء جديدة ، وكان ذلك رمزاً للحياة الجديدة ، التي عاشوها معه
إبرآم : أعطاه الرب اسما جديداً هو إبراهيم ،وساراي : أعطاها الرب إسماً جديداً هو سارة ،وشاول الطرسوسى : صار له إسم جديد هو بولس ،وسمعان : صار أسمه الجديد هو بطرس ،ولاوي : أعطاه الرب إسماً جديداً هو متي وكان كل ذلك رمزا للحياة الجديدة التي عاشها كل هؤلاء القديسين مع الرب وكان الاسم الجديد يذكرهم بها مثلما نرسم كاهناً ، ونطيعه اسماً جديداً في الكهنوت لكي يشعر أنه دخل في حياة جديدة مكرسة للرب ، غير حياته الأولي . وانه نال نعمة جديدة لم تكن عنده ، وأخذ سلطاناً جديداً لم يكن له وصارت له مسئوليات جديدة قد وضعت عاتقه بل حتي شكله يتغير من الخارج ، وملابسه تتغير ويشعر أن شيئاً جديداً قد دخل في حياته جعل هذه الحياة تتغير في طبعها وأسلوبها ومسئولياتها وأنت في السنة الجديدة ، هل تشعر بتغيير في حياتك ؟ لا تجعل هذه السنة تمر عليك ، وكل ما فيها من التغيير هو بعض التفاصيل البسيطة لا ، فالكتاب لم يقل تفاصيل وإنما قال " أنزع قلب الحجر ، وأعطيكم قلباً جديداً " والسيد المسيح يشرح لما طبيعة هذا التغيير ،فيقول " ليس أحد يجعل رقعة من قطعة جديدة علي ثوب عتيق لأن الملء يأخذ من الثوب ، فيصير الحزق أرادا " " ولا يجعلون خمراً جديدة في زقاق عتيقة لئلا تنشق الزقاق ، فالخمر تنصب ، و الزقاق تتلف بل يجعلون خمراً جديدة في زقاق جديدة ، فتحفظ جميعاً " ( مت 9 : 16 ، 17 ) إذن لا نضع رقعة جديدة علي ثوب عتيق أي لا تكون كل الجدة في هذه السنة ، أن نضع تصرفاً روحياً ، أو تدريباً روحياً أو سلوكا جديداً في نقطة ما كل ذلك علي نفس النفسية ونفس الطباع ، ونفس النقائص و الضعفات ويبدو هذا التصرف منا جديدة علي ثوب عتيق المطلوب إذن ، هو أن يتغير الثوب كله تخلع الثوب العتيق ، الذي هو قلبك الحالي بكل أخطائه قلبك الخالي من محبة الله ، الخالي من النقاوة و الطهارة ، بل الخالي حتي من مخافة الله ، إذ تسكنه محبة العالم هذا القلب كله ، يجب أن ينزع من داخلك ، ويحل محله قلب جديد كلما نقول في صلواتنا ، ونحن نصلي المزمور الخمسين " قلباً نقياً إخلق في يا الله "ما معني كلمة إخلق ؟ ولماذا لم نقل رمم هذا القلب ، أو أصلحه ، أو جمله ؟ لماذا نقول " قلباً نقياً إخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي "؟ أليس المعني هو أننا نريد شيئاً جديداً وليس مجرد رقعة من سلوك معين توضع إلي جوار طباعنا الحالية الخاطئة ؟‍ إنها عملية تجديد مستمرة نطلبها في حياتنا كل يوم تجديد الطبيعة نأخذه في المعمودية ( غل 3: 27) ، رو6: 3، 4) أما تجديد السيرة ، وتجديد الذهن ( رو 12: 2) فنأخذه في التوبة باستمرار فنقول " روحاً مستقيماً جدده في أحشائي "( مز 50) ويرد علينا " يجدد مثل النسر شبابك "( مر 103: 5) إنها عملية تجديد مستمرة ، يعلمها الرب في حياتنا ، ونطلبها كل يوم في مزاميرنا وليست مجرد حادثة عارضة نذكرها في تاريخ معين إنه تجديد يشمل القلب كله ، والحياة كلها ومن الأمثلة التي تناسبنا هنا مثال الفحمة و الجمرة تصور مثلاً قطعة سوداء من الفحم ، كل من يلمسها يتسخ منها هذه الفحمة دخلت في المجمرة ( الشوريا ) وتحولت من فحمة إلي جمرة أخذت حرارة لم تكن فيها وأخذت ضياء ولهيباً وإشراقاً لم يكن لها بل حتي لونها الأسود صار يحمر ويتوهج ويعد أن كانت وهي فحمة توسخ كل من يلمسها ، أصبحت وهي جمرة تطهر مثال ذلك ما قيل من أن واحداً من السارافيم ، لما سمع أشعياء يقول " ويل لي قد هلكت ، لأني إنسان نجس الشفتين " ، اخذ جمرة من علي المذبح ، ومس بها فم أشعياء ، وقال له " هذه قد مست شفتيك ، فانتزع إثمك " ( أش 6: 7) لأن النار تطهر كل شئ النار التي ترمز إلي روح الله فهل أنت في حياتك فحمة أم جمرة ؟ هل دخل في طبيعتك شئ جديد ، يعمل روح الله الناري فيه ؟ هل في هذا العام الجديد ، وضعك الله في مجمرته المقدسة ، وأصبحت تخرج منك رائحة بخور هل تحس سكني الله فيك ؟إن لم يعمل الله فيك ، فباطل كل ما تعمله لابد أن يسكن النور فيك ، فلا تعود بعد ظلمة ولا أن يسكن الحق فيك ، فلا تكون باطلاً لابد أن تسكن فيك الحرارة ، فلا تكون بارداً ولا فاتراً وهذه السكني تغير حياتك كلها .
كيف يحدث التغيير:-
كيف يدخل هذا التغيير إلي حياتك ؟ إنك لن تتغيير بحق ، إلا إذا دخلت محبة الله إلي قلبك إسأل نفسك بصراحة : ما سر عدم الثبات في حياتك ؟ لماذا تقوم وتسقط ، وتعلو وتهبط ؟ ما السبب ؟ ما هي مشكلتك الحقيقية في حياتك الروحية ؟ أن مشكلتك هي بكل صراحة إنك تريد أن تحب الله ، مع بقاء محبة العالم في قلبك فأنت تحب العالم ، ولك فيه شهوات تعرفها غير انك من أجل الله - تحاول أن تقاوم هذه الشهوات تقاومها من جهة الفعل ، مع بقائها من جهة الحب في قلبك إثنان لا واحد ينطبق عليك قول أحد الأدباء " وكنت خلال ذلك ، أصارع نفسي وأجاهد ، حتي كأنني إثنان في واحد هذا يدفعني وذاك يمنعني "مشكلتك إذن ، هي هذه الثنائية التي تعيشها هذا الصراع الذي فيك بين محبة العالم ، بين الخير والشر ، البر والفساد ، الحلال والحرام ذلك لأن محبة الله لم تستقر بعد قلبك لا تتمسك إذن بالتفاصيل ، وتترك هذا الجوهر ، أعني محبة الله صارع مع الله في بداية هذا العام ، وقل له " أريد يارب أن أحبك أريد أن محبتك تسكن في قلبي أنا محتاج أن أحب الخير والقداسة ، أن أحب الفضيلة والحق "" لا أريد أن أضع أمامي الخير كوصية ، وإنما كحب " " لا أريد أن تكون الخير وصية ، أكافح نفسي لكي أصل إليها إنما أريد أن يكون الخير حباً ، أتمتع به أريد أن تكون وصيتك محبوبة لدي أجد فيها لذة أذوقها فتشبع نفسي مثلما قال داود النبي " باسمك أرفع يدي ، فتشبع نفس كما من لحم ودسم "( مز 62) ، محبوب هو اسمك يارب ، فهو طول النهار تلاوتي " (مز 119) ، " أحببت وصاياك أكثر من الجوهر الكثير الثمن "( مز 119 ) ، " وجدت كلامك كالشهد فأكلته أحلي من العسل و الشهد في فمي "( مز 119 ) هذا الأساس المتين ، الذي تبني عليه حياتك الروحية من الصعب ومن المؤلم ، أن تكون حياتك صراعاً متوصلاً قيام وسقوط ، توبة ورجوع ، حياة مع الله وحياة مع العالم ‍ إذن قف وقل له أنزع مني يارب هذه الشهوات الباطلة أنزعها أنت بنعمتك ، بقوتك الإلهية ، بفعل روحك القدوس أنزع مني محبة العالم أنزع مني القلب الحجر أنا أضعف من أن أقاوم وقد دلت الخبرة علي سقوطي في كل حرب مهما كانت بسيطة ليست لدي آيه قوة ولست لدي أية قوة ولست مستطيعاً أن أعتمد علي نفسي فادخل أنت إلي حياتي وانقذني أنني مثل إنسان مهدد بالموت ، فماذا بالموت ، فماذا أفعل ؟ أنني امسك بقرون المذبح ، في مدينة الملجأ ، لأجد حياة لأنني لو تركت قرون المذبح ، أقاد إلي القتل ، ولا قوة لي أن قلبي الذي يحبك ، أو الذي يريد أن يحبك ، لا تزال فيه محبة الخطية لا تزال فيه الشهوة الفلانية تتعبه وها أنا قد أمسكت بك ولن أتركك حتي أتمتع بالآية القائلة أبيض أكثر من الثلج ومتي أبيض أكثر من الثلج ؟ عندما تغسلني أنت إذن " إنضح علي بزوفاك فأطهر وأغسلني فأبيض أكثر من الثلج ( مز 50) نعم هذا الذي نقولة في الكنيسة ، في صلوات القداس الإلهي " طهر نفوسنا ، وأجسادنا ، وأرواحنا " أنت الذي تطهرها ، لأنها لا يمكن أن تطهر بدونك أنت الذي ستطهر فينا النفس و الجسد و الروح أنت الذي ستنزع هذه النفس الساقطة الخاطئة الملوثة ، وتعطينا بدلاً منها نفساً جديدة تعطينا روحاً جديدة ، قلباً جديداً ، وتر علينا ماء طاهراً فنطهر أنت يارب منذ زمان ،رششت علي ماء طاهراً فطهرت ، ثم رجعت فلوثت نفسي لكن لي أملاً في قولك المعزي من كل نجاساتكم ، ومن كل أصنامكم ، أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً ، وأجعل روحاً جديدة في داخلكم نعم يا أخوتي ، ليتكم تحفظون هذه الآيات وتصارعون بها مع الله .
صراع مع الله:-
لتكن هذه السنة الجديدة ، سنة صراع مع الله تمسك بالرب ولا ترخه ( نش 3: 4)وقل له كما قال أبونا يعقوب : لن أتركك لن أتركك حتي تباركني ( تك 32: 26) ما معني عبارة " لا أتركك "؟ معناها أن تكون طويل الروح في الصلاة لا تمل بسرعة من الطلبة ، ولا تضجر ، ولا تيأس مهما تأخر الرب عليك بل أمسك بالرب بقوة بدموع ، بمطانيات ، بابتهالات بلجاجة ، بصراع مع الله قل له أنا يارب عاجز عن مقاتلة الشيطان ، الذي من قبل أن يسقط قديسين وأنبياء لا تتركني أنا الإنسان الترابي ، لأقاتل شيطاناً هو روح ونار أليس الشيطان ملاكاً قد سقط وقد قال الكتاب " الذي خلق ملائكته أرواحاً ، وخدامه ناراً تلتهب "( مز 104 : 4) والشيطان وإن كان قد فقد قداسته ، إلا أنه لم يفقد طبيعته ، فمازال روحاً وناراً ، بكل ما للملاك من قوة فمن أنا حتي أحاربه ؟‍‍ ! إن كان القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ، قد قال للشيطان " أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " فمن أنا حتي أدعي القوة وأقف وحدي لآقاتلهم ؟! بصراحة تامة أنا يارب لا أقدر فإن لم تدخل يدك الإلهية لتنقذ وتخلص إن لم تعمل روحك القدوس في داخلي إن لم تنزع مني قلب الحجر ، وتعطيني قلباً جديداً وروحاً جديدة غن لم تنضح علي بزوفاك فأطهر ، وتغسلني فأبيض أكثر من الثلج إن لم تحقق مواعيدك ، فلن أتركك في هذه الليلة هكذا صارع مع الله فكل الذين صارعوا معه ، نالوا ما يطلبون قل له أنا لن أتركك يارب في هذا العام ، دون أن أنال قوة انتصر بها حتي لو تركتني أنت فلن أتركك أنا وإن تخليت عني ، لن أتخلي عنك قل له أنا واقف لك في هذه الليلة لن أبرح سهرة رأس السنة ، دون أن أشعر بتغيير في داخلي ، وآخذ قلباً جديداً إن لم تتصارع مع الله ، لا يشعر أنك جاد في طلبك هذه اللجاجة في الصلاة ، هي التي تقتدر كثيراً في فعلها أما أن تبحث في بداية العام الجديد عن إرادتك وعن عزيمتك ، وتصدر قرارات من جهة ضعفاتك ونقائصك فهذا كله لن يفلح في شئ ، أن لم يدخل الله معك فأكبر جهاد لك إذن تفتتح به هذا العام الجديد ، هو الصراع مع الله إن جاهدت مع الله ، لا تحتاج أن تجاهد مع نفسك لأنك في صراعك مع الله ، سينزع منك الحجر ويعطيك قلباً جديداً وروحاً جديداً وحينئذ لا يحتاج أن تصارع ضد القلب الحجر ، إذ قد نزعه الرب منك وأرواحك من متاعبه وحينئذ يشعر قلبك الجديد بلذة الحياة الروحية ، فتذوق الله ، وتستطعمه وتحيا حياة جديدة ليتنا نأخذ الحياة الروحية بطريقة جدية وطلباتنا إلي الله تكون طلبات جدية بإلحاح شديد برغبة قلب ، بحرارة ، بدموع ، بصلابة، بشدة، بطلب مستمر ونمسك بالرب ونقول له " لن أطلقك " ونأخذ منه معونة ولنأخذ لنا مثالاً صلوات داود النبي كان لا يترك الصلاة حتي يأخذ ، فيحول الطلبة إلي شكر كان يكلم الله بدالة وفي أثناء الصلاة يشعر بالإستجابة يشعر بالإيمان أن الله قد عمل معه عملاً ، وأنه قد أعطاه ما يريد ، فيشكره وهو مازال يطلب لقد جرب داود في مزامير كيف يصارع الله باللجاجة ، بالمودة ، بالإقناع جرب كيف يحنن قلب الله ، وكيف يحنن قلب الله وكيف يعاتبه في دالة ويقول له لماذا يارب تقف بعيداً ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق ( مز 10) جرب داود كيف يحنن قلب الله بالدموع ويقول للرب " في كل ليلة أعوم سريري ، وبدموعي أبل فراشي " (مز 6) . ويقول له " أنصت إلي دموعي "أختبر أيضاً النقاش مع الله ، بأنواع وطرق شتي نحن نحتاج في بداية العام الجديد أن نطلب معونة إن كان الإنسان الذي تحاربه خطية واحدة ، يحتاج إلي معونة للتخلص من هذه الخطية ، فكم بالأولي أنا الذي تحاربني خطايا عديدة لذلك أنا يارب محتاج إلي شحنة قوية أكثر من جميع الناس حسن أن أليشع النبي ، طلب اثنتين من روح إيليا وليس واحدة ( 2مل 2: 9) وأنا يارب مثله أريد معونة مضاعفة معونة تغطي علي السلبيات ، وأخري تساعد علي العمل الإيجابي الانتصار علي الخطية يحتاج بلا شك إلي معونة والسير في الطريق الروحي وفي عمل البر يحتاج أيضاً إي معونة معونة ونحن نطلب الأمرين معاً في بداية العام الجديد وإن أرادهما الله في عمل واحد من أعمال روحه القدوس ، فليكن لنا كقولة وماذا عن طلباتنا أيضاً في العام الجديد ؟ لا شك نريد ثباتاً نريد فيه تصميماً علي الحياة مع الله ، تصميماً بلا رجعة .
تصميم بلا رجعة:-
فلا تدخل إلي العام الجديد ، وعيناك لاصقتان بالعام القديم في كل شهواته وأخطائه ونقائصه لا تكن مثل إمرأة لوط ، التي خرجت جسدياً من أرض سادوم ، وقد تركت فيها هناك ، وعيناها لا تزالان متجهتين نحو سادوم ولا تكن أيضاً مثل بني إسرائيل ، الذين عبروا البحر الأحمر ، وخرجوا من أرض مصر ولكن عقلهم لا يزال متعلقاً بقدور اللحم التي في مصر ، وبالبطيخ و الكرات لكن أخرج من خطايا ذلك العام بغير رجعة وفي بداية هذا العام الجديد ، أحتفظ في أذنيك وداخل قلبك بالعبارة التي قالها الملاكان للوط وهم يخرجونه مع أسرته من سادوم " لا تقف في كل الدائرة اهرب لحياتك "( تك 19 : 17) نعم ، لا تقف في كل الدائرة القديمة ، بكل ما تحوي من خطايا وعثرات وبكل ما فيها من ضعفات وسقطات أهرب لحياتك لا تنظر إلي الوراء ، ولا تمس نجساً وقل للرب عن العام الماضي كله هذه العام الماضي كله ، سأدفنه يارب عند مراحمك الكثيرة سألقيه كله في لجة محبتك . سأتركه في المغسل الإلهي ، حيث يغسل الرب نفسي فتبيض أكثر من الثلج لست أريد من ذلك العام شيئاً أنا متنازل عنه كله حتي أن كانت لي فيه فضيلة معينة ، فهذه أيضاً لا أريدها كل ما أريده يارب ، هو أن أبدأ معك من جديد أريد أن انسي ما هو وراء ، وامتد إلي قدام ( في 3: 13) أريد أن أبدأ معك بداية جديدة ، كما بدأت بنعمتك مع نوح ، بعد أن أزلت الماضي القديم كله ، وغسلت الأرض من أدناسها هذا الماضي القديم كله ، أنا متنازل عنه . يكفي اليوم شره ( مت 6 : 34) أما العام الجديد ، فأريد أن أبدأه بالرجاء ربما يحاربني الشيطان باليأس ويقول أنت هو أنت ، في يدي ، لا تخرج ولن تستطيع أن تغير طباعك القديمة أو تتخلص من نقائصك ! نعم ، أن لا أقدر ولكن الله يقدر وأنا لي رجاء في الله ، وفي عمله معي وأنا لست وحدي في هذا العالم الجديد ، لأن الآب السماوي معي سأبدأ هذا العام الجديد ، معي روح الله القدوس ومعي نعمة ربنا يسوع المسيح ومعي من ملائكة ومن أرواح القديسين ومن صلوات الكنيسة المنتصرة ومعي أيضاً وعود الله الصادقة معي وعود الله المحب الرؤف والله أمين في كل مواعيده ، لا يرجع عن شئ منها وأنا سأتمسك بوعود الله ، وأطالبه بها ، وعداً وعداً يكفيني أن أضع أمام الله ما وعد به في سفر حزقيال النبي وأقول له في دالة الحب ألست أنت القائل " أعطيكم قلباً جديداً واجعل روحاً جديدة في داخلكم "( حز 36: 26) أين هو هذا القلب الجديد ، الذي وعدت به يارب ؟ وأين هذه الروح الجديدة ؟ سامحني يارب واغفر لي ، أن قلت وأنا تحت إقدامك أنت مديون لي بهذه المواعيد وأنا سأطلبك بكلامك حقاً إنني مسكين وفقير ولا أملك شيئاً ولكني أملك مواعيد أملك محبتك المجانية التي وهبتني إياها أملك عهدك معي ، وقولك الإلهي " من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم " ، أجعل روحي في داخلكم ، وأجعلكم تسلكون في فرائضي " ( حز 36: 25، 27) ولعل الرب يقول أعطيتك قلباً جديداً ، فرفضت أن تأخذ ! أو لعله يقول " جعلت روحي في داخلك ولكنك أحزنت الروح ، وأطفأت الروح وقاومت الروح " فأنت المديون بهذا كله نعم يارب أنا أعترف بهذا ولكن لا تتركني لضعفاتي وأن أخطأت ، فلا تتركني لخطاياي ولا تحاسبني عليها ، وإنما أنقذني منها فأنت الذي قلت عن سلبياتنا " من كل نجاستكم أطهركم " وأنت الذي قلت عن الإيجابيات " وأجعلكم تسلكون في فرائضي " وأنا متمسك بكل هذا وأن كنت أنا ضعيفاً عن حفظ ملكوتك في داخلي ، وأن كنت مديوناً لك ، إلا أني أقول لك تقلد سيفك علي فخك أيها الجبار ، أستله وأنجح وأملك العمل ليس عملي ، وإنما عملك أنت تعال إذن وأملك أنزع بنفسك القلب الحجر ، وامنح القلب الجديد ، واعطني أن أستسلم لعملك في ، كما يستسلم المريض لمشرط الطبيب ، فيقطع منه ما يلزم قطعه ، ويصل ما يحسن وصله وهو بلا إرادة ولا وعي تحت مشرطه فلاكن يارب هكذا معك ، وأعطني قلباً جدياً .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كيف نبدأعاماً جديدا

عدد الزيارات 2186

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل