دوافع الاستشهاد

02 سبتمبر 2018
Large image

عودتنا الكنيسة في تذكار الشهداء الذين أعلنوا مسيحيتهم وإيمانهم بالمسيح وكانت النتيجة هي قطع رؤوسهم ونوال إكليل الشهادة أن تقرأ لنا الجزء الخاص في الإنجيل الذي ذكرت فيه الآية التي تقول { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد } ( لو 12 : 4 ) بالإضافة إلى المزمور { كثيرة هي أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب } ( مز 34 : 19) فما هي دوافع الإستشهاد ؟ لماذا يعلن البعض إيمانه حتى لو كان الوالي لا يعرف بإيمانهم ؟ حتى ينالوا أكاليل الشهادة هل هو ناقم أو كاره للدنيا ؟ يظن بعض الدارسين إلى التاريخ المسيحي أن هؤلاء الشهداء لا يحبون الحياة متشائمين قرروا الإنتحار ولكن الحقيقة هي أن الشهيد داخل قلبه ثلاث كلمات :-
أولاً : الوصية :-
يطيع الوصية ويطبقها في قلبه فإن لحظة الإستشهاد كشفت محصلة حياته أي خضوعه وطاعته للوصية عندما يسمع الآية تقول { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر } بهذه الكلمات عاش الوصية عملت فيه على مستويات كثيرة صلواته توبته طهارته محبته عطاؤه أي أنها سكنت داخله بغنى شعر إنه مِلك للمسيح غير أهل العالم كيف ؟لأن دوافعه مختلفة معاملاته مع الناس ومع المادة كل شئ إختلف الوصية أنارت قلبه وعقله وكشفت عن أمور غامضة خطايا أفكار وميزت بين الظلام والنور ولذلك فإن ما وُرد في الكتاب المقدس عن الوصية دليل لذلك مثل الوصية مطرقة تحطم نار تحرق مرآة تكشف سلاح ذو حدين الوصية تجعلك تميز فالشهيد عاش في خضوع للوصايا ووضعها في قلبه كما يقول داود النبي { خبأت كلامك في قلبي } ( مز 119 : 11) ترعى وتُرشد للطريق الشهيد محصلة حياة المسيح وهذا لم يأتي فجأة فإنه يقدم نفسه شهيد كل يوم من أجل الوصية فعندما تقول الوصية سامح فهذا إستشهاد وعندما تقول الوصية النظرة تعتبر زنى فهذا نوع من الإستشهاد اليومي نقوم به وأكون شهيد أمام الله وأمام ضميري كل يوم .
ثانياً : الصليب :-
الإنسان الذي يعرف قيمة ما فعله الرب يسوع المسيح على الصليب من فداء وكفارة يشعر أن حياته مِلك لله وحده وكما يقول بولس الرسول { مات لأجل الجميع } ( 2كو 5 : 14)رغم أنه برئ ونحن المذنبون وقال لكي يعيش الأحياء فيما بعد ( 2كو 5 : 15) الشهيد عرف قيمة يسوع المصلوب والصليب أصبح شعاره ورغب في الموت من أجل ذاك الذي مات من أجله ( 1كو 8 : 11) وكما يقول بولس الرسول { ولا نفسي ثمينة عندي } ( أع 20 : 24 ) يرى الشهيد أن إشتراكه في نفس طريقه موت يسوع شرف وبركة لا يستحقها عند إستشهاد معلمنا بطرس رفض أن يُصلب بنفس طريقة سيده وطلب أن يُصلب منكس الرأس لأنه إعتبر صلبه شرف لا يستحقه ما هو إحساسي كفرد بالصليب ؟ صليبنا الخاص ما شعوري به وكيف أتعامل معه ؟ فما أجمل قول معلمنا بولس الرسول { الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي } ( غل 2 : 20 ) حين يعرف الفرد ما فعله الصليب من أجله وقتها يشعر ويرغب في الحصول على بركة الصليب هنا نقول له أن الصليب في العطاء وفي صلب أعضاءك وأن تنكر نفسك وتحمل صليبك وتبحث عن صليب تحمله حتى تأتي لحظة الإستشهاد من أقوال رب المجد يسوع { من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السموات ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السموات }( مت 10 : 32 – 33 )لذلك فمسيحيتك فخر وعظمة لأننا مختلفين حقاً لهذا قال لنا{ وتكونون مبغضين من الجميع من أجل إسمي } ( مت 10 : 22 )إسمه هذا يجعلك مُبغض ومن هنا شركة الآلام في الصليب تجعل الإنسان لديه شهوة الإستشهاد فكل ما النفس أدركت ما فعله المسيح معها في الصليب كل ما النفس رغبتها في الموت تزداد .
ثالثاً : الأبدية :-
الإنسان المشغول بالأبدية قلبه مُعلق في السماء ولا يريد شئ على الأرض عندما يشتهي الإنسان جمال السماء وما بها يحتقر جمال العالم من يعيش بالأبدية يعيش بقوانين مختلفة ودوافعه أيضاً تختلف وأيضاً أغراضه ولذلك شاهدنا كل الشهداء عند لحظة الإستشهاد أعينهم مرفوعة إلى السماءلأنه في إنتظار المجد الإلهي عندما تجعل الأبدية في قلبك كل المعايير تختلف المُحب للمال يفقد إهتمامه به لأنه مهتم بالأبدية مثال على ذلك الشخص الذي تأتي له موافقة بالهجرة خارج البلاد لا يستطيع التفكير في كل ما كان يهتم به من قبل من مشاكل البلد والغلاء أو علاوات وترقيات ويصبح مهتم فقط بكل ما يخص المكان الجديد الذي يذهب إليه من التعليم والسكن والطقس وغيره كذلك الذي إهتم بالأبدية يهتم بها وبكل تفاصيلها ويتجاهل كل ما في الأرض من مشاكل وأتعاب المهتم بالأبدية سفر الرؤيا له إهتمام خاص عنده ويلجأ إليه في الضيقات حتى يتعرف على المجد الذي ينتظره إذن الشهيد هو محصلة الثلاث معاني السابقة يعيش بالوصية ويعرف أن الصليب من أجله وبذلك أدرك الأبدية فطلب الشهادة واعترف بمسيحيته ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والانيا أتطونيوس – محرم بك - الاسكندرية

عدد الزيارات 1922

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل