دوام بتولية العذراء ج2

02 يناير 2020
Large image

“ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر” (مت 1).
أولاً ليست هناك حاجة إلى أن يجاهد خصمنا لاظهار أن كلمة “عرف” تعني الاضطجاع كما لو كان أحد ينكر هذا !إنه يقول أيضاً أن لفظ “حتى” أو “إلى أن” يسير في زمن محدد ومعين، عندما يكمل يحدث بعده ما لم يكن قد حدث سابقاً ويقول “من الواضح أنه عرفها بعد أن ولدت واجابتنا باختصار هي هذه. أن كلمتي “عرف”، “حتى” في لغة الكتب المقدسة لكل منهما معنى مزدوج. فمن جهة الكلمة الأولى فانه قد قدَّم لنا بحثاً ليظهر أنها تشير إلى المعاشرة الجنسية، كذلك ليس أحد يشك في أنها قد تدل أحياناً على معرفة الفهم.، ومثال ذلك “وبقى الطفل يسوع في أورشليم وأبواه لم يعرفا”. وهكذا بالنسبة إلى كلمة “حتى” أو “إلى أن”، فانه يُرَّد عليه بسلطة نفس الكتاب الذي يشير بها أحياناً إلى زمن محدود كما أخبرنا هو بهذا، وأحياناً إلى زمن غير محدد. مثلما حينما قال الله على فم النبي لبعض الأشخاص “وحتى الشيخوخة أنا هو” (إش 46)، فهل سيتوقف عن كونه إلهاً عندما يشيخون؟! والمخلص يقول للرسل في الإنجيل “وها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء العالم” (مت 28). فهل بعد أن ينقضي العالم سيترك الرب تلاميذه في نفس الوقت الذي يجلسهم فيه على أثنى عشر كرسياً ليدينوا أسباط إسرائيل الاثني عشر. وأيضاً بولس الرسول إذ يكتب إلى أهل كورنثوس يقول: “وبعد ذلك النهاية، متى سلم الملك لله الآب متى ابطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الاعداء تحت قدميه” (1 كو 15)، فهل الرب سيملك فقط حتى يصبح أعداؤه تحت قدميه، وفي الحال إذ يصيروا تحت قدميه يتوقف عن أن يملك؟! بالطبع أن ملكه سيبدأ حينئذ، أن يكون في ملئه عندما يبدأ أعداؤه أن يصيروا تحت قدميه. إن داود في المزمور الرابع للمصاعد يقول هكذا “مثل عيون العبيد نحو أيدي سادتهم، ومثل عيني الامة نحو يدي سيدتها، كذلك أعيينا إليك يا الله حتى يتراءف علينا”(مز 123)، فهل سينظر النبي نحو الله حتى ينال الرحمة، فإذا ما نالها يحوِّل عينيه إلى أسفل إلى الأرض؟ بينما قد قال في موضع آخر “كلت عيناي اشتياقاً إلى خلاصك وإلى كلمة برك” (مز 19). كان يمكن أن أجمع ما لا يُحصى من الأمثلة بهذا الشأن .. ولكني على أية الحالات سأضيف قليلاً منها، واترك للقارئ أن يكتشف بنفسه ما يشبهها قيل في سفر التكوين “فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم” (تث 34) وسواء كانت عبارة “إلى هذا اليوم” تشير إلى وقت كتابة أو وقت نشر هذه الأسفار، فإن سنوات كثيرة قد مضت منذ ذلك اليوم دون أن يكتشف قبر موسى ليته يصنع حسناً ويلتفت معنا إلى اصطلاح الكتب المقدسة إن بعض الأشياء التي تبدو غامضة إن لم توضح يشار إلها بوضوح، بينما تترك الأخرى إلى إدراك عقولنا وبهذا يمكننا أن نفسر ما قيل عن يوسف لقد أشار الإنجيلي إلى ظرف معين كان يمكن أن يصير مجالاً للافتراء، وهو أن مريم لم يعرفها رجل حتى ولدت. ولقد فعل هذا حتى نكون أكثر تأكداً أن هذه التي أمسك عنها يوسف حيث كان هناك مجال للشك في مضمون الرؤيا، هذه لم تُعرَف أيضاً بعد الولادة وباختصار، أن ما أريد أن أعرفه هو هذا لماذا أمسك عنها يوسف حتى يوم الولادة؟سيجيب هلفيديوس “طبعاً لأنه سمع الملاك يقول إن الذي حبل به فيها من الروح القدس .. وهل كان يمكن للرجل البار أن يفكر في الاقتراب منها عندما سمع أن ابن الله في أحشائها؟!”حسناً، إننا نؤمن إذن أن نفس الرجل الذي كانت له مثل هذه الثقة بحلم، حتى أنه لم يجرؤ أن يلمس إمرأته. هذا عندما عرف فيما بعد من الرعاة أن ملاك الرب قد نزل من السماء وقال لهم “لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب” (لو 2)، وعندما انضم إليه الجند السمائي منشدين “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”وعندما رأى الرجل البار سمعان يحمل الطفل ويصيح “الآن يارب أطلق عبدك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك”، وعندما رأى حنة النبية والمجوس والنجم وهيرودس والملائكة، فإن هلفيديوس يريدنا أن نصدق أن يوسف على الرغم من معرفته جيداً بمثل هذه العجائب المدهشة يجرؤ أن يلمس أم الرب، هيكل الله، ومسكن الروح القدس؟!إن مريم في كل هذا “كانت تحفظ جميع هذه الأمور متفكرة بها في قلبها” (لو 2) أنت لا تستطيع أن تقول أن يوسف لم يكن يعرف هذه الأمور، لأن لوقا يخبرنا بأن “يوسف وامه كانا يتعجبان مما قيل فيه” (لو 2)
القديس جيروم أسقف أثينا

عدد الزيارات 634

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل