دُخُول المَدِينَة

05 يناير 2020
Large image

عِنْدَ البَاب :-
{ يَقِفُ فِي مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ وَيَتَكَلَّمُ بِدَعْوَاهُ فِي آذَانِ شُيُوخِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ فَيَضُمُّونَهُ إِلَيْهِم إِلَى الْمَدِينَةِ وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً فَيَسْكُنُ مَعْهُمْ } ( يش 20 : 4 )عِنْدَ البَاب يَقِفُ شُيُوخ كَهَنَة وَلاَوِيِّين يُرَحِبُّوا بِسَلاَمِة الوُصُول وَإِعْطَاء الإِطْمِئْنَان وَالسَّلاَم وَهُنَا يَتِمْ فَحْص الأمر مَعَ القَاتِل لِيُثْبِتْ لَدَيْهِمْ أنَّهُ لَمْ يَقْتُل عَنْ عَمْد أوْ تَرَصُّدْ أوْ بُغْضَه ( تث 19) ثُمَّ يُفْسَحٌ لَهُ مَكَاناً وَيَسْتَقِرُ فِيهِ أمَّا إِذَا وُجِدَ القَاتِل مُذْنِباً إِذْ قَتَلَ عَمْداً وَلَهُ بُغْضَه فَكَانُوا يُسَلِّمُونَهُ إِلَى وَلِيِّ الدَّم لِيَقْتُلَهُ وَهذِهِ دَعْوَة لِلدُّخُول فِي أعْمَاق قَاتِل النَّفْس وَهُوَ يَتَحَدَّث مَعَ كَاهِنْ إِسْتَقْبَلَهُ عِنْدَ الوُصُول إِلَى بَاب المَدِينَة :-
القَاتِل وَهُنَا بَدَأَ القَلَق يَدْخُلَنِي بَعْد أنْ شَعَرْت بِالإِطْمِئْنَان فَذَهَبْتُ إِلَى كَاهِنْ مَا هذَا الَّذِي يَحْدُث ؟هَلْ سَتُسَلِمُونِي إِلَى وَلِيِّ الدَّم بَعْد أنْ إِلْتَجَأت إِلَيْكُمْ ؟
الكَاهِنْ فَإِذَا بِهِ يَحْتَضِنِّي وَيَهْمِس لاَ تَخَفْ لاَ تَخَفْ نَحْنُ مَعَك الله أقَامَنَا لِنَحْمِي أوْلاَدُه الَّذِينَ إِلْتَجَأُوا إِلَى مَدِينَتِهِ نَحْنُ مَوْضُوعُون لأِثْبَات بَرَاءَتَك وَسَنَسْمَعَك وَنَتَمَهَّلْ وَنَتَحَقَّق وَلاَ نُورِدْ حُكْم إِفْتِرَاء بَلْ مَا يُفَرِّحْنَا دِخُولَك مَدِينَتْنَا فَهِيَ مُقَامَة مِنْ أجْلَك وَأقْسَى أمر عَلَيْنَا هُوَ مَا تَخَاف أنْتَ مِنْهُ .
القَاتِل وَكَيْفَ يُصْدِرُونَ حُكْماً فِي أمرٍ لَمْ يَرَوْنَهُ ؟
الكَاهِنْ أنْتَ تَتَعَجَّبْ مِنْ رُوحٌ الإِفْرَاز وَالمَشُورَة وَالإِلْهَام الإِلهِي الَّتِي أنْعَمْ بِهَا الرَّبَّ عَلَى هؤُلاَء الشُّيُوخ فَتَجِدْهُمْ يُمَيِّزُون المَلاَمِحٌ الصَوْت القِصَّة وَإِنْ إِخْتَلَطَ الأمر يَسْألُون وَيَتَمَهِّلُون .
القَاتِل سَامِحْنِي لِكَثِرِة أسْئِلَتِي فَالأمر يَتَعَلَّق بِمَصِير حَيَاتِي كُلَّهَا .
الكَاهِنْ إِسْأل كَيْفَمَا تَشَاء فَأنَا أُرِيدُ رَاحَتَك .
القَاتِل هَلْ أغْلَب الَّذِينَ أتُوا إِلَى المَدِينَة دَخَلُوا أم أُسْلِمُوا إِلَى وَلِيِّ الدَّم ؟
الكَاهِنْ بِالطَبْع أغْلَبَهُمْ دَخَلُوا .. لأِنَّهُمْ صَدَّقُوا الوَعْد بِالحِمَايَة وَأتُوا بِسُرْعَة إِلَى مَدِينَة المَلْجَأ وَلَمْ يُؤَجِّلُوا وَلَمْ يَرْتَبِكُوا بِشَيْءٍ فِي الطَّرِيق فَأغْلَب الَّذِينَ سُلِّمُوا لِيَدِ وَلِيِّ الدَّم سَلَّمُوا أنْفُسَهُمْ بِأنْفُسَهُمْ مِنْ خِلاَل الإِسْتِهْتَار أوْ طَلَبَ الحِمَايَة فِي مَكَانٍ آخَر .
القَاتِل مَاذَا يُقْصَدْ بَالقَتْل عَنْ عَمْدٌ ؟
الكَاهِنْ أي الَّذِي دَبَّر وَسَعَى وَتَحَدَّى مِثْلَ مَنْ ضَرَبَ بِأدَاة حَدِيدْ أوْ حَجَر يَدْ كَأنْ يُقْذَف بِهِ بِشِدِّة وَيَضْرَبَهُ حَتَّى يَمُوْت وَلَمْ يَسْمَعْ لِمَشُورِة الحُكَمَاء وَألْقَى الكَلاَم خَلْفَهُ وَسَمَعَ لِمَشُورِة المُعَانِدِينْ وَلَكَ أنْ تَعْرِف أنَّ وَلِيِّ الدَّم يَطْلُبْ مَا لَهُ مِنْ حَقٌ وَعِنْدُه شُهُود وَإِنْ كُنَّا لاَ نَضْمَنْ شَهَادَتِهِمْ وَلكِنْ نَحْنُ أيْضاً لَنَا شُهُود .
القَاتِل لَمْ أسْتَطِعْ أنْ أتَذَكَّر تَفَاصِيل الحَادِث مِنْ شِدِّة إِرْتِبَاكِي وَلكِنْ غَالِباً كَانَ هُنَاك مَجْمُوعَة مِنْ طَرَفُه وَآخَرُونَ مِنْ طَرَفِي وَالله يَعْلَمْ وَيَشْهَدْ إِنِّي لَمْ أقْصِدْ أبَداً قَتْلَهُ .
الكَاهِنْ سَنَسْمَعْ وَلاَ نَأخُذْ بِكَلاَم أحَدٌ إِلاَّ المَشْهُود لَهُ بِالأَمَانَة وَالإِسْتِقَامَة وَحِينَ تَتَفِقٌ شِهَادَتِهِمْ مَعَ شُعُورْنَا الدَّاخِلِي يَصْدُر الحُكْم .
القَاتِل وَمَاذَا تَرَى فِي أمْرِي ؟ كَيْفَ سَيُحْكَمُ عَلَيَّ ؟
الكَاهِنْ أنْتَ سَيُسْمَحُ لَكَ بِالدُّخُول وَالحِمَايَة فِي المَدِينَة يَظْهَرُ ذلِك مِنْ سُرْعِة مَجِيئَك وَكَثْرِة أسْئِلَتَك وَثَبَات عَزِيمَتَك فِي النَّجَاة .
القَاتِل أشْكُرَك أشْكُرَك هَلْ سَنَلْتَقِي ثَانِيَةً ؟
الكَاهِنْ بِالطَّبْع دَاخِلْ المَدِينَة .
ضَرُورِة الإِعْتِرَاف :-
هذِهِ المَرْحَلَة تُمَثِّلْ بِالنِسْبَة لَنَا لِقَاء الإِعْتِرَاف أي لِقَاء كَهَنِة الكَنِيسَة قَبْل التَّقَدُم لِلأَسْرَار الإِلَهِيَّة وَالتَّمَتُّع بِبَرَكَات الخَلاَص لاَبُدْ مِنْ تَحْقِيق يُعْلِنْ صِدْق الرَّغْبَة فِي الدُّخُول لِلكَنِيسَة وَالإِحْتِمَاء فِيهَا وَطَلَبْ النَّجَاة وَهذَا مَا يَشْعُر بِهِ الكَاهِنْ فِي إِنْكِسَار المُعْتَرِف حِينَ يُعْلِنْ نَدَمُه وَحُزْنُه عَلَى كُلَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ بِجَهْل وَيَطْلُبْ المَعُونَة لِلتُوْبَة وَيَلْتَمِس غُفْرَان الله إِمَّا أنْ يَشْعُر أنَّ هُنَاك تَهَاوُن وَعِنَادهذَا لاَ يُسْمَح لَهُ بِالإِشْتِرَاك فِي الأسْرَار المُقَدَّسَة بَلْ يَأخُذْ فِتْرِة حِرْمَان لِيَتَأدَّبْ وَيَعْرِف أنَّ القُدْسَات لِلقِدِّيسِين أي الَّذِين رَفَضَوا خَطَايَاهِمْ وَجَاهَدُوا ضِدَّهَا وَأتُوا مُنْكَسِرِينْ وَمُقِرِينَ بِهَا يُسْمَحُ لَهُمْ بِالدُّخُول وَالتَّمَتُّعْ بِبَرَكَات الخَلاَص .
دُخُول المَدِينَة :-
وَعِنْدَ الدُّخُول يَضُمُّونَهُ إِلَيْهِمْ تَعَالَ أُدْخُلْ إِلَى فَرَحٌ سَيِّدَك مَدِينَة مُعَدَّة لِلحَيَاة بِالكَمَال كُلَّ شَيْءٍ أُعِدَّ كُلَّ الإِحْتِيَاجَات المَادِيَّة وَالنَّفْسِيَّة وَالرُّوحِيَّة المَدِينَة الَّتِي تُمَثِّلْ الْمَسِيح تَجِدْ فِيهَا كُلَّ مَا يَلْزَمَك وَكُلَّ مَا تَحْتَاج وَلَكَ ضَمَان فِي الْمَسِيح يَسُوع أنَّكَ سَوْفَ لاَ تَشْعُر بِحِرْمَان أبَداً يَضُمُّونَهُ بِمَحَبَّة وَاحْتِضَان وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً لِيَسْكُنْ مَعَهُمْ مَا أبْهَجَهَا مَدِينَة وَمَا أرْوَعَهَا بُيُوت مَنَازِل كَثِيرَة مِنْهَا الَّتِي تَمَّ السُكْنَى فِيهَا وَمِنْهَا الخَالِي الَّتِي تَنْتَظِر مَنْ يَأتِي وَيَسْكُنْ فِيهَا وَسُكَّان المَدِينَة كَهَنَة وَلاَوِيِّين يَكْتَسِبَهُمْ أصْحَاب جُدُد يُقِيمْ وَسَطْ حُمَاة الشَّرِيعَة وَمُعَلِّمُوهَا فَيَحْمُونَهُ بِمُوجَبْ القَانُون الإِلهِي وَيَكُونْ أيْضاً تَحْتَ رِعَايَتِهِمْ الرُّوحِيَّة فِي المَدِينَة رَاحَة وَسَلاَم هُدُوء لاَ يَشُوبُه خَطَر هُنَاكَ الأمَان الَّذِي يُنْزَعُ مِنْهُ الخِيَانَة هُنَاكَ سَيْف وَلِيِّ الدَّم المُنْتَقِمْ مَنْ يَسْتَطِيعْ الوُصُول إِلَيْهِ ؟ بَلْ شَعْرَة وَاحِدَة مِنْ رَأسِهِ لاَ تَسْقُطْ لأِنَّهُ فِي حِمَى رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ وَيُعَاوِنَهُ كَهَنِتُه وَخُدَّامُه وَلَيْسَ هُوَ فَقَطْ فِي إِطْمِئْنَان تَام بَلْ وَأيْضاً جَمِيعْ سُكَّان المَدِينَة يَسُودُ عَلَيْهِمْ سَلاَم وَثِقَة حَيْثُ أنَّهُ تَقَابَلْ مَعَ أُنَاس يَعْرِفَهُمْ وَقَعُوا فِي نَفْس ظُرُوفُه وَجَدَهُمْ فِي حَالٍ أفْضَل جِدّاً مِمَّا كَانَ يَتَوَقَعْ بِالنِسْبَة لَهُمْ وَبِحَسَبْ قَوْل المُرَنِمْ { وَيَكُونُ الرَّبُّ مَلْجَأً لِلْمُنْسَحِقِ مَلْجَأً فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ } ( مز 9 : 9 ) .
المَدِينَة وَالكَنِيسَة :-
هُنَا نَجِدْ فِي مَدِينَة المَلْجَأ صُورَة لِلكَنِيسَة مَدِينَة الله عَلَى الأرْض الَّتِي أسَّسَهَا عَرِيسَهَا وَهَيَّأَهَا وَوَضَعَ فِيهَا كُلَّ أسْرَارُه المُقَدَّسَة المُعْطِيَة الحَيَاة لِيَجِدْ كُلَّ إِنْسَان خَاطِئ رَاحَة لِنَفْسِهِ وَنِهَايَة لأِتْعَابِهِ دَاخِلْ المَدِينَة الأمَان التَّام وَاليَقِينْ آتٍ عَنْ طَرِيق كَلِمَة الله فَهُوَ يَعْلَمْ بِزَوَال الخَطَر عَنْهُ لأِنَّ الله أخْبَرَهُ بِذلِك وَلاَ يُحْسَبُ أمر تَأكُدِهِ فِي نَجَاتِهِ مِنْ الغُرُور فِي شَيْءٍ فَطُمَأنِينَتِهِ حَقِيقِيَّة لاَ شَكَ فِيهَا وَهُنَا نَرَى إِمْتِدَاد لِعَمَلْ الله مَعَنَا فِي ضَمَان كَلِمَة الله الثَّابِتَة بِأمر سَلاَمَتِنَا وَنَجَاتِنَا بِمُجَرَّدْ أنْ نَلْتَجِئُ إِلَيْهِ وَنَدْخُلْ كَنِيسَتَهُ نَجِدْ الحَيَاة بَعْدَ المَوْت – هذَا وَعْد الله لَنَا – أنَّ الَّذِي يَهْرُب إِلَى هُنَاك يَحْيَا وَأمَام هذِهِ المَحَبَّة وَالرَّحْمَة لَيْسَ لِي إِلاَّ أنْ أتَضَرَّع بِكَلاَم دَاوُد النَّبِي القَائِلْ { أُذْكُر لِعَبْدَك كَلاَمَك الَّذِي جَعَلْتَنِي عَلَيْهِ أتَكِلْ هذَا الَّذِي عَزَّانِي فِي مَذَلَتِي } ( مز 119 : 49 ) .
فِي المَدِينَة :-
فِي المَدِينَة المَكَان رَحِيب نَدْخُل وَنَخْرُج هُنَاك فِي بَهْجَة وَأمَان الكُلَّ مَدْيُون بِحَيَاتُه الكُلَّ يَتَحَدَّث عَنْ فَرْطٌ صَلاَحٌ الله وَرَحْمَتَهُ الَّذِي دَبَّرَ هذَا الفِدَاء العَجِيبْ حِينَ تَسْمَعْ هُنَاك أصْوَات تَسْبِيح تَجِدُه بِالحَقِيقَة تَسْبِيحاً جَدِيداً إِنَّهَا تَسْبِحَة الغَلْبَة وَالخَلاَص وَتَعْرِف مَعْنَى تَعْلِيَات الله فِي حَنَاجِرَهُمْ وَالَّذِي سَبَقَ وَرَتَّلْ " أُعَظِّمَك يَارَبَّ لأِنَّكَ إِحْتَضَنْتَنِي " هُنَا رُبَّمَا لاَ يَجِدْ لِسَان يَنْطِق بِهَا فَيَجِدْ نَفْسُه يَحْتَاج إِلَى لُغَة جَدِيدَة وَلِسَان جَدِيد يُعَظِّمْ الَّذِي رَفَعَهُ مِنْ أبْوَاب المَوْت وَالَّذِي أنْقَذَ نَفْسَهُ مِنْ المَوْت وَعَيْنَيْهِ مِنَ الدُمُوع وَرِجْلَيْهِ مِنَ الزَلَلْ الكُلَّ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يَسْكُتْ بَلْ يُرِيدْ أنْ يُحَدِّث بِفَضْل مَنْ دَعَاه وَيُخْبِر بِكَمْ صَنَعَ بِهِ الرَّبَّ وَرَحَمَهُ وَنَحْنُ الآنْ فِي كَنِيسِة الْمَسِيح الغَنِيَّة بِالأسْرَار المُقَدَّسَة لَنَا أنْ نُعَبِّر عَنْ سَلاَمَتِنَا وَطُمَأنِينَتِنَا بِمِثْل هذِهِ الكَلِمَات الدَّالَة عَلَى الثِّقَة التَّامَة وَاليَقِينْ الكَامِلْ فَهَيَّا نَحْتَمِي فِي الكَنِيسَة وَنَطْمَئِنْ دَاخِلْهَا وَنَثِق بِخَلاَصِنَا المُعَدْ لَنَا دَاخِلهَا فَنَفْرَحٌ وَنَتَهَلِّلْ وَنُسَبِّح تَسْبِيحاً جَدِيداً وَنُخْبِر بِكَمْ صَنَعَ مَعَنَا الرَّبَّ وَرَحَمَنَا وَإِنْ سَمَعْنَا أحَدٌ وَتَسَاءَل مَنْ هؤُلاَء وَلِمَاذَا يُسَبِّحُون هكَذَا ؟ يُقَالُ لَهُمْ هؤُلاَء الَّذِينَ أُشْتُرُوا مِنْ بَيْنَ النَّاس ( رؤ 14 : 5 ) هُمْ الَّذِينَ بَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الخَرُوف ( رؤ 7 : 14) فَهُمْ يُعَبِّرُونَ عَنْ فَرَحِهِمْ بِخَلاَصِهِمْ وَعَمَلْ إِلَهَهُمْ مَعَهُمْ لِذلِك هُمْ يَهْتِفُونَ وَيُصَوِّتُونَ وَيَنْشِدُونَ هُمْ لاَ يُخْبِرُونْ عَنْ أنْفُسَهُمْ فِي شَيْءٍ بَلْ يَتَحَدَّثُونَ بِفَضْل الَّذِي دَعَاهُمْ وَوَهَبَ لَهُمْ طَرِيقاً وَمَدِينَة وَأخْرَجَهُمْ مِنْ سُلْطَان المَوْت وَالظُّلْمَة .
مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ :-
وَهُنَاكَ حَدِيثاً آخَر هُوَ مِحْوَر لَهْفِة وَشَغَفْ الجَمِيعْ وَهُوَ مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة العَظِيمْ الَّذِي بِهِ يَنَال الجَمِيعْ العِتْق وَالحُرِّيَّة{ يُقِيمُ هُنَاكَ إِلَى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي مُسِحَ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ } ( عد 35 : 25 )هَلْ رَأيْتَ مَوْتاً يُعْطِي فَرَحاً ؟ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ أحَدٌ يُرِيدْ مَوْت مَنْ يُحِبُّه وَيُمَجِّدَهُ ؟ وَهُنَا نَتَسَاءَل لِمَاذَا يَنْتَظِر حَتَّى مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة ؟ رَئِيسُ الكَهَنَةهُوَ الأب الرُّوحِي لِجَمِيعْ شَعْبِهِ الَّذِي يُقَدِّم عَنْهُمْ الذَّبَائِح دَائِماً لِلتَّكْفِير عَنْ أخْطَائِهِمْ وَسَهَوَاتِهِمْ ( لا 16 : 17) وَوُجُودْ القَاتِل سَهْواً فِي مَدِينَة المَلْجَأ مَدَى حَيَاة رَئِيس الكَهَنَة فَلِكَيْ يَكُون تَحْتَ رِعَايَتِهِ الرُّوحِيَّة دَائِماً وَمَوْضُوع صَلاَتُه وَشَفَاعَاتُه وَتَكْفِيرُه لأِنَّ رَئِيسُ الكَهَنَة هُوَ المُعَلِّمْ لِلشَّرِيعَة وَالمَسْؤُل عَنْ تَنْفِيذِهَا وَوُجُودْ القَاتِل فِي حِمَاه يَدُل عَلَى أنَّهُ فِي حِمَى شَرِيعَة الله وَفِي ظِلِّهَا لاَ يَجُوز لأِحَدٌ أنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ وَفِي عَوْدِة الرَّجُل إِلَى بَيْتِهِ بِمُجرَّدْ وَفَاة رَئِيس الكَهَنَة إِشَارَة إِلَى أنَّهُ إِسْتَفَادَ فِعْلاً بِتَكْفِيرِهِ عَنْهُ وَقَدْ نُظِّفَتْ حَيَاتُه مِنْ خَطَأ السَهْو الَّذِي لَوَّثَ يَدَهُ بِدَمِ إِنْسَانٍ .
وَهُنَا نُرِيدْ أنْ نُبْرِز عِدَّة نِقَاط :-
1- مُدُن المَلْجَأ كُلَّهَا تَتْبَعْ اللاَّوِيِّين وَرَئِيسَهُمْ هُوَ رَئِيسُ الكَهَنَة وَكَأنَّ القَاتِل سَجِين رَئِيسُ الكَهَنَة وَحِينَ يَمُوت يُصْبِح مِنْ حَقِّهِ الخُرُوج .
2- القَاتِل يَتَمَتَّعْ بِكَفَّارِة وَحِمَايِة رَئِيسُ الكَهَنَة الَّذِي يُقَدِّم كَفَّارَة عَنْ الشَّعْب كُلُّه لِسِمُو مَرْكَز رَئِيسُ الكَهَنَة فَإِنَّهُ حِينَ يَمُوت فَالحُزْن عَلَيْهِ يَبْتَلِعْ أي حُزْن آخَر فَيَتْرُك الوَلِيِّ القَاتِل إِذَا خَرَجَ مِنْ مَدِينَة المَلْجَأ .
3- مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة يُشِير لَمَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة الحَقِيقِي وَهُوَ يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي بِمَوْتِهِ عَتَقْنَا مِنْ أُجْرِة الخَطِيَّة وَحُكْمَهَا وَوَهَبْنَا الحُرِّيَّة الكَامِلَة .
حَقَّاً إِنَّهُ مَوْت عَجِيبْ مَوْت أرْجَعْ القَاتِل لأِحْضَان عَائِلَتُه مَوْت أطْلَق أسْرَى الرَّجَاء مَوْت فَكَّ القُيُود وَهُوَ رَمز بَدِيعْ لِمَوْت رَئِيسُ كَهَنَتِنَا الأعْظَمْ الَّذِي بِمَوْتِهِ رَدَّنَا إِلَى أحْضَان الآب السَّمَاوِي وَدَخَلْنَا فِي رَعِيَّة بَيْت أهْل الله إِنُّهُ مَوْت رَئِيسُ كَهَنَة قَدَّمَهُ لاَ بِذَبِيحَة حَيَوَانِيَّة بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ فَصَارَ مَوْتاً فَرِيداً إِذْ قَدَّم ذَبِيحَة نَفْسِهِ وَهُوَ رَئِيسُ كَهَنَة أعْظَمْ مِنْ هَارُون وَمِنْ مَلْكِي صَادِق{ قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّموَاتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ لأِنَّهُ فَعَلَ هذَا مَرَّةً وَاحِدَةً إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ } ( عب 7 : 26 – 27 ) وَبِهذَا يَكُون قَدْ أبْطَلَ سُلْطَان الخَطِيَّة بِذَبِيحِة نَفْسِهِ( عب 9 : 26 ) .
فَصَارَ لَنَا هذَا المَوْت هُوَ رَصِيد خَلاَص وَمَغْفِرَة حَيَاة دَائِمَة تَتَغَنَّى بِهِ الكَنِيسَة عَبْرَ الأجْيَال وَتَجْعَلَهُ نَشِيدْ حُبْ وَوَفَاء " بِمَوْتِكَ نُبَشِر " وَنَصْنَعُ ذِكْرَى آلاَمِهِ المُقَدَّسَة فَلاَ تَجِدْ فِي عُشَّاق يَسُوع عُذُوبَة ألَذْ مِنْ الحَدِيث عَنْ مَوْتِهِ وَصَلْبِهِ وَقِيَامَتِهِ وَيَسْتَأسِرَهُمْ الحَدِيث عَنْهُ وَكَأنَّهُ لاَ يُوْجَدٌ غَيْرَهُ حَدِيث بِحَسَبْ قَوْل مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول { لَمْ أَعْزَمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً } ( 1كو 2 : 2 ) .
الخُرُوج مِنْ المَدِينَة قَبْل مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة :-
{ وَلكِنْ إِنْ خَرَجَ الْقَاتِلُ مِنْ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا وَوَجَدَهُ وَلِيُّ الدَّمِ خَارِجَ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ وَقَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَاتِلَ فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ } ( عد 35 : 26 – 27 )إِنْ خَرَجَ القَاتِل خَارِج أسْوَار مَدِينَة المَلْجَأ قَبْل مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة وَقَابَلَهُ وَلِيِّ الدَّم يَقْتُلَهُ وَفِي مِثْلِ هذَا الظَّرْف تَكُونُ مَسْؤُلِيَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ ( لَيْسَ لَهُ دَمٌ ) أي يَكُونْ وَلِيِّ الدَّم بَرِيئاً وَلاَ يُحَاسَبْ عَلَى قَتْلِهِ وَلاَ يُطَالِبْ القَضَاء بِدَمِهِ لأِنَّ القَاتِل هُوَ الَّذِي تَرَكَ مَدِينَة المَلْجَأ وَيَكُون كَسَر الشَّرِيعَة وَخَالَفْهَا وَبِالتَّالِي تَمَرَّدْ عَلَى التَّرْتِيب الَّذِي وَضَعَهُ الرَّبَّ وَخَرَجَ عَنْ حِمَى مَدِينَة المَلْجَأ وَحِمَى رَئِيسُ الكَهَنَة وَالكَهَنَة وَاللاَّوِيِّين وَبِالتَّالِي إِسْتَهَانَ بِالإِمْتِيَازَات الَّتِي أعْطَاهَا لَهُ الرَّبَّ وَالفُرْصَة الَّتِي مَنَحَتْهَا إِيَّاهُ الشَّرِيعَة وَهذَا مَا نَجِدِهُ فِي كُلَّ مَنْ إِبْتَعَدَ عَنْ الكَنِيسَة مَدِينَة مَلْجَأهِ وَاسْتَهَانَ بِكُلَّ مَا تُقَدِّمُه لَهُ وَاعْتَقَدَ أنَّ لَهُ خَلاَصً خَارِجْهَا وَأنَّ لَهُ ضَمَان حَيَاة بِدُون كَفَّارِة رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ فَيَكُون بِذلِك عَرَّى نَفْسُه مِنْ الحِمَايَة وَأخْلَى نَفْسُه مِنْ سُلْطَان النَّجَاة فَيُبْتَلَعْ مِنْ وَلِيِّ الدَّم الَّذِي يَتَرَبَصْ بِهِ يَنْتَظِر أنْ يَبْتَلِعُه كَحَقٍّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ دَم وَهُنَا نُذَكِّرَك أنْ تَرْجَعْ إِلَى كِتَابْنَا " بَيْت رَاحَاب " لِتَرَى أنَّ الرُّوح الوَاحِدٌ الَّذِي يَعْمَلْ فِي الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه يُرِيدْ أنْ يُلْزِمْنَا بِألاَّ نَبْرَحٌ الكَنِيسَة وَإِلاَّ نَهْلَك وَهذَا هُوَ التَّحْذِير الَّذِي قَالَهُ الجَّاسُوسَان لِرَاحَاب { اجْمَعِي إِلَيْكِ فِي الْبَيْتِ ( رَمز الكَنِيسَة ) أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَإِخْوَتَكِ وَسَائِرَ بَيْتِ أَبِيكِ فَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِكِ إِلَى خَارِجٍ فَدَمُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَنَحْنُ نَكُونُ بَرِيئَيْنِ } ( يش 2 : 18 – 19) فَكُلَّ مَنْ يَخْرُج مِنْ مَدِينَة المَلْجَأ وَأيْضاً مِنْ بَيْت رَاحَاب الَّتِي هِيَ مُجَرَّدْ رُمُوز لِلكَنِيسَة يَهْلَك فَيَالِعِظَمْ العَطَايَا المَجَّانِيَّة الَّتِي تَنْتَظِرْنَا فِي الكَنِيسَة المُقَدَّسَة .
القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
عن كتاب مدن الملجأ

عدد الزيارات 1042

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل