
تتضمن الحث على سماع الاقوال من المعلمين والعمل بها وتعليمها لأخرين مرتبة على مثل الكرم والكرامين ( لو ۲۰ : ۹-۱۹ )
إذا كان رب الكرم حين رأى العمال مهملين مضجعين لا يحملون اليه الثمرات في أوانها ولا يخدمونه كما ينبغى أمر بهلاكهم وسلم الكرم إلى آخرين فما بالنا لا نتذكر عظيم مصابهم ونتيقظ بسقوطهم ونفلح الكرم جيدا ونعطى الثمرات في أوانها ونخدم رب الكرم كما يجب له ونكون دائما لأقواله سامعين ولأوامره طائعين ولرسله مكرمين حتى يعلمنا إرادته ويلهمنا طاعته ويجازينا بالخلود في ملكوته ويفرح بخيراتنا المرشدون ويبتهج بإكليلنا المؤدبون ويقبلوا علينا مسرورين ويهتموا بمصالحنا مجتهدين فإنه كما أن الذين يغوصون البحر في طلب الجواهر إذا وجدوا الذين يشترونها مقبلين عليهم متقدمين لابتياعها يفرحون بذلك ويتهللون ويحملهم رواج بضاعتهم على الغوص في البحر أيضا واحتمال المشقات وركوب الأهوال ليحصلوا أمثالها وكذلك يفعل الفلاحون إذا رأوا الأرض تأتى بغلات جزيلة فانهم يجهدون أنفسهم ويلقون البذار بكثرة ولا يشفقون على انفسهم من التعب كذلك نحن إذا رأينا حرصكم ونشاطكم وإجتهادكم في استماع الوعظ والبحث عن معاني العبارات متسارعين بعضكم مع بعض متبارين في العمل بها فإننا عند ذلك نجهد أنفسنا ونستحث أفكارنا ونفاوضكم دائما في ما يبهج نفوسكم ويحسن معادكم ويكثر أعمال بركم ويضاعف ثمرات أجركم لأن التجار هكذا يصنعون إذا ما حسنت أحوال سوقهم وبيعت بضائعهم فإن ذلك يفضي إلى اعادتهم السفر لإحضار بضائع أفضل من تلك أما إذا كسدت البضائع عندهم ورأوا المشترين معرضين عنهم ومتهاونين ببضائعهم فإنهم هم أيضا يتهاونون ويتكاسلون وقد علمتم أن حرصنا وإجتهادنا لا لتكونوا حافظين لأقوالنا فقط بل لكـــــــي تصيروا معلمين أيضا لآخرين ولكى يقوم بعضكم بعضا ويكمل نقص الناقصين وحينئذ تتضاعف المواهب التامة وتتزايد فضائل الروح وتكثر الثمرات الجيدة وتترادف جوائز الأعمال الصالحة لأن الله لا يرضيه منا أن يهذب المؤمن نفسه فقط بل أن يجبر المنكسرين أيضا وبنهض الساقطين وينشط الفائزين ويرشد الضالين ويقيم لسيده منازل كثيرة روحانية يظهر ضياؤها لآخرين وليس ذلك بالتعليم فقط بل بحسن السيرة أيضا وبالأعمال الصالحة وبما يرون من المحبة والرحمة ورفض الشهوات العالمية والإجتهاد فى طلب الخلاص والوصول إلى النعيم السماوى فسبيلنا أن نجهد نفوسنا وتعمل بحسب أوامر ربنا لندرك حياة الابد التي أعدها ألهنا للطائعين الذى له المجد إلى الأبد. آمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية