احتقار أباطيل العالم

08 فبراير 2020
Large image

لفت السيد المسيح نظر التلاميذ والجموع إلى أنه ماذا ينتفع الانسان إذا ربح العالم كله وخسر نفسه, أو ماذا يعطي الانسان فداءاً عن نفسه وإن كانت أجسادنا فى الأرض فعقولنا ينبغي أن تكون مشدودة نحو السماء ولقد أعطانا السيد نفسه مثلاً وقدوة فى كيف نعيش على الأرض دون الاهتمام بالأرضيات. إذ كيف ننشغل بتوافه الأرض عن خلاص نفوسنا، وهو الهدف الأسمى لنا !؟ ومن أجله يختار الإنسان أن يترك العالم، أو حتى عند الزواج يختار الفتاة التى تعينه فى ذلك. والسيد المسيح نفسه قال: "للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار وأمّا ابن الانسان فليس له اين يسند رأسه"وقد لخص سليمان الحكيم خبرة خداع العالم بقولته الشهيرة "ومهما اشتهته عيناى لم أمسكه عنها " ونظر إلى جميع ما يجري على الأرض قائلاً: "باطل الاباطيل الكل باطل ولامنفعة تحت الشمس" ثم يعقب على ما ذكر من أمور العالم ويقول "هذا أيضا باطل" وهكذا تسلمنا منه وهو أغنى وأعظم ملوك بنى اسرائيل: أنه لافائدة تحت الشمس بل المنفعة فيما "فوق الشمس"أمّا التلاميذ فلما سمعوا نصيحة السيد المسيح: تركوا كل شئ, بل وبدلاً من الخدمة والعودة فى إجازات إلى خاصتهم طافوا بزوجاتهم ليخدمن معهم لقد كان يوحنا ويعقوب غنيين جداً وكذلك كان متى العشار ولكن الجميع استخفوا بمغريات العالم والقديس بولس وهو ذو كرامة وحيثية ورعوية رومانية وغنى (بدليل استئجاره بيت له لمدة سنتين فى روما) واستعداده لدفع ديون انسيموس, ومحاولة الوالى الحصول على رشوه منه ليطلقه كل هذه المزايا والامكانيات قال هو عنها (خسرت كل الأشياءوأنا احسبها نفاية من أجل فضل معرفة المسيح) وأيضاً الشهداء: سخروا من الرتب والأموال والنسب الشريف، لأجل المسيح بفرح والقديسين كذلك تركوا كل شئ وكل أحد لأجل المسيح وبعضهم كان ملكاً (مثل ملك أنطاكية الذي قابله الأنبا يوساب السائح والقديسة أناسيمون ومعلم الملوك الأنبا أرسانيوس) ولكن ذلك لا يعنى بالضرورة ترك العالم فهناك الكثير من الذين وصلوا إلى أعلى المراتب الروحية وخلصوا وهم في العالم،كما أن آباء الرهبنة كانوا يسألون عن أحوال الناس ويصلون لأجلهم وينزلون ليشجعوا المضطهدين) والأنبا بيمن يقول (نحن تعلمنا كيف نغلق باب الفكر لا باب القلاية). هكذا عاش الكثيرون في العالم بينما لم يحيا العالم فيهم, مثل السفينة التى تسير فى البحر دون أن يدخل ماء البحر فيها (فإما أن تكون السفينة فوق الماء وإما ستنزل تحت الماء)والذين سيخلصون فى العالم هم الذين يحيون حياة في مخافة الله, محبون للفقراء، الأنبا موسى الأسود يقول (إن الصدقة تولد التفكير فيما سيكون) وهم كذلك الزاهدون فى الرتب والرئاسات وكرامات العالم، فإنه ليست لنا هنا مدينة باقية ولكننا نطلب العتيدة.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص

عدد الزيارات 669

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل