خليقة جديدة

21 فبراير 2020
Large image

«إِنْ كَانَ أَحَـــدٌ فِي الْمَسِيـــــحِ فَهُـــــــوَ خَلِيقَــــــةٌ جَدِيـــــدَةٌ: الأَشْيَــــاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُــــــوَذَا الْكُــــــلُّ قَدْ صَارَ جَدِيــــدًا» (2كو5:71)إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة، أنت الذي تعيش إيمانك في المسيح تعيش هذه الخليقة الجديدة. ولكن هذه الخليقة الجديدة لها مواصفات يجب أن تعرفها، ويجب أن تكون أمامك على الدوام، هذه المواصفات هي التي تجعل منك في الحقيقة خليقة جديدة. وأود أن أذكركم أن كلمة «جديدة» في مفهوم الكتاب المقدس تعني أنها جديدة في كل يوم، فهي لا تخضع للزمن. إذا أتيت بشيء جديد اليوم سوف يصبح بعد شهر قديمًا وبعد سنة يصبح أقدم وهكذا، ولكن في المسيح يسوع كلمة جديدة تعني جديدة في كل صباح، فلا تعرف غلبة الزمن عليها، ولا تعرف القِدَم، لأنك في المسيح يسوع دائمًا جديد، وهذه الحياة الجديدة هي مسئولية لكل أحد فينا. مـــــــاذا يعنــــــــي أن يكــــــــون للإنســـــــــان الخليقـــــة الجديدة؟الأشياء العتيقة التـــــي مضــــت يُقصَــــد بهـــــا الإنسان الذي يتخلّى عن خطاياه كل يــوم، ومن هنا تكون الخليقة الجديدة ثلاثية الأبعاد، هي تعني: قلبًا جديدًا وطبيعة جديدة وفكرًا جديدًا. 1) القلب الجديدنصلي كـــــــل يـــــــــوم ونقــــــــول: «قلبًا نقيــــًــــا أخلــــــق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جــــــدّده في أحشائي»، وهذه هي طلبة الصباح والمساء، بل طلبة كل وقت. ما أشهى أن يكون قلب الإنسان جديدًا دائمًا؛ فالقلب العتيق والممتلئ بالشرور والمُلوَّث بالخطايا والأفكار، قلب لا يصلح أن يكون ضمن الخليقة الجديدة. القلب الجديد يتجدّد بروح التوبة الدائمة، وروح التوبة تبدأ دائمًا في الصلوات المرفوعة، فعندما تنفرد بالحبيب وتنفرد في علاقاتك الشخصية بربنا يسوع المسيح، وترفع قلبك وتضعه في يد المسيح وتطلب منه قلبًا نقيًا، فهذه هي البداية لكي يكون قلبك جديدًا. وروح الصلاة هي الذي عبّر عنها ربنا يسوع المسيح في الأصحاح السادس في إنجيل معلمنا متى (الإنجيل الذي قرأناه في أحد الرفاع) وقال: «ادخل إلى مخدعك وأغلق بابك». إننا نحيا في هذه الأيام في طقس الصوم، والصوم هو الفترة التي ندخل فيها داخل القلب لأننا خارج الصوم تكون قلوبنا مشغولة بأشياء كثيرة. فما أشهى أن يخصّص الإنســــــان وقتًا كــــــل يوم، وإن صاحبته الأصوام فيكون الفعل الروحي أقوى وأقوى، بحيث أن هذا القلب يتجدد بروح الصلاة. وهذا الأمـــــر يــــا أحبائـــــي فـــــي غايــــــة الأهمية لأن هذا الزمان به أشياء كثيرة تسرق وقتنا للأرض، ويأتي السؤال: هل لديك وقت تخصصه لربنا؟ أن تقتطع من الوقت الذي يمنحه الله لك لكي ما تعيـــــده وتقدمه إلى الله؟ أحيانًا يا إخوتي الأحباء تمر بشارع مغلق ومكتوب عليه «مُغلَق للتحسينات»، قلبك في المخدع هو مُغلَق للتحسينات، والمقصود بالتحسينات هو روح التوبة.2) الطبيعة الجديدة هذه الطبيعــــــة ننالهــــــا من خــــــلال وسائـــط النعمة، ونقرأ في المزمــــــور الأول عن الرجـــــل الصالح الذي يكون كالشجرة المغروسة علـــــى مجاري المياه، ومجاري المياه تعني وسائط النعمة، نِعَم الروح القدس التي يعطيها لنا من خلال الأسرار، وفي بداية الأسرار في سر المعمودية حيث يلبس الطفل المُعمَّد الملابس البيضاء ويوضع الزنــــــــار الأحمـــــر حول كتفــه رمزًا لدم المسيح، لأنه صـــــار خليقة جديدة. ونسمي سر المعمودية «سر الولادة الجديدة». وهذه الطبيعة تستمر من خلال سر التناول المقدس أو سر الإفخارستيا، الذي يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه، حياة أبدية طبيعة جديدة، وهذه الطبيعة الجديدة هي مسئولية كل واحد فينا.. يوجد أناس كثيرون لديهــــم قلق وخوف واضطراب وأمراض نفسية، هل تعلمون ما هو السبب؟ أنهم لم يدخلوا بعد في الطبيعة الجديـــــدة، حتى وإن كـــــان بعضهـــــــم مسيحيــــــون لكن ليس لهم التلامـــــــس الشخصــــــي والعلاقة الشخصيـــة مـــــــع الله. أيهــــــــــا الحبيــــــب تملّك الطبيعة الجديدة دائمًا، وعش بالأسرار المقدسة ووسائط النعمة هذه الطبيعة، وعش فيها بالحياة وليست بالعادة كشخص يذهب للتناول كالعادة، فهذه المفاهيم الروحية هي مفاهيم قوية بالطبيعة الجديدة.3) الفكر الجديد:لا أريد أن أسميه فكرًا جديدًا، ولكن يمكن أن أسميه نظرة جديدة أو رؤية جديدة. هناك شخص لا ترى عيناه إلّا الأشياء القبيحة، بل إذا رأت ما هو حســـــــن أحيانًا، فهو يقلبـــــه للعكس! هؤلاء هم الذين ينشرون الإشاعات ويقولون الأخبـــــــار السيئـــــــة ويخيفــــــــون النـــاس. ويوجد آخرون لديهم رؤية جديدة، والسبب الرئيسي فيها هو كلمة الله المقدسة والارتباط بالإنجيل. الإنجيل يعطيك روح الاستنارة، ودوام العلاقة مع الكلمة المقدسة تعطيك هذه النظرة الجديدة. من خلال الإنجيل نرى الحياة عطية الله العظيمة للإنسان، لذلك توصي الكنيسة بقراءة الإنجيل يوميًا، وأوجدت قراءات منتظمة في صلواتها لكي يكون هنام تعامل يومي مع كلمة الله. يقول الرسول إن: «كلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وفَعّالَةٌ وأمضَى مِنْ كُلِّ سيفٍ ذي حَدَّينِ، وخارِقَةٌ إلَى مَفرَقِ النَّفسِ والرّوحِ والمَفاصِلِ والمِخاخِ، ومُمَيِّزَةٌ أفكارَ القَلبِ ونيّاتِهِ» (عب4:21).الخلاصة أن الأشياء العتيقة قد مضت، الخطايا واهتمامات العالم واهتمامات التراب، هوذا الكل قد صــــــــار جديدًا، جديدًا بالقلـــــــب الجديـــــــد من خــــــــــلال الصلــــــــوات، وبالطبيعـــــــة الجديدة من خلال الأسرار، وبالنظرة الجديدة من خلال الكلمة المقدسة.التدريب الذي تأخده هو أن تصلــــي: «يا رب اجعلني من هذه الخليقة الجديدة، وأعطني القلب النقي، أعطني القلــــــــب الجديد، وأعطني هذه الطبيعة الجديدة في حياتـــــــي على الدوام، وأعطني الرؤية والنظرة الجديدة دائمًا».
قداسة البابا تواضروس الثانى

عدد الزيارات 1343

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل