الحرب ضد الهراطقة والأخطاء الفكرية للجماعات المنحرفة

10 سبتمبر 2018
Large image

ثانياً: الأخطاء الفكرية للجماعات الدينية المنحرفة
وبعد أن أسدل الستار على موضوع الانحراف الفكرى العقيدى الذى انجرف فيه مجموعة من الشباب المسيحى، ربما يتساءل البعض: ما هى الأخطاء المنهجية التى سقطوا فيها؟ وما هى خطورتها عليهم وعلى من يتبعهم؟ فى البداية أود أن انبه ذهن القارئ… أن الكنيسة لا تحارب أشخاصاً، ولكنها تقاوم فكراً منحرفاً، ومنهجاً معيباً فى الخدمة… فليست القضية هى فلان من الناس… ولكن هى انحراف فكرى ظهر سابقاً فى أشخاص آخرين.. وربما يظهر مرات ومرات بمدى التاريخ، مع أناس أمناء لأنفسهم وذواتهم فقط، وليسوا أمناء للمسيح والكنيسة.. دعونا الآن ندرس أخطاءهم بطريقة موضوعية منهجية…
1- خطأ وجود منهجين (علناً وسراً)
الخادم الصادق يكون صريحاً فى الإيمان (راجع تى 4:1) ويجاهر بهذا الإيمان دون كذب أو مراوغة، بل ويفتخر بإيمانه وبالدفاع عنه، كمثل الرسل وكل الآباء “لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا” (أع 20:4). أما إن لجأ الخادم إلى تغيير تعليمه، فيتكلم علناً كلاماً طيباً وشرحاً جميلاً… وفى السر يتكلم بأمور ملتوية… فهذا دليل على عدم صدقه وعدم أمانته “رجل ذو رأيين هو متقلقل فى جميع طرقه” (يع 8:1). إنه يبدو أمام سامعيه كمثل الملاك البرىء، لأنه حريص ألا يظهر آراءه الخاطئة إلا للخاصة والمريدين… وقد يلجأ إلى تعليم تلاميذه ألا يجاهروا بهذه الآراء، بحجة أنها (تثير شكاية الشيطان ضدهم!!). وبذلك يتعلم تلاميذه الخبث والكذب والدهاء… فهل هذه سمات تعليم المسيح؟ هل علم الآباء بهذه الطريقة الملتوية؟ هل كان القديس أثناسيوس يعلّم فى العلن بتعليم لا يوافق عليه فى السر؟. أو يتكلم فى السر بكلام يخالف ما يقوله فى العلن؟ إن وجود منهجين للتعليم فى خدمة الخادم، دليل قاطع على كذبه، وعدم أمانته، وهو غير جدير أن يتبعه الناس، لأنه غير صادق مع نفسه.أن هؤلاء الكاذبين ينطبق عليهم قول السيد المسيح: “يا أولاد الأفاعى كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار. فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم” (مت 34:12).لقد قيل عن الشيطان أنه “متى تكلم بالكذب؛ فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب” (يو 44:8) أما الخادم الحقيقى فهو صادق “من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه. وأما من يطلب مجد الذى أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم” (يو 18:7).
يتبقى هنا سؤال: لماذا يصدق الناس الكذب ؟ يجيبنا على هذا، معلمنا بولس الرسول: “الذى مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم فى الهالكين، لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب، لكى يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالإثم” (2تس 9:2-12).
2- خطأ المنهج الانعزالى
إن الكنيسة المقدسة هى جسد المسيح.. وكلنا أعضاء فى هذا الجسد، بدون تحزب أو تقوقع.. الجميع مفتوحون على بعض… “هذه الكائنة من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها” بل والممتدة من الأرض إلى السماء، تجمع فى داخلها كل المؤمنين فى السماء وعلى الأرض بدون تمييز. أما هذه الجماعات، فهى تنظر إلى نفسها على أنها كيان خاص متميز… (تلامذة فلان)… ويعطون لأنفسهم اسماً يميزهم عن باقى المؤمنين (المريمات… كنيسة العهد الجديد… التلمذة الروحية… مجموعة الشركة الروحية… الخ). وينظرون إلى باقى المسيحيين، على أنهم مزيفون… ولن يخلص إلا من يدخل هذه الجماعة المتقوقعة والمعزولة (التى عزلت نفسها فكرياً عن باقى نسيج الكنيسة)…وتكون النتيجة أن المنتمى لهذه الجماعات يحتقر أصدقاءه وأسرته وكنيسته والأباء الكهنة والكل.وتظن هذه الجماعة فى نفسها أن الله اختصها برسالة خاصة!!.”أن ظن أحد أنه شئ وهو ليس شيئاً فإنه يغش نفسه” (غل 3:6)، “لا يخدعن أحد نفسه” (1كو 18:3). يجب أن يتضع الإنسان ويعرف قدر نفسه “فإن كان أحد يظن أنه يعرف شيئاً؛ فإنه لم يعرف شيئاً بعد كما يجب أن يعرف” (1كو 2:8). لقد حارب السيد المسيح هذه الروح المتكبرة التى تجعل الكنيسة مليئة بالنتوءات “وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل..” (لو 9:18). “أنتم الذين تبررون أنفسكم قدام الناس. ولكن الله يعرف قلوبكم. أن المستعلى عند الناس هو رجس قدام الله” (لو 15:16). لمثل هؤلاء المنعزلين نهدى قول معلمنا بولس الرسول: “إن وثق أحد بنفسه أنه للمسيح، فليحسب هذا أيضاً من نفسه، أنه كما هو للمسيح، كذلك نحن أيضاً للمسيح” (2كو 7:10). وطبعاً لا يخفى على القارئ، خطورة انتشار هذه الروح المليئة بالكبرياء، والإحساس بالتميز ويصير لهذه الجماعة الخاصة إجتماعات خاصة، وشرائط كاسيت خاصة، وتعليم خاص… وإتصالات سرية… ويتم التنبيه عليهم أن يقرأوا لفلان من الكتّاب، ولا يقرأو لباقى الناس… الخ. إنهم يصيرون كمثل بؤرة صديدية فى جسم الكنيسة، أو كمثل ورم خبيث لا يتآلف مع باقى أنسجة الجسم… واصلح علاج له هو الاستئصال. إن الانعزالية والتحوصل هى التعبير المباشر عن الكبرياء، وإحساس التميز، واحتقار الآخرين، وإدانتهم… وكل هذا ليس من روح المسيح.
3- خطأ القائد الأوحد وإدعاء النبوة :
لقد تعلمنا فى الكنيسة أن نستقى مياها بفرح من جميع الآباء… ويصير المسيحى كمثل النحلة النشيطة، يرتشف رحيق أزهار الكنيسة… فيسمع للبابا وللأساقفة وللآباء الكهنة، والوعاظ والخدام… وينفتح قلبه ليتعلم من الجميع… فيصير تكوينه الروحى متوازناً.. قد يكون أحد المتكلمين متخصصاً فى الطقس، لا يتكلم إلا فيه… وآخر له المنهج النسكى فى الشرح، وثالث يتبنى المنهج الإجتماعى والإنسانى… ورابع يشرح الإنجيل بكفاءة… الخ. فإذا أغلقت على نفسى مع معلم أوحد… صرت نسخة منه أتبنى أفكاره وأدافع عنه كمن يدافع عن المسيح!! أما إذا انفتح قلبى على الجميع، صرت مجملاً بالمعرفة، متنوعاً ومتوازناً فى الفكر والسلوك والإيمان.. خطر هذه الجماعات، أنها لا تسمع إلا لقائد واحد… ويقدسونه حتى درجة اعتباره القائد المُلهم، والنبى الذى يسمع صوت الله، ويتكلم مع الروح القدس وجهاً لوجه. وها هو أرميا النبى يقول: “فقال الرب لى: بالكذب يتنبأ الأنبياء بإسمى. لم أرسلهم ولا أمرتهم ولا كلمتهم. برؤيا كاذبة وعرافة وباطل ومكر قلوبهم هم يتنبأون لكم” (أر 14:14).”فإن كثيرين سيأتون باسمى قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين” (مت 5:24).
ليس شرطاً أن يدّعى المسيح الكاذب أنه المسيح بوضوح، فحتماً سوف لا يصدقه الناس ولكن يكفى لأن يكون كاذباً أن يدّعى أنه مخلص الكنيسة!! لا يوجد مخلص للكنيسة إلا المسيح فقط، وليس لأى إنسان مهما كان أن يدّعى، أن الكنيسة قد فسدت، وأنها تحتاج إليه أو إلى وجوده، وإلى مجهوده لكى تخلص.”لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً” (مت 24:24)، “ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين” (مت 11:24). “احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم..” (مت 15:7،16). “لأنه لا يأتى (المسيح) إن لم يأت الارتداد أولاً، ويستعلن إنسان الخطية إبن الهلاك، المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهاً أو معبوداً، حتى أنه يجلس فى هيكل الله كإله مظهراً نفسه أنه إله” (2تس 3:2،4). حتى إن كان هذا المعلم الأوحد أرثوذكسياً فى فكره، فسيقود تابعيه إلى هوة عبادة الأشخاص.. وإن كان منحرفاً فى فكره، وليس أرثوذكسياً فسيقودهم إلى الهلاك أجمعين.. فالخطر قائم فى الحالتين..السيد المسيح وهو المعلم الصالح الأوحد… لكنه لم يتبع هذا المنهج المريض… فكان يحترم معلماً آخر فى جيله هو يوحنا المعمدان… وقد أرسل تلاميذه اثنين اثنين أمام وجهه، ليشاركوا فى خدمة التعليم… ولم يمسخ شخصيات تلاميذه، بل كان لكل منهم نكهته الخاصة، مع الاحتفاظ بالروح الواحد، والتعليم الواحد، والإيمان الواحد… إن القائد الأوحد، هو خطر على كل الوجوه، حتى ولو كان سليماً عقائدياً… فما بالك إن كان منحرفاً، وإنحرافه واضح… إلى أين سيقود تابعيه ومريديه، بل وعابديه؟ وخطورة القائد الأوحد، أنه يمسخ شخصيات تابعيه، ويعمل لهم (غسيل مخ) فيصيرون عابديه وتابعيه، حتى لو قادهم للانتحار (مثلما حدث فى بعض بلاد الغرب).
4- بث روح الإحباط والفشل
لكى يثّبت هذا القائد الأوحد أقدامه فى قلوب تابعيه… عليه أن ينشر فكرة أن الكنيسة كلها فاسدة… ومجموعته فقط هى مجموعة المؤمنين الحقيقيين!!
لن يتعب كثيراً هذا القائد، فى كشف سلبيات الآباء والخدام، والتركيز على الضعفات… ويتجاهل الإيجابيات، والقوة فى خدمات الكنيسة… فتصير الدنيا مظلمة فى عيون سامعيه.. إذ يقول لهم: أن كل شئ خراب، والكنيسة مخزية ومخجلة وخربة… ولا أمل فى إصلاحها… وقد فارقها روح الله… وابتعدت عن روح الآباء!!! الخ.إن الخادم الروحى يعلّم أولاده الإيجابية، وعدم إدانة الناس… وأن ننظر إلى الجانب المضىء… أما الجانب الضعيف فعلينا أن نتكاتف ونسد الثغرة… لا أن نفرح بها ونضخمها، وتصير سبباً فى انتشار الإحباط واليأس“من أنت الذى تدين عبد غيرك. هو لمولاه يثبت أو يسقط… أما أنت فلماذا تدين أخاك؟، أو أنت أيضاً لماذا تزدرى بأخيك. لأننا جميعاً سوف نقف أمام كرسى المسيح… بل بالحرى احكموا بهذا أن لا يوضع للأخ مصدمة أو معثرة” (رو 4:14،10،13).لمصلحة من – إلا الشيطان – أن يُعَلَمْ للشباب أن الكنيسة فاسدة… بكل قيادتها وآبائها… من سيتشجع ويتوب؟ من سيتقوى ويخدم؟ أنها بكل تأكيد ضربة شيطان، حتى يفقد الشباب عزيمته على العمل الروحى.ليست الكنيسة فاسدة، بل هى جماعة القديسين، الذين يعمل فيهم الروح القدس… وضعفات الأشخاص تحسب على أنها جهاد قانونى… لأننا لا نستسلم للضعف… ولا يستطيع أحد أن يدّعى أنه بلا ضعف أو بلا خطية… فلماذا ننظر إلى ضعف البعض على أن الكنيسة كلها ضاعت؟ولماذا لا ننظر إلى جهاد هؤلاء المحسوبين أنهم ضعفاء؟ إن هذا المنهج منهج شيطانى الذى “يتكلم بكلام ضد العلى، ويبلى قديسى العلى، ويظن أنه يغيرّ الأوقات والسنة” (دا 25:7) ولماذا لا نكون منصفين، ونقدِّر إيجابيات الناس ونحترم إنجازاتهم؟ إن الخادم الروحى يبث فى الشباب روح التفاؤل، والرجاء والحماس للعمل فى إتضاع، مع روح احترام الآخرين الكبار والصغار..
5- الغيبية والخرافات
المنهج الأرثوذكسى يقوم على الإنجيل والآباء والليتورجيا.. أما أصحاب المناهج المنحرفة، فيكون مرجعهم الرؤى والأحلام والإعلانات و (الروح القدس قال لى)… “لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل: لا تغشكم أنبياؤكم الذين فى وسطكم، وعرافوكم ولا تسمعوا لأحلامكم التى تتحلمونها، لأنهم إنما يتنبأون لكم باسمى بالكذب أنا لم أرسلهم يقول الرب” (أر 8:29،9).ويتحكم صاحب المنهج المنحرف فى خصوصيات تلاميذه… فيرشح لأحدهم زوجة، ويمنع زواج آخر، بحجة أن الروح القدس غير موافق!! ويلغى العقل والفكر كأنه مضاد للإيمان لقد خلق الله لنا عقلاً، لكى نستخدمه لا لنتجاهله… وعندما نستخدم العقل جيداً يتمجد الله فينا، لأنه هو خالق هذا العقل الجبار. بينما إذا استسلمنا للغيبيات فإننا نهين الله لأننا تجاهلنا عطيته العظيمة لنا (يجب أن نفكر). أين المرجع الكتابى الذى يقول أن الكحة تطرد الشيطان، كما يعتقدون؟!
وأين الآباء الذين علّموا بأن الأحاسيس الروحية تسكن فى أعضاء الإنسان، كالكبد والطحال والمرارة؟! “أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح.. لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم” (1يو 1:4).إن الإفلاس الروحى والفكرى، يقود الناس إلى هذه الخرافات والغيبيات، التى تهين المسيحية، والفكر المسيحى، أمام غير المسيحيين. الذين أحياناً يعتبرون أن المسيحية، هى مجموعة هذه الأفكار التافهة. “ولكن كان أيضاً فى الشعب أنبياء كذبة، كما سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة، الذين يدسون بدع هلاك. وإذ هم ينكرون الرب الذى اشتراهم، يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً. وسيتبع كثيرون تهلكاتهم. الذين بسببهم يجدف على طريق الحق. وهم فى الطمع يتجّرون بكم بأقوال مصنعة الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى وهلاكهم لا ينعس” (2بط 1:2-3).
6- خطورة الروحانية الإنفعالية
الإنسان مركب من جسد ونفس وروح… إذا كانت الروحانية مرتبطة بالجسد فقط، سيكون التدين مريضاً فريسياً حرفياً. وإذا كانت مرتبطة بالنفس فقط، سيكون التدين نفسانياً عاطفياً إنفعالياً مزيفاً ومؤقتاً لذلك فى المنهج الأرثوذكسى، نتعامل مع الله “بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له، الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا” (يو 23:4،24). فى المنهج الأرثوذكسى، الجسد يتروحن ولكن لا تكون العبادة حسب الجسد. والنفس تتسامى، ولكن لا تكون العبادة على مستوى العاطفة… والروح تقود الكيان الإنسانى، ولكنها تكون خاضعة لروح الله… أما المناهج المنحرفة، فتعتمد على إثارة عاطفة السامعين… سواء بالترانيم الحماسية والموسيقى الصاخبة… أو بالكلمات العاطفية المتأججة بالمشاعر… أو بالوعظ الحماسى، الملىء بالإنفعال والإيحاءات النفسية. أو بالأكثر بالهتافات المليئة بالحماس والإنفعال، فمثلاً يكررون عدة مرات “دم يسوع المسيح يطهرنى من كل خطية” بصوت مرتفع وحماسى، كمن يسير فى مظاهرة!!حتى لو كانت العبارة صحيحة عقيدياً… ولكن الهتاف العاطفى والإنفعالى خاطئ… لأنه سريعاً ما يزول، ويعود الإنسان مرة أخرى إلى برودته الحقيقية، بعد أن زالت عنه السخونة المزيفة. لم نسمع عن الآباء أنهم كانوا يهتفون هكذا.. ولا وجدت فى ألحان الكنيسة، أو تسابيحها مثل هذه العواطف المريضة… إن الروحانية المزيفة، تكون كالنار فى القش… والروحانية الأرثوذكسية، كالماء ينحت فى الصخر، بهدوء وعمق واستمرارية.لذلك نرفض هذه العبادة الإنفعالية لأنها من النفس، وليست من الروح.
7- التكلم بالألسنة ورسائل الروح القدس
موضوع التكلم بألسنة، محسوم وواضح فيه رأى الكنيسة الأرثوذكسية. وليس مجالنا الآن أن نشرح موقف الكنيسة منه… ولقد شرح بكل تفصيل معلمنا بولس الرسول، معنى هذه الموهبة فى (1كو 14:12). ويمكن للقارئ أن يرجع لهذا النص ويقرأه بهدوء ولكن ما يعنينا فى هذا المجال أنه إن كان خادم يدّعى، أنه قبطى أرثوذكسى، فلماذا لا يلتزم بإيمان كنيسته القبطية الأرثوذكسية؟ إن كانت الكنيسة تعلّم أنه لا يوجد حالياً تكلم بألسنة، حسبما ورد فى (1كو 22:14).فكيف لأحد خدامها أن يتكلم بألسنة؟ إما أن الكنيسة كلها ليست أرثوذكسية، وهذا الأخ أرثوذكسى حقيقى، أو أن الكنيسة أرثوذكسية، وهذا الأخ غير أرثوذكسى… وفى كلا الحالتين يجب عليه أن يكون صادقاً مع نفسه، ولا يدّعى انتماءه لهذه الكنيسة المجيدة، بل يعلن هويته الحقيقية وإنتماءه الحقيقى الخادم الأمين الصادق، يخضع لإيمان كنيسته ويلتزم به، ويعيه جيداً، ولا يسقط فى إنحرافات… وإن سقط فهو غير جدير بأن يكون معلماً فى الكنيسة إن التكلم بألسنة فى هذه الجماعات، هو تعبير عن كل الأخطاء السابق شرحها… فهى تكريس لمبدأ الغيبية والخرافات… ومبدأ الروحانية الإنفعالية، ومبدأ الجماعة المختارة ومبدأ تغييب المخ والعقل، ومبدأ الكبرياء والإحساس بالتميز… (ارجو من القارئ أن يستزيد فى القراءة عن موقف الكنيسة فى موضوع التكلم بألسنة).
8- عدم الخضوع للكنيسة والمجمع المقدس
إن أبسط مبادئ الروحانية، أن يكون الإنسان خاضعاً ومطيعاً، “لأن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم” (1صم 23:15). كيف تمنع الكنيسة إنساناً من التعليم بقرار من المجمع المقدس (أعلى سلطة كنسية)… ولا يلتزم هذا الإنسان بهذا القرار؟أننى اتساءل، لو سحبت نقابة الأطباء، العضوية من أحد الأطباء المشهورين… هل يجرؤ أن يمارس الطب؟ إن الكنيسة ومجمعها المقدس، هى المسئولة عن سلامة التعليم.. وكل خادم يجب أن تكون تعاليمه حسب ما تقول به الكنيسة… وإن نبهت الكنيسة، خادماً لأخطائه، عليه أن يخضع ويلتزم، وإن أصرَّ على أخطائه فهو جدير بالقطع أما عدم الخضوع للكنيسة، فهو أيضاً برهان صادق على كل ما ذكرناه سابقاً: الكبرياء والعناد، والإنفعالية، والغيبية، والإحساس بالتميز… إنه منهج الشيطان الذى قال: “اصعد فوق المرتفعات السحاب. أصير مثل العلى” (أش 14:14)، والذى قيل عنه: “ويفعل الملك كإرادته، ويرتفع ويتعظم على كل إله، ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة، وينجح إلى إتمام الغضب، لأن المقضى به يجرى. ولا يبالى بآلهة آبائه، ولا بشهوة النساء، وبكل إله لا يبالى لأنه يتعظم على الكل” (دا 36:11،37). “من أجل أنه قد ارتفع قلبك وقلت أنا إله، فى مجلس الآلهة أجلس فى قلب البحار، وأنت إنسان لا إله، وإن جعلت قلبك كقلب الآلهة” (حز 2:28). إن جميع الهراطقة بطول التاريخ بدأوا هكذا، وانتهوا إلى التدمير الكامل، لأنفسهم وتابعيهم والكنيسة مسئولة ليس فقط عن حفظ التعليم السليم، ولكن أيضاً عن حفظ شعبها، بعيداً عن الذئاب الخاطفة… الذين “يرعون أنفسهم” (حز 2:34) ويتسلطون على مشاعر الناس وأفكارهم، ويستحوذون على أموالهم وأشخاصهم… وينحرفون بهم إلى عبادة الأشخاص، دون معرفة الله يجب أن ينتبه شعبنا المحب للمسيح لأنه قديماً قيل: “سبى شعبى لعدم المعرفة” (أش 13:5)، “إن سمعوا وأطاعوا قضوا أيامهم بالخير وسنيهم بالنعم. وإن لم يسمعوا فبحربة الموت يزولون ويموتون بعدم المعرفة” (أى 11:36-12).”أيها الأولاد هى الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتى. قد صار الآن اضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة” (1يو 18:2)نرجو من الرب أن يحفظنا جميعاً فى سلامة الإيمان والسلوك والتعليم… له كل المجد الى الابد امين
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة

عدد الزيارات 1598

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل