الأمومة الروحية

21 مارس 2020
Large image

في عيد الأم تتجه مشاعر الجميع ناحية الأم، يعبرون لها عن حبهم وامتنانهم وُيؤكدون لها أنهم "يعرفون جميلها" وأن تعبها لم يضع وأنه كما هو محفوظ عندهم في قلوبهم ووجدانهم وذاكرتهم، فهو محفوظ أيضا عند الله "كما في زقّ" إن الأم معجزة والأمومة سرّ يصعب تفسيره، ولقد نسب الله هذه الصفة إلى نفسه مرارا، ففي العهد القديم يطمئن الشعب قائلاً: "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك" (اشعياء 15:49)وفي العهد الجديد يقول الرب "كم مرة اردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا" (متى 37:23)هذارائع ولكننا في غمرة هذه الأفراح والاحتفالات، ننسى الأمهات الروحيات اللائي قمن بدور ريادي في الكنيسة سواء في الحياة الرهبانية أو التكريس والخدمة، فلقد كان لكثير منهن الأثر الكبير في الكنيسة، ففي الحياة الرهبانية كان لهن أثرا ملحوظاً على جماعات ضخمة من الرهبان والراهبات، نذكر منهن – على سبيل المثال لا الحصر – الأم سارة التي أقامت ديرا للعذارى في الإسقيط، والأم ثيئودورا (وهي ناسكة من الاسكندرية عاشت في الاسقيط) وكانت مرشدة لكثير من الرهبان والراهبات، وكذلك الأم الذي يطلق سفرنيكي، والأم سكلنتيكي، وغيرهن كثيرات كان يطلق عليهن لقب ( Ammas ) مقابل لقب (Abbas) أو (Abba) الذي يطلق على الآباء الروحيين (تجدر الاشارة هنا إلى أن لفظة Ammas هي التي جاءت منها الفظة العربية "أمّا" والتي ينادي بها الانسان. أمه في بعض المجتمعات.لدينا كذلك الكثيرات من الأمهات الروحيات داخل بيوت التكريس، والمنتشرة الآن في كثير من الإيبارشيات، حيث يقمن بتدريب وإرشاد الفتيات الراغبات في حياة التكريس، وُيؤهلوهن للقيام بأنواع متعددة من الخدمات سواء في التعليم أو الإرشاد أوالإدارة أو الأنشطة الكنسية بأنواعها وما يقال عن الأمهات داخل المجال الرهباني والتكريسي يقال أيضاً عن الأمومة داخل حقل الخدمة، فإليهن يرجع الفضل في مساعدة الكثير من الفتيات ليصبحن خادمات وفتيات صالحات، وذلك من خلال إرشادهن الحكيم المتعقل وأمومتهن الروحيةالناضجة. إلى مثل هؤلاء أشار القديس بولس " سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه أمي (رومية 13:16)أما عن الأمومة الروحية للخادمة نفسها، فنذكر بكثير من الخير والفخر معاً الخادمات اللائي أفنين حياتهن من أجل المخدومات في الكنائس، متحملات في ذلك العبء الكبير في سبيل راحتهن، فتمخضن بهن حتى ولدنهن من جديد كبنات (ولكن للمسيح في هذه المرة) من خلال جرن الإرشاد والتوبة، عن ذلك عبّر القديس بولس قائلاً عن أنسيموس " الذي ولدته في قيودي " (فليمون 10:1) كما تبنت أمهات كثيرات بعض القديسين وعلماء الكنيسة مثل أوريجانوس، كما نذكر بالخير أولئك اللائي اشتركن في "احتياجات القديسين (رو 12:16) مثل القديسة ميلانية (التي من أسبانيا وانفقت أموالها على الأديرة في شيهيت) والقديسة باولا (التي خدمت العلامة جيروم) وغيرهن قديسات تشبهن بمريم المجدلية ومريمات اُخر قال عنهم الكتاب "واخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن" (لوقا 3:8) كذلك يمكن أن يوهب لقب "الأم الروحية" للأم بالجسد، وذلك متى سلكت بالروح مع أولادها ولم تجعل كل اهتمامها أجساد أولادها وعلومهم ، بل روحياتهم وعلاقتهم بالمسيح، وكيف تؤهلهم للأبدية، مثلما سعت الكثيرات من الأمهات في جعل أولادها قادة روحيين، من خلال تلمذتهم وهم صغار على يديها داخل بيتها، وهكذا يمكن القول بأن القديسين والقادة الروحيين قد تم اعدادهم أولاً عند قدمي امهاتهم الروحيات. تحية كبيرة في هذا اليوم إلى كل أم روحية، وان كانت في غنى عن الشكر والذكر إلاً أننا نذكرها ونطوبها وبالأولى الله الذي يرى في الخفاء ويجازي علانية.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص

عدد الزيارات 1370

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل