اليقظة الروحية

24 مارس 2020
Large image

ونحن على أبواب الصوم الأربعيني المقدس، تحضرنا كلمات معلمنا بولس الرسول في الأصحاح الثالث عشر من رسالته إلى أهل رومية مخاطبًا أبناءه المؤمنين «إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، لأن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا، قد تناهى الليل وتقارب النهار...». ومن كلمات الرسالة نستطيع أن نعلم أن معلمنا بولس كان يكلم أناسًا مؤمنين قد قبلوا الإيمان سابقًا، لأنه يقول: «خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا».. وبهذا نعلم أن الغفلة الروحية أمر قد يصيب الكثير من المؤمنين، وربما الخدام المرتبطين بالكنيسة ارتباطًا دائمًا.. لذلك مع بداية هذا الصوم نحتاج أن نراجع يقظتنا الروحية التي ربما تتراجع، فتفقدنا اهتمامنا بأبديتنا.. وهناك أسباب عدة تجعلنا نفقد يقظتنا الروحية، وهذه بعض منها..1) الانشغال الدائم.. سواء بالعمل، أو متابعة وسائل الإعلام، أو الانشغال بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة الذي قد يصل إلى حد الإدمان!! أو الانشغال الدائم بالاصدقاء، أو حتى الانشغال بعمل الخدمة دون إعطاء فرصة للنفس للهدوء والسكون أمام الله لنعرف أين نحن من الطريق؟ فالوقت الذي نمضيه أمام الرب في سكون ومراجعة للنفس. يساعدنا كثيرا علي اليقظة الروحية. «بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ» (إش30: 15).2) وجود خطايا محبوبة أو شهوات شخصية تجعلنا ننسى الله وننجرف في تيار الخطية، فنفقد يقظتنا الروحية، لذلك فكأولاد لله ينبغي ألا يتسلّط علينا شيء من الخطايا.3) العادات والهوايات: فالبعض ينشغل بمتابعة الكرة أو مشاهدة الدراما.. ورغم أن الهوايات في أحيان كثيرة لا تشكّل خطية في حد ذاتها، إلّا أن كونها بلا حدود ثابتة تجعلنا نفقد الاهتمام بروحياتنا، لذلك حسن أن يهتم الإنسان بهوايات تدفعه في الطريق الروحي كقراءة سير القديسين وسماع قصص جهادهم.4) البيئة المحيطة: فالإنسان الذي يرتبط بأصدقاء غير روحيين تجعل الإنسان يفقد شهوته في الوصول إلى السماء، ومع الوقت يفقد يقظته الروحية.5) عدم الاهتمام بضبط الحواس.. فالحواس هي مداخل الإنسان، والإنسان الذي يهمل السيطرة على حواسه تدخل إليه الخطية ويفقد يقظته الروحية.وكما أن هناك أسبابًا تفقدنا اليقظة، هناك أمور تساعدنا أن نبقى في حالة يقظة مستمرة..أ) التامل في محبة الله.. فالإنسان الذي يعرف كم أحبه الرب يراجع نفسه باستمرار، وهذه المحبة تدفعه أن يبقى يقظًا وحريصًا ألّا يحزن قلب الرب.ب) تذكر ما تصنعه الخطية فينا، فالخطية تغرّبنا عن الآب السماوي، كما فعلت بالابن الضال.جـ) الحزم الروحي يحفظ لنا يقظتنا.. فتأديبات ونظام الكنيسة الروحي يشجع أبناءها على اليقظة الدائمة.. فمثلًا منع الكنيسة الموعوظين من حضور قداس المؤمنين والاشتراك في التناول، كان حافزًا قويًا للموعوظين لكي يتوبوا ويعتمدوا ليشتركوا في مائدة الرب.د) الاستفادة من فترات الضيق.. لاكتشاف النفس، والحرص على النقاوة الروحية، فهزيمة الشعب أمام قرية عاي كانت سببًا في فحص الشعب واكتشاف خطية عخان بن كرمي (يش7).ه) الطاعة للمرشدين الروحيين: وتاريخ الكنيسة مليء بسير قديسين وقديسات تابوا بسبب كلمات الآباء الروحيين المهتمين بخلاصهم كالقديس أغسطينوس.. فالنصيحة الروحية تحفظنا يقظين على الدوام.و) وسائط النعمة تجعلنا دائمًا في حالة يقظة روحية.ز) تذكّر الرحيل ولحظات وداع الأحباء الراحلين تجعلنا نهتم بأبديتنا ونستعد لها.حـ) الحرص من الأخطاء المصيرية.. فهناك خطايا نفقدنا كل المستقبل كخطية حنانيا وسفيرة (أع5: 1-11).ط) زيارات النعمة: تحفظنا في حالة يقظة دائمة، فهكذا كانت توبة أغسطينوس وموسى الأسود، بسبب عمل نعمة الله فيهم.. لذلك لنكن يقظين ونقبل زيارات النعمة لحياتنا لكي نحتفظ بيقظتنا الروحية دائمًا.
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

عدد الزيارات 762

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل