كانت هناك مشاكل خطيرة أساسية فرعية - أمام البشرية بعد سقوطها, ولم يكن هناك حل آخر سوي أن يتجسد الله الكلمة, ليحل هذه المشاكل التي يستحيل أن يحلها غير الله ذاته. وهذه المشاكل هي:
1- مشكلة التعرف علي الله:- فالله روح غير محدود, والإنسان ملتصق بالمادة ومحدود. فهل يبقي الله عاليا في سمائه بعيدا عن الإنسان الملتصق بالمادة والحسيات؟ وهل من المستطاع أن يصعد الإنسان إلي سماء الله رغم محدوديته وضعفه. وهكذا تجسد 'كمعلم حكيم' -بحسب تعبير القديس أثناسيوس- ليصير قريبا منا ومحسوسا لدينا.
2- مشكلة موت الإنسان:-
وهي المشكلة الجوهرية والأساسية. 'أجرة الخطية هي موت' (رو23:6). هذا حكم إلهي لا رجعة فيه. ليس لأنه مجرد إدانة غاضبة علي الشر, بل لأن هذا هو الميل الطبيعي للنفس والروح؟ ومن يقيم الأجساد بعد دفنها وانحلالها؟ ومن يعطيها أن تتحول إلي أجساد نورانية؟ ليس سوي الله قطعا.
3- فساد الطبيعة البشرية:-
سقط الإنسان, وتلوثت طبيعته, وأصابها الفساد, وكان من الممكن طبعا أن يسامحه الله رغم أنه حذره من العصيان. لكن المشكلة لم تكن في رغبة الله أن يصفح, بل في طبيعة الإنسان, ومن يجددها له مرة أخري, بعدما أصابها من الفساد. وهذا العمل يستحيل علي الإنسان الساقط, وعلي أي نبي أو ملاك, فالكل مخلوق ومحدود, وخلق الإنسان من جديد يحتاج إلي الخالق نفسه.
4- مشكلة سطوة الشيطان:-
لقد أخضع الإنسان نفسه بنفسه تحت سطوة الشيطان, فقبض عليه وضغط عليه, وحتي عند موت الأبرار كانوا ينزلون إلي الهاوية, وإذا كان الفردوس مغلقا, وكان إبليس يقبض علي نفوسهم هناك. تري, من يستطيع أن يطلق البشرية من قبضة إبليس, سواء الأحياء علي الأرض, أو الأرواح البارة التي في الجحيم؟ من يستطيع أن يقتحم هذا المجهول, ليفك أسر المسببين؟ يستحيل أن يفعل هذا سوي الله نفسه.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي أسقف الشباب