الرسالة البابوية لعيد القيامة المجيد

19 أبريل 2020
Large image

أهنئكم أيها الأحباء بعيد القيامة المجيد، عيد القيامة هو قمة أعيادنا وفرح أفراحنا. أهنئكم جميعًا في كل مكان. أهنئ الآباء المطارنة والآباء الأساقفة، والآباء الكهنة، القمامصة والقسوس، والآباء الرهبان، والشمامسة، وكل الأراخنة وأعضاء مجالس الكنائس في الإيبارشيات المتعددة. وأيضًا كل الشعب والشباب والخدام والخادمات. وكل الأسر وكل الصغار وكل الأطفال. أهنئكم بعيد القيامة المجيد الذي نسميه بثلاثة أسماء:نسميه عيد الفصح: "Passover" وهو يعني العبور من الظلام إلى النور. وهو الليلة التي نقضيها قبل قداس القيامة في ليلة أبوغلامسيس حيث ندخل الكنيسة في الظلام وننتهي بالقداس في سبت الفرح في النور. وأيضًا نسميه عيد القيامة: "Easter"، وهذه الكلمة تأتي من East ومعناها الشرق، فهو عيد مشرقي، والشرق دائمًا يُعبَّر عنه بالنور. أهنئكم أيضًا بالتسمية الثالثة وهي تسمية "يوم الأحد"، فهو عيد الأحد، و"Sunday" معناها "يوم النور". فهذا هو يوم النور، أو "عيد النور".في أحداث القيامة المجيدة وما يسبقها من أسبوع الآلام تقابلنا شخصيات متعددة. القيامة هي الحدث الأكبر في تاريخ البشرية الذي يزرع الأمل في حياة البشر. وهذا يجعلنا نقف أمام نوعين من البشر. هناك نوع من البشر يصنع الألم، وهناك نوع آخر من البشر يزرع الأمل. في اللغة العربية كلمة "الألم" وكلمة "الأمل" بنفس الحروف وإن كانت ليست بنفس الترتيب. هناك من يصنع الألم أو الآلام في حياة البشر، وهناك من يزرع الأمل أو الآمال في حياة البشر. القيامة هي الحدث الأكبر الذي حدث على الأرض يزرع الأمل في نفوس البشر. هيا بنا نقدم بعض الأمثلة.إذا قرأنا في بدايات العهد الجديد نقرأ عن هيرودس الملك، إنسان صنع الألم، فهو المسئول عن قتل أطفال بيت لحم، هؤلاء الذين كان عمرهم أقل من سنتين؛ وكان يقصد أن يقتل المسيح. يبثّ الألم ويصنع الأحزان، وكانت النتيجة البكاء والعويل يملآن كل الأرجاء بسبب قتل الأطفال.مثال آخر للذين صنعوا الألم في حياة البشر: اليهود الذين صلبوا السيد المسيح. آلام الصليب كانت آلامًا متعددة جسديًا ونفسيًا ومعنويًا. آلام الاستهزاء وآلام المسامير وآلام إكليل الشوك وآلام الصليب نفسه. وصراخ الجماهير الحاضرة وحنقهم وشتائمهم وألفاظهم الشديدة التي كانت موجهة إلى السيد المسيح على عود الصليب. هذه الآلام الشديدة صنعها اليهود الذين صلبوا السيد المسيح وانتهت بموت المسيح على الصليب.مثال آخر للذين يصنعون الألم في حياة البشر ذلك التلميذ الخائن يهوذا. كان تلميذًا اختاره المسيح وصار في وسط التلاميذ إخوته، وعاش بينهم وشاهد معجزات السيد المسيح وشاهد تعاليمه واستمع إليها. ولكن نفسه الرخيصة جعلته يقيِّم المسيح بالمال، ويسبّب آلامًا شديدة، ويخونه ويبيعه بقليل من المال، وتكون النتيجة أنه يشنق نفسه ويموت. هذه أمثلة من الذين يصنعون الألم في حياة البشر الأمثلة كثيرة. هؤلاء الذي يصنعون الظلام في حياة البشر، سواء ظلام العقول أو ظلام القلوب. هؤلاء الذين يسبّبون الفشل في حياة الآخرين بكل أنواع الخوف والقلق وصراعات المال الشديدة بين البشر التي تؤدي إلى العنف وتؤدي إلى الحروب. هؤلاء الذين يصنعون الآلام مثل الذين يعاندون. الإنسان الرافض والذي يميل إلى العنف، وأيضًا الذين يزرعون الأكاذيب والشائعات والشكوك ويقدمون اليأس للآخرين. كل هؤلاء وغيرهم يصنعون آلامًا. هؤلاء أمثلة لمن يعيشون بدون المسيح.أما النوع الآخر من البشر فهم الذين يزرعون الأمل في حياة البشر. كانت قيامة المسيح حدثًا قويًا في زراعة الأمل. وهو الحدث الذي تقوم عليه المسيحية. فالمسيحية كلها تقوم على قيامة السيد المسيح لأن ليس بأحد غيره الخلاص (أعمال 4: 12). تأملوا معي مريم المجدلية التي كانت تمثل امرأة يائسة تبحث عن مسيحها ولم تجده، ولكن ظهور المسيح لها ثم كلامه معها أعاد إليها الأمل، وصارت مريم المجدلية حاملة رسالة بشرى القيامة إلى التلاميذ وإلى الرسل. انظروا معي تلميذي عمواس المتجهين قريبًا من أورشليم يتحدثان بيأس، ثم عندما يظهر بينهما المسيح في أثناء السفر ويقول لهما: أيها البطيئا القلوب والأفهام (لوقا24: 25)، مُرسِلًا إليهما الرجاء والأمل. انظروا إلى جماعة التلاميذ الذين كانوا في حالة خوف وحالة حيرة شديدة بعد صلب المسيح، وبعد القيامة وهم في العلية في حالة يأس شديد، يظهر بينهم المسيح. ويقول لنا الكتاب في إنجيل يوحنا: «ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب» (يوحنا20:20). هو زرع الأمل.أنت تستطيع أن تختار أيها الحبيب من أي فريق أنت. هل أنت من الذين يصنعون الألم في حياة الآخرين، أم من الذين يزرعون الأمل في حياة البشر؟ يمكنك أن تزرع الأمل بالكلمة المشجعة، وبتقديم الآمال وفتح باب الرجاء وبصنع السلام. أيضًا عندما تتصرف في سلوكياتك اليومية بإيجابية، فأنت تزرع الأمل.أحبائي... أهنئكم بهذا العيد، عيد القيامة. أهنئ كل كنائسنا في مشارق الأرض ومغاربها. أهنئ كل الإيبارشيات القبطية المصرية الأرثوذكسية الموجودة في بقاع الأرض: في الولايات المتحدة الأمريكية، في أمريكا اللاتينية، في دول أوروبا، في دول أفريقيا، في دول آسيا، في الكراسي الأورشليمي، في أستراليا، ولكل أبنائنا الأحباء في كل مكان؛ تهنئتي القلبية والخاصة لجميعكم. وأرجو أن تكون أفراح هذا العيد تملأ قلوبكم جميعًا. أهنئكم من أرض مصر، الأرض المحبوبة عند ربنا يسوع المسيح، والتي عاش فيها زمانًا مع أمنا القديسة العذراء مريم، ومع القديس يوسف النجار. أهنئكم جميعًا وأطلب لكم كل خير، كل محبة، كل سلام.نقول تحية القيامة: اخريستوس آنستي، آليثوس أنستي. المسيح قام، بالحقيقة قد قام.
قداسة البابا تواضروس الثانى

عدد الزيارات 1019

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل