التدبير الروحي في الخمسين المقدسة

25 أبريل 2020
Large image

يشكو الكثيرين أنفسهم في مثل هذه الأيام بأنهم يتراجعون روحياً وتبرد حميتهم الروحية، فالصوم قد توقّف والميطانيات ممنوعة ومسحة النسك التي كانت تغطي السلوك التدبيري قد بهتت ولكن فترة الخمسين المقدسة إن كانت تشير إلى شيء فهي إنما تشير إلى الأبدية، لا خطايا ولا توبة بالتالي، لا دموع و قرع صدر لأنه الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد، فالطعام روحي "لان ليس ملكوت الله أكلاً و شربًا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس (رومية 17:14) والسجود بفرح، وفي سفر الرؤيا جاء ذكر السجود للجالس على العرش اثنتي عشر مرة " وكانت الحيوانات الاربعة تقول امين والشيوخ الاربعة والعشرون خروا وسجدوا للحي إلى أبد الآبدين (رؤيا 14:5 ) إذا فالسجود ليس في كل مرة هو سجود التذلل، وانما يمكن أن يتم بمشاعر البهجة الممزوجة بالفرح، مثلما ينحني إنسان أمام أب كاهن أو حتى جده ليقبل يده بودّ وفرح وليس بتذلل. هكذا يوجد السجود في السماء، ويمكن بالأحرى أن يتم على الأرض وفي فترة الخمسين إذا هذه الفترة ليست للتسيب وإلاّ فإن ذلك يعني أننا صمنا على مضض مكرهين ! وما أن انتهى الصوم حتى تنفس البعض الصعداء !. لذلك ربما لاحظت أن البعض يتعجّل نهاية القداس ليلة العيد، ومثله من يتعمّد أن يأكل دسماً بشراهة يومي الأربعاءوالجمعة خلال الخمسين !!.أعرف بعض الآباء في البرية والذين اعتادوا الصوم حتى الثالثة كل يوم، فإذا حلت الخمسين حلوا صومهم صباحاً بكسرة خبزبسيطة على أن تكون الوجبة الأساسية في موعدها عند الثالثة، بل منهم من كان له تدبير - بالاتفاق مع الأب الروحي – على صوم يوم في الاسبوع بمستوى ما خلال هذه الفترة بل وعمل عدد من الميطانيات أيضاً. فإذا لم يحدث شيئا من هذا خلال الخمسين فإننا سنجد صعوبة شديدة في استئناف الجهاد الروحي في صوم الآباء الرسل.إن الإنسان الروحي يتساوى عنده الصوم مع الطعام فيختار الصوم، والمسوح مع الأرجوان، والتنعم مع الزهد، ففرحه داخلي وتعزيته في المسيح وغايته الأبدية، والقانون هو السمو فوق كل القوانين.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص

عدد الزيارات 1153

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل