الخمسين المقدسة

28 أبريل 2020
Large image

في احتفالنا بالخمسين المقدسة، وهي تذكار الفترة التي قضاها الرب على الأرض بعد قيامته وقبل صعوده إلى السماء، نرى أن الرب قد سُرَّ أن يقضي فترة بين تلاميذه قبل أن يتركهم صاعدًا إلى السماء، وكان هذا جزءًا من تدبيره للخلاص. لماذا؟ ذلك لأن الرب في هذه الفترة كان يعلن لتلاميذه ولكنيسته من بعدهم حقيقة قيامته، ويوضّح كثيرًا من الحقائق في إيماننا المسيحي.وقد حرص الرب في هذه الفترة أن يظهر لتلاميذه مرات عديدة، يظهر بجسده المُمجَّد الذي قام به من الموت، فهو قد ظهر لتلاميذه إحدى عشرة مرة في مواقف مختلفة... وأخيرًا ظهر لشاول الطرسوسي المعاند لكنيسة الرب ليدعوه دعوة خاصة، ويصيّره بولس رسول الأمم (أع9).وفي ظهورات الرب العديدة لتلاميذه كان له قصد منها، فهو كان يوضّح مفاهيم هامة تخصّ الإيمان، منها حقيقة جسد القيامة ومجد هذا الجسد، فالرب في كل ظهوراته بعد القيامة كان يظهر بجسده المُمجَّد، الجسد الذي سنناله بعد الموت. والجسد المُمجَّد للسيد المسيح يعلن حقيقة قيامته ومجد لاهوته، فبهذا الجسد استطاع الرب أن يخرج من القبر والحجر موضوع ومختوم، واستطاع أن يدخل إلى العلّية والأبواب مُغلَّقة في مساء أحد القيامة. وبهذا الجسد صعد إلى السماء تاركًا الأرض يوم صعوده، فهو جسد ممجد يمكنه أن يبقى في المجد السماوي إلى وقت مجيئة الثاني. في هذا الجسد المُمجَّد احتفظ الرب بآثار آلامه، المسامير والحربة، لكي لا يدع هناك مجالًا للشك في قلب أيٍّ من تلاميذه ولا من المؤمنين فيما بعد. وبهذا الجسد الممجد شارك الرب تلاميذه الطعام بعد قيامته، لكي يؤكد لهم أنه هو هو، الإله المتجسد المصلوب القائم بجسده، ويؤكد لهم عربون القيامة الأخيرة.في قيامته وظهوره قصد الرب أيضًا أن يعلن غلبته على الموت، وبهذا يكون قد أكمل لنا الخلاص وأتمّ لنا الفداء الذي به حوّل لنا العقوبة إلى خلاص، لذلك نحن نسمّيه: "موته المحيي" ، فبقيامة الرب لم يعد للموت سلطان على كل المؤمنين باسمه، بل صارت لهم الحياة الجديدة.وبظهوراته أيضًا أراد الرب أن يمحو من ذاكرة تلاميذه كل الآلام والإحباطات، ويحوّلها إلى مشاعر فرح. وبظهوره كان يضمد جراحات تلاميذه، ويعلن تغاضيه عن كل ضعفاتهم التي أظهروها في فترة آلامه: فقد أعلن قبوله لبطرس الذي أنكره، ومسامحته للتلاميذ الذين هربوا خائفين تاركين الرب وحده. في ظهوره أيضًا كان يقصد أن يسند ويرد كل المتراجعين بضعف في الإيمان، فكان في الطريق مع تلميذي عمواس ليشدّد إيمانهم، وكان على شاطئ بحيرة طبرية ليجدّد دعوته للخدمة لتلاميذه الذين ظنّوا أنهم قد فقدوا دعوتهم الأولى.في ظهوره أيضًا كان الرب يوضح ويؤكد لتلاميذه على موضوع كرازتهم، فهو قد أرسلهم لا ليكرزوا بإله مصلوب من أجل خلاص العالم فقط، بل بإله مصلوب وقائم من بين الأموات، فالقيامة كانت هي موضوع الكرازة الذي نادي به التلاميذ لكل العالم.إنها فترة مجيدة.. أدعوك أن تلازم الكنيسة فيها.. ففيها كل الفرح والإيمان والحياة التي في الرب.
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

عدد الزيارات 1202

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل