حقيقة قيامة المسيح ونتائجها

20 مايو 2020
Large image

مقاومة اليهود للقيامة:-
كانت قيامة السيد المسيح من بين الأموات ، هي الحدث الأكبر الذي هز كيان اليهود ، فحاولوا أن يقاوموه بكافة الطرق . حاولوا مقاومة القيامة قبل حدوثها . و حاولوا ذلك بعد أن حدثت أيضاً . كان السيد المسيح قد بشر بقيامته قبل أن يصلب ز فقال للتلاميذ أكثر من مرة إن ابن الإنسان سوف يسلم إلي أيدي الناس الخطاة فيجلدونه و يصلبونه و يقتلونه ، و في اليوم الثالث يقوم . قال لهم ذلك و هم صاعدون إلي أورشليم ( متي 20 : 18 ، 19 ) ؛ ( مر 10 : 33 ، 34 ) ؛ ( لو 18 : 31 - 33 ) . و قال ذلك في مضيهم إلي الجليل ( متي 17 : 22 ) . و قال هذا أيضاً بعد اعتراف بطرس أن المسيح ابن الله الحي ( متي 16 : 21 ) . و بعد التجلي قال لهم أن لا يتحدثوا بما أبصروا " إلا متي قام ابن الإنسان من الأموات " ( مر 9 : 9 ) ز و قال لهم في يوم الخميس الكبير " و لكن بعد قيامي أسبقكم إلي الجليل " ( مر 14 : 28 ) كما ضرب لهم مثل يونان النبي ( متي 12 : 4 ) . و كان رؤساء الكهنة و الفريسيون يعرفون ما تنبأ به الرب عن قيامته . لذلك ذهبوا إلي بيلاطس و قالوا له " تذكرنا أن ذلك المضل قال و هو حي إنني بعد ثلاثة أيام أقوم .. فمر بضبط القبر إلي اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلاً و يسرقوه ، و يقولوا للشعب إنه قام من الأموات ، فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولي " ( متي 27 : 62 - 64 ) . فماذا كان " الشر " الذي يخشونه نم القيامة ، حتي أنها تكون أخطر من تعليم المسيح الذي لقبوه بالضلالة الأولي ؟ كانت قيامة المسيح تدل علي صدقة وصدق نبوءته ، كما كانت تدل أيضاً علي قوته ، و علي أن صلبه لم يكن ضعفاً منه ، إنما كان تدبيراً لأجل خلاص البشر . و كل هذا يقود إلي الإيمان به ، و إلي تثبيت هذا الإيمان بالأكثر . لذلك قاموا بكل الإجراءات التي تضمن في نظرهم منع القيامة . إذ وضعوا علي باب القبر حجراً كبيراً و ختموا الحجر ، و ضبطوا القبر بالحراس ( متي 28 : 66 ) . و لم يخجلوا أن يفعلوا كل ذلك في عشية السبت " بعد الاستعداد " و خم الذين كانوا يتهمون السيد المسيح لأنه فتح عيني المولود أعمي في يوم سبت ( يو 9 : 16 ، 24 ) . و لكن كل احتياطاتهم أصبحت أدلة علي القيامة بالأكثر ، غذ قام المسيح علي الرغم من كل ذلك . و إذا بالإجراءات التي اتخذت ضد القيامة ، اصبحت دليلاً عليها ، و شاهداً لها و إثباتاً . وجود الختم علي القبر ، و وجود الحراس ، مع وجود القبر فارغ ، كلها كانت إثباتات لقيامة المسيح ، لخروجه من القبر وهو مغلق ، كما خرج من بطن العذراء و بتوليتها مختومة ، و كما دخل علي التلاميذ و الأبواب مغلقة . أما الرشوة التي دفعها رؤساء الكهنة للجنود ، ليقولوا إن تلاميذه سرقوه ، و هم نيام ، فإنها كانت حيلة أضعف من أن تقف أمام قوة القيامة ، و قوة الكرازة بها ...
المنديل والأكفان:-
و أيضاً من الإثباتات الواضحة للقيامة ، و جود الأكفان موضوعة ، و المنديل ملفوفاً في ناحية واحدة . فكيف أمكن الخروج من هذه الأكفان التي كانت لاصقة بالجسد تماماً ؟ و إن كان الجسد قد أخذه أحد ، فكيف جرده من أكفانه اللاصقة ؟ و ما الحكمة من نزعها عنه ؟ و ما المصلحة في ذلك ؟! و كيف أمكن تدبير كل ذلك بكل هدوء ، مع وجود الحراس ؟ لذلك ليس عجيباً قول الانجيل إن التلميذ لما رأي المنديل و الأكفان مرتبة هكذا " رأي فاَمن " ( يو 20 : 8 ) .
أكذوبة سرقة الجسد:-
لا يعقل أن يكون تلاميذه قد سرقوه ! لأنه لا توجد مصلحة لهم إطلاقاً في هذه السرقة . و لأنهم كانوا خائفين و قد هربوا وقت القبض عليه .. كما أنه من غير المعقول أن يخترعوا قصة القيامة ، و يجاهدوا حتي الموت و السجن و الجلد من أجل قصة مكذوبة ... و لا يعقل أن يأخذ التلاميذ سيدهم عارياً ، و يجردوه من أكفانه ، فليست في ذلك كرامة له و لا لهم . كما أن في ذلك مضيعة للوقت ، و تعويض الأمر للانكشاف ... و ما مصلحتهم في أن يدعوا قيامته و يموتون من أجل التبشير بها ، و هم لا يؤمنون بها .. و من ناحية التنفيذ توجد استحالة . كيف يخترقون نطاق الحراس ؟ كيف يدحرجون الحجر الضخم دون إحداث ضجيج يلفت النظر إليهم ؟ و يوقظ الحراس إن كانوا قد ناموا ؟ و كيف يحملون جثماناً في يوم سبت ؟ و كيف يفعلون ذلك و الأنظار مركزة علي القبر؟ و كيف يمكن تصديق نوم الحراس مع صرامة القانون الروماني ؟! و إن أرادوا النوم ، لماذا لم يقسموا الوقت بينهم في ذلك ، بحيث ينام البعض في نوبات ، و يكون البعض الآخر مستيقظاً ؟ و إن كانوا قد ناموا كلهم ، فكيف لم توقظهم أو توقظ بعضهم عملية سرقة الجسد ؟ و كيف لم يحاكموا علي ذلك ؟ و كيف لم يجر تحقيق في حادث السرقة ؟ و لم يجر تفتيش ؟ و التلاميذ معروفون ، و كذلك أماكنهم ... و اين تراهم وضعوا الجسد بعد سرقته ؟ و كيف دفنوه في يوم سبت ؟ و إن كان الحراس نياماً ، فكيف عرفوا أثناء نومهم أن تلاميذه أتوا ليلاً و سرقوه ؟ إنها حيلة فكر ضعيف شرير لم تجد قبولاً من أحد ، و دلت علي فساد هؤلاء الكهنة في كذبهم ، و ادعائهم ، و دفعهم الرشوة ، و تضليلهم للناس ، و تمسكهم بالذات . و ماذا عن شهوة القيامة و هم كثيرون ؟ هل كان كل أولئك كاذبين ؟ و كيف أجري الله علي ايديهم معجزات و هم ينشرون خديعة و ضلالاً ، و يدافعون عن الباطل ؟! علي أية الحالات كما حاول رؤساء كهنة اليهود منع القيامة قبل حدوثها حاولوا أيضاً تشويه مجد القيامة بعد تمامها . و بهذا لم يكونوا أهل تدين وصدق . لقد كسروا السبت في ضبط القبر و ختمه . و قد كذبوا في موضوع القيامة و أغروا الحراس أيضاً بالكذب ، كما قدموا رشوة للجند لينشروا الكذب . و كانوا يستخدمون سلطانهم لدي الوالي خادعين الشعب كله . ثم اضطهدوا التلاميذ ظلماً و هم يعملون ... و كما أتوا بشهود زور وقت محاكمتهم للمسيح ، أتوا أيضاً بشهود زور لكي ينكروا قيامته .. كذلك لم يكن رؤساء كهنة اليهود من اهل الإيمان . لم يؤمنوا بمعجزات المسيح أثناء حياته بينهم ،و لم يؤمنوا كذلك بمعجزة القيامة و هي واضحة أمامهم . و لم يؤمنوا بالمعجزات التي حدثت علي أيد التلاميذ و باسم المسيح . كانت قلوبهم مغلقة تماماً أمام الحق الواضح ... و برهنوا تماماً علي أنهم لا يستجيبون إطلاقاً مهما رأوا من معجزات ... كما لم يؤمنوا أيضاً بكرازة التلاميذ. قيامة المسيح كانت ترعبهم ، إذ كان وجوده يتعبهم و يكشفهم ، و قد فرحوا حينما ظنوا أنهم قد تخلصوا منه و قتلوه .. عبارة " المسيح الحي " عبارة تتعب الخطاة ، و إن كانت تفرح الأبرار.. كثيرون مثل كهنة اليهود ، يريدون أن يتخلصوا من المسيح ، لأن وجوده يبكتهم و بوجوده ، يزول وجودهم الخاطئ ..
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب تأملات في القيامة

عدد الزيارات 1107

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل