الخادم والمفقودين ج2

19 يوليو 2020
Large image

سبق أن تحدثنا عن خدمة المفقودين ورأينا مقدار أهميتها...إذ أنها تُعتبر من أهم الخدمات التي نكاد نهملها مع كثرة انشغالاتنا رغم ضرورتها، وقد تعلمنا من مخلصنا الصالح في أثناء خدمته كيف يبحث عن التائهين والمتروكين والمنسيين.+ ومعه نجد كل النماذج.. فالبعض ذهبوا اليه مُقدِّمين إرادتهم له مثل الأبرص وزكا العشار. والبعض انتظرهم مثل الابن الضال. والبعض ذهب إليه محمولًا بأيدي الآخرين مثل المفلوج. والبعض الآخر ذهب هو إليهم لعدم قدرتهم على المجيء بأنفسهم مثل مريض بركة بيت حسدا، وكذلك السامرية التي سافر من أجلها وجعل من مكانها محطة هامة له لابد أن يجتاز منها، وجعل لقاءها مكافأة لتعبه، وتودّد اليها لتفتح قلبها وتكلمه.. فتعب مع واحدة، فأحضرت له مدينة...وهنا يعلمنا أن نذهب ونطلب ونساعد المفقودين والمطروحين والهالكين.+ تعلمنا من رعايته في سفر حزقيال كنموذج للراعى الأمين «اطلب الضال وأسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريح وأبيد السمين والقوي وأرعاها بعدل» (حز34 : 16). ويستمر في تحذيرنا: «المريض لم تقوّوه، والمجروح لم تعصبوه، والمكسور لم تجبروه، والمطرود لم تستردوه، والضال لم تطلبوه، بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم» [٢-٤]، إذ يتحول قلب الخادم عن الاهتمام بالمخدومين إلى ذاته فيرعى مصالحه الخاصة، ويعمل لحساب كرامته الشخصية أو ممتلكاته أو راحته الجسدية... عوض أن يهتم باحتياجاتهم ومصالحهم. إنه لا يُبالي بالمريض أو المجروح أو المكسور أو المطرود أو الضال، بل يهتم بأنانيته. مثل هذا لا يُحسَب راعيًا بل أجيرًا، يطلب الأجرة لا البنوة، بل وأحيانًا يُحسَب لصًا يسرق الرعية عوض أن يصونها ويسندها.+ يوجد أجراء يعملون في الكنيسة، يقول عنهم الرسول بولس: «يطلبون ما هو لأنفسهم لا ما هو ليسوع المسيح» (في٢: ٢١). ماذا معنى: "يطلبون ما هو لأنفسهم"؟ أي لا يحبون المسيح مجانًا. لا يطلبون ما هو لله بل يطلبون المنافع الزمنية، يفغرون أفواههم للربح، ويولَعون بطلب الكرامة من الناس. متى اشتهى أي خادم أمورًا كهذه، وكان يخدم الله لأجل نوالها، فإنه مهما يكن هذا الإنسان يُحسَب أجيرًا ولا يقدر أن يحسب نفسه بين الأولاد، لأنه عن مثل هؤلاء قال الرب أيضًا: «الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم» (مت٦: ٥)...الأجراء موجودون أيضًا بيننا، لكن الرب وحده يفرزهم، ذاك الذي يعرف القلوب هو يفرزهم، وإن كنا أحيانًا نستطيع أن نعرفهم، لأنه لم ينطق الرب باطلًا في حديثه عن الذئاب: «من ثمارهم تعرفونهم» (مت٦: ١٧).+ ولنتعلم من القديس بولس الرسول كيف نذكر أناسًا ونحن باكين، ولنتعلم كيف ننذر بدموعنا من لا نستطيع الوصول اليهم، فمهما ابتعدت المسافات تظل الأيدي مرفوعة من أجلهم، ولا نفتر عن أن ننذر بدموع كل واحد، فتجذبهم بحبال محبتك، ولا تطمئن ولا تسكت إلّا وقد رجعوا إليك...
القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك

عدد الزيارات 1105

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل