مريم العذراء فى عقيدة الأرثوذكس

12 أغسطس 2020
Large image

تؤمن الكنيسة القبطية الأرثوذكسة بأن مريم العذراء هى الدائمة البتولية، فقد كانت مخطوبة ليوسف النجار وبعد موت يوسف النجار لم تخطب أو تتزوج من أى شخص آخر، فهى لم تعرف رجلا قط كل أيام حياتها بمعنى العلاقة الزوجية والجسدية بين الأزواج، فقد كانت مريم هى العذراء قبل الحبل بيسوع المسيح وأثناء الحبل بيسوع وظلت عذراء بعد ولادة يسوع المسيح حتى آخر يوم فى حياتها على الأرض.
مكانة مريم العذراء فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:-
1- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء الإكرام اللائق بها دون مبالغة أو إقلال من شأنها. فهى القديسة المكرمة والدة الإله المطوبة من السمائيين والأرضيين, دائمة البتولية العذراء كل حين, الشفيعة المؤتمنة والمعينة, السماء الثانية الجسدانية أم النور الحقيقى التى ولدت مخلص العالم ربنا يسوع المسيح.
2- مريم العذراء هى الإنسانة الوحيدة التى إنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم "التجسد الإلهى" الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله "الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله" (لوقا 35: 1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أمثال 29: 31)
3- هذه العذراء كانت القديسة كانت فى فكر الله وفى تدبيره منذ البدء ففى الخلاص الذى وعد به آدم وحواء قال لهما "أن نسل المرأة يسحق رأس الحية" (تكوين 15: 3) هذه المرأة هى العذراء ونسلها هو المسيح الذى سحق رأس الحية على الصليب.
4- تحظى مريم فتاة الله بمكانة عظمى في قلب معظم الذين انتسبوا الى المسيح المخلّص، ولها في قلوبهم محبة كبيرة. غير أن هذا لا يمنع القول ان مسيحيّي العالم -وإن قالوا، على العموم، قولا واحدا في حقيقة تجسد ابن الله الوحيد- لا يتفقون في وصف مريم وتكريمها ولا في تحديد مساهمتها في خدمة السرّ "الذي قبل الدهور".
5- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقدم السلام للعذراء مريم بخشوع كثير واحترام كما قدمه لها الملاك ولكن بلا عبادة.
6- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم العذراء كأم الاله تكريما يفوق كل كرامة لاى ملاك او رئيس ملائكة وفوق الشاروبيم والسارافيم ايضا.. ولكن تكريمنا لها يحدده قولها * هوذا انا امة الرب * فهى فى تقليدنا عبده وامة خاضعة لسلطان الله.. فكأم الاله نكرمها ونعظمها جدا ونتشفع بها، وكأنسانة لايمكن ان نعبدها.
7- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمجد العذراء لا كملكة السماء تجلس بمفردها.. ولكن كملكة تقف عن يمين الملك *قامت الملكة عن يمين الملك* حيث الوقوف لايؤهلها للمساوة كما فى حالة المسيح حينما جلس عن يمين ابيه
8- فى التقليد الكنسى يحتم فى الايقونة القبطية ان ترسم العذراء حاملة للمسيح على ذراعها الايسر *قامت الملكة عن يمين الملك* ولاتقبل الكنيسة ان تقدم تمجيدا للعذراء بشخصها بمفرده ولكن تمجدها كعذراء وكأم معا.
9- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترى ان مجد ام الاله مكتسب بسبب امومتها للرب يسوع، وليس طبيعيا لذلك لانقدمه لها فى شكل عبادة وانما فى صورة تكريم فائق.
10- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترى ان نصيب مريم فى استعلان المجد العتيد سيكون غير منفصل عن جسد المسيح الذى سيجمع البشرية كلها معا كانسان كامل رأسه المسيح، غير ان نصيبها سيكون فائقا بالضرورة وعلى كل وجه انما غير منفصل عنا.
11- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقدم البخور لله امام ايقونة مريم العذراء الحاملة يسوع المسيح لان مريم اصبحت هى الهيكل الجديد الذى احتوى الحمل المقدس المعد للذبيحة، لذلك اصبح لائقا ان يقدم امامها بخور لله لكى تشفعه هى بصلواتها عنا.. فيرفع البخور امام الله حاملا صلواتها وصلواتنا.
12- تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية أن العذراء بما أنها صارت أم الإله المتجسّد, فقد أصبحت أيضًا أمًّا لكلّ الذين صار ذاك الإله أخا لهم بالتجسّد: "لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً . فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا" (عبرانيين 2: 11-14).
لقب مريم العذراء والدة الإله:-
مريم العذراء هى "والدة الإله" theotokos، وهو اللقب الذي منحه اياها المجمع المسكوني الثالث المنعقد في افسس في العام 431م
مريم العذراء هى "والدائمة البتولية" aeparthenos، وهو اللقب الذي جاء به المجمع المسكوني الخامس المنعقد في القسطنطينية في العام 553م.
مريم العذراء هى "الكلية القداسة" panagia، فلم يحدَّد عقائديا، ولكنه مقبول ويستخدمه جميع الارثوذكسيين في العالم.
ميزت الكنيسة الأرثوذكسية في تعليمها عن مريم بين اصطلاحي "العبادة" و"التكريم"، فهي لا تدعو، مطلقا، الى عبادة مريم كعبادة الله، وإنما تكرمها وتعظّمها لأن "إلهاً حقا وُلِدَ منها" (يوحنا الدمشقي)، وهي بذلك تطيع ما جاء على لسانها في انجيل لوقا: "ها منذ الآن (اي منذ قبولي الإلهَ في أحشائي) تكرمني جميعُ الأجيال" (لوقا 1: 48).
تحمل عبارة "والدة الإله" تراثا إيمانيا ذا قيمة لاهوتية عظيمة، فاللفظة اليونانية تعني "حاملة الإله" اي التي حملت الإله في رحمها، وقد وُضعَ فحواها اولا على لسان أليصابات زوجة زكريا الشيخ التي لفظت ذاك النداء التعظيمي "من اين لي هذا أن تأتي أم ربّي اليّ؟" (لوقا 1: 41-43)، (غلاطية 4: 4)، وقد إنتشر ذلك اللقب وانتشر انتشارا واسعا منذ بدء المسيحية وفق شهادة إكليمنضس الإسكندري.
استعمل لقب والدة الإله كثير من الآباء الأولين مثل: هيبوليتس، واوريجانس الذي شرحها في تفسيره للرسالة الى كنيسة رومية، وديديموس الضرير، وألكسندروس بطريرك الاسكندرية الذي خطّها في رسالة وجهها الى مجمع عُقد ضد بدعة آريوس في الاسكندرية في العام 320 (اي قبل المجمع المسكوني الاول بخمس سنوات)، وكيرلُّس الاورشليمي، وغريغوريوس النيصصي، وكيرلُّس الاسكندري وغيرهم، مما يؤكد انها كانت معروفة ورائجة قبل أن سطرها الآباء عقيدةً في مجمع أفسس. ويقول الاسقف كاليستوس (وير): إن تسمية والدة الإله "مفتاحُ العبادة الارثوذكسية الموجّهة الى العذراء"، وذلك اننا "نكرم مريم لأنها والدة إلهنا، ولا نكرمها منفصلة عنه وإنما بسبب علاقتها بالمسيح" (انظر الايقونات الارثوذكسية التي تظهرهما دائما معا، ولا تصوّر مريم من دون ابنها). ويتابع الأسقف بقوله: "إن التعليم الارثوذكسي المتعلق بوالدة الاله منبثق من تعليمها الخاص بالمسيح وحين أكد آباء مجمع أفسس (تسمية مريم بوالدة الإله)، لم يكن ذلك بقصد تمجيدها بل من اجل الحفاظ على العقيدة الحق المتعلقة بشخص المسيح"، ويخلص الى القول: "وأولئك الذين يرفضون تكريم مريم هم انفسهم اولئك الذين لا يؤمنون حقا بالتجسد".
لقب "والدة الإله"، ليس لقب تكريمي فقط لمريم وإنما هو ضرورة لاهوتية تحتّمها، كما يقول القديس كيرلُّس الاسكندري، "حقيقة التجسد"، ولا يمكن لأحد أن يرفض هذه الحقيقة ويُقبَل في الإيمان الحق. فمريم هي ام الرب، وهي أمنا.
لا يوجد مسيحي يقول ان مريم ولدت الاهوت، والقول أن مريم أم الله المتجسد مقصود به الناسوت وليس الاهوت. ففى مريم تمّ أولاً الاتحاد بين الله والإنسان، إذ أن ابن الله اتحد ذاته بجسد إتخذه من جسد مريم، لذلك تدعو الكنيسة العذراء "والدة الإله" لأنها ولدت الإله المتجسّد.
تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية أن منزلة العذراء تفوق الملائكة إذ قد أُهّلَتْ أن تحمل فى ذاتها ابن الله المتجسد الذى لا تسعه السموات ولا سماء السموات، فصارت هى هيكل حي للإله الذى: {لا تجسر طغمات الملائكة أن تنظر إليه}. لذلك تخاطبها الكنيسة منشدة: {يامن هى أكرم من الشاروبيم وأرفع مجدًا بغير قياس من السارافيم}، وأيضًا: {لأنه صنع مستودعك عرشًا وجعل بطنك أرحب من السماوات}.

عدد الزيارات 3227

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل