عيد الصليب

30 سبتمبر 2018
Large image

عِيد الصلِيب فِى الكنِيسة القِبطِيَّة الأرثُوذُكسِيَّة لَهُ كرامة عظِيمة حَتَّى أنَّهُ بعدما تعوَّدنا عَلَى نغمِة الصُوم بِكُلّ خشُوعها اليوم نُغيِّر النغمة إِلَى لحن شعانِينِى وَلحن شعانِينِى معناهُ قِمَّة الفرح رُبما يُعبِّر عَنْ الفرح أكثر مِنْ اللحن الفرايحِى لأِنَّ الصلِيب هُوَ سِر فرحنا سِر فرح ليس الكنِيسة فقط بَلْ البشرِيَّة كُلّها وَلِنقِف وقفة عِند الصلِيب كى نعِيش ما تُرِيد الكنِيسة مِنَّا أنْ نتذوَّقه الصلِيب فخر المسِيحِيَّة وَقوَّتها لَوْ أخلينا المسِيحِيَّة مِنْ فِكر الصلِيب لَنْ تصِير مسِيحِيَّة لَوْ أخذنا المسِيحِيَّة كُلَّها وَتجاوزنا الصلِيب وَلَوْ أخذنا الإِنجِيل كُلّه وَتركنا قِصَّة الصلِيب وَقُلنا لِنكُنْ مَعْ المسِيح الَّذِى تجسَّد وَصنع المُعجِزات سيُقال لنا أنَّنا جعلنا المسِيحِيَّة مِثل إِنسان توقَّف قلبه مركز فخر وَقُوَّة المسِيحِيَّة الصلِيب المسِيحِيَّة مُرتكِزة عَلَى الصلِيب فِى كُلّ أعمالها لِذلِكَ قَالَ المسِيح [ وَمَنْ لاَ يحمِلُ صلِيبهُ وَيأتِي ورائِي فَلاَ يقدِرُ أنْ يكُونَ لِي تلمِيذاً ] ( لو 14 : 27 )لاَ يوجد مسِيحِى حقِيقِى إِلاَّ وَهُوَ حامِل الصلِيب وَإِنْ إِستعفى مِنْ حمل الصلِيب فَهُوَ رافِض أنْ يكُون كسيِّده إِذاً هُوَ ليس مسِيحِى كرامِة المسِيحِى فِى إِهتمامه وَقبُوله لِلصلِيب فِكرِتنا عَنْ الصلِيب تغيَّرت بعدما كَانَ الصلِيب عُقُوبة أوْ ألم إِجبارِى يُرسِلهُ الله أصبح الصلِيب قُوَّة وَغلبة وَخَلاَصَ لابُد لِكُلّ واحِد أنْ يكُون لَهُ شرِكة فِى آلام المسِيح لاَ تستعفِى وَ لاَ ترفُض الَّذِى يحمِل صلِيبه بِشُكر وَفرح يكُون واعِى لأهم سِر فِى المسِيحِيَّة وَهُوَ شرِكة الآلام [ لأعرِفهُ وَقُوَّة قِيامتِهِ وَشِرِكة آلامِهِ مُتشبِّهاً بِموتِهِ ]( فى 3 : 10 ) كثِيرُون يعرِض الله عليهُمْ الملكُوت بِحمل الصلِيب وَهُمْ يرفُضُون هذا الصلِيب فِى المعنى الرُّوحِى هِدِيَّة يُرسِلها الله لِيُدخِلَكَ الملكُوت هل حولَّنا فِكرِة الصلِيب إِلَى قِطعة حُلِى ذهبِيَّة خارِجِيَّة تُحلِّى صُدُورِنا؟ لاَ الصلِيب ليس زِينة00الصلِيب الحقِيقِى كرامتة فِى حمله وَقبُوله وَالشُكر عليه لِذلِكَ عِيد الصلِيب يجعل الإِنسان يقِف وَيُراجِع نَفْسَه أين هُوَ مِنْ حمل الصلِيب وَقبُوله وَالشُكر فِى أى ألم ؟ لَوْ عرف الإِنسان الفقِير أنَّ فقره بِسماح مِنْ الله لِيدخُل الباب الضيِق وَينال الملكُوت لصار أعظم القِدِيسِين لَوْ أعطاك الله ألم وَقبلته بِشُكر ستُهيَّأ لِلمجد لكِنْ لِلأسف الإِنسان يرفُض الصلِيب لِذلِكَ لاَ تتعجَّب مِنْ أنَّ العالم يرفُض إِله يُصلب وَيُعرَّى وَيُتفل عليه هذا قِمَّة الإِزدراء لِله لكِنْ نحنُ نقُول هذا فِكر بشرِى لأِنَّ الله أتى لِيُكرِّس لنا طرِيق نسِير فِيهِ وراءه وَعِندما نسِير وراءه نراه أمامنا يحمِل صلِيبه لِذلِكَ لابُد أنْ أحمِل الصلِيب الله لَمْ يأمُرنا أنْ نحمِل الصلِيب وَهُوَ لَمْ يحمِله بَلْ هُوَ تقدَّمنا حامِل صلِيبه صلِيب بِهِ قِمَّة الإِزدراء وَالآلام النَّفْسِيَّة وَالجسدِيَّة تخيَّل أنَّكَ ترفُض هذا الفِكر إِذاً أنت ترفُض منهج المسِيح وَالطرِيق الَّذِى سار فِيهِ وَالفِكرة الَّتِى أسسها كحياة وَسلُوكَ رأيناه مضرُوب وَمُهان وَحامِل الصلِيب لِذلِكَ حمل الصلِيب صار مركز الحياة المسِيحِيَّة كرامِة القدِيس فِى الكنِيسة وَمجده يُقاس فِى السَّماء بِحمله الصلِيب وَليس بِعلمِهِ وَثقافتِهِ أوْ أشياء خارِجِيَّة بَلْ بِدرجِة أمانتِهِ لِحمل الصلِيب كَمْ إِحتمل لِماذا سُمِىَّ مارِجرجِس أمِير الشُهداء ؟ أليس هُناك شُهداء كثِيرُون تعذّبُوا ؟ نقُولَ لأِنَّ مارِجرجِس تعذَّب سبع سنوات أى كَانَ صلِيبه أثقل وَأكثر قُوَّة كرامِة المسِيحِى فِى حمله الصلِيب وَكُلَّما كَانَ أمِيناً وَحمل صلِيب أثقل كُلَّما مجده إِزداد لِذلِكَ المسِيحِى الحقِيقِى يفرح بِقبُول الألم يقُولَ بُولُس الرَّسُولَ[ أُسرُّ بِالضَّعفاتِ وَالشَّتائِم وَالضَّرُوراتِ وَالاِضطهاداتِ وَالضَّيِقاتِ ]( 2 كو 12 : 10 )هل تفرح يا بُولُس بِالضِيقات وَالشتائِم ؟ الَّذِى فِكره فِكر الصلِيب يُحِب الكُلّ وَيحتمِل الكُلّ وَكما يقُولَ مارِيعقُوب[ إِحسبُوهُ كُلّ فرحٍ يا إِخوتِي حِينما تقعُونَ فِي تجارِبَ مُتنوِّعةٍ ] ( يع 1 : 2 ) لِذلِكَ الكنِيسة مملؤة لُبَّاس صلِيب أُناس بِالفِعل حملُوا صُلبان ضِيقة مرض شِدَّه قَدْ تقُولَ أنَّ حياتكَ تسِير بِإِسلُوب هادِئ طبِيعِى أقُولَ لَكَ لَكَ أنْ تختار صلِيبكَ صلِيب الجِهاد الرُّوحِى وَقمع الجسد أحمِل صلِيب جسدِى[ الَّذِينَ هُمْ لِلمسِيح قَدْ صلبُوا الجسد مَعَ الأهواء وَالشَّهواتِ ] ( غلا 5 : 24 )إِنسان يُسَّمِر كُلّ يوم جسده وَيقِف أمام شهواته أى يصلِب الجسد وَالَّذِى يُسيّطِر عليه يُعلِن أنَّهُ صلِيبه أى غلبه أى إِنتهى مِنّه إِنسان ليس لديهِ مشاكِل نقُولَ لَهُ أُصلُب جسدك وَالجسد كثِير المُشاغبات حَتَّى أخِر لحظة فِى حياتكَ وَأحذر أنْ تتخيَّلّ أنَّهُ سيأتِى وقت وَيقِف الجسد عَنْ حِيله لاَ الجسد يرفُض العِفَّة وَالصُوم وَإِذاً هُناكَ هِدِيَّة أعطاها الله لَكَ الصلِيب داخِلَكَ أُضبُط جسدك الجسد يحتاج أنْ يُصلب وَيحتاج أنْ نقُولَ لَهُ لاَ وَنُسَّمِره وَنُعرَّيه وَ لاَ نُدلِّلهُ وَما أجمل الكنِيسة القِبطِيَّة كنِيسة نُسكَ وَتضيِيق عَلَى الجسد لأِنَّها تعلم أنَّ الجسد قَدْ يمنعكَ مِنْ الأبدِيَّة وَقَدْ يُساعِدك عليهاهل تُرِيد أنْ تحيا صلِيب أقوى ؟ أُصلُب ذاتكَ لأِنَّ الذَّات مركز الوجُود الكيانِى لِلإِنسان وَكثِيراً ما تتعالى وَتتفاخرالذَّات تحتاج صلِيب ذات مُماته مصلُوبة تموت مِنْ أجل المسِيح تُقدِّم نَفْسَها تحت أقدام المسِيح ذات ترفُض المدِيح وَتُخفِى أعمالها رُبما هُناكَ بركات كثِيرة فِى حياتكَ تُعطِلها ذاتكَ فأُصلُبها معرُوض عليكَ حمل صلِيب وَبركة وَالله ينتظِر أمانتكَ فِى حمل الصلِيب وَصفُوف القِدِيسِين خلفه تُنادِى عليك وَهُمْ حامِلُون الصلِيب المُهِمْ أنْ تُطِيع وَالقِدِيسِين يُشّجِعُوكَ لأِنَّهُ منهج فَلاَ تجزع وَ لاَ تمِل لأِنَّكَ ترى القِدِيسِين لأِنَّكَ ستعِى أنَّ الصلِيب ليس عُقُوبة بَلْ بركة وَعلامة إِنَّكَ تسلُكَ فِى الطرِيق الصَّحِيح [ ينبغِي أنَّهُ كما سَلَكَ ذاكَ هكذا يسلُكُ هُوَ أيضاً ] ( 1 يو 2 : 6 ) وَكما يقُولَ بُولُس الرَّسُولَ[ صُلِب العالم ُلِي وَأنَا لِلعالم ] ( غلا 6 : 14 ) أى أُسّمِر العالم وَ لاَ أخضع لِمُغرِياته وَما أكثر مُغرِيات العالم اليوم وَمباهِجه يتفنَّن كيف يُبهِر النَّاس كيف يكُون ذلِكَ العالم عالم مصلُوب أى فاقِد الإِبهار وَالمظهر البرَّاق ؟ تخيَّل أنَّكَ تعِيش هذا الفِكر العالم مصلُوب وَذاتكَ مصلُوبة وَجسدكَ مصلُوب ستكُون قَدْ دخلت شرِكة الآلام الحقِيقِيَّة فَلاَ تجزع مِنْ الصلِيب الثبات فِى الطرِيق الرُّوحِى مهما كَانَ فِيهِ ضعفات وَالثبات فِى الحرُوب الرُّوحِيَّة صلِيب كَانَ عدو الخِير يُصارِع الأنبا أنطونيُوس حَتَّى أنَّهُ كما يُصارِع إِنسان حَتَّى أنَّهُ ضربهُ وَتركهُ بين حىَّ وَميِت فِى قلاَّيته تخيَّل حرُوب عدو الخِير كيف تكُون صلِيب وَكَمْ ثِقله ؟ بينما كَانَ الأنبا أنطونيُوس مطرُوح فاقِد الوعى مِنْ شِدَّه الألم رفع عينيهِ فرأى ربَّ المجد واقِف فعاتب الأنبا أنطونيُوس ربَّ المجد يسُوعَ لأِنَّهُ أتى مُتأخِراً وَكأنَّهُ يقُولَ لَهُ أتيت بعدما ضُرِبت كُنت تأتِى لِتُدافِع عنِّى [ لِماذا لَمْ تأتِى فِى آلامِى وَإِلَى متى لاَ تضع حدَّاً لآِلامِى ] لِماذا لَمْ تأتِى أثناء الصِراع00فأجابهُ يسُوعَ [ أنا كُنت حاضِراً وَكُنت أُراقِب آلامكَ وَلأِنَّكَ صارعت وَغلبت سأجعلَكَ عموداً00يكُون إِسمكَ معرُوفاً فِى كُلّ مكان ] أحياناً يكُون فِى حياتنا صلِيب وَ لاَ نرى الجانِب الآخر مِنْ الصلِيب السيِّد المسِيح كَانَ يُدّبِر طغمات يُعلَّمها الأنبا أنطونيُوس كيف تغلِب وَيملأ بِها الصَّحراء أحياناً يرى الإِنسان الصلِيب مِنْ وِجهة واحِدة فتجزع نَفْسَه عِندما يرى الإِنسان آلام المسِيح يتعب وَيقُولَ أُرِيد أنْ أرى القِيامة أقُولَ لَكَ[ لاَ توجد قِيامة بِدُون ألم وَ لاَ يوجد ألم بِدُون جُلجُثة ] فرحك ينتظِركَ بعد حمل الصلِيب وَلأِنَّنا غير أُمناء فِى حمل الصلِيب لِذلِكَ لاَ توجد فِى حياتنا قِيامة الله يُرِيد كُلّ أولاده لُبَّاس صلِيب يسِيرُون فِى طرِيق حمل الصلِيب ليتنا نكُون مُهيَّئِين لِهذا الطرِيق أعطِنِى يارب أنْ أفرح بِحمل الصلِيب وَأكسر جسدِى وَأُقدِّم لَكَ جسدِى مكسُور ساجِدعلّمنِى أنْ أصلُب ذاتِى وَأغرِس صلِيبكَ فِى قلبِى كى أحيا الإِنتصار وَالقِيامة معكَ أرجُوكَ لاَ تستعفى مِنْ حمل الصلِيب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيّاً أمِين.
القس انطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك - الأسكندرية

عدد الزيارات 1554

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل