المقالات

03 نوفمبر 2019

ملابس رئيس الكهنة ج5

وَصْف الجُبَّة :- ﴿ وَتَصْنَعُ جُبَّةَ الرِّدَاءِ كُلَّهَا مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ . وَتَكُونُ فَتْحَةُ رَأْسِهَا فِي وَسَطِهَا . وَيَكُونُ لِفَتْحَتِهَا حَاشِيَةٌ حَوَالَيْهَا صَنْعَةَ الْحَائِكِ . كَفَتْحَةِ الدِّرْعِ يَكُونُ لَهَا . لاَ تُشَقُّ ﴾ ( خر 28 : 31 – 32 ) الجُبَّة ثَوْب وَاسِعْ طَوِيلٌ يَصِل إِلَى القَدَمَيْن بِدُون أكْمَام وَتَنْتَهِي أذْيَالُه بِرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَجَلاَجِل مِنْ الذَّهَبْ الخَالِص وَتُسَمَّى " جُبَّة الرِّدَاء "لأِنَّ الرِّدَاء يُلْبَس فَوْقَهَا وَكَانَتْ كُلَّهَا مِنْ أسْمَانْجُونِي " أزْرَق سَمَاوِي " إِشَارَة إِلَى الصِفَة السَّمَاوِيَّة لِرَئِيس الْكَهَنَة الَّتِي تَتَنَاسَبْ مَعَ رِسَالِة الكَهَنُوت إِذْ كَانَ لاَبُدْ أنْ يَتَحَلَّى بِالصِفَات السَّمَاوِيَّة لأِنَّهُ خَادِم الأُمور السَّمَاوِيَّة بَلْ قِيلَ عَنْ رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ أنَّهُ إِجْتَازَ السَّموَات وَصَارَ أعْلَى مِنَ السَّموَات ( عب 7 : 26 ) وَجُبَّة الرِّدَاء يَلْبِسْهَا رَئِيسُ الْكَهَنَة تَحْتَ الرِّدَاء مُبَاشَرَةً وَكَأنَّهَا تُشِير إِلَى طَبِيعِة الكَاهِن الدَّاخِلِيَّة حَيْثُ الفِكْر السَّمَاوِي الَّذِي يَتَأصَّل فِي الدَّاخِل فَنَجِدُه يُقَدِّم السَّمَاء المُعَاشَة دَاخِلِياً لَيْسَ مُجَرَّدٌ مَادَّة لِلوَعْظ وَلكِنَّهَا تَمْلأ قَلْبُه وَفِكْرُه وَكُلَّ أحْشَائُه وَكَانَتْ قِطْعَة وَاحِدَة مَنْسُوجَة كُلَّهَا مِنْ فَوْق لاَ تُشَقّ وَعَدَم شَقَّهَا إِشَارَة إِلَى أنَّ السَّمَاوِي فِي طَبِيعَتِهِ غِير مُنْقَسِمْ فِي كَمَالُه وَهذَا مَا يُرِيدْ أنْ يُعَلِّمْنَا إِيَّاه رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَم أنْ تَكُون أفْكَارْنَا وَمَشَاعِرْنَا وَاتِجَاهَاتْنَا تُعَبِّر عَنْ أشْوَاق سَمَاوِيَّة غِير مُنْقَسِمَة فَنُقَدِّم كُلَّ القَلْب وَالقَلْب الوَاحِدٌ ( Single Heart ) فِي مَحَبِّتُه وَمَخَافَتُه . شَقّ الجُبَّة :- فَتْحَة وَحَاشِيَة :- وَكَانَ لِفَتْحَتِهَا حَاشِيَة حَوَالِيهَا صَنْعِة الحَائِك لِتَكُون قَوِيَّة حَتَّى أنَّهَا تُشَبَّه بِفَتْحِة الدِّرْع وَالدِّرْع مِنْ أدَوَات الحَرْب إِذْ تُوضَعْ بِهَا حَوَاشَي مَتِينَة لِتَقْوِيَتْهَا وَكَأنَّ مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة هِيَ كَالأسْلِحَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول الدِّرْع ( الجُبَّة ) الخُوذَة ( الْعَمَامَة ) المَنْطِقَة إِنَّهَا تُعَبِّر عَنْ حَالِة الإِسْتِعْدَادٌ الكَامِل لِلدُخُول فِي الحَرْب مَعَ أجْنَادٌ الشَّر الرُّوحِيَّة وَهكَذَا لاَ تُوْجَدٌ أيَّة قُوَّة تَسْتَطِيعْ أنْ تُؤَثِّر عَلَى تِلْكَ الجُبَّة الكَهَنُوتِيَّة المَتِينَة فَلاَ تَتَمَزَق بِسَبَبْ لِبْس الجُبَّة وَخَلْعِهَا إِذْ كَانَ مَحْظُوراً تَمْزِيق هذِهِ الجُبَّة .. وَكَانَتْ عَاقِبَة هذَا الأمر المَوْت . لاَ تَشُّقُوا ثِيَابَكُمْ :- هكَذَا نَجِدٌ فِي سِفْر اللاَّوِيِّين ﴿ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُون وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ابْنَيْهِ لاَ تَكْشِفُوا رُؤُوسَكُمْ وَلاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا وَيُسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ ﴾ ( لا 10 : 6 ) وَهُنَا نَجِدٌ إِبْدَاع الوَحْي الإِلهِي فِي تَحْقِيقٌ قَصْدٌ الله مِنْ إِنْتِهَاء مُمَارَسَة كَهَنُوت العَهْد القَدِيم رَأيْنَا أنَّ قِيَافَا رَئِيسُ الْكَهَنَة رُبَّمَا دُونَ أنْ يَشْعُر أثْنَاء مُحَاكَمِة رَبَّنَا يَسُوع يَشُقٌ جُبَّتَهُ ( مر 14 : 63 ) .. فَكَانَ إِعْلاَناً عَلَى أنَّ قِيَافَا لَمْ يَعُدٌ رَئِيسُ الْكَهَنَة .. وَكَأنَّهُ يُشِير إِلَى قِيَام كَهَنُوت آخَر جَدِيد عِوَض هذَا المَحْكُوم عَلَيْهِ بِالمَوْت لأِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ المَكْتُوب ﴿ لاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا ﴾ .. فَجَاءَ يَسُوع رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الحَقِيقِي الَّذِي لَمْ تُشَقٌ ثِيَابُه .. إِذْ هُوَ حَي كُلَّ حِينٍ .. وَسُنُوهُ لاَ تَفْنَى وَكَهَنُوتُه لاَ يَنْتَهِي .. وَأتَى لَنَا بِكَنِيسَتَهُ المُقَدَّسَة الَّتِي هِيَ عَرُوسُه الحَقَّانِيَّة الَّتِي تَحْمِل صِفَاتُه فَنَجِدٌ أنَّ كَنِيسَتُه أهَمْ مَا يُمَيِزُهَا أنَّهَا وَاحِدَة وَحِيدَة .. إِنَّهَا تُمَثِّل ثَوْب يَسُوع الَّذِي قِيلَ عَنْهُ ﴿ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ ﴾ ( يو 19 : 23 ) . رُمَّانَات وَجَلاَجِل :- وَضْع الرُّمَانَات وَالجَلاَجِل :- ﴿ وَتَصْنَعُ عَلَى أَذْيَالِهَا رُمَّانَاتٍ مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ وَأَرْجَُوَانٍ وَقِرْمِزٍ . عَلَى أَذْيَالِهَا حَوَالَيْهَا وَجَلاَجِلَ مِنْ ذَهَبٍ بَيْنَهَا حَوَالَيْهَا . جُلْجُلَ ذَهَبٍ وَرُمَّانَةً جُلْجُلَ ذَهَبٍ وَرُمَّانَةً عَلَى أَذْيَالِ الْجُبَّةِ حَوَالَيْهَا . فَتَكُونُ عَلَى هَارُون لِلْخِدْمَةِ لِيُسْمَعَ صَوْتُهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ أَمَامَ الرَّبِّ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ ﴾ ( خر 28 : 33 – 35 ) .. وَالجُبَّة تُوضَعْ عَلَى أذْيَالُهَا رُمَّانَات وَهيَ عِبَارَة عَنْ كُرَات صَغِيرَة مَصْنُوعَة مِنْ خُيُوط مَجْدُولَة مُلَوَنَة بِذَات الألْوَان البَدِيعَة الَّتِي لِلرِّدَاء .. وَجَلاَجِل أي أجْرَاس صَغِيرَة مِنْ الذَّهَبْ وَكَانَتْ الرُّمَانَات وَالجَلاَجِل تُوضَعْ بِالتَّوَالِي حَوَالَي ذَيْل الجُبَّة .. وَيُقَال أنَّ عَدَد كُلٍّ مِنْهَا كَانَ إِثْنَيْنِ وَسَبْعِين . رَمْز الرُّمَانَات :- وَهُنَا نَتَعَجَّبْ لِمَاذَا يَهْتَمْ الله بِهذِهِ التَّفَاصِيل الدَّقِيقَة وَالعَجِيبَة .. إِلَى أي شَيْءٍ تَرْمُز الرُّمَانَات وَجَلاَجِل الذَّهَب ؟ الرُّمَان مَذْكُور فِي الكِتَاب المُقَدَّس بِصِفَة خَاصَّة كَثَمَر لأِرْض المَوْعِد وَهذَا مَا يُدْرِكَهُ الشَّعْب جَيِّداً .. وَحِينَ أرْسَلَ مُوسَى النَّبِي جَوَاسِيس إِلَى أرْض المَوْعِد أحْضَرُوا مَعَهُمْ ثَمَر الرُّمَان .. ﴿ شَيْءٍ مِنَ الرُّمَانِ وَالتِّينِ ﴾ ( عد 13 : 23 ) .. وَمِنْ المَعْرُوف أيْضاً عَنْ الأرْض الجَيِّدَة الَّتِي أدْخَلَهُمْ الرَّبَّ إِلَيْهَا أنَّهَا ﴿ أَرْضِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكَرْمٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ . أَرْضِ زَيْتُونِ زَيْتٍ وَعَسَلٍ ﴾ ( تث 8 : 8 ) .وَالمُلاَحَظْ أنَّ هذِهِ الثِّمَار لاَ تُذْكَر عَنْ أرْض مِصْر بَلْ يُذْكَر ﴿ الْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ ﴾ ( عد 11 : 5 ) .. وَهيَ ثِمَار تَظْهَر عَلَى سَطْح الأرْض مُبَاشَرَةً أوْ فِي بَاطِنْهَا .. فَطَعَام مِصْر مِنْ مَصَادِر أرْضِيَّة مُنْخَفِضَة .. بَيْنَمَا ثَمَر الأرْض المُقَدَّسَة مُرْتَفِعْ فَوْقَ الأرْض .. يَنْضُج فِي الهَوَاء النَقِي وَالرُّمَان يُشِير إِلَى الحَيَاة المُثْمِرَة العَامِلَة يَحْتَوِي عَلَى حَبَّات صَغِيرَة يُحِيطُ بِهَا سَائِل أحْمَر حُلْو المَذَاق قَدْ تُشِير إِلَى مَفْعُول دَمٌ الذَّبَائِح فِي حَيَاة الخَاطِئ وَبِالتَّالِي تَرْمُز إِلَى دَمٌ الْمَسِيح الَّذِي أعْطَى حَيَاة لِكُلَّ العَالَمْ . رَمْز الجَلاَجِل الذَّهَبِيَّة : تُشِير لِلتَّسْبِيح وَالكِرَازَة الَّتِي يَسْمَعْهَا العَالَمْ .. وَرَئِيسُ الْكَهَنَة حِينَ يُصَلِّي وَيُسَبِّح يَسْمَعَهُ الشَّعْب وَيُصَلِّي وَرَاءَهُ فَلاَ يَمُوْت .. وَهكَذَا فَمَنْ يَحْيَا سَمَاوِيّاً يَكُون لَهُ ثَمَر يِفَرَّح الله ( رُمَّانَات ) وَتَسْبِيح وَكِرَازَة فَيُنْقِذ أُلُوف مِنْ مُوْت مُحَقَّقٌ . إِقْتِرَان الرُّمَانْ بِالجَلاَجِل : الرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَبُوصٌ مَبْرُومٌ .. إِنَّهَا تُعَبِّر عَنْ ثِمَار نَقِيَّة صَادِرَة مِنْ إِنْسَان سَمَاوِي .. وَبَيْنَ كُلُّ رُمَّانَتَيْن هُنَاكَ جِلْجِل ذَهَبْ فَكَانَ الصَوْت الذَّهَبِي يَقْتَرِنْ بِالثَمَر الشَهِي وَإِقْتِرَان الرُّمَان بِالأَجْرَاس إِشَارَة إِلَى إِقْتِرَان السُلُوك بِالشِّهَادَة .. وَالشَّهَادَة بِالحَيَاة فَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى خِدْمِة رَبَّ المَجْد يَسُوع نَجِدٌ أنَّ كُلَّ مَا عَلَّمَ بِهِ عَمَلَ بِهِ .. فِي الحُبْ .. وَالإِتِضَاع وَالبَذْل .. وَالصُّوم وَالصَّلاَة وَالسَّهَر هكَذَا وَجَدْنَا رُمَّان مُتَفِقٌ مَعَ جَلاَجِل .. وَهكَذَا يَجِبْ فِي أوْلاَدٌ الله أنْ يَقْتَرِن كَلاَمَهُمْ بِأفْعَالِهِمْ وَإِلاَّ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ قَوْل أبُونَا إِسْحَق لِيَعْقُوب ﴿ الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ وَلكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو ﴾ ( تك 27 : 22 ) .. وَ" اليَدَيْن " تُشِير إِلَى الأعْمَال .. فَلْنَحْرِص عَلَى ألاَّ نَحْيَا هذَا التَنَاقُض .. بَلْ لِيَكُنْ لَنَا صَوْت يَعْقُوب وَأيْضاً يَدَيّ يَعْقُوب ( رُمَّان وَجَلاَجِل ) . رَنِينْ القَدَاسَة وَالسَّلاَم : وَسَبَقٌ أنْ ذَكَرْنَا أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة لاَ يَدْخُل بِهذِهِ المَلاَبِس إِلَى قُدْس الأقْدَاس بَلْ كَانَ يَدْخُل لِيَرُش الدَّمٌ يَوْم الكَّفَّارَة العَظِيمْ لاَبِساً ثِيَاب كِتَّان فَقَطْ وَلَيْسَ ثِيَاب المَجْد وَالبَهَاء وَبِذلِك لَمْ تَكُنْ هُنَاك جَلاَجِل دَاخِل قُدْس الأقْدَاس وَمِنْ هُنَا فَالإِعْتِقَادٌ السَائِدٌ بِأنَّ هذِهِ الجَلاَجِل لِيَطْمَئِنْ الشَّعْب أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة لاَ يَزَال حَيّاً هُوَ إِعْتِقَادٌ خَاطِئ بَلْ بِحَسَبْ النَّص ﴿ لِيُسْمَعَ صَوْتُهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ أَمَامَ الرَّبِّ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ ﴾ ( خر 28 : 35 ) .. أي أنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْت الجَلاَجِل أمَام الله فَإِنَّهُ يَمُوْت وَلَيْسَ لِكَيْ يَعْلَمْ الشَّعْب أنَّهُ لَمْ يَمُتْ .. وَهكَذَا كَانَ هَارُون يُزَوَدٌ بِتِلْكَ الجَلاَجِل الذَّهَبِيَّة الَّتِي تُعْطِي رَنِيناً إِلَهِيّاً عَذْباً عِنْدَمَا يَدْخُل إِلَى القُدْس .. فَلاَ يَكُون صَوْت خَطَوَاتُه كَصَوْت إِنْسَانٍ عَادٍ بَلْ يُعَبِّر عَنْ سُلُوك سَمَاوِي لِئَلاَّ يَمُوْت .. وَهكَذَا فِي خُرُوجِهِ إِلَى المَحَلَّة كَانَتْ خَطَوَاتُه تُعْلِنْ نَفْس الحَقّ فَيَكُون سُلُوكُه مُبَارَكاً فِيهِ رَنِينْ القَدَاسَة وَالسَّلاَم وَيُعَلِّقٌ العَلاَّمَة أُورِيچَانُوس عَلَى عَمَل هذِهِ الجَلاَجِل قَائِلاً .. ﴿ هذِهِ الجَلاَجِل الَّتِي يَنْبَغِي أنْ تُعْطِي صَوْتاً كُلَّ حِين كَانَتْ مُثَبَتَة حَوْل ذِيل جُبَّتِهِ وَالغَرْض مِنْ ذلِك كَمَا أظُنْ هُوَ أنَّهُ يَنْبَغِي ألاَّ تَصْمُتُوا قَطٌ عَنْ الكَلاَم عَنْ الأيَّام الأخِيرَة وَالدَّيْنُونَة .. بَلْ يَلْزَم أنْ تُذِيعُوا دَائِماً هذِهِ الأُمور .. وَبِهذَا يَصِير إِنْسَانَكُمْ الدَّاخِلَي مُزَيَناً مِثْلَ رَئِيسُ الْكَهَنَة الَّذِي يُمْكِنَهُ أنْ يَدْخُل لَيْسَ فَقَطْ إِلَى القُدْس بَلْ أيْضاً إِلَى قُدْس الأقْدَاس .. وَهكَذَا يَقْدِر أنْ يَقْتَرِبْ مِنْ كُرْسِي الرَّحْمَة حَيْثُ الشَّارُوبِيم وَحَيْثُ يَتَرَاءَى لَهُ الله وَيُكَلِّمَهُ .. وَقَدْ يَكُون القُدْس هُوَ تِلْكَ الأشْيَاء الَّتِي يُمْكِنْ الحُصُول عَلَيْهَا فِي الزَّمَنْ الحَاضِر بِالسُلُوك المُقَدَّس فِي العَالَمْ الحَاضِر .. أمَّا قُدْس الأقْدَاس الَّذِي يَدْخُلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَة مَرَّة وَاحِدَة فَقَطْ فَهُوَ الطَّرِيقٌ إِلَى السَّمَاء حَيْثُ كُرْسِي الرَّحْمَة وَالكَارُوبَيْنِ قَائِمَيْن .. حَيْثُ يُمْكِنْ أنْ يُسْتَعْلَنْ الله لأِنْقِيَاء القُلُوب ﴾ . ثَمَر الرُّوح : وَالْمَسِيح حِينَ دَخَلَ لِلسَّمَاء حَلَّ الرُّوح القُدُس فِي دَاخِلْنَا فَكَانَ صَوْت كِرَازِة الرُّسُلٌ الذَّهَبِي وَكَانَ حُلُول الرُّوح القُدُس فَكَانَتْ الحَيَاة لِلعَالَمْ وَثِمَار حُلُول الرُّوح القُدُس فِينَا .. وَلاَحِظْ أنَّ لُونْ عَصِير الرُّمَان الأحْمَر الَّذِي سَبَقٌ وَتَكَلَّمْنَا عَنْهُ إِشَارَة لِدَمٌ الْمَسِيح الَّذِي سُفِكَ مِنْ أجْل شَعْبِهِ .. فَأرَادَ شَعْبُ الْمَسِيح أنْ يَسْفِكُوا دِمَائِهِمْ حُبّاً لأِجْلِهِ .. فَهُوَ عَصِير الحُبْ .. وَكَثِيراً مَا نَجِدٌ الرُّمَان وَالكُرُوم فِي الكِتَاب المُقَدَّس يُخْبِرَان عَنْ ثِمَار مَحَبِّة الله .. فَنَجِدٌ مُنَاجَاة لِعَرُوس النَّشِيد ﴿ هَلْ أَقْعَلَ الْكرْمُ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَانُ ﴾( نش 6 : 11 ) .. وَأيْضاً يَقْتَرِن عَصِيرَهُمَا مَعاً .. ﴿ أَسْقِيكَ مِنَ الْخَمْرِ الْمَمْزُوجَةِ مِنْ سُلاَفِ رُمَّانِي ﴾( نش 8 : 2 ) .. هذِهِ هِيَ الثِّمَار الَّتِي تُبْهِجُ قَلْبَ الحَبِيبْ .. وَهيَ تَرْمُز إِلَى ثَمَر الرُّوح الَّذِي هُوَ ﴿ مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ ﴾ ( غل 5 : 22 – 23 ) .. وَكَأنَّ هذِهِ الثِّمَار مُجْتَمِعَة مُرْتَبِطَة مَعاً كَمَا فِي عَنْقُودٌ وَاحِدٌ وَلِذلِك تُسَمَّى ثَمَر الرُّوح وَلَيْسَ ثِمَار الرُّوح . صُوْت الكِرَازَة وَالثَّمَر : وَهكَذَا نَجِدٌ أنَّهُ فِي صَوْت الكِرَازَة نَجِدٌ رَنِينْ الفَرَحٌ الَّذِي لاَبُدْ أنْ يَقْتَرِن بِالثَّمَر المُفْرِح ( الرُّمَان ) أرَادَ الله أنْ يَذْكُر جِلْجِل ذَهَبْ وَرُمَّانَة بِهذَا التَّرْتِيبْ الإِلَهِي فَكَأنَّ الشِّهَادَة الصَّحِيحَة لِحَقَائِق الإِنْجِيل لاَبُدْ أنْ تُنْشِئ فِينَا أثْمَاراً صَالِحَة لِمَجْدِهِ وَخِدْمَتِهِ .. مِنْ هُنَا نَرَى أنَّ صَوْت الرُّوح القُدُس أوَّلاً وَنَتِيجِة الإِسْتِجَابَة ثِمَار مُفْرِحَة وَهذَا مَا رَأيْنَاهُ يَحْدُث مَعَ الأبَاء الرُّسُلٌ الأطْهَار حِينَ سُمِعَ صَوْت الجَلاَجِل فِي يَوْم الخَمْسِين فِي الشِّهَادَة الَّتِي أعْطَاهَا رُوح الله عَلَى أفْوَاه الرُّسُلٌ وَكَانَتْ تِلْكَ الشِّهَادَة مُقْتَرِنَة أيْضاً بِثَمَر الرُّوح فِي حَيَاة وَسُلُوك الَّذِينَ آمَنُوا بِوَاسِطَة تِلْكَ الشِّهَادَة .. فَنَجِدٌ أنَّ كِرَازِة الأبَاء الرُّسُلٌ أي صَوْت جَلاَجِلْهُمْ بَلَغَتْ إِلَى أقَاصِي الأرْض لِمَجْد الله وَنَشْر مَلَكُوتُه .. فَأتَتْ بِثِمَار كَثِيرَة وَلاَزَالَتْ الكَنِيسَة تَدُق أجْرَاسُهَا عَلَى الدَوَام رَمْزاً لِعَدَمٌ سُكُوت الْكَهَنَة عَنْ الكِرَازَة وَالتَّحَدُّث عَنْ التَوْبَة وَالرُّجُوع إِلَى الله . الجُبَّة رِدَاء المُلُوك :- وَنُلاَحِظْ أنَّ الجُبَّة كَانَتْ أيْضاً مِنْ مَلاَبِس المُلُوك ( 1أخ 15 : 27 ) وَهذَا يُؤَكِّدْ أنَّ الله أرَادَ أنْ يَجْعَل مَقَام رَئِيسُ الْكَهَنَة فِي مَقَام المُلُوك وَالرُّؤَسَاء .. وَهذَا الأمر لاَ يَتَحَقَّقٌ بِدَرَجَة مُطْلَقَة إِلاَّ فِي الْمَسِيح .. فَهُوَ فِي ذَاتُه المَلِك وَالكَاهِن فَهُوَ الَّذِي جَاءَ مِنْ سِبْط يَهُوذَا ( يَخُص المُلُوك ) وَأيْضاً عَلَى رُتْبِة مَلْكِي صَادِق ( الكَهَنُوت ) .. إِذْ لَهُ المَجْدٌ المُلُوكِي وَلَهُ أيْضاً القَلْب الكَهَنُوتِي . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
27 أكتوبر 2019

ملابس رئيس الكهنة ج4

ثَالِثاً الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ ﴿ وَتَجْعَلُ فِي صُدْرَةِ الْقَضَاءِ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ لِتَكُونَ عَلَى قَلْبِ هَارُون عِنْدَ دُخُولِهِ أَمَامَ الرَّبِّ . فَيَحْمِلُ هَارُون قَضَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى قَلْبِهِ أَمَامَ الرَّبِّ دَائِماً ﴾ ( خر 28 : 30 ) . وَصْف الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ :- كَانَ الله يُعْلِنْ بِهُمَا مَقَاصِدَهُ وَإِرَادَتَهُ فَيُقَدِّم المَشُورَة الإِلَهِيَّة بِوَاسِتَطْهُمَا وَلاَ يُعْرَفْ بِالضَّبْط طَبِيعِة الأُورِيم وَالتُّمِّيم وَلكِنَّنَا سَوْفَ نَسْتَعْرِض عِدِّة إِجْتِهَادَات مِنْهَا :- أنَّهُمَا حَجَرَيْنِ كَرِيمَيْنِ أحَدُهُمَا مَصْقُول وَالآخَر غِير مَصْقُول لِيَدُل الوَاحِدٌ عَلَى الإِيجَاب وَالآخَر عَلَى السَلْب أوْ أنَّهُمَا قِطْعَتَيْنِ مِنْ الذَّهَبْ أوْ المَاس مَكْتُوب عَلَى إِحْدَاهُمَا " نَعَمْ " وَالأُخْرَى " لا " أوْ أنَّ نُورا كَانَ يَسْطَعْ عَلَيْهُمَا فِي حَالِة الإِيجَاب وَقِيلَ أيْضاً أنَّهُمَا مَادَّتَان غَيْر مَعْرُوف نَوْعِيَتَهُمَا أعْطَاهُمَا الله لِمُوسَى وَمَتَى وَضَعْهُمَا الحَبْر الأعْظَمْ فِي الصَدْرَة أُعْلِنَتْ لَهُ إِرَادِة الله بِصَوْتٍ مَسْمُوع وَيَقُول البَعْض أنَّ الأحْجَار الكَرِيمَة الَّتِي تُوضَعْ عَلَى الصَدْرَة هِيَ نَفْسَهَا تُعَبِّر عَنْ الأُورِيم وَالتُّمِّيم حِينَمَا يَسْطَعْ عَلَيْهَا أنْوَار القُدْس بِوَاسِطَة ضَوْءاً بَاهِراً يَتَألَّقٌ مِنْهَا وَقِيلَ أيْضاً أنَّهُمَا حَجَرَيْن كَرِيمَيْنِ وُضِعَا دَاخِل الجُزْء المَثْنِي مِنْ الصَدْرَة وَأكْثَر الأرَاء قَبُولاً هُوَ أنَّ الأُورِيم وَالتُّمِّيم كَانَا قِطْعَتَيْنِ مُقَدَّسَتَيْنِ تَدُل إِحْدَاهُمَا عَلَى الإِيجَاب وَالرِّضَا أوْ التَّأيِيدْ وَتَدُل الأُخْرَى عَلَى الإِجَابَة بِالسَلْب أوْ عَدَمٌ التَّأيِيدْ . لُغْز الأُورِيم وَالتُّمِيم :- وَهُنَا نَكْتَشِفْ أنَّ الوَحْي لَمْ يُرِدٌ أنْ يُعْطِي شَرْحاً وَافِياً لِطَبِيعِة الأُورِيم وَالتُّمِّيم فَمِنْ الألْيَقٌ أنْ نَصْمُتْ حَيْثُ يَصْمُتْ الله وَلاَ نُنْكِر أنَّنَا الآنْ نَعْلَمُ بَعْضَ العِلْم وَلكِنَّنَا سَنَعْرِفْ الكُلَّ مَتَى جَاءَ الكَامِل عِنْدَمَا يَتَضِحٌ النَّهَار وَتَنْهَزِم الظِّلاَل وَمِنْ الوَاضِح أنَّهُمَا يُشِيرَان إِلَى الله ذَاتُه لِذلِك قِيلَ عَنْهُمَا ﴿ تُمِّيمُكَ وَأُورِيمُكَ ﴾ ( تث 33 : 8 )أي يَخُصَّانْ الله ذَاتُه وَيَرَى القِدِيس كِيرْلُس الكَبِير ﴿ أنَّ حَجَرَيَّ الأُورِيم وَالتُّمِّيم بِوَضْعِهِمَا فِي وَسَطْ الأحْجَار الكَرِيمَة الإِثْنَى عَشَر المَنْقُوشَيْنِ عَلَيْهَا أسْمَاء الأسْبَاط الإِثْنَى عَشَر وَالَّتِي كَانَتْ مُعَلَّقَة عَلَى صَدْرِة رَئِيسُ الْكَهَنَة تِلْكَ الَّتِي كَانَتْ قِطْعَة مِنْ ثِيَابِهِ الخَاصَّة بِهِ فَقَطْ وَالَّتِي يَتَمَيَّز بِهَا إِنَّمَا تُمَثِّل فِي لُغْز رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي هُوَ عَمَانُوئِيل إِلَهْنَا فِي وَسَطْ تَلاَمِيذُه الإِثْنَى عَشَر القِدِّيسِينْ وَحَيْثُ أنَّهُ هُوَ الإِسْتِعْلاَن وَالحَقٌّ الَّذِي أعْلَنْ الحَقٌّ الكَامِلٌ فَأبْطَل العِبَادَة لله بِالرُّمُوز وَالظِّلاَل ﴾ . طَلَبْ المَشُورَة بِالأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ :- كَانَ إِسْتِخْدَام الأُورِيم وَالتُّمِّيم فِي مَعْرِفَة إِرَادِة الله فِي مَوَاقِفْ هَامَّة وَتَمِس الأُمور الكَهَنُوتِيَّة أوْ السِيَاسِيَّة نَذْكُر مِنْهَا :- يَقُول الله لِمُوسَى عَنْ يَشُوع ﴿ فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ الأُورِيمِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ هُوَ وَكُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعْهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ ﴾( عد 27 : 21 ) وَفِي حَرْب الفِلِسْطِينِيِّين مَعَ شَاوِل حَيْثُ خَافَ وَاضْطَرَبَ قَلْبَهُ جِدّاً ﴿ فَسَأَلَ شَاوُلُ مِنَ الرَّبِّ فَلَمْ يُجِبْهُ الرَّبُّ لاَ بِالأَحْلاَمِ وَلاَ بِالأُورِيمِ وَلاَ بِالأَنْبِيَاءِ ﴾ ( 1صم 28 : 6 ) وَأيْضاً فِي سِفْر عَزْرَا﴿ وَقَالَ لَهُمُ التِّرْشَاثَا أَنْ لاَ يَأْكُلُوا مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَقُومَ كَاهِنٌ لِلأُورِيمِ وَالتُّمِّيمِ ﴾ ( عز 2 : 63 ) وَيُرَجَحٌ أنَّ الله ظَلَّ يُجِيبَهُمْ بِالأُورِيم وَالتُّمِّيم مُبَاشَرَةً مُدِّة العِبَادَة بِالخَيْمَة وَلكِنْ بَعْد إِقَامِة الهَيْكَل كَانَ يُكَلِّمَهُمْ بِالأنْبِيَاء . الْمَسِيح وَالأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ :- كَلِمَة " أُورِيم " جَمْع " أُورْمِي " العِبْرِيَّة وَمَعْنَاهَا " أنْوَار " وَ" التُّمِّيم " جَمْع " تَمْ " وَمَعْنَاهَا " الكَمَالاَت " وَقَدْ وُرِدَتَا فِي التَّرْجَمَة السَّبْعِينِيَّة " الإِعْلاَن وَالحَقٌّ "وَهذَا يُوَجِه أفْكَارْنَا فِي الحَال إِلَى شَخْص رَبَّنَا يَسُوع المُبَارَك الَّذِي فِيهِ كُلَّ الأنْوَار وَكُلَّ الكَمَالاَت كُلَّ النِّعْمَة وَالحَقٌّ هُوَ النُّور هُوَ بَهَاء مَجْدٌ الله هُوَ وَحْدُه الَّذِي أعْلَنْ لَنَا الآب وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس إِغْرِيغُورْيُوس فِي القُدَّاس الإِلَهِي ﴿ الَّذِي أظْهَر لَنَا نُور الآب ﴾ . مَعْرِفِة النُّور وَالحَقَّ :- إِذْ كَانَ رَئِيسُ الْكَهَنَة وَالأُورِيم وَالتُّمِّيم فِي صَدْرَتِهِ المَوْضُوعَة عَلَى قَلْبِهِ هِيَ الوَاسِطَة لإِظْهَار أفْكَار الله وَمَقَاصِدَهُ فَهُوَ يَحْمِل جَمِيعْ قَضَايَاهِمْ وَضِيقَاتِهِمْ فِي قَلْبِهِ لِيَعْرِضْهَا أمَام الله طَالِباً الحُكْمٌ وَالإِرْشَادٌ بِشَأنَهَا وَرَبِّنَا يَسُوع رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ إِذْ هُوَ النُّور الحَقِيقِي يُعْلِنْ لِقِدِّيسِيه كُلَّ أفْكَار الله وَمَقَاصِدُه وَمَشُورَاتُه وَهُوَ أيْضاً الحَقٌّ وَالمَحَبَّة وَالقَدَاسَة وَجَمِيعَهَا مُتَحِدَة وَغَيْر مُنْفَصِلَة فَإِنْ كَانَ رَئِيسُ كَهَنِة العَهْد القَدِيم قَدْ أخَذَ وَظَائِفْ هَامَّة وَخَطِيرَة وَعَظِيمَة القِيمَة فَلَنَا كُلَّ هذِهِ الأُمور بِكَمَالِهَا الإِلَهِي وَلَيْسَ رُمُوزْهَا فِي شَخْص رَئِيسُ كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي إِجْتَازَ السَّموَات فَهُوَ يَحْمِل قَضَاء شَعْبِهِ عَلَى قَلْبِهِ دَائِماً كَمَا أنَّهُ بِالرُّوح القُدُس يُعْلِنْ لَنَا فِكْر الله مِنْ جِهِة جَمِيعْ قَضَايَانَا الَّتِي نَجْتَازَهَا يَوْمِياً فَفِي الْمَسِيح نَجِدٌ التَّحْقِيقٌ الكَامِل لِكُلَّ مَعَانِي الأُورِيم وَالتُّمِّيم فَهُوَ الَّذِي قَالَ عَنْ نَفْسِهِ﴿ أنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ . مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ ﴾ ( يو 8 : 12) وَهُوَ أيْضاً الَّذِي قَالَ عَنْ نَفْسِهِ ﴿ أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاة . لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ﴾( يو 14 : 6 ) وَقَالَ أيْضاً ﴿ تَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ ﴾ ( يو 8 : 32 ) فَهُوَ ﴿ الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ ﴾ ( كو 2 : 3 ) وَهكَذَا بِثَبَاتِنَا فِي الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الحَقِيقِي نَعْرِفُ الحَقَّ ( التُّمِّيم ) وَنَسِير فِي النُّور ( الأُورِيم ) وَنَتَقَبَّل مِنْهُ جَمِيع كُنُوز الحِكْمَة وَالعِلْم وَفِي سِفْر الرُؤْيَا حَيْثُ كَمَال إِسْتِعْلاَن مَجْدٌ الْمَسِيح الَّتِي تُعَبِّر عَنْ التُّمِّيم نَجِدَهُ مَاشِياً وَسَطْ المَنَائِر الذَّهَبِيَّة وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبُ نَارٍ الَّتِي تُعَبِّر عَنْ " الأُورِيم " حَيْثُ أنْوَارُه وَكَمَالاَتُه تَفْحَص طُرُقٌ الجَمِيعْ حَتَّى أنَّهُ يُنَادِي كُلُّ وَاحِدٌ ﴿ أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ ﴾ ( رؤ 2 : 2 ) حَقّاً إِنَّهُ أبُو الأنْوَار " الأُورِيم "الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ " التُّمِّيم " ( يع 1 : 17) . الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ وَنِعْمَة العَهْد الجَدِيد :- فَإِنْ كَانَ الله قَدِيماً جَعَلَ إِعْلاَن مَشُورَتَهُ وَكَلِمَتَهُ عَنْ طَرِيقٌ الأُورِيم وَالتُّمِّيم المَوْضُوعَان عَلَى صَدْرَة رَئِيسُ الْكَهَنَة فَقَطْ عَنْ دُونْ جَمِيعْ أفْرَادٌ الشَّعْب وَأيْضاً جَعَلَ كَلِمَتَهُ تُعْلَنْ مِنْ خِلاَل الكَارُوبَان المَوْضُوعَان عَلَى غِطَاء التَّابُوت دَاخِل قُدْس الأقْدَاس ثُمَّ جَعَلَ كَلِمَتَهُ فِي فَمْ الأنْبِيَاء إِلَى أنْ أرْسَلَ لَنَا كَلِمَتَهُ فِي إِبْنِهِ بِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس بُولِس الرَّسُول ﴿ اللهُ بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ ﴾ ( عب 1 : 1 – 2 ) . أُورِيمِي وَتِمِّيمِي :- جَعَلَ الله رُوحُه القُدُّوس النَّاطِقٌ فِي الأنْبِيَاء يَسْتَقِر فِي كُلَّ أفْرَادٌ الكَنِيسَة المُقَدَّسَة فَلَمْ يَعُدْ هُنَاك فَرْداً وَاحِداً لَهُ أُورِيم وَتِمِّيم عَلَى صَدْرِهِ بَلْ كُلُّ فَرْدٍ لَهُ أُورِيماً وَتِمِّيماً دَاخِل قَلْبِهِ لَيْسَ خَارِجَه فَأعْطَانَا رُوح البُنُّوَة وَجَعَلَ كَلِمَتَهُ تُرْشِدْنَا وَتُعَزِّينَا فِي دَاخِلْنَا تُحَكِّمْ خَطَوَاتْنَا وَتُنِير سُبُلَنَا إِنَّهَا نِعْمَة العَهْد الجَدِيد الَّتِي لاَ يُعَبَّر عَنْهَا فَجَعَلَنَا نَتَمَتَّعْ بِسَمَاع صَوْت مَشُورَتِهِ مِنْ المَذْبَح المُقَدَّس الَّذِي تُحِب الكَنِيسَة أنْ تَدْعُوه " النَّاطِقُ السَّمَائِي "وَأيْضاً نَسْمَعْ صَوْتَهُ مِنْ خِلاَل القِرَاءَات الكَنَسِيَّة الَّتِي تُحِبْ الكَنِيسَة أنْ تَدْعُوهَا " فَمْ الْمَسِيح " فَنَسْمَعْ مَا تَسْتَرِيح إِلَيْهِ قُلُوبْنَا .. وَأيْضاً أعْطَانَا آبَاء مُرْشِدِينْ نَلْتَمِس مِنْهُمْ تَأيِيدْ الصَوْت الدَّاخِلِي .. حَقّاً إِنَّهَا إِحْسَانَات العَهْد الجَدِيد حَيْثُ التَّمَتُّعْ الكَامِل بِالأُورِيم وَالتُّمِّيم الدَّاخِلِي الَّذِي يَجْعَل أبْنَاء العَهْد الجَدِيد يَعْرِفُونَ الحَقَّ وَكَيْفَ يُمَيِزُون بَيْنَ الأُمور المُتَخَالِفَة وَلاَ يَنْقَادُون وَرَاء أي رُوحٌ غَرِيب وَلاَ يَلْتَمِسُون مَشُورَة غَيْر مَشُورِة صَوْت الله السَّاكِنْ وَمُسْتَقِر دَاخِلْهُمْ فَلَمْ يَعُدْ يُقَال " أُورِيمَك وَتِمِّيمَك " بَلْ " أُورِيمِي وَتِمِّيمِي " . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
20 أكتوبر 2019

ملابس رئيس الكهنة ج3

ثَانِياً صَدْرَة الْقَضَاء :- كَانَتْ الصَدْرَة مِنْ ذَاتْ مَوَادٌ الرِّدَاء وَكَصَنْعَتِهِ وَمَرْبُوطَةٌ بِالرِّدَاء لاَ تُنْزَع عَنْهُ وَرُبَّمَا تُمَثِّل أجْمَلٌ مَا فِيهِ بَلْ وَأعْجَبْ مَا فِيهِ بَلْ وَيُمْكِنْ إِعْتِبَار بَاقِي الثِيَاب كَقَاعِدَة لَهَا لِتُثَبِتْهَا فِيهَا وَهيَ مَصْنُوعَة مِنْ نَفْس نَسِيج الرِّدَاء مِنْ الذَّهَبْ وَالبُوْص المَبْرُومٌ ( أي الكِتَّان النَقِي ) وَالأسْمَانْجُونِي وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز لِذَلِك أُعْتُبِرَتْ مِنْ أهَمْ الأجْزَاء فِي مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة لأِنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى ( الأُورِيم وَالتُّمِّيم ) اللَّذَيْنِ كَانَتْ مَقَاصِدٌ الله وَإِرَادَتِهِ تُعْلَنْ بِهُمَا وَدُعِيَتْ " صَدْرَة " لأِنَّهَا كَانَتْ تُثَبَّتْ عَلَى صَدْر رَئِيس الْكَهَنَة كَمَا دُعِيَتْ " صَدْرَة قَضَاء " لأِنَّهَا كَانَتْ تُعْلِنْ قَضَاء الله وَحُكْمُه وَمِنْ نَاحِيَة أُخْرَى كَانَتْ كَعَلاَمَة تُظْهِر سُلْطِة رَئِيس الكَهَنَة فِي القَضَاء فِي جَمِيعْ الأُمور[ لِهذَا تَدْعُو الكَنِيسَة رَئِيس كَهَنَتْهَا أنَّهُ قَاضِي المَسْكُونَة إِذْ هِيَ تُؤمِنْ أنَّهُ مُسْتَوْدَع لِلرُّوح القُدُس وَالله يَقُودٌ كِنِيسْتُه عَنْ طَرِيقٌ الرُّوح القُدُس المُسْتَقِر فِيهِ الَّذِي يَنْطِقٌ بِلِسَانِهِ ] وَكَانَتْ مُرَبَعَة ( شِبْر×شِبْر ) وَمُثْنِيَّة لِتَقْوِيَتْهَا لِتَتَحَمَّل الأحْجَار الكَرِيمَة المَوْضُوعَة عَلَيْهَا وَالأحْجَار الكَرِيمَة مُرَصَعَة فِيهَا فِي أرْبَعَة صُفُوف وَمَنْقُوش عَلَى كُلَّ حَجَر إِسْم سِبْط مِنْ الأسْبَاطْ فِي ألْوَان مُتَعَدِّدَة تُكْسِبْ الصَدْرَة جَمَالاً وَبَهَاءً فَائِقاً فَتُعْطِي صُوْرَة تُبْهِر الأبْصَارٌ إِنَّهَا تُشِير إِلَى عَمَل الْمَسِيح المُتَعَدِّدٌ الجَوَانِبْ الَّذِي عَمَلُه مِنْ أجْلِنَا كَرَئِيس كَهَنِة خَلاَصِنَا . أحْجَار الصَدْرَة وَأحْجَار أبْوَاب أُورُشَلِيم السَّمَاوِيَّة :- وَالبَدِيعْ أنَّنَا نَجِدٌ فِي سِفْر الرُؤْيَا أنَّ أسَاسَات المَدِينَة العَظِيمَة أُورُشَلِيم السَّمَائِيَّة النَّازِلَة مِنْ السَّمَاء مِنْ عِنْدَ الله مُزَيَنَة بِإِثْنَا عَشَرَ حَجَر كَرِيمْ وَعَلَيْهَا أسْمَاء رُسُلٌ الخَرُوف الإِثْنَيْ عَشَرَ ( رؤ 21 : 14) بَيْنَمَا نَجِدٌ أسْمَاء الأسْبَاط مَكْتُوبَة عَلَى الإِثْنَتَي عَشَرَة لُؤلُؤَة الَّتِي تُكَوِّنْ أبْوَاب المَدِينَة مَعَ إِخْتِلاَف بَسِيطْ فِي ثَلاَثَة مِنْهَا لكِنَّهَا نَفْس العَنَاصِر وَكَأنَّ رَئِيس الْكَهَنَة يَحْمِل عَلَى صَدْرَتِهِ أسَاسَات مَدِينَة الله وَمَفَاتِيحٌ أبْوَابَهَا وَكَمَا نُقِشَتْ أسْمَاء الأسْبَاط عَلَى أحْجَار الصَدْرَة هِيَ مَنْقُوشَة أيْضاً عَلَى أبْوَاب أُورُشَلِيم السَّمَاوِيَّة نَعَمْ إِنَّهُ إِمْتِدَادٌ لِعَمَل الله فِي كَنِيسَتِهِ عَبْر الأجْيَال القَدِيم وَالجَدِيد وَمِنْ هُنَا نَجِدْ أنَّ هُنَاكَ إِرْتِبَاطٌ عَجِيبْ بَيْنَ صَدْرَة القَضَاء وَأمْجَادٌ المَدِينَة السَّمَاوِيَّة المُقَدَّسَة وَكَمَا أنَّهَا تَمْتَدُ بِنَا إِلَى المُسْتَقْبَل حَيْثُ المَجْد السَّمَاوي كَذلِك هِيَ تَرْجَعُ بِنَا إِلَى المَاضِي حَيْثُ جَنَّة عَدْن فَنَجِدٌ أنَّ أوَّل حَجَر كَرِيمْ مَذْكُور فِي الكِتَاب المُقَدَّس هُوَ حَجَر الجَزْع ( تك 2 : 12)وَهُوَ حَجَر التِّذْكَار عَلَى كَتِفَي الرِّدَاء ثُمَّ تَقْرأ فِي نُبُّوِة حَزْقِيَال عَنْ أحْجَار كَرِيمَة أُخْرَى كَانَتْ فِي جَنَّة عَدْن تَتَفِقٌ إِلَى حَدٍ كَبِير مَعَ أحْجَار الصَدْرَة﴿ كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ ﴾ ( حز 28 : 13) فَكَأنَّ صَدْرَة القَضَاء تَرْجَعُ بِنَا إِلَى جَنَّة عَدْن وَاعِدَة شَعْبُ الله بِرَدٌ كُلَّ شَيْءٍ وَرُجُوعِهِمْ إِلَى فِرْدُوسِهِمْ المَفْقُودٌ حَيْثُ المَجْدٌ وَالطَّاعَة وَكَذلِك نَجِدٌ المَدِينَة السَّمَاوِيَّة تُحَدِّثْنَا عَنْ تِلْكَ الأمْجَادٌ عَيْنِهَا وَتُقَدِّم لِلكَنِيسَة المُقَدَّسَة أكْثَر مِنْ أمْجَادٌ الفِرْدُوس المَفْقُودٌ بِوَاسِطَة رَئِيس الْكَهَنَة الحَقِيقِي الَّذِي يَحْمِل أسْمَاءَهُمْ عَلَى قَلْبِهِ كُلَّ حِينٍ . تَثْبِيتْ الصَدْرَة :- كَانَتْ الصَدْرَة مُثَبَّتَة عَلَى الرِّدَاء بِإِتْقَانٍ تَامٌ وَبِإِحْتِيَاطٌ مُزْدَوَجٌ مِنْ أعْلَى وَمِنْ أسْفَل إِذْ يُوْضَعْ عَلَى زَوَايَاهَا الأرْبَعْ أرْبَعَة حَلَقَات مِنْ ذَهَبْ مِنْ أعْلَى عَنْ طَرِيقٌ كَتِفَيْ الرِّدَاء بِوَاسِطَة سِلْسِلَتَيْن مِنْ ذَهَبْ وَمِنْ أسْفَل إِلَى زِنَّار الرِّدَاء بِوَاسِطَة حَلَقَات مِنْ ذَهَبْ وَسَلاَسِل مَجْدُولَةٌ مِنْ ذَهَبْ وَخِيطْ أسْمَانْجُونِي . عِنَايِة الله وَالصَّدْرَة :- إِنَّهَا عِنَايِة الله الفَائِقَة الَّذِي يُدَبِّر كُلَّ شَيْء بِإِتْقَانٍ تَامٌ بَلْ وَأكْثَر مِنْ ذلِك يَأمُر أنْ تَكُون الحَلَقَات وَالعُقَدٌ مُخْتَفِيَة خَلْف الصَدْرَة فَلاَ تَظْهَر عُقَدٌ فِي سَلاَسِل الذَّهَبْ الخَارِجِيَّة بَلْ فِي الجُزْء الغِير الظَّاهِر مِنْ الدَّاخِل فَلاَ يَظْهَر شِئ مَعْقُودٌ عَلَى صَدْرٌ هَارُون بَلْ كُلَّ شَيْء بِسِيطْ وَلَطِيفْ كَلُطْف الله وَبَسَاطَتِهِ إِنَّ الله يُرِيدَنَا أنْ نَرْتَبِطْ بِهِ فِي بَسَاطَة وَسُهُولَة وَالعَاشِقٌ لِتَعَالِيمْ يَسُوع يَجِدٌ فِيهَا بَسَاطَة مُتَنَاهِيَة إِذْ قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ بِغَيْر مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمَهُمْ ( مت 13 : 34 ؛ مر 4 : 34 ) كَلاَمٌ يَتَفِقٌ مَعَ جَمِيعْ الثَّقَافَات وَيُنَاسِبْ كُلَّ الفِئَات دُونَ تَعْقِيدٌ إِذْ يَجْعَل مِنْ سَامِعِهِ يَشْتَاق إِلَى الحَيَاة بِحَسَبْ هذِهِ التَّعَالِيم إِذْ تَطْلُبْ عَنْ أبْنَائِهَا ﴿ سَهِّلْ لَنَا طَرِيقٌ التَّقْوَى ﴾ تَأمَّل فِي هذِهِ الإِحْتِيَاطَات الدَّقِيقَة لِضَمَان تَثْبِيتْ الصَدْرَة عَلَى قَلْب هَارُون عَلَى الدَوَام . صَدْرَة لاَ تَرْتَفِع وَلاَ تَسْقُطْ :- فَلاَ يُمْكِنْ أنْ تَنْزِل إِلَى أسْفَل لأِنَّ السَّلاَسِل الذَّهَبِيَّة تَرْفَعُهَا إِلَى أعْلَى بِاسْتِمْرَار وَالسَّلاَسِل مُثَبَّتَة عَنْ طَرِيقٌ حَلَقَات دَائِرِيَّة وَهيَ رَمْز لِمَحَبِّة الْمَسِيح الأبَدِيَّة فَالدَائِرَة لاَ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة لَهَا وَلاَ يُمْكِنْ أنْ تَرْتَفِعْ إِلَى فَوْق لأِنَّ الخِيطْ الأسْمَانْجُونِي يَرْبُطْهَا بِزِنَّار الرِّدَاء وَهذِهِ هِيَ نِعْمَة الله الَّتِي تَرْفَعْ الإِنْسَان مِنْ اليَأس وَالإِحْبَاط وَتَحْفَظْ الإِنْسَان مِنْ الغُرُور وَالإِرْتِفَاع . تَعَالِيم الآبَاء الَّتِي لاَ تَرْفَع وَلاَ تَسْقُطْ :- وَحِينَ نَتَأمَّل فِيمَا فَعَلَهُ الأنْبَا بِمْوَا مَعَ تِلْمِيذُه القِدِيس يِحْنِس القَصِير حِينَ أمَرَهُ بِإِحْضَار ضَبْعَة وَمِنْ قَدَاسَتِهِ أمَرَهَا فَأطَاعَتْهُ فَأحْضَرْهَا إِلَيْهِ وَجَدْنَاهُ يَنْتَهِرُه وَيَتَهِمُه بِأنَّهُ أحْضَرَ كَلْباًإِنَّهُ يَجْذِبَهُ إِلَى أسْفَل خَوْفاً عَلَيْهِ مِنْ الإِرْتِفَاع وَرَأيْنَا أيْضاً حِينَ حَضَرَ القِدِيس مُوسَى الأسْوَدٌ إِلَى الأنْبَا إِيسُوذُورُس وَرَأى فِيهِ رُوحٌ تُوْبَة حَقِيقِيَّة جَذَبَهُ إِلَى أعْلَى وَأمْسَكَهُ بِسَلاَسِل الذَّهَبْ وَوَضَعَهُ عَلَى الأكْتَاف وَهُنَا يَجِبْ أنْ نُدْرِك أنَّ الشَّعْب مُمَثَّلاً تَمْثِيلاً مُزْدَوَجاً عَلَى الأكْتَاف وَالصَدْر :- وَجَدْنَا فِي مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة مَكَانَيْن لِكُلَّ سِبْط عَلَى الأكْتَاف وَعَلَى الصَدْر وَفِي هذَا رَمْزاً رَائِعاً لِرَئِيس كَهَنِتْنَا الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح وَهُوَ يَحْمِل شَعْبُه عَلَى كَتِفَيْهِ أمَام الله بِقُوَّتِهِ اللاَنَهَائِيَّة وَكَذلِك يَحْمِلَهُمْ أيْضاً عَلَى قَلْبِهِ بِمَحَبَّتِهِ الأبَدِيَّة وَهذَا مَا وَجَدْنَاه فِي قَوْل رَبَّ المَجْد يَسُوع﴿ لاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي ﴾ ( يو 10 : 28 ) القُوَّة غِير المَحْدُودَة وَالمَحَبَّة الأبَدِيَّة تَقْتَرِنَان مَعاً فِي إِحْضَار المُؤمِنِينْ أمَام الله بِوَاسِطَة رَئِيس الكَهَنَة وَهُنَا يَسْطُعْ نُور قَدَاسِة عَرْش الله عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة فَيَظْهَر جَمَالَهَا بِجَوَانِبِهِ المُتَعَدِّدَة إِذْ تَلْمَعْ أسْمَاء شَعْب الله المَحْمُولَة عَلَى قَلْب رَئِيس الْكَهَنَة العَظِيمْ بِحَسَبْ بَهَاء مَجْدٌ الأحْجَار الكَرِيمَة المَوْضُوعَة عَلَيْهِ إِذْ هِيَ تَرْمُز إِلَى أمْجَادٌ الْمَسِيح وَكَمَالاَتُه وَهُنَا نَتَمَتَّعْ بِحَقِيقِة كَمَال قَبُولْنَا فِي الْمَسِيح أمَام الله تَمَاماً مِثْل قَبُول الآب لِلْمَسِيح فَيَتَطَلَّعْ الآب إِلَيْنَا وَنَحْنُ مَحْمُولِينْ عَلَى كَتِفَيْ وَقَلْب رَئِيس كَهَنَتْنَا الحَقِيقِي مُحَاطِينْ بِكُلَّ جَمَال ذَاكَ الَّذِي هُوَ مَوْضِعْ سُرُورِهِ وَلَذَّتِهِ دَائِماًهؤُلاَء الَّذِينَ سَيُحْضِرْهُمْ إِلَيْهِ فِي النِّهَايَة لِيَكُونُوا مِثْلَهُ وَمَعَهُ إِلَى الأبَدْ . الإِرْتِبَاط بَيْنَ الصَّدْرَة وَالكَتِفَيْنِ :- وَمَا أجْمَل الإِرْتِبَاط بَيْنَ الصَدْرَة وَالكَتِفَيْن فَكُلَّ حَرَكَة مِنْ حَرَكَات كَتِفَيْ رَئِيس الْكَهَنَة تُؤَثِرعَلَى الصَدْرَة وَكُلَّ نَبْضَة مِنْ نَبَضَات قَلْبُه كَانَتْ تَهِز الصَدْرَة وَتَنْتَقِل بِوَاسِطَة السَّلاَسِل المَجْدُولَة إِلَى الكَتِفَيْن وَهذَا يُذَكِّرْنَا بِأنَّ قُوَّة ذِرَاع الرَّبَّ تَرْتَبِطْ إِرْتِبَاطاً وَثِيقاً بِرِّقِة قَلْبِهِ المُحِبْ وَلاَ عَمَل مِنْ أعْمَال قُوَّتِهِ مُنْفَصِلٌ عَنْ مَقَاصِدٌ رَحْمَتِهِ فَثِقٌ أنَّ كُلَّ الأشْيَاء تَعْمَل مَعاً لِلخِير ( رو 8 : 28 ) وَتُشِير عَرُوس النَّشِيد إِلَى هَذَيْن المَرْكَزَيْن اللَّذَانْ تُرِيدْ أنْ يَحْفَظْهَا العَرِيس فِيهُمَا إِذْ تَقُول لَهُ﴿ اجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ ﴾ ( نش 8 : 6 ) " عَلَى قَلْبَك " حَيْثُ المَحَبَّة القَوِيَّة كَالمَوْت الَّتِي تُقَدِّس الكَيَان لله وَ " عَلَى سَاعِدَك " حَيْثُ القُوَّة الَّتِي تَحْفَظ مِنْ الشَّر وَالشِّرِّير وَبِذلِك نَجِدٌ ضَمَانْ الوُصُول إِلَى المَجْد حَيْثُ الوَعْد﴿ وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الاِبْتِهَاجِ ﴾ ( يه 24 ) وَهذَا مَا رَأيْنَاه حِينَ غُلِبَ مِنْ تَحَنُّنِهِ وَبَذَلَ ذَاتُه فِدَاء كَنِيسَتُه وَتَمَّمْ لَهَا الخَلاَص بِذِرَاعِهِ ( أف 5 : 25 ) . الحِجَارَة وَلَمَعَانْهَا :- وَإِمْتِيَاز هذِهِ الأحْجَار الكَرِيمَة إِنَّهُ كُلَّمَا سَطَعَ عَلَيْهَا النُّور إِزْدَادَ لَمَعَانْهَا وَهذَا هُوَ جَمَالْنَا وَبَهَاءْنَا أمَام الله هذَا هُوَ المَرْكَز الَّذِي وَهَبَتْنَا إِيَّاه نِعْمَة الله لأِنَّهُ إِله كُلَّ نِعْمَة أنَّ مَهْمَا كَانَتْ ضَعَفَاتْنَا فَإِنَّ أسْمَاءْنَا أمَام الله لَمْ تَزَلْ فِي ضِيَاء وَلَمَعَان وَبَهَاء أمَام الله كُلَّ حِينْ وَإِذْ يَسْطُعْ لَمَعَانُه عَلَيْنَا تَجِدْنَا قَدْ تَألَّقْنَا بِكُلَّ لُوْن مِنْ ألْوَان فَضَائِلِهِ وَكَمَالُه وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَطِيعْ أنْ يُفْسِدٌ جَمَالْنَا إِنْ كُنَّا مُخْتَفِينْ فِي جَمَال شَخْصِهِ ؟!! مَنْ الَّذِي يَسْتَطِيعْ أنْ يُطْفِئ ضِيَاء القُدْس أوْ يَدْخُل إِلَى القُدْس لِكَيْ يَنْزَع الأحْجَار مِنْ كَتِفَيْ وَصَدْرِة رَئِيس الْكَهَنَة ؟!! إِنْ كَانَ الله هُوَ الَّذِي أمَرَ بِوَضْعَهَا فِي هذِهِ الأمَاكِنْ بَلْ وَهذَا التَّرْتِيبْ إِنَّنَا نُرَدِّدٌ مَعَ مُعَلِّمْنَا بُطْرُس ﴿ أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ ﴾ ( 1بط 1 : 5 ) رُبَّمَا يَرَى النَّاس النَقَائِص فِي بَعْضِهِمْ البَعْض أمَّا الله فَيَرَانَا عَلَى قَلْب وَكَتِفَيْ إِبْنِهِ فِي جَمَال وَبَهَاء وَيَا لَيْتَ أوْلاَدٌ الله يَسْلُكُون أمَام النَّاس بِمَا يَتَفِقٌ مَعَ مَرْكَزَهُمْ أمَام الله فَلاَ يَظْهَر مِنْهُمْ سِوَى كُلَّ مَا صِيتَهُ حَسَنْ لِكَيْ لاَ يُفْتَرَى عَلَى صَلاَحِهِمْ ﴿ عَلَى قَلْبِهِ أمَامَ الرَّبِّ دَائِماً ﴾ ( خر 28 : 30 ) وَنَحْرِص دَائِماً أنْ يَكُون سُلُوكَنَا مُتَفِقاً مَعَ مَقَامَنَا وَدَعْوَتْنَا وَلكِنْ شُكْراً لله الَّذِي جَعَلَ قَضَاءِنَا وَحَقِّنَا لَيْسَ مَعَ النَّاس وَلكِنْ مَعَ إِبْنِهِ حَيْثُ الحِجَارَة الكَرِيمَة المَنْقُوشَة عَلَيْهَا أسْمَاءْنَا هُنَاك دَائِماً . صَدرَة لاَ تُنْزَع :- وَمَا كَانَ يُمْكِنْ أنْ تُنْزَع الصَدْرَة مِنْ الرِّدَاء ( الأُفُودٌ ) إِذْ هِيَ مَرْبُوطَة بِهِ بِسَلاَسِل الذَّهَبْ وَخِيطْ الأسْمَانْجُونِي وَهكَذَا نَصِيبَنَا فِي الْمَسِيح يَسُوع الَّذِي يَرْتَبِط بِخِدْمَتِهِ الكَهَنُوتِيَّة وَأيْضاً مَعَ بِرِّهِ الإِلَهِي بِلاَ إِنْفِصَال وَهيَ رَابِطَة أبَدِيَّة كَمَا تَرْمُز إِلَى ذلِك الحَلَقَات المُسْتَدِيرَة الَّتِي بِلاَ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَهكَذَا نَطْمَئِنْ عَلَى أمر خَلاَصِنَا الَّذِي أخَذَهُ الْمَسِيح عَلَى عَاتِقِهِ وَلَنْ يَطْرَحَهُ أبَداً بَلْ قَدَّمَهُ لَنَا دَائِماً وَجَدِيداً مِنْ خِلاَل كَنِيسَتَهُ المُقَدَّسَة وَكَهَنُوتُه العَامِل فِي كَهَنِة العَهْد الجَدِيد وَهذَا مَا يُشَجِّعْ نِفُوسْنَا حِينَ تَصْغُر وَحِينَ تَشْتَدٌ التَّجَارُب وَالحُرُوب حَيْثُ تَتَشَجَّعْ وَتَبْتَهِج نِفُوسْنَا لأِنَّ مَرْكَزْنَا ثَابِتْ لاَ يَتَزَحْزَح فِي قَلْب الْمَسِيح وَعَلَى كِتْفِهِ . عَلَى القَلْب :- وَنُلاَحِظْ أنَّ مَكَانْ الصَدْرَة " عَلَى قَلْب رَئِيس الْكَهَنَة " تَكَرَّر ثَلاَث مَرَّات فِي آيَتَيْن مُتَتَالِيَتَيْن ( خر 28 : 29 ؛ 30 ) مِمَّا يُؤَكِدْ عُمْق مَحَبَّتِهِ لِشَعْبِهِ وَهُنَا نُقَدِّم دَعْوَة بِالتَّطَلُّعْ الدَّائِم إِلَى رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ الَّذِي يَحْمِلْنَا أمَام الله كُلَّ حِينْ عَلَى قَلْبِهِ وَكَتِفَيْهِ الَّذِي لاَ يَكُفْ عَنْ الطَلَبْ لأِجْلِنَا فَلاَ نَعُودٌ نَنْظُر إِلَى فَشَلْنَا وَضَعْفِنَا بَلْ نَتَطَلَّعْ إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي مِنْ عِنْدِهِ تَأتِي الرَّحْمَة وَالعَوْن فِي حِينْه . فِي دَاخِلِهِ :- فَلَوْ تَطَّلَعْنَا إِلَى مَكَانَنَا الآنْ فِي مِلْء بَرَكِة العَهْد الجَدِيد لَوَجَدْنَا أنَّنَا غِير مَنْقُوشِينْ عَلَى حِجَارِة أكْتَاف وَلاَ مَوْضُوعِينْ عَلَى صَدْرَة قَضَاء مِنْ الخَارِج بَلْ فِي إِتِحَادٌ كَيَانِي كَامِل مَعَ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ الَّذِي لَمْ يَجِدٌ لَنَا مَكَاناً يَحْمِلْنَا فِيهِ أفْضَل مِنْ دَاخِلِهِ فَلاَ نُنْزَع مِنْهُ أبَداً وَحِينَ نَتَحِدٌ بِهِ فِي الإِفْخَارِسْتِيَا نَحْصُل عَلَى مَا عَبَّر عَنْهُ القِدِيس كِيرِلُس الكَبِير فِي صَلاَة القِسْمَة لِلقُدَّاس الإِلَهِي ﴿ وَهَبْتَ لَنَا أنْ نَأكُل جَسَدَك عَلاَنِيَةً أهِّلْنَا لِلإِتِحَادٌ بِكَ خِفْيَةً وَهَبْتَ لَنَا أنْ نَشْرَب كَأسَ دَمِكَ ظَاهِراً أهِّلْنَا أنْ نَمْتَزِج بِطَهَارَتَك سِرَّاً وَكَمَا أنَّكَ وَاحِد فِي أبِيك وَرُوحَك القُدُّوس نَتَحِدٌ نَحْنُ بِكَ وَأنْتَ فِينَا وَيَكْمُل قَوْلَك وَيَكُونُ الجَمِيعْ وَاحِداً فِينَا ﴾وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس بُولِس الرَّسُول صِرْنَا أعْضَاء جِسْمِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ ( أف 5 : 30 )إِنَّهَا دَعْوَة لِنَتَأمَّل أنْفُسَنَا وَنَحْنُ مَحْمُولِينْ دَاخِلِهِ كَمْ لَنَا مِنْ كَرَامَة وَكَيْفَ يَرَانَا الآب وَلَوْ تَأمَّلْنَا فِي مَلاَبِس كَاهِن العَهْد الجَدِيد نَجِد أنَّهُ يَرْتَدِي البُّرْنُس وَهُوَ رِدَاء مِدَوَّرٌ وَاسِع مَفْتُوح مِنْ الأمَام بِلاَ أكْمَام يَخْتَفِي فِيهِ جِسْم الْكَاهِن بِجُمْلَتِهِ وَهُوَ إِشَارَة إِلَى عِنَايِة الله الَّتِي تُحِيطْ بِهِ وَتَسْتُرُه مَعَ كُلَّ شَعْبِهِ مِنْ كُلَّ نَاحِيَة . تَرْتِيبْ أسْمَاء الأسْبَاط :- نُلاَحِظْ أنَّ أسْمَاء بَنِي إِسْرَائِيل كَانَتْ مَنْقُوشَة عَلَى حَجَرَيْ الجَزْع عَلَى الكَتِفَيْن﴿ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ ﴾ ( خر 28 : 10 ) فَكَانَتْ هكَذَا :- عَلَى الكِتْف اليُمْنَى رَأُوبِين – شِمْعُون – لاَوِي – يَهُوذَا – دَان – نَفْتَالِي عَلَى الكِتْف اليُسْرَى جَادٌ – أشِير – يَسَّاكِر – زَبُولُون – يُوسِفْ - بِنْيَامِين أمَّا فِي الصَدْرَة فَكَانَتْ الأسْمَاء مَنْقُوشَة عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة فِي أرْبَعَة صُفُوف حَسَبْ تَرْتِيبْ الأسْبَاط وَحُلُولَهُمْ حَوْلَ خَيْمَة الإِجْتِمَاع وَفِي إِرْتِحَالِهِمْ مَعَ مُلاَحَظِة أنَّ سِبْط لاَوِي كَانَ يَأخُذْ مَكَاناً مُجَاوِراً لِلخَيْمَة فِي جَمِيعْ الإِتِجَاهَات لِذلِك حَلَّ مَحَلُّه سِبْط أفْرَايِم وَمَنَسَّى ( أبْنَاء يُوسِف ) وَبِذلِك تَكُون صُفُوف الحِجَارَة هكَذَا :- الصَّفْ الأوَّل عَقِيق أحْمَر ( يَهُوذَا ) يَاقُوت أصْفَر( يَسَّاكِر ) زُمُّردٌ ( زَبُولُون ). الصَّفْ الثَّانِي بَهْرَمَان ( رَأوبِين ) يَاقُوت أزْرَق ( شِمْعُون ) عَقِيقٌ أبْيَض ( جَادٌ ). الصَّفْ الثَّالِث عِين الهِرِّ( أفْرَايِم ) يَشْم ( مَنَسَّى ) جَمْشَتْ( بِنْيَامِين ). الصَّفْ الرَّابِعْ زَبَرْجَدٌ ( دَان ) جَزْع ( أشِير ) يَشْب ( نَفْتَالِي ). وَلَنَا أنْ نُدْرِك ظُهُورَنَا أمَام الله مُمَثَّلِينْ فِي رَئِيس الْكَهَنَة مِنْ خِلاَل هذَا التَّرْتِيبْ ( بِحَسَبْ المَوَالِيد ؛ وَبِحَسَبْ الأسْبَاط ) . حَسَبْ المَوَالِيد :- نَاحِيَة نَظْهَر فِيهَا بِحَسَبْ التَّرْتِيبْ الطَّبِيعِي بِالتَّسَاوِي بِحَسَبْ مِيلاَدْنَا الجَدِيد وَنَوَالْنَا نِعْمَة البُنُّوَة لله الآب فِي المَعْمُودِيَّة وَهذَا يُعَبِّر عَنْ أنَّ بِدَايِة نِعْمَة البُنُّوَة الحَقِيقِيَّة لله وَاسْتِحْقَاقَات الدُّخُول ضِمْن قَطِيعُه المُقَدَّس تَبْدأ مِنْ المَعْمُودِيَّة أمَّا مَا يَسْبِقٌ المَعْمُودِيَّة أوْ غَيْر المُعَمَدٌ فَهُوَ غَيْر مُشْتَرِك فِي هذِهِ البَرَكَات المَوْهُوبَة لِلأبْنَاء فَقَطْ . حَسَبْ المَكَان الخَاص :- وَنَاحِيَة نَظْهَر فِيهَا كُلُّ وَاحِدٌ بِحَسَبْ مَكَانِهِ الخَاص وَلَمَعَانُه المُمَيَّز بِهِ كَمَا تَخْتَلِفْ الأحْجَار الكَرِيمَة بَعْضَهَا عَنْ بَعْض وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَة وَلكِنَّهَا كُلَّهَا كَرِيمَة هكَذَا يَخْتَلِفْ المُؤمِنُون الوَاحِدٌ عَنْ الآخَر وَلكِنْ الجَمِيعْ مُتَسَاوُونْ فِي القُرْب مِنْ الله وَمَحْبُوبُون بِذَات المَحَبَّة اللاَنِهَائِيَّة وَلَنَا أنْ نَثِقٌ أنَّ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ يَحْمِلْنَا جَمِيعاً دُونَ تَمَيُّز عَلَى كَتِفِه فِي كَمَال مَجْدُه أمَام الله وَيَطْمَئِنْ عَلَى دُخُولْنَا إِلَى مَوَاضِعْ الرَّاحَة وَالسُّرُور الأبَدِي وَلَيْسَ مِنْ قَبِيل الصُدْفَة أنَّهُ حِينَ رَأى يُوحَنَّا فِي الرُؤْيَا الرَّبَّ فِي المَنْظَر شِبْه حَجَر اليَشْب وَالعَقِيقٌ وَهُمَا الحَجَرَان الكَرِيمَان آخِر وَأوِّل حَجَرَيْن يُرَصَعَان فِي الصَّدْرَة وَهذَا مَا يُبْهِج قُلُوبِنَا وَهُوَ ضَمَانْ إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ . إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ :- كَمَا رَأيْنَا أنَّ هذَا يُؤَكِّدْ ضَمَانْ إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ وَهُنَاك نَظْهَر بِتَرْتِيبْ مُخْتَلِفْ إِذْ لِكُلَّ وَاحِدٌ حَجَرُه الكَرِيم الخَاص بِهِ وَمَكَانُه المُعَيَّنْ لَهُ وَطَرِيقِة لَمَعَانُه المُتَمَيِّزَة وَفِي ذلِك يَخْتَلِفْ الوَاحِدٌ عَنْ الآخَر وَلكِنْ بِدُون مُنَافَسَة أوْ تَنَازُع بَلْ بِالعَكْس فِي إِتِفَاقٌ وَإِنْسِجَامٌ ألَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الكَنِيسَة الَّتِي نَجِدٌ فِيهَا جَمَاعِة المُؤمِنِينْ حَيْثُ كُلَّ فَرْدٌ يَعْكِس الْمَسِيح وَيَرَى فِي كُلَّ وَاحِدٌ جَمَال خَاص وَلِكُلَّ عُضْو كَرَامَتِهِ وَمَكَانُه الخَاص فِي الجَسَدٌ ؟!!!وَلَنَا أنْ نَرَى الكَنِيسَة وَهيَ قَدْ أخَذَتْ جَمِيعْ المَوْلُودِينْ مِنْهَا إِلَى المَجْد وَهُنَاك أخَذُوا كَرَامَات وَمَوَاضِعْ بِحَسَبْ جِهَادِهِمْ وَأنْوَاعِهِمْ فَنَجِدٌ صُفُوفْ شُهَدَاء وَأبْرَار وَنُسَّاك وَمُعْتَرِفِينْ وَأبْطَال إِيمَان وَكُلٍّ لَهُ لَمَعَانُه الخَاص وَفِيمَا يَلِي جَدْوَل بِأسْمَاء الأسْبَاط وَمَعَانِيهَا وَنُوْع الحَجَر الَّذِي نُقِشَ عَلَيْهِ إِسْم السِبْط :- 1- الحَجَرعَقِيقٌ أحْمَر مَعْنَى السِبْط يَهُوذَا = يَحْمِدٌ { إِيَّاكَ يَحْمَدُ إِخْوَتُكَ }( تك 49 : 8 ) نَصِيبنَا مَعَهُ الحَمْد وَالتَّسْبِيح وَالفَرَح . 2- الحَجَر يَاقُوت أصْفَر مَعْنَى السِبْط يَسَّاكِر = أجْرَه نَصِيبنَا مَعَهُ مُكَافَأة الرَّبَّ عَنْ الجِهَادٌ. 3- الحَجَر زُمُّرُدٌ ( لُونُه أحْمَر قَاتِمْ )زَبُولُون = يَسْكُنْ مَعْنَى السِبْط { تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ }( مز 128 : 2 ) نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يَسْتَقِر فِي الرَّبَّ. 4- الحَجَر بَهْرَمَانٌ = أحْمَر يَمِيل إِلَى الصُفْرَة مَعْنَى السِبْط رَأْوبِين = رَأوا إِبْناً نَصِيبنَا مَعَهُ البّنُّوة لله. 5- الحَجَر يَاقُوت أزْرَق مَعْنَى السِبْط شِمْعُون = يَسْمَعْ نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يَسْمَعْ كَلِمَة الله وَيَعْمَلُ بِهَا. 6- الحَجَر( العَقِيقٌ الأبْيَض ) مَعْنَى السِبْط جَادٌ = جَيْش أوْ فِرْقَة نَصِيبنَا مَعَهُ قُوِّة أوْلاَدٌ الله. 7- الحَجَر عِينْ الهِرِّ ( القِطْ )حَجَر ثَمِين بِهِ نُقْطَة سَوْدَاء كَحَدَقِة عِينْ القِطْ مَعْنَى السِبْط أفْرَايِم = أثْمَار نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يُثْمِر لله. 8- الحَجَر يَشْمٌ = شَفَّاف وَقَدْ تَظْهَر عَلَيْهِ خُطُوط مِنْ عِدِّة ألْوَان مَعْنَى السِبْط مَنَسَّى = نِسْيَان نَصِيبنَا مَعَهُ الله يَنْسَى خَطَايَانَا. 9- الحَجَر" جَمْشَتٌ " لَهُ ألْوَان مُتَنَوِعَة مِنْهَا الأرْجُوانِي مَعْنَى السِبْط بِنْيَامِين = إِبْن اليَمِين نَصِيبنَا مَعَهُ مَكَانَنَا عَنْ يَمِينْ الآب. 10- الحَجَر " الزَبَرْجَدٌ " يُشْبِه الزَّمُرُّدٌ وَألْوَانُه مُخْتَلِفَة أشْهَرْهَا الأخْضَر مَعْنَى السِبْط دَان = دَيْنُونَة أوْ قَضَاء نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي إِقْتَنَى نِعْمِة الإِفْرَاز وَالتَّمْيِيز. 11- الحَجَر الجَزْع مَعْنَى السِبْط أشِير = غِبْطَة أوْ طُوبَى نَصِيبنَا مَعَهُ التَّمَتُّع بِبَهْجِة المَلَكُوت. 12- الحَجَر" اليَشْبٌ " نُوع مِنْ البُللُور الثَّمِينْ مِنْهُ غِير شَفَّاف بِهِ نُقَطْ وَخُطُوط وَمِنْهُ أخْضَر قَاتِمْ مَعْنَى السِبْط نَفْتَالِي = مُصَارَعَه نَصِيبنَا مَعَهُ طَرِيقٌ الصِرَاع مَعَ الله الَّذِي يُعْطِي غَلْبَة. إِلَى أي سِبْط تَنْتَمِي ؟ وَإِنْ تَأمَّلْنَا فِي مَعَانِي أسْمَاء الأسْبَاط وَمَوَاضِعَهُمْ وَأنْوَاع الأحْجَار المُقْتَرِنَة بِهِمْ لَوَجَدْنَا مَنْهَجاً بَدِيعاً يَصِفْ فِيهِ الله صِفَات أوْلاَدُه وَوَاجِبَاتِهِمْ وَمَوَاعِيدُه تِجَاهِهِمْ وَعَلَى كُلَّ عُضْو فِي جَسَدٌ الْمَسِيح السِّرِّي الَّذِي هُوَ الكَنِيسَة أنْ يَنْظُر إِلَى نَفْسِهِ وَيَتَأمَّلْهَا وَيَعْرِفْهَا جَيِّداً وَيَعْرِف إِلَى أي سِبْط يَنْتَمِي وَعَلَى أي حَجَر كَرِيم نُقِشَ إِسْمُه وَفِي أي مَكَان يُوْجَدٌ فَلاَبُدْ لَكَ مِنْ مَكَان وَإِلْتِزَام تِجَاه هذَا المَكَان وَوَعْدْ مِنْ الله لِتَشْتَرِك فِي بَرَكَاتُه وَتُحْفَظْ فِي قَلْبُه كُلَّ حِينٍ . التِّذْكَار :- يُذْكَر عَنْ حَجَرَيْ الجَزْع اللَّذَان عَلَى كَتِفَيْ رَئِيس الْكَهَنَة أنَّهُمَا لِلتِّذْكَار وَكَذلِك الأحْجَار المَوْضُوعَة فِي الصَدْرَة تِذْكَاراً لِبَنِي إِسْرَائِيل لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبِّ دَائِماً ( خر 28 : 29 ) إِنَّ الله يَعْرِف أنَّ طَبِيعِة البَشَر فِي ضَعْفِهَا دَائِماً تَمِيل إِلَى النِّسْيَان فَيُحِبْ الرَّبَّ أنْ يُذَكِّرَهُمْ بِعَمَلُه مَعَهُمْ وَأيْضاً يَنْقِل إِلَيْهِمْ مَشَاعِر مَحَبَّتِهِ بِأنَّهُ دَائِماً يَذْكُرَهُمْ وَكَأنَّهُ تِذْكَار مُتَبَادَل هُمْ يَتَذَكَّرُوا مَرَاحِمْ الرَّبَّ وَإِحْسَانَاتُه مَعَهُمْ وَأيْضاً يَتَذَكَّر الرَّبَّ مَوَاعِيدُه مَعَهُمْ إِنَّهُ تِذْكَار لِمَا عَمَلَهُ الرَّبَّ مَعَ شَعْبُه ﴿ أَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ ﴾( خر 19 : 4 ) ﴿ كَمَا يُحَرِّكُ النِّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَاعَلَى مَنَاكِبِهِ هكَذَا الرَّبُّ وَحْدَهُ اقْتَادَهُ وَلَيْسَ مَعْهُ إِلهٌ أَجْنَبِيٌّ ﴾ ( تث 32 : 11 – 12) فَالرَّبُّ ﴿ بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ ( مِنْ العُبُودِيَّة ) وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ ﴾( أش 63 : 9 ) وَهُمَا أيْضاً لِلتِّذْكَار لِمَا سَيَحْمِلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ أجْل خَلاَصِنَاهذَا الَّذِي تَنَبَّأ عَنْهُ أشْعِيَاءُ النَّبِيِ قَائِلاً ﴿ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً . وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأِجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأِجْلِ آثَامِنَا تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا . كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا . ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ . وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي . وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعْ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ . عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ . إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ . مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ . وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا . لِذلِكَ أَقْسَمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعْ أَثْمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفِعَ فِي الْمُذْنِبِينَ ﴾ ( أش 53 : 4 – 12) . الفِصْح وَالتِّذْكَار :- وَهُنَا نَتَذَكَّر أنَّ العِيد الوَحِيدٌ الَّذِي تَتَصِل بِهِ كَلِمَة " تَذْكَار " هُوَ عِيد الفِصْح إِذْ يُوصِيهُمْ قَائِلاً﴿ وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَاراً فَتُعَيِّدُونَهُ عِيداً لِلرَّبِّ فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً ﴾( خر 12 : 14) وَبُنَاءً عَلِيه كَانَ لَدَيْهِمْ أمْرَان دَائِمَان لِلتِّذْكَار نَجَاتِهِمْ مِنْ عُبُودِيِّة مَصْر بِوَاسِطَة دَمٌ خَرُوف الفِصْح وَقَبُولَهُمْ أمَام الله فِي لَمَعَان وَمَجْد الأحْجَار الكَرِيمَة الَّتِي نُقِشَتْ عَلَيْهَا أسْمَاؤُهُمْ عَلَى كَتِفَيْ وَعَلَى صَدْر رَئِيسُ الْكَهَنَة . كَنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَالتِّذْكَار :- كَذلِك نَحْنُ أبْنَاء كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد لَدَيْنَا أمْرَان عَظِيمَان يَجِبْ أنْ نَذْكُرْهُمَا دَائِماً :- خَلاَصِنَا بِوَاسِطَة ذَبْحٌ فِصْحَنَا الْمَسِيح الَّذِي جَعَلَتْهُ الكَنِيسَة فِصْحاً دَائِماً مُقَدَّماً بِاسْتِمْرَارعَلَى المَذْبَح لِيُعْطِي لِلمُؤمِنِينْ الغُفْرَان وَالخَلاَص فَصَارَتْ ذَبِيحِة القُدَّاس الإِلَهِي هِيَ أعْظَمْ عَمَل يَقُوم بِهِ الإِنْسَان عَلَى الأرْض إِذْ هُوَ إِسْتِمْرَارٌ وَامْتِدَادٌ لِذَبِيحِة الصَّلِيب الَّتِي قُدِّمَتْ عَنْ خَلاَص العَالَمْ كُلُّه فَصَارَتْ رِسَالِة الكَنِيسَة أنْ تَصْنَعْ ذِكْرَى آلاَمُه المُقَدَّسَة وَتُحَقِّقٌ كَلاَمٌ مُخَلِّصْهَا ﴿ إِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي ﴾ فَمَا أجْمَلَهُ تَذْكَار نَصْنَعَهُ وَيُسَلَّمْ مِنْ جِيل إِلَى جِيل وَنَسْتَمِر نَذْكُرُه إِلَى أنْ يَجِئ بِحَسَبْ قَوْل الكَنِيسَة ﴿ وَتَذْكُرُونَنِي إِلَى أنْ أجِئ ﴾ . تَذْكَار قَبُولْنَا الدَّائِمْ أمَام الله كَأوْلاَدُه قَبُولاً ثَابِتاً فِي كُلَّ مَجْدٌ وَكَمَال إِبْنِهِ الحَبِيبْ وَالتَّذْكَار لَيْسَ لِلشَّعْب فَقَطْ بَلْ يُقَال أيْضاً لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبَّ دَائِماً فَمَا كَانَ يُمْكِنْ أنْ يَدْخُل هَارُون إِلَى القُدْس دُونَ أنْ يَضَعْ أمَام عَيْنَيَّ الرَّبَّ كُلَّ الكَمَال الَّذِي تَظْهَر فِيهِ أسْمَاء الشَّعْب قُدَّامُه إِذْ تَسْطَعْ عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة أنْوَار المَنَارَة وَهكَذَا يُوْجَدٌ لَنَا تِذْكَاراً دَائِماً أمَام الله فِي شَخْص رَئِيس الْكَهَنَة الأعْظَمْ الَّذِي يُقَدِّمْنَا إِلَيْهِ فِي كَمَال مَحَبَّتِهِ وَقُوَّتِهِ لاَمِعِينْ وَمُضِيئِينَ فِي مَجْدِهِ وَبِلاَ لَوْم فِي قَدَاسَتِهِ وَمُبَرَّرِينْ فِي بِرِّهِ وَأقْوِيَاء لأِنَّهُ هُوَ قُوَّتْنَا وَلَنَا جَمَال وَكَمَال هُمَا جَمَالُه وَكَمَالُه . أمَام الرَّبَّ دَائِماً :- وَالتَّذْكَار هُوَ أمَام الرَّبَّ دَائِماً وَكَلِمَة " دَائِماً " نَجِدْهَا مُرْتَبِطَة بِأُمور كَثِيرَة :- مُرْتَبِطَة بِخُبْز الوُجُوه﴿ وَتَجْعَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ خُبْزَ الْوُجُوهِ أَمَامِي دَائِماً ﴾ ( خر 25 : 30 ) وَمُرْتَبِطَة بِالمَنَارَة﴿ لإِصْعَادِ السُّرُجِ دَائِماً ﴾ ( خر 27 : 20 ) وَمُرْتَبِطَة بِالبُخُور العَطِر ﴿ بَخُوراً دَائِماً أَمَامَ الرَّبِّ ﴾ ( خر 30 : 8 ) وَمُرْتَبِطَة بِالمُحْرِقَة وَالنَّار الَّتِي عَلَى المَذْبَحٌ دَائِماً ( خر 29 : 38 ) كُلَّ هذَا يُحَدِّثْنَا عَنْ ظُهُور الْمَسِيح أمَام الله دَائِماً لأِجْلِنَا إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلَّ حِينٍ يَشْفَعُ فِينَا( عب 7 : 25 )فَفَاعِلِيِة ذَبِيحَتِهِ فَاعِلِيَّة دَائِمَة وَنَحْنُ عَلَى أسَاسْهَا مَقْبُولُون أمَام الله فِي المَحْبُوب وَكَامِلُون فِيهِ وَلَنَا فِي صَدْرَة القَضَاء بَرَكَات تَفِيض عَلَى نِفُوسِنَا إِنْ أدْرَكْنَاهَا فَرِحَتْ نِفُوسْنَا وَابْتَهَجَتْ كَمَنْ إِرْتَفَعَ عَنْ الأرْض وَاسْتَوْطَنْ السَّمَاء فَابْتَهَجَتْ نَفْسُه وَلَمْ يَشَأ الرُّجُوع إِلَى الأرْض مَا أجْمَلٌ أنْ نَكْتَشِفْ أنْفُسَنَا مُسْتَقِرِينْ فِي صَدْرَة القَضَاء مُمَجَدِينْ فِي ضِيَاء لَمَعَانِهِ إِذْ جَعَلَ إِسْمَهُ عَلَيْنَا وَبَسَطَ ذِيلُه عَلَيْنَا فَصَارَتْ نِفُوسْنَا جَمِيلَةٌ جِدّاً بِجَمَالِهِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا وَنَقْرأ عَنْ جَمَالْنَا فِي نُبُّوِة مَلاَخِي إِذْ نَجِدٌ أنَّ الله يَدْعُو شَعْبُه جَوَاهِرُه إِذْ يَقُول ﴿ وَيَكُونُونَ لِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً ﴾ * وَفِي الأصْل العِبْرِي " جَوَاهِرِي " * ( ملا 3 : 17 )هُوَ يَحْمِلْنَا عَلَى صَدْرِهِ كَجَوَاهِر ثَمِينَة لأِنَّهُ حِينَ يَجِئ لِيَتَمَجَّدٌ فِي قِدِّيسِيه وَيُتَعَجَّبْ مِنْهُ فِي جَمِيعْ المُؤْمِنِينْ ( 2تس 1 : 10) . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
13 أكتوبر 2019

ملابس رئيس الكهنة ج2

أوَّلاً الرِّدَاء ( الأُفُودٌ ) : ﴿ فَيَصْنَعُونَ الرِّدَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَأَرْجَوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِقٍ . يَكُونُ لَهُ كَتِفَانِ مَوْصُولاَنِ فِي طَرَفَيْهِ لِيَتَّصِلَ . وَزُنَّارُ شَدِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْهُ كَصَنْعَتِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ . وَتَأْخُذُ حَجَرَيْ جَزْعٍ وَتُنْقِّشُ عَلَيْهِمَا أَسْمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ . سِتَّةً مِنْ أَسْمَائِهِمْ عَلَى الْحَجَرِ الْوَاحِدِ وَأَسْمَاءَ السِّتَّةِ الْبَاقِينَ عَلَى الْحَجَرِ الثَّانِي حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ . صَنْعَةَ نَقَّاشِ الْحِجَارَةِ نَقْشَ الْخَاتِمِ تُنْقِّشُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى حَسَبِ أَسْمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ . مُحَاطَيْنِ بِطَوْقَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ تَصْنَعُهُمَا . وَتَضَعُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى كَتِفَيِ الرِّدَاءِ حَجَرَيْ تَذْكَارٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ . فَيَحْمِلُ هارُون أَسْمَاءَهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتِّذْكَارِ . وَتَصْنَعُ طَوْقَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ . وَسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ . مَجْدُولَتَيْنِ تَصْنَعُهُمَا صَنْعَةَ الضَّفْرِ . وَتَجْعَلُ سِلْسِلَتَيِ الضَّفَائِرِ فِي الطَّوْقَيْنِ ﴾ ( خر 28 : 6 – 14 ) .. الرِّدَاء هُوَ الثُّوب الخَارِجِي الَّذِي كَانَ رَئِيسُ الْكَهَنَة يَلْبِسَهُ . مَعْنَى أُفُودٌ :- كَلِمَة " أُفُودٌ " هِيَ كَلِمَة عِبْرِيَّة مَعْنَاهَا " يَلْبِس أوْ يَرْتَدِي " وَغَالِباً مَا تُشِير إِلَى ثَوْب خَاص بِالْكَهَنَة عِنْدَ تَقْدِيم الذَّبَائِح كَمَا رَأيْنَا صَمُوئِيل النَّبِي وَهُوَ صَبِي ﴿ وَكَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ أَمَامَ الرَّبِّ وَهُوَ صَبِيٌّ مُتَمَنْطِقٌ بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ ﴾ ( 1صم 2 : 18) وَأيْضاً حِينَ أمَرَ شَاوِل المَلِك بِقَتْل الْكَهَنَة ﴿ وَقَتَلَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً لاَبِسِيِ أَفُودِ كَتَّانٍ ﴾ ( 1صم 22 : 18) وَأيْضاً تَخُصٌ ثِيَاب رَئِيسُ الْكَهَنَة وَبِخَاصَّة الرِّدَاء الخَارِجِي وَهُوَ يَتَكَوَنْ مِنْ قِطْعَتَيْنِ أمَامِيَّة وَخَلْفِيَّة تُوْصَلاَنِ مَعاً مِنْ كِلاَ الْكَتِفَيْنِ كَمَا كَانَ يُشَدٌ مِنْ الوَسَطْ بِزِّنَّار مَفْتُوحاً مِنْ الجَانِبَيْن وَكَانَ قَصِيراً أقْصَر مِنْ الجِبَّة كَانَ الرِّدَاء يُصْنَعْ مِنْ المَوَادٌ الفَاخِرَة وَهيَ نَفْسَهَا الَّتِي يُصْنَعُ مِنْهَا شُقَقٌ المَسْكَنْ وَالحِجَاب وَالسَّجْف الَّذِي كَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْ مَدْخَل الخَيْمَة وَمَدْخَل الدَّار الخَارِجِيَّة وَلكِنْ كَانَ يُمَيَزْ عَنْهَا أنْ يَتَخَلَّلَهُ خُيُوطْ الذَّهَبْ كَمَا وُرِدَ فِي ( خر 39 : 3 ) . ألْوَان الرِّدَاء :- وَفِي الألْوَان المُتَعَدِّدَة الَّتِي يُمَوَج بِهَا رِدَاء رَئِيسُ الْكَهَنَة تُقَدِّم صُورَة حَيَّة لِسِمَات السَيِّدْ الْمَسِيح نَفْسُه { أي النَّقَاوَة ( الكِّتَّان البُوص المَبْرُوم ) ؛ وَالحَيَاة السَّمَاوِيَّة( الأسْمَانْجُونِي وَالذَّهَبْ ) ؛ وَالفِكْر المُلُوكِي ( الأُرْجُوَان ) ؛ وَالتَّقْدِيس بِدَمِهِ الكَرِيمْ ( القِرْمِز ) } وَالأمر المُفْرِح أنَّنَا نَجِدٌ أنَّ الرِّدَاء كَمَا الزِّنَّار مَصْنُوعَان مِنْ نَفْس مَوَادٌ الخَيْمَة وَكَأنَّ العَمَل الكَهَنُوتِي مُرْتَبِطْ بِالكَنِيسَة يُقَدِّم صُورَة حَيَّة لِسِمَات عَرِيس الكَنِيسَة الحَقِيقِي رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح نَفْسُه . صِفَات الْمَسِيح تَنْتَقِل إِلَى الكَنِيسَة وَمِنْهَا إِلَى الْكَهَنَة وَمِنْهُمْ إِلَى المُؤمِنِينْ :- وَمِنْ هُنَا نَجِدٌ أنَّ الْمَسِيح أعْطَى صِفَاتُه لِكَنِيسَتَهُ وَالكَنِيسَة تُعْطِي صِفَات الْمَسِيح لِكَهَنَتِهَاوَالْكَهَنَة يَطْبَعُون صُورِة الْمَسِيح فِي المُؤمِنِين ( وَذَلِك عَنْ طَرِيقٌ المَعْمُودِيَّة الَّتِي تُسَمَّى صِبْغَة )وَبِذَلِك يَمْتَدٌ عَمَل المَلَكُوت عَلَى الأرْض وَهكَذَا كَانَتْ بِدَايِة الكَنِيسَة يَذْهَبْ رَسُولٌ إِلَى بَلَدٌلاَ تُوْجَدٌ بِهَا كَنِيسَة وَلكِنَّهُ كَانَ يَحْمِل الكَنِيسَة فِي دَاخِلِهِ وَيُظْهِر الْمَسِيح لِكُلٍّ مَنْ حَوْلَهُ فَيَتَسَاءَلُون مَاذَا نَفْعَل ؟ فَيُرْشِدُونَهُمْ إِلَى المَعْمُودِيَّة فَيَصْطَبِغُونَ بِالصِّبْغَة المُقَدَّسَة فَيَكْرِزُون فَتَصِير الكَنِيسَة أتَى مَارِمَرْقُس إِلَى الأسْكَنْدَرِيَّة قَبْل أنْ تُوْجَدٌ بِهَا كَنِيسَة وَلكِنَّهُ كَانَ يَحْمِل الكَنِيسَة وَعَرِيسْهَا فِي قَلْبِهِ فَيُظْهِر الكِتَّان وَالأسْمَانْجُونِي وَالذَّهَبْ وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز فَيَجْذِب إِلَيْهِ كَثِيرُون فَتَصِير كَنِيسَة وَأنْتَ حِينَ تَحْمِل الْمَسِيح وَالكَنِيسَة فِي دَاخِلَك تَصِير أنْتَ نَفْسَك كَنِيسَة فَالكَنِيسَة لَيْسَتْ قِبَاب مَنَارَات وَحِجَارَة وَلكِنَّهَا جَمَاعِة مُؤمِنِينْ أمَنُوا وَأحَبُّوا وَشَهَدُوا لِلْمَسِيح فَصَارُوا حِجَارَة كَرِيمَة حَيَّة بُنِيَتْ بِهَا أجْمَل كَنِيسَة . الذَّهَبْ :- ﴿ فَيَصْنَعُونَ الرِّدَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَأَرْجَوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِقٍ ﴾( خر 28 : 6 ) يُذْكَر الذَّهَبْ أوَّلاً وَهُوَ يُشِير إِلَى مَا هُوَ إِلَهِي فَقُوِّة الذَّهَبْ وَمَجْدُه وَلَمَعَانُه كَانَتْ تَتَخَلَّل نَسِيج الرِّدَاء كُلُّه فَتُكْسِبَهُ مَتَانَة وَبَهَاء وَكُلَّمَا رَأيْنَا تَوَهُّج خُيُوطْ الذَّهَبْ فِي مَلاَبِس رَئِيسُ الْكَهَنَة إِمْتَلأَت قُلُوبَنَا بِالبَهْجَة لأِنَّ الْمَسِيح إِنَّمَا يَأخُذْ مَرْكَزَهُ كَرَئِيس الْكَهَنَة العَظِيمْ بِالبِرَّ الإِلَهِي وَلَمَّا كَانَ الذَّهَبْ رَمْزاً لِلبِرَّ الإِلَهِي فَنَجِدٌ فِيهِ دَلاَلَة عَلَى أنَّهُ الأسَاس الَّذِي عَلَيْهِ يُمَارِس الْمَسِيح عَمَلَهُ الكَهَنُوتِي وَشَفَاعَتِهِ أمَام الله﴿ يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ ﴾ ( 1يو 2 : 1)وَفِي بِرِّهِ قَبُول لِشَفَاعَتِهِ وَخِدْمَتِهِ . إِتِحَادٌ الذَّهَبْ بِالرِّدَاء وَاتِحَادٌ اللاَهُوت بِالنَّاسُوت :- وَأيْضاً إِتِحَادٌ الذَّهَبْ بِأجْزَاء الرِّدَاء كَنَسِيج وَاحِدٌ مُتَلاَحِمْ وَمُتَرَابِطْ إِشَارَة إِلَى بَشَرِيِّة الْمَسِيح الكَامِلَة المُلْتَحِفَة وَالمُتَّحِدَة إِتِحَاداً كَامِلاً بِمَجْدٌ لاَهُوتُه الَّذِي لاَ يُعَبَّر عَنْهُ وَهكَذَا نَجِدٌ فِي ألْوَان الرِّدَاء الأسْمَانْجُونِي وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز وَالكِتَّان إِشَارَة إِلَى الأوْجُه المُتَكَامِلَة لِنَاسُوْت الْمَسِيح أمَّا الذَّهَبْ فَيُشِير إِلَى طَبِيعَتِهِ الإِلَهِيَّة وَقَدْ كَانَتْ خُيُوطْ الذَّهَبْ تَتَخَلَّل بَقِيِّة المَوَادٌ وَتَتَحِدٌ مَعَهَا إِتِحَاداً كَامِلاً مَعَ بَقَائِهَا مُتَمَيِّزَة عَنْهَا تَمَاماً وَهذَا مَا رَأيْنَاهُ فِي شَخْص يَسُوع الْمَسِيح حِينَ حَلَّ بَيْنَنَا عَلَى الأرْض وَجَدْنَاهُ إِنْسَاناً كَامِلاً وَإِلَهاً كَامِلاً مَعَ بَقَاء كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزاً تَمَاماً . السَيِّد الْمَسِيح إِلهاً كَامِلاَ وَإِنْسَاناً كَامِلاً :- تَأمَّل السَيِّدْ الْمَسِيح فِي بَحْر الجَلِيل وَهُوَ فِي السَّفِينَة نَائِماً عَلَى وِسَادَة وَسَطْ إِضْطِرَابٌ الأمْوَاج الهَائِجَة ( مت 8 : 24 ) وَفِي هذَا تَظْهَر طَبِيعَتَهُ الإِنْسَانِيَّة الكَامِلَة ثُمَّ أُنْظُر إِلَيْهِ بَعْد لَحَظَات وَهُوَ يَنْتَهِر الرِّيَاح وَالبَحْر كَصَاحِبْ السُّلْطَان المُطْلَقٌ عَلَى الخَلِيقَة وَفِي هذَا إِعْلاَناً عَنْ لاَهُوتُه بِكُلَّ وُضُوحٌ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَل مَجْهُوداً وَلاَ إِسْتِعْدَاداً خَاصَّاً لِهذِهِ المُنَاسَبَة وَلكِنَّهُ بِكُلَّ سُهُولَة يَقُوم مِنْ نُعَاس النَّاسُوت إِلَى عَمَل اللاَّهُوت إِنَّهُ الذَّهَبْ المُوَشِّي بِالرِّدَاء وَفِي مَوْقِفْ آخَر حِينَ طَلَبُوا مِنْهُ دِرْهَمَيْن كَضَريبَة ( مت 17 : 24 ) يُعْلِنْ عَنْ نَاسُوتُه الكَامِل إِذْ يَضُمْ نَفْسُه إِلَى تِلْمِيذُه بُطْرُس وَيَأمُرَهُ أنْ يُلْقِي بِالصِّنَّارَة وَالسَّمَكَة الَّتِي تَطْلَعْ أوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَاراً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ ( مت 17 : 27 ) هُنَا يُظْهِر لاَهُوتُه مَالِك السَّموَات وَالأرْض الَّذِي يَضَعْ نَفْسُه عَلَى كُنُوْز البَحْر قَائِلاً هِيَ لِي لأِنَّهُ ﴿ الَّذِي لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ ﴾ ( مز 95 : 5 )وَهُنَا تَظْهَر طَبِيعِة النَّاسُوْت وَقُدْرِة اللاَّهُوْت أيْضاً حِينَ كَانَ وَاقِفاً عِنْدَ قَبْر لِعَازَر ( يو 11 ) حَيْثُ إِنْزَعَجَ وَاضْطَرَبْ وَبَكَى إِنَّهَا مَشَاعِر تَصْعَدٌ مِنْ أعْمَاق الطَّبِيعَة النَّاسُوتِيَّة الكَامِلَة وَمِنْ القَلْب الإِنْسَانِي الَّذِي كَانَ رَقِيقاً بِمَا لَمْ تَصِل إِلَيْهِ رِقِّة أي قَلْب آخَرلَقَدْ شَعَرْ بِإِزْعَاج المَوْت الَّذِي هُوَ مِنْ نَتَائِج الخَطِيَّة وَتَفَاعَل مَعَهُ بِمَشَاعِر عَمِيقَة وَلكِنَّهُ صَاحِبْ مَفَاتِيح الهَاوِيَة وَالمَوْت نَادَى بِسُلْطَان ﴿ لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجاً ﴾ ( يو 11 : 43 ) فَاسْتَجَابَ المَوْت وَالقَبْر لِصَوْتِهِ ذِي السُّلْطَان وَفَتَحَا أبْوَابَهُمَا القَوِيَّة وَأطْلَقَا أسِيرَهُمَا فِي الحَال وَمَا أشْهَى لِنِفُوسْنَا أنْ نَتَأمَّل فِي إِلَهْنَا مُحِبْ البَشَر الصَّالِحٌ وَهُوَ الله الظَّاهِر فِي الجَسَدٌ ( 1تي 3 : 16) وَالذِّهْن المُنْقَادٌ بِرُوح الله يَكْتَشِفْ مَهَارِة الرُّوح فِي إِعْلاَن هَاتَيْن الصِّفَتَيْن مَعاً﴿ صَنْعَةَ الْمُوَشِّي ﴾ ( خر 39 : 3 ) فَلاَ يَسِعَك إِلاَّ أنْ تَخُر وَتَسْجُد وَتَنْطِقٌ { بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ } ( مت 14 : 33 ) . زِنَّار الرِّدَاء :- ﴿ وَزُنَّارُ شَدِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْهُ كَصَنْعَتِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ ﴾( خر 28 : 8 ) هذَا الزِّنَّار كَانَ مَصْنُوعاً مِنْ ذَات مَوَادٌ الرِّدَاء وَكَصَنْعَتِهِ وَقَدْ كَانَ الزِّنَّار عَادَةً بِعَرْض رَاحِة اليَدْ وَكَانَ يُلَفْ مَرَّتَيْن حَوْلَ الجُزْء الأعْلَى مِنْ الوَسَطْ وَيُدَلَّى طَرَفُه مِنْ الأمَام يَجْعَل الرِّدَاء يَظَل مَشْدُوداً عَلَى جَسَدٌ رَئِيسُ الْكَهَنَة بِاسْتِمْرَار وَلَهُ ذَات صِفَات الرِّدَاء إِنَّهَا خَوَاص الْمَسِيح الَّتِي تُلاَزِمَهُ دَائِماً . الزِّنَّار كَمَنْطِقَة لِلرِّدَاء :- وَكَانَ بِمَثَابِة مَنْطِقَة لِلرِّدَاء وَالمَنْطِقَة فِي الكِتَاب المُقَدَّس تُشِير دَائِماً إِلَى الإِسْتِعْدَادٌ وَالخِدْمَة بِحَسَبْ قَوْل السَيِّدْ الْمَسِيح ﴿ إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ ﴾ ( لو 12 : 37 ) . الزِّنَّار وَخِدْمِة السَيِّد الْمَسِيح :- فَزِّنَّار الرِّدَاء إِذاً يُشِير إِلَى خِدْمِة السَيِّدْ الْمَسِيح كَرَئِيس كَهَنَة تِلْكَ الخِدْمَة الَّتِي يَقُوم بِهَا لأِجْلِنَا أمَام الله كُلَّ حِينْ فَهُوَ الْكَاهِن الأمِينْ الكَامِل الَّذِي فِي أيَّام جَسَدِهِ أكْمَل الطَّاعَة لِمَشِيئِة الآب وَالآنْ وَهُوَ فِي مَجْدِهِ لاَزَالَ يَخْدِم إِذْ يَشْفَعْ فِينَا كُلَّ حِينْ وَبِذَلِك يُؤَدِّي لَنَا خَدَمَات الشَّفَاعَة وَالرَّحْمَة المُسْتَمِرَّة مُسْتَخْدِماً وُكَلاَؤُه الَّذِينَ إِخْتَارَهُمْ كَهَنَةً لَهُ مَا أعْظَمْ التَّعْزِيَة الَّتِي لَنَا حِينَ نَرْفَعْ عُيُونَنَا وَنَرَى الْمَسِيح بِعِينْ الإِيمَان الآنْ وَهُوَ يُمَارِس عَمَلُه الْكَهَنُوتِي مِنْ خِلاَل كَهَنِة العَهْد الجَدِيد وَالزِّنَّار يَشِدٌ رِدَاءَهُ الْكَهَنُوتِي لأِنَّنَا بِذلِك نَتَأكَّدْ مِنْ ضَمَان خَلاَصِنَا كُلَّ الطَّرِيقٌ إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلَّ حِينٍ يَشْفَعُ فِينَا ( عب 7 : 25 ) وَأخْبَرْنَا يُوحَنَّا فِي رُؤيَاه أنَّهُ قَائِمْ فِي السَّمَاء مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمَنْطِقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ( رؤ 1 : 13) . زِنَّار المُعَمَّدٌ : وَأرَادَتْ الكَنِيسَة أنْ تَجْعَل أوْلاَدْهَا مُتَمَثِّلِينْ بِسَيِّدَهُمْ فَتَضَعْ عَلَى الشَّخْص المُعَمَّدٌ زِنَّاراً لِتُذَكِّرُه بِأنَّهُ صَارَ مُكَرَّساً لِلرَّبَّ وَمُمَيَّزاً وَسَطْ العَالَمْ وَعَلَيْهِ أنْ يَحْيَا مُتَمَنْطِقاً سَاهِراً مُسْتَعِداً حَتَّى يَرِث المُلْك المُعَدٌ مِنْ أجْلُه . رَئِيسُ كَهَنَة لاَ يَكِل :- لَقَدْ تَذَمَّر مُوسَى لأِنَّ قِيَادِة الشَّعْب فِي مَرَاحِل البَرِّيَّة كَانَتْ حِمْلاً ثَقِيلاً عَلَيْهِ أثْقَلْ مِمَّا يَحْتَمِل أمَّا الرَّبَّ يَسُوع كَرَئِيس الكَهَنَة العَظِيمْ فَلَنْ يَكِلْ أوْ يَعْيَا بِالرَّغْم مِنْ كُلَّ ضَعَفَات شَعْبُه وَسَقَطَاتِهِمْ لأِنَّ مَحَبَّتِهِ لاَ تَنْتَهِي وَمَرَاحِمَهُ لاَ تَزُول فَهُوَ يَنْتَظِرْنَا فِي مَلَكُوتُه مُنْذُ الأزَل وَلاَ يَسْتَرِيحٌ إِلاَّ بِوُصُولِنَا كَامِلِينْ إِلَى رَاحَتِهِ لَيْتَكَ تَتَأمَّل كَثِيراً فِي هذَا الزِّنَّار الَّذِي يَجْعَلَك تَثِقٌ أنَّهُ يَقْبَل تَوْبَتَك وَاعْتِرَافَك فَلاَ تَتَرَدَّد أنْ تَتَحِدٌ بِجَسَدِهِ وَدَمِهِ لِتَأخُذ خَلاَصاً وَغُفْرَاناً مِنْ يَنْبُوع الخَلاَص وَالغُفْرَان . حَجَر الْجَزْع :- تُذْكَر حِجَارِة الْجَزْع بِالذَّات ضِمْنَ التَّقْدُمَات الَّتِي كَانَ مَطْلُوباً إِحْضَارِهَا لإِتْمَام عَمَل الخَيْمَة ﴿ وَحِجَارَةُ جَزْعٍ وَحِجَارَةُ تَرْصِيعٍ لِلرِّدَاءَ وَالصُّدْرَةِ ﴾ ( خر 25 : 7 ) كَانَ يُنْقَش عَلَى الحَجَرَيْن أسْمَاء بَنِي إِسْرَائِيل سِتَّة عَلَى الحَجَر الوَاحِدٌ وَسِتَّة عَلَى الحَجَر الثَّانِي حَسَبْ مَوَالِيدَهُمْ وَيُوضَعَانْ عَلَى كَتِفَي الرِّدَاء مُحَاطَيْن بِطَوْقَيْن مِنْ ذَهَبْ وَفِي كُلَّ طَوْق سِلْسِلَة مِنْ ذَهَبْ نَقِي مَجْدُولَة صَنْعَة الضَّفْر وَارْتِبَاطْ هذَا الوَصْف بِمُمَارَسَة الخِدْمَة الْكَهَنُوتِيَّة ظَاهِر مِنْ القَوْل ﴿ فَيَحْمِلُ هارُون أَسْمَاءَهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتِّذْكَارِ ﴾ ( خر 28 : 12) وَحَجَر الجَزْع هُوَ نُوْع مِنْ الحِجَارَة الثَّمِينَة الَّتِي تَشِعْ بِضِيَاء شَدِيدٌ مِثْلَ لَهِيب النَّار تَظْهَرُ فِيهِ عِدِّة ألْوَان جَمِيلَةٌ فِي خُطُوطٌ مُتَوَازِيَة وَيُعْرَفُ أيْضاً بِحَجَر المُهَا . حَجَر الجَزْع وَالفِرْدُوس :- وَمِنْ الجَدِير بِالذِّكْر أنَّ حِجَارَة الجَزْع كَانْت الحِجَارَة الكَرِيمَة الَّتِي ذُكِرَت فِي الفِرْدُوس لأِوَل مَرَّة فِي سِفْر التَّكْوِين ﴿ وَذَهَبُ تِلْكَ الأَرْض جَيِّدٌ هُنَاكَ الْمُقْلُ وَحَجَرُ الْجَزْعِ ﴾ ( تك 2 : 12)فَهُوَ يُذَكِّرْنَا بِالجَمَال الَّذِي فَقَدْنَاه فِي الفِرْدُوس " الذَّهَبْ وَحِجَارِة الجَزْع " .. حِجَارِة الجَزْع هِيَ الآنْ عَلَى كَتِفَي رَئِيس الْكَهَنَة وَفِي هذَا وَعْدٌ بِأنَّ الْمَسِيح سَيُعِيدَنَا كَحِجَارَة كَرِيمَة عَلَى كَتِفَيْهِ وَعَلَى صَدْرِهِ مُحَاطِينْ بِالذَّهَبْ حَقّاً إِنَّهُ يُذَكِّرْنَا بِأنَّهُ سَيَرُدٌ لَنَا كُلَّ مَجْدٌ الفِرْدُوس الأوَّل بَلْ وَأزْيَدٌ مِنْهُ إِذْ كَانَ الذَّهَبْ وَحِجَارِة الجَزْع مَوْجُودَةٌ فِي الطَّبِيعَة فِي الفِرْدُوس الأوَّل أمَّا فِي بَرَكِة العَهْد الجَدِيد فَمَحْمُولَة عَلَى كَتِفَيْ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ . عَلَى الكِتْف فِي طُوق مِنْ ذَهَبْ :- وَحَجَرَا الجَزْع بِصِفَتِهِمَا مِنْ الأحْجَار الكَرِيمَة يُشِيرَانْ إِلَى كَمَالاَت الْمَسِيح وَطُوْق الذَّهَبْ وَسِلْسِلَتُه يُشِيرَانْ إِلَى البِرَّ الإِلَهِي وَالكَتِفْ تُشِير إِلَى القُوَّة بِحَسَبْ وَعْدٌ أشْعِيَاء النَّبِي﴿ وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ ﴾ ( أش 9 : 6 ) لِذلِك نَجِدٌ فِي مَثَل الخَرُوف الضَّال مَتَى وَجَدَهُ يَحْمِلَهُ عَلَى مَنْكَبَيْهِ ( كَتِفَيْهِ ) فَرِحاً ( لو 15 : 5 ) .وَهُنَا نَرَى أسْمَاء شَعْب الله مَحْمُولَة عَلَى كَتِفَي رَئِيس الْكَهَنَة وَهيَ مُحَاطَةٌ وَمُثَبَّتَة بِالبِرِّ الإِلَهِي إِذْ أنَّ طَوْقَيّ الذَّهَبْ يَصِيرَان كَبَيْتَيْن لِلحَجَرَيْن وَهُنَا نَجِدٌ صُورَة لِشَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ وَهُوَ حَامِلاً شَعْبُه أمَام حَضْرِة الله بِقُوَّتِهِ غَيْر المَحْدُودَة وَهُمْ عَلَى كَتِفَيْهِ مَوْضُوعُونْ بِالحَقَّ وَثَابِتُون عَلَى أسَاس بِر الله الَّذِي أعْطَاهُ لَنَا وَفِيهِ إِكْتَسَبْنَا كُلَّ جَمَالُه وَبَهَاؤه نَعَمْ إِنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُحِيطَنَا بِمَجْدُه وَيُذَكِّرْنَا أنَّ عَظَمِة القِيمَة الَّتِي نَنَالْهَا فِي نَظَر الله بِسَبَبْ إِتِحَادْنَا بِالْمَسِيح فَكَمْ نَشْكُرُه عَلَى نِعْمَتِهِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُون ( رو 5 : 2 ) . كَاهِن العَهْد الجَدِيد :- الْكَاهِن يَحْمِل أثْقَال الشَّعْب : وَالكَاهِن مَهْمَا كَانَتْ شَخْصِيَتِهِ وَمَهْمَا بَلَغَتْ قُدْرَاتُه لاَ يَقْدِر أنْ يَحْمِل أثْقَال شَعْبِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ لِهذَا إِذْ يَضَعْ أسْمَاءَهُمْ عَلَى كَتِفَيْهِ فِي كُلَّ الصَّلَوَات الطَّقْسِيَّة الَّتِي يَقِفْ فِيهَا أمَام الله فَيُلْقِي بِهذَا الثِّقَل عَلَى كَتِفَي الْمَسِيح شَخْصِيّاً وَلِذلِك نَجِدٌ الْكَاهِن يُصَلِّي طِلْبَات عَنْ كُلَّ فِئَات الشَّعْب وَيَصْرُخٌ مِنْ أجْل خَطَايَاه وَجَهَالاَت شَعْبُه وَيُلْقِي بِأثْقَال نَفْسُه وَأثْقَال شَعْبُه عَلَى السَيِّدْ الَّذِي وَحْدَهُ يَقْدِرٌ أنْ يَحْتَمِل وَيُعِين فَتَجِدُه يُرَدِّدٌ شَعْبُك شَعْبُك شَعْبُك وَبَيْعَتُكَ يَصْرُخُونَ إِلَيْكَ إِلَيْكَ وَبِكَ إِلَى الآب مَعَكَ قَائِلِينْ إِرْحَمْنَا وَلاَ تَجِدٌ فِئَة تُنْسَى فِي طِلْبَات الكَنِيسَة الَّتِي تَعْتَبِر نَفْسَهَا أنَّهَا مَسْئُولَة عَنْ الكُلَّ بَلْ وَحَتَّى عَنْ بَاقِي الخَلِيقَة كُلَّهَا مَحْمُولَة عَلَى أكْتَافِهَا وَهُنَا نَتَذَكَّر قَوْل القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ ﴿ الكَاهِن بِمَا أنَّهُ نَائِبْ الله فَهُوَ مُلْتَزِمٌ أنْ يَهْتَمْ بِسَائِر البَشَر لأِنَّهُ صَارَ أباً لِلعَالَمْ كُلُّه ﴾ لِذلِك نَجِدٌ أنَّ صَدْرِة رَئِيس الْكَهَنَة فِي العَهْد الجَدِيد يُرْسَمْ عَلَيْهَا الإِثْنَى عَشَرَ تِلْمِيذاً فِي صَفَّيْن عَمُودَيْن حَتَّى يَتَشَبَّه بِالأبَاء الرُّسُلٌ وَالتَّلاَمِيذٌ مُتَذَكِراً ضَرُورِة ذِكْر شَعْبُه بِدِمُوع حَامِلاً إِيَّاهُمْ فِي أحْشَائِهِ مُقَدِماً مِنْ خِلاَلَهُمْ كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد بِأجْمَعْهَا وَأيْضاً تُونْيِة الْكَاهِن فِيهَا صَلِيبَان مِنْ الأمَام وَالخَلْف وَوُجُودٌ الصَّلِيب مِنْ الأمَام لِكَيْ يُذَكِّر الْكَاهِن بِضَرُورِة حَمْل الصَّلِيب وَالأمَانَة فِي جِهَادُه الرُّوحِي وَالصَّلِيب الخَلْفِي لِكَيْ يُذَكِّرُه بِالبُكَاء عَلَى خَطَايَا شَعْبُه الَّتِي يَحْمِلْهَا عَلَى ظَهْرُه بِصِفَتُه مُمَثَّل عَنْ الشَّعْب أمَام الله . لَنَا رَئِيس كَهَنَة يَحْمِل الكُلَّ :- وَحِينَ كَانَ هَارُون يَظْهَر أمَام الله كَانَ يَحْمِل كُلَّ الشَّعْب مَعَهُ فَكَانَ يَظْهَر أمَام الله كَنَائِبْ عَنْهُمْ كَأنَّهُ يَحْمِل أثْقَال الشَّعْب بِأسْرِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ وَيَقُوْم بِخِدْمَتِهُمْ بِسُرُور وَرِضَى فَكَانَ هذَا يَحْمِل رَمْزاً لِشَخْص يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك لأِنَّ هَارُون فِي ذَاتِهِ لَمْ يَكُنْ يَقْوَى عَلَى حِمْل كُلَّ هذِهِ الأثْقَال وَلكِنْ يُوْجَدٌ كَاهِن أعْظَمْ لَهُ وَحْدَهُ القُوِّة الإِلَهِيَّة الكَافِيَة لِحِمْل الكُلَّ وَلَنَا أنْ نَبْتَهِجٌ أنَّ الَّذِي يَحْمِل كُلَّ الأشْيَاء بِكَلِمَة قُدْرَتِهِ ( عب 1 : 3 ) قَدْ أخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ مَسْئُولِيِة العِنَايَة بِكُلَّ أحَدٌ – وَبِالأخَص الضُّعَفَاء – فَهُوَ يَحْمِل الكُلَّ بِقُوَّة فَائِقَة وَرِعَايَة كَامِلَة . ليْتَنَا فِي دِرَاسَتْنَا هذِهِ أنْ نُحَوِّل أنْظَارِنَا عَنْ هَارُون إِلَى المَرْمُوز إِلِيه الَّذِي لَنَا فِيهِ ضَمَاناً لِقُدُومِنَا إِلَى الله مَحْمُولِينْ عَلَى كَتِفِهِ مَقْبُولِينْ فِي دَالِّة إِسْمِهِ مَسْنُودِينْ عَلَى قُوَّتِهِ بِحَسَبْ وَعْدِهِ ﴿ إِلَى الشَّيْخُوخَةِ أَنَا هُوَ وَإِلَى الشَّيْبَةِ أَنَا أَحْمِلُ قَدْ فَعَلْتُ وَأَنَا أَرْفَعُ وَأَنَا أَحْمِلُ وَأُنَجِّي ﴾ ( أش 46 : 4 ) . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
06 أكتوبر 2019

ملابس رئيس الكهنة

قَدْ يَبْدُو الحَدِيث عَنْ مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة حَدِيثاً جَافّاً بِلاَ فَائِدَة وَقَدْ يَشْتَكِي البَعْض مِنْ عَدَم فَهْم هذِهِ التَّفَاصِيل الَّتِي تَبْدُو صَعْبَة لأِوَّل وَهْلَة وَلكِنْ نَدْعُوك عَزِيزِي القَارِئ بِنِعْمَة الله لِلدُّخُول مَعَنَا فِي جَوْلَة مُمْتِعَة لِنَتَعَرَّف عَلَى أسْرَار مَحَبِّة الله وَرِعَايَتَهُ لِشَعْبِهِ مِنْ خِلاَل مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة وَأيْضاً نَكْتَشِفْ عَظَمِة الوَحْي الإِلهِي الَّذِي أشَارَ إِلَى السَيِّد الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَم فِي كُلَّ أجْزَاء وَتَفَاصِيل مَلاَبِس رَئِيسُ الكَهَنَة وَلكِنْ بِصُورَة سِرِّيَّة بَدِيعَة وَهذَا مَا نُحَاوِل أنْ نَكْتَشِفُه مِنْ خِلاَل هذِهِ الجَوْلَة . ثيابا مقدسة للمجد والبهاء:- أعْلَنْ الله إِرَادَتَهُ المُقَدَّسَة لِمُوسَى النَّبِي أنْ يَصْنَع لِلكَهَنَة وَرَئِيسَهُمْ مَلاَبِس مُقَدَّسَة فِي أقْصَى حُدُود الجَمَال وَالجَلاَل تَلِيقٌ بِمَجْدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَحِينَ نَدْخُل بِنِعْمَة الله فِي التَّأمُّل فِي تَفَاصِيل هذِهِ الثِّيَاب سَنَجِد أنَّهَا لَيْسَ مُجَرَّدٌ ثِيَاب ذَات أوْصَاف مُحَدَّدَة مِنْ مَوَاد أوْ ألْوَان بَلْ هِيَ إِعْلاَن عَنْ عِلاَقَة الله بِشَعْبِهِ مِنْ خِلاَل الْكَاهِنْ فَالكَهَنُوت الهَارُونِي قَدْ تَرَّتَبْ مِنْ الله لأِجْل الشَّعْب الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌ فِي ذَاتُه أنْ يَدْنُو مِنْ الله فَاحْتَاج إِلَى شَخْص يَظْهَر أمَام الله دَائِماً مِنْ أجْلُهُمْ ﴿ وَاصْنَعْ ثِيَاباً مُقَدَّسَةً لِهَارُون أَخِيكَ لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي ﴾ ( خر 28 : 2 – 3 ) كَانَ أمر الله أنْ تُصْنَع ثِيَاب مُقَدَّسَة لِهَارُون أوَّلاً لأِنَّهُ هُوَ رَئِيس الْكَهَنَة لأِنَّهُ يَرْمُز إِلَى السَيِّد الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَم وَدُعِيَتْ مُقَدَّسَة لأِنَّهَا مُكَرَّسَة لِلخِدْمَة إِذْ تَخَصَّصَتْ لِخِدْمِة الرَّبَّ القُدُّوس وَقَوْلِهِ * لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ * أي لِلجَلاَل وَالعَظَمَة وَالجَمَال لِكَيْ تَلِيقٌ بِمَجْد الله الَّذِي يَجِبْ أنْ يُسْجَد لَهُ وَيُعْبَدٌ فِي زِينَة مُقَدَّسَة وَكَأنَّهَا تُحَدِّث بِمَجْد الله بِحَسَبْ تَعْبِير سِفْر أخْبَار الأيَّام الأوَّل ﴿ لأِنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَمُفْتَخَرٌ جِدّاً وَهُوَ مَرْهُوبٌ فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ لأِنَّ كُلَّ آلِهَةِ الأُمَمِ أَصْنَامٌ وَأَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ السَّموَاتِ الْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ أَمَامَهُ الْعِزَّةُ وَالْبَهْجَةُ فِي مَكَانِهِ هَبُوا الرَّبَّ يَا عَشَائِرَ الشُّعُوبِ هَبُوا الرَّبَّ مَجْداً وَعِزَّةً ﴾ ( 1أخ 16 : 25 – 28 ) فَهْيَ ثِيَاب لاَ تَخُص الْكَاهِن كَشَخْص بَلْ الْكَهَنُوت كَكَرَامَة أمَام الله وَهُنَا نَتَذَكَّر القِصَّة الَّتِي حَدَثَتْ مَعَ شَخْص سَمَعْ عَنْ نُسْك القِدِيس بَاسِيلْيُوس وَتَقَشُّفِهِ فَذَهَبَ لِيَرَاه فَوَجَدَهُ يَلْبِس مَلاَبِس فَاخِرَة جَمِيلَةٌ أثْنَاء القُدَّاس فَسَألَهُ كَيْفَ تَلْبِس هذِهِ المَلاَبِس رَغْم مَا نَسْمَعَهُ عَنْكَ فِي نُسْك وَتَقَشُّف ؟!! فَأخَذَهُ جَانِباً وَأرَاه المَلاَبِس الَّتِي تَحْت مَلاَبِس الْكَهَنُوت فَوَجَدَهَا مِنْ الخِيش الخِشِنْ وَقَالَ لَهُ أنَّهُ لاَ يَلْبِس هذِهِ المَلاَبِس لأِجْل شَخْصُه بَلْ لِعَظَمِة الْكَهَنُوت وَبَهَاؤه أمَرَ الله بِتَفَاصِيل إِقَامِة مُحْتَوَيَات خِيمِة الإِجْتِمَاع فِي غَايِة الدِّقَّة وَالرَّوْعَة وَأيْضاً أمَرْ بِجَمَال وَبَهَاء ثِيَاب الْكَهَنَة لِيَكُونُوا مُمَجَّدِينْ وَذَوِي كَرَامَة عَالِيَة فِي عُيُون الشَّعْب وَبِذلِك يَكُون الجَمَال وَالبَهَاء مُتَنَاسِباً بَيْنَ الخِيمَة وَالخُدَّامَ فِيهَا وَبِذلِك تُقَدِّم خِدْمَة تَلِيقٌ بِمَجْد وَبَهَاء الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَناً . فهى ثياب تتحدث إِذْ لَمْ تَكُنْ الثِيَاب غَايَة فِي حَدٌ ذَاتْهَا بَلْ تَتَحَدَّث وَتَشْهَدٌ عَنْ أُمُور كَثِيرَة مِنْهَا :- أنَّهَا تَتَحَدَّث عَنْ عِظَم شَأن رَئِيس الْكَهَنَة وَتُضْفِي عَلَيْهِ مَجْداً وَبَهَاءً لَيْسَ لَهُ فِي ذَاتُه وَإِنَّمَا تَتَحَدَّث عَنْ مَجْد شَرَفْ الخِدْمَة الَّتِي يَقُوم بِهَا تَتَحَدَّث وَتَشْهَدٌ عَنْ وُجُودٌ الرَّبَّ بَيْنَ شَعْبِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي أنْ يُهْدِي وَيُقَدِّس وَيَغْفِر لِجَمَاعَتِهِ المُخْتَارَة المَحْبُوبَة جِدّاً لَدَيْهِ تَتَحَدَّث عَنْ إِحْتِيَاج رَئِيس الْكَهَنَة لِمَجْد هذِهِ الثِيَاب إِذْ تُخْبِر عَنْ عُرْيُه الشَّخْصِي فِي عَيْنَيّ قُدُّوس إِسْرَائِيل وَلِذلِك إِحْتَاج إِلَى ثِيَاب تُكْسِبُه مَجْداً وَبَهَاءً تَتَحَدَّث عَنْ رَئِيس كَهَنَة آخَر أعْظَمْ لاَ يَحْتَاج إِلَى ثِيَاب مَصْنُوعَة بِالأيَادِي يَلْتَمِس مِنْهَا مَجْدُه وَبَهَاؤه بَلْ كَانَتْ تُخْبِر عَنْ رَئِيس الْكَهَنَة الأعْظَم الَّذِي أخْبَرْنَا عَنْهُ القِدِيس بُولِس الرَّسُول﴿ هُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ ﴾ ( عب 1 : 3 ) فَهْيَ تُعْلِنْ المُفَارَقَة البَعِيدَة المَدَى الشَّاسِعَة بَيْنَ كَهَنُوت هَارُون وَكَهَنُوت الرَّبَّ يَسُوع الَّذِي لَهُ كُلَّ مَجْد الآب وَالَّذِي لَهُ المَقَام الإِلهِي وَالمَجْد الأزَلِي فَهُوَ الإِبْن الوَحِيد المَمْلُوء نِعْمَة وَحَقّاً تَتَحَدَّث عَنْ إِحْتِيَاج كَهَنُوت هَارُون لِمَجْد وَبَهَاء هذِهِ الثِيَاب إِلاَّ أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح هُوَ الَّذِي أعْطَى وَظِيفِة الْكَهَنُوت مَقَامَهَا وَكَرَامَتِهَا وَالعَجِيب رَغْم كُلَّ هذِهِ الثِّيَاب وَبَهَاءَهَا إِلاَّ أنَّنَا نَجِد أنَّ رَئِيس الْكَهَنَة لَمْ يَدْخُل قَطْ إِلَى قُدْس الأقْدَاس مُرْتَدِياً هذِهِ الثِّيَاب وَلاَ يَقِفْ أمَام الله بِهذِهِ الصِفَات الَّتِي تُعْلِنْهَا تِلْكَ المَلاَبِس إِذْ كَانَ يَدْخُل إِلَى قُدْس الأقْدَاس مَرَّة وَاحِدَة فَقَطْ فِي السَنَة يَوْم الكَفَّارَة العَظِيمْ مُتَسَرْبِلاً بِثَوْب مِنَ الكِتَّان فَقَطْ هَلْ عَلَمْت لِمَاذَا ؟ لأِنَّ كَمَال المَجْد وَالبَهَاء اللَّذَانْ تَتَحَدَّث عَنْهُمَا تِلْكَ الثِيَاب هُمَا يَخُصَان الرَّبَّ يَسُوع وَحْدَهُ الَّذِي فِيهِ يَكْمُل فِكْر الله مِنْ جِهَة الْكَهَنُوت . حكماء القلوب:- ﴿ وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي ﴾ ( خر 28 : 2 – 3 ) لَمْ يَتْرُك الله بَنِي إِسْرَائِيل لِيَعْمَلُوا هذِهِ الثِّيَاب كَمَا شَاءُوا بَلْ وَصَفَ لَهُمْ كُلَّ قِطْعَة مِنْهَا وَصْفاً دَقِيقاً فَلاَ مَجَال لِلأفْكَار الشَّخْصِيَّة أوْ الإِبْتِكَار أوْ الخَيَال بَلْ هُنَاك صِفَتَانْ :- أوَّلاً : حُكَمَاء القُلُوب أي لَهُمْ رُوح المَعْرِفَة وَالحِكْمَة ثَانِياً : مَلأتَهُمْ مِنْ رُوح الحِكْمَة وَكَأنَّ الله يُرِيدْ أنْ يُعْلِن أنَّهُ يَقُود حُكَمَاء القُلُوب الَّذِينَ يَطْلُبُون مَجْدُه وَيَخَافُون إِسْمُه فَيُرْشِدَهُمْ وَيَلْهِمَهُمْ فِي كُلَّ أعْمَالِهِمْ لِيُعْلِنْ مَجْدُه وَسَطْ العَالَمْ فَالله هُوَ مَصْدَر كُلَّ مَعْرِفَة وَهُوَ وَاهِبْ المَوَاهِبْ وَهُوَ يَسْتَخْدِم وَيُقَدِّس مَوَاهِبْ البَشَر لِتَعْمَل لِحِسَاب مَجْدُه فَمَا أعْجَبْ تَنَازُل رُوح الله الَّذِي يُظْهِر قُدْرَتَهُ فِي الأشْيَاء المَحْسُوسَة الفَانِيَة حَتَّى تُسْتَعْلَنْ قُدْرَتَهُ فِي كُلَّ شَيْء مُسْتَخْدِماً حُكَمَاء القُلُوب عَزِيزِي القَارِئ إِنَّ الله يُرِيدْ أنْ يَسْتَخْدِم قُدْرَاتَك وَيَقُودٌ مَوَاهِبَك بِنِعْمِة رُوحُه القُدُّوس لِيُقَدِّسَك لِحِسَاب مَجْد مَلَكُوتُه الإِلهِي فَكُنْ أمِيناً فِي تَسْلِيم مَوَاهِبَك وَقُدْرَاتَك لِيَعْمَل بِهُمَا مَا يَشَاء . تفاصيل الثياب:- ﴿ وَهذِهِ هِيَ الثِّيَابُ الَّتِي يَصْنَعُونَهَا صُدْرَةٌ وَرِدَاءٌ وَجُبَّةٌ وَقَمِيصٌ مُخَرَّمٌ وَعِمَامَةٌ وَمِنْطَقَةٌ ﴾( خر 28 : 4 ) .. وَيُمْكِنْ أنْ نُقَسِّم الثِّيَاب * مِنْ الخَارِج إِلَى الدَّاخِل * إِلَى :- الرّدَاء ( أُفُودٌ ) وَهُوَ الثُوب الخَارِجِي مِثْلَ قَمِيص قَصِير يَصِل إِلَى مَا قَبْلَ الرُّكْبَتَيْن لَهُ كِتْفَان مَوْصُولاَن وَبِلاَ أكْمَام . الصَّدْرَةٌ ( صَدْرَة القَضَاء ) وَهيَ أثْمَنْ المَلاَبِس وَأعْجَبَهَا وَهيَ قِطعَة مُرَبَعَة طُولَهَا تَقْرِيباً شِبْر وَعَرْضَهَا شِبْر تُثَبَّتْ فِي كِتْفَيَّ الرِّدَاء بِوَاسِطَة سَلاَسِل مِنْ ذَهَبْ مُرَّصَعَة بِصُفُوف مِنْ الأحْجَار الكَرِيمَة . الأُورِيم وَالتُّمِّيم وَهُمَا حَجَرَان مِنْ المَاس مَوْضُوعَان عَلَى الصَّدْرَة . الجُبَّة وَهُوَ ثُوب مَنْسُوج طَوِيل أسْمَانْجُونِي ( أزْرَق سَمَاوِي ) بِلاَ كُمَّيْن يُلْبَس تَحْت الصَّدْرَة مِنْ الرَّقَبَة إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَتَنْتَهِي أذْيَالَهُ بِرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَجَلاَجِل ذَهَبْ . العَمَامَة وَصَفِيحِة الذَّهَبْ العَمَامَة مِنْ الكِتَّان النَّقِي تُلَفْ حَوْل الرَّأس وَصَفِيحِة الذَّهَبْ مُثَبَّتَة عَلَى العَمَامَة مَكْتُوب عَلَيْهَا " قُدْس لِلرَّبَّ " . القَمِيص هُوَ أوِّل شِئ يَرْتَدِيه رَئِيس الكَهَنَة وَهُوَ ثُوب ذُو كُمَّيْن مِنْ الكِتَّان يَصِل إِلَى القَدَمَيْنِ وَيَسْتُر كُلَّ الجِسْم وَالسِرْوَال هُوَ ضَرُورِي لِسَتْر العَوْرَة وَهُوَ يُغَطِّي مِنْ الحَقَوَيْن إِلَى الرُّكْبَتَيْن . المَنْطِقَة وَهيَ قِطْعَة مِنْ الكِتَّان المُطَرَّز ذَاتَ ألْوَان يُخَالِط نَسِيجَهَا الذَّهَبْ وَيَشْتَد بِهَا الوَسَطْ . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
21 يوليو 2019

إن لم ترجعوا و تصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات

كَانَ التَلاَمِيذ مَشْغُولِين مِين هُوَ الرَئِيس وَمَنْ هُوَ الأعْظَم مَنْ الرَئِيس فُوْق فِي السَّمَاء ؟ فَهُمْ بِيَبْحَثُوا عَنْ الشَكْل وَالوَظَائِف كَانَ هَؤلاَء التَلاَمِيذ يَحْمِلُوا إِسْمَك لِيُوَاجِهُوا بِهِ مُلُوك وَأبَاطِرَة وَوَلاَة وَجَلْد وَسَيْف هَلْ إِنْتَ يَارْبَّ مِش حَاسِس بِضَعْفُهُمْ وَلَكِنْ جَمِيل جِدّاً مَحَبِّة الله الَّلِي عَارْفَه كُلَّ الأُمُور وَتَكْشِف كُلَّ الضَعَفَات إِنَّه قَادِر أنْ يَجْعَل أوَانِي لِلمَجْد الْمَسِيح رُوحه القُدُّوس سَيُغَيِّر كُلَّ الضَعَفَات كُلَّ الضَعَفَات تَكُون مَاضِي فَهُوَ عَمَل نِعْمَة الله المُغَيِّرَة فِي الضَعْف البَشَرِي رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح شَايِفْهُمْ يَقُولُوا مَنْ هُوَ الأعْظَمْ وَالأفْضَل عَجِيب أنَّ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح عَارِف ضَعَفَاتنَا وَمُتَأنِّي وَالغَرِيب أنْ نَكُون مَعَ يَسُوع فِتْرَة طَوِيلَة وَضَعَفَاتنَا كَثِيرَة وَخَطَايَانَا مَعَانَاوَمِنْ الوَاضِح أنَّ النَّاس دِي لَيْسَ مِنْهَا رَجَاء الرَّبَّ دَخَل فِي حِوَار مَعَ بَعْض النَّاس وَقَالُوا إِنْتَ عَمَلْت كُلَّ شِئ مِنْ أجل الإِنْسَان وَلَكِنْ العَالم سَيَعْرِفُوا إِزَاي إِنَّك هُوَ الْمَسِيح ؟!!! فَرَد الْمَسِيح عَنْ طَرِيق تَلاَمِيذِي فَضَحَكُوا هَؤلاَء النَّاس هَلْ هُمَّ دُول الَّلِي يِتحَمِّلُوا الكِرَازَة ؟ فَأجَابَهُمْ يَسُوع إِنِّي أثِق فِيهُمْ وَقَدْ كَان وَصَارُوا مَوْضِع ثِقَة وَمَسْئُولِيَة وَأوَانِي لِلرُّوح عَجِيبَة نِعْمِة رُوح رَبِّنَا الَّتِي تُغَيِّر الإِهْتِمَامَات مَهْمَا كَانِت إِهْتِمَامَاته أرْضِيَّة وَفِكْره مَحْصُور فِي الأرْضِيَات وَكَأنَّ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يَقُول لَنَا أنَا بَشْتَغَل فِي نَاس فِيهُمْ نَفْس الضَعْف وَلإِنْحِصَارهُمْ فِي ذَاتهُمْ رَاحُوا لِيَسُوع لِيَسْألوه مَنْ هُوَ الأعْظَمْ فِي مَلَكُوت السَّموَات ؟فَدَعَا طِفْلاً وَسَطْهُمْ وَقَالَ { الحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوامَلَكُوتَ السَّموَاتِ } ( مت 18 : 3 ) تَجَاوَز عَنْ ضَعَفَاتهُمْ مِنْ يُوْم مَا اخْتَارهُمْ هُمْ مَسَاكِين فِي كَرَامَة وَهُوَ يَرْفَع مِنْ شَأنُهُمْ لِيُعْطِيهُمْ مَفَاتِيح مَلَكُوت السَّموَات إِنْتَ عَارِف إِنِّي ضَعِيف كُلَّ فِكْرِي فِي الأرْض وَلَكِنْ إِقْتِدَار النَّعْمَة المُغَيِّرَة الَّتِي تُحَوِّلنَا مِنْ أوَانِي لِلهَوَان إِلَى أوَانِي لِلمَجْد يَسُوع عَالِج الضَعْف بِطَرِيقَة إِيجَابِيَّة ( بِالتَفْكِير الإِيجَابِي & التَفْكِير البَنَّاء )إِنْتُمْ بِتفَكَّرُوا بِطَرِيقَة أرْضِيَّة وَأمَّا إِحْنَا بِطَرِيقَة سَمَاوِيَّة كَانَ مِنْ المُمْكِن أنْ يَقُول الْمَسِيح لَهُمْ هكَذَا وَتُصْبِح خِنَاقَة فَكَان يِكُون فِهْمُهُمْ بَسِيط وَلَكِنْ تَصَرُّف رَبِّنَا يَسُوع الإِيجَابِي البَنَّاء لَمَّا جَاب الطِفْل وَقَالَ{ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّموَاتِ }مَثَل لاَ يُنْسَى عَلَشَان كِده إِحْسَاسهُمْ بِالعَظَمَة هُوَ أعْظَم عَائِق لِدُخُول مَلَكُوت السَّموَات{ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّموَاتِ } " لَنْ تَدْخُلُوا "مَعْنَاهَا " مُسْتَحِيل " وَلِذلِك كَانَ لاَبُد مِنْ التُوبَة فَالتُوبَة مِيطَانيَة تَغيِير الإِتِجَاة وَالمَفْرُوض الإِنْسَان أنْ يَتَغَيَّر يَارْبَّ إِزَاي أتغَيَّر ؟ إِزَاي يِكُون لِيَّ الفِكْر بِتَاع الْمَسِيح يَسُوع ؟وَهَلْ أنَا مَاشِي صَحْ وَلاَّ لأ ؟لاَزِم نِرْجَع وَنَصِير مِثْل الأوْلاَد نَتَغَيَّر لِلْمَسِيح يَسُوع نَعِيش فِي وَصِيَة الإِنْجِيل وَفِي وَصِيَة الْمَسِيح فَهُوَ يُقَدِّس طَبْعَك وَيُغَيِّر فِكْرَك عَجِيب أنَّ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح لَمَّا جَاءَ يُكَلِّمَهُمْ وَضَعَهُمْ فِي خَجَلٍ شَدِيد وَكَأنَّهُ يَقُول مِش عَايِز أتكَلِّم مَعَاكُمْ كَثِير بِدُون سَفْسَطَة فِي الكَلاَم وَكَثْرِة كَلاَم فَدَعَا طِفْلاً وَأقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ فَمَنْ إِتَضَعْ مِثْل هَذَا الصَبِي فَهُوَ الأعْظَمْ فِي مَلَكُوت السَّموَات العَظَمَة هِيَ الإِتِضَاع فَالعَالم يِغْرِينَا بِالرِئَاسَة وَالعَظَمَة وَيِجْعَلهَا مَوْضِع الصِرَاع وَيِخْسَّرْنَا المَلَكُوت تِعِيش فِي هذِهِ البَسَاطَة وَهذِهِ القَامَة هِيَ الرُّجُوع فِي حَالِة البَرَارَة الأُوْلَى هِيَّ دِي تِجْعَلَك عَظِيم إِرْجَع فِي قَامِة الطِفْل الصَغِير يِسْتَخْدِم طُرُق إِقْنَاع قَوِيَة جِدّاً وَفِي نَفْس الوَقْت بَسِيطَة جِدّاً العَالم الآن يَتَفَنن فِي فَنْ التَدْرِيس وَتَقْدِيم المَعْلُوْمَة فَهُوَ لَمْ يَقُل فَقَطْ { إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ } بَلْ أيْضاً أحْضَر الطِفْل فَالْمَسِيح لَهُ كُلَّ المَجْد صَاحِب مَنْهَج فِي التَعْلِيم لَمَّا يِتَكَلِّمُوا عَنْ وَسَائِل الإِيضَاح رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح كَانَ يَسْتَخْدِم وَسِيلِة إِيضَاح لِيُقَرِّب الحَقِيقَة وَيُقَدِّم فِي ذلِك أمْثَال لِلتَوْضِيح مِثْل الدِرْهَمْ المَفْقُود( لو 15 : 8 – 9 ) الرَّاعِي وَالخَرُوف ( مت 18 : 12 – 13 ) مُمْكِنْ أي وَاحِد عَايِش يِتعَرَّض لِهَذَا المَوْقِف فَأحْضَر فِي هَذَا المَثَل طِفْل وَوَقَّفه فِي وَسَطِهِمْ أوْ مَثَل خَرَجَ الزَّارِع يِزْرَع وَكَانَ الرَّجُل يَضْع البِذَار وَيَجْعَلَهُمْ يَتَخَيَّلُوا الكَلاَم ( لو 8 : 5 ) فَالْمَسِيح صَاحِب أُسْلُوب بَدِيع الْمَسِيح صَاحِب أُسْلُوب بَدِيع عَايِز النَّاس .. يِنْزِل لِمُسْتَوَى النَّاس ثُمَّ يَصْعَد بِهُمْ فِي أفَاق الرُّوح قِصَّة تُوَضِّح أهَمِيِة الإِتِضَاع زَي رَاهْبَة تُرِيد أنْ تَعْمَل أعْمَال عَظِيمَة مِثْل إِنْشَاءَات عَنْدَهَا آمَال كِبِيرَة وَطُمُوحَات عَاليَة وَالأُم الرَئِيسَة تَمْنَعْهَا فِي كَثِير مِنْ الأحْيَان مِنْ أدَاء أُمُور عَظِيمَة فَذَهَبِت هَذِهِ الرَاهِبَة لِتَشْتَكِي إِلَى أب إِعْتِرَافهَا عَنْ مَنْع الأُم الرَئِيسَة لَهَا فِي تَصَرُّفَاتهَا وَآمَالهَا العَظِيمَة فَرَد عَلِيهَا الأب الكَاهِن إِنَّهَا هِيَ تِمْنَعِك مِنْ الأُمُور العَظِيمَة لِتُسَاعِدِك عَلَى الإِتِضَاع حَتَّى لاَ تَنْشَغِلِي بِأُمُور عَظِيمَة وَلاَ تَنْسِي حَقِيقِة أنْ تَرْجَعِي وَتَصِيرِي مِثْل الأطْفَال هِيَّ دِي القَامَة الَّتِي سَتَدْخُل مَلَكُوت السَّموَات الوَاحِد يَتَأمَّل عِنْدَمَا يَقِف أمَام الطِفْل يَقُول دَه إِيه الزَمَن الَّذِي أحْدَث لِي هَذَا الفَسَاد طِبَاعِي فِسْدِت وَغَرِيزتِي تَدَنَّسِت وَصُوْرِتِي تَشَوَّهِت الْمَسِيح يِقُول إِرْجَع جِوَاك إِمْكَانِيَات تِعِيش فِي طَهَارِة الأطْفَال فِي عَالم كُلَّه دَنَس تِعِيش فِي بَسَاطِة الأطْفَال فِي عَالم كُلَّه كَرَاهِيَّة بِالرُّوح القُدُس الخَلاَّق الْمَسِيح إِسْتَوْدِعهُولَك مِنْ الدَّاخِل يِشَكِّل فِي إِنْسَانَنَا البَاطِنِي لِيِرْجَع فِي قَامِة الطُفُولَة طُول مَا نُقْعُد مَعَ رَبِّنَا وَنُقَف أمَامه الصُورَة تِنْطِبِع فِينَا وَتِغَيَّرْنِي إِلَى حَالِة البَرَارَة الأُوْلَى { إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّموَاتِ }لاَ تُفَكِّر كَثِيراً فِي عَظَمَة عَلَى الأرْض فَكَّر إِزَاي تِكُون عَبْد وَخَادِم لِلكُلَّ وَتَضَعْ نَفْسَك لأِجْل الكُلَّ سَأل شَخْص أحَد القِدِّيسِين قَالَ لَهُ قُلْ لِي كَلِمَة لأِحْيَا ؟ فَرَد وَقَالَ لَهُ{ ضَعْ نَفْسَك تَحْت الخَلِيقَة لِتَحْيَا فِي بَسَاطَة وَتَوَاضُع } كَمَا يُقَال نَحْنُ نَطْلُب الرَّحْمَة بِسَذَاجَة فَنَحْنُ عَارْفِين إِنِّنَا لاَ نِسْتَهِلهَا مِثْل وَاحِد مَعَهُ جِنِية وَيِكَلِّمَك فِي مَائَة جِنِيةأوْ مَائَة ألف جِنِية مِثْل الَّذِي يَقُول " يَارْبَّ أعْطِنِي المَلَكُوت بِسَذَاجِة الأطْفَال " الطَّهَارَة الحُب الرَّحْمَة كُلَّ عَطِيَّة صَالِحَة فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح إِخْتَارْهُمْ لِيُعْلِن مَجْده فِيهُمْ فِي الأرْض فَنَقُول بِرَجَاء مَهْمَا كَانَ فِكْرَك ضَعِيف فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح قَادِر أنْ يِشَكِّلَك مِنْ جَدِيد جَمِيع التَلاَمِيذ سَفَكُوا دِمَائِهِمْ وَأصْبَحُوا عُظَمَاء فِي مَلَكُوت السَّموَات وَإِنْ كَانُوا فِي البِدَايَة غِير مُسْتَحِقِين فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح قَادِر أنْ يُشَكِّلْنَا مِنْ جَدِيد إِذَا خَضَعْنَا لِعَمَل الرُّوح القُدُس حَتَّى الصُورَة تَكْتَمِل وَنَصِل إِلَى قَامِة الطُفُولَة وَيَكُون لَنَا كَرَامَة فِي مَلَكُوت السَّموَات رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِيِنَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القس أنطونيوس فهمى
المزيد
14 يوليو 2019

كيف أتعامل مع المجتمع بتوازن

التَوَازُن يعنِي أنْ يَكُون الإِنسان مُتَزِن فِي أموره أي لاَ يَكُون مُتَحَيِّز إِلَى اليمِين وَلاَ يَكُون مُتَحَيِّز إِلَى اليسار وَلاَ يَكُون فَاقِد إِتِزانه وَيَكُون مُتَزِن وَثَابِت فَهذَا هُوَ الإِتِزان كَيْفَ يسلُك أولاد الله بِإِتِزان ؟ هُناك أربعة نِقاط :- 1- مفهُوم الإِتِزان :- أنْ يَكُون الشخص قَادِر عَلَى إِختِيار أُسلُوب حياته المُناسِب أنْ يعرِف أنْ يختار مَتى يَتَكَلَّم وَمَتى يصمُت عَنْ الكَلام وَأنْ يختار الأشخاص الَّذِينَ يُعَاشِرهُمْ وَأنْ يعرِف كَيْفَ أنْ يفرِز الأُمور عَنْ بعضها فَهُناك فَضِيلة تُسَمَّى فَضِيلة الإِفراز وَهيَ تعنِي الإِختيار وَالتقييم فَمِنْ المفرُوض أنْ يَكُون فِي حياتنا إِفراز وَاتِزان بِمعنى أنْ يَكُون لدينَا إِفراز وَاتِزان فَمَثَلاً الفُول الَّذِي بِهِ حصى فَإِذا طُلِبَ مِنْكَ أنْ تُنَظِف هذَا الفُول فَإِنَّكَ تقُوم بِفرز الفُول عَنْ الحصى الَّذِي بِهِ وَلاَ تعُود وَتضع الحصى مَعَ الفُول بعد عَمَلِيِة الفرز وَهَكَذَا الفرز هُوَ أنْ تختار الجَيِّد وَتَكُون معهُ وَتَبعِد عَنْ الرَدِئ وَكَيْفَ أنْ تَتبع الأمر الجَيِّد وَتُنَمِيه وَتستمِر مَعْهُ وَتطرح الأمر الرَدِئ يِبعِد عنْكَ تماماً فَهذَا هُوَ الإِفراز فَهيَ مُشتَقَّة مِنْ كَلِمة " فرز " ذَات مرَّة قَالَ الأنبا أنطونيُوس لِتَلاَمِيذه : مَا هِيَ أعظم فَضِيلة ؟فَقالُوا تَلاَمِيذه : المَحَبَّة ، التواضُع ، الطاعة ، العطاء ، الإِيمان ، التَعَاوُن ، حُب الآخرِين ، الأمانة ،الصِدق ، طول الأناة ، الإِحتِمال ، التَّعَفُّف ، الوَدَاعة ، الصمت ، الطهارة ، العطف وَهَكَذَا فَقَالَ الأنبا أنطونيُوس : لاَ هُناكَ أعظم فَقَالُوا تَلاَمِيذه : وَمَا هِيَ ؟فَقَالَ الأنبا أنطونيُوس : هِيَ الإِفراز فَقَالُوا تَلاَمِيذه : مَا هُوَ الإِفراز ؟فَقَالَ الأنبا أنطونيُوس : الإِفراز هُوَ العطاء ، وَالمَحَبَّة ، وَالطهارة وَكُلَّ هذِهِ الصِفات الَّتِي ذُكِرت فَكُلَّ هذِهِ الفضائِل سببهَا الإِفراز فَمَثَلاً إِذا لَمْ يعرِف شخص فَضِيلة الإِفراز وَلاَ يعرِف كَيْفَ يفرِز أصدِقائه وَكَانَ إِختِياره مَعَ أصدِقاء غِير أتقِياء فَلاَ يعرِف أنْ يَكُون تَقِي وَإِذا كَانَ إِختِياره مَعَ أشخاص لاَ يعرِفُوا الصمت فَلاَ يَتَعَلَّم فَضِيلة الصمت وَهَكَذَا وَلَكِنْ إِذا قَامَ هذَا الشخص بِإِختِيار صَدِيق نقِي وَطَاهِر فَإِنَّهُ يَكُون نقِي وَطَاهِرفَإِنَّ أعظم الفضائِل هِيَّ الإِفراز فَمَثَلاً كَانَ الأنبا أنطونيُوس يسكُنْ فِي مغارة فوقَ جبل مِنْ جِبال البحر الأحمر لِمُدِّة عشرُونَ سنة بِدُون أنْ يدخُل إِليهِ أي شخص وَلَمْ يرى وجه إِنسان فِي هذِهِ المُدَّة وَبعد عشرُونَ سنة عَلَمَ تَلاَمِيذه أنَّهُ سيخرُج مِنَ المغارة الَّتِي مَكَثَ فِيهَا كُلَّ هذِهِ المُدَّة وَظلَّ تَلاَمِيذه حَائِرِين كَيْفَ يَكُون شكله بعد هذِهِ المُدَّة ؟ وَكَيْفَ تَكُون شخصِيِته أيضاً ؟ فَعِندما خرجَ الأنبا أنطونيُوس مِنَ المغارة فَكَانَ قوامه مُعتدِل فَلاَ يوجد سَمِيناً مُتَرَهِلاً أي سِمِين جِدّاً وَلاَ نَحِيفاً مِنْ شِدَّة النُسك بَلْ كَانَ مُعتَدِلاً فَهُوَ كَانَ يسلُك بِتَوَازُن فَلاَ يوجد وَاجِماً مُتَبَرِماً بِمعنى عَابِس وَلَمْ يوجد ضحوكاً مُتَسَيِباً أي كانت شخصِيِته مُتَزِنة وَعِندما عرضُوا عَلَى الأنبا أنطونيُوس أنَّهُ سَيَكُون رَئِيساً عَلَى جماعة رُهبان كَثِيرة جِدّاً فَكَانُوا تَلاَمِيذه يَتَسَألُون : هل سَيَكُون شَدِيداً معنا ؟ وَآخر يقُول : هل سَيَكُون طَيِّباً معنا جِدّاً ؟ فَنَحْنُ نَكُون عَلَى حُرِّية جِدّاً لأِنَّهُ طَيِّب وَلَكِنْ الأنبا أنطونيُوس كَانَ شَدِيد وَلَكِنْ لَيْسَ لِدَرَجِة أنَّ تَلاَمِيذه يِنفِرُوا مِنْهُ وَلاَ كَانَ مُتَسَيِباً لِلدَرَجة الَّتِي تؤدِي إِلَى أنَّ تَلاَمِيذه يَكُونُوا مُتَسَيِبِين فَإِنَّهُ كَانَ مُتَزِن وَكَانَ يضبُطَهُمْ بِحُب وَبِحزم السلُوك بِإِتِزان وَاعتِدال فَلاَ تَكُون مُتَطَرِفاً إِلَى إِتِجاه شِئ مُعَيَّن فَلاَ تَكُون شَدِيد لِدَرَجِة أنَّكَ تَكُون حرفِي وَلاَ مُتَسَيِب لِدَرَجِة أنَّكَ لاَ تَكُون لَكَ قاعِدة وَلاَ قانُون فَيَجِب أنْ تَكُون مُتَزِن فَمَثَلاً فِي مجمع نِيقية كَانَ يحضره 318 أُسقُفاً بِنِيقية فِي سنة 325 م وَكَانُوا مِنْ مُختلف البِلاد مِنْ كُلَّ أنحاء العالم وَكَانُوا لَيْسَ كُلُّهُمْ أرثُوذُوكس فَكَانُوا مِنْ أسَاقِفة مِنْ كُلَّ كنائِس العالم وَكَانَ موضُوع المُناقشة عَنْ بِدعة آريُوس الَّذِي أنكر لاَهُوت السيِّد المَسِيح وَفِيهِ تَمَّ وضع قانُون الإِيمان بطل هذَا المجمع هُوَ البابا أثناسيُوس وَمِنْ ضِمن موَاضِيع المُناقشة الَّتِي تمَّ مُناقشتها فِي هذَا المجمع فَقَالُوا مفرُوض أنْ يَكُون الكاهِن مُتَبَتِل ( أي بتول ) وَلَيْسَ مُتَزَوِج لأِنَّ الكهنُوت هُوَ كهنُوت المَسِيح وَالمفرُوض أنَّ الَّذِي يدخُل المذبح يَكُون رَاهِب وَغِير مُتَزَوِج .. وَآخرُون قَالُوا أنَّ مِنْ المفرُوض لاَ يَكُون هُناك شِئ إِسمه مُتَبَتِل فَيَجِب أنْ يَكُون كُلَّ الكهنة وَالرُهبان مُتَزَوِجِين فَكَانَ الرأي بينَ أنَّ كُلَّ الكَنِيسة تَكُون مُتَبَتِلة وَآخرُون رأيُهُمْ أنْ تَكُون كُلَّ الكَنِيسة مُتَزَوِجة وَآباء كَنِيسة مصر قَالُوا أنَّ رُعاة الشَّعْب يَكُونُوا مُتَبَتِلِين ( البطرك وَالآباء الأساقِفة ) أمَّا رُعاة الكَنَائِس الَّذِينَ هُمْ تحت الأساقِفة هُمْ يَكُونُوا مُتَزَوِجِين وَبِهذِهِ الطرِيقة تمَّ الجمع بينَ البتولِيين وَبينَ المُتزوِجِين فَهُمْ لاَ ينحازُوا إِلَى جِهه مُعْيَّنة فَكَنِيستنا بِهَا الآباء الأساقِفة وَالآباء الرُهبان وَِالآباء الكهنة فَهَذَا هُوَ الإِتِزان بِمعنى أنْ لاَ يَتِمْ التمييز بِجانِب شِئ أوْ لاَ يحدُث العكس فَيَجِب أنْ تسِير الأُمور بِإِتِزان 2- رَبَّنَا يَسُوع المَسِيح كَنموذج لِلإِتِزان :- لاَ يوجد أقدس أوْ أطهر أوْ أبرأ أوْ أبرع مِنْ يَسُوع المَسِيح فَكَانَ يَسُوع فِي الجِبال يُصَلِّي وَكَانَ فِي المجمع يُعَلِّم وَكَانَ يتواجد فِي الهِيكل مَعَ التَلاَمِيذ يُعَلِّمَهُمْ وَكَانَ يَسُوع فِي حياته مُتَزِن وَكَانَ هُناك أمور كَثِيرة تدُل عَلَى إِتِزانه عِندما دخل يَسُوع إِلَى الهِيكل وَوَجَدَ الباعة بِالهِيكل فَلَمْ يقبل هذَا المنظر وَثَارَ عَلَى الباعة وَالصيارِفة وَكَانَ أيضاً هُناكَ مَوَاقِف تدُل عَلَى أنَّهُ رَحِيم جِدّاً .. فَمَثَلاً المرأة الَّتِي أُمسِكت فِي ذات الفِعل وَقَالَ لَهَا إِذهبِي وَلاَ أنَا أدِينِك ( يو 8 : 4 - 11) فَنَحْنُ رأيناه وَهُوَ مُمسِك السِياط لِلباعة فِي الهِيكل وَفِي نَفْس الوقت يِسَامِح المرأة المُمسِكة فِي ذات الفِعل فَهُوَ يسِير بِإِتِزان وَذَهَبَ يَسُوع فرح عُرس قانا الجلِيل ( يو 2 : 1 )وَذَهَبَ لِلعَشاء عِندَ الفرِّيسِي وَكَانَ يَتَمَشَّى مَعَ التَلاَمِيذ فِي الحقُول ( مت 12 : 1 ) وَركب مركِب مَعَ تَلاَمِيذه فَإِنَّهُ كَانَ مُتَزِن فِي تصرُّفاته فَلاَ هُوَ صَلاَة وَعِبادة فقط فَكَانَ لَهُ حياة إِجتماعِيَّة وَحياة مُجاملة وَحياة خاصة وَلَهُ مُحِبِين فَكَانَ يَسُوع مُتَزِن فَكَانَ يعرِف يَتَعَامل مَعَ تَلاَمِيذه وَأُسرِته وَالكتبة وَالفرِّيسِيين وَالخُطاة وَالمُحِبِين وَكَانَ يعرِف أنْ يَتَعَامل مَعَ المُتأمِرِين وَالأشخاص الَّذِينَ كَانُوا يُرِيدوا أنْ يصطادوه بِكَلِمة( مت 22 : 15) فَيَسُوع كَانَ مُتَزِن 3- كَيْفَ تَكُون شخصِيَّة مُتَزِنة ؟ يَجِب أنْ تسأل نَفْسك : هل أنتَ مُتَزِن ؟ هل أنتَ مُتَزِن فِي تَصَرُّفاتك ؟ هل أنتَ مُتَزِن مَعَ أصدِقائك ؟ هل أنتَ مُتَزِن فِي إِختِياراتك لأمور حياتك ؟ هل أنتَ مُتَزِن فِي بَاقِي سِلُوكِياتك ؟ هل أنتَ مُتَزِن فِي المنزِل ؟ هل أنتَ مُتَزِن فِي المدرسة ؟ أم أنَّكَ تمشِي وَتَتَجِه فِي أي تيار ؟أصعب شِئ أنْ يَكُون الإِنسان بِعِدَّة شخصِيات وَيَكُون غِير مُتَزِن أي عِندما يَكُون فِي الكَنِيسة يُصَلِّي وَيُرَنِّم وَيحفظ ألحان وَيُصَلِّي فِي الأجبِية وَعِندما ينزِل إِلَى حوش الكَنِيسة يَكُون شخص ثانِي وَعِندما يخرُج مِنْ الكَنِيسة يَكُون شخص ثالِث وَعِندما يَكُون فِي المدرسة يقُول لِنَفْسه أنَا الآن فِي المدرسة مَعَ زُمَلاَئِي فَأنَا الآن شخصِيَّة مُختلِفة وَعِندما نسأله لِماذا تَكُون شخصِيَّة أُخرى ؟يقُول يَجِب أنْ أكُون هَكَذَا ( حَتَّى يُوَاكِب الجو ) فَهَذَا يَكُون شخص غِير مُتَزِن فَيَجِب أنْ تَكُون شخص مُتَزِن يعنِي لَكَ مُعَامَلاَت مَعَ كُلَّ الأشخاص الَّذِينَ حولك بِشخصِيَّة واحدة شخصِيَّة مُتَزِنة شخصِيَّة وَاثِقة مِنْ نَفْسهَا أصعب شِئ أنَّكَ تَكُون بِعِدَّة شخصِيات وَأصعب شِئ أنَّكَ تَكُون إِنسان مُتَرَدِّد فَهُناك مواد كِيميائِيَّة إِسمها مواد مُتردِّدة أي أنَّهَا لاَ هِيَّ حَامِضِيّة وَلاَ قَاعِدِيَّة فَلاَ يَجِب أنْ تَكُون مُتَرَدِّد لاَ تَكُون مَسِيحِي وَلاَ تَكُون غِير مَسِيحِي لاَ تَكُون مُتَدَين وَلاَ تَكُون غِير مُتَدَيِن لاَ يَكُون لَكَ مبدأ وَتسِير فِي أمور بِمبدأ " ساعة لِقلبك وَساعة لِرَبك " هُناكَ أشخاص يحفظُون الألحان وَفِي نَفْس الوقت يحفظُون أغانِي وَيعرِفُون أسماء القِديسِين وَالأباء الكهنة وَفِي نَفْس الوقت يعرِفُوا أسماء المُطرِبِين وَالمغَنِيين وَيسمعُون شرائِط الترَانِيم وَشرائط الأغانِي فَهَذِهِ تَكُون شخصِيَّة غِير مُتَزِنة فَيَجِب أنْ تَكُون غِير ذلِك فَأنتَ إِبن رَبِّنَا لاَ تسلُك بِحسب غِير هذَا [ كُلُّ الأشياء تَحِلُّ لِي لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأشياء تُوَافِقُ ]( 1كو 6 : 12) فَلاَ يَكُون أي شِئ يِمشِي فِيهِ وَلاَ يَكُون أي شِئ يَتِم السلُوك بِهِ وَلاَ نِمشِي مَعَ أي شخص فَيَجِب أنْ تَكُون لِشخصِيِتك مَلاَمِح بِمعنى أنَّ رَبِّنَا خلق كُلَّ شخص لَهُ مَلاَمِح مُعَيَّنة فَإِنَّ بصمة اليد قَادِرة أنْ تُمَيِّز شخصِيِتك مِنْ وسط العالم كُلَّه وَلُون عِينِيك وَشكلك فَإِنَّ كُلَّ شخص لَهُ مَلاَمِح مُمَيَزة فَيَجِب أنْ تَكُون لَكَ شخصِيَّة وَاضِحة وَلاَ يَجِب أنْ تَكُون فِي عِدَّة إِتِجاهات هذِهِ تَكُون خطورة فَيَجِب أنْ تَكٌُون شخصِيِتك شخصِيَّة إِبن رَبِّنَا إِنتَ متعَمِّد وَبِوَاسِطة المعمودِيَّة أنتَ لَبِستَ المَسِيح بِالمعمودِيَّة فَأنتَ فِي وسط مدرستك وَفِي وسط زُملائك مَسِيحِي وَفِي منزِلك مَسِيحِي وَفِي الكَنِيسة مَسِيحِي فَلاَ يَجِب أنْ تَكُون فِي كُلَّ مكان بِشخصِيَّة مُختلِفة فَيَجِب أنْ تَكُون إِنسان مُتَزِن فَمَثَلاً هُناكَ شمامِسة طُلِبَ مِنْهُمْ أنَّهُمْ يخدِمُوا فِي إِكلِيل وَوَافقوا فَالمعرُوف عنهُمْ أنَّهُمْ شمامِسة وَأولاد الله وَعِندما جاءوا الشمامِسة سألوا النَّاس : إِنتُمْ بعد الكِنِيسة هل ستذهبُوا فِي مكانٍ مَا ؟ فَقَالُوا لَهُمْ : نعم سوفَ نذهب فِي مكانٍ مَا نِفرفِش فِيه فَالشمامِسة قَالُوا : إِحنا مُمكِنْ نأتِي معكُمْ وَنِفرفِش معكُمْ ؟!!! فَهؤلاء الشمامِسة كَانُوا فِي الإِكلِيل يخدِموا وَيرتِلوا الألحان فِي الكَنِيسة وَمُمسِكِين بِالدف وَيلبِسُونَ التونية وَبعد الفرح يخلعُوا التونية وَيِمسِكُوا بِأشياء أُخرى غِير الدف فهل هذا يلِيق ؟ فهل هذِهِ الشخصِيَّة تَكُون مُتَِزِنة ؟ بِالكَنِيسة يُرَتِلُونَ الألحان وَفِي الأماكِن الأُخرى يِرَدِدُوا الأغانِي فَهَذِهِ ليست شطارة هذَا غِير صَحِيح وَهُناكَ أشخاص يِبَرَرُوا هذَا التَصَرُّف بِأنَّهُمْ يِوَاكبوا العصر وَبِأنْ يَكُونوا مُدرِكِين كُلَّ الأمور الفنيَّة وَالدِينِيَّة وَمعرِفة أسماء المُطربِين وَالمُغَنِيين فَهَذَا غِير صَحِيح فَإِنَّ هذِهِ الشخصِيات غِير مُتَزِنة وَلَمْ يُحَدِّدُوا أهدافهُمْ فَهؤلاء الأشخاص لَمْ تُحَدِّد معالِم شخصِيتهُمْ فَمَثَلاً إِذا وضعنا شعر مِينا عَلَى مناخِير كِيرلُس عَلَى عِين بِيتر عَلَى حواجِب فِيكتُور فَهَذَا لاَ يَصِح فَإِنَّهُ يُنتِج وجه غِير وَاضِح المعالِم .. فَأنتَ كَشخصِيَّة يَجِب أنْ يَكُون لَكَ صِفات مُعَيَّنة وَتَكُون مُتَزِن وَيَجِب أنْ تَكُون مُقتنِع بِحياتك مَعَ رَبِّنَا وَأرفُض الخطأ وَأتبع الصح وَأرفُض الخطأ بِقُوَّة وَبِشَجَاعة 4/ كَيْفَ تَكُون مُتَزِن مَعَ الأُمور الحدِيثة ؟ ( الأُمور الحَدِيثة مِثْل التِلِيفِزيُون ، الدِش ، الفِيديو ، الإِنترنِت ، المُوبايِل ) كُلَّ شِئ رَبِّنَا سمح بِهِ يَكُون كُويِس وَمِنْ المُمكِنْ نَحْنُ نُحَوِّلهَا إِلَى شِئ غِير كُويِس فَمَثَلاً رَبِّنَا سمح أنْ يَكُون هُناكَ شِئ إِسمه رَاديو وَتِلِيفِزيُون وَفِيديو وَكمبيوتر وَمُوبايِل فَمِنْ المُمكِنْ أنْ يَتِمْ إِستخدام هذِهِ الحاجات بِطَرِيقة كُويِسة وَمُمكِنْ أيضاً أنْ تُستخدم بِطَرِيقة غِير كُويِسة فَمِنْ المُمكِنْ أنْ يقُوم شخص بِتجهِيز طعام وَيستخدِم فِيهِ السِكِينة وَبِوَاسِطة هذِهِ السِكِينة يِجرح شخص آخرفَأينَ الخطأ هُنَا فِي السِكِينة أم فِي الشخص الَّذِي يستخدِمهَا ؟هَكَذَا نَحْنُ أيضاً فَإِذا تمَّ إِستخدام الأشياء الحدِيثة بِصورة جَيِّدة وَإِذا تمَّ إِستخدامها بِصورة خطأ فَبِهَذِهِ الطرِيقة نَكُون نأذِي أنفُسنَا وَنأذِي غِيرنَا فَأنتَ يَجِب أنْ تعلم أنَّ الأشياء الحدِيثة يَجِب أنْ تستخدِمها بِطَرِيقة صَحِيحة ذَاتَ مرَّة هُناكَ بِنت تُرِيد أنْ تذهب إِلَى الدِير لِلرهبنة فسألها أب إِعترافها : مَا الَّذِي جعلَكِ تُحِبِين الرهبنة ؟ وَكانت إِجابِتها : أنَّ الَّذِي جعلنِي أُحِب وَأُفَكِر فِي الرهبنة فِيلم ( الرَاهِبة أنَاسِيمُون ) فَإِنَّ هذَا الفِيلم عجبها جِدّاً وَأحَبِت الرهبنة وَأحَبِت الرَاهِبة أنَاسِيمُون وَأقدمت عَلَى الرهبنة فَمُمكِنْ الفيديو يُقَدِّس حياة إِنسان وَمِنْ المُمكِن أنْ يُستخدم بِطَرِيقة غِير مُقَدَّسة فَكَيْفَ تستخدِم الأُمور الحَدِيثة ؟ فهل تُستخدم لِتقدِيس النَّفْس وَتمجِيد رَبِّنَا بِهَا أم تُستخدم لِتدنِيس النَّفْس وَتلوِيث الفِكر وَتلوِيث الجسد ؟ فَأي إِستخدام أنتَ تستخدِمهَا ؟ كُنْ حَذِر رَبِّنَا يُعطِينا سلُوك مُتَزِن فِي حياتنا نُمَجِّد بِهِ رَبِّنَا لأِنَّنَا شهُود لِرَبِّنَا لإِلهنَا المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والانبا أنطونيوس – محرم بك
المزيد
07 يوليو 2019

شخصية وخدمة بطرس الرسول

بدأ معلمنا بطرُس الرسول حياته تلميذ ليوحنا المعمدان ثم تبع بعده ربنا يسوع المسيح بعد رحلة صيد فاشلة لكن ربنا يسوع قال له ادخُل للعُمق والقِ الشبكة وأطاع فَجَمَعْ في شبكته سمك كثير عندئذٍ خرَّ على وجهه وسجد لربنا يسوع وقال له اخرج يارب من سفينتي لأني رجل خاطئ ( لو 5 : 8 ) ومنذ تلك اللحظة ترك كُلّ شيء وتبع ربنا يسوع أكثر شيء هز بطرُس هو مُعجزة صيد السمك معلمنا بطرُس الرسول له أكثر من اسم سمعان وهو اسم يهودي بطرُس وهو اسم يوناني كيفا أو صفا وهو اسم آرامي فعندما يُخاطِب كيهودي يُقال له سمعان وحينما يُخاطِب كيوناني يُقال له بطرُس وعندما يُخاطِب بالآرامية يُقال له كيفا أو صفا كما قال معلمنا بولس الرسول هذه أسماءهُ وهذه دعوته وتلمذته ليوحنا المعمدان أولاً ثم للمسيح وهو من أوائِل الذين دعاهم ربنا يسوع لأنه رأى فيه صفات كثيرة ولأنَّ الله يعرفنا ويعرف ضعفاتنا ويعرف مدى عمله داخلنا لأنَّ ضعفاتنا كثيرة لكن عمل النِعمة غزير شخصية بطرُس الرسول تُعلِن انتصار عمل النعمة على الطبع البشري فهو خوَّاف مُتردِّد مُندفِع سطحي مُتسرِع لذلك نرى فيه الشك والاندفاع بينما البحر يهيج على السفينة وبطرُس يرى ربنا يسوع آتِ إليهم يقول له باندفاع ” مُرني أن آتي إليك على الماء “ ( مت 14 : 28 ) وعندما يأمره ربنا يسوع أن ينزل من السفينة ويسير على الماء يعمل عمل عجيب عكس كُلّ الناس يرتدي ملابسه بينما من الطبيعي أن يخلع الإنسان رِداءه عند نزوله للماء بطرُس يرتدي ملابسه وينزل ويسير على الماء بالفِعْل ثم فجأة يضعُف ويغرق لكن الجميل أن يمد يسوع يده ويجذبه ويُنقذه من الغرق وكأنه يريد أن يقول له داخلك تناقُض وقد تُصرِّح بما لا تشعر به وتقول ما لا تُؤمن به إيمان لفظي قد نقول قانون الإيمان باللسان فقط لكن أين إيمانك وثِقتك ؟تقابل في أحد الأيام شخص مُلحِد مع شخص مُؤمن ودار بينهما نِقاش حاد المُلحِد يُثبِت عدم وجود الله والمُؤمن يُثبِت وجود الله وانتهت المُقابلة باحتداد وصِراع عاد كُلٍّ منهما إلى بيته وفي نهاية اليوم جلس المُلحِد يُفكر فيما قاله المُؤمن والمُناقشة التي دارت بينهما وانتهى تفكيره إلى إيمانه بوجود الله ومزَّق كُتب الإلحاد وأعلن إيمانه بينما جلس أيضاً المُؤمِن في نهاية يومه يُفكر فيما قيل في المُناقشة وانتهى به الحال إلى إعلان إلحاده وإنكاره للإيمان لماذا ؟ حدث ذلك لأنَّ كُلٍّ منهما حفظ كلام قيل له وردَّده دون اقتناع لكن مجرد جِدال جعل كُلٍّ منهما لا يُصدِّق ما كان يُردِّده فتحوَّل المُلحِد إلى مُؤمن والمُؤمِن إلى مُلحِد ” مُرني أن آتي إليك على الماء “ ” إن شكَّ فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً “( مت 26 : 33 ) كثير من هذا إيمان لفظي إيمان عاطفي إيمان شِلَلي أنا تابِع لعائلتي لا المسيحية ليست عصبية أي قُوَّتي ليست من المجموعة بل قُوَّتي من إيماني وما أُصدِّقه وأحياه وفي الضعف البشري في بطرُس ظهر انتصار عمل النِعمة والجيد أنه في بداية إيمانه بربنا يسوع يُقيم مُقارنة بين المسيح ويوحنا المعمدان ويُتابِع التعليم ويثِق أنه المسيا والمُخلِّص وكان بطرُس من التلاميذ الذين لهم دالَّة لدى المُخلِّص فكان التلاميذ يستغِلون هذه الدالَّة ويطلبون منه أن يسأل يسوع عمَّا لا يستطيعون أن يسألوه هم ظهر ضعف معلمنا بطرس في مواقِف كثيرة مثل الخوف في السير على الماء وفي نومه ونُعاسه في بُستان جُثسيماني وفي رفضه لغسل رجليه ونجد أنَّ له مواقِف قام بها وحده فهو الوحيد الذي رفض أن يغسل المُخلِّص قدميه وكان دائماً يتقدَّم الأمور وكان يمكن لربنا يسوع أن يُعلِّق عليه في كُلّ موقف ويقول له أأنت دائماً المُندفِع والمُتزعِم للأمور ؟ لماذا أنت وحدك هكذا دائماً ؟ لكن الجيد أنَّ ربنا يسوع كان يتحمله بلطف ويُعالِج ضعفاته وعندما قال له يسوع إن لم أغسلك فليس لك نصيب معي ( يو 13 : 8 ) اندفع بطرُس وقال له اغسلني بالكُلية وليس قدمي فقط وكأنَّ بطرُس تعلَّم اللُطف والحُب من مصدر اللُطف والحُب فقال في رسالته ” احسبوا أناة ربنا خلاصاً “ ( 2بط 3 : 15) عرف ذلك مِمّا اختبره مع يسوع ولن ننسى موقف الانكار في أول مرة قال لا أعرفه ثم ذهب لمكان آخر وأنكر أمام أكثر من شخص في كُلّ مكان يذهب له أنكر أمام خادمة مرتين وفي المرة الثالثة سلَّطت عليه مجموعة في المرة الثانية قالت له الخادمة لُغتك تُظهِرك ( مت 26 : 73 ) لأنه كان يتكلم بالآرامية فكيف يقول لا أعرفه ؟ وهنا في المرة الثالثة لم يستطِع أن يُنكِر أكثر من ذلك فَسَبَّ ولعن وفي سِبابه أثبت أكثر أنه يعرفه لأنَّ لغته واضحة لكن الأجمل أنه بينما هو خارج من المكان الذي كان واقف فيه نظر له يسوع هذه النظرة احتضنت بطرُس وجذبته لتوبة قوية هذا كُلّه صنع خادم جبّار الله يريد أن يستخدمنا بطبعِنا المهم أن يُقدِّسه ويُحوِّل الإنسان الخوَّاف إلى إنسان شُجاع من إنسان يخاف على نفسه إلى إنسان مُستسلِم من إنسان مُندفِع لحساب نفسه إلى إنسان مُندفِع لحساب المسيح ولنرى عِظاته في سفر الأعمال ونتعجب من الجراءة التي كان يتكلم بها يقول لهم بيلاطس كان حاكِم بإطلاقه وأنتم صلبتموه ( أع 3 : 13) وكأنه يقول لهم أساس الأمر منكم وبيلاطس كان مجرد عصا في يدكم تفعلون بها ما تُريدون عندما صلى الرسل في السجن تزعزع السجن وأقام مع يوحنا المُقعد آمن من عِظته ثلاثة آلاف نفس ” اختار الله جُهَّال العالم ليُخزي الحُكماء واختار الله ضُعفاء العالم ليُخزي الأقوياء واختار الله أدنياء العالم والمُزدرى وغير الموجود ليُبطِل الموجود “ ( 1كو 1 : 27 – 28 ) اختار الله الجهالة ليُخلِّص بها مجرد صيادي سمك بُسطاء جذب بهم كثيرين لذلك ركِّز المسيح على بطرُس فقال للمجدلية ” قُلنَ لتلاميذه ولبطرس “ ( مر 16 : 7 ) وقد كان التحوُّل ولما تكلم عن الظهورات قيل أنه ظهر لبطرُس مخصوص ليُعالِج المشاعر والخوف والحزن الذي بداخله لأنه أخذ عليه نقطة الانكار وأيضاً أخذ عليه نقطة رجاءهُ لأنه كان يمكن أن يهلك في اليأس من أجمل المواقف لبطرُس الرسول أنه لما سأل يسوع مَنْ يقول الناس إني أنا ؟ اندفع بطرُس كعادته وقال ” أنتَ المسيح ابن الله الحي “ ( يو 6 : 69 ) الاندفاع والاعتراف عند بطرُس أتى من تلمذته ليوحنا المعمدان لكنه لما رأى وسمع التعليم واعلان روح الله فيه اعترف أمام الجميع أنه المسيح ابن الله الحي عندما قال يسوع لتلميذيّ يوحنا وكان هو أحدهما ” اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتُما وسمعتُما أنَّ العمي يُبصرون والعُرج يمشون والبُرص يُطهَّرون والصُّم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشَّرون “ ( لو 7 : 22 ) تأكَّد أكثر أنه المسيا لأنَّ معجزة تفتيح أعيُن العميان معجزة مِسيانية لذلك صدَّقه بطرُس هناك تداخُل في الأناجيل الأربعة لكن نكتشف أنَّ هناك سبعة معجزات تفتيح أعيُن عُميان ربنا يسوع قال لبطرُس قُل ليوحنا أنَّ العُمي يُبصِرون ثم قال والموتى يقومون لأنَّ هذا التصريح يُثبِت أنه المسيا . كرازة بطرُس الرسول : كرز في أماكن كثيرة وفي كُلّ مكان يكرز فيه كان يُجاهد وكان لديه غيرة شديدة خاصة على بني جِنسه لأنه كان يصعُب عليه أن يكون لهم المواعيد العُظمى المُستنيرة ولا يُؤمنون ومن أعظم الرسائِل التي كُتِبت رسائِله فيها الإيمانيات ووصايا وسلوكيات وصايا للمرأة والرجل والعجوز ومن ضمن الأمور الجميلة أنَّ زوجة بطرُس واسمها بلوتيلاَّ وكانت إنسانة غير عادية كانت جريئة جداً ومُثقفة وغنية وقيل أنها كانت من النِساء اللواتي تبعن يسوع وقريبة جداً منه لذلك شفى لها والدتها وكان لها دور كِرازي كبير بعد القيامة وكثير من نساء القصر أمنَّ على يد زوجة بطرُس واستشهدت قبل بطرُس وقد سار بطرُس في موكب استشهادها يُساندها ويطلُب منها أن تذكره أمام ربنا يسوع لذلك يقول بولس الرسول كان يمكن أن يكون لي أخت زوجة كبطرُس الرسول وفي النهاية كانت كرازة بطرُس الرسول في روما قوية فقبضوا عليه لكن أحباءهُ اختطفوه وخبَّأوه وأرادوا أن يهرَّبوه ليحافظوا على حياته لأنه كان فعَّال في كرازته ولكن بينما هو خارج من روما رأى يسوع داخل المدينة فسأله إلى أين أنت ذاهب يا سيِّدي ؟ فقال له يسوع ذاهب لأُصلب وأموت قال له معلمنا بطرُس لكنك صُلِبت ومُت من قبل يا سيِّدي أجابه ربنا يسوع لكني ذاهب لأُصلب ثانية وهنا عرف مُعلمنا بطرُس أنَّ الله يريد له الاستشهاد فسلّم نفسه للسلطات الرومانية واستُشهِد مصلوب مُنكس الرأس ربنا يكمِّل نقائِصنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمته له المجد دائِماً آمين. القس انطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والانبا أنطونيوس – محرم بك
المزيد
30 يونيو 2019

الخادم وأخطر الأعداء

لا تتوقع خدمة بدون أعداء ولا تنتظر ثمر بغير جهاد وحين نتحدث عن الأعداء ربما يتوجه عقلك إلى الظروف والإمكانيات والمكان ولا تتوقع أبداً أن أكبر عدو لك هو ذاتك هو نفسك أنت كما ذكر أحد الآباء أن ليس لى عدو إلا ذاتى ولا أكره إلا خطاياى ولنتذكر دائماً أن أصحاب الرتب الملائكية سقطوا من شرف مكانتهم بسبب كبرياء قلوبهم فالأنا هى أخطر السلوك والتوجه الإنسانى حيث تصير الذات مركز الحياة تسيطر وتبطش حيث تتحول كل الأمور إلى مجرد وسائل لخدمتها حيث تصبح هى الهدف الأعلى للحياة وغايتها وما أخطر أن تأخذ الأنا الغطاء الروحى وتتظاهر بالشكل الإلهى لتتأله بالأكثر وتتعظم على حساب الله وقد يتربص هذا العدو بالأكثر بالخدام هؤلاء الذين قال عنهم الكتاب سراق الهياكل وأنهم رعوا أنفسهم فتجد فى الخدمة من يرغب فى أن يربط العمل بإسمه ويخشى أن يشاركه خادم غيره ويسعى ليظهر عمله فقط بين الناس ..وكأنه يريد أن يأتوا له ببوق ليتحدث عن إنجازاته الفريده وفى ذات الوقت يقلل من قيمة عمل غيره ويسخر منه ويسعى فى إعلان سلبياته ولا يدرى أنه يخسر بذلك أكثر مما يكسب وحين تسيطر الذات البشرية الكثيرة الخداع على خدمة الخادم تجده يستخدم سمو الكلام لصالح إشباع ذاته ويتعمد إبهار الآخرين بالعلم والمعرفة ولا يدرى أن السامع يدرك ما وراء الكلام فيتعجب كيف لم تنجح الوسيلة ؟؟؟ ويلجأ لوسائل أخرى متعددة ولا يعرف أن الخدمة عمل إلهى وحركة سماء وفعل روحانى وما الخادم إلا حضرة شفافة لصورة الله والذى عرفنا على الله هو إخلاؤه الذى بدونه لظل محتجباً بالنسبة لنا وهذا العدو يدفع إلى الإنفراد بالعمل وتقليل شأن الأجيال الجديدة ولا يؤمن بمواهب الآخرين ولا يشجع على توزيع المهام ولا يرغب فى طاعة الكبار ويستعف أن يسمع أى تعليم ولا يعترف بخطأه ويتعالى على الإجتماعات التى يحضرها كمخدوم وبدل من أن يشارك فى حمل المسؤليات يسرع بالنقد وإعلان السلبيات ويساعده فى ذلك ما حصل عليه من معرفة أو وعى بظروف الخدمة والخدام ما أخطر ذلك العدو الخفى الذى يهزمنا دون أن ندرى أننا إنهزمنا بل يجتهد أن يقنعنا أننا الافضل دائماً وكأنه يهمس فى أذن كل واحد فينا دائماً أنت تعرف أكثر أنت تخدم أكثر أنت موهوب أكثر أنت محبوب أكثرأنت .أنت.أنت .وللأسف نصدق لأننا نميل ان نصدق أحبائى لو نظرنا إلى آبائنا الرسل وخدمتهم الجليلة والعظيمة ندرك لماذا إختار الله الجهال البسطاء ليعمل بهم ويتمجد بهم ليصير ضعفهم أعظم كرازه بمرسلهم أحبائى الخلاص من الذات ليس أمراً هينا ً ولكنه يتطلب جهاد وعناء وصراخ ودموع لأنه عدو شرس ومتحور يظهر أحياناً ويختبىء أحياناً لذا علينا أن ننتبه ونطلب إنصفنى من خصمى إحمينى من نفسي أما يهمك أن أهلك وحين تتراجع الذات يظهر المسيح بنفس المقدار حينئذ يفرح الزارع والحاصد معاً . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك الإسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل