المقالات

14 أكتوبر 2018

الخادم ومحبته لإخوته الخدام

المحبة هي أهم علامات أننا تلاميذ السيد المسيح «بهذا يَعرِفُ الجميعُ أنَّكُمْ تلاميذي: إنْ كانَ لكُمْ حُبٌّ بَعضًا لبَعضٍ» (يو13: 35). المحبة هي مكان سكنى واستقرار المسيح، بل هي علامة وجوده... لهذا فقبل أن تفكر في متطلبات الخدمة فكر أولًا في محبتك لكل من حولك وبخاصة لإخوتك الخدام... أقوى درس سيبقى في نفوس المخدومين هو المحبة التي يلمسها المخدوم بين الخدام بعضهم لبعض... وفي غياب المحبة يبطل كل شيء... يبطل التعب وتبطل المعرفة وتبطل الأنشطة... وكأنك ألقيت ماء في كيس مثقوب. والمحبة تُلحَظ دون كلام وتُفهَم دون تفسير، لذلك فهي تسري في النفس، وتعلّم أكثر من التعاليم، وتبقى أكثر من الدروس. فإن حضر إلينا المخدومون ورأوا ولمسوا المحبة الحقيقية، فقد سلمناهم أسمى التعاليم، وإن لم يروا المحبة فقد أعثرناهم في جميع التعاليم. فكيف نتكلم عن الله ونحن لا نحب بعضنا بعضًا، فهذا يقدم دليلًا قاطعًا لعدم معرفة الله «مَنْ لا يُحِبُّ لَمْ يَعرِفِ اللهَ، لأنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ» (1يو4: 8)، «مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضًا» (1يو4: 21)، لأنَّ مَنْ لا يُحِبُّ أخاهُ الّذي أبصَرَهُ، كيفَ يَقدِرُ أنْ يُحِبَّ اللهَ الّذي لَمْ يُبصِرهُ؟ فرق كبير بين المحبة التي مصدرها المبادئ الإنسانية، أو المبادئ الإلهية. فرق بين المحبة المحدودة بالمبادئ البشرية، والمحبة التي ينبوعها محبة الله نفسه، هذه المحبة التي تكلم عنها لسان العطر بولس أنها تحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء. هذه المحبة التي مصدرها الله، وعلى مثال محبة الله التي تجعل القلب أكثر اتساعًا من السماء، وتخترقه حتى يصير بلا جدران، لأنه «إنْ كانَ اللهُ قد أحَبَّنا هكذا، يَنبَغي لنا أيضًا أنْ يُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا» (1يو4: 11). فمن أراد أن يأخذ فضيلة المحبة لا يتعب كثيرًا ولا يذهب بعيدًا، بل ينظر إلى مقدار فيض محبة وقبول الله له هو شخصيًا، ويدرك كم سامحه الله، كم تأنى عليه، كم أعطاه وهو لا يستحق، فيمتلئ بها ويشبع بها ويفيض على الآخرين، إذ أن «اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لنا، لأنَّهُ ونَحنُ بَعدُ خُطاةٌ ماتَ المَسيحُ لأجلِنا» (رو5: 8). ماذا يفيد تعب الخدمة ومواهب الخدام وأنشتطهم دون محبة؟ أحبائي... الله يسكن حيث المحبة، والمحبة أهم إعلان عن الله، وتسلمنا من معلمينا أن المحبة في الخدمة أهم من الخدمة أيها الرب القدوس المستريح في قديسيك، هب لنا حبًا يليق بخدامك وسفرائك الذين هم خدام محبتك، فنعبّر عن فيض محبتك التي انسكبت في قلوبنا بروحك القدوس المعطى لنا. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
07 أكتوبر 2018

وعود أبدية

تعرّضت كنيستنا المحبوبة في الآونة الأخيرة إلى إعتداءات متعدّدة منها الهدم والحرق والسلب والتهديد والإزدراء، ومن الطبيعي أن نتضايق على هذه الأحداث المؤسفة، وبلا شك فإن الكنيسة التي يتربّى فيها الشخص المسيحي تتحول المباني فيها إلى معانٍ، وتحمل ذكريات وتعزيات تستمر معه رحلة العمر كله.وقد نتساءل: لماذا وكيف يسمح الله بهذه التعديات؟ أليس هو الحارس لكنيسته؟ وكيف يسمح بقتل وسرقة بيوت لأشخاص لا لشيء إلا لأنهم مسيحيين؟ كيف يترك الشر ينتصر؟ومع تذكُّر بعض المواعيد الإلهيه قد يعثر الشخص في تصديقها مثل: «أبوابُ الجَحيمِ لن تقوَى علَيها» (متى 16: 18)، «شَعرَةً مِنْ رؤوسِكُمْ لا تهلِكُ» (لوقا 12: 18)، «يَحفَظُ جميعَ عِظامِهِ. واحِدٌ مِنها لا يَنكَسِرُ» (مزمور 34: 20).ولكي نفهم هذه المواعيد علينا أن ندرك أنها مواعيد أبدية وليس زمنية، ولو كانت زمنية لكانت تتعارض مع كل تفاصيل حياة ربنا يسوع المسيح نفسه، ومع آلامه ومع صليبه، ومع كل ألوان العذابات والضيقات التي تعرض لها أباؤنا الرسل القديسؤن والشهداء.وهنا لابد أن تتضح بعض المفاهيم: فالمقصود بأن أبواب الجحيم لن تقوي عليها هو قوات الموت، ولا يُقصَد هنا بالموت الموت الجسدي، بل الموت الأبدي. بمعني أن الكنيسة تبقي حيّة خالدة عبر الزمان بل وبعد الزمان.ولا يُقصَد بحفظ العظام العظام الجسدية، بل حفظ أعماق النفس الداخلية.كثيرًا مايحدث تعارض في فهم التدابير الإلهيه لأننا نترجمها بمفاهيمنا البشرية!الله تدابيره سماوية أبدية، بينما اهتمامات الإنسان أرضية زمنية، من هنا يحدث الصدام والعثرة في المفاهيم.لنعلم أن أقصى الشر عند الله هو الخطية، وأشد الخسائر عنده هي الهلاك الأبدي، ولكن للأسف الإنسان لا يدرك هذا ويعتبر أن الشر هو التجارب والخسائر هي الأمور المادية.وسيظل هذا التعارض ويتسع كلما ابتعدناعن المفاهيم الإلهية، وسيتضح لنا تدريجيًا كلما اقتربنا إلى الحياة الأبدية ونحن بعد على الأرض إلى أن يكتمل إدراكنا لها في المجد الأبدي، حين ندرك ما لم ندركة ونتعجب لتدابيرة المملؤة حكمة ومجدًا، ولا يسعنا إلا أن نخر ونسجد ونسبح مع السمائين: «نَعَمْ أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُلِّ شَيءٍ! حَقٌّ وعادِلَةٌ هي أحكامُكَ» (رؤيا 17: 7).ومع غاية تأثرنا على كنائسنا التي هُدِمت أو حُرِقت إلّا أننا نؤكد أن الكنيسة بالنسبة لنا ليس مجرد مبنى ولا مكان، بل هي العالم كله حيث يوجد الله معنا، هي نحن، وحيثما اجتمعنا توجد الكنيسة. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
30 سبتمبر 2018

عيد الصليب

عِيد الصلِيب فِى الكنِيسة القِبطِيَّة الأرثُوذُكسِيَّة لَهُ كرامة عظِيمة حَتَّى أنَّهُ بعدما تعوَّدنا عَلَى نغمِة الصُوم بِكُلّ خشُوعها اليوم نُغيِّر النغمة إِلَى لحن شعانِينِى وَلحن شعانِينِى معناهُ قِمَّة الفرح رُبما يُعبِّر عَنْ الفرح أكثر مِنْ اللحن الفرايحِى لأِنَّ الصلِيب هُوَ سِر فرحنا سِر فرح ليس الكنِيسة فقط بَلْ البشرِيَّة كُلّها وَلِنقِف وقفة عِند الصلِيب كى نعِيش ما تُرِيد الكنِيسة مِنَّا أنْ نتذوَّقه الصلِيب فخر المسِيحِيَّة وَقوَّتها لَوْ أخلينا المسِيحِيَّة مِنْ فِكر الصلِيب لَنْ تصِير مسِيحِيَّة لَوْ أخذنا المسِيحِيَّة كُلَّها وَتجاوزنا الصلِيب وَلَوْ أخذنا الإِنجِيل كُلّه وَتركنا قِصَّة الصلِيب وَقُلنا لِنكُنْ مَعْ المسِيح الَّذِى تجسَّد وَصنع المُعجِزات سيُقال لنا أنَّنا جعلنا المسِيحِيَّة مِثل إِنسان توقَّف قلبه مركز فخر وَقُوَّة المسِيحِيَّة الصلِيب المسِيحِيَّة مُرتكِزة عَلَى الصلِيب فِى كُلّ أعمالها لِذلِكَ قَالَ المسِيح [ وَمَنْ لاَ يحمِلُ صلِيبهُ وَيأتِي ورائِي فَلاَ يقدِرُ أنْ يكُونَ لِي تلمِيذاً ] ( لو 14 : 27 )لاَ يوجد مسِيحِى حقِيقِى إِلاَّ وَهُوَ حامِل الصلِيب وَإِنْ إِستعفى مِنْ حمل الصلِيب فَهُوَ رافِض أنْ يكُون كسيِّده إِذاً هُوَ ليس مسِيحِى كرامِة المسِيحِى فِى إِهتمامه وَقبُوله لِلصلِيب فِكرِتنا عَنْ الصلِيب تغيَّرت بعدما كَانَ الصلِيب عُقُوبة أوْ ألم إِجبارِى يُرسِلهُ الله أصبح الصلِيب قُوَّة وَغلبة وَخَلاَصَ لابُد لِكُلّ واحِد أنْ يكُون لَهُ شرِكة فِى آلام المسِيح لاَ تستعفِى وَ لاَ ترفُض الَّذِى يحمِل صلِيبه بِشُكر وَفرح يكُون واعِى لأهم سِر فِى المسِيحِيَّة وَهُوَ شرِكة الآلام [ لأعرِفهُ وَقُوَّة قِيامتِهِ وَشِرِكة آلامِهِ مُتشبِّهاً بِموتِهِ ]( فى 3 : 10 ) كثِيرُون يعرِض الله عليهُمْ الملكُوت بِحمل الصلِيب وَهُمْ يرفُضُون هذا الصلِيب فِى المعنى الرُّوحِى هِدِيَّة يُرسِلها الله لِيُدخِلَكَ الملكُوت هل حولَّنا فِكرِة الصلِيب إِلَى قِطعة حُلِى ذهبِيَّة خارِجِيَّة تُحلِّى صُدُورِنا؟ لاَ الصلِيب ليس زِينة00الصلِيب الحقِيقِى كرامتة فِى حمله وَقبُوله وَالشُكر عليه لِذلِكَ عِيد الصلِيب يجعل الإِنسان يقِف وَيُراجِع نَفْسَه أين هُوَ مِنْ حمل الصلِيب وَقبُوله وَالشُكر فِى أى ألم ؟ لَوْ عرف الإِنسان الفقِير أنَّ فقره بِسماح مِنْ الله لِيدخُل الباب الضيِق وَينال الملكُوت لصار أعظم القِدِيسِين لَوْ أعطاك الله ألم وَقبلته بِشُكر ستُهيَّأ لِلمجد لكِنْ لِلأسف الإِنسان يرفُض الصلِيب لِذلِكَ لاَ تتعجَّب مِنْ أنَّ العالم يرفُض إِله يُصلب وَيُعرَّى وَيُتفل عليه هذا قِمَّة الإِزدراء لِله لكِنْ نحنُ نقُول هذا فِكر بشرِى لأِنَّ الله أتى لِيُكرِّس لنا طرِيق نسِير فِيهِ وراءه وَعِندما نسِير وراءه نراه أمامنا يحمِل صلِيبه لِذلِكَ لابُد أنْ أحمِل الصلِيب الله لَمْ يأمُرنا أنْ نحمِل الصلِيب وَهُوَ لَمْ يحمِله بَلْ هُوَ تقدَّمنا حامِل صلِيبه صلِيب بِهِ قِمَّة الإِزدراء وَالآلام النَّفْسِيَّة وَالجسدِيَّة تخيَّل أنَّكَ ترفُض هذا الفِكر إِذاً أنت ترفُض منهج المسِيح وَالطرِيق الَّذِى سار فِيهِ وَالفِكرة الَّتِى أسسها كحياة وَسلُوكَ رأيناه مضرُوب وَمُهان وَحامِل الصلِيب لِذلِكَ حمل الصلِيب صار مركز الحياة المسِيحِيَّة كرامِة القدِيس فِى الكنِيسة وَمجده يُقاس فِى السَّماء بِحمله الصلِيب وَليس بِعلمِهِ وَثقافتِهِ أوْ أشياء خارِجِيَّة بَلْ بِدرجِة أمانتِهِ لِحمل الصلِيب كَمْ إِحتمل لِماذا سُمِىَّ مارِجرجِس أمِير الشُهداء ؟ أليس هُناك شُهداء كثِيرُون تعذّبُوا ؟ نقُولَ لأِنَّ مارِجرجِس تعذَّب سبع سنوات أى كَانَ صلِيبه أثقل وَأكثر قُوَّة كرامِة المسِيحِى فِى حمله الصلِيب وَكُلَّما كَانَ أمِيناً وَحمل صلِيب أثقل كُلَّما مجده إِزداد لِذلِكَ المسِيحِى الحقِيقِى يفرح بِقبُول الألم يقُولَ بُولُس الرَّسُولَ[ أُسرُّ بِالضَّعفاتِ وَالشَّتائِم وَالضَّرُوراتِ وَالاِضطهاداتِ وَالضَّيِقاتِ ]( 2 كو 12 : 10 )هل تفرح يا بُولُس بِالضِيقات وَالشتائِم ؟ الَّذِى فِكره فِكر الصلِيب يُحِب الكُلّ وَيحتمِل الكُلّ وَكما يقُولَ مارِيعقُوب[ إِحسبُوهُ كُلّ فرحٍ يا إِخوتِي حِينما تقعُونَ فِي تجارِبَ مُتنوِّعةٍ ] ( يع 1 : 2 ) لِذلِكَ الكنِيسة مملؤة لُبَّاس صلِيب أُناس بِالفِعل حملُوا صُلبان ضِيقة مرض شِدَّه قَدْ تقُولَ أنَّ حياتكَ تسِير بِإِسلُوب هادِئ طبِيعِى أقُولَ لَكَ لَكَ أنْ تختار صلِيبكَ صلِيب الجِهاد الرُّوحِى وَقمع الجسد أحمِل صلِيب جسدِى[ الَّذِينَ هُمْ لِلمسِيح قَدْ صلبُوا الجسد مَعَ الأهواء وَالشَّهواتِ ] ( غلا 5 : 24 )إِنسان يُسَّمِر كُلّ يوم جسده وَيقِف أمام شهواته أى يصلِب الجسد وَالَّذِى يُسيّطِر عليه يُعلِن أنَّهُ صلِيبه أى غلبه أى إِنتهى مِنّه إِنسان ليس لديهِ مشاكِل نقُولَ لَهُ أُصلُب جسدك وَالجسد كثِير المُشاغبات حَتَّى أخِر لحظة فِى حياتكَ وَأحذر أنْ تتخيَّلّ أنَّهُ سيأتِى وقت وَيقِف الجسد عَنْ حِيله لاَ الجسد يرفُض العِفَّة وَالصُوم وَإِذاً هُناكَ هِدِيَّة أعطاها الله لَكَ الصلِيب داخِلَكَ أُضبُط جسدك الجسد يحتاج أنْ يُصلب وَيحتاج أنْ نقُولَ لَهُ لاَ وَنُسَّمِره وَنُعرَّيه وَ لاَ نُدلِّلهُ وَما أجمل الكنِيسة القِبطِيَّة كنِيسة نُسكَ وَتضيِيق عَلَى الجسد لأِنَّها تعلم أنَّ الجسد قَدْ يمنعكَ مِنْ الأبدِيَّة وَقَدْ يُساعِدك عليهاهل تُرِيد أنْ تحيا صلِيب أقوى ؟ أُصلُب ذاتكَ لأِنَّ الذَّات مركز الوجُود الكيانِى لِلإِنسان وَكثِيراً ما تتعالى وَتتفاخرالذَّات تحتاج صلِيب ذات مُماته مصلُوبة تموت مِنْ أجل المسِيح تُقدِّم نَفْسَها تحت أقدام المسِيح ذات ترفُض المدِيح وَتُخفِى أعمالها رُبما هُناكَ بركات كثِيرة فِى حياتكَ تُعطِلها ذاتكَ فأُصلُبها معرُوض عليكَ حمل صلِيب وَبركة وَالله ينتظِر أمانتكَ فِى حمل الصلِيب وَصفُوف القِدِيسِين خلفه تُنادِى عليك وَهُمْ حامِلُون الصلِيب المُهِمْ أنْ تُطِيع وَالقِدِيسِين يُشّجِعُوكَ لأِنَّهُ منهج فَلاَ تجزع وَ لاَ تمِل لأِنَّكَ ترى القِدِيسِين لأِنَّكَ ستعِى أنَّ الصلِيب ليس عُقُوبة بَلْ بركة وَعلامة إِنَّكَ تسلُكَ فِى الطرِيق الصَّحِيح [ ينبغِي أنَّهُ كما سَلَكَ ذاكَ هكذا يسلُكُ هُوَ أيضاً ] ( 1 يو 2 : 6 ) وَكما يقُولَ بُولُس الرَّسُولَ[ صُلِب العالم ُلِي وَأنَا لِلعالم ] ( غلا 6 : 14 ) أى أُسّمِر العالم وَ لاَ أخضع لِمُغرِياته وَما أكثر مُغرِيات العالم اليوم وَمباهِجه يتفنَّن كيف يُبهِر النَّاس كيف يكُون ذلِكَ العالم عالم مصلُوب أى فاقِد الإِبهار وَالمظهر البرَّاق ؟ تخيَّل أنَّكَ تعِيش هذا الفِكر العالم مصلُوب وَذاتكَ مصلُوبة وَجسدكَ مصلُوب ستكُون قَدْ دخلت شرِكة الآلام الحقِيقِيَّة فَلاَ تجزع مِنْ الصلِيب الثبات فِى الطرِيق الرُّوحِى مهما كَانَ فِيهِ ضعفات وَالثبات فِى الحرُوب الرُّوحِيَّة صلِيب كَانَ عدو الخِير يُصارِع الأنبا أنطونيُوس حَتَّى أنَّهُ كما يُصارِع إِنسان حَتَّى أنَّهُ ضربهُ وَتركهُ بين حىَّ وَميِت فِى قلاَّيته تخيَّل حرُوب عدو الخِير كيف تكُون صلِيب وَكَمْ ثِقله ؟ بينما كَانَ الأنبا أنطونيُوس مطرُوح فاقِد الوعى مِنْ شِدَّه الألم رفع عينيهِ فرأى ربَّ المجد واقِف فعاتب الأنبا أنطونيُوس ربَّ المجد يسُوعَ لأِنَّهُ أتى مُتأخِراً وَكأنَّهُ يقُولَ لَهُ أتيت بعدما ضُرِبت كُنت تأتِى لِتُدافِع عنِّى [ لِماذا لَمْ تأتِى فِى آلامِى وَإِلَى متى لاَ تضع حدَّاً لآِلامِى ] لِماذا لَمْ تأتِى أثناء الصِراع00فأجابهُ يسُوعَ [ أنا كُنت حاضِراً وَكُنت أُراقِب آلامكَ وَلأِنَّكَ صارعت وَغلبت سأجعلَكَ عموداً00يكُون إِسمكَ معرُوفاً فِى كُلّ مكان ] أحياناً يكُون فِى حياتنا صلِيب وَ لاَ نرى الجانِب الآخر مِنْ الصلِيب السيِّد المسِيح كَانَ يُدّبِر طغمات يُعلَّمها الأنبا أنطونيُوس كيف تغلِب وَيملأ بِها الصَّحراء أحياناً يرى الإِنسان الصلِيب مِنْ وِجهة واحِدة فتجزع نَفْسَه عِندما يرى الإِنسان آلام المسِيح يتعب وَيقُولَ أُرِيد أنْ أرى القِيامة أقُولَ لَكَ[ لاَ توجد قِيامة بِدُون ألم وَ لاَ يوجد ألم بِدُون جُلجُثة ] فرحك ينتظِركَ بعد حمل الصلِيب وَلأِنَّنا غير أُمناء فِى حمل الصلِيب لِذلِكَ لاَ توجد فِى حياتنا قِيامة الله يُرِيد كُلّ أولاده لُبَّاس صلِيب يسِيرُون فِى طرِيق حمل الصلِيب ليتنا نكُون مُهيَّئِين لِهذا الطرِيق أعطِنِى يارب أنْ أفرح بِحمل الصلِيب وَأكسر جسدِى وَأُقدِّم لَكَ جسدِى مكسُور ساجِدعلّمنِى أنْ أصلُب ذاتِى وَأغرِس صلِيبكَ فِى قلبِى كى أحيا الإِنتصار وَالقِيامة معكَ أرجُوكَ لاَ تستعفى مِنْ حمل الصلِيب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيّاً أمِين. القس انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك - الأسكندرية
المزيد
16 سبتمبر 2018

نيرى هين وحملى خفيف

﴿ نِيري هيِّن وحِملي خفيف ﴾ ( مت 11 : 30 ) كثيرون يعيشون مع الله ويشعرون أن الطريق شاق وصعب والحِمْل ثقيل والوصية صعبة لكن ربنا يسوع يقول ﴿ نِيري هيِّن وحِملي خفيف ﴾ النِير هو ما يُوضع على ظهر الحيوان ليحمل الأثقال ومادام الحيوان بدون النِير يشعر أنه في وقت راحة فيعيش وكأنه طفل لكن مجرد أن يُوضع عليه النِير يصير جاد في سلوكه تعالوا نقول لله ضع نِيرك علينا هو يقول نِيري هيِّن أي خفيف الأنبا أنطونيوس كان يقول لأولاده ﴿ يا أولادي اعلموا أن وصاياه ليست ثقيلة ﴾الذي يجعل النِير هيِّن والحِمْل خفيف هو المحبة والذي يجعله ثقيل وصعب عدم المحبة ما الذي يجعل النِير هيِّن ؟ الحب الذي يحب الله يشعر أن طريقه لذيذ يستعذبون الألم أبونا إبراهيم ترك أرضه وعشيرته وهو مُبتهج رغم أنه ذاهب إلى مجهول نقول له أنت لا تعلم إلى أين تسيريقول مادام الله معي ومُعطيني نعمة لن أستثقِل الأمر نجد أن الإنسان الروحاني يفرح بالصوم ويلتهب وينتظر قدومه لأن النِير بالنسبة له هيِّن والحِمْل خفيف لأنه لا يشعر أن الصوم عذاب للجسد بل ترويض للجسد وارتقاء وسمو قديماً كان الآباء يعرفون الصوم دائماً ولا يشعرون بصوم وإفطار ولم يكن هناك توقيت ونتائج لأيام السنة وكان الزمن بالنسبة لهم مسئول عنه شخص مُعيَّن وكان ذلك الشخص يُرسِل راهب يُنادي بالصوم قبل بدايته بيومين وكان أحد الرهبان يُنادي الصوم بعد يومين فقال له شيخ أنا لي ثلاثة وخمسون سنة في البرية لم أعرف ميعاد صوم وإفطار لم يشعر بحرمان أو عذاب أو فُقدان لذة لأن نِيره هيِّن اِحمِل نِيره بحُب تجده خفيف ولتسأل شهيد عن حاله في العذابات وتقول له ماذا تفعل مع التعذيب هذا أمر لا يُحتمل كيف تتحمَّل كل هذه الإهانات والعذابات والألم ؟ يقول أنه يحب الألم لأجل المسيح أن تستضئ عينيك بنور المسيح تستثقِل الثوب الذي على جسدك والطعام الذي تأكله وكأنك تقول له ليتني أُقدم لك أكثرالشهداء أرادوا أن يقدموا له أكثر من حياتهم حتى أن الله ظهر للأنبا بولا الطموهي وقال له " كفاك تعباً يا حبيبي بولا " لأن جسده قد اضمحل من شدة النُسك حتى صار كورقة الشجر لكنه يُجيب الله ويقول ماذا يكون تعبي أمام قطرة من دمك سال لأجلي أمام صليبك أمام حبك للبشرية أنا ما فعلت شئ يليق بحبك نِيره هيِّن والألم لذيذ والحِرمان مقبول يرى الشهيد أثناء عذاباته جانب لن يراه الآخرون الناس ترى شهيد وسيف ودم مسفوك وقسوة وعذاب وهو يرى سماء مفتوحة وأكاليل ومجد وملائكة ويقول أنا في تنعم ومجد لأن عينه مفتوحة على أسرار الله ﴿ نِيري هيِّن وحِملي خفيف ﴾آية لا تُفهم إلاَّ بالحب ولا يفهمها إلاَّ عُشَّاق يسوع وتدفعهم أكثر في طريق الله ﴿ يجرون في طريق الأحزان بلا شبع ساعة ما أدركوا شهوة حُب الرفيق ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم لحظة واحدة ﴾يحملون تعاذيبهم لأن نِيره هيِّن الذي يقدم حياته لأجل الله هل يشعر أنه قدم شئ فائق لم يفعله غيره ؟معلمنا بطرس الرسول قال ليسوع ﴿ ها نحن قد تركنا كل شيءٍ وتبعناك ﴾ فقال له يسوع﴿ كل من ترك بيوتاً أو إخوةً أو أخواتٍ أو أباً أو أماً أو امرأةً أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي يأخذ مئة ضِعفٍ ويرث الحياة الأبدية ﴾ ( مت 19 : 27 ، 29 ) يشعر أن هذه الأرض كلها هي له والبشرية كلها أولاده وهو مسئول عنهم كان المتنيح أبونا بيشوي كامل يقول للناس اعتبروني أفقر شخص فيكم وأغنى شخص فيكم لا أملُك شئ لكن كل ما لكم لي كان يشعر بالمكسب وإذا أتاه فقير ولم يكن معه شئ كان يضع يديهِ في جيب أقرب شخص له ويأخذ منه دون حساب ويعطي الفقير اُدخل إلى عمق الحياة مع الله تجد نفسك تسأل الله ماذا أُقدم لك يستحق حبك ؟ صومي مُخجِل لأني آكل كثيراً هو مجرد تغيير طعام هل يليق أن أمنع نفسي عن كذا وكذا كل ذلك أيضاً قليل أمام حبك هل أمنع نفسي عن أنواع أطعمة عن الماء عن وتظل هكذا حتى تشعر أنك تقدم جسدك كله بل وحياتك ذبيحة مُحرقة لله ذبيحة مُحرقة أي تُحرق بالكامل تقول له أريد أن أُقدم لك كل حياتي ذبيحة حية مقبولة أمامك جسدي وعقلي وقلبي وتُقدم بلا ندامة وتشعر أنك كسبت الكثير والكثير هل اختبرت نِيره ؟ إنه هيِّن هل تستثقِل وصاياه أم تشعر بلذتها ؟ إختبِر وادخل للعمق وتذوق وكلما تعمقت النعمة ترفعك درجة ودرجة وتشعر بلذة أكثر وأكثر إختبروا وتلذذوا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك الأسكندرية
المزيد
09 سبتمبر 2018

رسالة شهيد

من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية بركاته على جميعنا آمين ” من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُري أم خطر أم سيف كما هو مكتوب إننا من أجلك نُمات كل النهارقد حُسبنا مثل غنمٍ للذبح ولكننا في هذه جميعها يعظُم انتصارنا بالذي أحبنا فإني مُتيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا “ ( رو 8 : 35 – 39 ) لماذا استشهد الشهداء وكيف تحملوا ؟ تخيلوا الشهيد يقف وأمامه آخر مثله يُهان ويُضرب ويُجلد ويُعذب وتُقطع رأسه وهو واقف يرى كل ذلك بالطبع يوجد من ضَعَف ومن أنكر الإيمان وهناك أيضاً من ثَبَت حتى أن الكنيسة وضعت قانون توبة لمن أنكر الإيمان في هذه الفترة وكانت هناك عظات تُسمى عظات المُرتدين أي من ترك الإيمان أثناء فترة الإستشهاد كيف يصبر الإنسان ويصمُد أمام آلام الجسد مارجرجس احتمل سبع سنوات تعذيب أمر عجيب لكنهم عاشوا ثلاثة أمور مهمة هي :- 1. لا تُحبوا العالم :- لا يمكن لإنسان مُتعلق بمقتنيات العالم ويستشهد .. كيف يقف أمام سيف السياف وهو مربوط بسبب الموت ؟ العالم في قلب الشهيد غير موجود .. مفطوم عن العالم .. حدث له انفصال نفسي عن العالم وكأنه غير موجود في العالم لكنه يراه من الخارج ولا يملُك عليه العالم كما يقول معلمنا بولس الرسول ” الذين يشترون كأنهم لا يملكون .. والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه “ ( 1كو 7 : 30 – 31 ) .. أي قلبهم غير مُتعلق بالقنية .. لا تُحبوا العالم . كان الشهيد تيموثاوس متزوج حديثاً .. ولأن المُضطهدين كانوا يكرهون عبادة المسيحيين فكانوا يسرقون كتب العبادة فخبأ المسيحيون كتب العبادة في منازلهم .. كان الشهيد تيموثاوس لديهِ كُتب العبادة والقراءات في منزله .. فدخل المُضطهدون بيت تيموثاوس وأخذوه وضربوه وأهانوه وعذبوه ليأخذوا كتب العبادة لكنه رفض .. فحاولوا إغرائه بعروسه وزوجته فلم يستطيعوا أن يثنوه فأحضروا له زوجته ليتراجع عندما يراها لكنها كانت قوية مثله فقوَّته .. فعذبوهما .. رغم إنهما كانا مُتزوجان حديثاً لكنهما لم يُحبا العالم ولم يضعا ويخططا مستقبل لأنفسهما .. لأنه صعب على إنسان يحب العالم أن يستشهد . هناك قصة خيالية تقول أنه كان هناك شاب في عمر الثلاثين متزوج وله طفلان ويعمل من أجل بيته وزوجته .. وفي أحد الأيام جاءه ملاكه الحارس وقال له أنت أتعبتني أنت لست مع الله .. أجابه الشاب أنت الذي أتعبتني .. أُريدك أن تتجاوب معي وتساعدني على امتلاك الممتلكات والمال .. أريد أن أصير غني وأتمتع و...... فقال له الملاك أنت تعرف أن الزمن مِلك لله وأستطيع بحركة من جناحي أن أُدير الكون وتِكبر في عمرك .. وبالفعل حرك الملاك جناحه وفي ثوانٍ كبر الشاب حوالي " 45 " سنة وصار مُسن أشيب وأولاده يتزوجون وزوجته طريحة الفراش وصديقه الذي كان يُنافسه في عمله قد مات وماله موجود كما هو لكن أمامه ثلاثة أيام ويموت .. فسأل الملاك ماذا أفعل الآن ؟ هل أستطيع أن أُعطي نصف أموالي للفقراء ؟ وأصوم هذه الأيام الثلاثة وأصلي وأعمل ميطانيات وأسجد لإلهي ؟ أجابه الملاك تستطيع ذلك .. بالفعل صام وصلى وسجد وطلب مراحم الله .. ثم قال للملاك هل أستطيع أن أُعطي كل أموالي لله ؟ أجابه الملاك تستطيع .. ثم طلب منه الملاك مهلة لحظة وحرك جناحه فعاد الزمن وعاد الشاب لعمره الأصلي .. شاب .. وسأله حينئذٍ الملاك ماذا تريد الآن ؟ هل تريد أموال .. ممتلكات ....... ؟ نحن لنا طموحات لن تشبع .. قد نرى المُسن في دار المسنين يغطي وجههُ أثناء النهار لا يريد أن يرى أحد لأنه حقق كل طموحاته ولم يشبع .. كل جزء يفرغ في قلبه ولا يملأه بمحبة الله لذلك يتعب .. الأولاد تزوجوا و........ إملأ الفراغات بالمسيح تِشبع . الشهداء لم يحبوا العالم لذلك عندما أتتهم الفرصة لتقديم حياتهم للمسيح لم يتراجعوا لأنهم رفضوا العالم بكل مغرياته لأن محبة المسيح التي ملكت قلوبهم أقوى من محبة العالم .. دقلديانوس كان يتلذذ بتعذيب المسيحيين لكنه كان يتعجب من فرحتهم أثناء الإستشهاد فقال لمساعديه يستحيل أن يكونوا هؤلاء مربوطين بشهوات .. ” الذي يقتني في نفسه شهادة صالحة يشتهي الموت أكثر من الحياة .. وكل إنسان تدبيره ردئ أمور هذا العالم شهية عنده “ .. بينما الإنسان الروحاني الأفكار المقدسة والكتاب شهية عنده .. الشهيد يعيش في العالم لكنه لم يتغير ولم يسمح لماء العالم أن يدخل سفينته بل ركب العالم وسار فوقهُ . 2. لا تخافوا :- يقول الآباء أن الكتاب المقدس به " 365 " مرة كلمة " لا تخافوا " .. أي بعدد أيام السنة .. الخوف ضد الله لذلك الخوافين لا يدخلون الملكوت .. هناك خوف طبيعي هذا أمر عادي لكن لا تتحول حياتنا إلى سلسلة خوف ووقت الجد نُنكر الإيمان .. لا .. هذا مرفوض .. نعم كل شئ فيَّ ردئ إلا إني مسيحي وهذا أجمل ما فيَّ فلا أخاف لو ظُلمت أو كنت في وسط مخيف .. لا أخاف لأني في يد المسيح الغالب الموت .. ” الذي فيكم أعظم من الذي في العالم “ ( 1يو 4 : 4 ) .. الشهداء لم يخافوا من رعب دولة .. أمامهم حاكم قاسي وجلاَّد مُرعب والسيف والقسوة على وجوه من حولهم ولم يخافوا . لابد أن نعرف أنه سيكون لنا في العالم ضيق .. قايين قتل هابيل لكن هابيل لم يمُت .. هيرودس قتل يوحنا المعمدان لكن يوم قتل يوحنا كان يوم حزن عند هيرودس وكانت رأس يوحنا الميتة تصرخ ” لا يحل لك “ ( مت 14 : 4 ) .. عيسو اضطهد يعقوب .. فرعون اضطهد بني إسرائيل .. عيسو أراد قتل يعقوب وفرعون أراد قتل بني إسرائيل .. هناك مرات كثيرة أراد العالم إبادة شعب الله .. عثليا أرادت قتل النسل الملكي هذا أمر غير منطقي .. فرعون أراد قتل أطفال بيت لحم منتهى القسوة ويسوع مُضطهد لكنه يبقى .. بعد ذلك هيرودس يقتل يعقوب الرسول وأراد قتل بطرس .. هل الكل يخاف ؟ لا .. دقلديانوس قتل الكثير والكثير .. وحتى اليوم وغداً و...... . الإضطهاد موجود لأن وجود المسيحيون يُسبب ألم للعالم لكن لا تخاف حتى لو أدى الأمر للإستشهاد لأن المسيح أعطاني وعد أنه ” ثقوا أنا قد غلبت العالم “ ( يو 16 : 33 ) .. أكثر شئ يُخيف الإنسان نفسه .. 65 % من مخاوف الإنسان لا تحدث .. الذي يجعل ثقته في الله .. في يقين أن الله قادر أن يُدير كل أموره هذا لا يخاف .. قل له كل يوم " أنا مِلك لك " . القديس أبو مقار كان يصلي فظهر له الشيطان وفي يده سيف يريد قطع يدي أبو مقار .. لكن القديس لم يهتز ولم يخاف .. فقال له الشيطان أما تخاف يا راهب ؟ أجابه أبو مقار إن أمرك الله أن تقطعها فاقطعها .. ما يحدث هو الذي يسمح به الله فقط .. لا تخف لأنك كلما ارتبطت بالأرض كلما خفت أكثر . شخص في طريقه للسفر وكان الطريق طويل ومعه حقيبة بها أمور مهمة كثيرة فوضع الحقيبة بجانبه ولم يحرك عينه عنها لكنه كان النُعاس يغلبه وهو يقاوم ويعود يطمئن على الحقيبة إلا أن النُعاس غلبهُ فغفل للحظات وقام من غفلتهِ ونظر لم يجد الحقيبة .. لقد سُرقت عندئذٍ استسلم للنوم . هناك ما يربطك بالحياة ويُخيفك وكلما انحليت من العالم كلما عشت فوقهُ .. الإنسان يخاف من نفسه ومن أطماعه وضعفه لكن مادمت في يد الله لا أخاف شراً .. لذلك رأينا في الشهدتء بطولات .. عندما تُوضع فتاة رقيقة في زيت مغلي .. عندما يحضروا رضيع بربتوا تصرخ من جوعها فتقول لهم بربتوا " هو أعطاني إياها .. هو يقُوتها " .. قوية .. لا تخاف .. ويحاولون إضعافها أكثر فيضعون الرضيعة في حضنها لعلهت تتراجع .. عذابات نفسية وجسدية لكنهم غلبوا لأنهم من داخلهم غالبين . 3. لا تنسوا المجد الأبدي :- لهم هدف ترى منظر الشهيد وترى الدم وهو يرى السماء أنت ترى سيف وهو يرى مجد الذي يجعلك تصبِر على السيف وعلى الآلام أنك ترى السماء قديسون كثيرون سمح الله لهم أن يروا إكليلهم لأن بعد لحظات قليلة يتحول الضعف إلى قوة ومجد ويُستبدل الإضطهاد إلى استقبال في مجد لا تنسى مجد السماء لا تنظر للجزء المُتعب في القصة بل انظر للمكافأة الشهيد عينه على المكافأة فكان مشتاق لمجد السماء ووجد أن الإستشهاد خطوة للمجد يقول القديس أغسطينوس ” يا الله أنت قلت لا أحد يراني ويعيش إذاً لكي أراك لابد أن أموت أريد أن أموت لكي أراك “ لذلك رأينا في الكنيسة صفوف شهداء وقالوا للملك قسطنطين نحن غير فرحين بالحرية لأن عدو الخير وجد أنه قد خسر كثيراً عندما أشعل الإضطهاد على المسيحية لأن الضيق أقام في الكنيسة آلاف من الشهداء فغيَّر الشيطان خطته وجعل الضيق من داخل الكنيسة بالبدع والهرطقات لكن وسط كل هذا حب الإستشهاد مازال في قلوب أولاد الله فأقاموا صفوف تريد الرهبنة فنجد في القرن الخامس 20.000 راهب في البرية وكان في منطقة الساحل الشمالي حوالي " 400 " دير فكانت الأديرة تُسمى بالأرقام وصوت التسبيح لا ينقطع في هذه المنطقة الشهيد تُقطع رأسه وينزف" 5 " لتر دم والراهب ينزف نفس الدم لكن قطرة قطرة بالميطانيات والجهاد عندما تملُك محبة المسيح على القلب تهون الحياة لذلك أُطلِق على الرهبنة اسم " الإستشهاد الأبيض " قدموا حياتهم على مذبح العبادة والنسك يجوع ولا يأكل ويتعب وكل يوم يجدد عهد استشهاده مع يسوع هذا أتى من إنسان وضع مجد السماء هدف له الشهيد يقول لك لا تنسى مجد السماء إجعل في عقلك شكل أجمل وهو صورتي وعلى رأسي إكليل المجد الذي يضع لنفسه هدف يسعى له وتهون عليه الوسيلة والتعب كان أسهل طريق على الشهيد لنوال المجد هو قطع الرأس لكن الأصعب أن يتعذب يوم بعد يوم لكي يواجه الإنسان الموت أيام هذا أمر صعب ورغم ذلك صمدوا هم ليسوا بشر الله غيَّر طبيعتهم وجعلهم يتخطون طبع البشر لم يكونوا أصحاب قوة جسمانية وعضلات بل قوَّتهم في عبادتهم لذلك هدفهم مجد الأبدية وصارت عائلات بأكملها تتقدم للإستشهاد طفل صغير كان يشاهد أبوه يستشهد وتقابلت نظرات الأب مع الطفل فدمعت عين الأب فأجابه طفله " إحذر أن يتغير قلبك بسببي " أي كان يُشدده ويشجعه الشهيد يقول لك " ألا تريد أن تكون مثلي " ؟ أنا ضعيف مثلك لكني أحببت الله أكثر من العالم ولم أخاف ولم أنسى مجد الأبدية فصرت شهيد وتمتعت بالمجد عِش هذه الثلاثة تقدم له نفسك شهيد كل يوم حتى يأتي اليوم الذي تكون فيه معه وتسمع صوته الجميل ” كنت أميناً في القليل فأُقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك “ ( مت 25 : 21 )” من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُري أم خطر أم سيف كما هو مكتوب إننا من أجلك نُمات كل النهار قد حُسبنا مثل غنمٍ للذبح ولكننا في هذه جميعها يعظُم انتصارنا بالذي أحبنا فإني مُتيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا “ ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانيا أتطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
02 سبتمبر 2018

دوافع الاستشهاد

عودتنا الكنيسة في تذكار الشهداء الذين أعلنوا مسيحيتهم وإيمانهم بالمسيح وكانت النتيجة هي قطع رؤوسهم ونوال إكليل الشهادة أن تقرأ لنا الجزء الخاص في الإنجيل الذي ذكرت فيه الآية التي تقول { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد } ( لو 12 : 4 ) بالإضافة إلى المزمور { كثيرة هي أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب } ( مز 34 : 19) فما هي دوافع الإستشهاد ؟ لماذا يعلن البعض إيمانه حتى لو كان الوالي لا يعرف بإيمانهم ؟ حتى ينالوا أكاليل الشهادة هل هو ناقم أو كاره للدنيا ؟ يظن بعض الدارسين إلى التاريخ المسيحي أن هؤلاء الشهداء لا يحبون الحياة متشائمين قرروا الإنتحار ولكن الحقيقة هي أن الشهيد داخل قلبه ثلاث كلمات :- أولاً : الوصية :- يطيع الوصية ويطبقها في قلبه فإن لحظة الإستشهاد كشفت محصلة حياته أي خضوعه وطاعته للوصية عندما يسمع الآية تقول { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر } بهذه الكلمات عاش الوصية عملت فيه على مستويات كثيرة صلواته توبته طهارته محبته عطاؤه أي أنها سكنت داخله بغنى شعر إنه مِلك للمسيح غير أهل العالم كيف ؟لأن دوافعه مختلفة معاملاته مع الناس ومع المادة كل شئ إختلف الوصية أنارت قلبه وعقله وكشفت عن أمور غامضة خطايا أفكار وميزت بين الظلام والنور ولذلك فإن ما وُرد في الكتاب المقدس عن الوصية دليل لذلك مثل الوصية مطرقة تحطم نار تحرق مرآة تكشف سلاح ذو حدين الوصية تجعلك تميز فالشهيد عاش في خضوع للوصايا ووضعها في قلبه كما يقول داود النبي { خبأت كلامك في قلبي } ( مز 119 : 11) ترعى وتُرشد للطريق الشهيد محصلة حياة المسيح وهذا لم يأتي فجأة فإنه يقدم نفسه شهيد كل يوم من أجل الوصية فعندما تقول الوصية سامح فهذا إستشهاد وعندما تقول الوصية النظرة تعتبر زنى فهذا نوع من الإستشهاد اليومي نقوم به وأكون شهيد أمام الله وأمام ضميري كل يوم . ثانياً : الصليب :- الإنسان الذي يعرف قيمة ما فعله الرب يسوع المسيح على الصليب من فداء وكفارة يشعر أن حياته مِلك لله وحده وكما يقول بولس الرسول { مات لأجل الجميع } ( 2كو 5 : 14)رغم أنه برئ ونحن المذنبون وقال لكي يعيش الأحياء فيما بعد ( 2كو 5 : 15) الشهيد عرف قيمة يسوع المصلوب والصليب أصبح شعاره ورغب في الموت من أجل ذاك الذي مات من أجله ( 1كو 8 : 11) وكما يقول بولس الرسول { ولا نفسي ثمينة عندي } ( أع 20 : 24 ) يرى الشهيد أن إشتراكه في نفس طريقه موت يسوع شرف وبركة لا يستحقها عند إستشهاد معلمنا بطرس رفض أن يُصلب بنفس طريقة سيده وطلب أن يُصلب منكس الرأس لأنه إعتبر صلبه شرف لا يستحقه ما هو إحساسي كفرد بالصليب ؟ صليبنا الخاص ما شعوري به وكيف أتعامل معه ؟ فما أجمل قول معلمنا بولس الرسول { الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي } ( غل 2 : 20 ) حين يعرف الفرد ما فعله الصليب من أجله وقتها يشعر ويرغب في الحصول على بركة الصليب هنا نقول له أن الصليب في العطاء وفي صلب أعضاءك وأن تنكر نفسك وتحمل صليبك وتبحث عن صليب تحمله حتى تأتي لحظة الإستشهاد من أقوال رب المجد يسوع { من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السموات ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السموات }( مت 10 : 32 – 33 )لذلك فمسيحيتك فخر وعظمة لأننا مختلفين حقاً لهذا قال لنا{ وتكونون مبغضين من الجميع من أجل إسمي } ( مت 10 : 22 )إسمه هذا يجعلك مُبغض ومن هنا شركة الآلام في الصليب تجعل الإنسان لديه شهوة الإستشهاد فكل ما النفس أدركت ما فعله المسيح معها في الصليب كل ما النفس رغبتها في الموت تزداد . ثالثاً : الأبدية :- الإنسان المشغول بالأبدية قلبه مُعلق في السماء ولا يريد شئ على الأرض عندما يشتهي الإنسان جمال السماء وما بها يحتقر جمال العالم من يعيش بالأبدية يعيش بقوانين مختلفة ودوافعه أيضاً تختلف وأيضاً أغراضه ولذلك شاهدنا كل الشهداء عند لحظة الإستشهاد أعينهم مرفوعة إلى السماءلأنه في إنتظار المجد الإلهي عندما تجعل الأبدية في قلبك كل المعايير تختلف المُحب للمال يفقد إهتمامه به لأنه مهتم بالأبدية مثال على ذلك الشخص الذي تأتي له موافقة بالهجرة خارج البلاد لا يستطيع التفكير في كل ما كان يهتم به من قبل من مشاكل البلد والغلاء أو علاوات وترقيات ويصبح مهتم فقط بكل ما يخص المكان الجديد الذي يذهب إليه من التعليم والسكن والطقس وغيره كذلك الذي إهتم بالأبدية يهتم بها وبكل تفاصيلها ويتجاهل كل ما في الأرض من مشاكل وأتعاب المهتم بالأبدية سفر الرؤيا له إهتمام خاص عنده ويلجأ إليه في الضيقات حتى يتعرف على المجد الذي ينتظره إذن الشهيد هو محصلة الثلاث معاني السابقة يعيش بالوصية ويعرف أن الصليب من أجله وبذلك أدرك الأبدية فطلب الشهادة واعترف بمسيحيته ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانيا أتطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
26 أغسطس 2018

العذراء الشفيعة المؤتمنة

لقب من ألقاب السيدة العذراء ” الشفيعة المؤتمنة “ بمعنى المتصفة بالأمانة في الشفاعة مثلاً كما يسأل شخص هل تأتمن فلان على هذا الأمر ؟ يقول نعم المؤتمنة أي كمال الأمانة بكمال السر بضمان الأمانة نحن نسمع آراء كثيرة في أمر الشفاعة فمن يقول أنه ليس لنا شفيع عند الله إلا الابن الحبيب ” ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطيَ بين الناس به ينبغي أن نخلُص “ ( أع 4 : 12)اسم يسوع المسيح نحن إيماننا إيمان كامل في إننا خلُصنا بدم يسوع المسيح ” ليس بأحد غيرهِ الخلاص “ بالطبع هذه الشفاعة الكفارية ” إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار “ ( 1يو 2 : 1) لكن توجد شفاعة توسلية على رأس هذه الشفاعة التوسلية السيدة العذراء ونحن نُلقبها ” أم قادرة رحيمة معينة “ منذ أن ولدت ربنا يسوع ونحن ثابتين في المسيح نحن أعضاء جسده وهي أم المسيح إذاً هي أُمنا نحن أيضاً نتساءل هل السيدة العذراء لا تشعر بمسئوليتنا ؟ هي أمنا ألا تشعر باحتياجاتنا ؟ لا هي أمنا وإن كنا في ضيقة أو شدة فهي تشعر بنا هي شفيعة مؤتمنة ما دُمنا أولادها صرنا مسئولين منها وهي تقف أمام ابنها الحبيب تشفع عن خلاصنا وهمومنا وخطايانا ” إشفعي فينا أمام المسيح الذي ولدتيه لكي ينعم لنا بغفران خطايانا “ ” بشفاعة والدة الإله القديسة مريم يارب انعم لنا بمغفرة خطايانا “ إذاً نحن نتمسك بشفاعتها وبدالتها عند ابنها الحبيب من أجل غفران خطايانا ونقول لها ” إصعدي صلواتنا إلى ابنك الحبيب “ ” أنتِ سور خلاصنا “ قد تسمع من يقول يجب أن تكون العلاقة بين الإنسان والله مباشرة ولا توجد شفاعة أقول لك توجد أفكار بروتُستانتية كثيرة لكن سببها واحد وهو سبب خطير تفهم منه أمور كثيرة صنعتها البروتُستانتية هذا السبب إسمه ( الفردية ) أي أصِل إلى الله بنفسي مني له مباشرةً أقرأ الإنجيل وأفهم ما أشاء أصوم في الوقت الذي أحدده أنا كما أشاء لا يوجد أب كاهن يساعدني ولا يوجد قديس يساعدني أنا والله والله وأنا غذَّى هذه الفكرة نشأة البروتُستانتية في أوروبا أوروبا تُأله الإنسان الإنسان عايش في ذاتية وانعزالية الينبوع الرئيسي للبروتُستانتية هو الذاتية والإنعزالية عندما يقرأ الكتاب المقدس تقول له هذه الآية شرحها القديس يوحنا ذهبي الفم بالطريقة الفلانية يقول لك ما لي والقديس يوحنا ذهبي الفم تقول له اليوم هو عيد القديس فلان يقول لك ما لي وله هو قديس لنفسه القديس يوحنا ذهبي الفم شرح الآية بهذه الطريقة وأنا أيضاً فيَّ روح الله مثله وأفهم ما أشاء لذلك تجد عنده ألف تفسير وألف رأي للآية الواحدة فلا تتعجب أنه بمعدل كل سنة تزداد الطوائف عندهم ألف طائفة لأن كل شخص تأتيه فكرة ينفذها إذاً ماذا حدث ؟ لأنه ليس عنده مرجعية تقول له الآباء الأولين عاشوا بهذه الطريقة يقول لك ما لي ولهم ؟ لما عاشوا في الفردية والذاتية عندئذٍ تكلمهم عن الشفاعة والقديسين يقولون لك لا توجد لأنهم أشخاص ماتوا وانتهت حياتهم بيننا تُجيبه لكنك تعلم أن السيدة العذراء ذهبت لربنا يسوع وقالت له ليس لهم خمر كما قرأت في الإنجيل( يو 2 : 1 – 11 ) يقول لك لأنها كانت حية لكن الشخص عندما ينتقل من عالمنا هذا ينتهي أمره بالنسبة لنا تُجيبه كيف وربنا يسوع في الإنجيل قال ” أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب ليس الله إله أموات بل إله أحياء “ ( مت 22 : 32 ) وأيضاً يذكر الكتاب أن عظام أليشع النبي أقامت ميت عظامه أي كان قد مات أيضاً في سفر أرميا عندما تشفع أرميا عن الشعب قال له الله لو جاء موسى ووقف أمامي لن أقبل وأُطيل أناتي على هذا الشعب وقتها كان موسى النبي قد مات إذاً هل توجد شفاعة أم لا ؟ تقول له موسى النبي كان يشفع عن الشعب والله يقبل منه يقول لك لأنه كان حي ثم يُدخِلك في شفاعة الأحياء للأحياء والأحياء عن الأموات والأموات عن الأموات وأمور غريبة ويقول لك شفاعة أحياء عن أحياء أي نحن نصلي بعضنا لأجل بعض أجمل ما في كنيستنا أننا نشعر أننا واحد همومنا واحدة فنصلي لأجل بعضنا البعض البروتُستانت عندهم نزعة الذاتية أنا فقط وأنت لست بمهم بل أفضل أنك تكون غير موجود لأنك لي مُنافس هذا فكر ذاتي أما الفكر الذي في المسيح يسوع فهو أنك صرت عضو في جسدي وبالتالي صرت مُكمل لي وأنا مُكمل لك لكن عندما أنظر لك أنك منافس عندئذٍ صرت لا تعنيني فلا أطلب منك أن تصلي لأجلي فكرِنا نحن نصلي بعضنا لأجل بعض ونحن أحياء ونحن أموات وعندما ينتقل واحد منا نصلي له وهو يصلي لأجلنا إذاً العلاقة ما زالت مستمرة في سفر الرؤيا قيلَ عن الذين انتقلوا أنهم يقفون أمام الله ويتكلمون بلساننا نحن قائلين ” حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض “ ( رؤ 6 : 10) يتكلمون عن الظلم الواقع علينا نحن الذين على الأرض ويطلبون عنا كي يُريحنا ونحن الذين على الأرض نأخذ لسانهم ونقول قدوس قدوس هم يتبنوا قضايانا ونحن نأخذ تسبيحهم إذاً توجد علاقة مستمرة بيننا وبينهم إذاً الذي انتقل لم ينتهي أمره بل ما زال موجود حتى غير المسيحيين يقولون ” هم أحياء عند ربهم يُرزقون “ أي لهم دور وإن قلنا أنهم ماتوا وانتهوا إذاً معنى ذلك أنه ليس لهم دور لكن ما داموا أحياء إذاً لهم دور فعَّال ” بل هم قيام أمام منبر ابنك الوحيد يشفعون في ذُلنا وضعفنا ومسكنتنا “ إذاً توجد شفاعة تخيل أن أب كاهن يخدم كنيسة ثم سمح الله أن يسافر للخارج هل من لحظة ركوبه الطائرة هو نسى شعبه وهم نسوه ؟ وكأنه يقول أخيراً افترقت عنهم وهم كذلك لا هذه علاقة حب وطيدة وقوية بل عندما يبتعد يزداد الحب عندما ينتقل أحد القديسين هل معنى ذلك أن العلاقة انفصلت ؟ هذا يكون نكران محبة لا بل نظل نحن نذكره وهو يذكرنا كون إننا نعتبر أن علاقتنا بالقديس تنتهي بعد موته وكأننا نعلن موته بالنسبة لنا وانتهاء العلاقة هذا خطأ فأي فرد منا له حبيب انتقل يظل يتذكره ويُقيم له تذكارات وهذا المُنتقل أمام عرش النعمة يشفع فيه السيدة العذراء على رأس هذه القائمة اسمها ” الشفيعة المؤتمنة “ لأنه كلما ازداد قرب الشخص من الله كلما ازدادت الشفاعة وهل هناك أقرب من السيدة العذراء ؟ كيف وهي الجالسة عن يمينه ؟!” قامت الملكة عن يمينك“ ( مز 45 : 9 )أي قريبة جداً من الله السيدة العذراء ليس لديها هم يشغلها سوى همنا نحن وليس لديها طِلبة سوى طِلباتنا وأجمل شفاعة تقدمها شفاعة من أجل غفران الخطايا لذلك ونحن في أيام صوم السيدة العذراء لا تترك شفاعتها بل تمسك بها وتشفع بها واجعل اسمها في فكرك دائماً وردد اسمها كثيراً .. يا ستي يا عدرا يُقال عن المتنيح أبونا بيشوي كامل أن كلمة ” يا ستي يا عدرا “ كانت في فمه دائماً وكان كثيراً ما يراها وفي شدة آلامه كان بدلاً من أن يتأوه يقول ” يا ستي يا عدرا “أي عندما كان ينطق اسمها كنت تعرف أنه متألم جداً إذاً صارت له معينة وقوة احتمال لذلك اجتهد في أن تُنمي صداقتك بالعذراء وأن دالتك عندها تزداد لكي تعيش هذا الفكر الفكر الذي يعطيك شفاعة أمينة قوية ومضمونة ” إسألي ابنك “ ” اطلبي عنا “ وسَّطها لأن كلمتها مقبولة ومسموعة مجرد أن تقول ليس لهم خمرهي تشعر بالإحتياجات تشعر بالنقص والضيق والضعف الروحي فتشفع وابنها الحبيب يُرسِل نِعَم ما دورنا نحن ؟ أن نتجاوب وأن ننمو وأن نطلب ونصرخ هذا أساس الفكر الروحي الذي نتعامل به مع السيدة العذراء كان رجل له طلب عند رجل أعمال مشهور وبحث عن شخص يعرفه فعرف أن والدة رجل الأعمال تعترف عن أبونا فلان فقال في نفسه وجدت ما أردت وذهب للأب الكاهن وقال له تعرف فلان رجل الأعمال ؟ فأجاب الأب الكاهن حقيقةً أنا أعرف والدته هي تعترف عندي فقال الرجل هذا أهم لأن كلمة والدته أهم من كلمته عنده فقد يقول ليس لديَّ طلبك إن كلِّمته مباشرةً لكن لن يستطيع أن يرد كلمة والدته شفاعة الأم قوية جداً ” مقبولة شفاعتك عند ابنِك “ مقبولة وقوية ومقتدرة إسمها شفيعة مؤتمنة اُطلب شفاعتها وادخل في عمق صداقتها في قوة وإخلاص السيدة العذراء رصيد قوة روحية جبارة في الكنيسة السيدة العذراء طغمة أعلى من الملائكة والشاروبيم والسيرافيم والكراسي والقوات ولأنها عن يمين ابنها الحبيب بينما الشاروبيم والسيرافيم واقفين أمامه يخدمونه أما السيدة العذراء فهي عن يمينه كأُمه آه لو تخيلنا مقدار كرامتها في السماء ومجدها ولنرى صعود جسدها عندما أتت الملائكة لتحمله لأنه وجد أن جسدها لا يليق أبداً أن يبقى على الأرض لأنه ليس من الأرض لأنه عندما اتحد بها الابن صارت من السمائيين بل أعلى من السمائيين لذلك نُلقبها ” السماء الثانية “ لا تجعل صلاة بدون شفاعتها واحذر أن تطلب شفاعتها دون أن تشعر بها واحذر أن تكون شفاعتها لديك نظرية لا نحن نقول ” بالسؤالات والطِلبات التي ترفعها عنا كل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم “هل نستحق نحن شفاعتها ؟ إن كان شخص لديهِ طلب عند رجل ذو مركز مرموق يبحث عن معرفة توصله لديه ونحن يقول لنا الله أسهل طريق تصل به إليَّ أن تتعرف على أُمي وأسهل طريق تعرف به أُمي أن تتعرف عليَّ كرامتها من كرامته وكرامته من كرامتها شفيعة مؤتمنة إجتهد في فترة صومها أن تقتني شفاعتها في حياتك كجزء عملي وليس نظري وأن تكون شفاعتها في حياتك فعَّالة .. شفاعتها تكون معنا دائماً ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
19 أغسطس 2018

العذراء وحياة التسليم

فَضَائِل وَبَرَكَات كَثِيرَة وَمَجْد عَظِيم مُخْفَى دَاخِل أُمِّنَا السَيِّدَة العَذْرَاء وَلكِنْ يُوْجَدٌ فَضِيلَة نُرِيدْ أنْ نَتَعَمَقٌ فِيهَا وَنَأخُذ بَرَكَاتْهَا مِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَرَبِّنَا يُعْطِينَا قُلُوب مَفْتُوحَة وَآذَان صَاغِيَة قَالَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء ﴿ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ ﴾ ( لو 1 : 38 ) سَنَتَحَدَث عَنْ حَيَاة التَّسْلِيم عِنْدَالسَيِّدَة العَذْرَاء وَسَنَتَحَدَّث فِي ثَلاَث نِقَاطْ :- 1/ التَّسْلِيم عِنْدَ العَذْرَاء : التَّسْلِيم يَعْنِي إِنْسَان يِسَلِّمْ أي يَتْرُك إِرَادَتُه لإِرَادِة الَّذِي أمَامُه وَالسَيِّدَة العَذْرَاء عَاشَتْ حَيَاة التَّسْلِيم وَالخُضُوع لِكُلَّ أمر إِلهِي فَأبُوهَا تَنَيَّح وَعُمْرَهَا ثَلاَث سَنَوَات وَأُمَّهَا تَنَيَّحَتْ وَكَانَ عِنْدَهَا سِتْ سِنِينْ وَلكِنَّهَا سَلِّمِتْ وَعَاشِتْ فِي الهِيكَل حَيَاة التَّسْلِيم وَكَانَتْ خَادِمَة فِي الهَيْكَل اليَهُودِي وَيُوْجَد صُورَة فِي أذْهَان البَعْض أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تُسَبِّح وَتُرَنِمْ فِي الهِيكَل وَلكِنْ هذَا جُزْء مِنْ حَيَاتْهَا وَلكِنْ يُوْجَد جُزْء آخَر وَهُوَ أنَّ البِنْت فِي الهِيكَل اليَهُودِي تُصْبِح خَادِمَة وَالهِيكَل اليَهُودِي فِيهِ ذَبَائِح كَثِيرَة وَيَحْتَاج إِلَى تَنْظِيفْ وَالَّذِي يَقُوم بِعَمَلِيِة التَّنْظِيفْ الخَادِمَات أوْ النَّذِيرَات وَمِنْ ضِمْن البَنَات كَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَتُوْجَد صُورَة لِلسَيِّدَة العَذْرَاء غَرِيبَة وَهيَ شَعْرَهَا مَنْكُوش وَرِجْلِيهَا حَافْيَة وَهذَا يَدُل عَلَى الضَّغْط الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الخِدْمَة وَبَدَأ سِنَّهَا يِكْبَر وَلَمْ تُفَكِّر السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى أيْنَ تَذْهَبْ أوْ مَاذَا يَفْعَلُوا بِهَا ثُمَّ قَالُوا لَهَا أنَّهَا سَوْفَ تُخْطَبْ وَلكِنَّهَا تُرِيدْ أنْ تَعِيش حَيَاة البَتُولِيَّة وَلَمْ تَعْتَرِض فَعَمَلُوا عَلَيْهَا قُرْعَة حَتَّى يَجِدُوا الشَّخْص وَكَانَ هذَا الشَّخْص هُوَ يُوسِف النَّجَار وَكَانَ فِي ذلِك الوَقْت عَنْدُه 70 سَنَة وَكَانَتْ إِمْكَانِيَات يُوسِف فَقِيرَة جِدّاً فَهُوَ يَعْمَل نَجَّار فِي المَنْزِل وَلَيْسَ لَهُ وَرْشَة أي يِصَلَّح الأشْيَاء وَلاَ يَقُوم بِعَمَل أشْيَاء جِدِيدَة وَبِالتَّالِي دَخْلُه بَسِيطْ جِدّاً وَفِي كُلَّ هذَا السَيِّدَة العَذْرَاء تَقُول حَاضِر وَلَمَّا أتَى المَلاَك لِيَقُول لَهَا أنَّهَا سَوْفَ تُصْبِح حَامِلٌ فَالأمر الَّذِي أعَدَّهُ الله لِلعَالَمْ مُنْذُ 5500 سَنَة إِسْتَوْعِبِتُه العَذْرَاء فِي لَحْظَة وَلِهذَا قَالَتْ لَهَا ألِيصَابَات ﴿ طُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ ﴾ ( لو 1 : 45 ) وَلكِنْ هذَا الأمر سَيُعَرِّض ذَات السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى إِهَانَات وَسَيَشُك فِيهَا أقْرَب النَّاس وَبِالفِعْل نَجِدْ أنَّ يُوسِف البَّار أرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً ( مت 1 : 19) وَلكِنَّهَا فِي كُلَّ هذَا خَاضِعَة وَيُوْجَدٌ شَرِيعَة فِي العَهْد القَدِيم فِي سِفْر العَدَد تُسَمَّى شَرِيعِة (( المَاء المُر )) هذِهِ الشَّرِيعَة تُطَبَّقٌ عَلَى السَيِّدَة أوْ البِنْت الَّتِي يُشَك إِنَّهَا عَمَلِتْ خَطِيَّة وَزَنِتْ وَوُجِدَت حَامِل فَيَتِمْ إِحْضَار مَاء وَيَقُوم الكَاهِن بِقِرَاءِة الوَيْلاَت عَلَيْهَا وَتَقُول البِنْت فِي كُلَّ مَرَّة " آمِين آمِين " وَيَقْطَعْ الوَرَقَة دَاخِل المَاء وَتَقُوم البِنْت بِشُرْب المَاء فَإِذَا كَانَتْ عَمَلِتْ خَطِيَّة يَتَوَرَّم جِسْمَهَا وَتَسْقُطْ رِجْلِيهَا لأِسْفَل وَإِذَا لَمْ تَفْعَل تُصْبِح سَلِيمَة وَتَحْبَل بِزَرْع( عد 5 : 11 – 28 ) وَيُقَال أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء جَازَتْ هذَا الإِخْتِبَار فَالسَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تَقُول إِذَا كَانَ رَبِّنَا رَاضِي بِالإِهَانَة أوْ بِرَجُل فَقِير وَكِبِير فِي السِّنْ فَلْتَكُنْ إِرَادَتُه وَبَعْد ذلِك يَرَى يُوسِف البَّار رُؤيَة حَتَّى لاَ يَخَاف وَيَأتِي وَقْت الوِلاَدَة وَلَمْ تَجِدٌ السَيِّدَة العَذْرَاء أي مَكَان لِتَلِدٌ فِيهِ وَوَلَدَت فِي مِزْوَدٌ وَكَانَ مُمْكِنْ عِنْدَمَا تَرَى السَيِّدَة العَذْرَاء مَنْظَر المِزْوُدٌ تَعْتَرِض وَلكِنْ فِي كُلَّ الأُمور كَانَتْ تَقُول حَاضِرثُمَّ تُوْجَدٌ مُشْكِلَة وَهيَ عَدَم وُجُودٌ دَخْل لِيُوسِف النَّجَار حَتَّى يِصْرِفُوا مِنُّه فَيُوسِف فِي بَلَدٌ غَرِيبَة وَلاَ أحَدٌ يَعْرِفْ أنَّهُ نَجَّار فَيَحْدُث تَدْبِير إِلهِي عَجِيبْ وَهُوَ أنْ يَأتِي المَجُوس لِيُقَدِّمُوا هَدَايَاهُمْ ذَهَبْ وَلُبَان وَمُرّ ( مت 2 : 11) وَيُقَال أنَّ هذَا الذَّهَبْ هُوَ الَّذِي تَرَبَّى بِهِ يَسُوع وَهُوَ الَّذِي أُنْفِقَ بِهِ عَلَى إِحْتِيَاجَاتُه ثُمَّ يَظْهَر المَلاَك لِيُوسِف وَيَقُول لَهُ خُذْ الصَّبِي وَأُمُّه وَاهْرَب إِلَى مِصْر .. وَكُلَّ بَلَدٌ تَدْخُل فِيهَا السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ الأوْثَان تَقَعْ وَيَقُوم النَّاس بِطَرْدَهَا وَفِي كُلَّ هذَا السَيِّدَة العَذْرَاء تَقُول حَاضِر وَكَانَتْ تُرَبِّي رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح بِالجَسَد وَعِنْدَ الصَّلِيبْ كَانَتْ فِي تَسْلِيمْ عَجِيبْ فَلَمْ تَعْتَرِض فِي أي مَرْحَلَة أوْ تِدَّخَل أوْ تَتَمَرَدٌ وَلَمْ تُحَاوِل أنْ تَجْعَل الأُمور تَسِير حَسَبْ هَوَاهَا أوْ فِكْرَهَا أوْ رَغْبِتْهَا وَلكِنَّهَا عَاشِتْ حَيَاة تَسْلِيمْ كَامِلَة فَالأمر الَّذِي لَمْ يَسْتَوْعِبُه الأبْرَار وَالكَهَنَة وَالأتْقِيَاء أنْ يُوْجَدٌ عَذْرَاء تَحْبَل وَلكِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء إِسْتَوْعِبِتْ الأمر وَحَفَظِتُه فَالأمر الَّذِي أُخْفِيَ عَنْ أعْيُنْ كَثِيرِينْ كَانَ وَاضِحٌ أمَام السَيِّدَة العَذْرَاء وَمُمْكِنْ أحَدٌ يِسْأل سُؤَال لاَهُوتِي وَهُوَ مَنْ الَّذِي كَانَ يَعْرِفْ أنَّ السَيِّد الْمَسِيح هُوَ إِبْن الله(( الله المُتَجَسِّد )) ؟ وَالإِجَابَة هِيَ أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء هِيَ الوَحِيدَة الَّتِي كَانَتْ تَعْرِفْ فَالسَيِّدَة العَذْرَاء رَأت السَيِّد الْمَسِيح فِي كُلَّ مَرَاحِل حَيَاتُه وَهُوَ يِكْبَر وَيَتَكَلَّمْ فَكَيْفَ كَانَ حَدِيثُه وَاهْتِمَامَاتُه ؟وَكَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء فِي حَالِة دَهْشَة وَهذِهِ الحَالَة أوْجَدِت صَمْت فِي حَيَاتْهَا وَكَانَتْ تُفَكِّر فِي جَمِيعْ هذِهِ الأُمور فِي قَلْبِهَا وَعِنْدَمَا إِعْتَرَفَ بُطْرُس أنَّ الْمَسِيح هُوَ إِبْن الله الحَيِّ ( مت 16 : 16) لَمْ يَكُنْ إِيمَانُه مِثْل إِيمَان السَيِّدَة العَذْرَاء بِدَلِيل أنَّهُ شَك وَاهْتَز إِيمَانُه أمَام جَارِيَة . 2/ التَّسْلِيم فِي حَيَاتْنَا : بِالرَّغْم مِنْ أنَّ كُلَّ ظُرُوفْ السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ ظُرُوفْ صَعْبَة وَمُعَاكْسَة إِلاَّ إِنَّهَا كَانَتْ تَقُول حَاضِر فَأحْيَاناً يَقُول الإِنْسَان حَاضِر فِي الظُّرُوفْ الَّتِي تَسِير عَلَى هَوَاه وَلكِنْ هَلْ مُمْكِنْ أنْ يَقُول حَاضِر فِي الأُمور الَّتِي لاَ تَسِير مَعَ إِرَادَتُه ؟ فَالإِنْسَان إِذَا نَجَح يَقُول حَاضِر وَلكِنْ إِذَا لَمْ يُوَفَّقٌ هَلْ يَقُول حَاضِر ؟ وَالإِنْسَان السَّلِيمْ يَقُول حَاضِر وَلكِنْ إِذَا حَدَثْ لَهُ مَرَض هَلْ يَقُول حَاضِر ؟ فَالتَّسْلِيمْ هُوَ أنْ أقْبَل كُلَّ شِئ فِي كُلَّ وَقْت وَأنْ أشْعُر أنَّ حَيَاتِي فِي يَدْ الْمَسِيح فَالتَّسْلِيمْ هُوَ الخُضُوع الكَامِل لله بِمِلْء الإِيمَان وَلِهذَا نَجِدْ أنَّ حَرْب القَلَقٌ تَتَزَايَدْ عَلَى الإِنْسَان خَاصَّةً فِي هذَا الجِيل فَالإِنْسَان طُول الوَقْت يُفَكِّر وَلاَ يَعِيش مُطْمَئِنْ أوْ هَادِئ لأِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُسَلِّمْ وَدَائِماً قَلِقٌ عَلَى المُسْتَقْبَل فَأغْلَبْ الأمْرَاض أسْبَابْهَا عَصَبِيَّة وَنَفْسِيَّة وَهذَا فَخ مِنْ عَدُو الخِير حَتَّى لاَ يَعِيش الإِنْسَان فِي أمْن فَالإِنْسَان يَعِيش دَائِماً فِي دَائِرَة وَلكِنْ يَحْتَاجٌ فِي كُلَّ هذَا إِلَى التَّسْلِيمْ فِي كُلَّ أحْوَال حَيَاتُه وَلاَ يَلْجَأ إِلَى أعْمَال غِير سَلِيمَة ﴿ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ ﴾ ( زك 2 : 8 ) يُحْكَى أنَّ أبُونَا بِيشُوي كَامِل عِنْدَمَا تِعِبْ فِي أخِر أيَّامُه كَانِتْ تَاسُونِي أنْچِيل حَزِينَة جِدّاً وَكُلَّ مَا يَضَعْ أبُونَا يَدُه عَلَى شَعْر ذَقْنُه فَكَانَ الشَّعْر يَسْقُطْ وَكَانَتْ تَاسُونِي أنْچِيل تَبْكِي وَفِي مَرَّة نِزِل شَعْر كَثِير مِنْ ذَقْن أبُونَا فَتَاسُونِي أنْچِيل إِنْهَارِتْ فِي البُكَاء وَلكِنْ أبُونَا بِيشُوي قَالَ لَهَا إِنَّ هذَا الشَّعْر لاَ يَسْقُطْ إِلاَّ بِإِذْن الله فَالصُدْفَة لاَ تَلْعَبْ دُور فِي حَيَاتْنَا وَلاَ المَال وَلاَ الذَّكَاء وَلاَ الأقَارِبْ ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ ﴾ ( مرا 3 : 37 ) فَكُلَّ شِئ بِتَدْبِير وَأمر وَإِرَادِة الله وَعَلَى الشَّخْص أنْ يَثِقٌ فِي إِرَادِة وَتَدْبِير الله وَأنْ يَخْضَعْ لله فَرَبَّ المَجْد قَالَ ﴿ أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ ﴾ ( مت 6 : 25 ) فَالَّذِي يُعْطِيك الأهَمْ ألاَ يُعْطِيك الأقَلْ ؟!! الَّذِي أعْطَاكَ الجَسَد ألاَ يُعْطِيك الطَّعَام ؟!!وَلكِنْ نَجِدٌ النَّاس تَعِيش فِي قَلَقٌ عَلَى الأكْل وَالشُرْب وَنَجِدٌ أنَّ عَدُو الخِير يُشَكِّك الإِنْسَان فِي القَلِيل حَتَّى يَنْسَاق الإِنْسَان وَرَاءَهُ فَأُمور كَثِيرَة يُحَاوِل عَدُو الخِير أنْ يُقْلِقْنِي وَيِفْقِدْنِي سَلاَمِي وَأنْ أنْسَى خَيْرَات الله إِلهِي وَأنْ أسْأل الله لِمَاذَا يَارَبَّ تَفْعَل هذَا ؟ فَعَدُو الخِير يَسْتَثْمِر الظُّرُوف وَلكِنْ عَلَى الإِنْسَان أنْ يَقْبَل إِرَادِة الله وَيَقْبَل كُلَّ شِئ مِنْ يَدِيه فِي ثِقَة أنَّهُ يَصْنَعْ الكُلَّ حَسَن فَنَحْنُ لاَ نَعْلَمْ مَاذَا يَفْعَل الله وَلكِنْ نَحْوَك عُيُونَنَا ( 2أخ 20 : 12) فَلِمَاذَا هَرَبْ رَبِّنَا يَسُوع مِنْ وَجْه هِيرُودِس ؟ فَحَسَبْ تَقْدِير الإِنْسَان كَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنَّ الله يِمَوِّتْ هِيرُودِس وَلاَ يَهْرَبْ وَلكِنْ الله لَهُ قَصْد هُوَ أنْ يَأتِي إِلَى مِصْر وَيُبَارِك شَعْبَهَا وَيُصْبِح هُنَاك مَذْبَحٌ وَعَمُودٌ فِي أرْض مِصْر ( أش 19 : 19) وَأنْ تُصْبِح مِصْر يُوْم مِنْ الأيَّام عَمُودٌ الْمَسِيحِيَّة وَكَارِزَة لِلعَالَمْ فَرَبِّنَا إِسْتَخْدِم هِيرُودِس فَهُوَالَّذِي يُحَرِّك الأُموروَمِنْ الجَمِيلٌ أنْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّ الأُمور الَّتِي لاَ تَسِير عَلَى إِرَادَتِهِ أنَّ الله هُوَ الَّذِي يُحَرِّكْهَا وَأنَّهُ يَفْعَل كُلَّ شِئ حَسَبْ إِرَادَتِهِ وَلكِنْ الإِنْسَان مُتَعَجِّل لِمَعْرِفَة خِطَّة الله فِي حَيَاتُه وَلكِنْ الله يُرِيدْ أنْ يَتَعَامَل الإِنْسَان مَعَ يَدِهِ القَدِيرَة وَأنْ يَفْهَمْ مَا يَحْدُث لَحْظَة بِلَحْظَة فَيَشْعُر الإِنْسَان بِفَرَح وَسَعَادَة لأِنَّ الله يُرَتِّب حَيَاتُه فَمُعَلِّمْنَا بُطْرُس عِنْدَمَا إِنْحَنَى السَيِّد الْمَسِيح لِيَغْسِل رِجْلِيه قَالَ بُطْرُس حَاشَاك يَارَبَّ وَلكِنْ رَبِّنَا قَالَ لَهُ إِذَا لَمْ أغْسِل رِجْلِيك لاَ يَكُون لَكَ نَصِيبٌ مَعِي فَقَالَ بُطْرُس إِغْسِل يَارَبَّ وَلكِنُّه كَانَ فِي خَجَل وَحِيرَة لِمَاذَا يَفْعَل الله هكَذَا ؟ وَكَانَ رَدٌ رَبِّنَا عَلِيه لَسْتَ تَفْهَمْ الآنْ مَا أنَا فَاعِلُه وَلكِنَّك سَتَفْهَمْ فِيمَا بَعْد ( يو 13 : 5 – 9 ) وَ" فِيمَا بَعْد " مُمْكِنْ تِكُون بَعْد سَاعَة أوْ شَهْر أوْ فِي الأبَدِيَّة فَمُمْكِنْ أنْ تَحْدُث أشْيَاء فِي حَيَاتِي وَلكِنِّي لاَ أفْهَمْهَا وَلكِنْ سَيَفْهَمْ الإِنْسَان كُلَّ شِئ فِي الأبَدِيَّة حَيْثُ يُرْفَعْ عَنَّا الجَهْل وَنَأخُذْ المَعْرِفَة الكَامِلَة .. فَكُلَّ مَا نَرْفُضُه عَلَى الأرْض نَقْبَلُه فِي الأبَدِيَّة يُحْكَى عَنْ أبُونَا مِيخَائِيل إِبْرَاهِيم أنَّ إِبْنُه الأكبَر كَانَ طَبِيب مُتَزَوِج وَأنْجَبْ طِفْلَة ثُمَّ أُصِيبَ بِمَرَض وَتَنَيَّح فَجَاءَ كَاهِن زِمِيل أبُونَا حَتَّى يُعَزِّيه فَعِنْدَمَا دَخَلِتْ الطِّفْلَة فَمِسِك أبُونَا الزَّائِر هذِهِ الطِّفْلَة وَحَضَنْهَا وَانْهَار فِي البُكَاء فَإِذَا بِأبُونَا مِيخَائِيل هُوَ الَّذِي طَيِّبْ خَاطِر الكَاهِن وَقَالَ لَهُ إِنّ مَا حَدَث هُوَ أمر مِنْ الله وَإِرَادَتُه وَهُوَ فِي مَكَان جَمِيلٌ .. وَقَالَ لَهُ إِذَا كَانْ إِبْنُه سَافِر فِي بِعْثَة إِلَى أمْرِيكَا أفَلاَ كَانَ هذَا الكَاهِن يَأتِي لِتَهْنِئِة أبُونَا ؟فَالسَّمَاء أحْسَنْ مِنْ البِعْثَة وَلكِنْ أحْيَاناً الكَلاَم سَهْل وَلكِنْ التَّنْفِيذ يِخْتِلِفْ وَالمَوْقِفْ هُوَ الَّذِي يَخْتَبِر الإِنْسَان . 3/ كَيْفَ أقْتَنِي التَّسْلِيم ؟ أ/ حُبْ الله :- الإِنْسَان يُحِبْ الله وَلاَبُدْ أنْ يَثِقٌ أنَّ الله يُحِبُّه وَأنّ الله لاَ يُؤذِيه أوْ يَضُرُّه فَالله لَيْسَ ضِد الإِنْسَان وَهُوَ الَّذِي يُعْطِينَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنَىً لِلتَّمَتُّع ( 1تي 6 : 17) فَإِذَا كَانَ الأب يُعْطِي أوْلاَدُه عَطَايَا جَيِّدَة فَكَمْ بِالأوْلَى الله ( مت 7 : 11) فَنَحْنُ أوْلاَدُه وَهُوَ الَّذِي يَرْعَانَا فَنَحْنُ مِلْك لَهُ وَمِنْ الأشْيَاء الصَّعْبَة أنْ يَجْعَل الإِنْسَان أُمورُه تَسِيرعَلَى طَرِيقْتُه . ب/ الثِّقَة :- الثِّقَة تَجْعَل الإِنْسَان يَتْرُك نَفْسُه لِشِئ وَعَلَى قَدْر مَا نِسَلِّمْ لِرَبِّنَا أُمور حَيَاتْنَا عَلَى قَدْر مَا نِجْبِرُه عَلَى الإِعْتِنَاء بِنَا وَعَلَى قَدْر مَا نَتَوَلَّى أُمور حَيَاتْنَا نِجْبِرُه عَلَى أنْ يَتَخَلَّى عَنَّا فَمَنْ الَّذِي يَقُودٌ حَيَاتَك أنْتَ أم الله ؟ فَالله هُوَ الَّذِي يَقُودْنَا فِي مَوْكِبْ نُصْرَتِهِ ( 2كو 2 : 14) فَلاَبُدْ أنْ يَكُون الإِنْسَان عَنْدُه ثِقَة أنَّ الله قَدِير وَأنَّهُ صَانِعْ الخَيْرَات وَهُوَ الَّذِي دَبَّر الكُون وَصَنَعُه حَسَن فِي وَقْتِهِ أفَلاَ يَصْنَعْ كُلَّ شِئ فِي حَيَاتِي حَسَن فِي وَقْتِهِ حَتَّى إِذَا وُجِدَت شِدَّة أوْ أزْمَة فِي حَيَاة الإِنْسَان ؟فَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ أُقَدِّمُ لَك يَا سَيِّدِي مَشُورَات حُرِّيَتِي ﴾ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن قَبْل رُشُومَات الخُبْز فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) . ج/ الإِخْتِبَارٌ :- فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش حَيَاتُه بِذِهْنُه يَشْعُر أنَّ حَيَاتُه لاَ تُوْجَدٌ فِيهَا سَلاَمٌ وَلكِنْ عِنْدَمَا يَتَذوَق التَّسْلِيمْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّهُ أصْبَحٌ هَادِئ وَمُطْمَئِنْ .. فَالتَّسْلِيمْ حَيَاة إِخْتِبَارٌ وَلاَبُدْ أنْ يَخْتَبِر الإِنْسَان حَيَاة التَّسْلِيمْ كُلَّ يُوْم حَتَّى تَنْقِلُه مِنْ مَجْد إِلَى مَجْد فَيَقُول سَلَّمْنَا فَصِرْنَا نُحْمَل ( أع 27 : 15) .. وَمِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تُسَبِّبْ القَلَقٌ فِي حَيَاة الإِنْسَان رَغَبَاتُه الكَثِيرَة المُتَصَارِعَة وَطَلَبَاتُه وَعَدَم شَبَعُه وَلكِنْ عِنْدَمَا يَخْتَبِر حَيَاة التَّسْلِيمْ يَشْعُر بِالفَرَح وَالبَهْجَة وَيَشْعُر أنَّ الله هُوَ كِفَايْتُه وَشَبَعُه وَيَقُول لِتَكُنْ إِرَادِة الله فَأنَا أُرِيد الله فَقَطْ .. وَعِنْدَمَا يَتَذَكَّر الإِنْسَان حَيَاتُه وَيَخْتَبِر عِنَايِة الله بِهِ فَمِنْ الصَّعْب أنْ لاَ يُسَلِّمْ بَاقِي حَيَاتُه لله .. فَالَّذِي أعَانَ الإِنْسَان مُنْذُ حَدَاثَتِهِ هَلْ يَعْجَز عَنْ تَدْبِير بَعْض الأيَّام أوْ الإِحْتِيَاجَات ؟ فَهذِهِ الأُمور بِالنِّسْبَة لله تَافْهَة فَقَبْل الشُّرُوع فِي أي عَمَل أوْ أي مَوْقِفْ فِي حَيَاة الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يَكُون مَمْزُوج بِصَلاَة وَخُضُوع وَتَسْلِيمْ وَيَقْتَنِعْ بِإِرَادِة الله قَبْل أي أمر مَصِيرِي فِي حَيَاة الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يُسَلِّمْ الإِنْسَان هذَا الأمر لله فَالإِنْسَان يَخَافْ مِنْ إِرَادَتُه وَلكِنْ عِنْدَمَا يَضَعْ الأمر أمَام الله يَقُول لله أنَا أُرِيدْ إِرَادَتَك وَأنْ تَهْدِينِي وَيَمِينَك تُمْسِكْنِي أنَا أُرِيدْ أنْ أتَأكِّدْ أنَّ الأمر مِنَّك وَلِتَكُنْ إِرَادَتِي كَإِرَادَتَك فَالعِصْيَان هُوَ الّذِي أحْدَر الإِنْسَان مِنْ السَّمَاء إِلَى الأرْض وَخَطِيِّة أبُونَا آدَم فِي الأسَاس هِيَ العِصْيَان وَلكِنْ الشِئ الَّذِي يِرَجَعْنَا إِلَى الحَيَاة الفِرْدُوسِيَّة هِيَ حَيَاة الطَّاعَة وَالتَّسْلِيمْ وَعِنْدَمَا جَاءَ الله عَلَى الأرْض قَدَّم طَاعَة عِوَض العِصْيَان فَالله أطَاعَ حَتَّى مَوْت الصَّلِيب ( في 2 : 8 ) فَلاَبُدْ أنْ يَقُول الإِنْسَان لله حَاضِر وَيُكْثِر مِنْ الصَّلاَة وَيَحِيد إِرَادَتُه أي يَضَعْهَا جَانِباً فَلاَ تُزَل قَدَم الإِنْسَان لأِنَّ كُلَّ شِئ يُعْمَل بِإِرَادِة الله حَتَّى وَإِنْ كَانْ فِي مَظْهَر حَيَاتُه أتْعَاب فَحَيَاة السَيِّدَة العَذْرَاء فِيهَا أتْعَاب وَحَيَاة السَيِّد الْمَسِيح أيْضاً فِيهَا أتْعَاب وَلكِنْ مَا هِيَ فِكْرِة الإِنْسَان عَنْ الأتْعَاب ؟فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش حَيَاة التَّسْلِيمْ يَعِيش فِي سَلاَمٌ حَتَّى إِنْ وُجِدَت الآلاَم وَالأتْعَاب وَالضِيقَات فَكُلَّ أمر أقُول لله أنَا عَبْدَك وَإِبْن أمَتَك( مز 115 مِنْ مَزَامِير التَّاسِعَة ) وَأقُولْ لَهُ أيْضاً ﴿ أنَا أُخْضِعُ ذَاتِي دُونَ عِنَادٍ لأِصَابِعِكَ تُشَكِّلُ فِيَّ ﴾( مِنْ تَرْنِيمِة " أيُّهَا الفَّخَارِي الأعْظَمْ " ) رَبِّنَا يُعْطِينَا حَيَاة التَّسْلِيمْ وَيَرْفَعْنَا بِبَرَكِة السَيِّدَة العَذْرَاءوَيِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد إِلَى الأبَد آمِين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
12 أغسطس 2018

صداقتنا مع الست العذراء

أرُيد أن أتكلّم معكُم اليوم عن صداقتنا مع الست العدرا ما دُمنا نحن نُحب ربنا يسوع فلابُد أننّا نُحب الست العدرا ، والذى يُحب الست العدرا يُحب ربنا يسوع ، لابُد أنّ علاقتنا بالست العدرا تكون علاقة صداقة علاقة محبة علاقة حيّة لابُد أنّ كُل واحد يكون عنده صورة للست العدرا ويتعامل معها على أنّه يتعامل مع الست العدرا نفسها 0 لابُد أن تكون علاقتنا معها علاقة حُب ، علاقة حنين ودالّة 0فهى والدة الإله ولذلك فهى لها شفاعة عِند ربنا يسوع ، ولها كلمة كبيرة عِند ربنا يسوع ليتنى تكون علاقتى بها علاقة حلوة لأنّها هى بإستمرار بتتّشفع عنّى عند ربنا يسوع المسيح " ليس لنا دالّة ولا حُجّة ولا معِذرة " نحن غير قادرين أن نتكلّم ولكن لنا شفاعتِك ، لأنّكِ أمُ قادرة رحيمة مُعينة ، لابُد يا أحبائى أن يكون لنا هذا الإحساس مع الست العدرا أنتِ أمُى أنتِ ستىِ أنتِ تاج رأسىِ أنتِ حاسّة بىّ فمُمكن تتشفعىِ لىّ عند ربنا يسوع ، ولذلك الكنيسة بترفع الست العدرا لأنّها شاعرة بقيمتها 0 فلو أحببنا أن نعمل تمجيد لأى قديس فتوجد محطة إجباريّة لابُد أن نقف عِندها ، فما هى ؟! هى الست العدرا ، فلابُد أن نقول الأول للست العدرا الكنيسة عِرفت قيمتها ولكن بعد الست العدرا فنقول للقديسين ويكون أمر إختيارى ولكن الست العدرا إجبارى الكنيسة تُريد أن تقرّب قلبنا جداً للست العدرا وتقول لك إياك أن لا تكون لك عِلاقة مع الست العدرا أبونا بيشوى كامل كان بيعمل عملية فى إنجلترا وكانت أيام نهضة الست العدرا فكان كُل يوم يعمل تمجيد لها ، وكان واضع صورة لها إلى أن قرّب يوم ليلة عِيدها ، فسأل فى المُستشفى هل يوجد عِندكُم ورد ؟ فقالوا لهُ لا يوجد فى هذه الفترة ورد طبيعى ، فالورد كُلّه الذى عِندنا هو ورد صِناعى ، فتعجّبوا من طلبهِ ، فحزن لأنّه 00لأنّه كان يُريد أن يضع الورد على صورة الست العدرا ، فحدث أنّ إبنة لأبونا بيشوى كانت آتيّة لزيارتهِ ، وهى فى الطريق وقف الأتوبيس فى مكان فيهِ إستراحة ، فوجدت ورد فنزلت وإشترت لهُ ورد فعندما وصلت إليه قدّمت لهُ الورد ففرِح جداً وقال لها إن الست العدرا هى التىِ جعلتكِ تشترى هذا الورد فهو شاعر أنّ الست العدرا موجودة فعلاً وليست مُجرّد صورة00فلابُد أن نتعامل مع القديسين على أنّهُم أحياء ، فهُم بيشفعوا فينا أمام الملك المسيح والكنيسة تضع الست العدرا عن يمين الهيكل ، الست العدرا كرامتها عالية ولابُد أن نشعُر بوجودها ، ولابُد أن تكون شفيعة لنا " هى الشفيعة فى جنس البشر " هى الشفيعة فى كُل الأحياء ، فلابُد أن أقترب منها لكى أضمن لنفسى شفاعة ، لابُد أنّ محبتنا للست العدرا تزيد فالإنسان الذى يعيش مع ربنا وبإستمرار بيتنّقى فإنّه سيجد أنّ علاقتة بالست العدرا زادت لأنّ كُل من يقترب من ربنا يقترب منها ، والذى يقترب منها يقرّب من ربنا ، الست العدرا موجودة فى بيوتنا وموجودة فى كنائسنا ، ونسّميها الملكة الحقيقية ، هى ملكة ولها من السُلطان أن تجعل إبنها الحبيب يتراجع عن غضبهِ وأن تجعلهُ يصنع عجائب فالست العدرا مُتواضعة جداً ووديعة جداً وصامتة جداً فلابُد أن نعرف كيف نقرّب من قلب الست العدرا فهى الإنسانة الوحيدة التى إتحدت بالله ، فأنا عندما أتحد بالله أعرف من هى الست العدرا ، فإن كُنّا لا توجد عِشرة مع ربنا يسوع فإننّا لم نعرف من هى الست العدرا القديس سيدهُم بشاى كان يحبها جداً وكان يتشفّع بها ولا يعمل شىء إلاّ عِندما يأخذ رأيها ، ويسألها هل أذهب لهذا المكان أم لا ؟ ويسألها هل أعمل هذا أم لا ؟ فهو إعتبرها أخُتة وزوجتُة ، وفى أيامهِ كان يوجد إضطهاد وعندما إعترف بالإيمان أمروا بضربهِ وبتعذيبهِ وهو بيُضرب ويتألّم والدم يسيل منّه كان يقول ( هات كُرسىِ للست لا تتركوها واقفة 00) ، فمن هى الست ؟! هى الست العدرا ، وجاءت لهُ لكى تُخفّف عليه آلامهُ ولذلك أنا أرُيد أن أقول لك نحن لابُد أن نعيش مسيحيين صح ، فلا أكون مسيحى بالإسم ، ولا أتناول لفترات طويلة ، أنا لابُد أن أكون مسيحى صح لكى تكون العدرا فعلاً أمُى ، فهى ستقول الذى لا يُكرم إبنى فأنا لا أعرفهُ ، فكُلّما نُكرم ربنا فى حياتنا فسنجد أنفُسنا قد إقتربنا من الست العدرا ، فهى أمُ حنونة كنيسة السيدة العذراء فى محرم بك عاصرت فترة الحرب العالمية ، أنّه كان يوجد رجُل كبير واقف على سطح بيت ، رأى طيّارة بتقذف قُنبلة على الكنيسة ثم رأى واحدة أخذت هذه القُنبلة ثم رمتها فوقعت القُنبلة وأحدثت صوت خفيف وتركت آثار خفيفة وذلك بأنّ زُجاج الكنيسة كُلّه تكسّر ماعدا زُجاج مقصورتها ، فلماذا زُجاج مقصورتها بالذات ؟!فهل معنى ذلك أنّ الست العدرا حيّة ؟! نعم حيّة 00هل هى حاسّة بنا ؟! نعم حاسّة بنا 00هل مُمكن أن أشعر بها ؟! نعم فهى أمُ لىّ تحامى عنّى ونجد مُعظم أديُرة الرُهبان والراهبات على إسم الست العدرا ويحبّوا أن يتشفعوا بها ، ويقولوا أنّها الحارسة لنا والمُعينة لنا فى بتوليتنا وفى عفتّنا ، فنجد العدرا السُريان والعدرا البراموس بالرغم من إنهّم بجانب بعض فالست العدرا شاعرة بالدير وحارسة للرهبنة ، ولذلك من ألقابها أننّا نقول لها " أنتِ هى سور خلاصنا " السور الذى يحمى المكان ، فالست العدرا هى سورنا ، فأنا مُمكن الست العدرا تكون سور خلاصى الذى يصُد عنّى ، فلابُد أعرف قيمتها ودالتّها عند ربنا ، ولذلك أطلُب منها بدالّة وبحُب وبجرأة الست العدرا حامية وحارسة موجودة فى وسطنا وفرحانة جداً بنا ،يقولوا عن واحد من الرُهبان أنّه كان واقف أثناء تسبحة نصف الليل والرُهبان واقفين وجد واحدة ست تقف أمامهُم فإغتاظ جداً وذهب إليها وطرق على كتفها وقال لها لا تقفى أمام الرُهبان عيب ، فإلتفتت لهُ وضحكت وعِرف إنها الست العدرا فهى موجودة فى الكنيسة بتسمع الصلاة ، فمن وظائفها أنّها تأخذ صلواتنا وتُصعدها ليسوع ، ولذلك نقول لها " إصعدىِ صلواتنا إلى إبنك الوحيد ليغفر لنا خطايانا " فالصلوات الضعيفة والكلام الفاتر الذى أقوله الست العدرا هى التى تأخذه لفوق ، الست العدرا بتشفع فينا مهما كانت خطايانا ، فهى مُهمتها أن تشفع فينا ، هى موجودة فى كنيستها تمُر علينا وبتفتقدها ، ولذلك نسمع أنّها بتظهر فى بابا دبلو وفى الزيتون وفى الصعيد فما هى علاقتك مع الست العدرا ؟! فهل هى علاقة الصورة وخلاص ، إجعلها علاقة كائن حى مع كائن حى ، تشّفع بها بإستمرار ، أحد القديسين يقول ] الذى يسير مع يسوع إلى الصليب يستحق أن يأخُذ الست العدرا البيت معهُ [ فأنا لكى أأخُذ الست العدرا إلى البيت لابُد أن أتبع المسيح حتى الصليب ، فيقول لنا يسوع أنا يا حبيبى إطمئن جداً أنّ أمُى تكون معك ، ولكن أنا منتظر الذى يتبعنى حتى الصليب وهو أن نعيش الألم 00نعيش الضيق00 نعيش شُهداء ، فأجمل شىء فى حياتنا هو أننّا أولاد ربنا يسوع ، فلا يُحرج أحد منكُم أنّه مسيحى أنت إنسان كريم جداً عند الله أنت أجمل إنسان فى الدُنيا كُلّها أنت أكرم إنسان على الأرض أنت بتأكُل جسد المسيح ودّمهُ ، فلا يوجد أحد مثلك إفرح بمسيحك إفرح بصداقة القديسين لأنّهُم مُعينين لك وكثيراً ما تقول إنى أشعر إن صورة العدرا بتكلّمنى أو بتنظُر لى أو شكلها حزين أو بتضحك ، فالست العدرا حيّة وشاعرة بنا وشاعرة بمشاكلنا ، إطلُبها أجمل شىء هو أننّا عندما نذهب للسما سنجد الست العدرا بتتشّفع فينا كُل إنسان فينا يصرُخ للست العدرا ويعمل لها تمجيد يجدها مُعينة له ، تصّور إنها بتفرح بك عِندما تعمل لها تمجيد وتأتى إليك وتُبارك بيتك مُمكن أقول لكُم شىء تعتبره دواء لحل مشاكل بيتك وهى أن نقف نُصلّى مع بعض ونقول لها تمجيد مع بعض ، فالذى يجعل مشاكلنا تزيد هو أنّ كُل واحد فينا بعيد عن الآخر ومُنحصر فى ذاته ، ولكن لابُد أنّ الصلاة تجمعنا أعرف سيّدة لا يمُر عليها عيد قديس إلاّ وتعمل لهُ أكله حلوة ، وكأنّ الأكل الحلو الذى عملناه هو بسبب فرحتنا بالست العدرا وبذلك نجد الولد يحب الست العدرا فيكون عِنده إحساس أنّ هذا القديس هو واحد من عائلتهُ ، فإن كُنّا نحتفل بأفراد أُسرتنا أفلا نحتفل بعيد إستشهاد قديس كرّم ربنا وسفك دمّه من أجل ربنا توجد واحده ست كان شفيعها القديس أبو سيفين وكان عندها صورة لُه وكانت إبنتها بتمتحن فى كُلية فى بلد أخُرى غير بلدها فكانت متغرّبة فطلبت من أمُها أن تأتى معها فى أيام إمتحاناتها ، وأخذت تلّح على أمُها فوافقت الأمُ وعندما وصلت عند إبنتها تذّكرت أنّها نسيت شىء مهُم جداً وهو صورة أبو سيفين فحزنت جداً وظلّت كُل يوم تقول لهُ تمجيدهُ وعندما إنتهت إبنتها من الإمتحان رجعت الأمُ إلى بيتها وعِندما دخلت الشُقة جرت بسرعة نحو صورة أبو سيفين وحضنت الصورة فشعرت أنّ أبو سيفين حضنها هو أيضاً ، فذهبت لدير أبو سيفين وروت لتماف إيرينى وقالت لها تماف هل هو سمين أم نحيف ؟ فقالت لها سمين ثم قالت لها هل يديه طريّة ؟ فقالت لها طريّة فقالت لها تماف إذاً هو أبو سيفين وفى مرّة من المرات كانت توجد كنيسة جميلة تُبنى وكان فيها نشارة خشب والعُمال وهُم فى الكنيسة وجدوا واحدة نازلة من فوق وأخذت تمشى فى الكنيسة إلى أن ذهبت للمذبح ووضعت يديها على المذبح ، فقالوا إنّها الست دميانة ، فذهبوا لتماف إيرينى وقالوا لها إن الست دميانة قد جاءت للكنيسة ، فقالت لهُم أين المكان الذى سارت فيه ؟ فرأت مكان أرجُلها ، والكنيسة كانت على رسم القديسة دميانة ، فقالت لهُم دى مُش رجلين الست دميانة هذه مقاس أرجُل الست العدرا الإنسان الذى يعيش مع القديسين يكون عارف تفاصيلهُم كما نقول فى صلاة الأجبية " لكى نكون بمُعسكرهُم محفوظين ومُرشدين" ، الست العدرا الكلام عنها جميل ويفرّح ويعزّى ويرفع ، فتوجد مُشكلة كبيرة إن الناس غير فرحانة والحياة ضاغطة عليهُم ، المفروض أن أعرف كيف أرتفع فوق الضيق والكتاب قال " مُلقين كُل همُكم عليه لأنّه هو يعتنى بكُم " ، ما دام لنا قديسين ولنا حياة سماوية فلماذا نكون مهمومين؟ ربنا قادر أن يسند كُل ضعف فينا0 القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل