المقالات

20 مارس 2024

الصليب في حياتنا

أول علاقة لنا بالصلیب ھي في المعمودیة، حیث صلب إنساننا العتیق حتى لا نستعبد بعد للخطیة وھناك صلیب حملته الكنیسة في حركة الاستشھاد وفي كل الاضطھادات التي لحقت بھا على مر العصور والجمیل في ھذا الصلیب أن الكنیسة قد حملته بفرح وصبر دون أن تشكو منه وتتذمر بل تحول الصلیب في حیاة الكنیسة إلى شھوة تشتھیھا وتسعى إلیه وكان إقبال المسیحیین على الموت یذھل الوثنیین، وكانوا یرون فیه الإیمان بالأبدیة السعیدة، واحتقار الدنیا وكل ما فیھا من ملاذ ومتع فتحولت السجون إلى معابد، وكانت ترن فیھا الألحان والتسابیح والصلوات من مسیحیین فرحین بالموت وثالث مجال نحمل فیه الصلیب ھو الباب الضیق فیه یضیق الإنسان على نفسه من أجل الرب. یبعد عن العالم وكل شھواته، ویزدري بكل شيء. في سھر، في أصوام، في نسك، في ضبط النفس، في احتمال لإساءات الآخرین ویمكن أن یدخل في ھذا المجال صلیب التعب فیتعب الإنسان في الخدمة من أجل الرب ویتعب في صلب الجسد مع الأھواء (انظر غل 24:5)كما یقول الرسول، ویتعب في الجھاد وصلب الفكر، والانتصارعلى النفس، ویعلم في كل ذلك أنه ینال أجرته بحسب تعبه، حسبما قال بولس الرسول ( ۱ كو ۳ :5) والمسیحیة لا یمكن أن نفصلھا إطلاقًا عن الصلیب والسید المسیح صارحنا بھذا الأمر، فقال "فِي الْعَالَمِ سَیَكُونُ لَكُمْ ضِیقٌ" (یو ۱٦ :33) وقال أیضًا "وَتَكُونُون مُبْغَضِینَ مِنَ الْجَمِیعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي" (مر ۱۳ :13) ونحن نفرح بالصلیب ونرحب به، ونرى فیه قوتنا كما قال الرسول "فإن كَلِمَة الصَّلِیبِ عِنْدَ الْھَالِكِینَ جَھَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِینَ فَھِيَ قُوَّةُ للهِ" ( ۱كو ۱ :18) وھناك الصلیب الذي لأجل البر، وھو على أنواع: منھا صلیب الحب والبذل، مثل صلیب المسیح، الذي تحمل الألم لكي ینقذنا "لَیْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ ھذَا: أَنْ یَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَھُ لأَجْلِ أَحِبَّائِھِ" (یو ۱٥ :13)وھناك صلیب آخر في العطاء، وأعظم عطاء ھو العطاء من العوز،حیث تفضل غیرك على نفسك، وتعتاز لكي یأخذ غیرك، مثلما أعطت الأرملة من أعوازھا وھناك أیضًا صلیب الاحتمال، تحویل الخد الآخر، وسیر المیل الثاني لیس فقط أن یحتمل الإنسان إساءات الناس إلیه، بل أكثر من ھذا أن یحسن إلى ھؤلاء المسیئین، بل أیضًا أن یحبھم! من یستطیع ھذا؟ إنه صلیب ھناك صلیب آخر في الجھاد الروحى، في انتصار الروح على الجسد،في احتمال متاعب وحروب العالم والجسد والشیطان في صلب الجسد مع الأھواء في الانتصار على الذات، في الدخول من الباب الضیق والصلیب ھو التألم لأجل البر، ھذا فقط للمبتدئین أما للكاملین فیتحول الصلیب إلى لذة ومتعة نشعر بضیق الباب في أول الطریق ولكننا بعد ذلك نجد لذة في تنفیذ الوصیة، ونحبه. وحینئذ لا یصیرالطریق كربًا بل یصیر متعة كان الاستشھاد صلیبًا، ثم تحول إلى متعة وصار القدیسون یشتھون الاستشھاد، ویشتھون الموت، ویفرحون به والتعب من أجل الرب أصبح لذة ومتعة، والألم أیضًا وھكذا اعتبر الكتاب أن الألم ھبة من لله "وُھِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِیحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِه فَقَطْ، بَلْ أَیْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأجله" ( فى 29:1). متى يصبح الصليب فى حياتنا متعة؟ قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
03 أبريل 2024

الصوم الروحي

الصوم الكبير من أقدم وأقدس أصوام السنة، نتذكر فيه الصوم الأربعيني الذي صامه الرب، يضاف إليه أسبوع الآلام الذي هو ذخيرة السنة الواحدة ومهمًا أن يمر علينا كفترة روحية، ولذلك علينا أن نتأمل معًا روحيات الصوم لنتدرب عليها ليس الصوم مجرد امتناع عن الطعام، فهذا الامتناع هو مجرد وسيلة للسيطرة على الجسد لإعلاء الروح فهل أنت في الصوم تسيطر على جسدك تماما؟ وهل تهتم بالايجابيات التي تنميك روحيا؟ وكما تمنع جسدك عن الطعام، هل تعطى روحك طعامها؟ ومن هنا كان الصوم يقترن دوما بالصلاة، وبالتأمل وبباقي تفاصيل العمل الروحي، من قراءة وترتيل واجتماعات روحية، وتداريب روحية ومحاسبة للنفس وكما يقترن الصوم بالصلاة، يقترن أيضًا بالتوبة ومثال ذلك نينوى، بكل ما فيها من تذلل ومثاله أيضًا الصوم الذي شرحه سفر يوئيل النبي (2: 12-17) والله يسر في الصوم بترك الخطية أكثر مما يسر بإذلال الجسد وهكذا نقرأ عن صوم أهل نينوى أنه "لما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يون3:10) والصوم أيضًا مقرون بعمل الرحمة نرحم الناس لكي يرحمنا الله. ونشعر بألم الناس حينما نجوع فنشفق على الجائعين ونطعمهم وما أجمل ما قيل في أقوال الآباء "إن لم يكن لك ما تعطيه لهؤلاء القديسين فصم وقدم لهم طعامك" وقد شرح هذا الأمر في سفر إشعياء (58) والصوم فترة للزهد في المادة وكل ما يتعلق بها والزهد معناه عدم الاهتمام بالطعام وأصنافه وطهيه وتنسيقه، مما يخرج الصوم عن روحه، ويتحول إلى شكليات ما أجمل قول دانيال النبي في صومه "لم آكل طعاما شهيا" (دا10: 3) وهذا الزهد في الطعام من جهة الانقطاع عنه والامتناع عن مشتهياته، ما هو إلا دالة على الزهد عموما والتدريب عليه لانشغال القلب بكل ما هو روحاني ونافع للحياة الأبدية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
10 أبريل 2024

تدريبات في الصوم الكبير

لكي يكون هذا الصوم المقدس ذا أثر فعال في حياتك الروحية، نضع إمامك بعض التداريب لممارستها، حتى ما إذا حولتها إلى حياة تكون قد انتفعت في صومك:- 1- تدريب لترك خطية معينة من الخطايا التي تسيطر عليك، والتي تتكرر في كثير من اعترافاتك. 2- التدريب على حفظ بعض المزامير من صلوات الأجبية، ويمكن اختيار مزمور واثنين من كل صلاة من الصلوات السبع، وبخاصة من المزامير التي تترك في نفسك أثرًا. 3- التدريب على حفظ أناجيل الساعات، وقطعها، وتحاليلها علما بأنه لكل صلاة 3 و6 قطع. 4- التدريب على الصلاة السرية بكل ما تحفظه، سواء الصلاة أثناء العمل وفي الطريق وأثناء الوجود مع الناس وفى أي وقت. 5- اتخاذ هذه الصلوات والمزامير والأناجيل مجالًا للتأمل حتى يمكنك أن تصليها بفهم وعمق. 6- تداريب القراءات الروحية سواء قراءة الكتاب المقدس بطريقة منتظمة، بكميات أوفر وبفهم وتأمل وقراءة سير القديسين وبعض الكتب الروحية، بحيث تخرج من الصوم بحصيلة نافعة من القراءة العميقة. 7- يمكن في فترة الصوم الكبير، أن تدرب نفسك على استلام الألحان الخاصة بالصوم وبأسبوع الآلام، مع حفظها وتكرارها والتشبع بروحها. 8- يمكن أن تدرب نفسك على درجة معينة من الصوم على أن يكون ذلك تحت إشراف أبيك الروحي. 9- هناك تدريبات روحية كثيرة في مجال المعاملات مثل اللطف وطول الأناة واحتمال ضعفات الآخرين وعدم الغضب واستخدام كلمات المديح والتشجيع وخدمة الآخرين ومساعدتهم والطيبة والوداعة في معاملة الناس. 10- تدريبات أخرى في (نقاوة القلب) مثل التواضع،والسلام الداخلي،والرضى وعدم التذمر،والهدوء وعدم القلق،والفرح الداخلي بالروح،والإيمان،والرجاء. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
24 أبريل 2024

ما معنى الزواج؟

معناه في المفهوم المسيحي أن إنسانًا روحيًا، هيكل للروح القدس، يقترن بإنسانة روحية، هي الأخرى هيكل الروح القدس، يربطهما الروح في سر الزواج، لكي يصيرا واحدًا لهذا ينبغي أن يكون الاثنان من نفس الإيمان، الإيمان السليم، لان الروح القدس لا يجوز أن يربط متناقضات إيمانية بهذا الشكل ينجح الزواج ويعمل الروح القدس في كليهما عملًا روحيًا متناسقًا أما أن نربط اثنين غير غير تائبين، بعيدين عن الروح القدس وعمله، فليس هذا عملًا روحيًا لهذا فإن الكنيسة تتقبل اعتراف الخطيبين، وتناولهما من الأسرار المقدسة قبل زواجهما، حتى يبدأ الاثنان حياة روحية سليمة، معًا، متعاونين بهذا لا يكون الزواج مجالا للخلافات الزوجية، التي تحدث غالبًا من عدم حياة الزوجين حياة روحية سليمة إننا نحاول أن نضع القوانين للأحوال الشخصية، وقد يرى البعض الاتساع في أسباب الطلاق، إذ بدت الحياة مستحيلة بين الزوجين! ولماذا مستحيلة؟! لأنهما لا يعيشان بالروح، كما يفهم من الزواج المسيحي هذا البعض يريد زواجا غير مسيحي (غير روحي) تحكمه شريعة المسيح التي تمنع الطلاق إلا لعلة ولو عاش الزوجان مسيحيين في حياة روحية، لأمكن إلغاء بند الطلاق نهائيًا من قانون الأحوال الشخصية، إذ لا حاجة إليه، لان المحبة الكبرى التي تربط الزوجين، لا يمكن أن تسمح مطلقا بالطلاق، بل على العكس، بدلًا من الانفصال تتعمق العلاقة بالأكثر يومًا بعد يوم إن أجمل تشبيه للزواج المسيحي، والعلاقة بين الزوجين هو العلاقة بين المسيح والكنيسة وعن هذا الأمر قال الرسول "هذا السر العظيم" (اف5: 32) أيوجد تشبيه أعمق من هذا؟ وحب أعظم من هذا؟ "فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه" (أف5: 33) ليس الزواج المسيحي علاقة عابرة وتنتهي! إنها علاقة العمر كله المرأة بالنسبة إلى الرجل "لحم من لحمه، وعظم من عظامه" (تك2: 23) هي جسده وهو رأسها وكلاهما جسد واحد ومن أجلها يترك أباه وأمه! ما أعجب هذه الأهمية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
17 أبريل 2024

متاعب الذكاء

للذكاء فوائد كثيرة في حياة الإنسان وحياة غيره ولكن الذكاء يسبب أيضًا بعض المتاعب، فكيف يحدث ذلك؟ إذا طالب الشخص الذكي والذكي جدًا أن يتعامل معه الناس بنفس مستوى الذكاء، وقد يكونون دون ذلك، حينئذ سيصطدم بهم، يتعبهم ويتعبونه لأنه سيطالبهم حينئذ بأكثر مما يستطيعون سيحزن في قلبه لأنهم تصرفوا بهذا الأسلوب وهذا أول عيب، هو تضايق الذكي من تصرف الناس كيف أنهم لم يفهموا! وكيف تصرفوا هكذا؟! "مع أن الأمر واضح"! (طبعًا له وليس لهم)! وقد يتحول من الحزن والضيق إلى النرفزة والغضب! وربما تسوء المعاملة، وكثرة التوبيخ والانتهار ولذلك قد يتعب كثيرًا من يشتغلون تحت إمرة شخص ذكي! فمع إعجابهم بفهمه وبكثير من أعماله، يجدونه أحيانًا ضيق الخلق، كثير الأوامر، وقد يطلب منهم فوق ما يطيقون! وقد يتضايق بلا سبب (في نظرهم طبعا). الذكي -أكثر من غيره- يقع في إدانة الآخرين وربما دون أن يقصد إن عقله يفكر بسرعة ويكتشف الأخطاء بسرعة وربما تلقائيا وقد يشعر الذكي بالوِحدة ويميل إليها لأنه ربما لا يستفيد كثيرًا من الناس ولأنه لا تعجبه تصرفاتهم ولا يجد من توافقه صداقته! ومثل الفيلسوف ديوجينيس Diogenes of Sinope واضح الذي رأوه يحمل مصباحا في النهار فسألوه، فقال"إنني ابحث عن إنسان"! وهكذا قد يقع الذكي في الكبرياء أيضًا إما بدوام تفوقه، وبحديث الناس عن أعماله البارعة، وبمقارنته بغيره، وشعوره هو بالأفضلية، وتحدث الناس عنها وعمومًا فإن فضيلة التواضع -بالنسبة إلى الأذكياء- قد تحتاج إلى مجهود أكبر وهنا قد يسأل البعض سؤالًا ذكيًا وهو لماذا لا يكتشف الذكي بذكائه هذه الأخطاء ويتجنبها؟ والإجابة أنه قد يكتشف أخطاءه. أما عن تجنبها، فهنا الفارق بين العقلية والنفسية، وبين العقل والروح. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
08 مايو 2024

شتان بين يومين جمعة الموت و أحد القيامة

إنهما يومان كانا من جهة المشاعر البشرية علي طرفي نقيض يوم الجمعة ١٤ نيسان، ويوم الأحد ١٦ نيسان سنة ٣٤م كان يوم الجمعة كتيبا بالنسبة إلى كل تلاميذ وأتباع المسيح بل كان مفاجأة مذهلة ما كانوا يتوقعونها إطلاقا لمعلمهم العظيم المؤامرة التي تمت، وسبكت بسرعة عجيبة والشعب الذي يهتف بغير وعي اصلبه اصلبه» والتلميذ الذي خان من أجل ثلاثيف من الفضة، والإهانات المتلاحقة التي يتعرض لها السيد، من سب واستهزاء وتهكم ولطم وبصاق، مع الام الشوك والجلد ، ثم تسميره على الصليب !! أحقا بهذه السرعة قد انتهى كل شيء؟! وصاحب المعجزات العظيم، المعلم الذي بهر الكل بتعليمه، أصبح في نظر الرسميين مضلا ، يصلبونه بين لصيف !! والذين انتفعوا بحبه وإشفاقه ومعجزاته لم يعد لهم وجود على ساحة الواقع . وحتى تلاميذه تفرقوا وهربوا وتركوه وحده وانطبق عليهم قول الكتاب اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية (متى ٢٦: ٣١). وإذا ببطرس المتحمس أكثر من الكل ينكره أمام جارية، ويسب ويلعن ويحلف قائلا: إنه لا يعرف الرجل (متى ٧٤:٢٧) أما أعداء المسيح فقد ملكوا الموقف من كل ناحية استطاعوا أن يعقدوا مجمع السنهدريم ويأخذوا قرارًا ضده. واستطاعوا أن يهيجوا الشعب ويجعلوه يردد نفس كلامهم كما أمكنهم أيضًا أن يؤثروا على الوالي، فيصدر حكمه على المسيح، مع أنه لا يجد علة في ذلك البار (يوحنا ١٤:٢٣).وهكذا بد الشر منتصرا وضاغطا بكل قسوة وتحقق قول المسيح لهؤلاء القادة: «هذه ساعتكم وسلطان الظلام» (لوقا (٥٤:٢٢) وكل ما أراد الشر أن يفعله، قد فعله وأمكنه أن يحقق كل ما يريد وأن يتخلص من المسيح الذي كان محبوبا من الناس، تتبعه الآلاف، وتنبهر من تعليمه، ويضع يده على كل أحد فيشفيه (لوقا ٤: ٤٠) المسيح الذي أقام الموتى، ومنح البصر للعميان وأخرج الشياطين وحتى بعد أن قتلوه، استصدروا أمرًا من الوالي بختم القبر، ووضع حجر كبير على بابه، وضبطه بالحراس واطمأنوا تماما إلى أن المسيح قد انتهى! وانتهي بنهاية سيئة «وأحصي مع أئمة» (إشعياء ٥٣: ۱۲) وكل الذين تبعوه قد تشتتوا ..! هكذا كان يوم الجمعة مؤلماً ، ساده الظلم، وانتشرت فيه الخيانة والقسوة وانتصر فيه الحسد والشر ووجد تلاميذ المسيح أنفسهم حياري ضائعين، بل بدا الانتساب إلى اسم المسيح شرا، وها هو المسيح في القبر ولا تزال القوة مسيطرة على الموقف كله. ويبدو أنه لا عودة إلى الأيام الحلوة مع المعلم الطيب أما الخلاص الذي تم علي الصليب فلم يشعر به أحد، وكل ما رآه الناس، هو أن المصلوب يبدو ضعيفًا عاجزا عن إنقاذ نفسه! لدرجة أنهم كانوا يتحدونه قائلين إن كنت ابن الله، فانزل عن الصليب، وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا قالوا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ: «خلص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها ! فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به متي ۲۷ ٤۰-٤٢) حتى أن أحد اللصين المعلقين معه، قال له: «إن كنت أنت هو المسيح فخلص نفسك وإيانا» (لوقا۳۹:۲۳) هكذا كان يوم الجمعة شماتة وظلمًا وتشتيتا، ولكن حدث أمر غير الدقة إلى العكس تماما إنه القيامة التي هزت الكيان اليهودي كله، قيادة وشعبا حدثت القيامة في فجر الأحد، على الرغم من وجود الحراس، والحجر الكبير والأختام، والحرص الكبير على ضبط القبر ووقف القبر الفارغ شاهدًا ماديا على القيامة. وكذلك وجود الأكفاف مرتبة فيه مع المنديل وحاول رؤساء اليهود بكافة الطرق أن يطمسوا حقيقة القيامة فلم يستطيعوا كان الواقع الملموس ذا تأثير أعمق من كل ادعاءاتهم وظهر المسيح حيا لتلاميذه ومنحهم هذا الظهور قوة غير عادية للشهادة لقيامته بكل مجاهرة وبلا خوف ظهر المسيح بعد قيامته المريم المجدلية (مرقس (١٦ : ٩)، ولسمعان بطرس (كورنثوس الأولى ۱۵: ٥) ، ولتلميذي عمواس (لوقا ١٢:٢٤ - ۳۱)، وللتلاميذ العشرة في غياب توما (لوقا ٢٤ : ٣٣-٤٣)، وظهر لهم مع توما وأراهم جروحه (يوحنا (٢٦:٢٠-٢٩)، كما أنه ظهر السبعة من تلاميذه عند بحر طبرية (يوحنا۲۱ :۱۷) ، وظهر ليعقوب ولأكثر من خمسمائة أخ (كورنثوس الأولى ٦:١٥ ، ٧) «أراهم نفسه حيا ببراهين كثيرة وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله» (أعمال ١: ٣) وكان معهم وقت صعوده إلى السماء حينما ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم» (أعمال ٩:١) كما ظهر أيضًا لشاول الطرسوسي في طريق دمشق، وتحدث إليه، و اختاره رسولا يحمل اسمه إلى الأمم (أعمال ٣:٩-١٥) كل هذا منح التلاميذ قوة عجيبة، وفي ذلك يقول الكتاب: «بقوة عجيبة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم» (أعمال ٣٣:٤). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
15 مايو 2024

كان لابد أن يقوم المسيح

١- كان لا بد أن يقوم المسيح، لأن فيه كانت الحياة هكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي: « فيه كانت الحياة» (يو١ : ٤ ) والذي فيه الحياة، لا يمكن أن يبقى ميتا ، بل إنه قال لمرثا « أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا « (يو ۱۱ :۲۵)، مادام هو الحياة، فكيف إذا لا يقوم ؟ هذا الذي قال عن نفسه ليوحنا الرائي: «أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتا ، وها أنا حي إلى أبد الآبدين! أمين» (رؤ ۱: ۱۷ ، ۱۸) لهذا كله وبخ ملاك القيامة النسوة قائلا: «لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟» (لو ٢٤: ٥) ٢- نعم، كان لا بد أن يقوم من الموت، لأنه هو نفسه قد أقام غيره من الموت بمجرد أمره لقد أقام إيليا ميتا، ولكن بسبع صلوات وأقام أليشع ميتا بصلوات أيضًا أما السيد المسيح، فقد أقام ابنة يايرس، وابن أرملة نايين ولعازر، بمجرد كلمة الأمر، إنه معطي الحياة في إقامته إبنة يايرس ، أمسك بيدها وقال لها: «طليثا قومي الذي تفسيره: يا صبية لك أقول قومي وللوقت قامت الصبية ومشت» (مر ٥: ٤١ ،٤٢). ٣- وفي إقامته ابن أرملة نايين، تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال: «أيها الشاب، لك أقول : قم ! فجلس الميت وابتدأ يتكلم ، فَدَفَعَهُ إِلَى أمه» (لو٧ : ١٤ ، ۱۵) وفي إقامته لعازر «صرخ بصوت عظيم لعازر ، هلم خارجا فخرج الميت » (يو ٤٣:١١، ٤٤) هذا الذي أمر الموتي فقاموا ، أكان صعبا عليه أن يقوم ؟! كلا ، بل كان لا بد أن يقوم ، لأنه مقيم الموتى بأمره ٤- كان لا بد أن يقوم المسيح، لأن قيامته كانت في سلطانه هو لقد مات بإراد ته هو قدم نفسه للموت، ولم يكن مضغوطا عليه في ذلك وقد قال موضحًا هذا الأمر في عبارته الخالدة «أني أضع نفسي لأخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها مني ، بل أضعها أنا من ذاتي لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن أخذها أيضًا» (يو ۱۷:۱۰ ، ۱۸) حقا ما أعجب هذه العبارة «ولي سلطان أن أخذها أيضًا» أي أن استرجع هذه الحياة التي وضعتها من ذاتي، ولم يكن لأحد سلطان أن يأخذها مني إذا كان لا بد أن يقوم، ويقوم بإرادته . ٥- كان لا بد أن يقوم، لأن موته كان مجرد وضع مؤقت، لأداء رسالة مزدوجة كان ممكنا أنه لا يموت بحسب طبيعته، ولأن الموت هو أجرة الخطية (رو ٦: ٢٣). وهو لم تكن له خطيئة تستحق الموت ولكنه قبل أن يموت عوضا عنا، لكي يفدينا بموته، كما قال الرسول مُتَبَرِّرين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله ، » (رو ٢٤:٣ ، ٢٥)كانت هذه هي الرسالة الأساسية للموت، أي الفداء وماذا أيضا ؟ وكان لا بد بعد الفداء ، أن يذهب ويبشر الراقدين على الرجاء، ويفتح باب الفردوس، وينقل هؤلاء الراقدين من الجحيم إلى الفردوس وفى هذا يقول القديس بطرس الرسول: «فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأئمة، لكي يُقربنا إلى الله، مماتًا في الجسد ولكن محيى في الروح ، الذي فيه أيضًا ذَهَب فكرز للأرواح التي في السجن (۱ بط ۳: ۱۸ ، ۱۹) نعم كرز لتلك الأرواح بالخلاص، ونقلها إلى الفردوس، كما نقل اللص اليمين ٦- وكان لا بد أن يقوم المسيح، لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين حتى عندما مات تقول القسمة السريانية: «انفصلت روحه عن جسده ولكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه ولا عن جسده روحه المتحدة باللاهوت نزلت إلى أقسام الأرض السفلى، وكرزت للأرواح التي في السجن، وأصعدتها إلى الفردوس أما جسده فبقي في القبر متحدا بلاهوته أيضًا فهو قد مات بشريًا من جهة انفصال الروح عن الجسد، ولكنه كان محيى في الروح كانت له الحياة الثابتة في اللاهوت، والتي من أجلها صرخ نيقوديموس وهو يكفنه: «قدوس الله قدوس القوى قدوس الذي لا يموت» نعم كان لا بد أن يقوم هذا الجسد المتحد باللاهوت وما كان ممكنا أن يستمر في الموت إن الموت لم ينتصر عليه مطلقا، وما كان ممكنا أن ينتصر عليه بل أنه بموته داس الموت، أي داس على هذا الموت الذي انتصر على كافة البشر، فنجاهم السيد من هذا الموت بموته عنهم، ودفع ثمن خطاياهم وهكذا قضى على سلطان الموت. ٧- وهذا الذي قضى على سلطان الموت بموته، كان لا بد أن يقوم كان لا بد أن يقوم، ليعلن انتصاره على الموت بقيامته، وليعلن للناس جميعا أنه لا شوكة للموت، حسب تسبحة بولس الرسول «أين شَوْكَتُك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟» (١ كو ٥٥:١٥). ٨- وكان لا بد للمسيح أن يقوم، لكي يعزي التلاميذ ويقويهم . ٩- كان لا بد أن يقوم، لكي يزيل النتائج المرعبة التي نتجت عن صلبه ، حيث خاف التلاميذ واختفوا في العلية، وتشتت باقي المؤمنين به خائفين من اليهود وبطشهم وأنكر من أنكر ، وشك من شك وكان لا بد أن يقوم المسيح لكي يقوم بعملية ترميم لإيمان الناس، ويشجعهم لكي يستمروا في إيمانهم، ويصمدوا أمام اضطهادات اليهود وهكذا كانت قيامته أكبر دافع لهم على الكرازة. ١٠- وكان لا بد أن يقوم المسيح، ليكون الباكورة التي على شبهها يقوم الكل وهكذا قال القديس بولس "ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين فإنه إذ الموت بإنسان، بإنسان أيضًا قيامة الأموات لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيحيا الجميع» (۱کو ۱۵ : ۲۰-۲۲) قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل