المقالات

18 أكتوبر 2023

الإنسان العملي

هناك أشخاص يعيشون في الخيال، يسبحون في آمال من خيال، ويبنون قصورا من خيال، ويعيشون في أحلام اليقظة، ولا يصلون إلى شيء لأنهم غير عمليين ويعكس ذلك أناس عمليون، يعيشون في الواقع ويتصرفون بما يناسب الواقع الذي يعيش في آمال الخيال ليس عملي وماذا أيضًا والذي يبكى على الماضي، دون أن يعمل للحاضر ليس هو عمليًا، أن البكاء لا يفيده شيئًا والذي ينظر إلى المشكلة فينهار، دون أن يفكر في حلها ليس هو عملي. إن الانهيار لا ينقذه والذي يتصرف لمجرد التصرف دون أن يفكر في نتائج عمله، وفيما تحدثه من ردود فعل، ليس هو عمليًا والذي يعامل الناس بعقليته هو دون أن يضع في اعتباره عقليتهم، ونوع فهمهم ليس هو عمليًا وكذلك من يصدق كل من يمدحه، ويصادق كل من يبتسم في وجهه، ويظن أنه مادام قد اقتنع بالأمر، فلابد أن هذا الأمر صحيح، والكل يقتنعون به! ليس هو عمليًا والذي يظن أن من حقه أن ينتصر وان يُطاع لمجرد أنه فلان ليس هو عمليًا الإنسان العملي يعيش في الواقع، بكل ما في هذا الواقع من ظروف، وبكل ما فيه من معوقات ومن مشاكل لا يتجاهل منها شيئًا والإنسان العملي يعامل الناس كما هم، وليس كما ينبغي أن يكونوا. لا يفترض مثاليات خيالية للناس الذين يتعامل معهم، إنما يعرف أنهم بشر، كسائر البشر بكل ما في البشرية من ضعفات ونقائص الإنسان العملي لا يعالج مشاكله بالبكاء ولا بالندب ولا بالضجيج ولا بشكوى من هذا الزمان ومن يعيش فيه إنما يقابل مشاكله بالفكر الرصين والحكمة والحلول العملية، ويطلب من الرب أن يبارك عمله وينجحه الإنسان العملي لا يعيش بكلمة (لو) ولا يفكر طول عمره في الماضي، وإنما يأخذ من الماضي دروسا، ويعمل للحاضر وللمستقبل، بكل جهده. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
11 أكتوبر 2023

لغتك تظهرك

كلامك يدل عليك، يظهر شخصيتك، يكشف ما في داخلك "بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان" والكلام ليس بالشيء الهين بالإدانة يمكن أن تدان وبكلمة "أحمق" تستحق نار جهنم وبعض الكلام ينجس الإنسان كما قال الرب ويعقوب الرسول يقول عن اللسان أنه "نار" وأنه "يضرم من جهنم"وأخطاء اللسان كثيرة، جعلت القديسين يحبون الصمت منها التجديف، والكذب، والشتيمة، والتهكم، وكلام الهُزء، وكلام القسوة والغضب والمرارة والحقد، وكلام الكبرياء والفخر، وكلام التملق والرياء والنفاق، وشهادة الزور ومقاطعة الآخرين، والمناقشات الغبية، والثرثرة إلخ. وهناك أخطاء قاصرة على صاحبها، وأخرى معثرة للغير مثل ما يصبه الشخص في آذان غيره، من أحاديث تتلف نقاوة قلوبهم وأفكارهم، وتتلف إيمانهم وسلامة معلوماتهم، وتتلف علاقاتهم بالآخرين وتوقع بينهم، وتجعلهم يغيرون فكرتهم عن أصدقائهم وكم من ضحايا الكلام!! والكتاب ينصحنا بالبطء في الكلام، على الأقل لنفكرقال يعقوب الرسول "ليكن كل إنسان مسرعًا إلى الاستماع، مبطئًا في التكلم، مبطئًا في الغضب"إن الذي يسرع في كلامه ويندفع فيه، عرضة للخطأ وقد يندم ولكن بعد أن يتكلم ويسجل كلامه عليه ولا يستطيع أن يسترجعه ومع كل هذا هناك كلام مفيد، وكان السواح يأتون إلى آبائنا من أقاصي الأرض طالبين كلمة منفعة هناك كلمات الروح، وكلمات النعمة، الكلمات التي يضعها الله في أفواه الناس لكي يبلغوها لهم "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم" الناطق في الأنبياء ولهذا يقول المرنم "افتح يا رب شفتيّ فينطق فمي بتسبيحك" فهل الله الذي يفتح شفتيك؟ ومن الكلام الطيب كلمة البركة، وكلمة التعزية، وكلمة التشجيع، وكلمة الحل، وكلمة الإرشاد، وكلمة التعليم، بل أيضًا كلمة التوبيخ إذا قيلت بمحبة والكلمة التي من الله لا ترجع فارغة، بل هي قوية وحية وفعالة، تخترق القلب، وتأتى بثمر، وتغير النفوس تكلم إذن حين يحسن الكلام، واعرف كيف تتكلم ومتى. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
04 أكتوبر 2023

من له أذنان للسمع فليسمع ( مر ٩:٤ ،٢٣)

الرسائل التي أرسلها الرب إلى الكنائس السبع التي في آسيا كل منها تشمل عبارة أنا عارف أعمالك، وتنتهى بعبارة « من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس » ونريد اليوم أن نتأمل هذين الأمرين رسالة للكل:- جميل أن الله يرسل رسائل للناس، يبعث كلمته للكل للأبرار وللأشرار معاً ، للذين يحبونه وللذين تركوا محبتهم الأولى . يرسل حتى إلى ملاك كنيسة ساردس الذى قال له الرب « إن لك اسماً أنك حی وأنت ميت» (رؤ۳ : ۱) والى ملاك كنيسة لاوديكية الذى قال له « لست حاراً ولا بارداً . بل أنت فاتر .آنا مزمع أن أتقياك من فمى ( رؤ۳ : ١٥، ١٦ ) . ومع ذلك يرسل إلى كل منهما رسالة كل إنسان في الحياة ، لابد أن تصله رسالة من الله يتكلم فى قلبه فى فكره يرسل له كلمة تناسبه بأية الطرق . عن طريق كتاب عظة، عن طريق نصيحة من إنسان تصوروا أنه كلم حتى قايين، قبل أن يقتل أخاه . وقال له عند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها ، وأنت تسود عليها » تك ٤: ٧. خذ حذرك مازال الأمر فى إرادتك احترس من تلك الخطية ومن اشتياقك احترس من مشاعرك الله ارسل رسالة حتى إلى بلعام وفى الرسالة إلى العبرانيين يقول الرسول الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطرق شتى، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه » (عب ١ : ١، ٢) بأنواع وطرق شتى لا تستطيع أن تقول إن صوت الله لم يصل إليك البعض قد يكلمهم الله بالرؤى والأحلام. ولكن ليست كل الرؤى والأحلام من الله ! وهناك من كلمهم الله بصوته شخصياً كما حدث للأنبياء والبعض كلمهم عن طريق الرسل، والكتاب يقول إلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم» (مز ۱۹). والكل كلمهم الرب عن طريق الوحى المقدس، الكتاب المقدس ، الذي هو كلمة الله إليك وهناك من كلمهم الرب عن طريق الملائكة والكل عن طريق الوعظ كما كان بولس الرسول يقول «كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله » (۲ کوه : ۱۹ ، ۲۰ ) جائز الكلمة التي يرسلها لك الرب تكون كلمة بركة، أو كلمة تعزية، أو تعليم، أو كلمة إنذار وياليتك تسأل نفسك باستمرار ما هي كلمة الله إلى ؟ إنك تسمع كثيراً من الناس ولكن ما هي كلمة الله إليك ؟ تصوروا أن السيد المسيح يقول : اكتب إلى ملاك كنيسة أفس إلى ملاك كنيسة سميرنا إلى برغامس إلى ثياتيرا إلى فلادلفيا إلى ساردس إلى لاوديكية اكتب كل واحد له رسالة الله يوجهها إليه. وصية في الانجيل :- هذه العبارة قالها السيد المسيح مرات عديدة في الأناجيل : قالها بعد كلامه عن يوحنا المعمدان (متی ۱۱: ١٥)، وبعد مثل الزارع (متى ۱۳ :۹) (مر٤ : ۹) ، وبعد شرح مثل الحنطة والزوان ( متى ١٣ : ٤٣) (مر٤ : ٢٢) . وبعد كلامه عن أن ما يخرج من الفم هو الذى ينجس الإنسان مر٧: ١٦) وبعد كلامه عن الملح الذى يفسد ( لو ٢٤ : ٣٥) وهكذا قال في سفر الرؤيا للكنائس السبع من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس » سبع مرات في (رؤ ٢ ، ٣) وعبارة ما يقوله الروح للكنائس عبارة معزية :تعنى أن الروح القدس مازال يكلم الكنائس الروح يعمل فينا ، ويرشدنا إلى جميع الحق ( يو ١٦: ١٣) ، ويذكرنا بكل ما قاله الرب لنا ( يو ١٤ : ٢٦ ) . أذنان للسمع:- هناك أشخاص كانت لهم آذان تسمع وتستجيب وتطيع . مثل ابرام أبو الآباء، حيثما قال له الرب : « اخرج من أهلك ومن عشيرتك» (تك ۱۲) وحينما قال له خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، اسحق، وقدمه لى محرقة » (تك ٢٢) أطاع، ولم يناقش.ومن له أذنان للسمع .لوط لما قال له : الملاك اخرج من سادوم لا تقف في كل الدائرة (تك ١٩) سمع وأطاع من أكثر خلق الله سمعاً لكلامه الملائكة يقول عنهم المرتل في المزمور باركوا الله يا ملائكته الفاعلين أمره ، عند سماع صوت كلامه» (مز ۱۰۳ :۲۰) بمجرد سماع الكلمة ينفذون، سواء للإنقاذ أو للعقاب لذلك ونحن نريد أن نكون سامعين لكلمة الله ، منفذين لمشيئته نقول « كما في السماء ، كذلك على الأرض » أى نطلب أن تكون لنا آذان للسمع أمثلة الذين سمعوا الكلمة واستجابوا تلاميذ المسيح . متى (لاوى) حالما سمع كلمة « اتبعني» ترك مكان الجباية وتبعه ( متى ٩ :٩) . وكذلك بطرس وأخوه اندراوس تركا السفينة والشباك والأهل، حالما سمعا عبارة هلم وراثى فأجعلكما صيادي الناس (مر١ : ۱۷ ،۱۸) وكذلك فعل يوحنا ويعقوب ونفس الوضع أيضاً مع شاول الطرسوسي (أع ٩). ولهذا قال السيد المسيح مطوباً تلاميذه:«أما أنتم فطوبى لآذانكم ، لأنها تسمع » . ذلك لأن هناك آخرين لهم آذان لا تسمع (مر٨: ١١) (رؤ ۲۸ :۲۱) وما أكثر الأمثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها السيد المسيح نفسه كان كثير من معاصريه ، لهم آذان ولكنها لا تسمع . آذان لا تسمع:- أول أذن لم تسمع ، كانت لآدم وحواء . سمعا الوصية،وكأنهما لم يسمعا تذكرا الوصية بحذافيرها ، وعملا العكس ! (تك ٣) لماذا ؟ لأن كلمة أخرى قالتها الحية غطت على كلمة الله إليهما وكانت أكثر تأثيراً وأكثر إغراء ، وإذا كلمة الله وكأنها لم تسمع لذلك احترس من أن الكلمة، يخطفها أحد منك. كما قيل في مثل الزارع أن بذاراً خطفها الطير فلم تنبت متى ٤:١٣ ألقيت البذار أى نزلت على الأذن، ولكن هناك من خطفها تسمع النصيحة أو العظة، وتتأثر، ويأتي إنسان آخر، تأثير آخر يغطى على الكلمة ويخطفها منك، ويترك عندك تأثيره هو قايين سمع الإنذار من الله ، وكأنه لم يسمع ! فلماذا ؟ كانت هناك مشاعر وانفعالات في القلب، غطت على كلمة الله ، وأزالت تأثيرها وكأنه لم يسمع ! كانت مشاعر الحمد والحقد والغضب التي في قلبه، كأنها حاجز قوى يمنع كلمة الله من أن تدخل فسمعها وكأنه لم يسمع كان مشغولاً بسماع صوت الحقد والحزن الذي في قلبه قال له الله احترس الخطية أمامك،ولا تزال تسود عليها احرص ألا تخطى ولكن الانفعالات الداخلية كانت تمنعه من سماع النصيحة وبعد أن كلمه الله ، ذهب وقتل أخاه !! احترس إذن من إنفعالاتك الداخلية ومن سيطرتها . الشاب الغنى كلمه المسيح، وقدم له كلمة منفعة ولكنه مضى حزيناً، ولم يسمع للرب (متی ۱۹ : ۲۲) فلماذا ؟ لأن هناك شهوة في القلب، تمنع وصول الكلمة للقلب أن هذا الشاب كان يحفظ الوصايا منذ حداثته ولكنه عند الوصية الخاصة بالمال لم يستطع أن يسمع لأن هنا كانت الشهوة المسيطرة التي تحجب كل وصية وكل كلمة وتصد وترد كإنسان مستعد أن يسمع لك في كل شيء، ما عدا شيئاً واحداً لا يستطيعه هنا عدم السمع ليس مطلقاً، ولكنه في شيء واحد في نقطة الضعف في الشهوة المسيطرة مثال سليمان الحكيم، كان أحكم الناس جميعاً، وقد أخذ الحكمة من الله ولكنه من جهة شهوة النساء والتزوج بالنساء الغريبات، لم يستطع أن يسمع كلمة الله ولم يكن قلبه أميناً للرب مثل أبيه (امل ١١: ١- ١٠) ولم يحفظ ما أوصى به الرب إذا وجدت أذنك لا تسمع، ابحث ما هو السبب ؟ اذهب إلى طبيب آذان يعالجك، بل اذهب بالأكثر إلى طبيب قلب، يكشف ما في قلبك من شهوات. مثل أي إنسان يخالف أباء وأمه، ويخالف الوصية والكنيسة ويخالف القانون أيضاً، لأن هناك شهوة فى قلبه يريد أن يحققها. والشهوة تصم أذنيه عن السماع أحياناً يكون عدم السماع بسبب قساوة القلب. ولذلك يقول الكتاب «إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم » عب٣ : ١٥). فرعون كان من هذا النوع القاسي القلب الذي لم يستطع أن يسمع لكل إنذارات الله، ولم تؤثر فيه كل الضربات. وكم من مرة صرخ إلى موسى وهرون، ووعد بأن ينفذثم عاد كما كان والقساوة تولد العناد .والعناد يمنع من سماع الكلمة : العناد الذي يغلق القلب،ويغلق الفكر. ومهما قيل له من كلام نافع ومقنع، لا يسمع ! إنسان متثبت بفكره، مهما كلمته، كأنك لم تتكلم لأن فى التشبث بالفكر نوعاً من الكبرياء - تغلق الأذن عن السماع، بعكس الوديع المتواضع يمكن أن يسمع . حتى إن أخطأ، يقبل التأنيب والنصيحة، ويصلح طريقه ويسمع.الهراطقة كانت لهم آذان لا تسمع، أغلقها العناد والكبرياء . آریوس مثلاً، لم يسمع لصوت بطريرك، ولا لصوت المجمع المحلى الذى عقد فى الاسكندرية من مائة أسقف، ولم يسمع لإقناعات القديس أثناسيوس، ولم يسمع لقرار المجمع المسكوني كان عناده يغلق أذنيه، وكانت كبرياؤه تغلق أذنيه ومات في هرطقته، دون أن يسمع تمنعه العزة بالذات، والتمسك بالفكر وكذلك كل حوار لاهوتى من نفس النوع قد تحاور إنساناً، وتجده متحفزاً للرد قبل أن تكمل كلامك لسانه أسرع من أذنيه لا رغبة لديه في السماع، ولا رغبة في الإقتناع يمنعه التشبث والعناد له آذان ولكنها لا تسمع وبالمثل كل إنسان متمسك بفكره الخاص، مصر على فكره كأنك تكلم صخراً صلباً لا توجد منافذ تدخل منها الكلمة ونفس الوضع مع كل إنسان معتز بكرامته قد يشعر أن نصيحتك كأنها تهينه وتهز كرامته، وتشعره بخطأه، وتتعب نفسيته فلا يكون مستعداً إطلاقاً أن يسمع ، لان السماع يحتاج إلى تواضع ولهذا ليس كل عتاب يأتي بنتيجة :- المتواضع المحب تعاتبه فتكسبه والمتكبر المعتز بكرامته، تعاتبه فيزداد الأمر سوءاً ... هيرودس الملك، لم يستطع أن يسمع كلمة يوحنا المعمدان . كلام يوحنا المعمدان واضح لا يحل لك أن تكون لك امرأة أخيك» (متى (١٤ : ٤) . إنها وصية إلهية واضحة في موانع الزواج ( لا ١٨ : ١٦ ) والكتاب يعتبرها نجاسة (لا ۲۰ :۲۱) . ولكن هيرودس لا يسمع إغراء هيروديا يمنعه. كما كان إغراء دليلة يمنع شمشون من بقاء وصية النذير في أذنيه (قض ۱۳ : ۷) . هناك تأثير آخر، يمنع تأثير كلمة الرب عليه هناك محبة أخرى طغت على محبة الله ، فمنعت الأذن أن تسمع. كم تسمع كلام الله فى القراءات وفى العظات في كل قداس، وكأننا لم نسمع ، والطبع هو نفس الطبع . شعب اليهود كانت تتلى عليه البركات من فوق جبل جرزيم واللعنات من فوق جبل عيبال باستمرار( تث ۲۷ :۲۸). ومع ذلك ما كان يعباً !! السيد المسيح كان يكلم علماء اليهود، فلا يسمعون، على الرغم من قوة إقناعاته، ولكنهم تشبثوا بآرائهم . كانت الحرفية وتقاليد آبائهم الخاطئة وتعاليمهم، تمنعهم من السماع وربما كانت هناك مشاعر الحسد التي في قلوبهم التي كانت تدفعهم إلى محاولة التخلص من السيد المسيح، وليس سماع كلامه وماذا أيضاً. هل هناك أسباب أخرى تمنع من السماع ؟ الخوف أيضاً يسد الأذن أحياناً عن السماع . بيلاطس البنطى كان مقتنعاً ببراءة المسيح، وقال إنه لا يجد فيه علة تستوجب الموت لو ٢٣ : ٢٢). وقد حذرته زوجته قائلة «إياك وذلك البار، لأني تألمت اليوم كثيراً في حلم لأجله » ( متی ۲۷ :۱۹) ولكنه لم يسمع ، لأن الخوف كان يمنعه من السماع كان يخاف أن يشكوه إلى قيصر الخوف على المركز وربما نفس الخوف منع أغريباس الملك من تبشير القديس بولس الرسول، مع أنه قال له « بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً » (أع ٢٦ : ٢٨ ) إن قبل أغريباس المسيحية، سيضيع منه منصب الملك كثيرون يضيعون البعض بالخوف إن فتحت فمك لتتكلم إن هربت منا ، إن كشفت المؤامرة، إن لم تخضع ، سيحدث كذا وكذا من التهديد وبهذا الخوف لا تنفع كل نصيحة لإنقاذه .! تكلمه، وكأنه لا يسمع الخوف سد أذنيه هناك سبب آخر : يمنع الأذن من السماع، وهو الاستهتار واللامبالاة أهل سادوم نصحهم لوط أن يخرجوا من المدينة قبل أن تحترق ،فقابلوا كلامه باستهزاء وكان كمازح في وسط أصهاره » تك ١٩ :١٤). ونفس الوضع حينما تكلم بولس الرسول في مدينة أثينا ، قابلوه بنفس التهكم قائلين «ماذا يريد هذا المهذار أن يقول » (أع ۱۷ : ۱۸) إنه أيضاً نوع من الاستهتار، لم يأخذوا فيه الكلام بجدية لذلك لم تكن آذانهم للسمع كإنسان تنصحه ، فيقابلك بتهكم، أو يحول الجو إلى عبث ولا يسمع، بل يتهكم و يهزأ إنسان أيضاً لا يسمع ، لأنه يعرج بين الفرقتين آخاب إن سمع كلمة من إيليا ، تستطيع إيزابل أن تعمل له غسيل مخ ، وتحوله إلى الناحية الأخرى فإن أردت أن تعطى نفسك فرصة للسماع، لابد أن تبعد عن الجو الذي يمكنه أن يحولك كشاب يسمع عظة ، فيضيع تأثيرها بسبب أصدقائه أصعب مثل في عدم السماع، هو مثال يهوذا، الذى كانت تمنعه الخيانة من السماع كم مرة أنذره السيد المسيح ولكن الخيانة كانت تصم أذنيه، مضافة إليها شهوة المال. القلب كان في تلف، كذلك تلقت أذناه فلم تسمع لكي تسمع أذناك ، ينبغي أن تكون لك رغبة في أن تسمع، وتكون لك الجدية في التنفيذ ، وتكون مشتاقاً أن تسمع الكلمة، ولو أدى الأمر أن تبذل حياتك من أجلها إن أتاك الصوت الإلهى احتفظ به فى قلبك وفى إرادتك كما فعل القديس أنطونيوس لما سمع كلمة الرب، وللحال نفذها في جدية، بغير إبطاء ، بغير توان ولنحاسب أنفسنا ، كم مرة سمعنا ولم نعمل، وكأننا لم نسمع . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
20 سبتمبر 2023

الطموح

الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، والله غير محدود، لذلك فالإنسان - مع أنه محدود- يحمل في داخله اشتياقًا إلى اللامحدود ومن هنا جاء اشتياقه إلى الخلود والحياة الأبدية ومن هنا كان أيضًا اشتياقه للكمال، وبسبب هذا وجدت مشاعر الطموح عند الناس الإنسان الخامل ليس على صورة الله أما الإنسان الذي له الصورة الإلهية، فهو يقول كبولس الرسول "أنسى ما هو وراء، وامتد إلى قدام" وهذا طموح روحي يسعى فيه الإنسان نحو الكمال الروحي. وأمام مثالياته الكاملة، يرى كل ما وصل إليه مهما سما، كأنه لا شيء، فينساه ويمتد إلى قدام ومن هنا نشأ تواضع القديسين، وتعبهم في الجهاد ومن هنا نشأ أيضًا النمو في حياة الروح وهذا الطموح كله، مقبول، ومطلوب، وروحي، ويعتبر لونا من الفضيلة، ولا يعترض عليه أحد على أن هناك طموحًا رديئًا في الماديات مثل طموح الغني الغبي الذي قال "أهدم مخازني وأبني أعظم منها وأقول لنفسي لك خيرات كثيرة لسنوات عديدة". فما هي عيوب الطموح المادي؟ 1- العيب الأول، هو تعلق القلب بالماديات، تعلقا يتملك الشعور والوقت، ويقتل كل رغبة روحية أخرى. 2- والعيب الثاني، هو دخول الإنسان في منافسات تفقده محبته للآخرين، وتغريه بأن يبنى مجده الخاص على أنقاض الناس وعلى الاصطدام بهم وهدمهم مثل من يطمح أن يكون الأول والرئيس، فيعمل على التخلص من كل منافسيه.. 3- والعيب الثالث، هو أن يتحول الطموح إلى نوع من الطمع والجشع الذي لا يكتفي مهما أخذ ومها نال. 4- والعيب الرابع، أن تكون الوسيلة إلى الطموح وسيلة خاطئة وغير روحية ن يهدم فيها الإنسان بعض مثالياته وروحياته، لكي يصل إلى غرضه.. 5- وقد يمتد الطموح إلى السلطة، فيتحول الإنسان إلى طاغية يحطم كل من يقف في طريق نفوذه.. 6- وقد ينسى الإنسان أبديته في كل هذه الألوان، وتصير اتجاهاته دنيوية بحتة.. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
13 سبتمبر 2023

الألفاظ الرقيقة

الإنسان الروحي لا يستخدم ألفاظًا قاسية، إنما ألفاظًا رقيقة، لأنه من ثمار الروح القدس (لطف) فهل أنت تتميز باللطف في كلامك ومعاملاتك..؟ انظر إلى السيد المسيح وهو يكلم المرأة السامرية وهى امرأة خاطئة جدًا، يقول لها "حسنًا قلت انه ليس لك زوج، لأنه كان لك خمسة أزواج والذي معك الآن ليس هو لك"، عبارة (أزواج) عبارة رقيقة جدًا، لأنهم لم يكونوا أزواجًا ولكن الرب لم يستخدم العبارة الأخرى الشديدة كما أن قوله "الذي معك ليس هو لك" هي أرق أسلوب، لم يضمنه أي لفظ جارح بدلًا من أن تجرح الناس، حاول أن تكسبهم إن بولس الرسول لما دخل أثينا واحتدت روحه، إذ وجد المدينة مملوءة أصنامًا، قال لهم في رقة، أيها الرجال الأثينيون، إني أرى على كل حال أنكم متدينون كثيرًا "والسيد الرب حينما تكلم عن أيوب، امتدحه بكلمات رقيقة أمام الشيطان بقوله أنه "ليس مثله رجل كامل ومستقيم، يفعل الخير ويحيد عن الشر"، بينما ليس أحد كامل إلا الله وحده بل من أرق كلام الله في حديثه عن نينوى، المدينة الخاطئة، الأممية، التي لا يعرف أهلها يمينهم من شمالهم قال "أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة" أكانت نينوى عظيمة حقا، أم هي رقة الرب؟ ومن رقة الله في ألفاظه، الأسماء التي أطلقها على الناس، فقد سمى سمعان (بطرس) أي صخرة، وسمى ابرآم (إبراهيم) أي أبو جمهور كلها تحمل مديحًا من أشهر القديسين الذين كانوا مشهورين بالكلمة الطيبة، القديس ديديموس الضرير، ناظر الإكليريكية في القرن الرابع لم يكن هدفه أن يغلب الناس، إنما أن يكسبهم، فلم يحاول أن يحطمهم، بل كان يقنعهم لقد أدان الرب الكلمات القاسية فقال "من قال لأخيه (رقا)، يكون مستوجب الحكم. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" إن الألفاظ القاسية، لا يرضى عنها الله الوديع المحب، الذي كان حلقه حلاوة، وشفتاه تقطران شهدا. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
06 سبتمبر 2023

الجدية

ربما تتصف بعض علاقتنا بالناس بالجدية، ولكن هل علاقتنا بالله لها نفس طابع الجدية؟ هل وعودنا لله هي وعود جادة؟ وهل قراراتنا الخاصة بحياتنا الروحية هي قرارات جادة؟ أم نحن نعد ولا ننفذ، نقرر ولا نفعل، كما لو كنا غير ملتزمين بشيء؟ هل نذورنا لله هي نذور ثابتة تتصف بالجدية؟ أم نحن نبرم مع الله اتفاقات هامة في لحظات حرجة من حياتنا، ثم يزول الحرج فنلغى كل اتفاقاتنا، ونحاول تغييرها؟ وحينما نتقدم للتناول من السرائر المقدسة، عازمين من كل قلوبنا على حياة مقدسة مع الله، هل نحتفظ بهذا الشعور، أم ننسى تعهدات قلوبنا، ولا نسلك بجدية في حياة التوبة..؟! هل لنا خط واضح معروف نسلك فيه بثبات، أم نحن كريشة تتجاذبها الرياح بلا جدية؟ هل هذه الجدية في الحياة الروحية، تلتزم بمبادئ معينة من النقاوة بلا انحراف، ومن وسائط النعمة بلا كسل، ومن الخدمة بلا تراخ؟ القديسون الذين تابوا، مثل موسى الأسود وأوغسطينوس ومريم القبطية، كانت توبتهم تتصف بالجدية، فلم يعودوا مطلقًا إلى حياتهم القديمة التي تركوها بلا رجعة والذين أقاموا مع الرب صداقة وعشرة، لم يخونوه في هذه الصداقة، بل ظلوا مخلصين له في جدية، يشعرون بالتزام قلبي وعملي من نحو محبته الجادون في حياتهم الروحية، لا تزحزحهم التجارب ولا الإغراءات ولا ينسون مطلقا أنهم هياكل الله وان روحه ساكن فيهم، ولا ينسون أنهم أبناء الله، وأنهم يجب أن يظلوا محتفظين بصورته ومثاله الجادون في حياتهم الروحية، تظهر الجدية في كل مظهر من مظاهر حياتهم في كلامهم، وفي تصرفاتهم، وفي خدمتهم، وفى عبادتهم، وفي علاقاتهم بالآخرين، وفى موقفهم الحازم من الأفكار ومن المشاعر المحاربة للقلب إنهم أصحاب مبادئ، ولهم التزام تجاه مبادئهم ليتنا نعيش جميعا بهذه الجدية، فهي صفة من صفات أولاد الله. وهى دليل على الثبات. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
30 أغسطس 2023

العناد

الإنسان المتواضع يمكن أن يتنازل عن رأيه، ولا مانع من أن يعترف انه قد أخطأ، ويصحح الخطأ الإنسان الوديع بالسهولة يتعامل مع كل أحد، ولا يكون كثير الملاججة وعنيد في رأيه انه يبحث الرأي الآخر في توقير واحترام، كشخص محايد وليس كخصم وبكل نزاهة يفحص ما فيه من نفع وان رأى الرأي المخالف سليمًا يقبله هناك أناس تخاطبهم فتشعر أن عقولهم موصدة تمامًا أمام كل تفاهم لا يقبلون إلا الموافقة على رأيهم، وفي عناد يصدون كل ما عداه بغير فهم ولا نقاش وقد يستمر الإنسان في عناده، مهما كان عدد معارضيه في الرأي ومهما كانت مراكزهم ومهما كان كلامهم مقنعًا إنها صلابة قد تكون مبنية على كبرياء دفينة، ترى التنازل عن الرأي ضد الكرامة وعزة النفس وقد يستمر الإنسان في عنده زمنًا طويلًا وقد يرى بنفسه النتائج السيئة التي جلبها إصراره على موقفه، وتمسكه بخطئه، ولا يبالى في عناد من أمثلة هؤلاء المعاندين، الهراطقة الذين لم يسمعوا للكنيسة كلها ولا للمجامع، وقسموا الكنيسة ولم يبالوا الإنسان المعاند يخسر الناس ويخسر نفسه وقد يخسر إيمانه وبالتالي يخسر أبديته وفى نفس الوقت يخسر نقاوة قلبه لا تواضع، ولا حب، ولا تفاهم، ولا لطف على أن هناك فرقًا كبيرًا بين العناد والثبات على الحق، لأن العناد الذي نقصده هو الإصرار على الخطأ والعجيب أن العنيدين قد يبررون عنادهم بأنه قوة شخصية، وقد يتصورون أنهم أبطال في مقاومتهم وقد يعجب بهم بعض ضعاف الشخصية، وبعض المنساقين وإذ يرون كثيرين حولهم، يزداد عنادهم أكثر فأكثر، ويظنون أن الكثرة العددية تسندهم، وإنها دليل على صحة رأيهم ومسلكهم والكتاب يربط بين العناد وقساوة القلب فالخطاة المعاندون المصرون على خطئهم هم قساة القلب، لم يلينوا أمام عمل النعمة ويقول لهم الرسول "أن سمعتم صوته فلا تقسو قلوبكم" (عب 3: 7). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
23 أغسطس 2023

الغضب البشري

أحيانًا يوجد غضب مقدس من أجل الله، ولكنه لا يتصف بالعصبية وفقدان الأعصاب، إنما هو غيرة مقدسة أما الغضب البشرى فيقول عنه يعقوب الرسول " لأنه غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع1: 20) وما أكثر أقوال الآباء القديسين في ذم الغضب قال ماراوغريس "صلاة الغضوب ها بخور نجس مرذول، وقربان الغضوب ذبيحة غير مقبولة" وقال أيضًا "أن الغضب هو حركة للجنون يجعل النفس مثل الوحوش عينا الغضوب شريرتان مملوءتان دم أما وجه الوديع فهو بهي، وعيناه تنظران بحشمة" وكان الأنبا أغاثون يقول لو لن الغضوب أقام أمواتًا، فما هو مقبول عند الله، ولن يقبل إليه أحد من الناس قال شيخ إن الذي يخاصمه أخوه ولا يحزن قلبه، فقد تشبه بالملائكة فإن خاصمه هو أيضًا، ثم رجع لساعته فصالحه، فهذا هو عمل المجاهدين أما الذي يحزن أخوته، ويحزن منهم، ويمسك الحقد في قلبه، فهذا مطيع للشيطان، مخالف لله، ولا يغفر له الله ذنوبه إذا لم يغفر هو لأخوته وقال مار إفرام السرياني السخوط يقتل نفسه وهو غريب من الملامة وعادم الصحة، لان جسمه يذوب كل حين، ونفسه مغمومة، وهو ممقوت من الكل وقال مار افرام أيضًا من يخفى في قلبه حقدا، يضاهى من يربى في حِجرة حية الدخان يطرد النحل، والحقد يطرد المعرفة من القلب وقال أنبا اشعياء الغضب هو أنك تريد أن تقيم هواك وتغلب بالمقاومة، وما قطعت هواك الاتضاع وقال القديس اغسطينوس ما هو الغضب؟ إنه شهوة الانتقام وان كان الله على الرغم من إساءاتنا، إلا أنه لا يشاء أن ينتقم لنفسه منا، فهل نطلب نحن أن ننتقم لأنفسنا، ونحن نخطئ في كل يوم إلى الله؟! وقال القديس اغريغوريوس أسقف نيصص إن الغضب يجعل المرارة السوداء تنتشر في الجسد كله وقال القديس يوحنا الأسيوطي سلاح الغضب يؤذى صاحبه الغضب في القلب مثل السوس في الخشب وإن رجعنا إلى الكتاب المقدس، نجده يقول "لا تسرع إلى الغضب، لان الغضب يستقر في حضن الجهال" (جا 7: 9)، ويقول أيضًا "لا تستصحب غضوبا، ومع رجل ساخط لا تجيء " (ام22: 24). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
16 أغسطس 2023

التفكير النظري والحياة العملية

التفكير النظري هو مجرد فكر بلا خبرة، بلا دراسة ميدانية للواقع وما فيه يتخيل هذا التفكير أن الأمور تسير طبيعية جدا بلا معطلات في الطريق! تسير حسب قوانين معينة يضعها هذا المفكر في ذهنه تمامًا مثل شخص يقول أن المسافة في البحر بين بلدين هي كذا ميل فإذا سافرت السفينة بسرعة معينة، تصل في كذا يوم وكذا ساعة ثم تنزل السفينة في الواقع العملي، وقد تصدمها الأمواج والرياح فلا تستطيع الحركة، وربما تقاوم بصعوبة وتغير اتجاهها وتصل بعد أيام، أو لا تصل!! إن الواقع العملي مملوء بالعوائق والمعطلات التي لا يعرفها إلا من اختبر الحياة العملية في تفاصيل تفاصيلها المفكر النظري يجلس على مكتب ويكتب أفكارًا، مجرد أفكار وقد يتعجب لماذا لم تنفذ!! وربما ينتقد ويلوم، وربما يصل به الانتقاد إلى حد الاتهام! على الأقل اتهام غيره بالتقصير والتهاون وعدم المعرفة!! وفى اتهاماته النظرية، لا يدرى شيئًا عن العوائق العملية، وعلى رأى المثل "ويلٌ لعالم أمرٍ من جاهله" فلو علم هذا المفكر بطبيعة الجو، وبالنتائج العملية وبالعقبات، ربما صحح الكثير من تفكيره إن عائقا وحيدًا، ربما يقلب خططًا كثيرة حكيمة والإنسان العملي، الذي اصطدم بالواقع وجرب الحياة، يدرك تماما أن الأمور لا تسير وفق خططه وحسب هواه إنه خبير بالأرض التي يمشى عليها يفترض بعض خططه، فإن هذا أيضًا موضوع في حسابه وكل فشل يقابله يزيده حنكة وخبرة، ويجعل تفكيره المقبل أكثر واقعية المفكر النظري قد يظن إن الإصلاح يتم بإصدار مجموعة من الأوامر والقرارات أما المفكر العملي، فيسأل ماذا عساها تكون فاعلية هذه القرارات وإذا أصدر قرارًا يتابعه عمليًا، ليرى خط سيره، هل سار طبيعيًا، أم توقف؟ وما الذي أوقفه؟ وما علاجه؟ وهل يحتاج القرار إلى تعديلات؟ يا أخي، لا تكن نظريًّا في تفكيرك، ولا تنتقد غيرك بسرعة، بل ادرس الواقع، وكُن عمليًا. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل