المقالات

17 مايو 2023

قوة المسيحية وإلغاء المستحيل

من كان يظن ...! كانت القيامة بقوة ، ذكرتنا بقول الكتاب " غير المستطاع عند الناس ، مستطاع عند الله " . هذه القوة أذهلت بولس الرسول ، فقال عن الرب " لأعرفه و قوة قيامته " . و لقد وهبنا الرب قوة قيامته هذه . فأصبح " كل شئ مستطاع للمؤمن " . و في هذا قال بولس الرسول " استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني " ... صرنا الآن لا نري شيئاً صعباً أو مستحيلاً بعد أن داس الرب الموت ، ووهبنا النصرة عليه ، و فتح لنا باب الفردوس المغلق . و وضع في أفواهنا تلك الأغنية الجميلة " اين شوكتك يا موت ؟! أين غلبتك يا هاوية ؟! قوة القيامة أعطت التلاميذ شجاعة و جرأة في الكرازة . من كان يظن أن هؤلاء الضعفاء المختبئين في العلية ، يستطيعون أن ينادوا بالإنجيل بكل مجاهرة بلا مانع ؟! من كان يظن أن إثني عشر رجلاً ، غالبتهم من الصيادين الجهلة ، يمكنهم أن يوصلوا المسيحية إلي أقطار المسكونة كلها ... و لكن القيامة علمتنا أنه لا يوجد شئ مستحيل ... عند الله ، كل شئ ممكن ... ممكن أن جهال العالم يخزون الحكماء ، و أن ضعفاء العالم يخزون الأقوياء ... كان يبدو من الصعب جداً أن تقف المسيحية ضد الوثنية ، و ضد الديانات القديمة التي ثبتت جذورها في عقائد الناس ، و ضد اليهودية التي حاولت أن تقضي علي المسيحية أو تستوعبها . و ضد الفلسفات التي كانت سائدة في ذلك الزمان ، و ضد الامبراطورية الرومانية بكل طغيانها و قوتها المسلحة . كان يبدو من الصعب أن تقف المسيحية ضد هذه القوي جميعها ، و أن تنتصر عليها ... و لكن القوة التي أخذوها عن قيامة المسيح و انتصاره علي الموت ، أعطتهم طاقة عجيبة ... من كان يظن أن بطرس الصياد الجاهل ، يمكنه بعظة واحدة أن يحول ثلاثة اَلاف يهودي إلي الإيمان المسيحي ؟! بالكاد يتمكن واعظ مشهور أن يحول - بعظة واحدة - بعض خطاة إلي التوبة ، أما أن يغير 3000 شخص دينهم بسماع عظة ، فهذا أمر يبدو كالخيال ... و لكنها القوة التي أخذها الرسل من الروح القدس ، فغيرتهم قبل أن تغير الناس ... و استمرت معهم تعمل بهم الأعاجيب . من كان يظن أن هؤلاء الرسل يذهبون إلي بلاد غريبة عنهم ، لا يوجد فيها مسيحي واحد ، و لا توجد فيها أية إمكانيات للخدمة ، فيبدأون معها من الصفر ، و يحولونها إلي المسيحية ...؟! و لكن قيامة المسيح علمتنا أنه لا يوجد شئ صعب أو مستحيل . فكل شئ مستطاع للمؤمن .... من كان يظن أن شاول الطرسوسي أكبر مضطهد للمسيحية في وقته ن يتحول إلي بولس أكبر رسول بشر بالمسيح ...؟! من كان يظن أن قائد المائة ، رئيس الجند الذي صلبوا المسيح ، يؤمن بالمسيحية و يستشهد بسببها ، و يصير قديساً ؟! من كان يظن أن اللص اليمين يؤمن و هو علي الصليب ؟! و من كان يظن أن إمرأة بيلاطس الوالي تؤمن ، و ترسل إلي زوجها متوسلة من أجل " هذا البار " ؟! و لكن بالنعمة كل شئ يصير ممكناً ، إن الله قادر علي كل شئ . إن الذي انتصر علي أخطر عدو - و هو الموت - لا يصعب عليه شئ . كل شئ سهل أمامه ... من كل يظن أن مريم المجدلية التي كان فيها سبعة شياطين ، تتحول إلي كارزة ، و تبشير الرسل بالقيامة ؟! لكن قوة القيامة ، جعلتنا نوقن أنه لا شي مستحيل ... و كما رأينا هذا في الكرازة ، رأيناه أيضاً في التوبة : إن قوة التوبة التي حولت أعظم الخطاة إلي أعظم القديسين ، و ليس إلي مجرد تائبين ، علمتنا أنه لا شي مستحيل ... أقصي ما كنا ينتظره الناس ، أن يتوب أوغسطينوس الفاجر ، اما أن يتحول إلي قديس تنتفع الأجيال بتأملاته ، فهذا أمر صعب ما كان ينتظره أحد . و نفس الوضع يمكن أن يقال عن تحول موسي الأسود القاتل إلي قديس وديع متواضع إن الله لا يعسر عليه أمر . أ ليس هو القائل : " من أنت ايها الجبل العظيم ؟ أمام زر بابل تصير سهلاً " ( زك 4 : 7 ) ... الله الذي يجعل العاقر أو أولاد فرحة " ... الذي يقول لها " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد ... أوسعي مكان خيمتك ... لأنك تمتدين إلي اليمين و إلي اليسار ، ويرث نسلك أمماً ، و يعمر مدناً خربة " ( أ ش 54 : 1 - 3 ) . إن ميلاد المسيح ، و كذلك قيامته ، كانا حدثين عجيبين ، يثبتان أنه لا مستحيل ... و هكذا أيضاً كانت معجزاته ... مجرد عملية التجسد ، كانت تبدو مستحيلة في نظر الناس !!! كيف يمكن أن يخلي الله ذاته ، و يأخذ شكل العبد ؟! كيف يمكن أن يحبلي عذراء بغير زرع بشر ، و تلد ؟! كذلك كانت القيامة أمراً مستحيلاً . و من هنا خاف اليهود حدوثها ، و اعتبروها بالنسبة إليهم " اشر من الضلالة الأولي " !! و مع ذلك حدث التجسد ، و الميلاد من عذراء ، و القيامة الذاتية . إن المسيحية ليست ديانة ضعف ، بل هي ديانة قوة . إنها تعطي الإنسان طاقات عجيبة ، و تلغي عبارة " المستحيل " ... المسيحية ديانة قوة : لا صعب في المسيحية ، و لا يأس ، و لا فشل ، بل فيها : " استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني " ... من الأشياء التي تبدو صعبة في المسيحية : الصليب ، و الباب الضيق ، و مع ذلك حمل المسيحيون الصليب ، و دخلوا من الباب الضيق ، مترنمين بقول الرسول " و وصاياه ليست ثقيلة " ( 1 يو 5 : 3 ) . نعم ما اصعب - في نظر العالم - تحويل الخد الآخر ، و سير الميل الثاني ، و محبة الأعداء ، و بيع كل ما للأنسان ليعطيه للفقراء ... ما اصعب إتباع ديانة تدعو إلي النسك و الزهد ... و لكن هذه الديانة التي تبدو صعبة ، انتشرت في كل مكان ، و دخل الناس في زهدها بكامل إرادتهم ، بل اشتهوا فيها الألم ، و اشتهوا الاستشهاد ، و جعلوا الصليب شعارهم ... إن الوصية الصعبة في المسيحية ، تحمل القوة علي تنفيذها ... لقد قدمت المسيحية للبشرية مثاليات عالية و وصايا سامية ، و لكنها في نفس الوقت قدمت قدرة روحية ، و معونة من النعمة ، للسير في هذه المثاليات ، بسهولة ، و بلذة أيضاً ... قدمت للناس حياة الروح ، و مع هذه الحياة قدمت الروح القدس ليسكن في الإنسان و يمنحه قوة للسلوك بالروح ... إن وصايا المسيحية تبدو صعبة لمن هو في الخارج ، لمن لا يعيش في النعمة ، و لمن لم يدخل بعد في شركة الروح القدس . أما المكؤمن فإن هذه الوصايا الصعبة تصير شهوة له متعة روحية ، و لا يجد فيها صعوبة ... إن المؤمن يلبس " سلاح الله الكامل " ، يقاتل به و يغلب ... المؤمن يوقن تماماً أنه لا يقف وحده في الجهاد الروحي . و يؤمن أن " الحرب للرب ، و الله قادر أن يغلب بالكثير و بالقليل " و يشعر دائماً أن قوة إلهية تلازمه و تعمل معه .... لذلك فإن حياة المؤمن هي نصرة دائمة ، لأن الله " يقوده في موكب نصرته " ... " الرب يقاتل عنكم ، و أنتم تصمتون " .... إن الذي يستشعر الفشل ، لم يجرب النعمة بعد ، و لم يختبر عمل الله فيه ،و لا عمل الله معه ... ما أعجب قول الرب لتلاميذه في حديثه عن المعجزات : " الحق الحق أقول لكم : من يؤمن بي . فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو ايضاً ، و يعمل أعظم منها " ( يو 14 : 12 ) . المسيحية ديانة قوة : بدأت بقوة القيامة ، التي انتصرت علي الموت ، و فتحت أبواب الجحيم ، و سبت سبياً ، و أدخلت الأبرار إلي الفردوس . ثم رأينا قوة الكرازة ، و قوة الإحتمال في الاستشهاد . بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة ، قوة وقفوا بها أمام الرؤساء و تكلموا بلا مانع . استطفانوس أفحم ثلاثة مجامع " لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة و الروح الذي كان يتكلم به " . و هكذا " كانت كلمة الرب تنمو ، و عدد التلاميذ يتكاثر جداً " . بقوة اَيات . و بقوة الكلمة ، و بقوة قلب صمد أمام السيف و النار . قوة قد ألبسوها من الأعالي . و كما قال لهم الرب " ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم . و حينئذ تكونون لي شهوداً . إنها قوة أعطاهم فيها سلطاناً علي جميع الشياطين ، و علي كل قسوة العدو ، و أعطاهم فيها مفاتيح السموات و الأرض . و كانت لهم قوة في صلواتهم جعلت المكان يتزعزع ، و قوة من الملائكة المحيطين بهم الذين كسروا سلاسلهم ، و أخرجوهم من السجن . و هكذا كانت هناك قوة فيهم ، و قوة أخري محيطة بهم ... إنها قوة جعلت الوثنية تنقرض و تزول ، قوة المسيحية العزلاء التي هزمت امبراطورية مدججة بالسلاح استسلمت و دانت للمسيحية ... قوة الصليب الذي ظنوه دليل ضعف ، و كان مصدر قوة و فخر . إن المسيحي إنسان قوي : في روحه ، و في معنوياته ، لا يخاف شيئاً . قوته لا تستمد من ذاته ، إنما من روح الله . المسيح الأعزل كان يخافه بيلاطس و يشتهي إطلاقه . و بولس السير لما تكلم عن الدينونة إرتعد أمامه فيلكس الوالي . إنها قوة المسيح الذي قال " ثقوا أنا قد غلبت العالم " . و هي قوة القلوب الناسكة الزاهدة ، التي انتصرت علي كل شهوات العالم ، في حياة مقدسة أذهلت الناس و أرعبت الشيطان . إنها القوة التي تظهر في قول أغسطينوس " جلست علي قمة العالم حينما أحسست في نفسي ، أني لا أشتهي شيئاً ، و لا أخاف شيئاً " قوة التجرد و الزهد و التعفف . إن كنا نعيش في أفراح القيامة ، فلنعش في قوتها . و لننتصر علي الموت ، موت الخطية ، حتي نقوم في قيامة الأبرار . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
10 مايو 2023

المسيح القائم يعمل لأجلنا

قام المسيح، لأنه ما كان ممكنًا للموت أن ينتصر عليه، كان يحمل في ذاته قوة قيامته. لذلك هو الوحيد بين الذين قاموا من الأموات، الذي قام بذاته، ولم يقمه أحد قام، وفي قيامته، أعطى للبشرية نعمة القيامة، حينما يسمع الذين في القبور صوته (يو 5: 29) قام منتصرًا، وداس الموت، ليقودنا أيضًا في موكب نصرته. ولكي يعطينا عدم الخوف من الموت، حتى يقول رسوله فيما بعد "أين شوكتك يا موت؟!" (1 كو 15: 55) إن الله الذي سمح أن يدخل الموت إلي طبيعتنا، سمح أيضًا برحمته أن تدخل القيامة إلي طبيعتنا وكما خلق الإنسان من تراب، وبالخطيئة أعاده إلي التراب، هكذا سمح بالقيامة، أن يحول هذا التراب إلي جسد مرة أخري، ولكن في طبيعة أفضل لقد قال قبل صلبه "أبي يعمل حتى الآن، وأنا أيضًا أعمل". وهوذا بعد القيامة يستمر في عمله، ليس فقط في إراحة النفوس المتعبة، وتقوية الركب المخلعة، وإنما أيضًا في إعداد تلاميذه للخدمة، لتسليم العبء الكبير الذي سيلقي عليهم، ليكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها هكذا كان المسيح يعمل بعد القيامة، لأجل الرعاية وأعطي الرب للتلاميذ بقيامته روح الفرح. وكان قد قال لهم قبل صلبه "أراكم فتفرح قلوبكم، ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم منكم". وقد كان، وتخلصوا من الخوف والاضطراب، و"وفرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو 20: 20) وعملت روح القيامة فيهم، ومنحتهم قوة، فشهدوا لها وكانوا يكرزون بقيامة الرب من الأموات في كل مناسبة وهؤلاء الذين كانوا خائفين ومختبئين في العلية ظهروا في جرأة، وملأوا الدنيا تبشيرًا، ولم يعبأوا بتهديد رؤساء اليهود، بل قالوا لهم "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" "وكان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47) "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت علي جميعهم" (أع 4: 23) وكما مكث الرب مع موسى علي الجبل أربعين يومًا، ليسلمه الشريعة، ويسلمه مثال خيمة الاجتماع وكل محتوياتها، هكذا مكث الرب مع تلاميذه أربعين يومًا، يتكلم معهم فيها "عن الأمور المختصة بملكوت الله" حقًا للهدوء والتأمل والخلوة وقت، ولخدمة الآخرين وقت لقد مكث السيد المسيح مع الآب أربعين يومًا في خلوة روحية، وأيضًا أربعين يومًا أخري قضاها مع تلاميذه يعلمهم ويثبت إيمانهم. وفي تلك الفترة سلمهم العقيدة وكل تفاصيل الإيمان، وأسرار الكنيسة وكيف يمارسونها، وكل الترتيبات الخاصة بالعبادة.. وأصبحت قيامة الرب مركز فرح التلاميذ وموضوع كرازتهم إنها فترة في التسليم والتعليم والتفهيم وفيما بعد ظهر للقديس بولس أيضًا، الذي قال عن سر الافخارستيا "تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا.." (1 كو 11: 23) وهكذا تتابعت عملية التسليم، من الرب لتلاميذه، لتلاميذهم الرب سلم بولس وماذا فعل بولس؟ إنه يقول لتلميذه تيموثاوس "وما سمعته مني بشهود كثيرين، أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضًا" (2 تي 2: 2) وهكذا بعد أن علم تلاميذه، قال لهم قبل صعوده "اذهبوا اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 16: 15)، "تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم جميع ما أوصيتكم به" (متى 28: 19، 20) وهكذا كما سلمهم التعليم، سلمهم التعميد أيضًا والتعليم والتعميد، لم يأمر بهما الشعب كله، إنما هو تكليف خاص بتلاميذه فقط، انتقل منهم إلي خلفائهم الأساقفة، الذين سلموه بدورهم إلي أناس أمناء أكفاء، وليس إلي عامة الشعب إنه عمل من أعمال الكهنوت، يقوم به رجال الإكليروس وهكذا قبل أن يسلمهم التعليم والتعميد، سلمهم الكهنوت، ومع الكهنوت سلمهم سلطان مغفرة الخطايا وهكذا يشرح لنا إنجيل يوحنا، كيف أن الرب ظهر لتلاميذه دخل والأبواب مغلقة، وقال لهم "سلام لكم كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ (في وجوههم) وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه، تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه، أمسكت" (يو 20: 19-23) إن منح الروح القدس لسلطان الكهنوت ومغفرة الخطايا، غير منح الروح القدس في يوم الخمسين، الذي منح التلاميذ موهبة التكلم بألسنة وقوة علي الكرازة والتبشير. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
03 مايو 2023

لا تلمسيني

سؤال لماذا ظهر الرب لمريم المجدلية بعد القيامة، لماذا قال لها "لا تلمسيني" (يو 20: 17) بينما سمح للقديس توما أن يلمسه؟ (يو 20: 27)، وسمح لباقي الرسل أن يلمسوه (لو 24: 39) فهل منعها من لمسه لأنها امرأة، وسمح لهم لأنهم رجال؟ جواب والجواب علي ذلك أن السيد الرب سمح لمريم المجدلية أن تلمسه قبل الرسل جميعًا وقد ورد ذلك في أول لقاء لها معه بعد القيامة في (متى 28)(1) لقد ذهبت مريم المجدلية مع مريم الأخرى إلي القبر، وأبصرتا القبر فارغًا، والحجر مدحرجًا من عليه، وبشرهما الملاك بقيامة الرب، وفي خروجهما قابلهما الرب وقال سلام لكما. وهنا يقول القديس متى الإنجيلي "فتقدمتا وأمسكتا بقدميه، وسجدتا له" (متى 28: 9) إذن مريم المجدلية قد لمست المسيح بعد القيامة ولم يمنعها الرب عن ذلك بسبب أنها امرأة بل علي العكس كلفها أن تمضي وتبشر تلاميذه بالقيامة وبمقابلة الرب في الجليل وهذا شرف عظيم أن يكلف امرأة بتبشير الرسل ولكن الذي حدث بعد ذلك، أن مريم المجدلية استسلمت للشكوك التي كان قد نشرها رؤساء الكهنة حول القيامة كانوا قد ملأوا الدنيا شائعات أن الجسد قد سرق من القبر، بينما كان الحراس نيامًا وكان من الممكن أن هذه الشائعات لا تترك تأثيرها مطلقًا في نفس مريم، لولا أنها رأت أن الرسل أنفسهم لم يصدقوا القيامة! أما شكوك التلاميذ فواضحة من عدم تصديقهم لخبر القيامة، لقد ذهبت إليهم المجدلية، وبشرتهم بقيامة المسيح "فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته، لم يصدقوا" (مر 16: 19-11) ولما أخبرهم بقيامة الرب تلميذا عمواس، "لم يصدقوا ولا هذين" (مر 16: 12، 13) وكذلك لما أخبرهم النسوة بأمر القيامة "تراءي كلامهن لهم كالهذيان، ولم يصدقوهن" (لو 24: 9-11) فلما رأت المجدلية أن رسل المسيح لم يصدقوها، ولم يصدقوا باقي النسوة، ولا تلميذيّ عمواس، بدأت تشك هي الأخرى إنها فتاة صغيرة، ربما ظنت ما رأته عند القبر حلمًا أو خيالًا أم هي أقوي إيمانًا من الرسل؟! هذا غير معقول. وفكرت ربما يكون البعض قد سرقوا الجسد ونقلوه من موضعه! ليس الرسل وإنما آخرون، ربما البستاني مثلًا قد أخذه لسبب ما وطبعًا كل هذه شكوك ضد الإيمان لأنها رأت بنفسها القبر الفارغ، ورأت المسيح ولمسته وسمعت صوته، وسمعت بشارة الملاك ثم الملاكين وكما أنكر بطرس المسيح أثناء محاكمته ثلاث مرات، هكذا مريم المجدلية أنكرت قيامة الرب ثلاث مرات، وورد هذا الإنكار الثلاثي في أصحاح واحد (يو 20: 12، 13، 15). 1- المرة الأولي: حينما ذهبت إلي القديسين بطرس ويوحنا وقالت لهما "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه" (يو 20: 2) وهذا الكلام معناه أن الرب لم يقم من الأموات، ما داموا قد أخذوا جسده ووضعوه في مكان ما! 2- والمرة الثانية: حينما كانت خارج القبر تبكي وسألها الملاكان لماذا تبكين؟ فأجابت بنفس الكلام "أنهم أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه" (يو 20: 13). 3- والمرة الثالثة: حينما ظهر لها السيد المسيح، وفي بكائها لم تبصره جيدًا وظنته البستاني، أو هو أخفي ذاته عنها فقالت له "يا سيد، إن كنت أنت قد حملته، فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه" (يو 20: 15) فلما أظهر لها الرب ذاته، وتعرفت عليه، قالت له ربوني أي يا معلم" منعها الرب أن تلمسه، توبيخًا لها علي إنكارها الثلاثي لقيامته وأيضًا لا يجوز أن تلمسه بهذا الإيمان إنه شخص عادي مات، حملوا جسده ووضعوه في مكان ما ! قالت لبطرس ويوحنا "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه" وقالت للملاكين "اخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه" وقالت للرب وقد ظنته البستاني "إن كنت قد أخذته، فقل لي أين وضعته" تكرار لادعاءات الجند، ليس فيه إيمان بالقيامة فقال الرب" لا تلمسيني "أي لا تقتربي إلي بهذا الاعتقاد وبهذا الشك بعد أن رأيتني قبلًا، وأمسكت قدمي، وسمعت صوتي، وكلفتك برسالة لتلاميذي، وبعد أن رأيت القبر، وسمعت شهادة الملائكة لا تلمسيني في نكران، لأني لم أصعد بعد إلي أبي أما عبارة "لأني لم أصعد بعد إلي أبي" فإن القديس ساويرس الأنطاكي، وكذلك القديس أوغسطينوس لم يأخذاها بالمعني الحرفي وإنما بالمعني الرمزي، لأنه كانت قد لمسته قبل ذلك وقال القديسان في ذلك إن الرب يقصد من عبارته لا تلمسيني بهذا الإيمان، لأني لم أصعد بعد في ذهنك إلي مستوي أبي في لاهوته، بل تظنين أن جسدي مازال ميتًا يحمله الناس حيث شاءوا وعلي أية الحالات، فقد عزاها، وفي نفس الوقت كلفها برسالة تبلغها إلي الرسل. ولا داعي لهذه التحيات المهم في العمل الذي يبني الملكوت. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
26 أبريل 2023

بعض أحداث القيامة

إن السيد المسيح له المجد لم يبطل العمل مطلقاً من أجل البشرية ، حتي و هو في القبر بالجسد . يعمل بين الصلب والقيامة:- إن الله في قيامته ، قدس الطبيعة البشرية القابلة للموت ، و جعلها قابلة للقيامة ... و قبل القيامة ، كان الرب يعمل من أجلنا أيضاً ، حتي حينما كان جسده في القبر ... بالموت انفصلت روحه عن جسده و لكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه و لا عن جسده . و استطاعت روحه المتحدة بلاهوته أن تعمل عملاً خلاصياً عجيباً من أجل الراقدين علي رجاء . كان بموته قد دفع ثمن الخطية ، و اشترانا بدمه ، لذلك كان من حقه وقد فدي البشرية ، أن ينقل الراقدين من الجحيم إلي الفردوس . و قد كان . بروحه المتحدة باللاهوت ، ذهب إلي الجحيم ، ليبشر الراقدين هناك علي رجاء . لقد نزل إلي أقسام الرض السفلي ، و سبي سبياً ( أف 4 : 8 ، 9 ) . وفتح باب الفردوس ، و نقل إليه الأبرار المنتظرين في الجحيم ، و ادخل معهم في الفردوس اللص اليمين أيضاً . حقاً ما اصدق قوله للقديس يوحنا الرائي إن " بيده مفاتيح الهاوية و الموت " ( رؤ 1 : 18 ) و إن كان قد فتح باب الفردوس ، فهو كما قال أيضاً " أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة منذ تاسيس العالم " ( رؤ 17 : 8 ) ( في 4 : 3 ) . حقاً طوبي لهؤلاء الذين أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة . إذ لا سلطان للموت عليهم . قد يقيمون فيه حيناً ، كما اقام يونان في بطن الحوت ، ثم أخرجه الرب بسلام ، دون أن يكون للحوت سلطان علي أذيته ... ! هكذا أخرج الرب الذين في الجحيم ،و بسلطانه علي الفردوس أدخلهم إليهم . و هذا العمل العظيم عمله الرب في الخفاء و تهللت له السماء ، و تحققت به أقوال الأنبياء . و في الخفاء أيضاً قام الرب من بين الأموات . أتت روحه المتحدة بلاهوته ، و أتحدت بجسده المتحد بلاهوته . و قام بقوة لاهوته ، و خرج من القبر المغلق . النسوة حاملات الطيب:- عجيب أن النسوة أخذن أطياباً و ذهبن غلي القبر ، بينما هذه الأطياب كانت لا تتفق مع الإيمان بالقيامة . و لكن الرب اهتم بما عندهن من حب ، و عالج النقص الموجود في لإيمانهن . هل يحملن الطيب لأجل الجسد الذي في القبر ؟! أليس لهن الإيمان أن المسيح قد ترك القبر و قام ؟! و لذلك فإن بشارة الملاك كانت تحمل هذا العتاب الضمني ، حينما قال للمريمتين " إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب ، ليس هو ههنا ن لأنه قام كما قال " ( متي 28 : 5 ، 6 ) . و نفس التوبيخ بأسلوب أوضح قاله الملاكان للنسوة حاملات الطيب : " لماذا تطلبن الحي بين الأموات ؟! ليس هو ههنا لكنه قام . اذكرن كيف كلمكن و هو بعد في الجليل قائلاً إنه ينبغي أن يسلم غبن افنسان في ايدي اناس خطاة ، و يصلب و في اليوم الثالث يقوم " فتذكرن كلامه ( لو 24 : 5 - 8 ) . نعم إنه سبق و قال إنه سيقوم من بين الأموات . و لم يقل هذا للنسوة فقط ، بل بالأكثر للتلاميذ . فإن كان التلاميذ قد أنبأهم الرب بقيامته و لم يؤمنوا ، فكم بالأولي هؤلاء النسوة ؟! شكوك التلاميذ:- قيامة المسيح كانت حادثاً هو الأول من نوعه ، من حيث أنه يقوم بذاته ، دون أن يقيمه أحد ... و من حيث تحقيقه بقوله العجيب الذي لم يقله أحد : " أضع نفسي لآخذها أيضاً . ليس أحد يأخذها مني ، بل أضعها أنا من ذاتي . لي سلطان أن أضعها . و لي سلطان أن اَخذها أيضاً " ( يو 10 : 17 ، 18 ) . من جرؤ أن يقول هذا الكلام غير المسيح ؟ لذلك كانت قيامته مذهلة . كانت فوق الفكر ، و بخاصة بعد أحداث الصليب و اَلامه و اهاناته ... و بعد ما أظهره اليهود من جبروت و تسلط ! و لهذا لم يكن سهلاً علي التلاميذ أن يصدقوها ، و هم خائفون و مختبئون في العلية . كان علي الصليب قال " قد أكمل " ، أي أكمل عمل الفداء ، و دفع ثمن الخطية ، إلا أنه كان أمامه بعد القيامة عمل اَخر ليكمله ، عمل خاص بالرعاية ... كانت أمامه نفوس بارة ، و لكنها مضطربة ، تحتاج إلي راحة النفوس التي ضعفت و خافت و شكت ، ماذا يفعل لأجلها ؟ إنه لم يشأ مطلقاً أن يعاتب هذه النفوس علي ضعفها ، أو علي شكها أو نكرانها ، بل جاء ليريحها ... إنه - كما قال قبلاً - لم يأت ليدين العالم ، بل ليخلص العالم ..ز فكم بالأولي خاصته الذين أحبهم حتي المنتهي ( يو 13 ) . و قال القديس يوحنا عن ذلك الحب " نحن نحبه ، لأنه احبنا قبلاً " ( 1 يو 4 : 19 ) . هكذا فعل مع توما الذي شك في قيامته ، و اصر أن يضع أصبعه مكان الجروح . لم يعاتبه علي الشك ، و إنما عالجه فيه . و استجاب له في وضع أصبعه و التاكد من جروحه ... و نفس الوضع مع بطرس ، و مع المجدلية ، و مع تلميذي عمواس . لقد اراد الرب تقوية إيمان هؤلاء ، الذين سيجعلهم يحملون الإيمان إلي أقاصي المسكونة كلها ... و قد كان . و هكذا لم يقتصر الأمر علي قيامته ، إنما تبعت القيامة عدة ظهورات ، بل مكث مع التلاميذ أربعين يوماً ، في خلالها " أراهم نفسه حياً ببراهين كثيرة بعد ما تألم " ( أع 1 : 3 ) . فماذا قال الكتاب عن عدم تصديق التلاميذ للقيامة ، و عن تكرار هذا الشك منهم ، مما أعثر غيرهم ؟ 1-يقول الأنجيل المقدس أنه ظهر أولاً لمريم المجدلية ... " فذهبت هذه و أخبرت الذين معه و هم ينوحون و يبكون " . فكيف تلقوا بشارتها بالقيامة ؟ يجيب القديس مرقس الإنجيلي قائلاً : " فلما سمع أولئك أنه حي ، و قد نظرته ، لم يصدقوا " ( مر 16 : 9 - 11 ) . 2-ثم ظهر الرب لتلميذي عمواس ، فلم يعرفاه ، و ما كانا قد صدقا ما قالته النسوة عن القيامة ... حتي أن السيد المسيح وبخهما قائلاً " أيها الغبيان و البطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء . أنما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا و يدخل إلي مجده . ثم ابتدأ من موسي و من جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به جميع الكتب " ( لو 24 : 25 - 27 ) . 3-و أخيراً اَمن هذان التلميذان . فماذا كان وقع إيمانهما علي الرسل ؟ يقول القديس مار مرقس : " و ذهب هذان واخبرا الباقين . فلم يصدقوا و لا هذين " ( مر 16 : 13 ) . نسمع بعد ذلك أن النسوة ذهبن إلي القبر " فدخلن و لم يجدن جسد الرب يسوع " وظهر لهن ملاكان ، و بشراهن بالقيامة . فذهبن و أخبرن التلاميذ . فماذا كان وقع هذه البشارة عليهم ؟ يقول القديس لوقا الإنجيلي في ذلك : " فتراءي كلامهن لهم كالهذيان ، و لم يصدقوهن " ( لو 24 : 11 ). هؤلاء هم الأحد عشر رسولاً أعمدة الكنيسة . كثرت أمامهم الشهادات : من مريم المجدلية ، و من تلميذي عمواس ، و من النسوة ... فلم يصدقوا كل هؤلاء . 1- فما الذي حدث بعد ذلك : ذهبت مريم المجدلية و أخبرت بطرس و يوحنا عن القبر الفارغ فذهبا معها إلي هناك " و أبصرا الأكفان موضوعة ، و المنديل الذي كان علي رأسه ليس موضوعاً مع الأكفان ، بل ملفوفاً في موضع وحده " (يو 20 : 6 ، 7 ) . هنا يقول الإنجيل عن يوحنا أنه " رأى فاَمن " ( يو 20 : 8 ) ., و لكننا علي الرغم من هذا نقرأ شياً عجيباً ... 5-نقرأ أنه بعد أن عرف الكل أن " الرب قام بالحقيقة و ظهر لسمعان " ( لو 24 : 34 ) ... حدث أن الرب نفسه قام في وسطهم و قال لهم سلاماً لكم . فهل اَمنوا لما ظهر لهم و كلمهم ؟ كلا بل أنهم " جزعوا و خافوا ، و ظنوا أنهم نظروا روحاً " ( لو 24 : 37 ) . حتي أن الرب وبخهم علي ذلك . ثم قال لهم " أنظروا يدي و رجلي إني أنا هو . جسوني و أنظروا . فإن الروح ليس له لحم و عظام كما ترون لي " ( لو 24 : 39 ) . حقاً أية بدعة كانت تحدث في الإيمان ، لو أن التلاميذ ظنوا أن ما رأوه كان روحاً ! كأن الجسد لم يقم ... لذلك أراهم الرب يديه و رجليه . 2- إذن المشكلة لم تكن مشكلة توما الرسول فقط ، الذي قال له الرب " أبصر يدي . و هات يدك وضعها في جنبي ، و لا تكن غير مؤمن " ( يو 20 : 27 ) . إنما كانت مشكلة الأحد عشر جميعهم . كلهم شكوا . و كلهم احتاجوا إلي براهين ، و احتاجوا أن يجسوا و يلمسوا و يروا موضع الجروح لكي يؤمنوا ... ! و عالج الرب عملياً مشكلة أن يظنوا ظهوره لهم خيالاً أو روحاً . و في ذلك قال القديس بطرس السدمنتي : أن السيد المسيح في فترة حياته بالجسد علي الأرض كان يثبت للناس لاهوته . أما بعد القيامة ، فأراد أن يثبت لهم ناسوته ...! الرب يثبت ناسوته:- لذلك نسمع أنه بعد القيامة ، سمح من أجل اقناعهم بناسوته " أخذ و أكل قدامهم " ( لو 24 : 43 ) . فعل هذا بينما نحن نعلم أن جسد القيامة هو جسد روحاني نوراني لا يأكل و لا يشرب . إنما فعل الرب هذا ليقنعهم بناسوته . أما جسده بعد الصعود ، فهو لا علاقة له بهذا الأكل من طعام مادي ... نلاحظ في كل هذا ، أن شكوك التلاميذ قابلها الرب بالاقناع و ليس بالتوبيخ أو بالعقاب . إنهم هم الذين سيأتمنهم علي نشر الإيمان في العالم كله . فينبغي أن يكونوا هم أنفسهم مؤمنين إيماناً قوياً راسخاً يمكن أن يوصلوه إلي الآخرين مقنعاً لا يقبل الشك فأوصلهم الرب إلي هذا الإيمان القوي . إن كانوا لم يصلوا إلي الإيمان الذي يؤمن دون أن يري ، فلا مانع من أن يبدأوا بالإيمان المعتمد علي الحواس ، مع أنه درجة ضعيفة ! تنازل الرب ، و قيل منهم هذا الإيمان الحسي ، لا لكي يثبتوا فيه ، و إنما ليكونوا مجرد بداءة توصل إلي الإيمان الذي هو " الإيقان بأمور لا تري " ( عب 11 : 1 ) . و هكذا قال القديس يوحنا : " الذي سمعناه ، الذي رأيناه بعيوننا ، الذي شاهدناه و لمسته أيدينا " ( 1 يو 1 : 1 ) ... و هذا الإيمان الذي اعتمد في بداءته علي الحواس ، ما لبث أن اشتد وقوي ، و استطاع أن يقنع الأرض كلها بما راَه و ما سمعه ، لئلا يظن البعض أن الرسل كانوا مخدوعين ، أو صدقوا أموراً لم تحدث . و هكذا رأينا القديس بولس الرسول يبشر فيما بعد بما راَه و ما سمعه و هو في طريق دمشق ... و شرح هذا الموضوع كله للملك أغريباس ، و شرح له ما راَه قائلاً " رأيت في نصف النهار في الطريق أيها الملك نوراً من السماء أفضل من لمعان الشمس ... و سمعت صوتاً يكلمني .." ( أع 26 : 13 - 15 ) و ختم ذلك بقوله " من ثم ايها الملك اغريباس ، لم أكن معانداً للرؤية السماوية " .هذ هو السيد المسيح الذي عمل علي تقوية إيمان تلاميذه ، و الذي عالج شك توما ، و عزي بطرس في حزنه ، و عزي المجدلية في بكائها ، و أعاد الإيمان إلي الكنيسة . و كأني أتصور ملاكاً واقفاً علي قبره قبيل القيامة ينشد قائلاً : قم حطم الشيطان لا تبق لدولته بقية قم بشر الموتي و قل غفرت لكم تلك الخطية قم قو إيمان الرعاة و لم أشتات الرعية و اغفر لبطرس ضعفه و امسح دموع المجدلية و اكشف جراحك مقنعاً توما فريبته قوية ارفع رؤساً نكست و اشفق بأجفان البكاه شمت الطغاة بنا فقم واشمت باسلحة الطغاة حسبوك إنساناً فنيت فلا رجوع و لا نجاة و لأنت أنت هو المسيح و أنت ينبوع الحياة قم في جلال المجد بل و اظهر بسلطان الإله قم وسط أجناد السماء فأنت رب في سماه قم روع الحراس و ابهرهم بطلعتك البهية قم قو إيمان الرعاة و لم اشتات الرعية مرت علينا مدة غرباء في هذا الوجود فترت ضمائرنا هنا جمدت و ظلت في جمود إبليس أسكنها التراب و لم تقم بعد الرقود فالقبر ضخم فوقه حجر و يحرسه الجنود يا من أقمت المائتين و قمت من بين اللحود يا من قهرت الموت يا رب القيامة و الخلود قم و انقذ الأرواح من قبر الضلالة و الخطية قم قو إيمان الرعاة و لم اشتات الرعية قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
19 أبريل 2023

تأملات فى القيامة

أول ما نلاحظه هو تواضع الرب ، الذي سمح بأن يكون صلبه و اهانته أمام الكل ، بينما جعل قيامته الممجدة في الخفاء ، سراً لم يره أحد ...! لم يقم في مجد أمام جميع الناس ، لكي يعوض الإهانات و التعييرات التي لحقت به في وقت الصلب .. و إنما قام سراً . و اختار للقيامة وقت الفجر ، حين كان جميع الناس نائمين ، حتي لا يراه أحد في مجد قيامته ... إنه كان بعيداً عن المظاهر المبهرة في قيامته ، كما كان أيضاً بعيداً عن المظاهر المبهرة في ميلاده ... ثم ظهر بعد ذلك لمريم المجدلية ولمريم الأخري ، و لبطرس و للنسوة ، و لتلميذي عمواس و للأحد عشر ، ثم لشاول الطرسوسي و لبعض الأخوة ... للأحباء ، للخاصة ... و لم يظهر للذين شمتوا به قبلاً ... و مع كل ذلك فإن هذه القيامة التي حدثت في الخفاء ، كانت تزعج اليهود إلي أبعد حد ، و قد حاولوا بكل طاقاتهم أن يمنعوها ، أو علي الأقل يمنعوا الناس من الإيمان بها و لما وجدوا أنهم فشلوا في منع القيامة بالجند و الحراس و الحجر و الأختام ، أرادوا أن يمنعوا وصولها إلي الناس بطريقة أخري : بالكذب ، و الرشوة ، و الاشاعات . و لما فشلت هذه الحيلة ، و لم يستطيعوا أن يمنعوا خبر القيامة بالكذب و الرشوة ، و انتشر خبر القيامة في الأرض كلها بكرازة التلاميذ ، لجأوا إلي طريقة أخري . فحاولوا منع الكرازة بالقيامة بواسطة القبض علي التلاميذ ، و جلدهم و سجنهم ، و تقديم شكاوي ضدهم للحكام .. و فشلت الطرق البشرية في منع الإيمان بالقيامة ... و صدق قول الكتاب " كل اَلة صورت ضدك لا تنجح " . فما سر هذه القيامة العظيمة ؟ سرها أنه لأول مرة في التاريخ و لآخر مرة ، قام شخص من الموت بذاته ن لم يقمه أحد ...! حادث أرعبهم ... لقد حقق السيد المسيح ما قاله عن نفسه ... إنه لا يستطيع أحد أن يأخذها منه " لي سلطان أن أضعها ، و لي سلطان أن اَخذها " ... لقد غلبهم الناصري الجبار ، الذي لم يقو الموت عليه ، الذي داس الموت ، و قام حينما شاء ، و حسبما شاء ، و حسبما أنبأ من قبل . و لم يستطع أحد أن يمنع قيامته ... *** و لكن لماذا لم يظهر لهم المسيح بعد القيامة ؟ ألم يكن ذلك مناسباً لكي يقنعهم فيؤمنوا ؟! لم يظهر لهم ، لأنهم لم يكونوا مستحقين ... و لأنه حتي لو ظهر لهم ما كانوا سيؤمنون ... تذكرنا هذه النقطة بقول ابراهيم أبي الآباء للغني الذي عاصر لعازر المسكين " و لا لو قام واحد من الموتي يصدقون " ... ثم أن السيد المسيح قد فعل بينهم معجزات أخري كثيرة ،و لم يؤمنوا ... و عندما شفي المولود أعمي ، قالوا للمولود أعمي ، قالوا للمولود أعمي : ألا تعلم أن الذي شفاك رجل خاطئ ؟!!! و أثناء الصلب أظلمت الشمس ، و تشققت الصخور ، و حجاب الهيكل انشق ، و قام بعض الموتي ... و مع ذلك لم يؤمنوا ...!! لم يظهر لهم لأنهم غير مستحقين ، و لأنهم لن يؤمنوا ، فلماذا إذن لم يظهر لباقي الناس ... إن السيد المسيح ترك بذلك مجالاً للإيمان ، و الإيمان كما قال بولس الرسول " هو الثقة بما يرجي ، و الإيقان بأمور لا تري " ... لو كانت القيامة مرئية ، لا نضمت إلي دائرة العيان و ليس الإيمان هو " الإيقان بأمور لا تري " . يكفي أنه ظهر للقادة ، فاَمن الكل بواسطتهم ... و بالإضافة إلي عنصر الإيمان ، ليس الجميع يحتملون هذا الأمر ، لذلك عندما ظهر المسيح في قيامته ، حتي لخاصته ، لم يظهر في مجده ، لأنهم لا يحتملون ... مع تلميذي عمواس تدرج ، فلم يعرفاه أولاً ... و مع مريم المجدلية ، أخفي ذاته حتي ظنته البستاني ، ثم أعلن نفسه لها بعد أن تدرج معها قليلاً . و شاول الطرسوسي عندما ظهر له في شئ بسيط من مجده ، عميت عيناه من النور ، ثم شفاه بعد ذلك . و يوحنا الحبيب لما ظهر له في شئ من المجد ، وقع عند قدميه كميت ن فأقامه و قال له لا تخف ... حقاً من يحتمل رؤية المسيح في مجده ؟! أما في تواضعه ، فكفي ما أظهره من اخلاء ذاته ... سيظهر لهم فيما بعد في مجده ، في المجئ الثاني فيقولون للجبال غطينا ، و للتلال أسقطي علينا ... و تنوح عليه جميع قبائل الرض . بروح القيامة و قوتها ، بدأت المسيحية تاريخها المجيد ... إن عصر جديد من القوة ، سار فيه التلاميذ ... " و بقبوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ، و نعمة عظيمة كانت علي جميعهم " ( أع 4 : 33 ) . كل ما فعلوه لمحاولة تحطيم المسيح ، حطمه هو بقيامته ... بل الشيطان نفسه حطمته هذه القيامة ... المسيح الذي غلب الموت ، و الذي قال " ثقوا أنا قد غلبت العالم " هو أيضاً يقدر علي كل شئ ، و يستطيع باستمرار أن يقودنا في موكب نصرته . و هذا الغالب القائم من بين الأموات يمكن أن يقود مجموعة من الغالبين ، يعطيهم من نعمته و من قوته . و هكذا استطاعت المسيحية العزلاء ، أن تقف أمام اليهودية و أمام الديانات القديمة الأخري ، و أمام الفلسفات الوثنية ، و أمام سطوة الرومان ، و أمام المؤامرات و المحاكمات والاضطهادات ، و ظلت صامدة ، تتقدم في قوة المسيح القائم من الأموات ، حتي صارت الدولة الرومانية كلها دولة مسيحية ، و اختفت الوثنية من العالم ، و صارت الأرض كلها للرب و لمسيحه . كذلك كانت قيامة الجسد رمزاً للقيامة من الخطية . و في هذا قال الرسول " و إذ كنتم أمواتاً بالذنوب و الخطايا ... أقامنا معه و أجلسنا معه في السماويات " ( أف 2 : 1 ، 6 ) . ليتنا نعيش جميعاً في قوة القيامة ، القيامة التي غيرت التلاميذ ، و التي جعلت القبر الفارغ رمزاً للانتصار الدائم ... القيامة التي كانت بدء القوة في حياة الكنيسة الأولي . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
05 أبريل 2023

طرق لحل المشاكل

كل إنسان معرض للوقوع في مشاكل، ولكن المهم كيف يعالج المشكلة ويحلها.البعض يحاول أن يعالج المشكلة بالعنف والاصطدام.سواء كان عنفًا ماديًا وعنفًا في التصرف وعنفا في الكلام. حيث يحتد على من تسبب في المشكلة ويثور ويستخدم القوة والصوت العالي ويصطدم بالناس وربما في اصطدامه بهم يخسرهم ويفقد صداقتهم ومحبتهم وإنسان آخر يحل المشكلة بالسلطة وبالأوامر والنواهي، يحدث هذا بالنسبة لأب مع أولاده وزوج مع زوجته ورئيس مع مرؤوسيه. والسلطة أمر سهل لا يكلف صاحبه شيء. ولكن للسلطة ردود فعل كثيرة قد تكون أيضًا بنفس العنف وقد تؤدي إلى التمرد على السلطة.. وعلى الأقل إن انحلت المشكلة من الخارج لا تنحل في داخل القلب وفي المشاعر والعلاقات والبعض يقابل المشكلة بالهروب، ويظن الهروب علاجًا.هو لا يواجه المشكلة وإنما يحاول إن يؤجلها ويبعد عنها ويهرب منها. ولكن في كل هذا لا يحلها.. قد تعاوده المشكلة بعد حين وتتعبه وتظل أمامه قائمة.وقد يحاول البعض أن يحل المشكلة بتجاهلها يحاول أن يقنع نفسه بأنه لا توجد مشكلة ويظن أنه إن أغمض عينيه عنها سوف لا يراها وبهذا لا تتعبه! وتظل المشكلة قائمة ولكنه لا يتكلم عنها ولا يفحصها.ولكن المشاكل لها حلول كثيرة.تُحَل بالتفكير الهادئ السليم وبالحكمة، كما كان سليمان الحكيم يحل المشاكل التي تُعْرَض له وعليه.وتحل المشكلة بالصلاة، بعرضها على الله وبأصوام أحيانًا وقداسات، كما كان يفعل القديسون وان كانت بعض المشاكل تحتاج إلى بَت سريع، إلا أن مشاكل أخرى قد تُحَل بالصبر وطول البال ليس من اللائق أن تحل المشكلة بمشكلة ولا يليق أن تحل المشكلة بخطأ وبطريق غير روحي، مثل أولئك الذين يحلون المشاكل بالكذب وبالدهاء وبالحيلة واللف والدوران وبخداع الناس!! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
29 مارس 2023

الحنطة والزوان

ليس عملك أن تخلع الزوان إنما أن تنمو كحنطة، حتى إذا ما جاء الحاصد العظيم يجد سنابلك مملوءة قمحًا فيجمع منها ثلاثين وستين ومائة وتمتلئ أهراؤه حِنطة السيد المسيح لم يضيع وقته في مقاومة أخطاء زمنه لم ينفق فترة تجسده على الأرض صِراعًا مع المخطئين ومشاكل المجتمع والكنيسة، إنما اهتم بالبناء بإرساء مبادئ جديدة وإعداد أشخاص يؤمنون بها وينشرونها في كل مكان إن الانهماك في خَلْع الزوان، فيه تبديد للطاقات الشيطان مستعد أن يشغلك كل حين بالمشاكل وأن يقدم لك ما لا يحصى من الأخطاء لكي يلهيك بمقاومتها ومحاربتها عن العمل في بناء نفسك وبناء الملكوت وفى هذا الصراع يبدد وقتك وجهودك وأعصابك وفى خلع الزوان أيضًا قد تفقد سلامك الداخلي وربما سلامك مع الناس أيضًا إذ تحيا في صراع وهكذا تفقد هدوءك وصفاءك وربما تفقد وداعتك أيضًا وقد تدخلك المشاكل في جو من الاضطراب ومن الخلافات التي لا تنتهي والتي تثيرك وتحيطك بالانفعال الدائم وكما تفقد وداعتك وهدوءك قد تفقد بشاشتك أيضًا، ولا يراك الناس إلا متجهما لا ابتسامة لك، وربما يملكك الغضب ويملكك الحزن ولا تحاول أن تتخلص منها لأنك تحسبه غضبًا وحزنًا مقدسًا لأجل الله وقد يوصِلَك كل هذا إلى قساوة القلب باستمرار تدين الناس المخطئين، ثائرًا على ما فيهم من أخطاء بحجة خلع الزوان منهم، وباستمرار تكون في ضجيج وقد يرتفع صوتك على الناس وتنتهر وتوبخ وتنفث التهديدات وتكون متبرما بكل شيء وفى كل هذا قد تفقد محبتك للناس، وتفقد اتضاعك، وفيما تخلع الزوان من الناس تكون قد خلعت الحنطة التي فيك وينظر إليك الناس فيرونك مثل الزوان في كل شيء قليلون هم الذين يستطيعون أن يخلعوا الزوان وفي نفس الوقت يحتفظون بحنطتهم لذلك حسنًا منع الرب أولاده من خلع الزوان لئلا يخلعوا معه الحنطة وحسنا قال الكتاب: "لا تقاوموا الشر" إن أحسن طريقة لخلع الزوان هي تقديم القدوة الصالحة التي تقتضى عليه، وكما قال الحكيم "بدلًا من أن تلعنوا الظلام أضيئوا شمعة". قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
22 مارس 2023

الصوم وروحانيته

الصوم ليس مجرد فريضة جسدية انه ليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية ثم الانقطاع عن الأطعمة ذات الدسم الحيواني، إنما هناك عنصر روحي فيه.. أول عنصر روحي هو السيطرة على الإرادة بنفس الإرادة التي تحكمت في الطعام يمكن أيضًا السيطرة على الكلام، بالامتناع عن كل لفظ غير لائق، وكذلك السيطرة على الفكر وعلى المشاعر. قال مار إسحق: "صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين". العنصر الثاني في الصوم الروحي، هو التوبة: ونلاحظ في صوم أهل نينوى أنهم لم يصوموا فقط وانم أيضًا "رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم "وأن الرب نظر إلى هذه التوبة أكثر مما نظر إلى الصوم" فلما رأى الله أعمالهم، أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يونان 3:8-10) وهكذا يصحب الصوم أيضًا بالتذلل والانسحاق أمام الله وهذا واضح في صوم نينوى، إذ لبسوا المسوح وجلسوا على الرماد. كما هو واضح في سفر يوئيل "قدسوا صوما، نادوا باعتكاف ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا: أشفق يا رب على شعبك" (يوئيل 2: 15 - 17) والصوم لا يقتصر على منع الجسد من غذائه وإنما يجب فيه من الناحية الايجابية تقديم غذاء للروح وهكذا يرتبط الصوم بالصلاة كما تذكر صلوات الكنيسة، وكما حدث في كل الأصوام المشهورة في الكتاب، كصوم نحميا وعزرا ودانيال وأهل نينوى وكما تدل عليه عبارة "نادوا باعتكاف" إنه فرصة روحية نذل فيه الجسد لتسمو الروح إذلال الجسد هو مجرد وسيلة أما الغرض فهو سمو الروح فتأخذ فرصتها في الصلاة والتأمل والقراءة وكل وسائط النعمة بعيدا عن معطلات الجسد ونلاحظ أن الصوم غير الروحي مرفوض من الله كما رفض صوم المرائين (مت 5)، وصوم الفريسي (لو 18: 9)، والصوم الخاطئ في سفر إشعياء (اش 58: 3-7). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
15 مارس 2023

مشكلة الأعذار

كثيرون يقدمون أعذارًا يغطون بها خطاياهم حتى لا يلاموا، ويغطون بها تقصيراتهم في عمل الخير إنه خطأ قديم يرجع إلى أبوينا آدم وحواء! حواء اعتذرت بان الحية أغرتها وكان يمكن ألا تطيع الحية، فالعذر غير مقبول تماما مثل عذر آدم بأن المرآة أعطته وكان في إمكانه ألا يسمع لها حقًا ما أصدق عبارة إن طريق جهنم مغروس بالأعذار! حتى الذي دفن وزنته في التراب قدم لفعلته هذه عذرا هو أقبح من الذنب نفسه، فقال إن سيده ظالم يحصد من حيث لا يزرع!! وما أكثر الذين يعتذرون عن عدم الصلاة بأن ليس لديهم وقت! بينما يجدون وقتا للتسليات العديدة وللمقابلات، والحقيقة انه ليست لديهم رغبة..! وغالبية الذين لا يقدمون عشورهم للرب يقدمون بدلًا منها أعذارًا بأن ليس لهم، بينما الأرملة التي دفعت الفلسين من أعوازها لم تقدم عذر وكذلك أرملة صرفة صيدا التي قدمت زيتها ودقيقها لإيليا النبي في أيام المجاعة وهى في مسيس الحاجة إن داود الطفل الصغير كانت أمامه أعذارًا كثيرة يمكنه أن يقدمها لو أنه لم يشأ مقاتلة جليات..! انه لم يكن جنديا ولم يطالبه أحد بهذا الأمر، وكان صغير السن وقد سكت الكبار، وكان جليات جبارًا ليس من السهل مصارعته.. إلخ.، ولكن غيرة داود المتقدة لم تسمح بتقديم عذر واللص اليمين كانت أمامه أعذار ضد الإيمان لم يستخدمها! كيف يؤمن باله يراه مصلوبا؟ ويبدو عاجزًا عن تخليص نفسه، وترن في أذنيه تحقيرات الناس له وتحدياتهم.. ومع ذلك لم يسمح اللص لنفسه أن يعتذر عن الإيمان إن الخوف لم يكن عُذْرًا يقدمه دانيال أمام جب الأسود، ولا عذرًا يقدمه الثلاثة فتية أمام أتون النار ولا محبة الابن الوحيد أمكنها أن تقف عذرا أمام إبراهيم حينما أمره الله أن يقدم هذا الابن محرقة وقد كان ابن الموعد الذي ولد له بعد عشرات السنوات!! وأصحاب المفلوج كانت أمامهم أعذار لو أنهم أرادوا ولكنهم لم يعترفوا بالعقبات وصعدوا إلى السقف ونقبوه وانزلوا المفلوج بالحبال إن الذي ينتصر على العقبات فلا يعتذر بها، إنما يدل على صدق نيته في الداخل أما ضعيف الهزيمة أو ضعيف النية، فيذكرنا بقول الكتاب: "قال الكسلان: الأسد في الطريق"! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل