المقالات

25 أكتوبر 2022

الرياء

استخدمت كلمة مرائي في البداية في إشارة إلى الممثل المسرحي الذي يقف فوق المسرح ليتراءى للجمهور, ولكنه يتقمَّص شخصية أخرى، بمعنى أنه قد يضحك وهو غير سعيد,, أو يبكي وهو غير حزين, هو فقط يتراءى أنه بهذا الحال, فإذا صعد ممثلان فوق خشبة المسرح فهما يتراءيان أحدهما للآخر قدام الموجودين !. وهكذا مع الوقت أصبحت كلمة مرائي تعني أن يظهر شخص ما بخلاف ما يُبطن. والمرائي شخص يسعى للحصول على مديح الآخرين وكرامتهم, فقد يظهر متضعاً وهو في الواقع متعجرفاُ, وقد يظهر هادئاً وهو عصبي المزاج...إلخ علينا أن لا نظهر ما فينا من ضعفات, كما أنه علينا ألا نبالغ في اخفائها فتظهر عكسها, والوضع الأمثل هو الجهاد للتخلص من الضعفات, وعندما شبّه السيد المسيح الرؤساء المضلِّين من اليهود بأنهم يشبهون قبوراً مُبيضة من الخارج وداخلها عظام أموات وكل نجاسة (مت23) فقد قصد أن ظاهرها يوحي بالجلال والعظمة أما داخلها فهو ما يكرهه الناس والمرائي كذلك هو شخص غير صادق وهو فخ أيضاً, وإذا اكتشف الناس ضلاله فقد ُيعثرون فيه وفي الآخرين. ومثل أن يوهم شخص ما شخص آخر بأنه يحبه ثم يكتشف مع الوقت أنه غير صادق فيصدم, ولذلك يقول القديس بولس: "المحبة فلتكن بلا رياء" (رو12) وقد يكتشف الناس في النهاية أن بعض الذين كانوا في ثياب الحملان ماهم إلا ذئاب خاطفة, ويتقدم في يوم الدينونة المحتقرين والمرذولين والمُهمّشين والذين في الظل, على المشاهير وأصحاب الأسماء اللامعة والحيثيات كلما تحلّى الإنسان بالصدق كلما كان شفافاً مريحاً يشبه سيده الذى ليس عنده تغيير ولا ظل دوران (يعقوب 1 : 17). نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
18 أكتوبر 2022

الحنجرة

استخدم الآباء في حديثهم عن ضبط النفس في الصوم من جهة الطعام تعبير "حنجرة " فيصفوا المحب للأكل بـ (الحنجراني) ويقول القديس مكسيموس "غلب الحنجرة فقد غلب كل الأوجاع " والسبب في ذلك هو أن الطعام بما فيه من شهوة وشهية ولذّة وتذوق ينتهي تأثيره عند الحنجرة, إذ أن جميع الأنواع تتساوى بمجرد اجتيازها الحنجرة فإذا استطاع الانسان ضبط نفسه خلال هذه الرحلة القصيرة من "حلمات التذوق في اللسان" حتى يبتلع الطعام, فإنه يستطيع اجتياز تجربة شهوة الطعام يقول أحد الآباء للشر" يا حنجراني خير لك أن تضع في جوفك جمر نار من أن تضع فيها أطعمة الرؤساء " أما إذا قال البعض أن المهم في القيمة الغذائية بغض النظر عن مذاقة الطعام، فإن ذلك يجعلنا نؤكد أن العديد من الأطعمة غير الدسمة مفيدة وبها قيمة غذائية كبيرة، وأن الكثير من القديسين كانوا يعيشون على البسيط من الطعام طوال العام وليس في مواسم الأصوام فقط وكان الطعام ألذ من الشهد في أفواههم بل كان اسم يسوع بالنسبة لهم طعام حياة تقتات به نفوسهم وأجسادهم معاً هو يكون لهم ينبوع ماء حياة حلواً (أبصالية الثلاثاء) ولاشك أن الصائم عندما يحين موعد طعامه, فإنه يستلذ بأى طعام ويتناوله بشكر أما غير الصائمم فهو يتنقل بين أطعمة كثيرة دون شبع حقيقي, فكل من يأكل من طعام العالم لا يشبع وكل من يشرب أيضا يعطش " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً " (يوحنا6:4) ونقرأ عن القديس مرقس الترمقي أنه عندما أعيي بسبب الجوع والعطش أعطاه الملاك بعض من مزروعات الأرض يقتات بها فكانت لذيذة ومشبعة, كما كتب عن القديس يوحنا ذهبي الفم أن مدة إقامته في البطريركية كان طعامه ماء الشعير والدشيشة، وكان طعامه بمقدار، فنسى الشهوة ويقول أحد القديسين "ما ألذ وأطيب خبز الصوم لأنه معتوق من خمير الشهوات". نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
11 أكتوبر 2022

الغضب

عندما التحق القديس موسى الأسود بالدير كراهب مبتديء، جاهد كثيرا في ضبط نفسه لا سيّما وقد كان لصاً قاتلا وقاطع طريق، فعندما تعرض للإهانة في ذات مرة لم ُيبد أي امتعاض، إذ ما أن دخل إلى المائدة ليأكل حتى صاح أحدهم قائلاّ: من أدخل هذا الغريب إلى هنا !. ولما سأله أحد الرهبان عن رد فعله أجابه: لقد تحرّك الغضب داخلي ولكنني ضبطت نفسي فلم أثر، ومرت مدة قبل أن يتعرّض لاختبار أصعب وذلك عندما جاء البابا ليرسمه كاهناً، فقد سمع من يقول داخل الكنيسة اخرج يا أسود الجلد يا رمادي اللون، فإذا به ينسحب في هدوء إلى الخارج وهو يقول لنفسه: حقا طردوك يا أسود اللون ولماذا تحسب نفسك كسائر البشر، فلما سأله الآباء عن فكره قال أنه لم يضطرب، بل مثلما كان هادئاً من الخارج كان من الداخل أيضاً. وكان الآباء يختبرون قدرته على الاحتمال. ويقول أحد الآباء أنه لم يدع الغضب " يتجاوز حلقه فما فوق " وهو يقصد بالطبع أنه احتجز الغضب داخله، وإن تصاعد فإنه في النهاية لن يسمح له بأن يتجاوز الحنجرة، بمعنى أنه لن يسمح له بأن يظهر من خلال الملامح أو الكلمات، لئلا ُيعثر أحدا، وهذا هو معنى القول الشائع: " ُغصّة في الحلق" وكأن هناك شيء ما ُمحتجزا في حلقه.وعندما قال القديس بولس: "لا تنتقموا لانفسكم أيها الأحباء بل اعطوا مكانا للغضب" (رومية 12: 19) فقد قصد أن نعطي مكانًا للغضب لكي يهدأ ويتلاشى فلا يخرج من الإنسان ويعثر الآخرين ولا يمجد الله. فمنظر الغضوب كمثل منظر الشيطان، بعكس الملامح الوديعة الهادئة التي تعكس صورة المسيح المريح، ويقول القديس الأنبا أغاثون: "ولو أن الغضوب أقام أمواتاً فما هو بمقبول عند الله ولا يأتي إليه أحد من الناس". ولا شك أن الغضب يعكس كبرياءا موجودة بداخل الإنسان، في حين أنه إذا كان متضعاً فإنه سيأتي باللوم على نفسه في كل شيء، في حين أنه في غضبه قد يخسر كثيرا وُيخطيء كثيراً ويفقد كثيراً أيضاً. ولكن هناك الغضب المقدس، وهو الغيرة المقدسة أو الغيرة التي بحسب مشيئة الله، ذلك حين يغضب شخص على نفسه بسبب خطاياه، أو يغضب شخص ويغير غيرة الرب مثل فينحاس. على أنه يجب أن يكون الغضب في هذه الحالة بعيد عن الانفعالات الطارئة أو خارج حدود اللياقة، لئلاّ ُيعثر أحداً. فمن غير المقبول أن يغضب شخص من أجل الله فيشوّه صورة الله التي فيه بغضبه، بل ليكن الغضب مقدساً وبطريقة مقدسة. وعندما سأل تلاميذ القديس باخوميوس معلمهم عن المناظر التي يراها، أجاب " أن من كان خاطئاً مثلي لا يعطَى مناظر، ولكن إن أردتم أن أدلكم على منظر تنتفعون به فهو منظر الإنسان الوديع القلب وعن أفضل من هذا المنظر لا تطلب أن تنظر". نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
04 أكتوبر 2022

العين البسيطة

فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا (مت 6: 22) مدخل الخطايا هو الحواس فهى ترسل الإشارات إلى العقل والعقل يفكر، ثم ينزل نتاج التفاعل إلى القلب, هناك تُعقد الصفقات, وعندما قال السيد المسيح كل من ينظر الى امراة ليشتهيها(أى بقصد الشهوة) فقد زنى بها في قلبه (متى 5: 28) فإن هذا يعني أن الخطية قد أصبحت جاهزة لتتحول إلى فعل القائم، وتدخل إلى حيز التنفيذ وهناك فرق بين النظرة البسيطة العابرة والنظرة الثاقبة الفاحصة.. هناك فرق بين شخص نظر وآخر استرق النظر (سرقه) وشخص سمع وآخر استمع (قصد السمع) وشخص شمَّ وآخر تشمم شخص لمس وآخر تلمّس (قصد اللمس). لذلك فإن العين البسيطة هى تلك التي لا تشبع من النظر وبالعفة تنظر في كل شئ وفي كل أحد لذلك يوصي الآباء ألا نملأ أعيننا من شئ أو من وجه إنسان، بل بالعقة تنظر وبالحياء والأدب ننظر في وجوه الآخرين. كما ُيلاحظ أن هناك فرق بين المناظر التي نراها بشكل عابر وتلك التي تشبع منها العين وتشخص فيها طويلا، ففي الحالة الأولى تتكون في العقل صورة باهتة لما أبصرناه، أما في الحالة الثانية فتتكون صورة واضحة المعالم عالية النقاوة، تدوم في الذاكرة لفترة أطول. وهذا تدريب للبعض الذين يلاحظون – وهم في الكنيسة - مظهر الآخرين والأخريات، سواء من جهة الملابس أو المظهر بشكل عام مما يحملهم إمّا على لعثرة أو الإدانة أما عن قول المسيح بخصوص خلع العين "و ان أعثرتك عينك فاقلعها خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار (مر 9: 47) فليس المقصود الخلع الفعلي لهذا العضو في الجسد، وإنما علينا أن نعرف أن هناك عيناً داخلية هي التي توجه العين الخارجية, وهكذا بقية الحواس كما يجب أن تكون هناك حراسة قوية على الحواس وهو ما ُيسمّى بـ" ختــان الحواس" أى جعلها طاهرة مقدسة أما عن كيفية تقديس الحواس فإن تقديس العين يأتي بالشخوص في الأيقونات وتقديس الأذن يأتي بسماع الألحان وتقديس الأنف ببخور الصلوات وتقديس اللسان بالصلاة والتسبيح وتقديس اللمس بلمس الأشياء المدشنة مثل أجساد القديسين . نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
25 يوليو 2022

التعبير

شفتاك يا عروس تقطران شهداً... " أعطيتنى موهبة النطق........ "(القديس غريغوريوس – القداس) موهبة النطق موهبة حظى بها الإنسان وحده من بين جميع خلائق الله ومخلوقاته، حيث لا تستطيع الأحياء الأخرى التعبير والتفاهم بالكلمات، بل بالحركات والإيماءات الغريزية المحدودة .. وأقصى ما بلغته هو التقليد أو ترديد بعض كلمات أو عبارات - مثل الببغاء - وبالطبع دون أن يدرك هذا الطائر معنى ما يردده وأما الإنسان يقال عنه " حيوان ناطق " وهو وصف قاسٍ، ولكن القصد منه أنه رغم اشتراكه مع الكائنات الأخرى فى الكثير من الصفات، إلا أنه يتميز عليها بالقدرة على التفكير والتعبير والتقرير.. وهناك مئات اللغات ومنها تتفرع آلاف اللهجات. ومن الناس من هو شاعر ومنهم من هو أديب ومنهم المتكلم.. أما الأخير فهو الذى يحسن الكلام وتنميقه حتى يصبح ذلك مهنته، وأما الشاعر فهو الذى يجعل الكلمات ترقص وتغنى وتطرب.. مثله في ذلك مثل الموسيقي الذى يجعل نغماته تشنف الآذان. وأما الأديب فهو الذى يحّول المشاهد والمشاعر إلى كلمات تقرأها، فتشاهد وتشعر وتتفاعل وأنت جالس فى مكان القراءة !!.. وكلا الاثنين (الأديب والشاعر) يرسمان بالكلمات لوحات يتراوح جمالها فى قيمته بحسب إبداع كل منهما، وأتذكر أن أحد الشعراء كتب قصيدة وقدمها إلى مطرب ليغنيها ولكن الأخير اعترض على كلمة فيها وطلب استبدالها، أمّا الشاعر فرفض بشدة واحتج فى ذلك بقوله أن القصيدة مثل اللوحة كيف يطلب مني المتفرج أو المشترى أن اُغير أنفها أو عينيها مثلاً !!.. وعندنا أيضاً شخصاً يدعى الدبلوماسى ويوصف بأنه يتكلم كثيراً ولا يقول شيئاً !!، ويقصد بذلك حسن الكلام وتنميقه، دون أن يصرح بشىء أو يعد بشيء، ويقابل النوع الدبلوماسى.. النوع الناقد، وهو على نوعين ناقد للبنيان وهذا يتوخى الموضوعية والتأدّب فى التعبير، ونوع يفتقر إلى اللياقة والكياسة، مثل الشاعر الذى اعتاد أن يهجو الوالى أو الأمير ونظراً لخطورة الكلمة المكتوبة وأهميتها وتأثيرها، فإنه يجب توخى الحذر والدقة فى الإختيار، ومثلها الكلمة المنطوقة أيضاً وهو ما يسمى اصطلاحاً بالمقال والُمقال .. فكلاهما لا يمكن استعادته، وجدير بالذكر هنا أن ما يفكر به الشخص قابل للتغير إذ يمكن تغيير الفكر، فإذا قاله يمكن مراجعته بالنقاش، فإذا كتبه يمكن الرد عليه، فإذا نوقش وأصر على رأيه فهذا هو إيمانه وهذه مبادئه وعقيدته.. وهذا كان يحدد الشخص الهرطوقى من ذاك الذى إنزلق ببساطة فى رأى خاطىء والكلمة قد تجرح وقد تزعج.. وقد تشفى.. وقد تحوّل مسار حياة.. وأتذكر أن أنطيوخس أبيفانيوس هاجم مصر فى القرن الثانى قبل الميلاد وكانت روما حليفاً لمصر آنئذ فأرسلت إليه مندوبها "مميوس"، والذى طلب إليه أن يغادر مصر أو يدخل فى حرب مع روما، ولما طلب مهلة ليقرر، قام المندوب برسم دائرة بعصاته حول أنطيوخس وهو واقف وأمره بأن يعلن قراره قبل الخروج من الدائرة.. كان القرار نعم أو لا وكلاهما كلمة يتوقف عليها مصير شعب وحياة عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من الناس إلى جوار نتائج أخرى كثيرة مترتبة على القرار.. كما خلد الكثيرين بسبب كلمة أو عبارة نطق بها أحدهم إبان حياته.. وقد لا نذكر لهم سوى تلك الكلمة، مثلما ’ينسب شخص إلى قصيدة.. فيقال " شاعر قصيدة كذا .. "هناك أشخاص تحب أن تسمعهم وهم يتكلمون، سواء أكانوا يرتجلون أو يقرأون.. أو يتحدثون، وكما قيل عن البعض أن خطهم مثل سلاسل الذهب يمكن أن يقال عن بعض المتكلمين أن حديثهم مثل عناقيد الياقوت والأحجار الكريمة.. تود ألا ينتهى حديثه، حقاً يقول السيد المسيح عن الكنيسة ممتدحاًَ تعاليمها " شفتاك ياعروس تقطران شهداً". أتذكر أيضاً فى هذا السياق أن شيخ الأزهر السابق كان فى زيارة لإنجلترا، وهناك استمع إلى خطاب لمارجريت تاتشر رئيسة الوزراء السابقة، يقول أنه ’أعجب كثيراً بطريقتها فى الكلام ولغتها الواضحة ونطقها الذى جعل الكلام مترجماً، وأصر من ثمّ على الحصول على تسجيل لهذه الكلمة وأرسل من خلال زوجته ليحصل عليها وجاءته نسخة فى خلال ساعات عندنا مشكلة فى القراءات الكنسية، فالقارىء أحياناً يقرأ إلى الداخل ! وأخر تتزحلق كلماته من على أذنيك دون أن تستقر فيهما، وثالث لا يفصل بين عبارة وأخرى وربما بين كلمة وأخرى وكأنّ الحروف متصلة لمسافة سطر أو سطرين كاملين، وآخر يخلط بين " الكاف والقاف " و " التاء والطاء " و " الدال والضاد " و " السين والصاد والثاء " فلا تعرف إن كان يقصد (الإحتكار أم الإحتقار) أو (الضَرر أم الُدرر) أو (القلب أم الكلب) .. الخ. ويستحسن المستمع والحال هكذا أن يكتب له المتكلم ما يريد لكى يدرك قصده. وفى هذا الإطار هناك فى الوسط الكنسى مئات التعليقات الطريفة وغير الطريفة على قراءات البعض فى القطماروس، إذ تتحول بعض الكلمات إلى إهانات وشتائم والأرقام إلى كلمات والعكس، أو إلى ما لا معنى له.. وهكذا.. والبعض تضيع منه علامات الترقيم، وآخر لا يعرف أين ينهى الجملة.. ومتى يلتقط أنفاسه، ناهيك عن قواعد النحو والصرف الذى يفتقر إليه الأكثرين الذين أولهم أنا قرأت عن أحد الولاة الذين أصدروا حكماً بالإعدام بحق شخص ما، وقبل تنفيذ الحكم توسط البعض عنه لدى الوالى والذى قبل وساطتهم واستكتب كاتبه أمراً بالإعفاء عن المتهم، فأملاه قائلاً: (إعدام لا. براءة) وما أن وصل المكتوب إلى الجلاد حتى نفذ حكم الموت فى المتهم فى الحال، والسبب ببساطة أن الكاتب كتب (إعدام. لا براءة) ولم يتوخى الدقة فحرك النقطة عن موضعها قليلاً، فجاء الأمر بتأكيد الحكم وعدم البراءة بدلاً من إلغاء الحكم ومنح البراءة.. وهكذا تسببت نقطة صغيرة فى غير موضعها فى أن يفقد شخص ما حياته !!.كذلك أرسل أحد الولاة إلى حاكم مدينة يطلب منه أن يحصى الرجال لديه (من سن 16 إلى 40 ) فإذا بالحاكم يقوم بإخصاء المطلوبين لأن المكتوب الذى وصله أُستبدل فيه حرف الحاء بحرف الخاء ، لقد كان غرض الوالى هو عمل تعبئة عامة استعداداً للحرب، بينما أساء الحاكم الفهم مثلما افتقر كاتب الوالى إلى الدقة فى الكتابة بعد أن قرأت هاتين القصتين أدركت لماذا تكتب الأم أحياناً ورقة لصغيرها وتطويها وتضعها فى قبضته الصغيرة ليوصلها إلى جهة ما وذلك لضمان النتائج"كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند ابي الانوار"(يعقوب 1 : 17) نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
18 يوليو 2022

البر الذاتي

بعض الناس أبرار في أعين أنفسهم، والبعض الآخر أبرار في أعين الآخرين، والبعض الثالث أبرار قدام الله. البار في عيني نفسه: هو شخص لا يشعر بخطيئته وبالتالي لا يقدم توبة عنها، هو حساس لخطايا الآخرين بينما يتضايق إذا ما واجهه الآخرين بأخطائه فيدافع ويرد لهم الاتهامات، أو يعجب بنفسه ويتمركز حول ذاته، مثل الفريسي الذي بعد أن استعرض أنشطته الروحية الخارجية دان العشار المسكين الذي لام نفسه فقط وطلب المغفرة من الله فهو خاطئ ! (لوقا 18: 13). أمّا البار في أعين الآخرين: فهو الذي يسعى جاهدا لكي ينال الكرامة من الآخرين، وقد يدفعه ذلك إلى السلوك برياء، واقتراف الكثير من الخطايا إذا كان في ذلك إرضاء للناس، كما يجعله ُيخفي خطاياه عن الناس حتى لا يحتقرونه. مثل هذا وذاك يهمس الله في أذنه قائلاً أنا عارف أعمالك .. (رؤيا 2 : 2). وأمّا البار قدّام الله: فهو الذي يأتي بالملامة على نفسه ويرى جميع الناس أبراراً إلاّ هو، إن هذا الفكر النقي جعل "خيّاطاً" في مدينة الإسكندرية ُمساوياً في درجته للأنبا أنطونيوس أب الرهبان. ليس المهم أن يمدحك الناس، أو تمتدح ذاتك – إذا لم تجد من يمدحك- وإنما أن يزكيك الله "لانه ليس من مدح نفسه هو المزكّى بل من يمدحه الرب" (2كو10 : 18).فقد يخطئ إنسانا فلا يلحظ الناس خطيئته، وبالتالي ينجو من تبكيتهم أو احتقارهم، وقد لا يعاقبه الله أيضا في حينها بسبب طول أناته. ولكن عليه أن يحاسب نفسه في مخدعه، أي لا يمررها لنفسه (حتى إن كان الله قد تغاضى عنها أو لم يلحظها الناس). لقد كانت أعظم شهادة كتابية عن زكريا وأليصابات هي "وكانا كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم (لو1 : 6). نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
25 أكتوبر 2021

المعمودية والاستنارة

«ولكن تذَكَّروا الأيّامَ السّالِفَةَ الّتي فيها بَعدَما أُنِرتُمْ صَبَرتُمْ علَى مُجاهَدَةِ آلامٍ كثيرَةٍ» (عب10: 32):المعمودية والاستنارةربط الآباء بين المعمودية والاستنارة، اعتمادًا على ما ورد في الكتاب المقدس عنها، وأسموها "سر الاستنارة"، فهي تنقلنا من مملكة الشيطان (مملكة الظلمة) إلى مملكة المسيح (مملكة النور). وكما أن المعمودية هي موت وقيامة مع المسيح، فهي بالتالي انتقال من ظلمة القبر إلى نور القيامة، لذلك يقول القديس أغسطينوس: "فإذا كانت المعمودية هي التمتُّع بقيامة الرب فينا، لذا فقد دُعِي هذا السر: ’استنارة‘." ويقول القديس كيرلس الأورشليمي في مقدمة عظته الأولى للمُعمَّدين: "عظة للذين سيستنيرون في أورشليم"؛ يقصد الذين سيتعمّدون.وقد اُستُخدِم اصطلاح "استنارة" للمعمودية بدايةً من القرن الثاني الميلادي، من قِبَل القديسين: يوستينوس وكليمندس السكندري وأغسطينوس ويوحنا ذهبي الفم وغريغوريوس النزينزي، وغيرهم، بل وترد الآية «لأنَّ الّذينَ استُنيروا مَرَّةً...» (عبرانيين 6: 4) في النسخة السريانية: "الذين نزلوا مرّة إلى المعمودية..." كما دُعِي عيد عماد السيد المسيح بـ"عيد الأنوار"، ونقرأ أن المعمدين قديمًا اعتادوا أن يحملوا الشموع أو السُرُج أو المشاعل بعد خروجهم من جرن المعمودية مباشرة، وكان المُعمَّدون – وما يزالون – يرتدون الملابس البيضاء، وتُحمَل لهم الشموع بعد معموديتهم. وفي القرن الأول الميلادي كان الخورس يرتِّل ترتيلة للمُعمَّدين حال خروجهم من جرن المعمودية، أشار إليها القديس بولس: «لذلكَ يقولُ: استَيقِظْ أيُّها النّائمُ وقُمْ مِنَ الأمواتِ فيُضيءَ لكَ المَسيحُ» (أفسس 5: 14)، وقال بعض المفسِّرين إنه اقتباس من إشعياء النبي القائل: «قومي استَنيري لأنَّهُ قد جاءَ نورُكِ...» (إشعياء 60: 1). ويذكر العلّامة جيروم أن واعظًا في أيامه تخيّل أن هذا النداء قد وُجِّه إلى آدم وهو في الجلجثة ليقوم من رقدته، فالمسيح سينير له.ولعل ارتباط الثياب البيض بالزنّار الأحمر، هو التأكيد على ارتباط دم الصليب بنور القيامة، وكما يخرج الإنسان من ظلمة الرَحِم إلى نور الحياة، هكذا يخرج الإنسان من قبر المعمودية إلى نور الحياة مع المسيح، وإن كُنّا نتألم معه فلكي نتمجّد معه أيضًا؛ يقول القديس غريغوريوس النزينزي: "المعمودية هي ابنة النهار، فتحت أبوابها فهرب الليل الذي دخلت إليه الخليقة كلها!"ولعلنا نلاحظ أن الكنيسة المُلهَمة بالروح القدس في ترتيب آحاد الصوم الكبير، تفرأ في قداس أحد التناصير إنجيل المولود أعمى (يوحنا 9)، قد أرادت أن تربط بين الاستنارة التي ننالها في المعمودية والمجد الذي سيأخذنا اليه المسيح بدءًا من دخوله الانتصاري (أحد الشعانين) إلى صلبه (والذي أسماه "مجدًا" أيضًا إذ يقول: «... لأنَّ يَسوعَ لَمْ يَكُنْ قد مُجِّدَ بَعدُ» أي صُلِب). في هذا الاصحاح (يوحنا 9) نلاحظ أن المولود أعمى حالما اغتسل في سلوام (إشارة إلى المعمودية) «أتَى بَصيرًا» ومن ثَمّ استنار عقله، وراح يوبِّخ اليهود المحتجّين واعظًا إياهم: «... ونَعلَمُ أنَّ اللهَ لا يَسمَعُ للخُطاةِ. ولكن إنْ كانَ أحَدٌ يتَّقي اللهَ ويَفعَلُ مَشيئَتَهُ، فلهذا يَسمَعُ. منذُ الدَّهرِ لَمْ يُسمَعْ أنَّ أحَدًا فتحَ عَينَيْ مَوْلودٍ أعمَى. لو لَمْ يَكُنْ هذا مِنَ اللهِ لَمْ يَقدِرْ أنْ يَفعَلَ شَيئًا». (يوحنا 9: 31-33).إن المعمودية هي سر استنارة الكنيسة، والاستنارة هي العطية التي تُمنَح لنا من خلالها، ونحصل على الاستنارة من الروح القدس المرتبط بالمعمودية (سر التثبيت)، وبالتالي فالمُعمَّد الذي استنار بالروح القدس يصبح من ثَمّ قادرًا على التمييز بين الخير والشر، أو الجيد والرديء، وكذلك الأمور المتخالفة، وفي هذا الصدد يقول القديس باسيليوس الكبير عن الروح القدس إنه "مصدر القداسة والنور العقلي والذي يهب كل الخليقة الاستنارة لفهم كل شيء". وفي صلاة باكر يوميًا تذكِّرنا الكنيسة مع إشراقة النور (موعد هذه الصلاة) بالاستنارة التي حصلنا عليها من المعمودية، إذ نقرأ ما كتبه القديس بولس: «رَبٌّ واحِدٌ، إيمانٌ واحِدٌ، مَعموديَّةٌ واحِدَةٌ» (أفسس 4: 5)، لكي نسلك في النور خلال اليوم.وبالمعمودية، وبصيرورتنا أبناء للمسيح إذ تمنحنا المعمودية التبنّي، نسير في النور، لأن المسيح هو النور ومن يتبعه لا يسلك في الظلام: "الله هو نور، وساكن في النور، وتسبّحه ملائكة النور" (ثيئوتوكية الاثنين)، وعندما قال القديس بولس: «لأنَّ كُلَّكُمُ الّذينَ اعتَمَدتُمْ بالمَسيحِ قد لَبِستُمُ المَسيحَ» (غلاطية 3: 27)، فإنهم بذلك يلبسون النور كحُلَّة لأن الله هو النور. ويقول القديس بولس: «لأنَّ اللهَ الّذي قالَ: أنْ يُشرِقَ نورٌ مِنْ ظُلمَةٍ، هو الّذي أشرَقَ في قُلوبنا، لإنارَةِ مَعرِفَةِ مَجدِ اللهِ في وجهِ يَسوعَ المَسيحِ» (2 كو 4: 6).كذلك صرّح السيد المسيح: «إنْ كانَ أحَدٌ لا يولَدُ مِنْ فوقُ لا يَقدِرُ أنْ يَرَى ملكوتَ اللهِ... إنْ كانَ أحَدٌ لا يولَدُ مِنَ الماءِ والرّوحِ لا يَقدِرُ أنْ يَدخُلَ ملكوتَ اللهِ» (يوحنا 3: 3 و5)، ويرى بعض الشُرّاح أن الأطفال الذين لم يتعمّدوا سيوجدون في الملكوت ولكنهم لن يقدروا أن يعاينوا مجد الله. وهكذا فالأعين العمياء أبصرت بالمعمودية، لأنه في المعمودية ينال الإنسان الطبيعة الجديدة، فكل إنسان يولد أعمى ولا يقدر أن يرى ملكوت الله، أما بعد عماده تنفتح عيناه فالمعمودية هي الاستنارة لمعاينة ملكوت الله، ولعلنا نتذكر هنا كيف أن القديس بولس عندما تأهّب ليعتمّد «فللوقتِ وقَعَ مِنْ عَينَيهِ شَيءٌ كأنَّهُ قُشورٌ، فأبصَرَ في الحالِ، وقامَ واعتَمَدَ» (أعمال 9 : 18).يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن المُعمَّدين الجُدد إنهم "يضيئون أكثر من النجوم وأكثر ضياءً، حيث ينيرون في النهار والليل، ويضيئون وجوه من يتطلّعون إليهم"، وقد استخدم الرب يسوع الشمس ليشير إلى ضياء الأبرار (متى 13: 43).ويرى الآباء أن المعمودية في هذه الآية - والتي هي الاستنارة - هي المدخل لكل النعم «لأنَّ الّذينَ استُنيروا مَرَّةً، وذاقوا المَوْهِبَةَ السماويَّةَ، وصاروا شُرَكاءَ الرّوحِ القُدُسِ، وذاقوا كلِمَةَ اللهِ الصّالِحَةَ وقوّاتِ الدَّهرِ الآتي، وسقَطوا، لا يُمكِنُ تجديدُهُمْ أيضًا للتَّوْبَةِ، إذ هُم يَصلِبونَ لأنفُسِهِمْ ابنَ اللهِ ثانيَةً ويُشَهِّرونَهُ» (عبرانيين 6: 4-6)، ومرة أخرى يقول: «ولكن تذَكَّروا الأيّامَ السّالِفَةَ الّتي فيها بَعدَما أُنِرتُمْ صَبَرتُمْ علَى مُجاهَدَةِ آلامٍ كثيرَةٍ» (عبرانيين 10: 32) ويقصد بالطبع المعمودية، والتي جعلتهم في معيّة المسيح، وكل من يتبع المسيح لابد وأن يحمل الصليب، ويصبر على التجارب.إنه سر الاستنارة وإدراك أمور الله، كما أشار القديس بولس قائلاً: «مُستَنيرَةً عُيونُ أذهانِكُمْ، لتَعلَموا ما هو رَجاءُ دَعوَتِهِ، وما هو غِنَى مَجدِ ميراثِهِ في القِدّيسينَ، وما هي عَظَمَةُ قُدرَتِهِ الفائقَةُ نَحوَنا نَحنُ المؤمِنينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قوَّتِهِ» (أفسس 1: 18، 19).ويقول القديس غريغوريوس النزينزي في عظته الأربعين عن المعمودية:"الآن لنتكلم عن الميلاد الثاني، الذي هو لازم وضروري لنا، والذي يعطى اسمه (الاستنارة) لعيد الأنوار الذي هو عيد الغطاس، فالاستنارة هي مجد النفس وتحوُّل الحياة، وهي معين ضعفنا، وإنكار اللحم (الجسد) واتباع الروح، وشركة الكلمة وتجدُّد الخليقة، وسحق الخطية وشركة النور، وانحلال الظلمة هو الانطلاق نحو الله، وهي الموت مع المسيح، وكمال العقل وقوة الإيمان ومفتاح الملكوت، وتغيير الحياة وإلغاء العبودية، وفكاك السلاسل وإعادة صياغة الانسان... الاستنارة هي أعظم وأمجد عطية لله، وكما نقول قدس الأقداس ونشيد الأناشيد لنعبِّر عن أعظم قدس وأعظم نشيد، هكذا الاستنارة باعتبارها أكثر قداسة من أيّة إنارة". نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
18 أكتوبر 2021

القرابني في الكنيسة

وكان يُدعى فيما قبل بـ"القَيِّم" أو "القائم" (والجمع قَيَمَة أو قَوَمَة) أو اقلوني (وجمعها اقلونيون). وورد ذكر هذه الرتبة الجليلة في الدسقولية، وكتب البيعة الأخرى مثل مصباح الظلمة للعلامة ابن كبر، ورتب الكهنوت للأب ساويرس ابن المقفع، والجوهرة النفيسة، وفي قوانين البابا أثناسيوس والفديس باسيليوس، وغيرها من المصادر، حيث ترد رتبة القيّم ضمن رتب الكنيسة، ويقيمه الأب الاسقف على احتياجات البيعة، من تجهيزها وتنظيفها والمساعدة في حراسة الأبواب، وإعداد ما يحتاجه الكاهن للقداس من بخور وشمع وأباركة وقربان وفحم وغيرها. ولكن مع الوقت صار هناك من يقوم بتنظيف الكنيسة، كما صار هناك من يُدعى "الكنائسي"، وهو المهتم بالكنيسة لا سيما الهيكل وترتيب احتياجات الكنيسة في المناسبات المختلفة من كتب وأدوات، بينما أصبح إعداد القربان مسئولية شخص بعينه، صار اسمه الوظيفي "القرابني". ويُخبَز القربان في الكنيسة، واذا لم يكن هناك مكان فليُخبز مؤقتًا في منزل الكاهن أو القرابني على ألّا تشترك امراة في إعداده وخبزه.وهو عمل هام جدًا يُشترط فيمن يقوم به أن يكون في حالة لياقة جسدية وروحية، ويدقّق الآباء في اختياره، ويطمئنون على حياته الروحية وسيرته، ويُشترط ألّا يكون سكيرًا سليط اللسان نمّامًا. وورد أنه يجب ألّا يظن القرابني في نفسه أن شغله في الكنيسة يقوم مقام الصلاة، لأن الصلاة صلاة والشغل شغل. ويسلمونه كيف يسلك بقداسة بدءًا من ترك حذائه خارج "بيت لحم" (المكان الذي يُصنَع فيه القربان)، إلى تلاوة المزامير طوال فترة عجن وخبز القربان. ويسلمونه أيضًا كيف تكون القربانة كاملة الاستدارة، مخبوزة جيدًا، وعليها رسوم الصلبان الثلاثة عشر واضحة مع الثلاث تقديسات.عليه أن يحبّب الناس ولا سيما الأطفال في اقتنائها، فهي تمثل الكنيسة والليتورجيا، يأكلها الشخص بفرح ويحملها إلى بيته، وينتظرها في المنزل الذين لم يتسنَّ لهم حضور القداس. وبينما هو يعدّ القربان يتمنى أن تكون كل قربانة (بما فيه القربان الذي يُباع للشعب) هي التي سيختارها الكاهن "حملًا بلا عيب" لتصبح جسد المسيح.ويُنبَّه عليه أنه لا يجوز أن تزيد المدة الزمنية بين خبز القربان وتقديم الحمل عن ثلاث ساعات. ويصبح القرابني مع الوقت خبيرًا في انواع الدقيق، ونِسَب الدقيق مع الماء، ووقت التخمّر، وموعد الوضع في الفرن، ومستوى النار، والتنفيس (البختشة) وغيرها، ليخرج القربان مثاليًا.وأتذكر أننا كنا نحتفظ بالقربانة التي نشتريها يوم خميس العهد طوال العام، ربما لعلاقة ذلك بالعهد الذي أسسه الرب على جسده ودمه الأقدسيْن «لأنَّ هذا هو دَمي الّذي للعَهدِ الجديدِ الّذي يُسفَكُ مِنْ أجلِ كثيرينَ لمَغفِرَةِ الخطايا» (مت26: 28)، وتظلّ تذكارًا لذلك.ولجلال الرتبة يذكر التاريخ أن الأنبا مرقس كان يعاتب أحد الباشوات المشاهير على أمر ما، فرد قائلاً: "أنا مش قرابني عندك علشان تكلمني باللهجة دي"، فرد عليه الأنبا مرقس: "القرابني هو واحد من أعمدة الكنيسة، ولو مافيش قرابني بطلت خدمة المذبح لافتقاره إلي القربان الذي يحوله الروح القدس إلى جسد المسيح له المجد". والتاريخ الكنسي ثري بالقصص المتواترة عن القرابني والقربان، وأكثرها حول الآباء السواح الذين يحضرون بين وقت وآخر للحصول على قربان لإقامة القداس، حتى أن بعض الآباء في الأديرة أمر بعدم إحصاء عدد القربان حتى يأخذ السواح ما يأخذونه دون عمل شوشرة وكشف سرّهم، ويصبح القرابني سعيدًا بأن بعضًا من قرباناته قد حملها السواح. نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
11 أكتوبر 2021

الرجاء

الرجاء هو وقود الحياة، وهو البَر الذي نرنو إليه، وهو النور الآتي من نهاية النفق المظلم، وهو الدالة التي لنا عند الله، وهو الثقة في إمكانياته وإمكانية التغيير، وهو التعلق بما هو آتٍ، والصخرة التي في عرض بحر عالمنا المضطرب، وبه ننحلّ من رُبُط الفشل الراهن، وهو الابتسامة التي تداعب المخيلة، والباب الذي لا يوصد، والكنز الذي لا يفنى، والمحرك الذي يقود ويجذب ويرفع، هو دواء الفشل والحزن والقلق، الرجاء هو الله .«لأنك أنت هو رجاؤنا كلنا» (أوشية الإنجيل). نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل