المقالات

30 أبريل 2019

القيامة الفريدة

حقًا إنها قيامة فريدة قيامة الرب يسوع من بين الأموات. فهي قد حدثت مرة واحدة. ولم تحدث قبل ذلك، ولن تحدث قبل لك، ولن تحدث إلى الأبد ، ذلك لأن قيامة الرب اتسمت بسمات ثلاث فريدة، حيث أن الرب:- 1. قام ولم يمت ولن يموت. 2. قام بقدرته الذاتية. 3. قام بجسد ممجد. 1. قام ولم يمت ولن يموت: لأن كل الذين قاموا من بين الأموات ، في كل العهود، تسلط عليهم الموت بعد أن عادوا إلى الحياة،وتمكن منهم، وأماتهم مرة أخرى. إلا أن الرب يسوع، الذي بعد أن قام ظل يظهر لتلاميذه أربعين يوما، ثم صعد إلى السموات أمام أعينهم، ليبقى حيا إلى أبد الآبدين.وهذا ما أعلنه لنا معلمنا يوحنا اللاهوتي، حين التقى بالرب في رؤياه، وسمع منه هذه الكلمات: "أناهو الأول والآخر، والحي وكنت ميًتا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين" (رؤ 17:1-18)وكان هذا أمرا طبيعيا، فالبشر حين يموتون، فهم عموما تتحلل أجسادهم، ويخضعون لعوامل الفناء،ويتحكم فيهم الموت، وذلك بسبب الخطية التي تسللت إلى الجسد الإنساني منذ البداية، وأصبحت تنخر في لذلك فحتى إذا سمح الله بقيامة إنسان، إلا : عظامه حتى إلى النخاع، و"أجرة الخطية هي موت" (رو 23:6)أن الخطية الكامنة في الجسد الطبيعي، تظل تعمل فيه ليموت مرة أخرى. وهي محبة عجيبة من الله، ذلك أن الجسد الذي نموت به، غير الجسد الذي سنقوم به جديدا روحانيا خاليا من لوثة الإثم. فالموت معبر إلى القيامة، والجسد- حين نواريه التراب- يكون كبذرة دفناها، لتعطينا ثما را جديدة.أما السيد المسيح- له المجد- فكان جسده بلا خطية، ولذلك لم يستطع الموت أن يمسكه، ولا الهاوية أن تقبض عليه، بل أنه قام بجسده ونفسه، ولكن بصورة نورانية، لا يسيطر عليها الموت.وشكرا لله، فحتى من يرفضون ألوهية المسيح، لا ينكرون حياته المستمرة الخالدة، فهو حي،وسيستمر حيا إلى الأبد ومن هو الحي إلى الأبد إلا الله؟! 2. قام بقدرته الذاتية: وهذا فرق خطير آخر بين كل من أقيموا من بين الأموات، وبين الرب الذي قام بنفسه. كلهم قاموا بقدرة خارجة عنهم، قدرة الله التي تعمل في قديسيه، لمجد اسمه، ولأهداف روحية معينة. لقد أقام أليشع النبي ابن الشونمية متمددا عليه ومصليا لله ( 2 مل 34:4)، بل إن عظامه أقامت ميًتا حين تلامس جسده معها ( 2 مل 13: 21 ). وفي العهد الجديد، أقام بطرس طابيثا بصيحة مؤمنة "يا طابيثا قومي" (أع 9 :40) وأقام بولس أفتيخس بأن عانقه واحتضنه (أع 9:20-12) وحتى السيد المسيح له المجد، بعد أن أقام عددا لايحصى من الأموات ( ابنة يايرس– ابن أرملة نايين– لعازر، ومن أقامهم يوم صلبه ومكثوا في القبور حتى قيامته ثم ظهروا لكثيرين) ، إلا أنه سمح بالقيامة ثم تركهم لموت آخر، حبا منه حتى لا يظلوا أحياء بجسدالخطية، بل لابد من أن يشتركوا في القيامة العامة، ويأخذوا الجسد النوراني الذي لا يموت.أولئك قاموا بقدرة خارجة عنهم، بصلوات قديس، أو ضراعة صديق، أما يسوع فقام بسلطانه الذاتي،سلطان لاهوته المتحد بناسوته المسجى في القبر. و كما نقول في "القسمة السريانية": "وانفصلت نفسه عن جسده ، إلا أن لاهوته لم ينفصل قط، لا من نفسه ولا من جسده". نعم، فاللاهوت لا يموت، وهو غير محدود،وحين انفصلت نفس المسيح الإنسانية من جسده الإنساني مات الناسوت، ولكن اللاهوت غير المحدود، والموجود في كل مكان، ظل متحدا بنفسه التي نزلت إلى الجحيم لتطلق المسبيين، وبجسده المسجى في قبرجديد. وفي اللحظة المعينة، استطاع اللاهوت أن يضم النفس إلى الجسد بعد أن أتمت مهمة إطلاق الأسرى،وبعد أن أتم الجسد مهمة سفك الدم لغفران الخطايا.يا للمجد الذي نحيا يا ربنا ، بسبب قيامتك الفريدة، يا من مت من أجل خطايانا، وقمت من أجل تبريرنا... لك المجد! 3. قام بجسد ممجد: وهذا فرق ثالث خطير يجعل قيامة الرب فريدة في نوعها، فكل الذين قاموا، قاموا بأجساد عادية قابلة للموت، وحتى للخطية. أما الرب يسوع فقام بجسد ممجد ، روحاني ونوراني في طبيعته، لا يتسلل إليه المرض، ولا يطاوله الموت، لا تدخل إليه الخطية، ولا تقترب منه عوامل الفناء. إنه جسد حقيقي، ولكنه اكتسب خصائص روحانية ونورانية جديدة، كيف لا... وهو الجسد الذي سيصعد به إلى السماء، ليسكن في عالم الروح والنور إلى الأبد؟! إنه الجسد الذي تحدث عنه معلمنا بولس، مؤكدا لنا أننا سنتغير إلى صورته، حين قال: "الذي سيغيرإنه الجسد الذي لا يخضع لمقاييس الحس : شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده" (في 21:3) والمكان والزمان، يدخل والأبواب مغلقة، وينتقل في خفة ويسر رغم أنف الجاذبية الأرضية. إنه الجسد الذي وعدنا به الرب حين قال: "مجد السمويات شيء، ومجد الأرضيات آخر... هكذا أيضا قيامة الأموات: يزرع في فساد، ويقام في عدم فساد، يزرع في هوان، ويقام في مجد، يزرع في ضعف، ويقام في قوة، يزرع جسما حيوانيا، ويقام جسما روحانيا... وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضا صورة السماوي"... "الإنسان الأول من الأرض ترابي، والإنسان الثاني الرب من السماء" ( 1 كو 35:15-50) إنه الجسد الذي يحيا بلا طعام، ولا يجسر الشيطان أن يقترب إليه. ومع أننا رأينا السيد المسيح- بعد القيامة- يأكل مع تلاميذه، أو يطلب منهم أن يلمسوه ليتأكدوا أنه "لحم وعظام"، إلا أن ذلك مجرد معجزات حسية، فيها أكسب الرب جسده الروحاني أبعادا محسوسة، حتى يتأكد التلاميذ من حقيقة القيامة، وأنه قام بنفس جسده الذي مات به. إنه تماما كالملاك الذي ضرب جنب بطرس، وقاده إلى خارج السجن، مع أن الملاك روح، ولكن الله أعطاه أبعادا حسية مؤقتة لغرض محدد. وهكذا تيقن التلاميذ من قيامة الرب، ومن رب القيامة. نعم... قام المسيح، والمسيح أقام نفسه بنفسه... هو الله الظاهر في الجسد لفدائنا وتعليمنا.مباركة قيامة الرب ومبارك رب القيامة.ومباركة كل نفس اتحدت به، لتحيا له ومعه،إلى أبد الآبدين. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب عن كتاب براهين القيامة
المزيد
25 فبراير 2019

لماذا نصــــوم

هل كانت هناك اصوام ثابتة فى مواعيد محددة فى العهد القديم ؟ أن الصوم فى مواعيد محددة تعليم كتابى فقد حدد الرب اصوام ثابتة لشعبه فى العهد القديم فقد ذكر فى سفر زكريا النبى صوم الشهر الرابع و صوم الشهر الخامس وصوم السابع و صوم العاشر (زك 19:8) و الحكمة يا ابنى فى تحديد مواعيد الصوم هو تنظيم العبادة الجماعية . هل في العهد الجديد اشارة إلى الصوم ؟ ( أ ) صام الرب يسوع أربعين يوما و أربعين ليلة (مت 2:4) صام عنا و قدم لنا مثالا لتتبع اثر خطواته . (ب) صام الرسل قبل القداسات (اع 2:13) . (ج) صاموا أيضا عند اختيار الخدام ورسامتهم (أع3:13،27:14) . ( د) الصوم فى وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول لروما . (أع 21:27) . هل جميع هذه الاصوام ذكرت فى العهد الجديد وان لم تذكر جميعها فلماذا نصومها ؟ الانجيل مسلم للرسل فما لفم و لم تدون كل تعاليم السيد المسيح ( يو 30:20-31 ،25:21) كما أن الانجيل قد تم تدوينه بعد فترة من صعود السيد المسيح ونحن نضع تعاليم آبائنا الرسل " كإنجيل شفاهى " يكمل ما حفظ لنا فى الانجيل الكتابى و نحترم و نطيع و نسمع ونقبل تلك التعاليم كاحترامنا و طاعتنا و قبولنا و سمعنا للرب نفسه (لو 16:10) . ويذكر الأنجيل يا أن المؤمنون قد تسلموا تعاليم الكنيسة من الرسل وخلفائهم . (1كو23:11،34،2تس15: 2،2تى2:2،فى9:4،2يو:12) . ومن ثم نتسلم قوانين الآباء البطاركة القديسين الذين رتبوا الاصوام الباقية للآن و نقول كما قال القديس اغسطينوس أن عادتنا لها قوة القانون لأننا تسلمناها من أناس قديسين . ماذا يحدث للإنسان لو لم يصم مع الكنيسة ؟ المسيحى الحقيقى يا ابنى هو عضو فى جسد السيد المسيح الذى هو الكنيسة و هو لا يشذ عن الجماعة لأن العضو إذا خرج عن الجسد يفسد و يسبب للجسد آلاماً مبرحة…… المؤمن سيصوم لأن الكنيسة تصوم فهو منها ومعها وفيها. فالمفروض يا أن تطاع الكنيسة كما يطاع الله فقد قال الرب لتلاميذه "من يسمع منكم يسمع منى" (لو16:10) وان تصام الاصوام كاملة كما هى مقررة من قديم الزمان أما من تمنعه ظروفه الصحية فليعرض أمره على أب اعترافه ليأخذ منه حلا ولا يصح أن يختصر أيام الصوم من تلقاء نفسه يفطر ويصوم كما يشاء ، بل هناك تدبير روحي مع أب الاعتراف . - يقول البعض أن السيد المسيح لم يحتم الصوم بل تركه للظروف بقوله " متى صمتم " فلماذا نصوم فى أوقات ثابتة "سنويا" ؟ أن كلمه متى يا تفيد التحقيق والتأكيد وليس الشك ، بحيث يكون فى حكم الواقع المحتم مثل قول الرب : "متى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه" (مت31:25) . وقوله لبطرس " متى رجعت ثبت اخوتك " (لو23:22) . فواضح من ذلك أن بعد كلمة "متى" حقائق مقررة ووقوعها محتم وقد حدد الرب أوقاتا معينه للصوم (لا29:16، زك19:8، لو12:18) .وحدد الرب يسوع له المجد موعد بدء صوم الرسل بعد صعوده عنهم إلى السماء (مت15:9) وهذا ما تم فعلا (اع13،14،27) . أمر الرسول بولس المؤمنين بالصوم (1كو5:7). ويجب الخضوع للترتيب الكنسى الذى وضعه الرسل وخلفائهم. الصوم يجب أن لا يتكرر سنويا ويجب أن يمارس فى وقت الضيقات فقط؟ الصوم كالصلاة و الصدقه يجب أن يتكرر فى موعده وكما سبق و قلت لك يا ابنى أن الرب حدد أوقاتا معينه للصوم وذلك لما للصوم من فوائد روحيه كثيرة. كما أن الصوم الجماعى يا ابنى هو تعليم كتابى ويدل على وحدانية الروح فى العبادة وفى التقرب إلى الله . كما أننا يا ابنى فى حرب دائمة مع الشياطين لذلك فنحن فى حاجة دائمة إلى الأسلحة الروحية المختلفة لمقاومتهم ومن هذه الأسلحة الصوم لذلك يجب التعود على أوقات الصوم فى أوقاته المعينة وعدم تركه للظروف أو قصره على أوقات الضيقات . هناك بعض الأشخاص يرفض الصوم نهائيا بزعم أن القديس بولس الرسول قد رفض الامتناع عن أكل معين بقوله " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب " (كو16:2)؟ إن قصد القديس بولس الرسول بهذه الآية هو عدم التمسك بالنظرة اليهودية بتقسيم الطعام إلى نجس و طاهر فهو لم يقل " لا يحكم أحد عليكم فى صوم " إنما عن هذه الاطعمه المعتبرة نجسة ودنسة قال الرسول بولس " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب " وذلك لان فى بداية الإيمان بالمسيحية كان أول من دخل المسيحية هم اليهود فأرادوا تهويد المسيحية أى أن من يدخل فى المسيحية عليه ان يمارس كل العادات اليهودية مثل النجاسات والتطهير وحفظ السبت والاحتفال بالهلال وأوائل الشهور والأعياد اليهودية مثل الفصح والفطير والأبواق والمظال ويوم الكفارة فأراد بولس الرسول مقاومة تهويد المسيحية و لذلك قال " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التى هى ظل الأمور العتيدة " إذن لم تكن مناسبة حديث عن الصوم و إنما عن العادات اليهودية التى يريدون إدخالها إلى المسيحية .. قال احدهم بنوع من الاستخفاف هل ربنا قال للناس عندما تصوموا كلوا عدس وفول وبصارة ؟ نعم حدد الرب أنواعا معينة من الطعام تؤكل فى الاصوام كما يلى : (أ) أمر الرب حزقيال النبى بالصوم ثم الإفطار على القمح " البليلة" والشعير والفول والعدس والدجن " الذرة الرفيعة " والكرسنه " الكمون " . (حز9:4) . (ب) صام دانيال عن أكل اللحوم وشرب الخمر (دا12:1) كما صام مع أصحابه الثلاثة وافطروا آخر النهارعلى القطانى "البقوليات" (دا8:1-16) . (ج) صام داود النبى بالزيت وقال " ركبتاى ارتعشتا من الصوم ولحمى هزل عن سمن " (مز24:109) . عارف يا الصوم فى كنيستنا ليس هو مجرد طعام نباتى إنما هو انقطاع عن الطعام فترة معينه يعقبها أكل نباتى من اجل لذة محبة الله وحفظ وصاياه بحب وفرح دون ضغط أو إكراه. لماذا تصوم الكنيسة الصوم الكبير؟ الصوم الكبير يا ابنى له المقام الأول والمنزلة الكبرى بين الاصوام الكنسية و الكنيسة تمارس هذا الصوم تذكارا لصوم المخلص الذى صامه وأيضا اقتداء بالسيد المسيح فى مسلكه هذا فالرب يسوع لم يكن محتاجا للصوم وإنما هو صام عنا لكي يعطي قوة لصومنا فيصبح (صومنا) صوماً مقبولاً أمام الأب السماوي لذلك يجب أن نتمثل به. وأيضا بهذا الصوم يستعد المؤمنون استعدادا روحيا كبيرا لأسبوع الآلام والاحتفال بقيامة الرب يسوع من بين الأموات نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
04 فبراير 2019

تقديس الفكر

هناك حرب فكرية يحيا فيها الإنسان تسير على شقين: شق سلبى: هو الفكر الردىء فأسره وأجعله يخضع لطاعة المسيح وفكر المسيح الشق الثانى: أو المستوى الأعلى أن يكون لنا فكر المسيح. 1- أهمية الفكر فى الحياة الإنسانية : فى البدء كان الكلمة أذن فكر الله اللوغوس ازلى فالكلمة دائماً هى المحرك والقائد للكون لأن خلقة الأرض بكلمة من فيه، لآن الله عاقل وعقله غير محدود، حكيم وحكمته غير محدودة أزلية، أبدية، لانهائية خلق الإنسان مفكر وعاقل، وهذا هو الفرق بينه وبين الكائنات الأخرى وإذا كنا نسمى: ? الآب: الحكيم. ? الإبن: الحكمة. ? الروح: هو روح الحكمة. الحكمة بنت بيتها... الرب قنانى أول طريقه وأول طريق الاب هو الأزلية وفى سفر الأمثال يقول منذ الأزل. الله خلق الإنسان على مثاله فى الحكمة. إذن الفكر له دور كبير فى الحياة يتلخص فى 4 نقاط: الفكر هو بداية الفعل والعادة : أى شئ افكر فيه هو ما سأنفذه والإنسان يفكر فى الشىء فينفعل به فينفذها ويتحرك وهذه الحركة هى آخر شئ والفكر هو أساس الفعل وأساس تكوين العادات. الفكر هو واضع خطوط الحياة : أن الإنسان يفكر ويرسم الخط ثم يسير عليه ليس فقط فعل مؤقت أو متكرر لكن هذا تخطيط العمر، إنسان مثلا وضع فى فكره أن يعيش مع الله، فتصبح هذه إستراتيجية حياته وهذا ما يسموه فى علم النفس اتجاه. فمن أخطر الأمور هو الفكر لأنه يخطط للحياة كلها والحياة تمتد إلى الأبدية. الفكر تعبير عن القلب : ليس فقط فكر أنفذه لكن أيضاً تعبير عن المشاعر من القلب تخرج أفكار شريرة، فينبوع الفكر من القلب وفى اللغة القبطية كلمة هيك تعنى قلب وفكر فى وقت واحد إذن هناك رابطة وثيقة بين الفكر والشعور فالقلب المملوء بمحبة ربنا يفكر فى الناس بطريقة جديدة. الفكر يضبط العلاقات : طالما أن فكرى ضبط شعورى فشعورى يضبط علاقاتى فالتفكير الإنسانى خطير جداً فى حياة البشر. 2- أنواع الأفكار : هناك أفكار سلبية وأخرى إيجابية: 1- الشهوة. 2- الإدانة: أصبح يدين الناس وليس نفسه وهو حيلة دفاعية تدل على وجود تعب نفسى وروحى ومنطقى. 3- التميز: الشعور انى افضل وهو طريق الى الكبرياء والكبرياء يعقبها السقوط. 4- الفردية: وهو فكر غير كنسى وغير كتابى وغير مسيحى وغير حكيم وغير ناجح عملياً الإنسان الفرد الذى لا يعيش إحساس الفريق وإحساس الكنيسة الجماعى. الفردية ثقة فى النفس زائدة تدل على كبرياء ضحالة روحية بينما الجماعية معناها أنى غير واثق فى نفسى بل واثق فى الله وروح الله العامل فى الجماعة. 5- الحسد: وهو عمق الذاتية انا منحصر داخل نفسى ولا أحتمل نجاح غيرى ويوجد شوق لزوال النعمة عن المحسود وأتمنى ان يفشل. 6- الغيرة: لماذا غيرى عنده شئ غير موجود عندى وهذا ذاتية خاصة أننى عندى أشياء أخرى وعطايا أخرى أستفيد منها واستثمرها فالغيرة طالما لمجد ربنا حسنة هى الغيرة فى الحسنى. هذه كلها أفكار سلبية ممكن أن تملا الفكر، تظهر فى الفعل، تغمر المشاعر، توتر العلاقات. شهوة: أعطينى حياة الطهارة. إدانة: أعطينى أن أدين نفسى. تميز: كلها عطاياك. فردية: علمنى أن أكون جماعى. حسد: احمينى من السقوط فى هذه الخطية. غيرة: أجعلها تكون غيرة فى الحسنى وليس غيرة للذات. الأفكار الإيجابية : أما نحن فلنا فكر المسيح: 1- فكر التوبة: فالتوبة فكرة وليست مشاعر لأن التوبة القائمة على التفكير أفضل من المشاعر مثل الإبن الضال الذى درس وقارن واقتنع، وكلمة تاب تعنى ثاب أى شخص استيقظ وفكر. التوبة هى رجعة قلب لربنا كل لحظة سواء تاب بعد ما أخطأ أو أثناء الخطأ يعنى رجع لربنا نادم أو قبل الخطأ فعندما تصبح التوبة خط أو اتجاه للحياة تحكم كل علاقاتى بربنا ويصبح الإنسان تواب ويأخذ كل كسرة نفس من ربنا وليس من إنسان فيفرح بها، (الرب قال له سب داود). 2- فكر أهمية الشبع: علينا أن نرسم خطة للشبع لو وضعنا فكر الشبع أمامنا حتى لا أعيش فى تفريغ مستمر وأبحث عن طرق لأشبع من ربنا. 3- فكر القداسة: فرق بين فكر عدم عمل الخطايا وبين القداسة فعندما أضع أمامى فكر القداسة أستكبر فعل الشر وشبه الشر الإنسان الأرثوذكسى دائماً حزين لأنه ليس قديساً. 4- فكر العطاء: الإنسان سمع السيد المسيح يقول مغبوط هو العطاء فبدأ يضع فى فكره أن يعطى لا يأخذ وهذه تغير وتصنع انقلاب فى حياة الإنسان فعندما يكون الإنسان عنده فكر العطاء يكون دائم عدم الرضا عن النفس وهو بمعنى أنه غير راض عن نفسه. 5- فكر الموت والأبدية: مثل الأم سارة التى كانت تضع فكرة الموت فى كل لحظة. هذه كلها أفكار إيجابية لو أن الإنسان ملا بها ذهنه تغير حياته. 3- الأفكار لها رئيس : أحسن طريقة تكشف لى أفكارى هى السرحان يختبر أفكاره فى أى اتجاه فى الشهوة الإدانة. 4- كيف يكون لى فكر المسيح : 1- إسقاطات النعمة: من خلال الصلاة فالإنسان الذى عيني فى عين المسيح ودائما فى شركة معه يأخذ فكر المسيح (هؤلاء الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك لم يحتملوا السكنى بين الناس بل ألقوا عنهم كل حب جسدانى). الخطر ان أعيش وحدى ولكن أن يجب أن يكون بينى وبين المسيح ال hot lin أى الخط الساخن وهذا يكون من خلال الصلاة وهذه تجعل المسيح سريع الحضور وسريع الاستكشاف وسريع الاستشعار، هذه أول وسيلة لاقتناء فكر المسيح. 2- الكتاب المقدس: فتح كلامك ينير الجهال لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى أى مصادقة الكتاب وشخصياته ووعوده. 3- القراءات الروحية: كثرة القراءة تقوم العقل الطواف. 4- المحاسبة اليومية: أن يضع الإنسان نفسه تحت أضواء الفحص الإلهى أن رأيت فى ميلاً باطلاً أهدنى طريقاً أبدياً. إذن المحاسبة اليومية فى حضرة المسيح. 5- الاعتراف: أعطى فرصة لأب الاعتراف أن يقول لى بعض الأخطاء الموجودة فى وأنا لا ألاحظها. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
28 يناير 2019

الميلاد يجدد الإنسان

الميلاد يجدد الإنسان الإنسان : روح وعقل ونفس وجسد وعلاقات 1. روح تشبع بالله. 2. وعقل يستنير بنوره. 3. ونفس تنضبط بطاعة وصاياه. 4. وجسد يصح بالسلوك السليم. 5. وعلاقات تنجح بقيادة الروح القدس. وهذه الزوايا الخمس، فى الشخصية الإنسانية، هى نفس الزوايا الخمس، التى ذكر الكتاب المقدس، أن الرب يسوع، الكلمة المتجسد، كان ينجو فيها منذ طفولته المبكرة، إذ يقول معلمنا لوقا: "أما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة، والقامة، والنعمة، عند الله، والناس" (لو 52:2). • الحكمة = النمو العقلى. • القامة = النمو الجسدى. • النعمة = النمو النفسى. • أمام الله = النمو الروحى. • والناس = النمو الإجتماعى. ولاشك أن تجسد السيد المسيح، كان فيه شفاء للنفس البشرية، وإنماء لكل مكوناتها، وتقديس لكل زواياها الخمس فالميلاد :- يشبع الروح. ينير العقل. يضبط النفس. يصح الجسد. ينجح العلاقات. الميلاد يشبع الروح "من يقبل إلىّ فلا يجوع، ومن يؤمن بى فلا يعطش إلى الأبد" (يو 35:6) هى ذلك العنصر الإلهى فى الإنسان فالإنسان فى الأصل نفخة قدسية إلهية، استودعها الله فى الجسد الترابى لفترة، إلى أن يتجدد الجسد بالقيامة، ويصير جسداً روحانياً سمائياً نورانياً مقدساً، متحداً بالروح وقائماً إلى سماء المجد!!الروح هى العنصر الذى نختلف به عن كل الكائنات، فهو الذى يصل بنا إلى الإلهيات، والإيمانيات، والماورائيات: ما وراء المادة،وما وراء الزمن، وما وراء الطبيعة، وما وراء الكون، وما وراء الموت!!إنها العنصر الميتافيزيقى (الما وراء المادى والطبيعى)، الذى به يعيش الإنسان وفيه ضمير هو صوت الله فى الداخل، وبصمة القدير فى الأعماق الروح هى الجسر الذهبى بين الإنسان والله، فمن خلاله يعبر الإنسان إلى الإلهيات والأبديات والسمائيات، ويصل إلى الخلود، ليحيا مع الله فى أبدية سعيدة، بلا نهاية!! الميلاد.. والروح : لاشك أن ميلاد المسيح كان وما يزال، سيظل إلى الأبد المعبر الوحيد بين: الإلهى والإنسانى. الأبدى والزمنى. السمائى والأرضى. الروحى والمادى. لقد شابهنا الرب يسوع - فى ميلاده وتجسده - فى كل شئ، ما خلا الخطيئة وحدها فكان هو: اللاهوت الكامل = اللوغوس، الكلمة، الأقنوم الثانى. والناسوت الكامل = روح إنسانية + نفس إنسانية + جسد إنسانى، ولكن بلا خطية. لقد قدس الروح القدس، كل قطرة دم، أخذها جسد الرب من أمنا العذراء، لذلك جاء الجسد ناسوتاً كاملاً، ولكن بلا خطية، ليصلح للفداء، وليتناسب مع الإلوهة الحالة فيه!! الرب يسوع جمع فى نفسه الإلهى مع الإنسانى، "لأنه فيه سر أن يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كو19:1) والسمائى مع الأرضى "فليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذى نزل من السماء، إبن الإنسان الذى هو فى السماء" (يو13:3) والروحى مع المادى، ففيه كل ملء اللاهوت، وفيه روح إنسانية مثلنا، بلا خطيئة، فاللاهوت لم يحل محل الروح الإنسانية،وإلا ما كان المسيح مشابهاً لنا فى كل شئ،ما خلا الخطيئة وحدها، واللاهوت هو فى اتحاد كامل مع الناسوت، المكون من روح إنسانية، وجسد إنسانى محسوس، وهكذا يكون الرب، قد جمع بتجسده بين الروح والمادة وهكذا اصطلحت كل هذه الثنائيات فى تجسد المسيح وصرنا نرى جوقة الميلاد مكونة من : الطفل الإلهى فى المزود أو فى البيت ترعاه أمه مريم وخادم سر الخلاص يوسف وحوله المجوس وقد قادهم نجم من السماء وقبلهم الرعاة وقد بشرتهم ملائكة العلى نعم السماء والأرض اتحدتا!! المحبة والعدل تلاثما!! كيف تشبع روحى؟ تشبع كلما رفعت أكفف الضراعة والصلاة، وأنين القلب، وأشواق الوجدان، ومناداة المسيح وكلما تناولت من جسده ودمه الأقدسين أو قرأت بالكتب الروحية أو تأملت بالكتب الروحية أو صمت، فانضبط الجسد، وانطلقت الروح أو خدمت، فتلامست مع أعضاء المسيح المجروحة والمتأملة... أو رنمت وسبحت، فجلست فى صفوف السمائيين!! إن ميلاد المسيح هو فرصة شبع روحى ممتازة، لمن جعل من عيد الميلاد فرصة تأمل ودراسة وتناول وخدمة... فنحن لا نكون فى الميلاد... إلا إذا كسونا عرياناً، أو زرنا مريضاً، أو خدمنا محتاجاً، أو رفعنا ظلماً، أو أنرنا طريقاً، أو أطعمنا جائعاً، أو أشبعنا روحاً... وطوبى لمن يعطى كما أعطى المسيح!! فالمسيح أعطانا تنازلاً إلهياً، من السماء إلى الأرض، وحباً لا نهائياً، حتى إلى سفك الدم، وروحاً قدوساً يقودنا نحو الملكوت. هذا ما أعطاه المسيح... فماذا أعطينا نحن؟! الميلاد ينير الذهن "الجالسون فى كورة الموت وظلاله، اشرق عليهم نور" (مت 16:4). الميلاد... والنور صاحب الميلاد باستمرار... فالنبوة قالت: "الشعب الجالس فى الظلمة، أبصر نوراً عظيماً والجالسون فى كورة الموت وظلاله، أشرق عليهم نور" (مت16:4)، (أش 2:9). وقالت أيضاً: "يبرز كوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل" (عد 17:24). لهذا ظهر النجم للمجوس، الذين انتظروه مئات السنين حسب النبوة، وجاءوا قائلين: "رأينا نجمه فى المشرق، وأتينا لنسجد له" (مت 2:2). ولما غاب النجم عنهم إلى لحظات، بعد أن وصلوا إلى أورشليم، استعاضوا عنه بنور النبوة: "وأنت يا بيت لحم، أرض يهوذا، ولست الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منك يخرج مدبر، يرعى شعبى إسرائيل" (مت 6:4) وكان ذلك إلى حين، حتى يعرف اليهود أن المسيا قد ولد ثم عاد وظهر لهم من جديد، فى الطريق إلى بيت حم، "فلما رأوا النجم، فرحوا فرحاً عظيماً جداً" (مت 10:2)، "وإذا النجم ساطعاً، ووقف فوق حيث كان الصبى" (مت 9:2).. وكان النجم ساطعاً، وذو مسار مختلف، ومنخفضاً لدرجة الشارة إلى البيت الذى كان الرب فيه الرعاة أيضاً وقف بهم ملاك الرب، "ومجد الرب أضاء حولهم" أنه نور البشارة!! إنها أضواء السماء!! كيف نستنير؟ كلما قرأنا كلمة الله : "فالوصية مصباح، والشريعة نور" (أم 32:6). سراج لرجلى كلامك، ونور لسبيلى (مز 105:119). "فتح كلامك، ينير الجهال" (مز 130:119). كلما وقفنا أمامه فى الصلاة "لو وقفوا فى مجلسى، لأخبروا شعبى بكلامى، وردوهم عن طريقهم الردىء" (أر 22:23). "الرب هوالله، وقد أنار لنا" (مز 27:118). "أنر عينى، فأرى عجائب من شريعتك" (مز 18:119). "أضئ بوجهك على عبدك، وعلمنى فرائضك" (مز 135:119). وكلما قرأنا الكتب الروحية وأقوال وسير الآباء : "أتعب نفسك فى القراءة، فهى تخلصك من النجاسة" (القديس أنطونيوس). "كثرة القراءة، تقوم العقل الطواف" (القديس أنطونيوس). كلما حضرنا الإجتماعات الروحية : "متى اجتمعتم فكل واحد له مزمور، له تعليم... فليكن كل شئ للبنيان" (1كو 26:14) "كانوا يواظبون على تعليم الرسل،والشركة، وكسر الخبز، والصلوات" (أع 42:2). • كلما طلبنا الإرشاد الروحى : "أطيعوا مرشديكم، واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم. " (عب 17:13)" كأولادى الأحباء أنذركم، لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين، لكن ليس آباء كثيرون، لأنى أنا ولدتكم فى المسيح يسوع بالإنجيل، فاطلب إليكم أن تكونوا متمثلين بى" (1كو 15:4،16) وهكذا يكون الميلاد، استنارة لأذهاننا حيث يرشدنا نجم الكلمة إلى الصبى، والصبى إلى الخلاص، والخلاص إلى القداسة، والقداسة إلى الملكوت. نيافة الأنبا موسى
المزيد
21 يناير 2019

التجسد و الاورثوذكسية

تتسم الأرثوذكسية – بالذات - بالتركيز على سرَ التجسد الإلهى، ويتضح ذلك فى أمور كثيرة مثل: 1- تهتم الكنيسة جداً بشرح هذا السّر لشعبها، ليعرفوا ما لهم فيه من: تعليم، وفداء، وسكنى إلهية فينا، وتأسيس للكنيسة المقدسة، جسد المسيح وعروسه. 2- تقدم الكنيسة حياة الرب يسوع كاملة، فى سّر الافخارستيا، منذ اختيار حمل بلا عيب، إلى مسحه بالماء، ثم تقميطه، ثم الدوران به حول المذبح إشارة للكرازة،ثم موته، ودفنه،وقيامته المجيدة!! 3- وتحرص الكنيسة أن تقدم لنا الافخارستيا يومياً، وذلك تنفيذاً لوصية الرب:"إصنعوا هذا لذكرى" (لو19:22).ومن غير المعقول أن نتذكر الرب كل بضعة أشهر، بل من المناسب أن نفعل ذلك يومياً. 4- والذكرى هنا ليست فكرية أو معنوية، بل من نفس نوع ما قدمه الرب بي ديه الطاهرتين، فى خميس العهد،جسداً هو "مأكل حق"، ودماً هو "مشرب حق" (يو55:6).تماماً كما وضع بنو اسرائيل بعض المن، فى قسط خاص،فى تابوت العهد، وذلك من نفس المن الذى كان ينزل من السماء لغذائهم، إشارة للمن السماوى، جسد الرب ودمه. 5- ولقبت الأرثوذكسية السيدة العذراء "بوالدة الإله"، إيماناً منها بأن المولود من أحشائها ليس مجرد إنسان، بل هو الإله المتجسد، أو الكلمة المتأنس. 6- واستمرت الكنيسة تطوَّب أم النور، تتميماً لما قالته بالروح القدس: "هوذا منذ الآن، جميع الأجيال تطوبنى" (لو 48:1)... وهذا ما نفعله كل يوم، وبخاصة فى التسبحة اليومية، وبالذات فى شهر كيهك. 7- إن تمجيدنا لسر التجسد، هو تمجيد لرب المجد يسوع الذى تجسَد لخلاصنا، كما أنه تمجيد لهذا السّر المقدس، سّر التقوى: "عظيم هو سرّ التقوى، الله ظهر فى الجسد" (1تى16:3)... فالتجسد من أمنا العذراء هو سر التقوى البشرية، وبدونه ليس لنا خلاص!! 8- الصورة الأساسية للسيدة العذراء فى الطقس القبطى، هى صورتها واقفة عين يمين الرب، تحمله طفلاً على ذراعها، وترتدى ثوباً أزرق به نجوم، رمز السماء... وبهذا نعبر عن النبوة القائلة: "جعلت الملكة عن يمينك" (مز 9:45). 9- والبشارة الموضوعة دائماً على المذبح، وكذلك الكرسى، يحملان صورة السيدة العذراء، حاملة الطفل الإلهى. 10- والأساقفة يحملون على صدورهم صورة "الثيؤطوكوس" (العذراء والدة الإله)، تأكيداً لإيمانهم بهذه الحقيقة، ورفضهم للنسطورية التى فصلت الطبيعتين ونادت بأن العذراء هى أم المسيح "كريستوطوكوس" أى أنها والدة "الإنسان"، الذى حلّ عليه بعد ذلك اللاهوت حيناً، وتركه حيناً آخر!! سر التجسد... فى الثيؤطوكيات: ما أجمل ما ترتله الكنيسة فى الثيؤطوكيات!! وكلمة "ثيؤطوكية" مكونة من مقطعين هما: "ثيؤ" = الله، طوكوس= والدة، أى "والدة الإله"، فالعذراء حينما ولدت رب المجد، لم تلد إنساناً عادياً، بل ولدت ابناً، دعى "عجيباً مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام" (إش 6:9)، لهذا دعته بروح النبوة: "عمانوئيل" أى "الله معنا" وليس مجرد إنسان، فهو الإله المتجسد. ونحن لا نقول عن السيد المسيح أنه "إنسان تأله"، بل نقول عنه أنه "الإله وقد تأنس"، أى إتخذ جسداً، وحلّ بيننا، وأثبت فى كل تصرفاته وكلماته ومعجزاته وقداسته المطلقة، أنه الإله المتجسد!! وكمثال موجز عن حب كنيستنا القبطية لسرّ التجسد، وتطويبها لأم النور، نورد هذه الأمثلة: فى ثيؤطوكية السبت: (أيتها الغير الدنسة، العفيفة القديسة فى كل شئ، التى قدمت لنا الله? محمولاً على ذراعيها. تفرح معك كل الخليقة، صارخة قائلة: السلام لك يا ممتلئة نعمة، الرب معك. السلام لك يا ممتلئة نعمة. السلام لك يا من وجدت نعمة. السلام لك يامن ولدت المسيح. الرب معك). (من قبل ثمرتك، أدرك الخلاص جنسنا، وأصلحنا الله معه? مرة أخرى، من قبل صلاحه). (كخدر بغير فساد، الروح القدس حلّ عليك، وقوة العلى? ظللتك يا مريم. لأنك ولدت الكلمة الحقيقى، ابن الآب، الدائم إلى الأبد، أتى وخلصنا من خطايانا). (صرت سماء ثانية على الأرض، يا والدة الإله، لأنه أشرق لنا منك? شمس البر). ثم تبدأ الثيؤطوكية فى تقديم رموز التجسد فى العهد القديم، مثل: سلم يعقوب، والقبة، والتابوت... والحمامة الحسنة.. إلخ فى ثيؤطوكية الأحد: * (مدعوة صديقة، أيتها المباركة فى النساء، القبة الثانية، التى تدعى قدس الأقداس، وفيها لوحا العهد... هذا الذى تجسد منك بغير تغيير، وصار وسيطاً لعهد جديد، من قبل رش دمه المقدس، طهر المؤمنين، شعباً مبرراً. من أجل هذا كل واحد يعظمك، يا سيدتى والدة الإله، القديسة كل حين. ونحن أيضاً نطلب أن نفوز برحمة بشفاعاتك، عند محب البشر). (واحد من اثنين: لاهوت قدوس، بغير فساد، مساوٍ للآب، وناسوت طاهر،? بغير مباضعة، مساوٍ لنا كالتدبير. هذا الذى أخذه منك، أيتها الغير الدنسة، واتحد به كأقنوم). (أنت هى القسط الذهب النقى، الذى المن مخفى فى وسطه، خبز الحياة الذى? نزل من السماء، وأعطى الحياة للعالم). (الإله الحق من الإله الحق، الذى تجسد? منك، بغير تغيير). (أنت هى المجمرة الذهب النقى، الحاملة جمر النار المباركة،? الذى يؤخذ من المذبح، يطهر الخطايا، ويرفع الآثام، أى الله الكلمة الذى تجسد منك، ورفع ذاته، بخوراً إلى أبيه). وتستمر الكنيسة فى ذكر رموز العذراء والتجسد فى العهد القديم، فهى القبة، والتابوت، والقسط الذهب، والمنارة الذهبية،والمجمرة الذهبية، وعصا هرون التى أفرخت، وزهرة البخور، والمائدة الذهبية... ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن أمثلة كثيرة أخرى فى ثيؤطوكيات بقية الأيام. لكن خلاصة القول: أن كنيستنا القبطية تهيم حباً بالعذراء البتول، والدة الإله، التى ولدت لنا المسيح، مخلصنا الصالح، لهذا فهى لا تكف عن تمجيد هذا السّر الإلهى العظيم، سرّ التجسد، سرّ التقوى، وسرّ الخلود!! فبعد أن تجسد الرب وعلمنا، ثم فدانا وخلصنا، قام وصعد إلى السماء جسدياً، ووعدنا بأننا سنقوم معه بأجساد نورانية، ونرث معه فى ملكوته. أليس مناسباً أن تتهلل السماء والأرض، بميلاد الرب يسوع، وترنم جوقات السماء قائلة: "المجد لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة" (لو 14:2). فها قد تمت بشارة الملاك: "قد ولد لكم اليوم فى مدينة داود، مخلص هو المسيح الرب" (لو 11:2) فلنذهب إليه مع الرعاة الساهرين، لنقدم له العبادة والسجود... ومع المجوس العابدين، نعطيه الذهب (أغلى ما نملك)، واللبان (صلواتنا وتسابيحنا)، والمرّ (آلامنا وأتعابنا)... وهكذا نسجد عند قدميه، تصحبنا شفاعة العذراء، أم الخلاص، ومثال يوسف البار، خادم سرّ الخلاص نيافة الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
08 يناير 2019

تأملات فى عيد الظهور الإلهي

تقابل السيد المسيح أثناء كرازته مع إنسان ولد أعمى، ولم يستطع هذا الإنسان أن يتمتع بنعمة البصر إلا بعد أن قابله السيد وطلى بالطين عينيه، وأمره بالإغتسال فى بركة سلوام، مثالاً لكل البشر، الذين فقدوا بصيرتهم الروحية وإستنارتهم السماوية، وكيف أنهم سينالون الإستنارة من خلال المعمودية. إن الله لم يترك نفسه بلا شاهد (أع 17:14) بل أعلن لنا نفسه فى القديم بواسطة رموز وصور متعددة مثل: 1- ملكى صادق (تك 14) : ملك شاليم، الذى أضاء فى وسط العهد القديم، بلمحة من ضياء كهنوت المسيح. وظهر بعد ذلك الكهنوت اللاوى، حتى جاء المسيح كاهناً على رتبة ملكى صادق (مز 4:11)، ذلك الذى كان مجرد رمز للسيد المسيح، ملك السلام، والبر، وقابل العشور، وذبيحة الخبز والخمر.. الخ. 2- سلم يعقوب (تك 28) : الذى رآه فى هروبه من وجه أخيه وكان رمزاً للسيدة العذراء حاملة المسيح (يو 51:1). 3- ظهور النور (الشاكيناه) : ظهر على غطاء تابوت العهد بين الكاروبين ليعلن عن حضور الله وعن مشيئته، فالله هو النور، وساكن فى النور، وتسبحه ملائكة نور.. 4- أخيراً جاء يوحنا المعمدان : جاء كملاك يعد الطريق (مت 1:3).. ودعى السابق الصابغ والشهيد. وفى ملء الزمان كشف الله عن ذاته بطريقة باهرة، إذ انشقت السماء، وأعلن الآب عن ذاته، منادياً الابن، وظهر الروح القدس فى شكل حمامة. 1- الإعلان الكامل : أخيراً أعلن الله ظهوره النورانى الكامل الذى مهدت له ومضات العهد القديم. وازداد لمعان ذلك الظهور أثناء كرازة الرب العامة (يو 3:17)، وفى حادثة التجلى (مر 19:12-26). 2- السماء المنشقة : أ- انشقت السماء يوم عيد الظهور الإلهى، إيذانا بانتهاء عهد الظلال والرموز والظلام، وحلول وبدء عهد النور المكشوف الواضح. ب- لم تنغلق السماء منذ أن انشقت، بل ظلت مفتوحة للمؤمنين (أع 26:7)، (أع 11:10)، (2كو 12) فى رؤى للقديسين بطرس وبولس. ج- وإذ انشقت السماء نزل منها الروح القدس، ليحل على بنى البشر مصدراً للحياة، وأساساً للتعزية، يصاحب المؤمن طوال غربته. 3- الشهادة السماوية : أ- هذا هو إبنى الحبيب: هى شهادة البنوة التى أعلن بها الآب أبوته لإبنه الوحيد، ذاك الذى صار لنا به التبنى المواعيد (أف 5:1). ب- الذى به سررت: بهذا أعلن الآب كمال مسرته بإبنه، أنه قد أصبح لله مسرة فى حياة أولاده المؤمنين به، "لذتى فى بنى آدم" (أم 31:8). وهنا نتساءل: هل استنرت أنت يا أخى الشاب شخصياً فى حياتك؟ بل هل أضأت مصابيح قلبك بزيت البهجة؟ كيف؟‍‍؟! هناك وسائل هامة للإستنارة مثل: 1- إستنارة المعمودية : بدون المعمودية لا يمكن أن يستضئ قلب المؤمن، وبولس الرسول يقول عنها أنها الإستنارة (عب 4:6) التى لا تعاد. وهى حق لكل مؤمن. 2- إمتداد الإستنارة : وما أن ينال المؤمن قوة المعمودية، حتى ينطلق لممارسة كافة الأسرار الكنسية المقدسة، كالميرون والإعتراف والتناول، بل أنه يواظب على وسائط النعمة لزيادة إمتداد الإستنارة، بالإضافة إلى دراسته لكلمة الله وقراءاته الروحية، وحضوره الإجتماعات الكنيسة.. هذه كلها وسائل إستنارة. ملاحظات: ويمكن للخادم أن يناقش بعض الموضوعات الأخرى مثل: 1- عمل الثالوث القدوس فى خلاصنا. 2- اتضاع المسيح وخضوعه للناموس سواء فى الختان أو المعمودية ليكمل كل بر. 3- أهمية المعمودية والقيم الروحية التى ننالها من ممارسة هذا السر، كما أنه يمكن أن يقرأ مع المخدومين بعض مقتطفات من كتاب الخدمات الكنسية عن المعمودية. 4- يحسن أن ينبه الخادم إلى أن الميلاد الثانى بالمعمودية ليس هو التوبة وتغيير الفكر، كما تدعى بعض الطوائف، وإنما التوبة هى إمتداد عمل المعمودية فينا، ولكن الولادة الثانية هى بالماء والروح. فلنتأمل معاً فى بركات المعمودية التى نالها كل منا، ويمكنا أن نجمع مواقف وآيات من الكتاب المقدس عن مواضع إعلان الله لذاته فى العهدين، وأن طقوس المعمودية وعلاقتها بالنور مثل الملابس البيضاء، وإضاءة الشموع حول المعمد فى الزفة التى تعمل بعد العماد. بعض أقوال الآباء القديسين : كيرلس الكبير: "تستنير نفوس المعتمدين بتسليم معرفة الله". يوستينوس الشهيد: "وهذا الإغتسال يسمى تنويراً لأن الذين يتعلمون هذه الأمور يستنيرون فى أفهامهم". نيافة الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
27 نوفمبر 2018

الضمانات الأكيدة للطهارة

1) عمل النعمة ليس من شك إن مجهوداتنا البشرية مهما عظمت، لا تقدر إن ترفعنا فوق قامتنا ولو إلى ذراع واحد. هذه خبرة حياتنا اليومية، وليس من شك إن قوى البشر أعلى من إن نواجهها ببشريتنا الهزيلة. لذلك جاء تدبير النعمة ليحل المشكلة ويلغى التناقص المروع، الكائن بين إله قدوس وبشر خطاة، النعمة عمل إلهي باطني، به يصير الإنسان شريكا للطبيعة الإلهية، وهى قوة غير محدودة في أحشاء الإنسان فتنبط الغريزة، وتهدأ النفس، ويستنير الفكر، ويخشع الكيان، النعمة طبيب إلهي يشفى النفس من انحرافاتها وأوجاعها. لذلك فالشباب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة، يحس بتغير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من اختبارها. النعمة.. طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد وإغراءات العالم ، وإيحاءات العدو أنها ببساطة الله ساكنا في إنسان. أما وسيلة الحصول على هذه النعمة فهي: الطاعة والقبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة، والشركة المستمرة معه، للتعبير عن هذا الاختبار عمليا، بالصلاة والشبع بالانجيل والاتحاد المستمر بجسده ودمه الاقدسين. إذا كانت لدينا نية صادقة للحياة حسب المسيح، فلنترجم هذا عمليا بالشركة الحية والطاعة العملية لتعليمات الرب، وهنا يأتي دور الجهاد الذي به نحصل على النعمة اللازمة لخلاصنا. هيا يا أخي الشاب أقترب من السيد، وانسكب تحت قدميه، وسلمه حياتك المسكينة المائتة، لتخرج كل مرة من مخدع الصلاة وفى يديك زوفا جديدة تغسل بها خطاياك، وذخيرة جديدة تحارب بها في اليوم الشرير. 2) روح الرجاء إياك والاستسلام لخدعة العدو: "لا فائدة!" وليكن ردك باستمرار: (لا فائدة فيَّ ولكن كل الفائدة في السيد الرب "الذي يفتدى نفسي من الموت وحياتي من الحفرة" ). تشدد بالحب المذهل الذي في قلب المسيح من نحوك، وثق في الحنان الذي بلا حدود المنسكب من أحشائه تجاهك أنت الضعيف المستعبد: "ثِق قم، هوذا يناديك" فلا تتأخر ولا تستسلم لماضيك ولا لضعفك ولا لخداعات العدو إنه دوما في انتظارك، يفرح بعودة التائب مهما كان ماضيه. 3) الحياة المليئة من أخطر الأمور على طهارتك يا أخي الشاب "فراغ الحياة" لا اقصد فراغ الوقت فحسب، بل الحياة التافهة، التي بلا رسالة ولا مسئولية ولا تطلعات. خذ من يد الرب رسالتك كخادم للمسيح. ينبغي إن تستجيب لمحبته الخالدة، وتبحث عن أولاده البعيدين.. مسئوليتك كطالب، هي أن تشهد للرب بأمانتك وتطلعاتك المقدسة، حتى تمتلئ حياتك بالأهداف المباركة والآمال النقية، التي تهدف إلى خدمة الرب وأولاده. ضع أمامك أهدافًا مقدسة مثل: التدريب على الصلاة الدائمة، واستيعاب الإنجيل المقدس، واستيعاب روح الكنيسة في آبائها وتاريخها وعقائدها وصلواتها، واستيعاب روح العصر وفكره وثقافته، حتى تسخر هذا كله لخدمة المسيح والبحث عن النفوس البعيدة واجتذابها إلى الحظيرة.. وهكذا. كذلك اهتم بدراستك ومهنتك، فأدرس بحب وشغف ولا تدرس للامتحان فقط، بل أهدف إلى النمو في حب عملك لتؤديه بفاعلية وسعادة. إن انشغال قلبك بأهداف طاهرة يسكب الطهارة في أحشائك، أما تفاهة الحياة وفراغ القلب فلا منفعة فيهما!! 4) الصفاء النفسي لعلك تلاحظ أن الإنسان لا يلجأ إلى الخمر والمخدرات والتدخين إلا بسبب القلق، كنوع من البحث الخاطئ وراء السعادة المفقودة، كذلك أيضًا في موضوع الطهارة، نجد آن الشقاء النفسي الناتج عن الفشل الدراسي أو الاجتماعي، أو المتاعب المادية، يجعل النفس تلجأ إلى الغريزة كوسيلة متيسرة للتعويض، لذلك يلزمنا كشباب أن نقتني -بنعمة المسيح- النفسية الصافية التي تتعامل بإيجابية، مع مصادمات الحياة اليومية ومشاكلها، فتأخذ منها عيرا ودروسا للمستقبل، وتتجاوزها لتحول الفشل إلى نجاح، والمشكلة المادية إلى وسيلة لاختبار يد المسيح الأمينة من نحو أولاده، وفقد الوالدين أو الإخوة إلى نافذة مفتوحة على السماء، من خلالها نتعرف على الله، وعلى الأبدية، وعلى زيف هذا الدهر. وهكذا إذ تهدأ نفسيتنا بين يدي الله لا تبقى لدينا حاجة إلى التعويض باللذة الضارة. 5) الحياة الأمينة يجب إن تكون أمينًا في حياتك من كافة زواياها: الدراسية والاجتماعية والروحية.. الخ. ويجب إن تكون دوافعك في السير وراء المسيح نقية، تهدف إليه في ذاته لا إلى عطاياه.. وان تكون مدققا في مشاعرك وعواطفك، فترفض إن تدخل في علاقة تظنها مقدسة، ثم تنتظر لنفسك حياة الطهارة، لذلك دقق في حواسك وأفكارك واتجاهاتك، حتى لا تتحول إلى منافذ للعدو، منها يتسلل إلى قلبك. وثق إن الرب الذي يرى جهادك من السماء سوف لن يتخلى عنك، بل سيسندك بقوته الفائقة. انشغل به أساسًا فتنحل الخطية من أعضائك بسهولة، إن صراعنا ليس ضد الخطية لنصرعها، بقدر ما هو مع المسيح لنقتنيه، وإذا اقتنينا المسيح أخذنا كل شيء. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
20 نوفمبر 2018

الأدفنتست السبتيون

طائفة الأدفنتست (السبتيون) ليست مسيحية رغم أنهم يدعون غير ذلك، وهى امتداد لهرطقة قديمة حاربها الآباء الرسل بضراوة، وكانت تدعى "هرطقة التهود"، ويظهر ذلك جليًا في كتابات معلمنا بولس الرسول: "لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة" (كو2: 16، 17)، فالسبت كان ظلًا للأحد، وذبائح العهد القديم كانت ظلًا لذبيحة السيد المسيح على الصليب، ولقد كتب معلمنا بولس رسالة كاملة إلى العبرانيين (اليهود المتنصرين)، ليوضح لهم أن مجد المسيحية أكبر كثيرًا من المجد اليهودي، سواء من جهة: الذبيحة أو الهيكل أو العهد أو الكهنوت.. إلخ. ويكفى أن السبتيين يعتقدون أن السيد المسيح شابهنا في كل شيء حتى في الخطية الجدية، وفي إمكانية الخطأ والخطيئة!! وهكذا نسفوا عقيدة الفداء نهائيًا، الأمر الذي يهدد كل من يعتقد في هذه الهرطقة بالهلاك الأبدي. لذلك أشكر نيافة الأنبا بيشوي من أجل هذا الكتيب المختصر، الذي يناسب القارئ العادي، والذي كشف لنا فيه الأساسات الواهية لهذه البدعة الخطيرة، والأخطاء القاتلة التي تحتويها. وكان قداسة البابا قد حذرنا منها في مقالات وعظات سابقة، وهو بصدد إصدار كتاب خاص يدحض هذه الهرطقة. إننا ندعو قادة هذه البدعة، وكل تابعيها، أن يسرعوا إلى التوبة، قبل فوات الأوان، حتى لا تنطبق عليهم الآية: "وإن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء، بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما (محرومًا)" (غل1: 8). وقد لعبت السيدة إيلين هوايت (أو هيلين وايت) دورًا كبيرًا في تاريخ جماعة السبتيين. ولدت إيلين جولد هارمون Ellen Gould Harmon في 26 نوفمبر سنة 1827م من أسرة تنتمي إلى جماعة المثوديست. وكانت أسرتها قد انضمت إلى حركة المجيئيين نتيجة للتعليم الذي نادى به وليم ميللر في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أصيبت إيلين برمية حجر أثناء وجودها في المدرسة في الجانب الأيسر من جبهتها كاد يودى بحياتها، وأصاب مخها بتدمير سيئ حتى أنها لم تتمكن من استكمال دراستها الرسمية بالمدرسة. وقد إدعت إيلين هوايت Ellen White التي تزوجت بجيمز هوايت James White أنها قد رأت حلمًا يؤكد حتمية حفظ السبت اليهودي بالنسبة للمسيحيين. وفي هذا الحلم ادعت أنها رأت الوصية الرابعة وهى تضئ بنور باهر بين الوصايا العشر على لوحيّ الحجر ونص هذه الوصية "اذكر يوم السبت لتقدسه" (خر20: 8). اعتبرت جماعة وليم ميللر أن إيلين هوايت هي رسولة من الله ونبية ورائية وأن كل ما رأته هو رسائل إلهية لهذه الجماعة. وتوفيت السيدة إيلين هوايت سنة 1915م عن عمر 87 عام ولكنها لم تحضر أبدًا المجيء الثاني للسيد المسيح. ومع ذلك فهي مكرمة بطريقة عالية جدًا في جماعة السبتين. وكانت إيلين هوايت قد استبدلت الأحلام بإدعاء زيارات في الثالثة صباحًا لملائكة كانوا يخبرونها بما ينبغي أن تكتبه. تعليق شهود العيان على رؤى إيلين هوايت: في كتاب "نبية الأيام الأخيرة" الذي أخرجه الأدفنتست، يصفون حالتها أثناء الرؤى، فتقول السيدة مرثا أمادون التي حضرت عدة مرات تلك الرؤى : "أنا ممن راقبوها كثيرًا وهى في الرؤية وأعرف المجموعة التي تحضر معها في العادة وجميعهم ذو قوة ملاحظة وإيمان بما تقوم به. وكنت أتساءل كثيرًا لماذا لم يعط وصف أكثر حيوية للمناظر التي حدثت. كانت عيناها مفتوحتين في الرؤية. لم يكن هناك نفس لكن حركات كتفيها وذراعيها ويديها كانت رشيقة تعبر عما كانت تراه. كان مستحيلًا على أى شخص آخر أن يحرك يديها أو ذراعيها وكثيرًا ما كانت تنطق بالكلمات فرادى وأحيانًا بجمل تعبر لمن حولها عن طبيعة المنظر الذي تراه سواء سماوي أو أرضى". George Ide Butler (جورج بطلر، باطلر، باتلر) من أتباع هذه الطائفة وقد شاهدها في مناسبات عديدة في سنة 1874م فيقول : "أعطيت إيلين هوايت هذه الرؤى طيلة 30 سنة تقريبًا، وكانت تكثر تارة وتقل تارة أخرى، وشاهدها الكثيرون. وفي الغالب كان الحاضرون من المؤمنين بها وغير المؤمنين على السواء. وهى تحدث عامة ولكن ليس دائمًا، في مواسم الاهتمام الديني الجادة حيث يكون روح الله حاضرًا بشكل خاص". وقال أيضًا في وصفه: "يتراوح الوقت الذي تقضيه السيدة هوايت على هذا الحال بين خمسة عشر دقيقة إلى مائة وثمانين (ثلاث ساعات). وأثناء هذا الوقت يستمر القلب والنبض، وتكون العينان مفتوحتين عن آخرهما، ويبدوان محملقتين في شيء على مسافة بعيدة، ولا تلتفتان إلى شخص أو شيء بعينه في الحجرة، بل يكون اتجاهها دائمًا إلى أعلى.. وقد تُقرَّب أشد أضواء إلى عينيها أو يتظاهر (أحد) بدفع شيء فيهما، ومع ذلك لا ترمش أو تغير وجهها... يتوقف تنفسها تمامًا وهى في الرؤية، ولا يفلت من منخارها أو شفتيها أي نفس وهى على هذه الحال". وقال أيضًا: "كثيرًا ما تفقد قوتها مؤقتًا فتتكئ أو تجلس ولكن في ماعدا ذلك تكون واقفة. إنها تحرك ذراعيها برشاقة". وزوجها جيمز هوايت يعلق على رؤاها قائلًا : "عند خروجها من الرؤية سواء بالنهار أو الليل في غرفة جيدة الإنارة، يكون كل شيء حالك الظلمة بالنسبة لها، ثم تعود قدرتها على تميز حتى ألمع الأشياء بالتدريج مهما كان قريبًا من عينيها. ويقدر عدد الرؤى التي تلقتها أثناء ثلاث وعشرون عامًا خلت بما يتراوح بين مائة ومائتي رؤية وقد أعطيت هذه الرؤى في مختلف الظروف تقريبًا ومع ذلك تحتفظ بتماثل عجيب". أراد دكتور بوردو أيضًا أن يتأكد من الأمر بنفسه فذهب لرؤية إيلين هوايت وهى تدَّعى أنها في حالة رؤية وكانت هذه الحادثة في بكس بريدج Buck’s Bridge في نيويورك سنة 1857م فيقول : "في يوم 28 يونيو 1857م رأيت الأخت إيلين هوايت في رؤية لأول مرة وكنت آنذاك غير مؤمن بالرؤى، ولكن موقفًا من المواقف الكثيرة التي يمكن أن أذكرها أقنعني بأن رؤاها من الله. فلكي أرضى عقلي بشأن عدم تنفسها وهى في الرؤية أولًا وضعت يدي على صدرها مدة كافية، فتأكدت من عدم تنهد رئتيها تمامًا، كما لو كانت جثة هامدة، ثم أخذت يدي ووضعتها على فمها، وضغطت منخاريها بين إبهامي وسببابتي بحيث يستحيل عليها الشهيق أو الزفير، حتى ولو أرادت هي ذلك، فأمسكت بها هكذا بيدي قرابة العشر دقائق، وهذا يكفى لخنقها لو كانت في حالتها الطبيعية لكنها لم تتأثر بهذا على الإطلاق. ومنذ مشاهدتي هذه الظاهرة العجيبة لم أجنح ولو مرة واحدة بعد ذلك إلى الشك في مصدر رؤاها الإلهي". - الروح تموت مع الجسد يعتقدون أن الروح تموت مع موت الجسد وأن الروح الإنسانية ليست خالدة بل هي مثل روح البهيمة أو الحيوان. مع أن السيد المسيح قال "أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله إله أموات بل إله أحياء" (مت 22: 32). قال هذا في رده على الصدوقيون بخصوص المرأة التي كانت زوجة لسبعة إخوة فسألوه "فئ القيامة لمن من السبعة تكون زوجة فإنها كانت للجميع. فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله. لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء. وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله اله أموات بل إله أحياء" (مت 22: 23-33). وهم يسيئون استخدام الآية التي وردت في سفر الجامعة "لأن ما يحدث لبنى البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم موت هذا كموت ذاك ونسمة واحدة للكل فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل" (جا 3: 19). طبعًا كاتب سفر الجامعة لم يقصد إطلاقًا أن روح الإنسان مثل روح البهيمة لأنه في الآيات السابقة لهذه الآية يقول "قلت في قلبي من جهة أمور بني البشر أن الله يمتحنهم ليريهم أنه كما البهيمة هكذا هم" (جا 3 : 18). فالرب يمتحن الإنسان بحادثة الموت التي تحدث للإنسان والبهيمة على السواء ليرى إن كان الإنسان سوف يؤمن بالحياة الأبدية أم لا. كما أنه يقول عن موت الإنسان "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جا 12: 7). أما في الإصحاح الثالث فيقول "من يعلم روح بني البشر هل هي تصعد إلى فوق وروح البهيمة هل هي تنزل إلى أسفل إلى الأرض" (جا 3 : 21) ففي قوله "من يعلم؟" هو يمتحنهم.. وقد أورد الكتاب المقدس العديد من الآيات التي تدل على أن روح الإنسان لها مكانة عند الله، ومن أمثلة ذلك قول الكتاب عن الرب "جابل روح الإنسان في داخله" (زك 12: 1) ، وأيضًا "لكن في الناس روحًا ونسمة القدير تعقلهم" (أى 32: 8)، و"روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني" (أى33: 4). وفي سفر أشعياء يقول "هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطى الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحًا" (أش 42: 5). كما أنهم يعتقدون أنه لا توجد دينونة أبدية للأشرار ولا قيامة لأجسادهم ولا عودة لأرواحهم بل يقيم الله الأبرار فقط ويعيد الحياة إلى أجسادهم وأرواحهم بنعمة خاصة. على الرغم من أن السيد المسيح تكلّم كثيرًا جدًا عن خروج الأبرار أو الصالحين للقيامة لحياة أبدية (أنظر مت25 )، وذهاب الأشرار إلى جهنم الأبدية المعدة لإبليس وملائكته "ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). ويعتبرون أن نفس هذه القاعدة تنطبق على الرب يسوع المسيح من ناحية إنسانيته، أي أن روحه وجسده أعيدوا إلى الحياة مرة أخرى أيضًا بنعمة خاصة إلهية. وفي هذه الحالة يصطدمون بالآية التي قالها القديس بطرس الرسول "مماتًا في الجسد ولكن محيىً في الروح الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 18-19). فهم يقللون من شأن القيامة وتبدو مفاهيمهم مهتزة في عمل السيد المسيح الفدائي وقيامته من الأموات. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
13 نوفمبر 2018

ضمانات حياة الطهارة

يتصور بعض الشباب إن حياة الطهارة أصبحت أمرًا مستحيلًا هذه الأيام، فهناك بالفعل قوة جبارة تدفع الإنسان نحو السقوط: الغريزة بنداءاتها الملحة التي لا تهدأ، والمجتمع بعثراته الخطيرة التي لا تنتهي، والشيطان كرئيس شرير يعمل في هذا العالم ضد الله وضد القداسة، ليحاول قد إمكانه إفساد خطة الله من خلق الإنسان، وقصده المبارك من نحوه. النغمة الشائعة في هذه الأيام هي نغمة "روح العصر" فالمجتمع الحالي يجرى ليلاحق التطور العصري في مجلاته العلمية والفكرية والتقدمية، والمجتمع الكنسي يجتهد في استيعاب التغيرات التي طرأت على هذا الجيل، والنزعات المختلفة التي تحركها مثل: نزعة الكبرياء العقلية، ونزعة القلق، ونزعة التحرر ، ونزعة الانحلال، ونزعة الانفتاح الفكري... الخ. ولكن ثمة خدعة يحاول الشيطان إن يتسلل بها إلى قلوب شبابنا هذه الأيام، مؤداها أن هذا العصر يختلف كثيرًا عما سبقه من عصور، بحيث أصبحت القداسة سرابا لا داعي للاجتهاد في السير نحوه. الحقائق العُظمى حول الطهارة * الحقيقة الأولى: التي لا يرقى إليها شك إن كل مجتمع كان في عصره مجتمعًا عصريًا، فمجتمع القرن الأول كان عصريًا بالنسبة لما قبل الميلاد وهكذا... * والحقيقة الثانية: إن التغيير الذي يطرأ على المجتمعات لا يصيب جوهر الأمور إطلاقًا، بل هو تغير فكرى وعملي وسياسي واجتماعي، ولكنه يستحيل إن يفترق عن أي مجتمع سابق أو لاحق من جهة موضوع الخطية والقداسة، هذا الموضوع روحي محض، والروح أبدي خالد لا يخضع للزمن ولا للتطور بل هو خارجهما معا. * والحقيقة الثالثة: انه لا تغيير يمكن إن يطرأ على جوهر الإنسان فغرائزه هي بعينها كما كانت منذ القديم، وطبيعته الساقطة هي بذاتها كما ورثها عن آدم، وتطلعاته الأبدية وضميره الإلهي، أمور لا تتغير من جيل إلى جيل، إلا بقدر أمانة الإنسان في استخدامها أو تجاهلها. * والحقيقة الرابعة: أنه حتى إذا افترضنا جدلا سهولة السقوط وصعوبة الخلاص في هذا العصر، فيجب أي ننسى أنه " حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدا" (رو5: 20) فليس خلاص الإنسان في يده وحده، ولكنه في يد الله حينما تمتد لتنتشل الإنسان الباحث عن الحق باجتهاد القلب وعزم صادق. ولعلنا لو طلبنا من شباب هذا الجيل إن يقيم الآن في عمورة وسدوم لما وجد فرقا بينهما وبين أحداث المجتمعات الآن، مع أن أربعين قرنًا تفصل بين المجتمعين. ولعلنا نذكر أيضًا كيف كانت القداسة مزدهرة في العصر الرسولي، بينما كان السحر منتشرا بصورة مذهلة، وكانت الأوثان تعبد بطقوس نجسة شائنة. إذن فلا جديد تحت الشمس، الجديد هو في تخاذل نيتنا كشباب إن نحيا للمسيح، ومن هنا نلتمس المعاذير تحذيرًا لضمائرنا حين تنحرف. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل