المقالات

23 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (٤) الفداء ... هو الحل الوحيد

تحدثنا في العدد الماضي عن استحالة الغفران أو الافتاء كحل لمشكلة سقوط آدم . فالغفران يظهر محبة الله ، بينما يبقى عدل الله دون تحقيق . كما أن الغفران يسامحنا عن خطايا الماضي دون أن يجدد طبيعتنا من الفساد، إذن فهو لا يكفى كحل نهائي لمشكلة سقوط الإنسان. أما الافناء فيتعارض مع حكمة وقدرة ومحبة الله لأن فناء آدم وحواء قد يحل مشكلة العدل، ولا يحل قضية المحبة الإلهية. كما أن فناء آدم هزيمة يستحيل أن تتفق مع حكمة الله من خلقه ، ومع قدرته على حل المشكلة. فحتى إذا خلق آدم آخر فيسقط، مادام سيخلقه حراً ! إذاً فما الحل ... ؟ الفداء هو الحل الوحيد الممكن لمشكلة سقوط الإنسان ! ففيه سنجد النتائج التالية : ۱ - آدم سوف لا يموت .. وهذا كمال المحبة الإلهية ! ٢- الرب يسوع سيموت نيابة عنا وهذا كمال العدل الإلهى ! ٣- دم المسيح سوف يطهر آدم من كل خطية وهذا هو التجديد المطلوب للطبيعة البشرية الفاسدة ! ولكن من هو الفادى المناسب ، وما هي المواصفات المطلوبة في هذا الفادى ؟ المواصفات المطلوبة في الفادى : هل يصلح أن يكون الفادى إنساناً أو ملاكا ..؟ إنسان ؟!! مستحيل فالإنسان في حاجة إلى فاد ليفديه ولا يوجد إنسان بلا خطيئة ليفدى غيره وإن وجد - جدلاً - فلن يفدى سوى إنساناً واحداً والبشر كثيرون كما أنه سيكون قاد محدود بينما خطيئة آدم غير محدودة ، إذ أنها موجهة إلى الله غير المحدود !! ملاك ؟!! لا يصلح أيضاً ! فهو روح فقط ، الإنسان روح وجسد كما أنه إن تجسد ومات عنا فهو محدود، وخطيئة آدم غير محدودة ! إذن كان لابد للقادي من مواصفات يجب أن يكون : ١ - إنساناً لأنه يمثل الإنسان ٢ - قابلاً للموت لأن أجرة الخطية موت ٣- بلا خطية لأن فاقد الشيء لا يعطيه ٤- غير محدود لأن خطية آدم غير محدودة من هنا كان التجسد ضرورة قصوى ، فحين حل أقنوم الكلمة في أحشاء العذراء ، اتخذ له جسداً ، وحل بيننا وهكذا صار. بناسوته : إنساناً ، قابلاً للموت. بلاهوته : بلا خطية وغير محدود . أى أنه صار الفادي النموذجي الفريد ، القادر على فداء الإنسان وتقديس كيانه وهكذا ارتفع الفادى الحبيب على عود الصليب ليفدينا شكراً لمحبته الفريدة نيافة الانبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد الحادى والعشرون عام ١٩٨٩
المزيد
18 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (۳) مَا هوَ الحل ؟

سقط آدم تحت حكم الموت ، وفسدت طبيعته بالخطيئة ، فلم تعد تثمر سوى الخطيئة ،كامنة في أعماق أولاده، وواضحة في سلوكهم اليومي ولاشك أن إلهنا العظيم لم يتوقف لحظة ليفكر فيما يفعله لحل هذه المشكلة .. كما أنه تكن لديه حوارات واختيارات مطروحة ليرى أيهما أفضل هذه كلها مجرد تعبيرات بشرية عن الفداء تحاول أن تقترب بنا إلى جوهر الأمر، كما هو فى ذهن الله منذ الأزل ، وقبل أن يخلق آدم وحواء وهو إلهنا العظيم ، عالم بكل شيء ، وقادر على كل شيء ، ولا يستحيل عليه شيء ، أو يخفى عليه شيء الأزلية مكشوفة أمامه ، وكذلك الأبدية الكمالات في جوهره تتكامل ولا تناقض هو المحبة العدل أو قل هو العدل المحب والمحبة العادلة أو قل هو فوق هذا كله !! فإلهنا ليس في متناول إدراكنا البشرى القاصر العاجز المحدود إن هي إلا اشراقات أساسها الوحى المقدس، والروح القدس اشراقات تحاول أن ترفع الذهن البشرى، ليدرك بعض أسرار التدبير الإلهى ، في خلاص الإنسان . بدائل ممكنة : ۱ - الغفران : هل كان ممكناً أن يسامح الله آدم وحواء ؟ ما هي المشكلة هنا ؟ إن إلهنا محبة، وكله محبة ، فلماذا لا يسامح آدم وحواء. وينتهى الأمر تماماً ؟! أليس هو القائل « من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً» (يو٦ : ٣٧) . وحتى في العهد القديم يقول « أنا أنا هو الماحى ذنوبك لأجل نفسي، وخطاياك لا أذكرها »( اش ٤٣ : ٢٥ ) ولكن إذا سامح الله آدم بسبب محبته اللانهائية فأين عدله اللانهائي الذي حكم بالموت . ولابد من تنفيذ هذا الحكم العادل كذلك إذا سامح الله آدم فلن ينته الأمر عند هذا الحد! فالغفران شيء، وتطهير وتقديس الطبيعة التي فسدت شيء آخر أهم . ومن السهل أن تدفع عن السارق المبلغ الذي سرقه ، ولكن الأهم أن تتغير طبيعته فلا يعود إلى السرقة !! ولهذا كان التجسد، والفداء، تقدياً للكيان الإنساني والطبيعة البشرية : "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية " ( ابوا : ٧) "يسوع لكي يقدس الشعب بدم نفسه ، تألم خارج الباب " ( عب ۱۳ : ۱۲ ) . ٢ - الإفناء : وهذا حل آخر ممكن، أن يفنى الرب آدم وحواء ، ويخلق آدم جديد وحواء جديدة! ما المشكلة هنا ؟ المشكلة أن هذا اعتراف - وحاشا لله بالعجز، فها قد خلق الله الإنسان، واستطاع الشيطان أن يفسد خليقة الله ويضطر الله أن يفنيها . إنها تصرة شيطانية، لا تليق بقدرة الله غير المحدودة ، وكرامته ومجده كخالق !! كذلك ففرصة سقوط آدم الجديد وحواء الجديدة ممكنة وقائمة ومستمرة، فالله هو الله ، والإنسان هو الإنسان، والشيطان هو الشيطان ومادام الله سيخلق الإنسان حراً فيسقط ويتكرر الأمر هل الحل أن يخلق الله آدم مقيداً ، وبلا حرية ؟ هذا مستحيل لأن الله من الأساس أراد أن يخلق الإنسان حراً، وقادراً على الاختيار، لكي يأتي إليه بكامل حريته و بعد أن يتذوق طرقاً أخرى . وبالطبع فخلقة آدم مقيد بدل آدم الهالك، لن تلغى أن آدم الأول هلك ، وأن الشيطان انتصر، لهذا اضطر الله أن يخلق دمية جديدة أو قطعة شطرنج لن تفترق شيئاً عن الأشجار أو الحيوانات !! إذن ، فلابد من حل آخر إنه الفداء . (يتبع) نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد العشرون عام ١٩٨٩
المزيد
16 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (۲) تجديد الطبيعة البشرية

كان السبب الأول للتجسد والفداء، هو حكم الموت عن البشرية بموت المسيح نيابة على عود الصليب لكن المشكلة لم تكن مشكلة قانونية ، بمعنى مشكلة دينونة حكم موت مسلط على رقاب البشر، فهناك شكلة أخطر هي مشكلة «فساد الطبيعة البشرية » إن خطية آدم أفسدت طبيعة الإنسان، هذا هو السبب الأساسي لطرد آدم من الفردوس ، لا كقسوة من الله ، ولكن محبة منه الثلا يأكل من شجرة الحياة - بعد أن أصابه الفساد فيحيا إلى الأبد في هذا الفساد. لذلك خرج آدم من الفردوس، ومعه وعد بالفداء وبأن يسحق نسل المرأة الحية (ابليس ) بمعنى أن تتجدد الطبيعة الإنسانية بالروح القدس، وباستحقاق دم المسيح ، فيصير الإنسان إنساناً جديداً « مخلوقاً بحسب الله ، في البر وقداسة الحق » (أف ٤:٢٤) الأمر إذن يحتاج إلى « إعادة خلق » وهذا يستلزم وجود الخالق وفعله إن الطوفان الذي أتى به الله على الأرض ومن فيها لم يجدد طبيعة الإنسان من الداخل بالروح القدس ، وكان هدفه مجرد رد الإنذار والتوجيه ، ليجاهد الإنسان في طاعة الله وتنفيذ وصاياه الأمر المستحيل دون معونة وتجديد من الله . كان الهدف إذن، أن يقتنع الإنسان بحاجته إلى المخلص كان الناموس مؤد بنا إلى المسيح » وكانت غاية الناموس هي أن أرى نفسى فاسداً وضعيفاً فأشعر بحاجتي إلى المخلص ، الذي « افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا » ( غل ٣: ١٣ ) المشكلة إذن ليست أن يسامح الرب آدم ، فما أسهل ذلك، ولكن كيف يجدد الرب طبيعة آدم ، و يقدسها بالروح القدس ، و يعيد إليها الصورة الإلهية التي خلقت عليها ؟ ومن هنا كان التجسد، ليأخذ الله طبيعتنا البشرية ويعطينا «شركة الطبيعة الإلهية » ( ٢بط ١ : ٤ ) كذلك فالمشكلة ليست أن يموت المسيح عنا ، فيرفع عنا حكم الموت ، لكن الأهم أن يجدد طبيعتنا من الفساد ، ويجعلها قابلة للحياة المقدسة هنا ، والحياة الأبدية هناك. + فكر القديس أثناسيوس : وهنا ، لابد لنا من الرجوع إلى فكر النوراني العظيم ، القديس أثناسيوس ، لتفهم منه حاجتنا إلى تجديد الطبيعة . هذه بعض أقواله من كتاب «تجسد الكلمة » . «كان أمام كلمة الله مرة أخرى أن يأتي بالفاسد إلى عدم الفساد، وفى نفس الوقت أن يوفى مطلب الآب العادل المطالب به الجميع » ( فصل ٤ فقرة ٥ ) . « وهكذا إذ أخذ من أجسادنا جسداً مماثلاً لطبيعتها، وإذ كان تحت الجميع قصاص فساد الموت ، فقد بذل جسده للموت عوضاً عن الجميع، وقدمه للآب . كل هذا فعله شفقة منه علينا وذلك : أولاً : لكي يبطل الناموس الذي كان يقضى بهلاك البشر. ثانياً : لكي يعيد البشر إلى عدم الفساد » . ( فصل ۸ فقرة ٤ ) . « إذ اتحد ابن الله عديم الفساد بالجميع بطبيعة مماثلة ، فقد ألبس الجميع عدم الفساد ... بوعد القيامة من الأموات » (فصل ۹ فقرة ٢) + « إن تلطخت تلك الصورة المرسومة على الخشب بالأدران من الخارج أو أزيلت ، فلابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية، لكى يساعد الرسام على تجديد الصورة على نفس اللوحة الخشبية لأنه إكراماً لصورته يعز عليه أن يلقى بتلك اللوحة ( الإنسان الساقط ) وهى مجرد قطعة خشبية ، بل يجدد عليها الرسم »( فصل ١٤ فقرة ١ ) . إذن، فلابد من الفادى ! فما هي المواصفات المطلوبة في ذلك الفادى ؟؟؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد التاسع عشر عام ١٩٨٩
المزيد
09 أبريل 2024

مع الفادى الحبيب (١) لماذا الفداء ؟

عقيدة الفداء من أهم العقائد الجوهرية في المسيحية وهي مرتبطة تماماً بعقيدتين أخريين : ألوهية المسيح ، وتجسد الكلمة ذلك أن الفادى يجب أن يكون إلها متجسداً، ليوفى المطاليب ويرفع الدين، ويحل المشكلة . ما هي المشكلة :- المشكلة أن الإنسان سقط في الخطيئة ، وجلب على نفسه أمرين :- (۱) حكم الموت . (۲) فساد الطبيعة البشرية . ١ - حكم الموت : فلقد قال الرب لآدم وحواء : « من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً ، وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها ، لأنك يوم تأكل منها ، موتاً تموت » ( تك ٢ : ١٦، ١٧ ) وهذه الوصية ، قبل أن تكون تعليمات وأوامر، هي نصيحة مخلصة ذلك أن الرب أوضح لآدم طريق الحياة، وطريق الموت ، لكي يعطى حريته فرصة الممارسة، ويعطى آدم الحق في الاختيار. فالرب لم يقصد أن يحرم آدم من شجرة ما فالذى أعطاه صورته الإلهية، هل يبخل عليه بشيء ؟ كل ما في الأمر: ١ - أن شجرة معرفة الخير والشر، معناه معرفة الشر، وفساد الطبيعة، وفعل الخطية والسقوط تحت سطوة الشيطان . ٢ - أن الرب شاء أن يخلق آدم حراً ، لا مجرد دمية أو قطعة شطرنج فلكي يمارس آدم حريته، كان لابد من (فرصة اختيار بين أمرين ) وبالفعل رضى الرب أن يكون موضع قبول أو رفض من آدم، وأن يكون الشيطان هو البديل في حالة رفض الله لكى يعطى آدم كمال الحرية في الاختيار.ولعل في هذه الحرية، الرد الحاسم على بعض الوجوديين الملحدين، الذين يتصورون إلهنا المحب،كقوة مسيطرة وقيد رهيب، و يريدون التحرر من الله ، بالسقوط في عبودية الذات والجسد والشيطان إن سارتر مثلاً شبه الله في صورة جوبتر السفاح ، الذي تلطخت يداه بالدماء، من كثرة ضحاياه !! ونسى سارتر أن الله المحب ، الذي أحبه قبل أن يولد فداه على عود الصليب، وفتح له ذراعى الحب لكي يحيا معه إلى الأبد ، نسى سارتر أن الله خلقه حراً حراً حتى في أن يرفضه و ينكر وجوده !! فكر القديس أثناسيوس :- يتصور البعض أن فكرة سقوط آدم تحت حكم الموت،فكرة حديثة لكن القديس أثناسيوس الرسولى في كتاب «تجد الكلمة » يؤكد جذور هذه الفكرة وسلامتها . وهذه بعض المقتطفات التي تؤكد ذلك : + الكلمة إذ قدم للموت ذلك الجسد الذي أخذه لنفسه، كمحرقة وذبيحة خالية من كل شائبة، فقد رفع حكم الموت فوراً عن جميع من ناب عنهم، إذ قدم عوضاً عنهم جسداً مماثلاً لأجسادهم » ( فصل ۹ فقرة ١ ) + ولأن كلمة الله عال فوق الكل ، فقد لاق به بطبيعة الحال أن يوفى الدين بموته ، وذلك بتقديم هيكله وآنيته البشرية لأجل حياة الجميع » ( فصل ۹ فقرة ٢ ) +لأنه بذبيحة جسده وضع حداً لحكم الموت ، الذي كان قائماً ضدنا ووضع لنا بداية جديدة للحياة برجاء القيامة من الأموات » ( فصل ۱۰ فقرة ٥ ) + ولكن لما كان ضرورياً أيضاً وفاء الدين المستحق على الجميع إذ كان الجميع مستحقين الموت أتى المسيح بيننا » ( فصل ۲۰ فقرة ٢ ) من هنا نتأكد ضرورة الموت الكفارى ، وفاء للعدل الإلهى لكن هناك سبباً آخر للفداء ، وهو اعادة تجديد الطبيعة البشرية من الفساد الذي أصابها وهذا حديثنا القادم إن شاء الله . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن مجلة الكرازة العدد السادس عشر من عام ١٩٨٩
المزيد
08 يناير 2024

وبالناس المسرة

المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة (لو ١٤:٢) هذه كانت أنشودة جمهور الملائكة، بعد أن بشروا الرعاة بميلاد المخلص فما معنى بالناس المسرة»، ومتى يسر الله بنا؟ ليس معناها أن المسرة دخلت في قلوب الناس مع أن هذا ما حدث فعلاً، إذ قال الملاك: «فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسـيح الرب (لو٢ ۱۱.۱۰ ) وقد فرح العالم كله بميلاد السيد المسيح اليهود (الرعاة)، والأمم (المجوس) الكل فرح بميلاد المخلص فعلاً، لكن المعنى الحرفي لهذه الآية «أن الله أصبح مسرورا بالناس»، أو أن «مــــســــــرة الله صارت في الناس» وهذا ما قاله الرب في العهد القديم: «ولذاتي مع آدم (أم۳۱:۸) فحين خلق الله الإنسان خلقة لكي يعطيه السعادة والفرح ويجعله شريكا له في أمجاده وملكوته ولكن لما أخطأ الإنسان، صارت هناك خصومة بين الله والإنسان، فصار على الإنسان حكم الموت، وفي داخله طبيعة فسدت بالخطيئة. فماذا فعل الله لأجل الناس؟ أخرج الله الإنسان من جنة عدن حتى لا يأكل من شجرة الحياة، ويحيا في فساد باستمرار، أخرجه بعد أن أعطاه وعدا بالخلاص وأضع عداوة بين وبين المرأة وبين نسلك ونسلها . هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (أى الشيطان)..» (تك١٥:٣).وبالفعل حينما ولد السيد المسيح الإله المتجسد وظهر الله في شكل إنسـان استطاع أن: يعلمنا طريق الخلاص. يموت نيابة عنا على الصليب. يسكن فينا بالإفخارستيا(التناول). وهكذا تخلص الإنسان من المشكلتين: ١- حكم الموت... إذ مات المسيح عنا. ٢-فساد الطبيعة حين طهرنا المسيح بدمه. ولهذا صار الإنسان موضع مسرة» الله وصار الله مسرورا بالإنسان وانتهت الخصومة، واصطلح الإنسان مع الله؟ ولكن بمن يسر الله؟ الله يفرح بالخاطئ إذا تاب. والتائب إذا شبع روحيًا وأثمر . والمثمر إذا خـدم الآخرين. وتدور الدورة مرة ومرات لأن هذا الخادم سيساعد آخرين على التوبة، وبعد أن يتوبوا يشبعوا روحيًا ويثبتوا في الرب، ويثمروا ثمار الروح، وحينئذ يتحولون هم أيضا إلى خـدام وخادمات، وهلم جرا ! نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
25 ديسمبر 2023

تشبيهات القديس أثناسيوس عن التجسد

وخير ما ننهى به هذه الدراسة المبسطة ، التشبيهات التي أوردها القديس أثناسيوس الرسولى عن التجسد الإلهى ، ليشرح بها لنا أبعاد هذه العقيدة الهامة . وهذه بعضها : ۱ - تشبيه الملك : لو تصورنا أن ملكاً إختار مدينة في مملكته وسكن فيها . إذن ، فسوف تكون هذه المدينة هي العاصمة . وستكون لها كرامة خاصة . كما أن سكنى الملك في أحد بيوتها هو سكني في كل البيوت ولو فرضنا أن سكان المدينة أهملوا فى حراستها ، فبدأ الأعداء يطغون الأسوار ويهاجمون الأهالي، هل سيسكت الملك على ذلك قائلاً هم المسئولون ؟ أم أنه سيهب لنجدتهم دفاعاً عن هيبة المملكة ، ومعتبراً أن الإساءة لأحد رعاياه إساءة له شخصياً ؟ هذا بالضبط ما حدث في التجسد فالله حين سكن في أحشاء العذراء مريم إنما رضى بذلك أن يسكن في كل البشر، وهذا شيء طبيعي لأن الله في كل مكان ولا يحده شيء ومع أن البشر أهملوا في حراسة طبيعتهم البشرية وسمحوا للشيطان بأن يطغاها ، إلا أن ذلك لم يجعل الله يتخلى عنا بل بالحرى هب لنجدتنا ، وجاء إلينا ليخلصنا . ٢- تشبيه الفنان : لو تصورنا أباً له إبن وحيد ، وهذا الإبن سيسافر طويلاً . إستدعى الأب فناناً مبدعاً وطلب منه أن يرسم لإبنه صورة جميلة يراه فيها . أثناء غيبته. وبالفعل تم ذلك. وبعد فترة سقطت على هذه الصورة أشياء شوهتها تماماً. فاذا يفعل الأب، والابن قد سافر فعلاً ؟ ... إستدعى الفنان طالباً منه تجديد الصورة، ولكن الفنان طلب عودة الإبن من الخارج ليعيد الرسم. ولما عاد الإبن أراد الفنان أن يمزق الصورة المشوهة ويرسم صورة جديدة. لكن الأب اعترض بشدة قائلا له : جدد لي الصورة القديمة ولا تمزقها لأنها كانت تحمل لى كل يوم صورة إبنى الحبيب وهكذا أعاد الفنان الملهم رسم الصورة في نفس الصفحة القديمة » . وما معنى ذلك ؟ إن الله قد خلقنا على صورته ومثاله. فلما شوهنا هذه الصورة نزل بنفسه وأعاد الصورة إلى أصلها دون أن يعنى البشرية ويخلق بشرية جديدة ... فيا لعظم حكمة الله ومحبته لنا !! ٣ - تشبيه المعلم : إن المعلم الصالح والكبير لا ينتظر أن يتصاعد الصغير إليه ، بل يتنازل هو إليه ، وهكذا يلتقى به ويشرح له ما يريد. لهذا نزل الرب من السماء إذ مستحيل أن تصعد إلى السماء بدونه . ٤ - تشبيه القشة والإسبستوس : شبه القديس أثناسيوس الرسولى الطبيعة البشرية بقشة قابلة للحريق (بالخطية والدينونة ) . لكننا إذا غلفنا هذه القشة بمادة الإسبستوس الغير قابلة للإشتعال حافظنا عليها من هذه النيران . وهكذا الإنسان "حين يلبس الرب يسوع " يتقى نار الدينونة وهلاك الأبدية ، ويحفظه الرب لأبدية سعيدة معه وهكذا عبر القديس أثناسيوس عن أهداف النجسد من خلال هذه التشبيهات الجميلة شكراً لله على عطيته التي لا يعبر عنها » ( كورنثوس الثانية ٩ : ١٥ ) . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن كتاب أسئلة حول التجسد
المزيد
20 ديسمبر 2023

بالتجسد إنتهت مشكلة الشر والألم

لاحظنا مما سبق أن التجسد كان طريقاً إلى أهداف عديدة منها : - ١- التعرف على الله الروح، إذ اتخذ جسداً ، فصار من الممكن أن نتعرف عليه ، وأن نسمع صوته . ٢- إتمام الفداء، فبالتجسد حصلنا على الفادى المناسب ، القادر أن يموت عنا بناسوته ، وأن يقوم لأجلنا بلاهوته . ٣ - سقوط الشيطان : فقد سحقه الرب بالصليب ، وسبى سباياه داخلاً بهم في ظفر إلى الفردوس . يبقى أن تدرك أن التجسد أنهى مشكلتي الشر والألم من حياة البشرية . مشكلة الشر : صار الإنسان - بسبب السقوط - يعاني أمرين : ١- الطبيعة التي فسدت بالخطيئة . ٢ - الحكم الذي صدر ضده بالسقوط . لكن الرب بتجسده حل هاتين المشكلتين ، إذ مات عنا على الصليب ، فانتهى الحكم الذى كان علينا ، واتحد بجسدنا ، فأعاد خلقتنا وطهرنا من فسادها . وهكذا - بالمعمودية - دفنا مع المسيح ، ثم قمنا معه في حياة جديدة . أو كما يقول القديس أثناسيوس الرسول ، صرنا كقشة سهلة الحريق ، ولكنها إذ أحيطت بمادة الإسيتوس غير القابلة للإشتعال ، صارت في مأمن من حريق الدينونة . ومن هنا صار الإتحاد بالله ممكناً ، من خلال الحياة اليومية معه، والتناول المستمر من جسده ودمه الأقدسين . و يشبه القديس أثناسيوس عملية تجديد خلقة الإنسان يملك له إبن وحيد وإذ أوشك الإبن على السفر طلب الملك من فنان عظيم أن يرسم له صورة إبنه الحبيب ، فخرجت الصورة بديعة جداً وسافر الإبن ، وحدث للصورة ما أفسدها ولما أراد الأب استعادة صورة إبنه طلب الفنان عودة الإبن من الخارج يرسم الصورة من جديد. وبالفعل عاد الإبن مرة ثانية ، وأعاد الرسام الصورة إلى أصلها دون أن يمزق اللوحة التي فسدت حيث أنها كانت تحمل فى الأصل صورة الابن ويقول القديس أثناسيوس أن هذا ما فعله الله معنا، جاء إلينا ، وأعاد رسم الصورة على نفس طبيعتنا الساقطة دون أن يفنى هذه الخلقة الأولى التي حملت يوماً ما صورته الإلهية وهكذا أعيدت خلقة الإنسان، وصار من الممكن لا أن تغفر له خطاياه فحسب، بل أن يتجدد حسب صورة خالقه « إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله، ولبستم الجديد الذى يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه » ( کو ۳ : ۱۰۹) .وقد شبه الله ذلك في العهد القديم بالفخاري الذي صنع من الطينة وماء، وإذ لم يكن كما يريد ، أعاد صنعه ثانية بعد أن فسد . وقال الرب هوذا كالطين بيد الفخاري، هكذا أنتم بيدى » ( أرميا ١٨ : ١ - ١٠ ) . لذلك فالمسيحية هى الدين الوحيد الذي يتحدث عن إعادة خلقة الإنسان وتجديد طبيعته ، وهذا عمل لا يقدر عليه سوى الخالق . مشكلة الألم : وكما عالج الرب بتجسده مشكلة الشر، عالج مشكلة الألم . فالألم كان في الماضى عقاباً على الخطيئة، ولكننا إذ تيرونا بالمسيح ، صار الألم شركة معه ، وهبة منه . « لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط ، بل أن تتألموا لأجله » ( فى ۱ : ۲۹ ) . ولذلك فالرسل « ذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل إسمه » ( أع ٥ : ٤١ ) نعم ، فالألم لم يعد عقوبة ، لأن السيد نفسه تألم دون ننطيئة ، وكانت آلامه الاماً فدائية ، إذ « حمل خطايانا في جسمه على الخشبة » ( ١ بط ٢ : ٢٤ ) . وصارت آلامنا كلها - فيما عد الآلام الناتجة عن ارتكاب خطايا - آلاماً فيها تعزية وتنقية وتكميل و بنيان وشركة وفطام عن الأرضيات . لذلك يقول الرسول بولس : ( أكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذى هو الكنيسة » (كو ١ : ٢٤ ) . نعم ، فالكنيسة هي جسد المسيح الرب هو الرأس والمؤمنون هم الأعضاء. وكما دفع الرأس نصيبه من الآلام، وجب على الأعضاء أن تدفع نصيبها منها فالألم إذن المرض والخسارة المادية والأدبية وآلام الموت والكوارث الطبيعية وغير ذلك - لم يعد عقوبة الخطيئة ، بل شركة مع المصلوب وطوبي للنفس التي تدرك غاية الألم وبركاته فلا تضجر منه ، بل بالحرى ترضى به ، وتشكر عليه ، فهي تدرك أن الألم ۱ - ينقينا من شوائب الخطيئة والبر الذاتي . ۲ - يزكينا أمام الله والناس إذ تحتمل بشكر . ٣- ويقينا من ضربات الكبرياء كشوكة بولس . ٤- ويفطمنا عن الأرضيات لتطلب أورشليم السمائية، ونستعد لحياتنا الأبدية وهكذا صار التجسد حلاً جذرياً لكل مشاكل الإنسان ، ومعبراً وحيداً للخلاص منها ، والإتحاد بالله ، والتطلع للخلود . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن كتاب أسئلة حول التجسد
المزيد
18 ديسمبر 2023

بالتجسد .سقط الشيطان

الشيطان كائن حي ، وشخصية حقيقية . وهو في الأساس رئيس ملائكة سقط مع طغمة في فترة الإختبار التي كانت لهذه المخلوقات الروحية. وقصة سقوطه مدونة فى الكتاب المقدس في مواضع عديدة أهمها :- أشعياء ١٤ : «كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح . كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم . وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات ، أرفع كرسى فوق الكواكب، أصير مثل العلى ، لكنك إنحدرت إلى الهاوية ، إلى أسافل الجب » ( أش ١٢:١٤ - ١٥ ) . رؤیا ۱۲ : « وحدثت حرب فى السماء ميخائيل وملائكته . حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته ، ولم يقووا ، فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء . فطرح التنين العظيم، الحية القديمة، المدعو إبليس والشيطان ، الذي يضل العالم كله، طرح إلى الأرض، وطرحت معه ملائكته » ( رؤ ۱۲ : ۷-۱۷ ) .ولكن ... لماذا سمح الله بسقوط الشيطان ؟ أو بالحرى مادام الله كان يعرف أن الشيطان سيسقط فلماذا خلقه من الأساس ؟ وبعد أن سقط لماذا تركه وهو يعلم أنه سيسقط الإنسان ؟ لماذا الشيطان ؟ الشيطان هو المفتاح الوحيد لموضوع حرية الإختيار لدى الإنسان . الله لا يريد مخلوقات تابعة، ولكنه يريد مخلوقات حرة . لذلك أعطى فترة إختبار للملائكة حين خلقهم ، تاركاً لهم حرية الإختيار بين أن يكونوا معه، أو أن يرفضوا ذلك . وهكذا إختار الشيطان أن يستقل عن الله ، ونسى المسكين أن نوره مستمد من النور الإلهي . وإنه يستحيل أن ينير من ذاته. فانقطعت فرصة إنارته وصار كتلة من الظلام ومن هنا إستحالت توبته فهو مسئول عن تصرفه مسئولية كامة ، لم يتقدم أحد ليغريه . كما أنه صار ظلاماً كله، فليس هناك أدنى أمل في توبته أو خلاصه أما الإنسان، فكانت أمامه أيضاً حرية الإختيار، أن يحيا لله أو للشيطان، حسبما أراد فإذا اختار أن يحيا لله سيكون ذلك بمحض حريته، وليس بقهر من الخالق. إنها الحرية التي خلقنا الله عليها ، ويحب لنا أن نمارسها. وشكراً لله أن الذى دفع ثمن هذه الحرية ، وديون ذلك السقوط الإنساني هو الله نفسه ، فهو لم يسمح بسقوطنا على يد إبليس ثم يتركنا لنخلّص أنفسنا بأنفسنا ، بل بالعكس ، رأى أننا في ضعفنا تم إغراؤنا ، فنزل لفدائنا ، وسحق الشيطان . كيف سقط الشيطان ؟ على عود الصليب، ظن الشيطان أنه انتهى من السيد المسيح . فلقد كان متحيراً فيه ، وكان الرب يخفى لاهوته عنه . مرة يظهر له صفة من صفات اللاهوت إذ يجده يخلق عيناً لأعمى ، ويقيم ميتاً بعد أن أنتن ، ويغفر الخطايا، ويجدد القلوب، ومرة أخرى يظهر له صفة من صفات الناسوت فيجوع ويعطش وينام ، وكان الرب يفعل كل ذلك «تدبيرياً» لكي يكمل الشيطان خطته و يؤلب اليهود والرومان عليه ، فيقتلونه بالصليب . وكان الرب يهدف إلى هذه الغاية ، لأنه على الصليب إنفصلت نفسه الإنسانية عن جسده الإنساني، غير أن لاهوته كان متحداً بكليهما . فالرب شابهنا في ناسوت كامل : جسد + نفس + روح إنسانية . ولما نزلت النفس الإنسانية إلى الجحيم كأنفس القديسين السابقين على الفداء ( لأن الفردوس كان مغلقاً ) ، ظن الشيطان أنه سيقبض عليه كبقية أرواح القديسين ولكنه صعق إذ وجد هذه النفس متحدة باللاهوت . وانسحق الشيطان أمام السيد المسيح، الذي أحدث ثورة في الجحيم بين الأنفس المنتظرة لفدائه، وخرج به غالباً ، وفتح لها باب الفردوس ، وأودعها فيه بفرحة عارمة وهكذا تمت الكلمة التي قالها الرب : رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء » ، «رئيس هذا العالم آت ، وليس له في شيء » (يو ١٠ : ١٨ ، يو ١٤ : ٣٠ ) . وهكذا صار لنا إمكانية النصرة عليه : « إله السلام سيسحق الشيطان تحت أقدامكم سريعاً » ( رو ١٦ : ٢٠ ) فلم يعد لنا حجة أن نجعل من الشيطان الشماعة التي نعلق عليها خطايانا الآن، فهو يعرض دون أن يفرض ، وقد فقد سلطانه علينا إلى الأبد، تمهيداً ليوم سيعذبه فيه الله إلى ما لا نهاية ، لأنه إختار ذلك بنفسه و بكبريائه المرة ونحن الآن في المسك الألفى نتمتع بنصرة عليه ، إذ نقوم مع الرب من قبور الخطية « إستيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات ، فيضيء لك المسيح » ( أف ٥ : ١٤) : « أقامنا معه » ( أف ٢ : ٦ ) وذلك تمهيداً للقيامة الثانية قيامة الأجساد ، لنحيا مع الرب إلى الأبد. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن كتاب أسئلة حول التجسد
المزيد
13 ديسمبر 2023

بالتجسد ... تم الفداء

لم يهدف إلهنا العظيم بتجسده أن نتعرف عليه وحسب ، بل قصد أن يفدينا من موت الخطية ويعتقنا من سلطانها الخطير. فكيف كان ذلك ؟ سقط أبونا آدم ، وكانت سقطته غير محدودة حيث أنها كانت موجهة إلى إلهنا غير المحدود. كما أنها أورثت الجنس البشرى طبيعة فاسدة ، فلم ينتج عنها سوى المزيد من الخطايا في الأجيال المتعاقبة وهكذا صارت خطية الجنس البشرى غير محدودة من حيث نوعها وكمها . ما الحل إذن ؟ هناك أكثر من احتمال : ۱ - ينفذ الله كلمته ويميت الإنسان، وينتهي كل شيء لكن هذا معناه هزيمة الله أمام الشيطان الذى أفسد له عمل يديه . ما الحكمة من خلق الإنسان إذن ، مادام سيسقط في الموت منذ البداية ؟ ٢ - يسامح الله الإنسان، فهو محب ورحوم . ولكن هذا يعني أن تتجلى إحدى كمالات الله ( المحبة ) بينما تتضاءل صفة أخرى ( العدل ) . وهذا بالإضافة إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في مسامحة الإنسان الساقط ، ولكن في مداواة آثار السقوط ، أى فساد الطبيعة الإنسانية . ما قيمة أن يسامحنى الله عما سلف، دون أن يجدد ويقدس طبيعتي حتى تنتصر على الخطيئة وتصير في شركة مع طبيعته القدوسة ؟ ٣- إذن ، فليرسل الله فاد لفداء الإنسان ، فمن جهة ينفذ فيه حكم الموت، ومن جهة أخرى تنال البشرية الغفران . ولكن ما المطلوب من هذا الفادي ؟ مواصفات الفادى المطلوب : إن مهمة الفادى خطيرة ، فهو لابد أن تتوافر فيه صفات معينة مثل : ١ - يجب أن يكون الفادى إنساناً ، فالإنسان هو الذي سقط ،والفادى سيمثله في حمل القصاص . ٢ - ويجب أن يموت هذا الفادى ، لأن « أجرة الخطية هي موت » ( رو ٦: ٢٣ ) ، ولأن حكم الله على آدم وحواء كان هو الموت « موتاً تموتا » ( تك ۲ : ۱۸ ) . ٣- ولكن هذا الفادى يجب أن يكون غير محدود ، ليستطيع وفاء الدين غير المحدود على الإنسان ، وذلك ـ كما ذكرنا - لأن الخطية كانت موجهة ضد الله غير المحدود، ولأن البشرية كلها ساهمت بنصيب في هذا الدين فصار ضخماً جداً . ٤ - كذلك يجب أن يكون الفادى بلا خطية ، لأن فاقد الشيء لايعطيه ، إذ كيف يفدينا وهو خاطيء يحتاج لمن يفديه ؟ ه - ويجب أن يكون خالقاً لأن المطلوب منه ليس فقط الغفران ،ولكن تجديد خلقة الإنسان ، بالروح القدس .وأمام هذه المواصفات كان لابد من التجسد ، لماذا ؟ التجسد هو الحل : لأن أقنوم الكلمة ، الحكمة الإلهية، حينما إتخذ له جسداً وحل بيننا صار قادراً أن يفدى الإنسان، محققاً كل المواصفات المطلوبة : أ - فبناسوته : هو إنسان ، يموت . ب - وبلاهوته : هو غير محدود ، بلا خطية ، خالق . وهكذا إستطاع رب المجد أن يحل مشكلة فساد الطبيعة البشرية ، بأن أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له » . أى أنه حمل خطايانا ، و بررنا ببره كما أنه أخذ جسدنا بلا خطية ، وأعطانا شركة طبيعته الإلهية . هل هناك حل آخر ؟ مستحيل ! . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب عن كتاب أسئلة حول التجسد
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل