المقالات

27 أغسطس 2018

دعوة للإبداع

لاشك أن إلهنا العظيم هو المبدع الأول فى هذا الوجود، لأنه أصلالوجود، واجب الوجود، وعلة كل الموجودات 1- الله المبدع الأول "فى البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله: ليكن نور، فكان نور" (تك 1:1-3). كانت هذه بداية الإبداع الإلهى، فبينما يعيش إلهنا العظيم فى أزليته، ليس فى حاجة إلى شئ، وفى تيار الحب المتدفق من الآب إلى الإبن فى الروح القدس، خلق الله الزمن "كان مساء وكان صباح.." (تك 4:1)، كما خلق الكون المادى: النور، ثم الجلد، ثم اليابسة، ثم النبات، ثم الشمس والقمر والنجوم، ثم الزحافات والطيور، ثم الحيوان، فالإنسان.. (تك 1) الذى أبدعه الله على صورته ومثاله: فى القداسة والبر، إذ كان متشحاً بنقاوة الله. وفى الحكمة والنطق آخذاً ذلك من "اللوغوس". وفى الحياة والخلود، إذ كان يأكل من شجرة الحياة. وفى الروح العاملة الحرة، التى ترفعه إلى الإلهياتوقبل أن يبدع الرب الإنسان: المملكة الشاسعة فى الداخل، الروح والعقل والنفس والجسد، الأعضاء والأنسجة والخلايا المتنوعة،التفاعلات الحية داخل كل خلية، الوظائف المحددة لكل عضو، مع تناغم مذهل.. خلق الرب للإنسان الخليقة المادية، بما تتميز به من جمال أخاذ، وحياة لا يهبها إلا الله الحىّ، ورعاية حتى لأصغر فيروس، وطبيعة رائعة ذات ألوان، ومنافع ودورات حياة.. ملايين الأنواع من الكائنات التى تحار العلوم الإنسانية فى سبر أغوارها: سواء فى عالم النبات أو الحيوان أو البحار.. وبالأكثر فى عالم الأفلاك والنجوم، حيث المجرات الشاسعة بالملايين، وكل مجرة تحوى شموساً بلا عدد، ونجوماً..كيف أبدع الله الكون؟!نعم.. فإلهنا هو "مهندس الكون الأعظم".. فيه عظمة الخالق، ودقة القوانين الطبيعية، وبراعة الطبيب الخالد، وروعة المدبر والمنظم.. لهذا هتف معلمنا داود النبى قائلاً: "أيها الرب ربنا، ما أعجب أسمك على الأرض كلها، لأنه قد أرتفع جلالك فوق السموات. من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحاً.. السموات أعمال يديك، القمر والنجوم أنت أسستها" (مز 1:8،2). "السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه.. جعل فى الشمس مظلته، وهى مثل العريس الخارج من خدره، من أقصى السماء خروجها، ومنتهاها إلى أقصى السماء" (مز 1:18،4،5). ولهذا أيضاً قال الرسول بولس، أن من يتأمل فى الكون يرى الله، ولذلك فهو بلا عذر إذا لم يؤمن به، وإنساق وراء عبادة الأصنام:"الذين يحجزون الحق بالإثم.. معرفة الله ظاهرة فيهم.. لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم، مدركة بالمصنوعات، قدرته السرمديةولاهوته.. حتى إنهم بلا عذر" (رو 18:1-20) 2- الله.. أساس الإبداع الإنسانى:فلأن الله مبدع، ولأنه خلق الإنسان على صورته ومثاله، وأعطاه روحاً عاقلة حرة، صار الإنسان مبدعاً مثل الله.. الفرق هو أن الله هو المبدع اللانهائى، والإنسان هو المبدع النسبى.. أى أن إبداعاته مأخوذة أساساً من عمل روح الله فى داخله، وفى عقله، وفى وجدانه، وبطريقة محدودة، تمجد الله، وبدون الله ليس لها وجود ولا إستمرارية.الفنان مثلاً.. سواء من يستخدم حنجرته أو بنانه، فى الإنشاء أو الرسم.. الله هو الذى أعطاه هذه الحنجرة. والإنسان يصقل هذه المواهب بالعلم والدراسة.. هذا من حيث أصل هذه المواهب. أما من حيث إستمراريتها، فمستحيل أن يضمن الإنسان سلامة صوته أو عينيه أو أصابعه، فى خضم هذه الحياة الزاخرة بالأمراض والحوادث.. الله فقط هو الضمين الوحيد لهذه العطايا كى تستمر. ونفس الأمر نجده فى الإبداع الفكرى أو العلمى أو الثقافى.. فالله "اللوغوس" الحكمة اللانهائية، هو الذى يعطينا الحكمة المحدودة، التى بها نفكر وندرس، ونحلل، ونلاحظ، ونستنتج ونربط، ونصل إلى إكتشافات وإختراعات علمية، أو إلى إنجازات فكرية وثقافية. الكل رأى التفاح يسقط من الشجر إلى أسفل كما رأى نيوتن. والكل يرى المياه تفيض من "البانيو" كما رأى أرشميدس. والكل رأى غطاء الابريق يتحرك إذا غلى الماء.. والكل يعرف أن الزمن مهم فى قياس الأشياء والحركة كما رأىاينشتاين. لكن هناك شئ ما، يسميه المفكرون "الومضة" (glimpse).. إشعاعة من فوق.. فكرة من العلا.. أتت إلى ذهن العالم أو المفكر بشئ جديد.. وادت إلى إبداعات مذهلة: من البخار إلى الكهرباء إلى الذرة .. ومن فلسفات القدماء إلى أفكار المحدثين. ومع أن الإنسان كثيراً ما يدعى أن بمفرده إنجاز كل ذلك، إلا أن العالم المتضع هو القادر أن يكتشف الإله غير الظاهر حسياً، والمعلن فى كل هذه الإبداعات.. لهذا قال نيوتن حينما سئل عن إحساسه بعد الإنجازات الهائلة فى قوانين الطبيعة: "كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط ضخم" وقال اينشتاين: "كلما ازدادت دراستى لهذا الكون، ازداد إحساسى بالجهالة".3- إذن... فلنبدع نحن:نعم.. فأنت مدعو للإبداع.. ولكن أنصحك أن تعيد قراءة السطور السابقة.. فالله هو أساس الإبداع الإنسانى المتنوع..أ- أقتن الصفاء الإلهى :فبصفاء النفس بالتوبة، وشبع الروح بالصلاة والكلمة والأسرار، واستنارة الذهن بالقراءة والتأمل.. يمكن أن تهدأ نفس الإنسان ويستشرق الآفاق الجديدة، ويستشعر الحضور الإلهى، ويكتشف جديداً فى الفكر والمعرفة والفنون.." من أجل ذلك كل كاتب متعلم فى ملكوت السموات، يشبه رجلاً رب بيت، يخرج من كنزه جدداً وعتقاء"(مت52:13) ب- تحفظ من الكبرياء :فالكبرياء طريق السقوط، ولكنها بالأكثر طريق الجهالة.. فالإنسان المتكبر متمركز حول ذاته، ولهذا لا يرى سواها، ولا يكتشف العالم المحيط، ولا إبداعات الآخرين، وبالتالى لا يستعمق شيئاً، ولا يجدد شيئاً، لا فى حياته، ولا فى حياة الآخرين!ج- إحذر الإنحراف :فمع أهمية أن "تكون نفسك"، (BE YOUR SELF)، لأن الإنسان لديه حاجة نفسية إلى التفرد والخصوصية، وقد اختص الله كل إنسان بعطايا ومزايا خاصة.. إلا أن الإنسان أيضاً بحاجة إلى المرجعية، التى تراجع أفكاره وأعماله وإبداعاته، فتطمئن وتطمئنه إلى صحة ما أنتج من فكر أو علم أو ثقافة..الإبداع شئ، والبدعة شئ آخر.. فالأول ناتج عن عمل الله فى الملكات الإنسانية، التى أستودعها الإنسان، أما البدعة فهى نتاج عمل الشيطان، لتدمير الإنسان والإنسانية!! وها "عبادة الشيطان" قد أتت إلينا من الغرب، تخرب وتدمر روح الإنسان وفكره، بل حتى جسده وأسرته ووطنه..إذن.. فطريق الإبداع مفتوح.. لكن بعمل إلهى، وتجاوب إنسانى... فالرب لم يهمل الإنسان حتى فى الوحىّ المقدس... حينما رفض أن يلغى الإنسان، بل استخدمه فى إيصال الوحىّ الإلهى، مستخدماً ملكاته فى اللغة والأسلوب، ومعلوماته التى أخذها عن التقليد الشفاهى أو المكتوب.. ولكن مع عصمة إلهية من الزلل، إذ يكتب "مسوقاً منالروح القدس" (2بط 21:1) أحبائى الشباب هيا إلى مزيد من الشركة الروحية مع الله، والنفس الصافية الهادئة، والذهن المستنير بالكلمة، لكى يأتى الإبداع سليماً فى مصدره وغاياته... سواء أكان إبداعاً فكرياً أو فنياً أو علمياً. أو حتى إذا كان إبداعاً روحياً.. فأمامنا تأملات السروجى، واعماق يوحنا سابا، وتفسيرات ذهبى الفم وروحانية أنطونيوس، وشركة باخوميوس، وتوحد الأنبا بولا.. وكلها إبداعات أثرت الإنسان والكنيسة...والرب معكم، نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 أغسطس 2018

فضائل فى حياة العذراء مريم

بنت السيدة العذراء حياتها على فضائل أساسية وبدونها صعب أن يخلص الإنسان، أو أن يكون له حياة أبدية، أو يقتنى المسيح فى أحشائه كما اقتنته السيدة العذراء فى أحشائها، وهذه الفضائل الأربعة هى: 1- فضيلة النعمة. 2- فضيلة الحوار. 3- فضيلة الاتضاع. 4- فضيلة التسليم. 1- فضيلة النعمة : قال لها الملاك: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة" كلمة (نعمة = خاريس).. أصل الكلمة يقصد "فعل الروح القدس".. فعندما يملأ روح الله الإنسان يملأه من النعمة. ما معنى يملأه نعمة؟ أى يفعل فيه فعلاً إلهياً مقدساً ومكرساً ومدشناً هذا الإنسان، فيصبح هذا الإنسان مكان وهيكل لسكنى الروح القدس. "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" إذن النعمة هى عمل الروح القدس.. فالعذراء وهى طفلة فى الهيكل.. فتحت قلبها لعمل الروح القدس، لذا كان طبيعياً أن يحل فيها الروح القدس. وهنا أريد أن أسألكم أحبائى الشباب ما مدى شبعى بوسائط النعمة؟ فالسيدة العذراء: فى الهيكل إما أن تصلى أو تقرأ.. أو تخدم الذبيحة بطريقة ما، هذه الثلاث وسائط التى تملأنا نعمة. نصلى كثير.. نقرأ الإنجيل كثير.. نتحد بذبيحة الأفخارستيا، هذه هى النعمة وسكنى الروح القدس والمصاحبة الربانية للإنسان. ألا يقال أنه: "يوجد صديق ألزق من الأخ" المسيح يحب أن يكون صديق لنا وساكن بداخلنا، والمسيح لا يسكن بداخلنا إلا بعد أن يملأنا بالنعمة أولاً.. ألم يسكن داخل العذراء بعد أن ملأها نعمة. وهكذا فأنت عندما تصلى تتغذى، لأن الصلاة تماماً كالحبل السرى للجنين فى بطن أمه، لولا هذا الحبل السرى يموت الجنين.. وأيضاً يوجد بيننا وبين الله حبل سرى. فالله يسكب دمه الإلهى ويسكب نعمته فى أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة الحياة التى هى الصلاة، فالصلاة هى الأكسجين أو الغذاء. يقول الكتاب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بكل كلمة تخرج من فم الله". إذن الذى لا يقرأ الكتاب المقدس يجوع... ومن يجوع يموت... الخبز للجسد كالكتاب المقدس للنفس، ومثلما الخبز يشبع الجسد وأساسى لحياته، كذلك الكتاب المقدس أساسى لشبع النفس. فى الصلاة نشبع بالسمائيات، وفى الكتاب المقدس نشبع بكلمة الله "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك كالشهد فى فمى". ونتغذى أيضاً من خلال الأسرار المقدسة "لأن من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه" الصلاة خبز والكتاب خبز والتناول خبز. والإنسان يشبع من خلال هذه الثلاثة أنواع من الخبز الروحانى. 2- فضيلة الحوار : لم يكن هناك تعامل مع الله على أنه ساكن بالسموات، ونحن هنا على الأرض وبيننا وبين الله مسافة كبيرة، ولكن السيدة العذراء أحست أن الله أباها، وبدأت تقيم حواراً معه، فحتى عند بشارة الملاك لها بأنها ستحبل وتلد أبناً كانت تستطيع أن تصمت على الأقل خوفاً ورهبة، ولكنها بدأت تسأل: "كيف يكون لى هذا؟" وكان رد الملاك لها محاولاً أن يوضح لها ويفسر ذلك... "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك..." وكان سؤال العذراء استفسارى فى حوار بنوى، وليس حوار فيه روح الشك، فالعذراء كان بينها وبين الله دالة، ما أحلى أن تكون موجودة بينك وبين ربنا يسوع هذه الدالة البنوية. نحن لا نريد أن نتكلم والله يسمع فقط، ولكن الله أيضاً يتكلم وأنت تسمع "تكلم يارب فإن عبدك سامع" بيننا وبين ربنا حوار.. مناجاة.. محادثة. ولنتأمل يا أحبائى فى قصة السامرية.. 8 مرات يسألها الرب يسوع وتجيبه هى، وتسأله السامرية ويجيبها رب المجد... فالله لا يسكن فى الأعالى ويتركنا، ولكن هو يريدنا أن نتحدث معه دائماً وأن نسمعه "هلم نتحاجج يقول الرب" نريد أن نتعلم الحوار مع الله، وداود يقول إنى أسمع ما يتكلم به الرب الإله. 3- فضيلة التواضع : عندما أعلن لها الملاك أنها ستكون أم لله كان ردها "هوذا أنا آمة الرب" آمة.. عبدة.. خادمة.. تواضع لا مثيل له من السيدة العذراء، تواضع حقيقى.. نعم فأنت تضع فى يا رب وتعطينى من محبتك، ولكن ما أنا إلا خادمة.. هل عندنا هذا التواضع الذى يحول الأم إلى آمة؟ كلما أنكسر الإنسان أمام الله كلما أنتصر على التجارب، فالانكسار أمام الله، هو طريق الانتصار، من يتواضع يرفعه الله "أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتواضعين". وكانت السيدة العذراء كلها وداعة، وكلها تواضع، فهى سمة ظاهرة جداً فى حياة السيدة العذراء. 4- فضيلة التسليم : كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لى كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف. ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يارب، وها هم المجوس فى زيارة المولود، يقدم المجوس ذهباً ولباناً ومراً.. إذن لماذا الألم يارب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يارب، ويأتى سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يارب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب.. كان التسليم عجيباً "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى". هل سألته لمن تتركنى؟ من ينساها... إنه تسليم فى كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك. هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لى كقولى" تأملوا فى هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد". يا أحبائى .... أمام السيدة العذراء نذوب حباً وخجلاً من أنفسنا، ونشعر بالنورانية الحلوة التى تشع من وجهها، وننظر إلى سيرتها العطرة فنتمثل بإيمانها. السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة.. تحاور الله فى دالة متواضعة، تسلم حياتها لله كل الأيام. نيافة الحبر الجليل انبا موسى أسقف الشباب
المزيد
30 يوليو 2018

ماذا يقول المسيح للشباب؟

حاولت أن أتسمع إلى همس السيد المسيح، فى إن شباب اليوم... تراه... ماذا يقول لهم؟ هلموا نضع آذاننا قرب شفتيه الطاهرتين، أو نتكئ مثل يوحنا الحبيب على صدره الرحب، لنسمع دقات قلبه الحنون، الذى يخفق بحب العالم كله.. ابنى الحبيب... ابنتى المباركة : أننى أحب كلا منكما بصدق، صدق قد يخفى عليكما، وربما قد يشوهه بعض أبنائى عمداً أو دون قصد. أنا أهمس إلى كل قلب فى الوجود، متجاهلاً كل الفروق الظاهرية، من جنس أو لون أو دين أو عقيدة، بل متجاهلاً كل ما يبدو عميقاً فيكم، فهذا متدين، وذاك بعيد، والثالث عنيد، والرابع مستعبد لخطية معينة.. ورغم كل هذا فأنا أهمس لكل قلب فأقول: "لاتخف لأنى فديتك، دعوت باسمك، أنت لى" (أش 1:43). أننى أحب كلا منكما بصدق، صدق قد يخفى عليكما، وربما قد يشوهه بعض أبنائى عمداً أو دون قصد. أنا أهمس إلى كل قلب فى الوجود، متجاهلاً كل الفروق الظاهرية، من جنس أو لون أو دين أو عقيدة، بل متجاهلاً كل ما يبدو عميقاً فيكم، فهذا متدين، وذاك بعيد، والثالث عنيد، والرابع مستعبد لخطية معينة.. ورغم كل هذا فأنا أهمس لكل قلب فأقول: "لاتخف لأنى فديتك، دعوت باسمك، أنت لى" (أش 1:43). لاتخف لأنى فديتك : نعم... لاتخف يا حبيبى.. فمع أنى الإله القدير، والخالق غير المحدود، إلا أن قلبى يذوب حباً من نحو. لاتخف منى.. فأنا الآن لا أحاكم أحداً، ولا أقاضى إنساناً.. أنا معك الآن فى زمان الحب، زمان الرحمة.. لذلك فلا تخف منى. لقد قال لك خدامى أننى سوف أدين المسكونة بالعدل.. وهذه حقيقة.. لكن كل ما يشتهيه قلبى هو أن تأتى إلىّ.. كما أنت.. بكل ضعفاتك، وسلبياتك، وتطلعاتك، وطموحاتك، وتمردك، وعبودياتك، تعالى كما أنت... ولاتخف.. والسبب بسيط.. لاتخف لأنى فديتك. نعم فدمى الذى سأل من أجلك على عود الصليب، سال حباً فيك، وسدد كل ديونك.. لذلك فحينما ستقف يوماً أمام العدل الإلهى، تستطيع أن تحتج بكل ثقة وتقول: "ديونى دفعها السيد.. دفعها حين مات نيابة عنى". دعوتك باسمك : نعم.. لا تتعجب.. أنا أعرف اسمك.. فأنا لست زعيم قطيع، ولا أبحث عن شعبية! أنا أحبك شخصياً، وصدقنى لو أنهم سألونى على الصليب من أجل من ستموت يارب؟ لكنت قد أجبتهم: "من أجل فلان وفلان وفلان".. وكنت سأذكر اسمك فعلاً.. حاول أن تقول الآن: يسوع مات من أجلى، فمن الطبيعى إذن أن أعيش من أجله. ومعرفتى باسمك ليس المقصود بها اسمك فقط، بل ظروفك وطبيعتك ومستقبلك الزمنى والأبدى، كل خلاياك، وثنايا حياتك الأرضية والأبدية، وما قابلت سوف تقابل، كل هذا أنا أعرفه. لهذا أحبك.. من أجل النجاح الذى سوف تنجحه.. ومن أجل الفشل الذى سوف يبكيك ويبكينى معك، ومن أجل كل لحظة سقوط أو نصرة.. أنا معك.. أنا فيك!! أنت لى : لا لكى احتكرك أو أستولى عليك.. كلا.. والسبب بسيط: أننى لا نهائى.. وأى إضافة إلى مالا نهاية تساوى صفراً.. أنا لا أحتاج إليك وأنت لى تضيف إلى شيئاً.. بصراحة أنا محتاج أن أعطيك.. أعطيك حبى، وجسدى، ودمى، وخلاصى، وأبديتى، وفرحى اللامحدود. ابنى الحبيب... ابنتى المباركة.. أنا فى انتظاركما... بكل الحب.. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
23 يوليو 2018

المسيحي والعالم

أحبائى الشباب ... فى كل مرة نحضر القداس الإلهى، نسمع فى نهاية الكاثوليكون، عبارة:"لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم" (ايو15:2). بينما يقرأ فى إنجيل معلمنا يوحنا: "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد.." فهل من تناقض؟!بالطبع ليس هناك تناقض لسبب بسيط، أن كلمة "العالم" فى الآية الأولى تعنى "الأشياء"... كما هو واضح فى بقية الآية، أما كلمة "العالم" فى الآية الثانية فتعنى "الأشخاص" كما يتضح أيضاً فى بقية الكلام: "لكى لا يهلك كل من يؤمن به" (يو 16:3)، إذن، فالرب يدعونا إلى أن نفطم عن "شهوات سائر الأشياء".. وعن "غرور الغنى".. فهذه الأمور تأخذ من رصيد محبتنا للرب، حينما تتحول إلى محبة منافسة لمحبتنا للسيد المسيح، فتفقدنا تكريس قلوبنا لله ولقد كان الرب يسوع واضحاً جداً حينما تحدث عن المال، فهو لم يدعنا إلى عدم استخدام المال أو التعامل معه، بل إلى عدم "محبة" المال، عدم "خدمة" المال "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 24:6) من هنا كانت المشكلة فى "خدمة المال"، "ومحبة المال"، وليس فى استخدام المال وقد استعمل الرسول بولس تعبيراً مشابهاً حينما حذرنا من شهوة أن نكون أغنياء، فقال لنا: "إن كان لنا قوت وكسوة، فلنكتف بهما، وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء، فيسقطون فى تجربة وفخ، وشهوات كثيرة غبية ومضرة، تغرق الناس فى العطب والهلاك. لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 11:6) لذلك فهو يدعونا قائلاً: "أما أنت يا إنسان الله، فأهرب من هذا" (1تى 11:6). نفس الأمر يؤكده لنا معلمنا يوحنا حينما يقول: "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب، لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم، والعالم يمضى وشهوته، وأما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو15:2-17)، إذن، فعلينا أن نحب كل من فى العالم، ولا نحب كل ما فى العالم!. العالم.. كشهوات : حدد القديس يوحنا الحبيب شهوات العالم، فى ثلاثة أنواع، حتى نتحفظ منها: 1- شهوة الجسد : أى النزول إلى مستوى الحسيات، لتسيطر على الإنسان وهنا ينبغى أن نفرق بين كلمات ثلاث: ايروس.. شهوة الحس والجسد. فيلو.. المحبة الإنسانية العائلية والصداقة. أغابى.. المحبة الروحانية المتسامية. والرب يريد منا أن تتنقى من "الأيروس"، أى شهوات الجسد، وأنواع الانحرافات المختلفة. كذلك لا يرضى لنا بمستوى "الفيلو" أن العلاقات الإنسانية، التى يمكن أن تقوم بين البشر على أساس الاجتماعيات، أو العواطف البشرية أو علاقات الدم.. إنه يريد منا أن نرتفع إلى مستوى "الأغابى" المحبة الروحانية، التى تتسم بالقداسة، والثبات، والعطاء.. هذه السمات الثلاثة لا يمكن أن تتوافر إلا حينما يقدس الرب مشاعرنا وعواطفنا، فتصير نقية وطاهرة، ولأنها من الله فهى ثابتة بثبات الله، لا تتغير حسب الظروف، أو المعاملات، وكذلك فهى سخية فى العطاء، لا تنتظر العوض والمقابل، فهى تنسكب بسخاء صادرة من الله نفسه، وهى كالمحبة الإلهية لا تنتظر المكأفاة... 2- شهوة العيون : والمقصود بها حب الإمتلاك، يرى الإنسان شيئاً فلا يستطيع أن يقاوم الرغبة فى امتلاكه!! وهذا ما نراه حولنا فى كل يوم.. ما نسميه بالشهوة الإستهلاكية، فالتليفزيون يعرض أمامنا كل يوم أنواعاً من المقتنيات والمأكولات.. فنسير وراء هذه الشهوة، ونصرف الكثير من النقود، ونسبب الكثير من المشاكل العائلية. أما النفس الشبعانة فهى "تدوس العسل"، أى إنها لا تسقط تحت إغراء الإعلان، ولا تحت إيماءات غريزة حب التملك.. فهى تمتلك اللانهاية، الخلود، الأبدية.. وتهتف مع العروس: "أنا لحبيبى وحبيبى لى" ولهذا فهى لا تشعر بالجوع، بل تقول مع المرنم: "الرب راعىّ، فلا يعوزنى شئ"!! 3- تعظم المعيشة: هذا ما يصبو إليه الكثير من الشباب، كيف يقود حياة فيها بذخ وترف ولهو وملذات.. وينسى إن هذا التعظيم والتنعم ليس هو سر الفرح والسعادة، بل بالعكس يقول الكتاب: "المتنعمة ماتت وهى حية" ذلك لأنها فقدت شبع الروح، وعظمة المركز الإلهى، فالمولود من الله يرى فى نفسه كرامة وعزة ورفعة، يستحيل أن يحس بها الإنسان الغريب عن الله!!وهنا أتذكر كلمات الشيخ الروحانى: "يا ابن الملك، لماذا تبحث عن كسرة خبز؟!".إن أولاد الله يشعرون بكرامة فائقة، ويحسون أنهم أبناء ملك الملوك، وليس فى كل العالم من مركز أعلى من هذا المركز!!. ولكن.. كيف ؟ إن محبتنا للعالم كأشياء وشهوات، لا يمكن أن تنتهى إلا بالبديل!! والبديل هو الرب يسوع!!. "حاشا لى أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذى به صلب العالم لى، وأنا للعالم". هنا الدواء : أن نتحد بصليب الرب!! فالصليب هو الحب!! وهو العطاء!! وهو دواء الشهوة النجسة!! وهو الاتحاد بالله!! وهو التطلع إلى أورشليم السماوية!! وكل من اقتنى المسيح، اقتنى الخلود.. من هنا يسهل عليه أن يتخلى عن العالم المادى المحدود الخاطئ الزائل، لكى يشترى الملكوت الروحى واللانهائى والمقدس والخالد إلى الأبد!! نعم .. إنها صفقة!! الصلب المتبادل : إن الاتحاد بصليب الرب يحدث لنا نوعاً من الصلب المتبادل: "صلب العالم لى، وأنا للعالم".. أى أن الإنسان المسيحى يصير العالم بالنسبة إليه شيئاً مصلوباً، ميتاً، تفوح منه رائحة النتانة، فلا يجد فيه شيئاً يشتهى!! وفى المقابل، يصير المسيحى نفسه مصلوباً بالنسبة إلى العالم، أى أن أهل العالم لا يستطيعون تحريك شهواته.وطوبى لمن يردد مع المرنم: "من لى فى السماء.. ومعك لست أريد شيئاً على الأرض". نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
16 يوليو 2018

مفاتيح فى خدمة الشباب

هناك مفاتيح أساسية، تفتح قلوب الشباب، وتجعل خدمتهم سهلة ميسورة، بنعمة المسيح، وعمل روحه القدوس الصلاة فالصلاة هى ببساطة شديدة أن نشرك الله معنا فى العمل، وهكذا نضيف إلى طاقتنا المحدودة، الناقصة، والقابلة للخطأ والانحراف، طاقة إلهية غير محدودة، إيجابية وبناءة الصلاة تفتح حياتنا الله، وتفتح حياة الله علينا، وهكذا يلتقى المحدود باللامحدود، ويالها من معجزة!! الصلاة هى الحبل السرة الذى يتصل الخادم من خلال بالله، آخذاً منه القوة والإستنارة والقيادة، كما أنها الحبل السرى الذى يتغذى الخادم من خلاله، على قوة الروح، ونعمة الله الصلاة تجهزك كخادم لكى تخدم، وتجهز الكلمة على شفتيك فتخرج حية ومؤثرة، وتجهز المخدومين لكى تعمل فيهم كلمة الحياة لتوبتهم وخلاصهم. الخادم يصلى قبل أن يحضر الدرس، وأثناء إلقاء الدرس يكون متصلا بالله، طالباً القيادة والمعونة، وبعد الدرس يصلى واضعاً نفسه والكلمة والمخدومين بين يدى الله. الخادم يصلى قبل الافتقاد ليقوده الرب إلى النفوس المحتاجة، وأثناء الزيارة ليوجه الرب الحديث نحو خلاص المخدوم والشبع الروحى، وبعد الزيارة ليستمر عمل الروح فى قلب الخادم والمخدوم معاً. الزيارة جلسة روحية مع المخدوم عند قدمى المسيح، وليست جلسة أستاذ مع تلميذ، فكلنا تلاميذ المسيح، وفى حاجة مستمرة إلى التعلم الحب الشخصى من أهم مفاتيح الخدمة لمسة الحب الشخصى للمخدوم.. وذلك يشمل معرفتى باسمه كاملاً. معرفتى بظروفه، لكى أسانده فيها وأصلى معه معرفتى بعنوانه فى المنزل، وزيارتى له. وقوفى معه فى مصادمات الحياة المختلفة، كالمرض والوفاة والفشل الدراسى وكافة المشكلات العائلية أو الشخصية. لذلك يحتاج الخادم أن يكون قلبه متسعاً بلا حدود، وذلك بالطبع فوق طاقة البشر، لذلك يتحد بالرب، لكى تنسكب محبة الله فى قلبه بالروح القدس (رو 5:5) كما يحتاج الخادم أن يمتحن ويفحص محبته للمخدوم، هل هى محبة كلام أم محبة عمل "لا نحب بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق" (1يو 18:3) كما أن محبة الخادم للمخدوم يجب أن ترتفع لتكون محبة روحانية (أغابى) وليست مجرد محبة إنسانية (فيليا) فالمحبة الروحانية فيها حضور الله، والكمال، والنقاوة، والثبات. أما محبة البشر فهى محدودة وناقصة ومتقلبة وغير قادرة على الاحتمال والصفح لهذا قال الرب "لا تخف لأنى فديتك، دعوتك باسمك، أنت لى" (أش 1:43).. كما قال: "أعرف خاصتى، وخاصتى تعرفنى" (يو 14:10).. وهو "يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو 3:10) الكلمة أنها المفتاح الأساسى فى خلاص نفسى، فقد قال الرب على فم رسوله بولس: "الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله" (رو 17:10).. وأوضح لنا فى مسلسل الكرازة ما يلى ضرورة أن يدعو الإنسان الله ليخلص ضرورة أن يؤمن الإنسان ليدعو الله ضرورة أن يسمع الإنسان الكرازة ليؤمن ضرورة أن يكرز الخدام للناس ليسمعوا فيؤمنوا ضرورة أن يرسل الرب الخدام ليكرزوا بالكلمة إذن فالسلسلة هى : إرسال الخدام - الكرازة للناس - سماع الناس لأخبار الخلاص - الإيمان بها - دعوة الناس الله ليخلصهم والخادم الأمين يقرأ كلمة الله كل يوم يشبع بها بكل قلبه يحفظها فى ذهنه وقلبه لكى لا يخطئ إلى الله ينفذها للآخرين ليخلصوا بها كما أنه يقدم الكلمة للناس فى أنموذجه الحى: "كن قدوة" كلماته التلقائية فى الحياة اليومية كلماته فى العظات والافتقاد نبذات تحمل فكر وحب المسيح للشباب شرائط كاسيت شرائط فيديو الحوار من أهم مفاتيح خدمة الشباب أن يكون الخادم محاوراً جيداً فوائد الحوار الحوار مع المخدومين يجعلنا أ- نتعرف على واقعهم ومشكلاتهم واحتياجاتهم ب- ندرس إمكانية التعامل مع هذا الواقع فعلا ج- تظهر المشكلات فى التطبيق، ويتم حلها د- تراعى الفروق الفردية هـ- نصل إلى قناعة مشتركة خالية من القهر أو بيع الفكرة مواصفات الحوار الناجح يتصف الحوار الناجح بسمات هامة هذه بعضها جو روحى هادئ خال من الانفعال قدر الإمكان مشاركة متاحة للجميع، دون استقطاب لا يجوز إلغاء القائد للمجموعة، ولا إلغاء المجموعة للقائد بعيد عن روح الجدل العقلانى الجاف مساحة الوقت المتاحة مناسبة تكون نقاط الحوار واضحة، حتى لا نتوه ونتشعب لا يفرض أحد فكره على المجموعة حتى إذا كان القائد الكل يتحدث مع القائد، بأذن ونظام، دون أحاديث جانبية أو شغب أحذر جفاف الحوار، وتشتت الأفكار، وأحرص على التجمع فى النهاية مع اللمسة الروحية المناسبة وهكذا نصل إلى حوار ناجح، فيه ينتبه الجميع إلى الموضوع المطروح، ويشاركوا فيه بالرأى والخبرة، ويستمعوا إلى آراء الغير ويصلوا إلى قناعة هادئة ومستريحة، كمقدمة أساسية لتنفيذ ما نتفق عليه، لبنيان الفرد والجماعة المشاركة مفتاح هام وأخير هو أن يشارك الشباب فى اجتماعهم فى اختيار الموضوعات والمتكلمين فى اختيار أنواع النشاط المختلفة فى الاشتراك فى لجان متنوعة : الحفلات - الرحلات - الافتقاد - الصلاة - دعوة المتكلمين - خدمة المستشفيات والمرضى والمعوقين والملاجئ - المعارض - المسرحيات - الدراسات المختلفة (كتابية.. كنسية.. ألحان.. لغة قبطية .. ثقافية.. وطنيات.. الخ) أن يشارك كل الشباب بمواهبهم: الفنية والأدبية والموسيقية والاجتماعية والرياضية والكشفية أن يشاركوا فى التفكير، والتعبير، والتقرير، والتنفيذ فى كل أمور خدمتهم أن يشاركوا فى منبر الشباب أن يشاركوا فى مهرجانات ومؤتمرات الشباب إن هذه المشاركة : تنمى شخصيتهم، وتصقلها، وتستثمر طاقاتهم، وتنقذهم من الانحراف، وتثبتهم فى الرب وكنيسته، وتجعل منهم خدام المستقبل نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
09 يوليو 2018

قيمة الخدمة

إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة.. لكى يكون برا الله فينا" (2كو 17:5). قيمة الخدمة التى نؤديها تتحدد من خلال 5 أسئلة وهى : 1- ما مدى صدق الدافع (ما وراء خدمتى)؟ 2- ما مدى صدق الغاية (ليه)؟ 3- ما مدى وضوح الهدف.. هل هناك زعل أو أهداف أخرى؟ 4- ما مدى سلامة الوسيلة؟ وسيلتى صح ولا خطأ؟ 5- ما مدى سلامة العائد؟ هل النمو علاقات اجتماعية أم الناس أحزت أيه من خدمتك... ما هو مردود خدمتك؟ 1- صدق الدافع : هناك من يخدم بدافع ذاتى.. دافع مادى.. دافع عاطفى (مجموعة يتحب بعض لذلك يستخدم مع بعض فإذا ما تفتت المجموعة نلاقى الخادم امتنع عن الخدمة). الدافع الحقيقى يتلخص فيما يلى: آمنت ثم فأخذت ثم فأجبت ثم فتكلمت ثم فخدمت. آمنت : " آمنت لذلك تكلمت".. "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" اختبرت المسيح اختبار شخصى لولا أن الرجل الأعمى مؤمن لم يصرخ قائلاً: "يا ابن داود ارحمنى". أخذت : هذا الإيمان صار اختبار بدأت بشركة مع المسيح فاختبرت فى الضيقة فى السقوط فى العبودية فى المخاوف فى الاضطهادات... ما عندك من مواهب أخذته من عند ربنا لا تفتخر إنها حاجتك إيمان = ثقة الأخذ = اختبار. حب الناس : أول ما الإنسان يأخذ يمتلأ قلبه بالحب تجاه الناس فيبدأ يفكر فى خدمتهم بحب. تكلمت : ومن هذه المحبة يتكلم الخادم.. "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب".. "قد وجدنا يسوع".. "تعالوا وأنظروا إنسان قال لى كل ما فعلت العل هو المسيح". خدمت : لخدمة أعمال محبة وليست كلام.. عطية وبذل حتى الدم فتكون دعوتك وخدمتك مؤيدة بفعل صادق. السامرية ذهبت تكرز للسامريين فنها اكتشفت المسيح اللى أعلن لها عن كل خطاياها التى لا يعلمها أحد.. قيمة الخدمة تصدر عن صدق الدافع... آمنت.. أخذت.. أحببت.. تكلمت.. خدمت. 2- صدق الغاية : بتخدم ليه؟.. هل علشان نستخدم مواهبنا.. نتقبل مديح الناس نشبع غرورنا.. نمجد أنفسنا؟.. نعلم الناس..؟ ثلاثة أمور هى :المسيح.. الإنسان.. الملكوت. المضمون هو أيها البشر.. يسوع يحبكم.. فتح لكم الملكوت هذا المنهج سلكه يوحنا المعمدان ثم المسيح ثم التلاميذ.وهذا المنهج يشهد له كثيراً معلمنا مرقس ومعلمنا متى فى إنجيليهما.. "توبوا قد أقترب منكم ملكوت الله" توبوا خاصة بالبشر أقترب منكم المقصود بها تجسد السيد المسيح. ملكوت الله اللى ها نقتنيه فى القلب.. فيكون فى الكنيسة فيؤهلنا إلى ملكوت الأبدية بقوله: "لاتخف ايها القطيع الصغير. لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت" لو ضاع هذا المثلث تصير الخدمة بلا ثمر.. الإنسان المسيح خلصك لتحيا الملكوت... إذن صدق الغاية يعطى قيمة للخدمة "غايتى فى المسيح" نائلين غاية إيمانكم هى خلاص نفوسكم. 3- وضوح الهدف : هل هدفى من الخدمة خلاصى.. وخلاص أخوتى أحياناً أركز على خلاص نفسى ,اهمل خلاص المخدومين والعكس "جعلونى ناطورة الكروم وأما كرمتى فلم أنظره".. الخادم الناجح يسلك بمعادلة بحيث إن فعلت ذلك.. تخلص نفسك وآخرين الخادم الأمين لا يفيض فقط إنما قناة سالكة تمتلأ تقدم .. قناة سالكة بين خزانات المياه الإلهية وبين احتياجات الخدمة وهنا الهدف واضح: خلاص النفس وليس إظهار الذات "أقمع جسدى واستعبده" المقصود بالجسد جسد النفس والذات وهو ما يسمى بالروحانية الجسدانية (انشقاق وتحزب) أى أقمع خطاياه وأستعبد كيانى ا داخلى لئلا بعد ما كرزت للآخرين أصير أنا مرفوضاً. إذن الهدف الواضح هو : أخدم لكى أخلص ولكى يستخدمنى الرب لخلاص الآخرين.. ممكن بعد ما يثمر الخادم ربنا يأمر باستقالته يأتى خادم جديد يدخل على تعب الخادم الأول ويكون كل شئ على مايرام نجد الخادم الثانى يصور لنفسه أنه أنجز وأثمر رغم أن التعب كان تعب الأول. 4- سلامة الوسيلة : لوسيلة لابد أن تكون سماتها :شرعية - روحانية - مستقيمة. شرعية : أى بإرسالية من الكنيسة.. فبولس الرسول كان مع التلاميذ وقال عنه: افرزوا لى برنابا وشاول كان باستطاعته أن يرفض وضع يد بطرس عليه بعد هذا النداء بالإفراز ونجد بمثابة دعوة لخلاصه ليس لأنه أفضل من البقية إنما لكى تحفظه عندما يأتى بطرس ويوحنا لوضع ايديهما عليه يشعر أنه غير مستحق ولكن يقبل لأجل الدعوة.. روحانية : فلتكن الخدمة مكتبة - معرض - حضانة .. الخ ليست الخدمة خدمة كلام فقط.. ممكن تكون ابتسامة "بكلامك تتبرر وبكلامك تدان"... قيمة الخدمة ليست بنوعيتها من حيث معوقين - مكتبة - معرض إنما بالدسم الروحى الذى بداخلها.. فلتكن خدمة نظافة ولكن نؤديها باتضاع.. عمل مشغل.. الهدف منه جمع النفوس من الشارع.. يرتلوا.. إنجيل مفتوح.. كلمة صغيرة (مسحة روحية). مستقيمة : من خلال الخدمة لا تكسر المبادئ.. خدمة خالية من التلوث.. التحزب.. الشقاق.. البدع.. الخ. 5- سلامة العائد : وهو يظهر فى المخدومين.. وذلك بأن يرتبط المخدوم بخمسة وهى : 1- يرتبط بربنا : أحسن لاهوتى هو المصلى. أحسن لا هوتى هو الشهيد إذن أحسن لاهوتى هو ما يعيش مع ربنا.. 2- بوليكاربوس لما أرادوا أن يحرقوه سخر منهم قائلاً.. أن هذه وسيلة سريعة توصله لربنا. يرتبط بالكنيسة يصبح المخدوم عضو فى الكنيسة فى جسد المسيح يشعر بشركة القديسين يعيش الأسرار داخل الكنيسة سيدة بسيطة تسكن بجوار كنيسة لما سألوها عن ربنا ماذا تعرف عنه وضعت يدها على حائط الكنيسة وقالت هنا.. 3- يرتبط بالخدمة يصبح له دور فى الخدمة والكنيسة. 4- الشهادة : الناس الذين من الخارج يروا الأعمال مثلما يقول الكتاب: "ليرى الناس أعمالكم فيمجدوا أبوكم الذى فى السموات".. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل