المقالات

25 سبتمبر 2018

الحياة الليتورجية

معنى الكلمة : كلمة الليتورجيا يونانية الأصل وهى تنقسم إلى لفظين .. ليتوس (لاؤس) : وتعنى شعب ارجيا أو ارجون: وتعنى عمل فالليتورجيا تعنى العمل الجماعى واستخدمت فى العصر الاغريقى للممارسة الشعبية فى المحاكم والأسواق واختصت بنوع ما فى العمل العسكرى. وهناك نوعان للعمل الجماعى (الشعبى) : ‌أ. عمل جماعي قطيعي : وهو عمل تقوم به الجماعات ويتغيب فيه الدور الفردي وفيه الوجود للجماعة على حساب الوجود الفردي وهو أشبه بأي قطيع حيواني يعيش في جماعات. ‌ب. عمل جماعي فريقي : وهو عمل تقوم به الحماعات مع تمايز الدور الفردى وفيه يكون الوجود الفردى اساس وجود الجماعة. ومن نماذج هذا العمل الفريق. 1. فريق الكرة : وهو يتكون من أحد عشر لاعباً (شخصاً) وكل منهم له دوره الاساسى وهناك خطة تنسق بين هذه الادوار لتحقيق النصر وتحسب الغلبة للفريق كله وليس للاعب معين. 2. فريق الموسيقى : فى أى فرق موسيقية أو أوركسترا نرى عدداً كبيراً من الموسيقيين وتنوع فى الآلات وتنوع فى النغم ولكن الكل يعمل حسب قيادة مايستروا واحد ليخرج النغم متوافقاً وممتعاً. 3. فريق الأجراس : وهو نوع من فرق الموسيقى , والاجراس هى الآلة الوحيدة حيث يعزف كل عازف بجرسين وكل جرس له نغم يختلف عن الآخر ولكن فى النهاية يعطى الفريق موسيقى رائعة. الكنيسة أخذت كلمة ليتورجيا وأطلقتها على حياتها, فأصبحت الكنيسة تعيش حياة ليتورجيا بمعنى أنها تعيش فى حياة جماعية يتمايز فيها دور ووجود الفرد, وهنا تصبح كلمة (فرد) غير سليمة ولكن يحل مكانها كلمة (عضو). والحياة الليتورجيا تتكون من : 1. المنهج الليتورجى. 2. النظام الليتورجى. 3. المواهب الليتورجية. 1. المنهج الليتورجى: وهو القاعدة الفكرية الأساسية للحياة ويعتبر القوة الدافعة للطاقات الإنسانية (العقل-العاطفة-الإرادة) لتقبل هذا النظام فى الحياة ولذلك يحتاج المنهج إلى فهم وتقبل عقلي وقناعة فكرية. 2. النظام الليتورجى: وهو مجموع الممارسات التى تمارسها الجماعة لتحقيق المنهج وهى تشكل القوة المساعدة للإرادة لتحقيق هذه الحياة. ووجود نظام يرفع عن الفرد (العضو) معاناة الممارسة أو اختلاق أساليب للممارسة قد تخرج بالشخص عن تحقيق الهدف, والنظام يحتاج للطاعة والقبول والاختبار. 3. المواهب الليتورجية: وهى القوى الخارجة التى يهبها الله لتكميل الجماعة التى تعيش هذا المنهج, ومؤازرة الأعضاء التي تحيا في طاعة هذا النظام وهي مواهب الروح القدس وتنقسم إلى نوعين .. - مواهب خدمة لخدمة الجماعة والأعضاء " وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً و البعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين ... لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح " (اف4: 11-12) - مواهب كرازية مثل عمل المعجزات والقوات والآيات والألسن. المنهج الليتورجى: رأينا سابقاً قصد الله فى خلقه الانسان أنه خلق البشرية كلها فى وحدانية شخص آدم واستمر هذا القصد إلى أن تحقق في شخص الرب يسوع. هكذا نرى أيضًا اهتمام الرب يسوع بأن نستوعب هذا المنهج فقد وضع لنا الرب أساس هذا المنهج وهو انكار الذات أو (الأنا المتفردة) كما سبق الحديث عنها. فبداية الحياة مع المسيح أن ينكر الإنسان نفسه أولاً (مت16: 24) وبداية الحياة مع الآخر هي أيضًا إنكار الذات " اذا اراد أحد أن يكون أولاً فيكون اخر الكل و خادماً للكل " (مر9: 35) " من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً " (مر10: 43-44) هذه هي القاعدة الكيانية التى بها يتحقق المنهج الليتورجى أن نصير واحداً معاً فى الله. والسيد المسيح له المجد اظهر هذا المنهج الليتورجى في ثلاث مستويات : - المستوى التعليمى وشرح أهمية الحياة معاً من خلال كلماته المباركة. - مستوى الصلاة والطلبة العميقة من أجل ان يكون الجميع واحداً فيه وفى الآب كما يظهر بوضوح الحاحه على الآب فى صلاته (يو 17). - المستوى السرائرى فى كيان الانسان والذى حققه المسيح فى سر تجسده وفدائه. والكنيسة تشرح لنا هذا المنهج فى أروع تسبيحات , وأبلغ كلمات, وأرفع ادب, يمكن للحس الثقافى أن يتذوقه. مع نهار كل يوم تقول لنا فى ذكصولوجية باكر الآدام :  ما هو الحسن وما هو الحلو إلا اتفاق إخوة ساكنين معاً.  ومتوافقين بمحبة حقيقية وإنجيلية كمثل الرسل.  كالطيب الكائن على رأس المسيح النازل على اللحية إلى أسفل القدمين.  يمسح كل يوم الشيوخ والصبيان والفتيان والخدام.  هؤلاء اللذين الٌفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة مسبحين الله كل حين. نلاحظ الآتى : - كلمة ساكنين معاً : تعنى متحدين معاً - كلمة متوافقين (افير سيمفونين) تعنى متوافقين مثل السيمفونية فى أروع نغم. - كلمة طيب على رأس المسيح , فالجماعة المتحدة بمحبة بسرالإنجيل وحياة الرسل (الكنيسة) مثل طيب على رأس المسيح فأى فخر يكون لنا إذن حينما نكون أعضاء فى الكنيسة وأى مجد حينما نكون طيب على رأس المسيح هنا يتحقق كلمات سليمان : المرأة الفاضلة تاج لبعلها والكنيسة طيب على رأس المسيح. غاية ما يتمناه الأنسان أن يسكب طيباً على قدمى المسيح مثلما نصلى فى تسبحة نصف الليل ... " أعطينى يارب ينابيع دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطئة واجعلنى مستحقاً ان ابل قدميك اللتان اعتقتانى ... " هذا ما يرجوه الشخص (العضو) ولكن الكنيسة معاً طيب على رأس المسيح. - كلمة الٌفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة : تبين لنا ان هذه الحياة الليتورجيا يحققها الروح القدس ولكن رهن ان نقتنع بها ونعيها , ونقبلها وفى أروع تشبيه تبين لنا الكنيسة عمل الروح فى تحقيق هذه الحياة مثل القيثارة التى تضم فى وحدتها أوتاراً كثيرة متباينة ومتمايزة فى كل شئ ولكنها متكاملة فى وحدة القيثارة وبهذه الجماعة (الكنيسة) يعزف الروح الحاذق أروع تسبيحات لله تخرج من القيثارة (الكنيسة) بيد الروح. المنهج الليتورجى والجهاد الروحي : يقول القديس يوحنا فم الذهب : " حينما يرانا الشيطان وحدنا ومنفصلين كل واحد عن الآخر يهاجمنا فبهذه الطريقة اغوى المرأة فى البدء اذا اقترب منها وهى وحدها , وبينما كان رجلها غائباً. إذ حينما يرانا وسط الجماعة ومتحدين فهو لا يجرؤ على مهاجمتنا فلهذا السبب نحن نتحد معاً فيصعب عليه مهاجمتنا " القديس يوحنا يكشف لنا الطريق السليم للجهاد والغلبة وهو ان نعيش دائماً وسط الجماعة ونتحد معاً. فالشيطان يبدأ دائماً يفرق الجماعة ثم يضربهم واحد بعد الآخر. فالخطية قوية , وطرحت كثيرين جرحى , وكل قتلاها كانوا أقوياء فخير لنا ان نكون ضعاف داخل الجماعة من ان نكون أقوياء ومنفصلين لذلك يطلب القديس بولس بإلحاح : " فاطلب اليكم أنا الاسير في الرب ان تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة و بطول اناة محتملين بعضكم بعضاً في المحبة مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسد واحد و روح واحد كما دعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد, ايمان واحد, معمودية واحدة, اله واب واحد للكل الذي على الكل و بالكل و في كلكم " (اف4: 1-6) هذه القطعة الرائعة التى تضعها أمامنا الكنيسة كل يوم فى صلاة باكر تكشف لنا : ‌أ. كيف نحيا ليتورجيا : (تواضع - وداعة – طول أناة – احتمال – اجتهاد – سلام). ‌ب. معنى الحياة الليتورجية : (جسد واحد – روح واحد – رجاء واحد – ايمان واحد – معمودية واحدة). ‌ج. لماذا الحياة الليتورجية : (اله واب واحد للكل .. وفى كلكم). صورة رائعة من العهد القديم : في رؤية حزقيال النبى ص : 37 نرى عظام كثيرة جداً يابسة ومتفرقة ولكن اذا سمعت كلمة الله (المسيح المتجسد). 1. تتقارب العظام كل حسب مكانه فى الهيكل العظمى. 2. يكسوها العصب واللحم والجلد. 3. يأتى الروح ويسكن فتصير جيشاً عظيماً جداً جداً. العظام اليابسة هي فرادتنا فنحن كل واحد فينا لا يزيد عن عظمة يابسة ملقاه فى البقعة (العالم). ولكن اذا سمعنا كلمة الله وقبلناها يبدأ عمل الله فى الكيان الإنساني، تتقارب البشرية معاً, ويكسوها العصب, وهو يرمز إلى الإيمان فكما ان العصب يربط بين كل عضو وبين الرأس هكذا الإيمان يربط بيننا كأعضاء وبين الرأس المسيح ولكن استمرار هذه العلاقة بيننا وبين الرأس رهن وجودنا وارتباطنا بالجسد. واللحم أشارة إلى جسد المسيح الذى يكسونا فنصير منه, لحم من لحمه وعظم من عظامه وذلك فى سر المعمودية والافخارستيا ثم يأتى الجلد ويكسو الكيان كله والجلد أشارة إلى بر المسيح, والبر فى الكتاب المقدس دائماً يشبه بالثياب وبر المسيح هو المسيح ذاته " بل البسوا الرب يسوع المسيح " (رو13: 14) " لبست البر فكساني " (أى29: 14) ويقول داود " كهنتك يلبسون البر " (مز132: 9). " تبتهج نفسي بالهي لانه قد البسني ثياب الخلاص كساني رداء البر مثل عريس" (اش61: 10) وفى شخص آدم نرى انه حينما اراد أن يستر نفسه بعد سقوطه صنع لباساً من ورق الشجر وهذا رمز للبر الذاتى ولكن الله البسه لباساً من جلد أشارة إلى بر المسيح بالذبيحة. وأخيراً يأتي الروح ليسكن هذا الهيكل الذى صرنا نحن أعضائه فنحيا معاً وننموا معاً " الذي فيه كل البناء مركباً معاً ينمو هيكلاً مقدساً في الرب الذي فيه أنتم أيضًا مبنيون معاً مسكناً لله في الروح " (اف2: 21-22) نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
18 سبتمبر 2018

كيف أشبع روحياً؟

ما هى الروح ؟ الروح هى العنصر الذى وضعه الله فى الإنسان، والذى من خلاله يتصل الإنسان بالله، وبالإيمانيات، وعالم الروح. فإذا كان الإنسان يشترك مع النبات فى الجسد ومع الحيوان فى الجسد والنفس، إلا أنه يتميز بعد ذلك بالعقل والروح، لذلك يقول البعض عن الإنسان أنه حيوان عاقل ومتدين. ومنذ فجر التاريخ الإنسان متدين، حتى وإن ضل الطريق الصحيح، إلا أن أحشاءه تؤكد له وجود الخالق، والخير، والثواب والعقاب، والخلود. وما شابه ذلك من عالم - الماورائيات - أى ماذا وراء المادة؟ وماذا وراء الموت؟ وماذا وراء الزمن؟ وماذا وراء الطبيعة؟ وأحياناً يسمونه عالم - الميتافيزيقيا - أى ما وراء الطبيعة المحسوسة! لقد استلم آدم معرفة الله من الله مباشرة، ثم تعاقبت الأجيال بعد السقوط، وتشتت البشر بعد بلبلة الألسنة، وبدأنا نسمع عن عبادات كثيرة، كعبادة الشمس والقمر والنجوم والعجل والبقرة والتماثيل. ولكن هذه جميعاً كانت مجرد تعبيرات عن القوة والخير والعدل والسلطان.. وقد أختار الله فى القديم بعض أسرار الشريعة والفهم والإيمان، ومع ذلك كثيراً ما ضلوا وعبدوا الأوثان التى تعبدت لها الأمم فى مختلف حقب الزمان. ولنا أن نفخر كمصريين بأخناتون العظيم الذى نادى بالإله الواحد، وقدم له العبادة والسجود، وتحدث عن بعض صفاته الإلهية، وكيف أنه جل إسمه - روح بسيط خالد خالق، يرعى الكون بحبه، ويشرق عليه بشمسه: ويضمه إليه بحنانه الفائق. ومع أن الروح هى عنصر الإيمان فى الإنسان، إلا أنها ما أنفصلت قط عن العقل عنصر التفكير.. لهذا رأينا فى الفلاسفة اليونان وفى الحضارات الشرقية القديمة، عقولاً استنارت بالروح القدس، واستشرقت من بعيد آفاق الألوهة الفائقة للعقل والمعرفة، حتى أستحق الفلاسفة أن يسميهم القديس كليمنضس الإسكندرى أنبياء الوثنية. إن الروح - أيها القارئ الحبيب هى العنصر الذى يوصلنا إلى الله، ويوحدنا به، فأحذر أن يضمر هذا العنصر فى حياتك: حينما تهمل خلاص نفسك، أو حينما تجعل المادة أو الغرائز تتحكم فيك. فأنت مخلوق إلهى، فوق المادة والتراب، وإتجاهك نحو الخلود والأبدية، فأنتبه خشية أن يضمر هذا العنصر فى حياتك بسبب الإهمال الروحى. 2- وسائل أشباع الروح أ- الصلاة : الصلاة هى الحبل السِرى - بكسر السين - الذى من خلاله نتصل بالرب سراً ولا رقيب. وهى أيضاً الحبل السُرى - بضم السين - الذى من خلاله ننال الغذاء الروحى من السماء لحظة بلحظة، كالجنين فى بطن أمه. والصلاة تفتح عالم الله علينا، كما تفتح عالمنا على حبه وفعله الإلهى، لذلك فهى الفرصة الأساسية التى فيها يشكلنا الله، ويبنينا، ويقدسنا ويشبعنا. + "الصلاة هى رفع العقل إلى الله" (الأب يوحنا الدمشقى) "الصلاة سلاح عظيم وكنز لا يفرغ، غنى لا يسقط أبداً" (القديس يوحنا ذهبى الفم). + "حينما تصلى ألا تتحدث مع الله؟ أى امتياز هذا" (القديس يوحنا ذهبى الفم). ب- الكتاب المقدس :  "بدون القراءة فى الكتب الإلهية، لا يمكن للذهن أن يدنو من الله" (مارأسحق السريانى).  "فى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً" (مز 2:1).  "والهذيذ فى الشريعة لا يعنى قراءة كلماتها أو تلاوتها، بل يتسع إلى تتميم أحكامها بالتقوى" (الأسقف ايلارى).  "ليكن لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لأنها غذاء الروح" (مارأسحق السريانى).  "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4:4).  "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لى لفرح ولبهجة قلبى" (أر 16:15). الكتاب المقدس هو بالحقيقة مائدة دسمة، فيها تشبع أرواحنا وحواسنا، وتستريح نفوسنا، فقراءة الكتاب بإنتظام وحرارة قدام المسيح، فإذا كان السيد المسيح هو الكلمة الذاتية، فالكتاب هو الكلمة المكتوبة لخلاصنا، أنه ببساطة: السيد المسيح متكلماً!! ج- الأفخارستيا : لقد أعطانا الرب جسده ودمه ذبيحة يومية على مائدته المقدسة، لكى كل من يأكل منه يحيا إلى الأبد. إنه - خبز الحياة النازل من السماء - واهباً حياة للعالم، "مأكل حق ومشرب حق". + "من يأكلنى يحيا بى"، "يثبت فىّ وأنا فيه" (يو 48:6-57). من هنا تدعونا الكنيسة إلى الأغتذاء اليومى من هذا السر المبارك، الذى من خلاله نتحد : أ- بالسيد المسيح. ب- بالقديسين. ج- بأخوتنا المؤمنين. د- ونصلى من أجل العالم كله. د- القراءات الروحية : القراءة فى الكتب الروحية أساسية للشبع الروحى، لذلك أوصى الآباء القديسون أولادهم بها... أنت مخلوق إلهى، فوق التراب والمادة، وإتجاهك نحو الخلود والأبدية، فأنتبه خشية أن يضمر هذا العنصر فى حياتك بسبب الإهمال الروحى.  "أتعب نفسك فى قراءة الكتب، فهى تخلصك من النجاسة" (القديس الأنبا أنطونيوس).  "كن مداوماً، لذكر سير القديسين، كيما تأكلك غيرة أعمالهم" (القديس موسى الأسود).  "كتبى هى شكل (سيرة) الذين كانوا قبلى، أما إن أردت القراءة ففى كلام الله أقرأ" (القديس أنطونيوس). لهذا أوصى الآباء بأن نكرم القراءة كما نكرم الصلاة، حيث أنهما تكملان إحداهما الأخرى... ونحن نشكر الله من أجل فيض الكتب والمجلات والنبذات الروحية التى أعطاها الرب لنا فى هذه الأيام. هـ- الإجتماعات الروحية : يوصينا الرسول بولس أن لا نترك إجتماعاتنا، بل أن نحرص على الحضور، لما فى ذلك من بركة روحية وتعليمية هامة..  "غير تاركين إجتماعنا كما لقوم عادة" (عب 25:10)..  "حينما تجتمعون معاً ليس هو لأجل عشاء الرب" (1كو 20:11)، يقصد الأغابى التى تسبق القداس الإلهى، أى العشاء معاً فى المساء، قبل تسبيح نصف الليل..  "متى إجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور له تعليم.." (الإجتماعات التعليمية).. (1كو 26:14). والإجتماعات الروحية تحقق أهدافاً كثيرة... فهى مثلاً : أ- تعطى التعاليم الأساسية للخلاص.. "هلك شعبى من عدم المعرفة" (هو 6:4). ب- تشبع نفوسنا روحياً بكلمة الله. ج- تحمينا من إنحرافات الفكر وحيل الشيطان. د- ترد على أية مطاعن فى إيماننا المسيحى القويم. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
11 سبتمبر 2018

مجالات الشهادة فى حياة الخادم

كان القديس اغناطيوس حامل الإله، وأسقف إنطاكية يقول لأولاده كثيراً: "لا أعتقد أننى أحب سيدنا يسوع المسيح دون أن يسفك دمى لأجله". وكتب قبل استشهاده لمسيحى روما رسالة قال فيها: "أطلب إليكم ألا تظهروا لى عطفاً فى غير أوانه، بل اسمحوا لى أن أكون طعاماً للوحوش الضارية كى بواسطتها ابلغ إلى الله. أننى خبز الله فاتركونى أطحن بأنياب الوحوش لتصير قبراً لى ولا تترك من جسدى شيئاً حتى لا اتعب أحداً فى موتى فعندما لا يعد العالم يرانى أكون بالحقيقة قد صرت تلميذاً للمسيح.. صلوا لأجلى حتى أعد بهذه الطريقة لأصير ذبيحة لله" هكذا قابل آباؤنا الموت، وهكذا قدموا الشهادة حية ومحيية. ونحن حين نتأمل حياتهم المطلوبة نشعر بكثير من الخزى ونتساءل: "هل من الممكن أن نصير شهداء؟" وهنا يجيبنا القديس يوحنا ذهبى الفم: "هل تظن أن الصلب على خشبة فقط هو طريق الشهادة؟ لو كان الأمر كذلك لحرم أيوب من إكليله، لكنه تألم أكثر من شهداء كثيرين، لقد قاس الآلام من كل جانب: من جهة ممتلكاته وأولاده وشخصه وزوجته وأصدقائه وأعدائه وحتى خدمته لأجل هذا أقول أن أيوب كان شهيداً" وارجوا أن أضع أمامك يا رفيقى الشاب بعض مواقف على طريق الشهادة لنمتحن أنفسنا معاً أمامها أولاً: أشهد للمسيح فى حياتك الخاصة قف يا أخى الشاب أمام جسدك وحروبه المتعددة موقف الشهيد فحين تحرمه من لذة الخطية بفرح، وحين تمنعه من لذة الطعام بفرح، وحين تقمعه بفرح فيسهر ويصلى، وحين تستعبده بفرح فيسجد إلى الأرض مرات كثيرة، ويرفع اليدين إلى السماء مرات كثيرة ويقرع الصدر بندم الخطاة الراجعين إلى بيت الآب. حين تحيا هذا كله فأنت فى طريق الشهداء. لهذا يوصينا الرسول قائلاً: "أطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (رو 1:12)، "لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله" (1كو 20:6) الشاب الذى يضع نصب عينيه شعار الرسول بولس: "الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد" (1كو 13:6)، ويحيا فى روح التوبة الصادقة والطلب المستمر للنعمة كل يوم، يتحول إلى هيكل للروح القدس ويتقدس جسده وحواسه بنقاوة مباركة. ولكن هذه الحالة هى رهن الأمانة والاجتهاد والتدقيق، كما أنها رهن مواقف معينة نشهد فيها ضد الجسد وشهواته سواء فى حياتنا السرية أو العلنية نحن أحياناً نرجع فى الصيف مجهدين من الخدمة فى النادى لا نكاد نتمكن من الوقوف للصلاة، وفى أيام الصوم نهرب من ألام الجوع والعطش، بل كثيراً ما نتمرد على فكرة الصوم ومفعوله كذبيحة حب مطهرة، ولا نرضى ان نجهد أنفسنا فى مطانيات أو قرع للصدر.. فلنبدأ وقفتنا أمام الجسد لنقدمه ذبيحة مقدسة لله الرسول بطرس يضع أمامنا طريقاً للطهارة إذ يقول: "فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد تسلحوا أنتم أيضاً بهذه النية، فإن من تألم بالجسد كف عن الخطيئة" (1بط 1:4) فنضع أمامنا صورة للرب المصلوب، ولنقدم أجسادنا مذبوحة على صليب المحبة ونية الطهارة. ثانياً: أشهد للمسيح أمام أصدقائك معروف أن شبابنا بالمرحلة الثانوية يعانى ضغوطاً كثيرة من الجو المحيط به فى المدرسة والشارع وبالأكثر من الجماعة التى ارتبط بها، لهذا نرى المراهق يخضع بسرعة لتأثير الجماعة واتجاهاتها بطريقة عمياء خصوصاً إذا كان شاعراً بنوع من النقص بسبب عيب خلقى أو اجتماعى أو نفسى أو عملى. وهكذا تراه يستكمل عجزه ببعض السطحيات التافهة أما فى طريق النجاسة والاستهتار أو فى طريق التقليد لغيره من الشبان المنطلقين فى الخطيئة إذ أن شخصياتهم تستهويه، فيرتبط بعادات قد تتأصل فيه وتدمر حياته، كالعادات الشهوانية والتدخين والسلوك المنحرف فى الطرقات وأسلوب تربية الشعر وارتداء الثياب.. الخ. وحينما يبدأ الشاب طريق التوبة يصطدم للفور بهذه الجماعة وتلك الاتجاهات المنحرفة، ويجد مشقة كبيرة فى البداية من نحو الشهادة للطريق الجديد أمام أصدقائه. ولكن هذا الامتحان العسير إذا اجتازه الشاب بنجاح وإصرار على طريق المسيح، تعقبه بركات غامرة سواء فى مجال النصرة على الخطيئة أو السلام الداخلى أو النمو الروحى فى شخصية متكاملة نفسياً واجتماعياً وروحياً أمام الشاب المتردد فيكون جباناً أمام أصدقائه، ونيته المتقهقرة مهيأة دائماً للهرب، لذلك فهو يفزع من نقد زملائه واستهزائهم به، ويتحرج من الإفصاح عن نواياه الجديدة، بل كثيراً ما يجامل على حساب طريق المسيح. هذا الشاب سيرجع حتماً إلى الخلف ما لم يحسم أموره ويحدد معالم شخصيته المسيحية وطريقه الجديد فى نوع من الشهادة الثابتة المحتملة والواثقة من أمجاد المسيح. كم يحتاج أصدقاؤنا البعيدين عن المسيح إلى نماذج قوية للحياة الغالبة والثابتة كم نحتاج أن نحيا كلمات معلمنا يوحنا الرسول "كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" (1يو 14:2)، لماذا نهرب من الشهادة أمام أصدقائنا المنحرفين؟ لماذا اعتذر بمشغوليتى حين ادعى إلى سهره لا تمجد الله ولا اشهد للمسيح بوضوح؟ ولماذا أتهرب فى خجل من فيلم مثير يعرضه التليفزيون ولا أعلن فكر الله من جهة هذا الأمر؟ ومتى نشهد بجرأة أصحاب الحق والسالكين فى النور؟ ثالثاً: أشهد للمسيح أمام أولاد العالم فى البداية يلزمنى أن اشهد للمسيح أمام الجماعة التى كنت ارتبط بها فى أرض الخطيئة ولكن فى الطريق نتقابل كل يوم مع أناس ذوى مبادئ مختلفة، بل أن المبادئ نفسها اهتزت بعنف فى ما لم القرن العشرين. لقد اختلط كل شئ وذابت القيم الأخلاقية والدينية أمام طوفان الاعتداء الإنسانى والتحرر المتطرف والمادية والإباحية والإلحاد. ولقد أدرك الرسول بالروح ما سيحدث فى هذه الأيام فحذرنا قائلاً: "سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح، بل بحسب شهواتهم خاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم يصرفون مسامعهم عن الحق" (2تس 43:7). "فلا يسلكوا فيما بعد كما يسلك سائر الأمم أيضاً ببطل ذمتهم، إذ هم مظلموا الفكر، ومتجنبون عن حياة الله بسبب الجهل الذي فيهم بغلاظة قلوبهم، الذين هم إذ فقدوا الحس اسلموا أنفسهم للدعارة ليعلموا هل نجاسة فى الطمع وأما انتم فلم تتعلموا المسيح هكذا" (أف 17:4-19)، "فلا تكونوا شركاءهم.. اسلكوا كأولاد نور.." (أف 7:5،8) إذن فليس جديد تحت السماء، وكل انحرافات هذا العالم ومبادئهم الخاطئة معروفة من قبل فى علم الله. وحيثما كثرت الخطيئة ازدادت النعمة جداً (رو 20:5) أما الشباب الذى يتعلل بعلل الخطايا مع الناس فاعلى الإثم (مز 4:140)، فيحتاج إلى وقفة صدق أمام ضميره وأمام الله وأمام تعليمات الكلمة هنا الشهادة وهنا صبر القديسين، كان (لوط) البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوماً فيوماً نفسه الباره بالأفعال الأثيمة، ولنثق من النصرة إذ يستطرد الرسول قائلاً: "ويعلم الرب إن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الاثمة إلى يوم الدين معاقبين" (2بط 8:2،9) فلنقف مواقف الشهادة أمام الانحرافات التى تسود العالم، ولا نشترك فى أعمال الظلمة غير المثمرة، بل بالحرى نوبخها، فلا نختلس مع المختلسين،ولا نهمل مع المهملين، ولا نهادن الخطأ فى أى موقع بل ننبه اخوتنا فى حب، لا فى تزمت وكبرياء، ولا فى سلبية. وانطواء وما أكثر مواقف الشهادة فى التعامل مع الناس ذوى الاتجاهات المنحرفة، فليكن شعارنا قول الرسول "جميع الذين يريدون أن يعيشوا فى التقوى فى المسيح يسوع يضطهدون" (2تى 12:3). فلا نندمج أذن فى عالم شرير وزملاء منحرفين ولا نهادنهم على أخطائهم بل نشهد للحق مهما كانت الخسارة رابعاً: أشهد للمسيح أمام الجميع نحتاج كأولاد للمسيح إلى دراسة واعية لحقائق الإيمان المسيحي خصوصاً فى موضوعات : الثالوث القدوس - ضرورة التجسد - فكرة الفداء - لثبات صلب المسيح - قيامة الرب - صحة الكتاب المقدس وهكذا. ويجب على الشباب المسيحي أن يستوعب هذه الموضوعات ليكون مستعداً لمجاوبة من يسأله بوداعة وخوف بعنصرية أو تحزب أو خصام فأشهد للمسيح أمام اخوتك فى حياته المقدسة ووداعتك وحبك وخدمتك الباذلة، وبكلماتك المشحونة وداعة وهدوءا. لا تجادل فى مناقشات عقيمة تسبب الخصومات بل أجب على هذه الأسئلة التى تقدم إليك فى روح الاستطلاع الهادئ والهادف، لا تتحصل حول أخوتك من دينك، بل انسجم فى حب وروح جماعية مع اخوتك فى الديانات الأخرى، "ليضئ نوركم قدام الناس" (مت 16:5) خامساً: أشهد للمسيح فى خدمتك وهذا مجال أخير للشهادة فحين نتأمل حياة الرب يسوع وخدمته، ثم حياة تلاميذه الرسل وأباء الكنيسة، نعرف أن منهم من باع نفسه عبداً ليتمكن من دخول مدينة ما، ومنهم من غير معالم شخصيته ليدخل مدينة أخرى. وليس مثل الرسول بولس بعيداً عنا حين نقرأ انه جال بين القارات المختلفة يؤسس عدداً ضخماً من الكنائس ويسعى وراء النفوس فى حب ودموع وفى أتعاب وأسهار وضربات وسجون وميتات وجلدات ورجم، فى أخطار فى البحر والبرية وجوع وعطش وبرد وعرى حين نقرأ هذه القائمة الجبارة من الأم الخدمة نعرف أننا لم نصر بعد خداماً. فالخادم الحقيقى قد جهز قلبه للألم وأعد نفسه لدفع ضريبة الخدمة، وقد امتلاء فرحاً بهذه الآلام بسبب المجد الذى عجبها ويعقبها هل نبذل دمائنا لأجل الخدمة. وهل نعطى الرب من أوقاتنا ما نحن فى حاجة إليه. ومن أموالنا ما لا نستطيع الاستغناء عنه ومن جهدنا رغم قلته وضعفه؟ هنا الشهادة فالخادم الذى يكتفى برفاهية الخدمة ومظهريتها وأمجادها يجب أن يقف أمام نفسه ليقدمها مطوبة ومذبوحة حباً فليعطنا الرب أن نبذل أنفسنا فى مجالات الشهادة المختلفة فيشهد لنا الروح القدس أننا شهداء بلا دماء نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
04 سبتمبر 2018

الحرية أبعادها وحدودها

أولاً : ما هو المقصود بالحرية : يختلف مفهوم الحرية مع التطور السياسى والاقتصادى العالمى ، وظهور الهيئات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة من أجل حق تقرير المصير ، والتخلص من الاستعمار ، والحريات الشخصية فى مواجهة السلطة ، وحرية التعبير . ولكن حين وجهنا السؤال للشباب ركزت الإجابات على الحريات الشخصية ، خاصة فى مواجهة سلطة الوالدين . ويمكن ملاحظة الارتباط الوثيق بين الحرية وتحمل المسئولية فمنذ الطفولية يتحول الإنسان تدريجياً إلى الاعتماد على النفس ، يتناول طعامه بنفسه ، ويرتدى ملابسه ، ويختار أصدقاءه ، وينظم لعبه ثم مكتبة ، ويستذكر دروسه دون إشراف الوالدين ... ويتضح هنا تراجع سلطة الوالدين تدريجياً ، مع تزايد تحمل المسئولية الشخصية . وهذا ما يؤكده "سارتر" فهو يؤكد الرابطة بين الحرية والمسئولية، فكل قرار أنت حر فيه تكون مسئولاً عن النتائج المترتبة عليه . وذلك على كل المستويات : من مسئولية الطالب عن نجاحه أو فشله الدراسى، إلى مسئولية الطبيب عن الدواء الذى وصفه لمريض، إلى مسئولية الكاتب عن ما عرضه فى الجريدة ، مسئولية السائق عن حادثة سيارة .. إلى مسئولية رئيس الدولة عما يتخذه من قرارات تدخل فى نطاق سلطته وتؤثر على المجتمع . ثانياً : الحرية وحقوق الآخرين : "بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس: كل من لا يفعل البر فليس من الله ، وكذا من لا يحب أخاه" (1يو10:3) إن أهم حدود الحرية هى حرية واحترام حقوق الإنسان الآخر ، فمثلاً استخدام الراديو بحيث لا يزعج صوته الجار ، وعلى ألا يعطل آخر يريد أن يستذكر. وكذلك التليفزيون والتليفون. بل أنه فى بعض المناطق أصبح هناك عقوبات على استخدام "كلكس" السيارة .. كذلك تم منع التدخين فى أماكن كثيرة ، لأنه يضر بالآخرين ، وما يتم مراجعته حالياً حول إلقاء نفايات فى نهر النيل . ثالثاً: الحرية واحترام القانون : هناك قوانين متعلقة بمواعيد العمل ، اختصاصات كل موظف ، والزى المدرسى أو للمضيفات أو للممرضين والأطباء ، واحترام إشارات المرور ، واحترام التعليمات فى الانتخابات ، والتعامل مع الرؤساء ، والهيئات ، والشركات ، والبنوك .. هناك قوانين تنظم الحريات والتعامل ، وذلك في كل مناحى الحياة . رابعاً: الحرية واحترام التقاليد : فكل مجتمع له تقاليده وعاداته ، والخروج عنها يجعل الإنسان مرفوضاً أو موضع سخرية، مثل نوعية الملابس فتختلف ملابس الهنود عن اليابانيين عن الأوروبيين . كذلك يختلف أسلوب التحية والسلام ، وموقف المرأة فى المجتمعات المختلفة ، وحتى ما يقدم على المائدة ، فحرية كل فرد عند إشباع احتياجاته هى داخل الهامش الذى يسمح به المجتمع وتقاليده ... خامساً: الحرية فى مواجهة الإنسان نفسه : حتى فى مواجهة الإنسان لنفسه هناك حدود للحرية ، ولا يحق له أن يدمر ذاته أو يقتلها ، وإذا ضبط يسعى لذلك تقيد يديه أو يوضع فى مصحة نفسية .. حماية المجتمع ، وأمام الله أيضاً ... قاتل نفسه قاتل فالذى ينتحر تجاوز أبعاد الحرية التى أعطيت له فلقد أعطى حق رعايته نفسه وليس قتلها ... سادساً الحرية ومسئولية الإنسان عن شخصيته : إن حرية الإنسان لا تعنى خروج الجسد أو العاطفة عن المبادئ التى يتمسك بها ، أو المعتقدات والاقتناعات العقلية .فالتدخين مثلاً أو تعاطى المخدرات لا يعنى أن الإنسان حر، بل يعنى أنه غير قادر على قيادة حياته وتحديد مساره . هو استبعاد للعادات السيئة وليس تحرراً . والتخلص منها هو التحرر من عبوديتها . الإدمان عبودية وليس حرية . وحتى عدم قدرة الإنسان على ضبط شهواته ، وأهوائه ، ونزعاته وحدة انفعالاته هو نوع من الخضوع لها ، وهو أسوأ من الخنوع لسلطات خارجية . "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو 8: ) وكل تحرر يتطلب قوة مقاومة وجهاد من اجل الانتصار ، وهو ضمن خطوات بناء الشخصية القوية . سابعاً: الحرية والانقياد للشلة : عجيب أمر الفتى الذى يرفض تماماً الخضوع لأى أوامر أو نواهى من سلطة عليا ، حرصاً على كرامته وحريته ، ثم ينقاد إلى شلة تتحكم فيه دون مناقشة ، أو حتى مراجعة لقراراتها ، وأثر ذلك على مستقبله وحياته وكيانه ، ومادام احتمال الانسياق للشلة قائماً ، يجب التدقيق أصلاً فى اختيار الأصدقاء ، إذ يقول المثل الإنجليزى "الصديق مثل رقعة الثوب يجب أن يكون من نفس النسيج" . أنت حر حين تختار الصديق . ولكن بعد ذلك لا تضمن التأثير إذا أسأت الاختيار . ثامناً: الحرية والقسمة والنصيب : هناك جوانب من الحياة لسنا أحراراً فى اختيارها مثل الأسرة ، المدينة أو القرية ، الوطن ، الجنس ، اللون وغيرها من الصفات الوراثية . ولكن حرية ومسئولية استغلالها مكفولة في حدود معينة وكثير منا يلقى مسئولية فشله على الله أو على قسمته ونصيبه ، أما النجاح فينسبه لنفسه ... نسمع ذلك عند ظهور نتائج الامتحانات ، أو فشل الزيجات ، كل إنسان فى حدود ظروفه وقدراته يختار طريقه ، ويشكل حياته ، وعليه أن يتكيف مع ما لا يمكن تغييره ، يقبله كواقع ويتفاعل معه ، يعدل ويصلح ما يمكن إصلاحه . تاسعاً: الحرية فى علاقتنا بالله : لقد خلق الله آدم وحواء أحراراً ، وأكلوا من الشجرة على عكس الأمر الإلهى ، ولكن تم حسابهم ، فهم وكل بنى آدم مسئولون أمام الله . إن الإنسان مدعو لأن يكون أبناً لله ، والأنبياء والرسل عبر العصور يبلغونهم الدعوة للأحضان البوية ، لكن الاستجابة مسئولية شخصية . الابن الضال هو الذى قرر أن يترك بيت أبيه ، وهو الذى اتخذ قرار العودة . إن الحياة مع الله لا تلغى حريتنا ، بل تضيف إليها إذ أن الروح يعطينا قوة النصرة على إغراءات العالم ، وضغوط الجسد ، إثارات الآخرين ، عدو الخير ... إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يو 36:8) . وتعرفون الحق ، والحق يحرركم" (يو 32:8) . إنما دعيتم إلى الحرية أيها الأخوة ، لا تصمدوا الحرية فرصة الجسد" (غل 13:5) . فاثبتوا في الحرية التى حررنا بها المسيح" (غل 1:5) . عاشراً : الحرية الحقيقية : هى حرية الروح ، وإمكانية النصرة ، فالحرية هى القدرة على الاختيار ، والقدرة على الانتصار .. وهذا ممكن بالمسيح الذى يسكب فينا روحه القدوس ونعمة الإلهية فتكون أقوياء أمام إغراءات الشر ، ومنتصرين بقوة عمله فينا ، وبأمانة جهادنا معه ... والإنسان المؤمن يضع لنفسه ضوابط هامة مثل : روح الله الساكن فينا . الكتاب المقدس الذى ينير طريقنا . الضمير .. الذى يتحدث داخلنا . الأب الروحى .. الذى يقود حياتنا بنعمة الله . نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
27 أغسطس 2018

دعوة للإبداع

لاشك أن إلهنا العظيم هو المبدع الأول فى هذا الوجود، لأنه أصلالوجود، واجب الوجود، وعلة كل الموجودات 1- الله المبدع الأول "فى البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله: ليكن نور، فكان نور" (تك 1:1-3). كانت هذه بداية الإبداع الإلهى، فبينما يعيش إلهنا العظيم فى أزليته، ليس فى حاجة إلى شئ، وفى تيار الحب المتدفق من الآب إلى الإبن فى الروح القدس، خلق الله الزمن "كان مساء وكان صباح.." (تك 4:1)، كما خلق الكون المادى: النور، ثم الجلد، ثم اليابسة، ثم النبات، ثم الشمس والقمر والنجوم، ثم الزحافات والطيور، ثم الحيوان، فالإنسان.. (تك 1) الذى أبدعه الله على صورته ومثاله: فى القداسة والبر، إذ كان متشحاً بنقاوة الله. وفى الحكمة والنطق آخذاً ذلك من "اللوغوس". وفى الحياة والخلود، إذ كان يأكل من شجرة الحياة. وفى الروح العاملة الحرة، التى ترفعه إلى الإلهياتوقبل أن يبدع الرب الإنسان: المملكة الشاسعة فى الداخل، الروح والعقل والنفس والجسد، الأعضاء والأنسجة والخلايا المتنوعة،التفاعلات الحية داخل كل خلية، الوظائف المحددة لكل عضو، مع تناغم مذهل.. خلق الرب للإنسان الخليقة المادية، بما تتميز به من جمال أخاذ، وحياة لا يهبها إلا الله الحىّ، ورعاية حتى لأصغر فيروس، وطبيعة رائعة ذات ألوان، ومنافع ودورات حياة.. ملايين الأنواع من الكائنات التى تحار العلوم الإنسانية فى سبر أغوارها: سواء فى عالم النبات أو الحيوان أو البحار.. وبالأكثر فى عالم الأفلاك والنجوم، حيث المجرات الشاسعة بالملايين، وكل مجرة تحوى شموساً بلا عدد، ونجوماً..كيف أبدع الله الكون؟!نعم.. فإلهنا هو "مهندس الكون الأعظم".. فيه عظمة الخالق، ودقة القوانين الطبيعية، وبراعة الطبيب الخالد، وروعة المدبر والمنظم.. لهذا هتف معلمنا داود النبى قائلاً: "أيها الرب ربنا، ما أعجب أسمك على الأرض كلها، لأنه قد أرتفع جلالك فوق السموات. من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحاً.. السموات أعمال يديك، القمر والنجوم أنت أسستها" (مز 1:8،2). "السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه.. جعل فى الشمس مظلته، وهى مثل العريس الخارج من خدره، من أقصى السماء خروجها، ومنتهاها إلى أقصى السماء" (مز 1:18،4،5). ولهذا أيضاً قال الرسول بولس، أن من يتأمل فى الكون يرى الله، ولذلك فهو بلا عذر إذا لم يؤمن به، وإنساق وراء عبادة الأصنام:"الذين يحجزون الحق بالإثم.. معرفة الله ظاهرة فيهم.. لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم، مدركة بالمصنوعات، قدرته السرمديةولاهوته.. حتى إنهم بلا عذر" (رو 18:1-20) 2- الله.. أساس الإبداع الإنسانى:فلأن الله مبدع، ولأنه خلق الإنسان على صورته ومثاله، وأعطاه روحاً عاقلة حرة، صار الإنسان مبدعاً مثل الله.. الفرق هو أن الله هو المبدع اللانهائى، والإنسان هو المبدع النسبى.. أى أن إبداعاته مأخوذة أساساً من عمل روح الله فى داخله، وفى عقله، وفى وجدانه، وبطريقة محدودة، تمجد الله، وبدون الله ليس لها وجود ولا إستمرارية.الفنان مثلاً.. سواء من يستخدم حنجرته أو بنانه، فى الإنشاء أو الرسم.. الله هو الذى أعطاه هذه الحنجرة. والإنسان يصقل هذه المواهب بالعلم والدراسة.. هذا من حيث أصل هذه المواهب. أما من حيث إستمراريتها، فمستحيل أن يضمن الإنسان سلامة صوته أو عينيه أو أصابعه، فى خضم هذه الحياة الزاخرة بالأمراض والحوادث.. الله فقط هو الضمين الوحيد لهذه العطايا كى تستمر. ونفس الأمر نجده فى الإبداع الفكرى أو العلمى أو الثقافى.. فالله "اللوغوس" الحكمة اللانهائية، هو الذى يعطينا الحكمة المحدودة، التى بها نفكر وندرس، ونحلل، ونلاحظ، ونستنتج ونربط، ونصل إلى إكتشافات وإختراعات علمية، أو إلى إنجازات فكرية وثقافية. الكل رأى التفاح يسقط من الشجر إلى أسفل كما رأى نيوتن. والكل يرى المياه تفيض من "البانيو" كما رأى أرشميدس. والكل رأى غطاء الابريق يتحرك إذا غلى الماء.. والكل يعرف أن الزمن مهم فى قياس الأشياء والحركة كما رأىاينشتاين. لكن هناك شئ ما، يسميه المفكرون "الومضة" (glimpse).. إشعاعة من فوق.. فكرة من العلا.. أتت إلى ذهن العالم أو المفكر بشئ جديد.. وادت إلى إبداعات مذهلة: من البخار إلى الكهرباء إلى الذرة .. ومن فلسفات القدماء إلى أفكار المحدثين. ومع أن الإنسان كثيراً ما يدعى أن بمفرده إنجاز كل ذلك، إلا أن العالم المتضع هو القادر أن يكتشف الإله غير الظاهر حسياً، والمعلن فى كل هذه الإبداعات.. لهذا قال نيوتن حينما سئل عن إحساسه بعد الإنجازات الهائلة فى قوانين الطبيعة: "كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط ضخم" وقال اينشتاين: "كلما ازدادت دراستى لهذا الكون، ازداد إحساسى بالجهالة".3- إذن... فلنبدع نحن:نعم.. فأنت مدعو للإبداع.. ولكن أنصحك أن تعيد قراءة السطور السابقة.. فالله هو أساس الإبداع الإنسانى المتنوع..أ- أقتن الصفاء الإلهى :فبصفاء النفس بالتوبة، وشبع الروح بالصلاة والكلمة والأسرار، واستنارة الذهن بالقراءة والتأمل.. يمكن أن تهدأ نفس الإنسان ويستشرق الآفاق الجديدة، ويستشعر الحضور الإلهى، ويكتشف جديداً فى الفكر والمعرفة والفنون.." من أجل ذلك كل كاتب متعلم فى ملكوت السموات، يشبه رجلاً رب بيت، يخرج من كنزه جدداً وعتقاء"(مت52:13) ب- تحفظ من الكبرياء :فالكبرياء طريق السقوط، ولكنها بالأكثر طريق الجهالة.. فالإنسان المتكبر متمركز حول ذاته، ولهذا لا يرى سواها، ولا يكتشف العالم المحيط، ولا إبداعات الآخرين، وبالتالى لا يستعمق شيئاً، ولا يجدد شيئاً، لا فى حياته، ولا فى حياة الآخرين!ج- إحذر الإنحراف :فمع أهمية أن "تكون نفسك"، (BE YOUR SELF)، لأن الإنسان لديه حاجة نفسية إلى التفرد والخصوصية، وقد اختص الله كل إنسان بعطايا ومزايا خاصة.. إلا أن الإنسان أيضاً بحاجة إلى المرجعية، التى تراجع أفكاره وأعماله وإبداعاته، فتطمئن وتطمئنه إلى صحة ما أنتج من فكر أو علم أو ثقافة..الإبداع شئ، والبدعة شئ آخر.. فالأول ناتج عن عمل الله فى الملكات الإنسانية، التى أستودعها الإنسان، أما البدعة فهى نتاج عمل الشيطان، لتدمير الإنسان والإنسانية!! وها "عبادة الشيطان" قد أتت إلينا من الغرب، تخرب وتدمر روح الإنسان وفكره، بل حتى جسده وأسرته ووطنه..إذن.. فطريق الإبداع مفتوح.. لكن بعمل إلهى، وتجاوب إنسانى... فالرب لم يهمل الإنسان حتى فى الوحىّ المقدس... حينما رفض أن يلغى الإنسان، بل استخدمه فى إيصال الوحىّ الإلهى، مستخدماً ملكاته فى اللغة والأسلوب، ومعلوماته التى أخذها عن التقليد الشفاهى أو المكتوب.. ولكن مع عصمة إلهية من الزلل، إذ يكتب "مسوقاً منالروح القدس" (2بط 21:1) أحبائى الشباب هيا إلى مزيد من الشركة الروحية مع الله، والنفس الصافية الهادئة، والذهن المستنير بالكلمة، لكى يأتى الإبداع سليماً فى مصدره وغاياته... سواء أكان إبداعاً فكرياً أو فنياً أو علمياً. أو حتى إذا كان إبداعاً روحياً.. فأمامنا تأملات السروجى، واعماق يوحنا سابا، وتفسيرات ذهبى الفم وروحانية أنطونيوس، وشركة باخوميوس، وتوحد الأنبا بولا.. وكلها إبداعات أثرت الإنسان والكنيسة...والرب معكم، نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 أغسطس 2018

فضائل فى حياة العذراء مريم

بنت السيدة العذراء حياتها على فضائل أساسية وبدونها صعب أن يخلص الإنسان، أو أن يكون له حياة أبدية، أو يقتنى المسيح فى أحشائه كما اقتنته السيدة العذراء فى أحشائها، وهذه الفضائل الأربعة هى: 1- فضيلة النعمة. 2- فضيلة الحوار. 3- فضيلة الاتضاع. 4- فضيلة التسليم. 1- فضيلة النعمة : قال لها الملاك: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة" كلمة (نعمة = خاريس).. أصل الكلمة يقصد "فعل الروح القدس".. فعندما يملأ روح الله الإنسان يملأه من النعمة. ما معنى يملأه نعمة؟ أى يفعل فيه فعلاً إلهياً مقدساً ومكرساً ومدشناً هذا الإنسان، فيصبح هذا الإنسان مكان وهيكل لسكنى الروح القدس. "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" إذن النعمة هى عمل الروح القدس.. فالعذراء وهى طفلة فى الهيكل.. فتحت قلبها لعمل الروح القدس، لذا كان طبيعياً أن يحل فيها الروح القدس. وهنا أريد أن أسألكم أحبائى الشباب ما مدى شبعى بوسائط النعمة؟ فالسيدة العذراء: فى الهيكل إما أن تصلى أو تقرأ.. أو تخدم الذبيحة بطريقة ما، هذه الثلاث وسائط التى تملأنا نعمة. نصلى كثير.. نقرأ الإنجيل كثير.. نتحد بذبيحة الأفخارستيا، هذه هى النعمة وسكنى الروح القدس والمصاحبة الربانية للإنسان. ألا يقال أنه: "يوجد صديق ألزق من الأخ" المسيح يحب أن يكون صديق لنا وساكن بداخلنا، والمسيح لا يسكن بداخلنا إلا بعد أن يملأنا بالنعمة أولاً.. ألم يسكن داخل العذراء بعد أن ملأها نعمة. وهكذا فأنت عندما تصلى تتغذى، لأن الصلاة تماماً كالحبل السرى للجنين فى بطن أمه، لولا هذا الحبل السرى يموت الجنين.. وأيضاً يوجد بيننا وبين الله حبل سرى. فالله يسكب دمه الإلهى ويسكب نعمته فى أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة الحياة التى هى الصلاة، فالصلاة هى الأكسجين أو الغذاء. يقول الكتاب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بكل كلمة تخرج من فم الله". إذن الذى لا يقرأ الكتاب المقدس يجوع... ومن يجوع يموت... الخبز للجسد كالكتاب المقدس للنفس، ومثلما الخبز يشبع الجسد وأساسى لحياته، كذلك الكتاب المقدس أساسى لشبع النفس. فى الصلاة نشبع بالسمائيات، وفى الكتاب المقدس نشبع بكلمة الله "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك كالشهد فى فمى". ونتغذى أيضاً من خلال الأسرار المقدسة "لأن من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه" الصلاة خبز والكتاب خبز والتناول خبز. والإنسان يشبع من خلال هذه الثلاثة أنواع من الخبز الروحانى. 2- فضيلة الحوار : لم يكن هناك تعامل مع الله على أنه ساكن بالسموات، ونحن هنا على الأرض وبيننا وبين الله مسافة كبيرة، ولكن السيدة العذراء أحست أن الله أباها، وبدأت تقيم حواراً معه، فحتى عند بشارة الملاك لها بأنها ستحبل وتلد أبناً كانت تستطيع أن تصمت على الأقل خوفاً ورهبة، ولكنها بدأت تسأل: "كيف يكون لى هذا؟" وكان رد الملاك لها محاولاً أن يوضح لها ويفسر ذلك... "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك..." وكان سؤال العذراء استفسارى فى حوار بنوى، وليس حوار فيه روح الشك، فالعذراء كان بينها وبين الله دالة، ما أحلى أن تكون موجودة بينك وبين ربنا يسوع هذه الدالة البنوية. نحن لا نريد أن نتكلم والله يسمع فقط، ولكن الله أيضاً يتكلم وأنت تسمع "تكلم يارب فإن عبدك سامع" بيننا وبين ربنا حوار.. مناجاة.. محادثة. ولنتأمل يا أحبائى فى قصة السامرية.. 8 مرات يسألها الرب يسوع وتجيبه هى، وتسأله السامرية ويجيبها رب المجد... فالله لا يسكن فى الأعالى ويتركنا، ولكن هو يريدنا أن نتحدث معه دائماً وأن نسمعه "هلم نتحاجج يقول الرب" نريد أن نتعلم الحوار مع الله، وداود يقول إنى أسمع ما يتكلم به الرب الإله. 3- فضيلة التواضع : عندما أعلن لها الملاك أنها ستكون أم لله كان ردها "هوذا أنا آمة الرب" آمة.. عبدة.. خادمة.. تواضع لا مثيل له من السيدة العذراء، تواضع حقيقى.. نعم فأنت تضع فى يا رب وتعطينى من محبتك، ولكن ما أنا إلا خادمة.. هل عندنا هذا التواضع الذى يحول الأم إلى آمة؟ كلما أنكسر الإنسان أمام الله كلما أنتصر على التجارب، فالانكسار أمام الله، هو طريق الانتصار، من يتواضع يرفعه الله "أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتواضعين". وكانت السيدة العذراء كلها وداعة، وكلها تواضع، فهى سمة ظاهرة جداً فى حياة السيدة العذراء. 4- فضيلة التسليم : كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لى كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف. ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يارب، وها هم المجوس فى زيارة المولود، يقدم المجوس ذهباً ولباناً ومراً.. إذن لماذا الألم يارب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يارب، ويأتى سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يارب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب.. كان التسليم عجيباً "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى". هل سألته لمن تتركنى؟ من ينساها... إنه تسليم فى كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك. هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لى كقولى" تأملوا فى هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد". يا أحبائى .... أمام السيدة العذراء نذوب حباً وخجلاً من أنفسنا، ونشعر بالنورانية الحلوة التى تشع من وجهها، وننظر إلى سيرتها العطرة فنتمثل بإيمانها. السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة.. تحاور الله فى دالة متواضعة، تسلم حياتها لله كل الأيام. نيافة الحبر الجليل انبا موسى أسقف الشباب
المزيد
30 يوليو 2018

ماذا يقول المسيح للشباب؟

حاولت أن أتسمع إلى همس السيد المسيح، فى إن شباب اليوم... تراه... ماذا يقول لهم؟ هلموا نضع آذاننا قرب شفتيه الطاهرتين، أو نتكئ مثل يوحنا الحبيب على صدره الرحب، لنسمع دقات قلبه الحنون، الذى يخفق بحب العالم كله.. ابنى الحبيب... ابنتى المباركة : أننى أحب كلا منكما بصدق، صدق قد يخفى عليكما، وربما قد يشوهه بعض أبنائى عمداً أو دون قصد. أنا أهمس إلى كل قلب فى الوجود، متجاهلاً كل الفروق الظاهرية، من جنس أو لون أو دين أو عقيدة، بل متجاهلاً كل ما يبدو عميقاً فيكم، فهذا متدين، وذاك بعيد، والثالث عنيد، والرابع مستعبد لخطية معينة.. ورغم كل هذا فأنا أهمس لكل قلب فأقول: "لاتخف لأنى فديتك، دعوت باسمك، أنت لى" (أش 1:43). أننى أحب كلا منكما بصدق، صدق قد يخفى عليكما، وربما قد يشوهه بعض أبنائى عمداً أو دون قصد. أنا أهمس إلى كل قلب فى الوجود، متجاهلاً كل الفروق الظاهرية، من جنس أو لون أو دين أو عقيدة، بل متجاهلاً كل ما يبدو عميقاً فيكم، فهذا متدين، وذاك بعيد، والثالث عنيد، والرابع مستعبد لخطية معينة.. ورغم كل هذا فأنا أهمس لكل قلب فأقول: "لاتخف لأنى فديتك، دعوت باسمك، أنت لى" (أش 1:43). لاتخف لأنى فديتك : نعم... لاتخف يا حبيبى.. فمع أنى الإله القدير، والخالق غير المحدود، إلا أن قلبى يذوب حباً من نحو. لاتخف منى.. فأنا الآن لا أحاكم أحداً، ولا أقاضى إنساناً.. أنا معك الآن فى زمان الحب، زمان الرحمة.. لذلك فلا تخف منى. لقد قال لك خدامى أننى سوف أدين المسكونة بالعدل.. وهذه حقيقة.. لكن كل ما يشتهيه قلبى هو أن تأتى إلىّ.. كما أنت.. بكل ضعفاتك، وسلبياتك، وتطلعاتك، وطموحاتك، وتمردك، وعبودياتك، تعالى كما أنت... ولاتخف.. والسبب بسيط.. لاتخف لأنى فديتك. نعم فدمى الذى سأل من أجلك على عود الصليب، سال حباً فيك، وسدد كل ديونك.. لذلك فحينما ستقف يوماً أمام العدل الإلهى، تستطيع أن تحتج بكل ثقة وتقول: "ديونى دفعها السيد.. دفعها حين مات نيابة عنى". دعوتك باسمك : نعم.. لا تتعجب.. أنا أعرف اسمك.. فأنا لست زعيم قطيع، ولا أبحث عن شعبية! أنا أحبك شخصياً، وصدقنى لو أنهم سألونى على الصليب من أجل من ستموت يارب؟ لكنت قد أجبتهم: "من أجل فلان وفلان وفلان".. وكنت سأذكر اسمك فعلاً.. حاول أن تقول الآن: يسوع مات من أجلى، فمن الطبيعى إذن أن أعيش من أجله. ومعرفتى باسمك ليس المقصود بها اسمك فقط، بل ظروفك وطبيعتك ومستقبلك الزمنى والأبدى، كل خلاياك، وثنايا حياتك الأرضية والأبدية، وما قابلت سوف تقابل، كل هذا أنا أعرفه. لهذا أحبك.. من أجل النجاح الذى سوف تنجحه.. ومن أجل الفشل الذى سوف يبكيك ويبكينى معك، ومن أجل كل لحظة سقوط أو نصرة.. أنا معك.. أنا فيك!! أنت لى : لا لكى احتكرك أو أستولى عليك.. كلا.. والسبب بسيط: أننى لا نهائى.. وأى إضافة إلى مالا نهاية تساوى صفراً.. أنا لا أحتاج إليك وأنت لى تضيف إلى شيئاً.. بصراحة أنا محتاج أن أعطيك.. أعطيك حبى، وجسدى، ودمى، وخلاصى، وأبديتى، وفرحى اللامحدود. ابنى الحبيب... ابنتى المباركة.. أنا فى انتظاركما... بكل الحب.. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
23 يوليو 2018

المسيحي والعالم

أحبائى الشباب ... فى كل مرة نحضر القداس الإلهى، نسمع فى نهاية الكاثوليكون، عبارة:"لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم" (ايو15:2). بينما يقرأ فى إنجيل معلمنا يوحنا: "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد.." فهل من تناقض؟!بالطبع ليس هناك تناقض لسبب بسيط، أن كلمة "العالم" فى الآية الأولى تعنى "الأشياء"... كما هو واضح فى بقية الآية، أما كلمة "العالم" فى الآية الثانية فتعنى "الأشخاص" كما يتضح أيضاً فى بقية الكلام: "لكى لا يهلك كل من يؤمن به" (يو 16:3)، إذن، فالرب يدعونا إلى أن نفطم عن "شهوات سائر الأشياء".. وعن "غرور الغنى".. فهذه الأمور تأخذ من رصيد محبتنا للرب، حينما تتحول إلى محبة منافسة لمحبتنا للسيد المسيح، فتفقدنا تكريس قلوبنا لله ولقد كان الرب يسوع واضحاً جداً حينما تحدث عن المال، فهو لم يدعنا إلى عدم استخدام المال أو التعامل معه، بل إلى عدم "محبة" المال، عدم "خدمة" المال "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 24:6) من هنا كانت المشكلة فى "خدمة المال"، "ومحبة المال"، وليس فى استخدام المال وقد استعمل الرسول بولس تعبيراً مشابهاً حينما حذرنا من شهوة أن نكون أغنياء، فقال لنا: "إن كان لنا قوت وكسوة، فلنكتف بهما، وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء، فيسقطون فى تجربة وفخ، وشهوات كثيرة غبية ومضرة، تغرق الناس فى العطب والهلاك. لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 11:6) لذلك فهو يدعونا قائلاً: "أما أنت يا إنسان الله، فأهرب من هذا" (1تى 11:6). نفس الأمر يؤكده لنا معلمنا يوحنا حينما يقول: "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب، لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم، والعالم يمضى وشهوته، وأما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو15:2-17)، إذن، فعلينا أن نحب كل من فى العالم، ولا نحب كل ما فى العالم!. العالم.. كشهوات : حدد القديس يوحنا الحبيب شهوات العالم، فى ثلاثة أنواع، حتى نتحفظ منها: 1- شهوة الجسد : أى النزول إلى مستوى الحسيات، لتسيطر على الإنسان وهنا ينبغى أن نفرق بين كلمات ثلاث: ايروس.. شهوة الحس والجسد. فيلو.. المحبة الإنسانية العائلية والصداقة. أغابى.. المحبة الروحانية المتسامية. والرب يريد منا أن تتنقى من "الأيروس"، أى شهوات الجسد، وأنواع الانحرافات المختلفة. كذلك لا يرضى لنا بمستوى "الفيلو" أن العلاقات الإنسانية، التى يمكن أن تقوم بين البشر على أساس الاجتماعيات، أو العواطف البشرية أو علاقات الدم.. إنه يريد منا أن نرتفع إلى مستوى "الأغابى" المحبة الروحانية، التى تتسم بالقداسة، والثبات، والعطاء.. هذه السمات الثلاثة لا يمكن أن تتوافر إلا حينما يقدس الرب مشاعرنا وعواطفنا، فتصير نقية وطاهرة، ولأنها من الله فهى ثابتة بثبات الله، لا تتغير حسب الظروف، أو المعاملات، وكذلك فهى سخية فى العطاء، لا تنتظر العوض والمقابل، فهى تنسكب بسخاء صادرة من الله نفسه، وهى كالمحبة الإلهية لا تنتظر المكأفاة... 2- شهوة العيون : والمقصود بها حب الإمتلاك، يرى الإنسان شيئاً فلا يستطيع أن يقاوم الرغبة فى امتلاكه!! وهذا ما نراه حولنا فى كل يوم.. ما نسميه بالشهوة الإستهلاكية، فالتليفزيون يعرض أمامنا كل يوم أنواعاً من المقتنيات والمأكولات.. فنسير وراء هذه الشهوة، ونصرف الكثير من النقود، ونسبب الكثير من المشاكل العائلية. أما النفس الشبعانة فهى "تدوس العسل"، أى إنها لا تسقط تحت إغراء الإعلان، ولا تحت إيماءات غريزة حب التملك.. فهى تمتلك اللانهاية، الخلود، الأبدية.. وتهتف مع العروس: "أنا لحبيبى وحبيبى لى" ولهذا فهى لا تشعر بالجوع، بل تقول مع المرنم: "الرب راعىّ، فلا يعوزنى شئ"!! 3- تعظم المعيشة: هذا ما يصبو إليه الكثير من الشباب، كيف يقود حياة فيها بذخ وترف ولهو وملذات.. وينسى إن هذا التعظيم والتنعم ليس هو سر الفرح والسعادة، بل بالعكس يقول الكتاب: "المتنعمة ماتت وهى حية" ذلك لأنها فقدت شبع الروح، وعظمة المركز الإلهى، فالمولود من الله يرى فى نفسه كرامة وعزة ورفعة، يستحيل أن يحس بها الإنسان الغريب عن الله!!وهنا أتذكر كلمات الشيخ الروحانى: "يا ابن الملك، لماذا تبحث عن كسرة خبز؟!".إن أولاد الله يشعرون بكرامة فائقة، ويحسون أنهم أبناء ملك الملوك، وليس فى كل العالم من مركز أعلى من هذا المركز!!. ولكن.. كيف ؟ إن محبتنا للعالم كأشياء وشهوات، لا يمكن أن تنتهى إلا بالبديل!! والبديل هو الرب يسوع!!. "حاشا لى أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذى به صلب العالم لى، وأنا للعالم". هنا الدواء : أن نتحد بصليب الرب!! فالصليب هو الحب!! وهو العطاء!! وهو دواء الشهوة النجسة!! وهو الاتحاد بالله!! وهو التطلع إلى أورشليم السماوية!! وكل من اقتنى المسيح، اقتنى الخلود.. من هنا يسهل عليه أن يتخلى عن العالم المادى المحدود الخاطئ الزائل، لكى يشترى الملكوت الروحى واللانهائى والمقدس والخالد إلى الأبد!! نعم .. إنها صفقة!! الصلب المتبادل : إن الاتحاد بصليب الرب يحدث لنا نوعاً من الصلب المتبادل: "صلب العالم لى، وأنا للعالم".. أى أن الإنسان المسيحى يصير العالم بالنسبة إليه شيئاً مصلوباً، ميتاً، تفوح منه رائحة النتانة، فلا يجد فيه شيئاً يشتهى!! وفى المقابل، يصير المسيحى نفسه مصلوباً بالنسبة إلى العالم، أى أن أهل العالم لا يستطيعون تحريك شهواته.وطوبى لمن يردد مع المرنم: "من لى فى السماء.. ومعك لست أريد شيئاً على الأرض". نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
16 يوليو 2018

مفاتيح فى خدمة الشباب

هناك مفاتيح أساسية، تفتح قلوب الشباب، وتجعل خدمتهم سهلة ميسورة، بنعمة المسيح، وعمل روحه القدوس الصلاة فالصلاة هى ببساطة شديدة أن نشرك الله معنا فى العمل، وهكذا نضيف إلى طاقتنا المحدودة، الناقصة، والقابلة للخطأ والانحراف، طاقة إلهية غير محدودة، إيجابية وبناءة الصلاة تفتح حياتنا الله، وتفتح حياة الله علينا، وهكذا يلتقى المحدود باللامحدود، ويالها من معجزة!! الصلاة هى الحبل السرة الذى يتصل الخادم من خلال بالله، آخذاً منه القوة والإستنارة والقيادة، كما أنها الحبل السرى الذى يتغذى الخادم من خلاله، على قوة الروح، ونعمة الله الصلاة تجهزك كخادم لكى تخدم، وتجهز الكلمة على شفتيك فتخرج حية ومؤثرة، وتجهز المخدومين لكى تعمل فيهم كلمة الحياة لتوبتهم وخلاصهم. الخادم يصلى قبل أن يحضر الدرس، وأثناء إلقاء الدرس يكون متصلا بالله، طالباً القيادة والمعونة، وبعد الدرس يصلى واضعاً نفسه والكلمة والمخدومين بين يدى الله. الخادم يصلى قبل الافتقاد ليقوده الرب إلى النفوس المحتاجة، وأثناء الزيارة ليوجه الرب الحديث نحو خلاص المخدوم والشبع الروحى، وبعد الزيارة ليستمر عمل الروح فى قلب الخادم والمخدوم معاً. الزيارة جلسة روحية مع المخدوم عند قدمى المسيح، وليست جلسة أستاذ مع تلميذ، فكلنا تلاميذ المسيح، وفى حاجة مستمرة إلى التعلم الحب الشخصى من أهم مفاتيح الخدمة لمسة الحب الشخصى للمخدوم.. وذلك يشمل معرفتى باسمه كاملاً. معرفتى بظروفه، لكى أسانده فيها وأصلى معه معرفتى بعنوانه فى المنزل، وزيارتى له. وقوفى معه فى مصادمات الحياة المختلفة، كالمرض والوفاة والفشل الدراسى وكافة المشكلات العائلية أو الشخصية. لذلك يحتاج الخادم أن يكون قلبه متسعاً بلا حدود، وذلك بالطبع فوق طاقة البشر، لذلك يتحد بالرب، لكى تنسكب محبة الله فى قلبه بالروح القدس (رو 5:5) كما يحتاج الخادم أن يمتحن ويفحص محبته للمخدوم، هل هى محبة كلام أم محبة عمل "لا نحب بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق" (1يو 18:3) كما أن محبة الخادم للمخدوم يجب أن ترتفع لتكون محبة روحانية (أغابى) وليست مجرد محبة إنسانية (فيليا) فالمحبة الروحانية فيها حضور الله، والكمال، والنقاوة، والثبات. أما محبة البشر فهى محدودة وناقصة ومتقلبة وغير قادرة على الاحتمال والصفح لهذا قال الرب "لا تخف لأنى فديتك، دعوتك باسمك، أنت لى" (أش 1:43).. كما قال: "أعرف خاصتى، وخاصتى تعرفنى" (يو 14:10).. وهو "يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو 3:10) الكلمة أنها المفتاح الأساسى فى خلاص نفسى، فقد قال الرب على فم رسوله بولس: "الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله" (رو 17:10).. وأوضح لنا فى مسلسل الكرازة ما يلى ضرورة أن يدعو الإنسان الله ليخلص ضرورة أن يؤمن الإنسان ليدعو الله ضرورة أن يسمع الإنسان الكرازة ليؤمن ضرورة أن يكرز الخدام للناس ليسمعوا فيؤمنوا ضرورة أن يرسل الرب الخدام ليكرزوا بالكلمة إذن فالسلسلة هى : إرسال الخدام - الكرازة للناس - سماع الناس لأخبار الخلاص - الإيمان بها - دعوة الناس الله ليخلصهم والخادم الأمين يقرأ كلمة الله كل يوم يشبع بها بكل قلبه يحفظها فى ذهنه وقلبه لكى لا يخطئ إلى الله ينفذها للآخرين ليخلصوا بها كما أنه يقدم الكلمة للناس فى أنموذجه الحى: "كن قدوة" كلماته التلقائية فى الحياة اليومية كلماته فى العظات والافتقاد نبذات تحمل فكر وحب المسيح للشباب شرائط كاسيت شرائط فيديو الحوار من أهم مفاتيح خدمة الشباب أن يكون الخادم محاوراً جيداً فوائد الحوار الحوار مع المخدومين يجعلنا أ- نتعرف على واقعهم ومشكلاتهم واحتياجاتهم ب- ندرس إمكانية التعامل مع هذا الواقع فعلا ج- تظهر المشكلات فى التطبيق، ويتم حلها د- تراعى الفروق الفردية هـ- نصل إلى قناعة مشتركة خالية من القهر أو بيع الفكرة مواصفات الحوار الناجح يتصف الحوار الناجح بسمات هامة هذه بعضها جو روحى هادئ خال من الانفعال قدر الإمكان مشاركة متاحة للجميع، دون استقطاب لا يجوز إلغاء القائد للمجموعة، ولا إلغاء المجموعة للقائد بعيد عن روح الجدل العقلانى الجاف مساحة الوقت المتاحة مناسبة تكون نقاط الحوار واضحة، حتى لا نتوه ونتشعب لا يفرض أحد فكره على المجموعة حتى إذا كان القائد الكل يتحدث مع القائد، بأذن ونظام، دون أحاديث جانبية أو شغب أحذر جفاف الحوار، وتشتت الأفكار، وأحرص على التجمع فى النهاية مع اللمسة الروحية المناسبة وهكذا نصل إلى حوار ناجح، فيه ينتبه الجميع إلى الموضوع المطروح، ويشاركوا فيه بالرأى والخبرة، ويستمعوا إلى آراء الغير ويصلوا إلى قناعة هادئة ومستريحة، كمقدمة أساسية لتنفيذ ما نتفق عليه، لبنيان الفرد والجماعة المشاركة مفتاح هام وأخير هو أن يشارك الشباب فى اجتماعهم فى اختيار الموضوعات والمتكلمين فى اختيار أنواع النشاط المختلفة فى الاشتراك فى لجان متنوعة : الحفلات - الرحلات - الافتقاد - الصلاة - دعوة المتكلمين - خدمة المستشفيات والمرضى والمعوقين والملاجئ - المعارض - المسرحيات - الدراسات المختلفة (كتابية.. كنسية.. ألحان.. لغة قبطية .. ثقافية.. وطنيات.. الخ) أن يشارك كل الشباب بمواهبهم: الفنية والأدبية والموسيقية والاجتماعية والرياضية والكشفية أن يشاركوا فى التفكير، والتعبير، والتقرير، والتنفيذ فى كل أمور خدمتهم أن يشاركوا فى منبر الشباب أن يشاركوا فى مهرجانات ومؤتمرات الشباب إن هذه المشاركة : تنمى شخصيتهم، وتصقلها، وتستثمر طاقاتهم، وتنقذهم من الانحراف، وتثبتهم فى الرب وكنيسته، وتجعل منهم خدام المستقبل نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل