المقالات

24 ديسمبر 2019

فتاة ممتلئة نعمة

قال الملاك للسيدة العذراء حين بشرها:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمْتَلِئَةُ نِعْمَةً» (لوقا 1: 28). ولاشك أن هذا يجعلنا نتمنّى ونطلب شيئًا من هذه النعمة الإلهية التي ملأتها، ولكن... َ ما هي النعمة؟ هي عمل الروح القدس في الإنسان، من أجل خلاص نفسه، وتقديسه، وتكميله... ليصير مناسبًا للحياة المسيحية هنا، والحياة الأبدية هناك. وكلمة نعمة باليونانية معناها "خاريس" وبالإنجليزية grace، ومعناها العمل المجاني الذي يقدمه روح الله للإنسان، لخلاص نفسه، لهذا يقول الرسول بولس: «خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ...‏ حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (تيطس 3: 5، 7). «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِى بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ» (رومية 3: 24، 25). «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ¬ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 5). ومن هذه الآيات نكتشف مفاعيل النعمة الإلهية، التي قدّمها لنا الرب، من خلال تجسده وفدائه لنا: 1- التبرير: وهو غير التبرئة، فنحن خطاة ومدانون، لكن الرب برّرنا بأن دفع هو ديون خطايانا كما علّمنا الكتاب المقدس، والقديس أثناسيوس الرسولى. فالرب يسوع «يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِى جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ» (أفسس 2: 16)، أي أننا كُنّا فى خصومة، وتحت عقوبة، وعلينا دين: «لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ» (رومية 6: 23)، لكن الرب يسوع على الصليب «حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِى جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بطرس 2: 24)، "ومات عوضاً عنا" (القديس أثناسيوس)، فصرنا نقول له: "حوّلت لي العقوبة خلاصًا"... "أنا اختطفتُ لي حكم الموت" (القداس الغريغورى). وهكذا برّرنا السيد المسيح إذ دفع الدين الذي كان علينا، وحمل حُكم الموت بدلاً منّا. 2 - الخلاص : والمقصود به أن دم المسيح خلصنا من خطايانا بأنه: X يغفرها لنا: «وَ‍بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). يطهّرنا منها: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ ‍يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7). يقدِّسنا للرب: «لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ» (عبرانيين 13: 12). يثبّتنا فيه: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 6: 56). يعطينا حياة أبدية: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِى فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» ((يوحنا 6: 54). التجديد: فالرب يسوع، بروحه القدس يجّددنا: فبالمعمودية والميرون: تتجدّد طبيعتنا. وبالتوبة: تتجدّد سيرتنا. وبوسائط النعمة: نتجدّد يومًا فيومًا. ويتغيّر الجسد في القيامة: تتجدّد أجنا فتصير أجسادًا نورانية. 3- الميراث: النعمة المجانية، التي دفع ثمنها الرب يسوع بتجسده وفدائه لنا، جعلتنا أبناءً لله، وورثة للملكوت... فصرنا «وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَد (تيطس 3: 7)... لهذا قال لنا: «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا ‍الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32). السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة، بالروح القدس، فصارت السماء الثانية، والشفيعة المؤتمنة. ليتنا نطلب قبسًا مما نالته من نعمة فائقة قال الملاك للسيدة العذراء حين بشرها:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمْتَلِئَةُ نِعْمَةً» (لوقا 1: 28). ولاشك أن هذا يجعلنا نتمنّى ونطلب شيئًا من هذه النعمة الإلهية التي ملأتها، ولكن... َ ما هي النعمة؟ هي عمل الروح القدس في الإنسان، من أجل خلاص نفسه، وتقديسه، وتكميله... ليصير مناسبًا للحياة المسيحية هنا، والحياة الأبدية هناك. وكلمة نعمة باليونانية معناها "خاريس" وبالإنجليزية grace، ومعناها العمل المجاني الذي يقدمه روح الله للإنسان، لخلاص نفسه، لهذا يقول الرسول بولس: «خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ...‏ حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (تيطس 3: 5، 7). «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِى بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ» (رومية 3: 24، 25). «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ¬ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 5). ومن هذه الآيات نكتشف مفاعيل النعمة الإلهية، التي قدّمها لنا الرب، من خلال تجسده وفدائه لنا: 1- التبرير: وهو غير التبرئة، فنحن خطاة ومدانون، لكن الرب برّرنا بأن دفع هو ديون خطايانا كما علّمنا الكتاب المقدس، والقديس أثناسيوس الرسولى. فالرب يسوع «يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِى جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ» (أفسس 2: 16)، أي أننا كُنّا فى خصومة، وتحت عقوبة، وعلينا دين: «لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ» (رومية 6: 23)، لكن الرب يسوع على الصليب «حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِى جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» (1بطرس 2: 24)، "ومات عوضاً عنا" (القديس أثناسيوس)، فصرنا نقول له: "حوّلت لي العقوبة خلاصًا"... "أنا اختطفتُ لي حكم الموت" (القداس الغريغورى). وهكذا برّرنا السيد المسيح إذ دفع الدين الذي كان علينا، وحمل حُكم الموت بدلاً منّا. 2 - الخلاص : والمقصود به أن دم المسيح خلصنا من خطايانا بأنه: X يغفرها لنا: «وَ‍بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عبرانيين 9: 22). يطهّرنا منها: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ ‍يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 1: 7). يقدِّسنا للرب: «لذلكَ يَسوعُ أيضًا، لكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعبَ بدَمِ نَفسِهِ، تألَّمَ خارِجَ البابِ» (عبرانيين 13: 12). يثبّتنا فيه: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 6: 56). يعطينا حياة أبدية: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِى فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» ((يوحنا 6: 54). التجديد: فالرب يسوع، بروحه القدس يجّددنا: فبالمعمودية والميرون: تتجدّد طبيعتنا. وبالتوبة: تتجدّد سيرتنا. وبوسائط النعمة: نتجدّد يومًا فيومًا. ويتغيّر الجسد في القيامة: تتجدّد أجنا فتصير أجسادًا نورانية. 3- الميراث: النعمة المجانية، التي دفع ثمنها الرب يسوع بتجسده وفدائه لنا، جعلتنا أبناءً لله، وورثة للملكوت... فصرنا «وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَد (تيطس 3: 7)... لهذا قال لنا: «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا ‍الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32). السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة، بالروح القدس، فصارت السماء الثانية، والشفيعة المؤتمنة. ليتنا نطلب قبسًا مما نالته من نعمة فائقة نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
30 أكتوبر 2018

الشباب و الصوم

إذا كان الصوم احتياجًا ماسًّا لكل الأعمار، إلا أنه بالنسبة للشباب احتياج في غاية الأهمية، وذلك لأسباب منطقية: 1- حاجة الشباب إلى تقوية الإرادة: فالشباب مرحلة القرارات الهامة والمصيرية، مثل قرار: الدراسة - اختيار العمل - اكتشاف شريك الحياة - تغيير المسار في مجالات كثيرة ... ألخ. ولذلك يحتاج الشباب إلى تقوية إرادته ليتخذ القرار الصائب في الوقت السليم! والصوم تدريب ممتاز "لتقوية الإرادة"! آكل هذا الطعام ولا آكل ذلك، مع أنه شهي! آكل الآن، أم أن هناك فترة انقطاع! أصوم كل الأصوام أم بعضها! أصوم المدة كلها، أم بعضها! والقرار هنا، بدوافع روحية وكنسية وصحية ومنطقية... قرار هام! والصوم فرصة ممتازة لتقوية الإرادة، ودعم الحياة الروحية والكنسية. 2- حاجة الشباب إلى حياة الطهارة : ومعروف عمليًا أن الأطعمة البروتينية نوعان: اللحوم: وهذه تعطي طاقة غضبية وشهوية أكثر، كما أثبتت بعض الدراسات العلمية الحديثة! والأسماك: وتعطي طاقة غضبية وشهوية أقل! كلاهما بنّاء للأنسجة.. وكنيستنا المسترشدة بالروح القدس رتّبت الأصوام على درجتين: واحدة تسمح بالأسماك: كصوم الميلاد والرسل والعذراء، وأخرى تخلو منها: كالصوم الكبير، والأربعاء والجمعة والبرامون.. وهذه حكمة من الكنيسة لحاجة الإنسان إلى البروتين، فاختارت له الأسماك في أصوام كثيرة. لذلك فالأصوام تساعد في حياة الطهارة، لأنها تتضمن مع نوع الأكل، وفترة الانقطاع، الانتظام في القداسات والصلوات والتناول، وهذه أسلحة عامة وهامة لحياة الطهارة! فالنفس الشبعانة (بالمسيح والروحيات) تدوس العسل (عسل الخطية المسموم): «النَّفسُ الشَّبعانَةُ تدوسُ العَسَلَ» (أمثال27: 7). 3- حاجة الشباب إلى الحياة الكنسية: وهذا أمر هام جدًا، إذ يحتاج الإنسان عمومًا، والشباب بصفة خاصة، إلى إشباع بعض الاحتياجات النفسية مثل: الحاجة إلى الأمن، والحب، والانتماء، والنجاح، والخصوصية، والمرجعية... وهذا يأتي من التواجد في عضوية الجماعة المقدسة، والحياة الكنيسة.. بما فيها من تعليم وأنشطة وممارسات وأسرار مقدسة.. وهذا سند هام للإنسان، إذ يحس إنه: ‌أ-عضو في الكنيسة، والجسد المقدس، والجماعة المرتبطة بالرب. فهو واحد من المؤمنين المجاهدين على الأرض، تطلُّعًا إلى السماء. ‌ب- له عشرة وشركة واقتداء وتشفّع بالقديسين في الفردوس... فهم سحابة شهود محيطة بنا ترقب جهادنا، وتصلى لأجلنا «لذلكَ نَحنُ أيضًا إذ لنا سحابَةٌ مِنَ الشُّهودِ مِقدارُ هذِهِ مُحيطَةٌ بنا» (عبرانيين12: 1). ‌ج- المسيح هو رأس هذا الجسد، والشاب كعضو في الكنيسة، هو متصل به، يشبع ويخلص ويحيا به إلى الأبد. والأصوام الجماعية هامة لهذا الهدف، نصوم معًا صوم: الميلاد ويونان، والكبير، والرسل، والعذراء.. فنحس بوحدة جسد الكنيسة، ونحيا تذكارات هذه المناسبات.. إذ يذخر كل صوم منها بالمعاني والقراءات والقدوة والتسابيح والقداسات. وبممارسة هذه الحياة الكنسية: الإرادة ... تتقوى! والطهارة... تزداد! وعضوية الجسد المقدس... تتدعم! لهذا نصوم... وبهذا ننتصر على أعدائنا: الجسد، وعثرات العالم، والشيطان؛ فنهتف جميعنا: «يَعظُمُ انتِصارُنا بالّذي أحَبَّنا» (رومية8: 37 نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
20 يناير 2020

تأملات فى عيد الظهور الإلهي

تقابل السيد المسيح أثناء كرازته مع إنسان ولد أعمى، ولم يستطع هذا الإنسان أن يتمتع بنعمة البصر إلا بعد أن قابله السيد وطلى بالطين عينيه، وأمره بالإغتسال فى بركة سلوام، مثالاً لكل البشر، الذين فقدوا بصيرتهم الروحية وإستنارتهم السماوية، وكيف أنهم سينالون الإستنارة من خلال المعمودية. إن الله لم يترك نفسه بلا شاهد (أع 17:14) بل أعلن لنا نفسه فى القديم بواسطة رموز وصور متعددة مثل: 1- ملكى صادق (تك 14) : ملك شاليم، الذى أضاء فى وسط العهد القديم، بلمحة من ضياء كهنوت المسيح. وظهر بعد ذلك الكهنوت اللاوى، حتى جاء المسيح كاهناً على رتبة ملكى صادق (مز 4:11)، ذلك الذى كان مجرد رمز للسيد المسيح، ملك السلام، والبر، وقابل العشور، وذبيحة الخبز والخمر.. الخ. 2- سلم يعقوب (تك 28) : الذى رآه فى هروبه من وجه أخيه وكان رمزاً للسيدة العذراء حاملة المسيح (يو 51:1). 3- ظهور النور (الشاكيناه) : ظهر على غطاء تابوت العهد بين الكاروبين ليعلن عن حضور الله وعن مشيئته، فالله هو النور، وساكن فى النور، وتسبحه ملائكة نور.. 4- أخيراً جاء يوحنا المعمدان : جاء كملاك يعد الطريق (مت 1:3).. ودعى السابق الصابغ والشهيد. وفى ملء الزمان كشف الله عن ذاته بطريقة باهرة، إذ انشقت السماء، وأعلن الآب عن ذاته، منادياً الابن، وظهر الروح القدس فى شكل حمامة. 1- الإعلان الكامل : أخيراً أعلن الله ظهوره النورانى الكامل الذى مهدت له ومضات العهد القديم. وازداد لمعان ذلك الظهور أثناء كرازة الرب العامة (يو 3:17)، وفى حادثة التجلى (مر 19:12-26). 2- السماء المنشقة : أ- انشقت السماء يوم عيد الظهور الإلهى، إيذانا بانتهاء عهد الظلال والرموز والظلام، وحلول وبدء عهد النور المكشوف الواضح. ب- لم تنغلق السماء منذ أن انشقت، بل ظلت مفتوحة للمؤمنين (أع 26:7)، (أع 11:10)، (2كو 12) فى رؤى للقديسين بطرس وبولس. ج- وإذ انشقت السماء نزل منها الروح القدس، ليحل على بنى البشر مصدراً للحياة، وأساساً للتعزية، يصاحب المؤمن طوال غربته. 3- الشهادة السماوية : أ- هذا هو إبنى الحبيب: هى شهادة البنوة التى أعلن بها الآب أبوته لإبنه الوحيد، ذاك الذى صار لنا به التبنى المواعيد (أف 5:1). ب- الذى به سررت: بهذا أعلن الآب كمال مسرته بإبنه، أنه قد أصبح لله مسرة فى حياة أولاده المؤمنين به، "لذتى فى بنى آدم" (أم 31:8). وهنا نتساءل: هل استنرت أنت يا أخى الشاب شخصياً فى حياتك؟ بل هل أضأت مصابيح قلبك بزيت البهجة؟ كيف؟‍‍؟! هناك وسائل هامة للإستنارة مثل: 1- إستنارة المعمودية : بدون المعمودية لا يمكن أن يستضئ قلب المؤمن، وبولس الرسول يقول عنها أنها الإستنارة (عب 4:6) التى لا تعاد. وهى حق لكل مؤمن. 2- إمتداد الإستنارة : وما أن ينال المؤمن قوة المعمودية، حتى ينطلق لممارسة كافة الأسرار الكنسية المقدسة، كالميرون والإعتراف والتناول، بل أنه يواظب على وسائط النعمة لزيادة إمتداد الإستنارة، بالإضافة إلى دراسته لكلمة الله وقراءاته الروحية، وحضوره الإجتماعات الكنيسة.. هذه كلها وسائل إستنارة. ملاحظات: ويمكن للخادم أن يناقش بعض الموضوعات الأخرى مثل: 1- عمل الثالوث القدوس فى خلاصنا. 2- اتضاع المسيح وخضوعه للناموس سواء فى الختان أو المعمودية ليكمل كل بر. 3- أهمية المعمودية والقيم الروحية التى ننالها من ممارسة هذا السر، كما أنه يمكن أن يقرأ مع المخدومين بعض مقتطفات من كتاب الخدمات الكنسية عن المعمودية. 4- يحسن أن ينبه الخادم إلى أن الميلاد الثانى بالمعمودية ليس هو التوبة وتغيير الفكر، كما تدعى بعض الطوائف، وإنما التوبة هى إمتداد عمل المعمودية فينا، ولكن الولادة الثانية هى بالماء والروح. فلنتأمل معاً فى بركات المعمودية التى نالها كل منا، ويمكنا أن نجمع مواقف وآيات من الكتاب المقدس عن مواضع إعلان الله لذاته فى العهدين، وأن طقوس المعمودية وعلاقتها بالنور مثل الملابس البيضاء، وإضاءة الشموع حول المعمد فى الزفة التى تعمل بعد العماد. بعض أقوال الآباء القديسين : كيرلس الكبير: "تستنير نفوس المعتمدين بتسليم معرفة الله". يوستينوس الشهيد: "وهذا الإغتسال يسمى تنويراً لأن الذين يتعلمون هذه الأمور يستنيرون فى أفهامهم". نيافة الحبرالجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
23 أغسطس 2020

مهرجان الكرازة المرقسية 2020 (2)

تتسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعلامات ومواصفات هامة، تنفرد بها عن أي كيان آخر، وهذه السمات نسمعها على فم الشماس -في القداس الإلهي- حينما ينادينا قائلًا: "صلوا من أجل سلامة الواحدة، الوحيدة، المقدسة، الجامعة، الرسولية، كنيسة الله، الأرثوذكسية" وهي:1- الواحدة: فليس هناك سوى كنيسة واحدة، سواء، منذ الأزل في فكر الله، أو خلال المسار البشري كله، أو حتى في الخلود.. فجسد المسيح واحد.. وعروس المسيح واحدة.2- الوحيدة: بمعنى "الفريدة في نوعها"، فليس هناك كيان آخر مشابه لها، فهي الكيان المقدس، الذي فيه يجتمع الرب مع الناس، والزمن مع الأبدية، والأرض مع السماء، والشعب مع الشعوب.3- المقدسة: إذ أن روح الله القدوس هو سر قداسة أعضائها، فهو الذي يدشن كل عضو في هذا الجسد، ويسكن فيه، جاعلًا منه هيكلًا مقدسًا ومُخصَّصًا للرب، لهذا تتسم الكنيسة بقداسة الكيان والفكر والوجدان والسلوك.. وتصير ضميرًا حيًا للعالم في كل مكان وزمان.4- الجامعة: فإن كان العهد القديم قد ركز على شعب واحد هو بني إسرائيل، إلا أن العهد الجديد اتسع ليشمل العالم كله، من كل الأمم، والشعوب، والقبائل، والألسنة «لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ...» (يو3: 16)، وهو «يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تي2: 4).5- الرسولية: فالكنيسة مبنية «عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ» (أف2: 20). فالكنيسة امتداد للرسل، سواء من جهة حياتهم الشخصية، أو إيمانهم أو تعاليمهم أو كرازتهم..6- كنيسة الله: فالكنيسة ليست مِلكًا لأحد، ولا حتى لنفسها، بل هي مِلك خالص لله، الذي أحبها، وافتداها بدمه، واقتناها عروسًا مطهرة لشخصه.. «خَطَبْتُكُمْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ» (2كو11: 2)، لهذا تهتف العروس في النشيد قائلة: «أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي» (نش6: 3).7- الأرثوذكسية: فالكنيسة مستقيمة الرأي والمعتقد والفكر (أرثو = مستقيم)، كما أن حياتها تمجيد لله في الزمن والأبدية، بفكر مستقيم، وحياة أمينة. فلا انفصام بين العقيدة والحياة، ولا بين العقل والقلب والسلوك اليومي. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
16 أكتوبر 2018

أنت هو الحياة

فرق بين أن يكون الرب هو القيامة، وبين أن يكون هو الحياة!! فالقيامة معناها إعطاء أو إعادة الحياة للميت. أما الحياة. فمعناها انه أصل هذا الوجود كله!! فالرب يسوع هو "حياتنا" (كو4:3)، "به نحيا ونتحرك ونوجد" (أع 28:17)، "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس" (يو4:1)، "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو6:14)، "إنى أنا حىّ ، فأنتم ستحيون" (يو19:14). وهناك ترنيمة تنادى الرب قائلة: "يا يسوع الحياة.." إنه ليس فقط معطى الحياة.. بل هو الحياة ذاتها!! الحياة أنواع : وهناك أربعة أنواع من الحياة، كلها مصدرها الرب يسوع: 1- الحياة الجسدية. 2- الحياة الروحية. 3- الحياة الأدبية. 4- الحياة الأبدية. والرب يسوع هو أساس وجوهر ومصدر كل هذه البركات، وبدونها يسقط الإنسان فى موت الجسد، والروح، ويفقد كرامته الإنسانية، وحياته الأبدية. 1- الرب يسوع.. حياتنا الجسدية: فنحن نأخذ حياتنا من الرب لحظة وراء الأخرى، وكلمة الله واضحة فى هذا الأمر: "به نحيا ونتحرك ونوجد" (أع 28:17)، "فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس" (يو 4:1). فالرب يسوع هو الكلمة.. فيه خلق الكل، ما فى السموات وما على الأرض... ما يرى وما لا يرى، سواء كانت عروشاً أم رياسات أم سلاطين.. الكل به وله قد خلق.. الذى هو قبل كل شئ.. وفيه يقوم الكل.. (كو 16:1-17). وفى هذه العبارة المقدسة نجد أن: 1- الرب يسوع هو الذى فيه خلق الكل. 2- وأن الكل به قد خلق (أى بواسطته أو بيده الإلهية). 3- والكل له قد خلق (أى القصد من خلقة الإنسان تمجيد المسيح). 4- فيه يقوم الكل (أى انه الحافظ لكل المخلوقات). من هنا كان لابد أن نتذكر هذه الحقيقة كل يوم وكل لحظة.. فنحن حينما نستيقظ فى الصباح، علينا أن نذكر أن الرب أنعم علينا بأن نرى يوماً جديداً. فالرب هو سر حياتنا الجسدية.. معطيها.. وحافظها.. وعلينا أن نكرسها له، فهو صاحبها الأساسى!. وحينما نسمع أحد رجال الله يدعونا قائلاً: "سلموا حياتكم للرب".. علينا أن نتذكر أن هذا ليس تفضلاَ منا، فحياتنا أساساً هى للرب ومنه، وبه تقوم. واجب إذن أن نشكر الله على هذا العمر، وأن نمجد الله فى أيامنا وأحوالنا، وأن نشهد لله بعمله المتجدد معنا، وبركاته الجديدة فى كل صباح. 2- الرب يسوع.. حياتنا الروحية: وهنا البركة الأهم والأخطر‍ "فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"(مر36:8). فالحياة على الأرض عطية يتمتع بها الأبرار والأشرار، المهم نوعية هذه الحياة فى الزاوية الروحية.. الجسد يحيا ويتحرك ويوجد.. فهل الروح أيضاً حية ومتحركة وفاعلة؟‍ هذا السؤال الخطير، الذى جعل الرب يعتبر أن الإنسان الخاطئ ميت، حتى لو كان حياً بالجسد، "المتنعمة قد ماتت وهى حية" (1تى 6:5)، "استيقظ أيها النائم، وقم من بين الأموات، فيضئ لك المسيح" (أف 8:5)، "لك أسم انك حى... أنت ميت" (رؤ 1:3). حياة الروح إذن هى المهمة‍، وهى جهادنا اليومى، وهى عطية الرب يسوع أيضاً، لمن يطلبها بأمانة. ذلك عهد الرب مع أولاده، فى العهدين القديم والجديد. جيش عظيم جداً جداً: رأى حزقيال فى رؤياه بقعة ملآنة عظاماً، والعظام كثيرة جداً، وقال الرب لحزقيال النبى: "أتحيا هذه العظام؟" فأجاب حزقيال: "يا سيد الرب.. أنت تعلم"، قال الرب: "تنبأ على هذه العظام وقل لها: أيتها العظام اليابسة... إسمعى كلمة الرب.. هكذا قال السيد الرب لهذه العظام: هاأنذا ادخل فيكم روحى فتحيون... واضع عليكم عصباً، واكسيكم لحماً، وابسط عليكم جلداً... وأجعل فيكم روحاً فتحيون... وتعلمون إنى أنا الرب" (حز 1:37-6). ويقول حزقيال النبى: كان صوت وإذا رعش. طفلة ملقاة على وجه الحقل: ورأى حزقيال رؤيا أخرى: طفلة ملقاة على وجه الحقل... أبوها أمورى وأمها حثية.. لم تقطع سرتها... ولم تغسل بماء.. ولم تملح تمليحاً.. ولم تقمط تقميطاً.. لم تشفق عليها عين.. بل طرحت على وجه الحقل. تنتظر لحظة الموت ولكن ماذا حدث لهذه الطفلة، التى هى أنت وأنا، نفسك ونفسى.. مررت بك، ورأيتك مدوسة بدمك فقلت لك: بدمك عيشى. قلت لك.. بدمك عيشى.. مررت بك ورأيتك.. فإذا زمنك زمن الحب.. بسطت ذيلى عليك.. وسترت عورتك.. ودخلت معك فى عهد.. حممتك بماء (المعمودية).. ومسحتك بزيت (الميرون)... وألبستك مطرزة (التبرير).. وحليتك بحلى (الفضائل).. وأكلت السميذ والعسل (التناول والأغذية الروحية) وجملت جداً جداً فصلحت لمملكة.. وخرج لك اسم فى الأمم لجمالك.. لأنه كان كاملاً ببهائى.. الذى جعلته عليك (حز 6:16-14). هذا ما فعله الرب معنا حينما افتقدنا بخلاصه، وتمتعنا ببركات فدائه، بالإيمان والمعمودية والميرون، بالتنول وشركة جسد الكنيسة، فصرنا أحياء بعد موت. 3- الرب يسوع.. حياتنا الأدبية: قال الرب للطفلة الملقاة على وجه الحقل.. بعد أن أنقذها من الموت، وأطعمها خبز الحياة.. إنها صارت جميلة جداً (بالفضائل)، فأصبحت تصلح لمملكة. نعم.. هو المجد الذى خلعه الرب علينا.. الآن نحن أولاد الله.. ولم يظهر بعد ماذا سنكون.. ولكن نعلم انه إذا اظهر.. نكون مثله.. "لأننا سنراه كما هو" (1يو 2:2). أمجاد كثيرة فى هذه الآية: 1- نحن أولاد الله.. لسنا عبيداً بل أبناء. 2- إننا سنكون مثله.. أى "شركاء طبيعته الإلهية" (1يو 2:3)، وفى نفس الوقت جسدنا فى القيامة سيكون بشبه جسده الممجد (فى 21:3). 3- إننا سنراه كما هو.. أى إننا سندرك أسرار الألوهة فى عمق أكبر جداً، حينما نلتقى به فى المجد، ونكون مع الرب إلى الأبد. وفى سفر الرؤيا نجد وعداً عجيباً: "من يغلب فسيجلس معى فى عرشى.. كما غلبت أنا أيضاً.. وجلست مع أبى فى عرشه" (رؤ 21:3). وفى نفس الوعد قاله الرب لتلاميذه أنهم.. سيجلسون على اثنى عشر كرسياً ويدينون أسباط إسرائيل الأثنى عشر (لو 30:22). ألم يقل الرب انه جعلنا "ملوكاً" وكهنة لله أبيه (رو 10:5) ملوكاً.. كأبناء الملك العظيم.. وكهنة.. بمعنى الكهنوت العام للمؤمنين، والذى من خلاله يقدمون ذبائح الحمد والتسبيح وأعمال المحبة. أى مجد هذا؟ أن نصير أبناء الله، أن نصير واحداً فيه.. (يو 21:17)، أن يصير لنا نفس مجد الابن.. (يو 22:17)، أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية.. (2بط 4:1)، أن نجلس فى عرش سماوى مع الرب.. (رو 21:3). هذا كله عطاء إلهى، ونعمة مفاضة، يعطيها لنا الرب من فرط سخاء محبته لبشر ضعفاء.. وأناس خطاة.. لكنها النعمة السخية، فالرب "يعطى بسخاء ولا يعير" (يو 5:1)، فنحن سنظل إلى الأبد.. مجرد بشر.. ننعم بعطايا الإله.. ونمجد صلاحه فى كل حين. فلا تحزن يا آدم على ما فعلته الخطيئة بك... حيث سقطت تحت حكم الموت... وتلوثت طبيعتك بالفساد... وصرت مهاناً من الأرض والشوك... ومن الوحوش والطبيعة... فها قد جاء الرب يسوع... وغسل بدمائه الأرض من لعنتها.. والنفس من خطاياها... وكل من "آمن واعتمد خلص" (مر 16:16). 4- الرب يسوع.. حياتنا الأبدية: "هذه هى الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك، ويسوع المسيح الذى أرسلته" (يو3:17). نعم..فالرب يسوع هو حياتنا الأبدية.. وكل من تذوق حياة الشركة مع الرب، عاش الأبدية وهو بعد فى الجسد، وعلى هذه الأرض.. إنه العربون الذى يعطيه الرب لأولاده قبل اكتمال السعادة والقداسة والمجد، قال الرب: "ها ملكوت الله داخلكم"، وقال أيضاً: "إنى حىّ، فأنتم ستحيون" إذن، طالما أن الرب حىّ.. فنحن أحياء بحياته، وطالما أنه خالد.. فنحن مخلدون بقوته... وطوبى لمن يحيا للرب على الأرض.. لكى يحيا به فى الملكوت...أما من أهمل حياته الروحية على الأرض فمسكين.. لأنه سيبقى غريباً عن الملكوت.. القارئ الحبيب .. هذا هو الرب الإله الفادى.. قيامتك.. وحياتك.. فأرتبط به.. وأختبر الحياة .. لكى تحيا.. والرب معك.دماء. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
11 أغسطس 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج5

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ يجب أن تكون قوى اتخاذ القرار متناسقة ومترابطة وهكذا تكون هذه القوى سيمفونية متناسقة ومترابطة، ليس فيها نشاز. والنشاز هنا هو أن تنفرد قوة أو تبرز بحيث تتوارى خلفها باقي القوى... مثال: 1- يهتم الإنسان بالجانب الروحي في شريكة الحياة، ويتناسى بقية الجوانب، فقد تكبره سنا، أو يكون هناك عدم ارتياح في المشاعر، أو عدم إمكانية تنفيذ عملي للمشروع. 2- أو أن يهتم الإنسان بالمشاعر فقط، فيولع بمن يختارها بطريقة متطرفة تعمى عينيه عن أمور اجتماعية أو روحية أو عملية، فيدخل في صراع مع الأسرة، أو مخالفة روحية، أو يكتشف بعد ذلك صعوبة الاستمرار العملي في الحياة، خصوصا بعد أن تخبو نار العاطفة المتأججة، لتحل محلها المسئولية العاقلة. 3- او ان يركز الشاب على زاوية الجمال الجسدي متجاهلًا جمال الروح، فيسقط في غيبوبة عقلية وروحية، إذ يتوقف العقل عن التفكير، والروح عن العمل. وربما ينسى الشاب أن الجمال الصارخ كثيرا ما يخفي وراءه غرورا خطيرا، أو بلاهة عقلية، نتيجة التركيز على الحسيات دون المعنويات . بل كثيرا ما يكون الجمال الصارخ سبب غيرة وتشكك لدى الزوج، يحول الحياة إلى جحيم مقيم. 4- أو قد يهتم الشاب بنسب الأسرة ومالها، وما يمكن أن يحصل عليه من مقابل مادي في هذا الزواج، فيتحول الزواج إلى صفقة تجارية سرعان ما تنفض عنها غبار العواطف التمثيلية، ليبقى منها الصراع على التراب والنقود. وإن كنا قد ركزنا الأمثلة في إطار اختيار شريك الحياة -من الطرفين طبعًا- إلا أن هذا ينطبق قطعا على كل قرارات الحياة... مثال: اختيار نوع الدراسة: يحتاج إلى صلاة، وتفكير، وسؤال آخرين قادرين على إعطاء المشورة، ودراسة للإمكانيات العقلية والنفسية وظروف المجتمع... + اختيار نوع العمل واختيار خط الحياة: بتولية أم زواج؟... نفس القوى تشترك في هذا الأمر أيضًا... وهكذا تتناغم تلك القوى، لنحصل في النهاية على ترنيمة عذبة وقرار مريح. مظلة الصلاة إن كل ما مضى من قوى، هي قوى بشرية محضة، محدودة، عاجزة عن إسعاد الإنسان، أو إنارة الطريق، ما لم تكن جميعها تحت مظلة الصلاة: أي أن يكون الإنسان في روح صلاة مستمرة قبل وأثناء وبعد المشروع، وأن يكون أيضًا في روح تسليم مستمرة طوال المشوار، تاركًا للرب أن يقول كلمته في أي مرحلة، ومهما كانت، بالموافقة، أو بالرفض، أو بالتأجيل، في ثقة كاملة أنه أكثر حنانا، وأكثر قدرة، وأكثر علمًا... لذلك فهو يلح على الله باستمرار أن يكون سائرًا في طريقه، وان تكون مشيئته متسقة ومتحدة مع إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة" (رو12: 2). ومن خلال الصلاة والتسليم، يتدخل الله، ويتمم مشيئته المقدسة، ويعلن رأيه في الأمر، ورأيه هو الرأي البناء والكامل والمريح. إن خير شعار ينبغي أن يرفعه الإنسان هو قول الكتاب: "توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد" (ام3: 5). نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
18 أغسطس 2020

أهمية الإلتزام بالعقائد الأرثوذكسية

مع كثرة انتشار الطوائف، وظهور شيع كثيرة غير مسيحية، ولكنها تدّعى المسيحية، كالأدفنتست، وشهود يهوه، والمورمون (وقد وصلوا حديثًا إلى مصر)، ينادى البعض بعدم أهمية العقيدة، وبشىء اسمه “اللاطائفية”، أى عدم الانتماء إلى طائفة بعينها. وهذا كله خطأ، بل “اللاطائفية” هى وهم كبير، فأى إنسان يدعى أنه “لا طائفى” ستجد: أنه لا يعيش بمعتقدات هامة تقود حياته مثل: وجود الله، وألوهية المسيح، والثالوث القدوس، الكنيسة جسد المسيح والمسيح رأس هذا الجسد. الأسرار السبعة ودورها فى خلاص الإنسان. وسائط النعمة كشبع روحى للإنسان. وهكذا يستحيل أن يعيش الإنسان “فى الهواء” بل هو يرتكز على ركائز صلبة، هى العقائد والممارسات الكنسية. فالعقيدة هى ما انعقدت عليه الحياة، فأنا أؤمن بوجود الله، لذلك سأسلك على هذا الأساس. وأنا أؤمن بالتجسد، فأرتبط بالفادى الذى تجسد لأجلى، وأطلب منه تقديس جسدى بدمه الكريم وفعل روحه القدوس “كَىْ لاَ نَكُونَ فِى مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ” (أف 14:4).وإذا كنت أؤمن بشفاعة القديسين، أدخل فى عشرة معهم، وأحسّ بوجودهم ودورهم فى حياتى. إن آمنت بالاعتراف اعترفت، وإن آمنت بالقيامة وضعت الأبدية نصب عينى.أما اللاطائفية فهى ببساطة “مسح العقيدة” فيصير الإنسان غير أرثوذكسى (Non-orthodox)، وليس فقط “ضد الأرثوذكسية” أى (Anti-orthodox). أى أنك ربما تجده لا يهاجم العقيدة الأرثوذكسية، ولكنه أخطر، لأنه يمسحها تمامًا، وهذا أخطر طبعًا! إذ سينساها الناس، ولا يعيشون بمقتضاها. و”اللاطائفية” بحد ذاتها نوع من الاعتقاد!! الاعتقاد بأنه لا توجد عقائد؟!!هذا ما استقر فى قلب هؤلاء الأخوة، وتصوروه حقًا وهو باطل!! ذلك لأن الإنسان يتحرك من صباحه الباكر إلى آخر المساء بناء على عقائد استقرت فى وجدانه! منذ الصباح الباكر يخرج كل من العامل والفلاح والموظف وهو يقول: “يارب يا ساتر”، “ربنا معانا”، “متخافش.. ربنا موجود!!”.. إنه إيمان راسخ بوجود إلهنا الحىّ المحب، الفاعل فى السماء وعلى الأرض وفى كل مكان وزمان!! “فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِى تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا” (2تس 15:2).الله هو فوق الإنسان، والزمان والمكان!! لهذا أصبح شعار قداسة البابا شنوده الثالث: “ربنا موجود”.. شعارًا لكل الشباب والشعب، أمام كل ظروف الحياة اليومية، وامتحاناتها!لاشك أن العقيدة هامة فى حياة كل إنسان، فالعقيدة هى “ما انعقدت عليه الحياة من أفكار ومناهج”.. ومن هنا نسأل: ما هى العقيدة ؟ العقيدة هى الفكر الجوهرى فى حياة الإنسان، والذى يقود عاطفته وإرادته وسلوكياته.. فمثلاً هناك من لا يؤمن بوجود الله، أو من يرفض وجود الله غير المحدود، وهذا بلاشك لا يعرف حدودًا لنفسه ولغرائزه وشهواته، لا يقف ضدها، ولا يفرز الغث من الثمين، والصحيح من الخاطئ، والحدود المطلوبة فى الحياة اليومية، سواء الخاصة، أو الأسرية، أو الكنسية، أو الاجتماعية. ببساطة هو قطار بلا فرامل، ولا قضبان مناسبة، ولذلك فما أسهل أن يصطدم، أو يخرج عن المسار، أو يدمر هنا وهناك. أما العقيدة فهى الضابط والضامن للسلوك الإنسانى فى هذه الأرض، والمصير النهائى فى الحياة الأبدية.هناك فى التاريخ من “أنكروا وجود الله”.. تمامًا كمن يغمض عينيه فلا يرى الشمس.. وهناك من “رفضوا وجود الله”، وقالوا له: “يا أبانا الذى فى السموات ابق فيها!!”. وهناك من نادوا بضرورة أن نلغى وجود الله لنحقق وجودنا نحن.. وكأن هناك تعارضًا بين الاثنين.. مع أن وجود الإنسان مرهون بنسمة حياة الخالق، التى نتنسمها كل لحظة.. وبوجود الهواء والأكسجين اللازم لاستمرار الحياة!!من هنا كان من لديه اعتقاد بوجود الله، قادرًا على :- 1- إقامة علاقة مقدسة معه “لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ” (أع 28:17). 2- تقديم طلب مستمر لله.. لكى ينقذنا من السلبيات الداخلية والخارجية.. 3- رجاء سكنى الله فى داخلنا.. لنحقق الآية: “الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ” (كو 27:1). وعقيدتنا الأرثوذكسية لها سمات خاصة.. هى النقطة التالية:- (السمات الإيجابية للعقيدة).. 1- هى عقيدة سليمة : بمعنى أنها مضبوطة بالكتاب والتقليد والتدقيق فى موضوع ما كالأسرار، والشفاعة، والصلاة من أجل الراقدين، والأصوام، والأعياد، وغير ذلك من المواضيع، وكنيستنا تفخر – بنعمة الله – أنها قدمت للمسيحية علماء اللاهوت الذين استطاعوا أن يقتنوا الإيمان المسيحى والعقيدة السليمة، ويصيغوا قانون الإيمان وحقائق المسيحية، بأسلوب دقيق شهد له العالم المسيحى آنذاك،وما يزال!! ولعل عودة العائلتين الأرثوذكسيتين إلى “صيغة كيرلس الاسكندرى” كانت، وسوف تكون، سببًا فى الوحدة بين العائلتين الأرثوذكسيتين: طبيعة واحدة لكلمة الله المتجسد.. 2- وهى عقيدة مستقيمة : وأقصد بذلك أنها لم تمل يمنة أو يسرة.. بدأت من عصر الرسل، وحتى الآن، فى خط مستقيم، محافظ بدون أدنى انحراف، فالبعض انحرفوا يمينًا، واحتج عليهم بعض منهم، فانحرفوا يسارًا، فإذ ما جلسوا وتقاربوا للحوار، فسيجدون الجذور الأرثوذكسية ملجأ وملاذًا!! لا ندعى شيئًا متميزًا فى أشخاصنا، ولكن لأننالم ننحرف لا يمينًا ولا يسارًا.. أنها طبيعة الأشياء، وحركة التاريخ!! 3- وهى عقيدة شاملة : فهى لا تميل إلى المبالغة فى أمر على حساب الآخر، فنراها تتحدث عن الإيمان دون أن تهمل الأعمال، وتكرم العذراء دون أن ترفعها إلى مصاف الألوهية.. وتسمح بقراءة الكتاب المقدس والتأمل فى كلماته، دون أن تعطى لكل فرد حرية التفسير، فالمسيحية لن تبدأ بنا.. وتعطى الكهنوت سلطة وكرامة، دون أن تعطى الشعب حقه فى صنع القرار الكنسى.. تتحدث عن النعمة وتتحدث عن الجهاد أيضًا.. وهكذا فى شمول يعطى المسيحية صورتها الشاملة المتكاملة. 4- وهى عقيدة كتابية : فمع أن الكنيسة القبطية كنيسة تقليدية، تؤمن بأهمية التقليد الكنسى،وأن الكتاب نفسه هو عطية التقليد وجزء منه،إلا أنها تؤمن أن الكتاب المقدس هو الحكم على كل عقيدة أو تقليد أو طقس.. لهذا فكل عقائد كنيستنا كتابية.. مئات الآيات عن الأسرار، والشفاعة، والتقليد، وتطويب العذراء، ومسحة المرضى بالزيت، والكهنوت، والمذبح.. الخ.لاشك أن عقيدة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، هى الفهم السليم للكتاب والحياة، ولا نقصد بذلك تعصبًا، ولكنه التراث الذى تسلمناه من الآباء دون زيادة أو نقصان. لقد عاش آباؤنا المسيحية والإنجيل والمجتمع، ونحن ندرس حياتهم وأقوالهم تفسيراتهم للكتاب المقدس، ولاهوتهم، وعقيدتهم، ونجتهد أن نستمر فى نفس الطريق: “انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ” (عب 7:13).وهكذا إذ نضرب بجذورنا فى عمق التاريخ، وفهم وسلوك الآباء، ترتفع الساق إلى فوق، وتورق وتزهر وتثمر لمجد السيد المسيح.. وبناء ملكوت الله نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 أغسطس 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج4

القوى الإنسانية المشتركة في اتخاذ القرار هناك قوى عديدة، لكل منها وطأتها وضغطها ودفاعاتها وتأثيرها الخاص، ومن حصيلة هذا كله يصدر القرار. إنها "مراكز صنع القرار" إذا استعرنا التعبير الذي تستعمله الدول وهي تتخذ قراراتها المصيرية والهامة. فما هي مراكز صنع القرار في حياة الإنسان؟ 1- الروح: وهي ذلك العنصر الإلهي الذي يقود الإنسان إلى التأمل في الله، والغوص في بحار ما وراء الطبيعة والمادة والموت، عنصر الخلود، والإيمانيات، والتعرف على أمور الحياة الأخرى والعالم السماوي. 2- الضمير: وهو ذلك الصوت القادم من السماء، حيث الله، الخير والحب والجمال المطلق. انه صوت يهز أعماقنا من الداخل، مرة يباركنا حينما نصيب، ومرة يوبخنا حينما نخطئ. وهو بالقطع ليس نتاج المجتمع أو التربية أو القيم السائدة، بدليل انه يحرمنا من النوم، لا من اجل خطأ علني، بل من اجل خطيئة سرية، بين الإنسان والله فقط. 3- العقل: وهو الطاقة المفكرة في الإنسان، والتي تجعله يناقش، ويدرس ويحلل، ويستنبط، ويربط، ويستدل، ويستنتج... انه التفكير البشرى، المحدود طبعا، والذي يميز الإنسان (مع القوتين السابقتين) عن الحيوان والنبات. 4- النفس: وهي ذلك الجهاز الإنساني الذي يحوى الكثير من مكونات الشخصية الإنسانية مثل: أ‌) الغرائز: أي الدوافع الأساسية في الإنسان، والتي ولد بها، من اجل حفظ الحياة، والنوع البشرى. كغريزة الجوع والعطش والجنس وحب الحياة والتملك والخوف... إلخ. ب‌) العادات: التي اكتسبها الإنسان أثناء مسيرته في الحياة، سواء أكانت نافعة كالصلاة، ودراسة كلمة الله، والتردد المنتظم على الكنيسة، والتناول، والتعامل الراقي في الكلام والتصرف، أو كانت هدامة مثل إدمان المخدرات أو الخمور أو التدخين ، أو الألفاظ النابية، أو الغضب... ت‌) الاتجاهات: وهي الخطوط الرئيسة التي يسير فيها قلب الإنسان وشهواته، فهذا يتجه نحو جمع المال، وذلك نحو خطايا الجسد، بينما الثالث يتجه نحو الدراسة والتفوق العلمي، أو نحو تكريس القلب والحياة لله وللخدمة... ث‌) العواطف: وهي المشاعر التي تتكون وتتثبت نتيجة انفعال متكرر تجاه شخص ما أو شيء ما. فهذا تحبه، وذاك لا نحبه، من الأشخاص والفضائل والرذائل المختلفة... 5- الجسم: ولا شك أن له وطأة خاصة في اتخاذ القرار سواء من جهة الضعف والقوة، أو الجمال والقبح، أو الطول والقصر... فالشاب يختار العمل المناسب لطاقته الجسمانية، ويختار شريكة الحياة واضعا في الاعتبار الملامح الجسمية وهكذا.. 6- المجتمع: لان الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا يستطيع أن يحيا في جزيرة منعزلة عن الواقع المجتمعي المحيط به، بما يسوده من قيم وتقاليد وعرف. لهذا فقد يفشل زواج ما لأنه لم يراع الفوارق الاجتماعية بين العروسين، أو قد يفشل مشروع ما بسبب عدم مراعاته لظروف المجتمع وتقاليده... وهكذا... ومن هذا الخضم الهائل من القوى، يصنع القرار. حقيقة أن قوة قد تبرز لتأخذ مكان الصدارة، وتنقاد لها باقي القوى، ولكن -على العموم- هناك دورا ما لكل من تلك القوى. مثال في اتخاذ قرار اختيار شريكة الحياة إنسان يريد أن يختار شريكة حياته، نجد انه: 1- يصلى طالبا من الرب أن يقوده ويوفقه. 2- يسأل ضميره باستمرار: هل أخطأ أم أصاب، سواء في الاختيار، أو في السلوك. 3- يفكر بإمعان في إمكانية إتمام هذا المشروع، من جهة موافقة الأسرتين، والإمكانيات المادية، ومكان المعيشة ، ونوع العمل، والمشاركة في الأعباء المنزلية... وهكذا. 4- يتحسس راحته العاطفية من نحو هذه الشخصية، وهل هو مستريح نفسيا لها، ويحس أنها ستساعده في تحقيق اتجاهاته، وتتوافق مع ميوله وعاداته، وستكون سبب سعادة له... 5- ينظر... هل هناك فيمن اختارها قدر مناسب من الجمال، دون مغالاة أو تطرف... 6- يدرس... هل يتفق قراره مع التقاليد والقيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه، أم أن هناك مآخذ ستقض مضجعه إذا أتم هذا المشروع؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
30 يونيو 2020

الدخول إلى شعب الله

إن توبتك يا أخى الشاب، سوف تدخل بك إلى زمرة شعب الله، لتصير من «أَهْلِ بَيْتِ اللهِ» (أفسس2: 19)، أيّ امتياز أعظم من هذا ؟! أن يصير المسيح أبًا لك! وأن تصير الكنيسة أمًا لك! وأن يصير القديسون والمؤمنون إخوة لك! أن تصير نفسك «عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ» (كورنثوس الثانية11: 12). أن ينتزعك الرب من الزيتونة البرّية، لتصير غصنًا حيًا في الكرمة الحقيقية!! بالمعمودية... اُنتُزِعت !! وبالميرون... ثُبِّت!! وبالتناول... اتّحدت!! وفي سفر حزقيال النبي، نجد أنشودة جميلة، توضّح كيف نصير نحن البعيدين قريبين، ونحن الموتى أحياء، وورثة للملكوت! يحكي حزقيال النبي عن "طفلة مولودة حديثًا، أَبُوها أَمُورِيٌّ وَأُمُّها حِثِّيَّةٌ. لَمْ تُقْطَعْ سُرَّتُها يوم الولادة، وَلَمْ يغْسَلِها أحد بِالْمَاءِ، ولم يغسلها أحد بالماء، ولا قام أحد بتنظيفها، ولم يقمطها أحد ولو بخرق بالية، لم تشفق عليها عين، ولم يهتم بها أحد، بل طُرِحت هكذا في الحقل مكروهة، تنتظر الموت" (راجع حزقيال16: 3-5)إنها أنا وأنت!! فنحن كُنّا متغرِّبين عن شعب الله!! ووُلِدنا محكوم علينا بالموت!! وطُرِحنا في العالم المتدنّس ننتظر نهايتنا المحتومة !! دمنا ينزف... مع كل خطيئة!! وحياتنا تتسرّب مِنّا مع طلعة كل يوم جديد!! ولم يكن لنا من يهتم بنا أو ينقذنا!! ولكن.. «مررتُ بكِ وإذا زمنكِ زمن الحب» ... مرًّ بنا يسوع، ورآنا مدوسين بدمائنا فقال لكل منا: "بدمكِ عيشي، بدمك عيشي" ... «جَعَلْتُكِ رَبْوَةً كَنَبَاتِ الْحَقْلِ, فَرَبَوْتِ وَكَبِرْتِ وَبَلَغْتِ زِينَةَ الأَزْيَانِ... كُنْتِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً. فَبَسَطْتُ ذَيْلِي عَلَيْكِ... وَحَلَفْتُ لَكِ وَدَخَلْتُ مَعَكِ فِي عَهْدٍ... فَصِرْتِ لِي» (حزقيال16: 6-8). إنه عهد التوبة والحياة يا أخى الشاب!! فهل دخلت مع الرب في هذا العهد؟! هل دخلت أخي الشاب في هذا العهد؟ عهد التوبة! عهد الحب! وهل تحس الآن أنه يمر بك، وأن زمنك زمن الحب؟! إن يسوع مستعد أن يستر كل عيوبك، وخطاياك، فهذا معنى "الكفارة" (Copher بالعبرية = Cover= يغطّي). يسوع مستعد أن يسامحك عن كل ما فعلت! وأن يغطي نفسك بدمه الطاهر، فلا تقع تحت طائلة القانون الإلهي: «أجرة الخطية هي موت، والنفس التي تخطئ تموت». حسنًا يارب!! كنا أمواتًا فمررتَ بنا وافتقدتنا بحبك!! ودخلتَ معنا في عهد!! فماذا بعد؟ نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل