المقالات
19 يوليو 2022
سلوكيات شبابيه
هناك تباين كبير بين الشباب في نوعياتهم وسلوكياتهم ، وهذه بعض الملاحظات في ذلك:
1- الشباب والإستهتار:-
كالنوع الذي لا يكف عن المزاح والضحك ، حتي داخل الإجتماع ، مفسدا الجو الروحي للإجتماع
... ولا يستجيب إلي نصيحة أو توبيخ ... وربما ليس في نيته - ولو حاليا – أن يتوب! وقد قالها
واحد من الشباب للخادم "أنا لن أحضر إجتماع الشباب ، لأنني لو حضرت فسوف أتوب ، وأنا لا
أريد أن أتوب"!!
وهذه النوعية من الشباب ، تحتاج إلي زلزال روح الله ، فمن يعطيه هذا إلا روح الله القدوس ...
ربما بكلمة ... ربما بصرخة حب ... ربما بتجربة إلهية توقظه ... ربما بتوقيف الكاهن له حينما
يأتي إلي التناول سائلا إياه عن الإعتراف محذرا إياه أن القدسات للقديسين ... هناك مداخل
وأساليب كثيرة يستخدمها الله من أجل إيقاظ هذا الشاب المستهتر ، ليبدأ التفكير في خلاصه
وأبديته.إن المواجهة الحانية لهذا النوع من الشباب ، هامة للغاية ، عملا بتعليمات الرب لحزقيال "إن لم تتكلم لتحذر (الشرير) من طريقه ، فذلك الشرير يموت بذنبه ، أما دمه فمن يدك أطلبه" (خر 8:33)
2- الشباب والوسوسة:-
هذا النوع له نفسية مرهفة ، يجعله يضطرب أمام أبسط شئ ، وأصغر خطأ ، ويكاد يصل إرتباك
ويأس ومدمر ، إذا ما إرتكب خطيئة ما ... وربما – مثلا – حينما يتناول ثم يخطئ يتصور أن هذا
تجديف علي روح الله ، أو أنها خطيئة إلي الله مباشرة ، ليس لها غفران ولا توبة إنها نفسية
رهيفة ،لا تتحمل أن تعطيها حرية زائدة أو مطلقة ، فهذه تربكها بالأكثر ،بل علينا أن نجعله
يتعرف علي جوهر التدين،ومحبة المسيح ،وإتساع صدره ، فيسلك بثقة ،دون إنفلات أو
إستهتار.
3- الشباب والناموسية :-
ذلك النوع الفريس في أسلوبه ، يسلك بالحرف ، ويرتبك إذا ما قصر في قانونه الروحي ، حتي
غي حالة العذر ، ويتعب ضميره أنه لم يصلي كل المزامير مثلا ، بينما بينما هناك ظرف خاص
أجبره علي ذلك .وهنا نتذكر ذلك الراهب الذي جاء إلي القديس أنطونيوس ، يشكو تعبا الضمير لأنه يصلي 200صلاة فقط في اليوم . فأجابه القديس أنطونيوس أنه يصلي 150 صلاة فقط وضميره مستريح. ثم أردف القديس قائلا : لابد أنك تقدر أن تصلي أكثر ، ولا تفعل!!
المهم ... هو الإتصال الصادق بالرب ، في حرية الروح ، لا في عبودية الحرف ... وهذا بلا شك
يحتاج إلي توجيه مستمر ، وإرشاد سليم ، لا ينحرف يمينا نحو الإهمال ، ولا يسارا نحو
الفريسية ... بل يكون معتدلا يدفعه نحو حلاوة العشرة مع اله أكثر من البطولة في أداء
الممارسات الدينية.
4- الشباب والروتينية:-
الذي يكتفي بتنفيذ شكليات الدين ، دون الدخول إلي جوهره ... ربما يحضر القداس مبكرا ،
ويخدم كشماس ، لكن في روتين وجفاف ، وليس بمشاعر صادقة وحارة أمام الله . ليس هناك
إتصال حقيقي بالرب ... حتي الأجبية يصليها في روتينية جافة ، وكذلك الخدمة ، دون بذل جهد
حيوي في حرارة الروح ، وتعب الكرازة الفعال.وهذا النوع من الشباب يحتاج أن يدخل –بنعمة الله- إلي حيوية ممارسة وسائط النعمة ،الصلاة الحية ، القراءة المشبعة لكلمة الله ، الكتب الروحية ، الحضور المستفيد من الإجتماعات الروحية ... وتحريك القلب بالمطانيات وقرع الصدر قبل الصلاة ، أو بالشبع ببعض الآيات ، أو بترنيمة أو بلحن أو بجزء من القداس ، أو بالغوص العميق في فحص النفس ، أو التأمل في محبة الله وعطاياه ، أو الذهاب إلي الأديرة في خلوات روحية ... أو الإعتراف الأمين بخطايا معينة تمنع فيض السلام الإلهي ... أو بالصلاة من أجل أخرين في ضيقة أو إحتياج ... لكي يخرج الإنسان من الروتينية إلي الحيوية ، فيمارس وسائط النعمة بروح الإبن لا بروح العبد أو
الأجير .
5- الشباب والطموح:-
إن الطموح الذي يتجه نحو أهداف أرضية مادية وبقوة الإنسان الذاتية ، هذا يختلف عن منهج
"إستثمار الوزنات " حيث يكون الهدف هو تمجيد الله والوسيلة هي عمل الله فينا. لذلك فمن
المهم أن يقنع الشباب بضرورة إعتماد هذا التمييز بين الأمرين ، فلا يتحرك نحو أهداف أرضية
بقوته الذاتية ولمجده الشخصي ، بل عليه أن يستثمر ما أعطاه له الرب من مواهب ووزنات ،
بقوة الله ، ولمجد الله ... وبالطبع سيكون هناك نجاحات أرضية ومادية وعلمية وإحتماعية ،
ولكنها كلها ستكون لمجد الله وليس لتضخيم الذات ... وحتي الحياة الروحية والخدمة ينطبق
عليها نفس التمييز ... فهناك فرق بين جهاد روحي وكرازة وخدمة وأعمال محبة وصلاوات وأصوام
لمجد الذات ، وبإقتدار بشري محض ، يهدف إلي الإحساس بالبطولة اوالتميز او التفوق ، ويسعي
إلي حب المديح والمجد الباطل ... ويبين أن يقوم الإنسان بكل هذه الجهود الروحية والكرازية ،
بقوة الله ، ولمجد الله . الخيط رفيع ، ولكنه هام وخطير ... ومن هنا تكون فضيلة الإفراز والتمييز
–كقول القديس أنطونيوس- هي أهم وأخطر الفضائل.ولهذا أوصانا الأباء ، أن نجتذب الشباب إلي أسفل حينما نراههم صاعدين إلي أعلي ، دون أساسات روحية من الإتضاع والإرشاد والتمييز ، خوفا من سقوطهم الرهيب ، في الصلف والكبرياء ، والإحساس بالتميز.كذلك يحرص الأباء الروحيون ، علي إرشاد أبنائهم كيف يقرأون بستان الرهبان ، حتي لا يطمحوا إلي تدريب وممارسات روحية عالية ، قبل الوقت ، ودون أساسات سليمة ، مما قد يعرضهم إلي أمراض روحية خطيرة ، ليس أقلها الكبرياء ، وربما صغر النفس ، بل إلي أمراض نفسية وجسدية أو نفس جسدية!
6- الشباب والتقمص:-
ذلك حين يقلد الإنسان شخصا أخر ، وهو معجب به ، فيحاكيه في كل شئ ظاهري ، الحركة
وأسلوب الكلام ، سواء بطريقة شعورية أو لا شعورية . وبالطبع الغيرة في أمور حسنة وبدوافع
مقدسة ، ولمجد الله تختلف عن "التقمص" الذي لا يعدو أن يكون "حيلةدفاعية لا شعورية" من
أجل الإختفاء وراء شخصية أخر لإكتساب رضا الناس وللهروب من الإحساس بالفشل أو عدم
القدرة علي الأداء الجيد. وبالطبع فالعلاج هنا يكمن في إقتناع الشباب بأنه لا جدوي من التقليد والمحاكاة والتقمص ،فالرب الذي أعطي الأخر قادر أن يعطيني ، وما يناسبه من عطايا لا يناسبني أحيانا كثيرة.ينبغي أن يعرف الشاب أن الرب قادر أن يخلق منه أيقونة حلوة ، متميزة ، فريدة ، فإمكانيات روح الله الهائلة ، غير المحدودة قادرة أن تخلق من كل إنسان شيئا مختلفا ... المهم أن أخضع نفسي لعمل الله ، بدافع مقدس هو تمجيد الله ، والله قادر أن يعمل فيّ كما يعمل في غيري
، ليخلق منا جميعا أعضاء مقدسة في جسده الطاهر ، الكنيسة ، تختلف تماما في تكوينها
ووظيفتها ، ولكنها تتكامل معا في وحدة وحب ووئام. وهنا نتذكر كلمات الرسول "فإن الجسد أيضا ليس عضوا واحدا ، بل أعضاء كثيرة. إن قالت الرجل لتي لست يدا ، لست من الجسد ، ألم تكن لذلك من الجسد؟ وإن قالت الأذن ، لأني لست عينا لست من الجسد ، ألم تكن لذلك من الجسد؟ لو كان كل الجسد عينا ، أين السمع؟ لو كان الكل سمعا ، أين الشم؟ وأما الأن فقد وضع الله الأعضاء ، لكل واحد منها في الجسد كما أراد . ولكن لو كان جميعها عضوا واحدا ، فأين الجسد؟ فالآن ... أعضاء كثيرة ، ولكن جسد واحد؟" ( 1كو 14:12- 20) الفنان يختلف كثيرا عن التاجر ، فالتاجر يطبع من الصورة ألف نسخة ، ليكتسب منها ، ولكن الفنان يجتهد –ربما لشهور- ليخلق صورة جميلة ، ولا يسعي إلي بيعها عموما ، بل يكفيه أن يراها أمامه في كل حين ، في غلاوة طفل عزيز لديه! هكذا روح الله ، الفنان العظيم ، قادرا أن يخلق من لك نفس صورة جميلة ، وعضوا حيا ، وأيقونة فريدة ، فلماذا أتقمص شخصية أخري، وألغي عمل روح الله فيّ؟!
إذن فليقتنع كل شاب أن يكون نفسه ولنخاطبه دائما Be yourself وهذا لا يعني تضخيم
الذات ، ولكن إعطاء فرصة للتفرد الإنساني ، والعطايا الشخصية التي استودعها الله في كل
نفس ، لكي تسهم في بنيان الجسد الواحد ، لمجد الله ، معطي الكل.
7- الشباب والرياء:-
حين يظهر الإنسان م لا يبطن ... فيأخذ الشكل الخارجي للروحيات ، دون العمق الداخلي ...
ويأخذ صورة التقوي، وينكر قوتها . والمطلوب طبعا هو الإهتمام بالداخل والخارج معا، فلا يهمل
أي من الحياتين ، يجتهد أن يقدم صورة مسيحية جيدة ، نابعة من أعماق مسيحية جيدة.
يحتاج إذن هذا النوع من الشباب ، إلي التوجيه نحو الداخل ، نحو الجوهر والحقيقة ، نحو الرب
الساكن فينا ، ليعرف أن الله يريد هذا البعد السري والعميق في حياتنا ، تماما كما يريد الصورة
الأمينة الشاهدة له ، وهو الذي قال "ليكن تقدمك ظاهرا أمام جميع الناس" ( 1 تي 15:4) قال أيضا "أبعد عن العمق" (لو 4:5) هل نتذكر هنا القول المأثور المعروف "كل إناء ينضح بما فيه" أم نتذكر –بالأولي- كلمات الرب يسوع للفريسيين "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون ، لأنكم تنقون خارج الكأس والصحفة ، وهما من الداخل مملوءان إختطافا ودعارة! أيها الفريسي الأعمي ، نق أولا داخل الكأس والصحفة ، لكي يكون خارجهما أيضا نقيا" (مت 25:23-26)
8- الشباب والخنوع:-
كثيرا ما يسقط الشباب في خطايا معينة ويستمر سقوطهم فيها ، حتي رغم الجهاد ، وهكذا
يدخل في إحساس بصغر النفس أمام الخطيئة ، ويسلك بخنوع تام ، ويأس مرير ، فاقدا روح
الرجاء ولعل هذا النوع من الشباب ، يحتاج أن نذكره بقول الرسول "أن الله لم يعطنا روح الفشل ، بل روح القوة والمحبة والنصح" ( 2 تي 7:1).ليهتف بعد ذلك قائلا "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" ( في 13:4) ويرنم علي الدوام قائلا "في هذه جميعها ، يعظم إنتصارنا بالذي أحبنا"(رو 37:8) وعليه ان يخاطب الخطيئة قائلا "لا تشمتي بي يا عدوتي لأني إن سقطت أقوم ، وإن جلستفي الظلمة ، فالرب نور لي" (مي 8:7) ألم يقل لنا نبي الروح يوئيل "ليقل الضعيف بطل أنا" (يوئيل 10:3) ولذلك يقول الرسول بولس "حينما أنا ضعيف ،فحينئذ أنا قوي" ( 2كو10:12) ذلك بعد أن صرخ للرب ثلاث مرات ، أن تفارقه شوكة الجسد ( وهي غالبا قروح ذات رائحة صعبة) ، إذ قال الرب له "تكفيك نعمتي ،لأن قوتي في الضعف تكمل" ( 2كو12:9) لهذا هتف قائلا "فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي (أي الضعف البشري طبعا وليس الخطيئة) ، لكي تحل عليّ قوة المسيح" ( 2كو9:12) كثيرا ما يحتاج الشباب إلي روح الرجاء ، حتي لا يظل خاضعا للخطيئة ، خاضعا تحت نيرها ، غير واثق من إمكانية النصرة في الرب يسوع.وهنا ملاحظة أخري هامة ، إذ كثيرا ما يصير الجهاد السلبي للإنتصار علي خطيئة معينة ، غير مصحوب بجهاد إيجابي وهو الشبع الروحي ... وبدون شبع لا ينجح جهاد "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو5:15) لهذا يجب إقناع الشباب ، بأن الشبع الروحي هو الطريق السليم إلي النصرة ، بل بالحري إلي الإتحاد بالرب ... فالهدف ليس فقط أن تنتصر علي الخطايا ، بل أن نتحد بالمسيح "والنفس الشبعانة تدوس العسل" (أم 7:27).
9- الشباب وحب الظهور:-
في أعماق الشباب نداء نحو تحقيق الذات ، ولا شك أن هذا الإحتياح النفسي إحتياج مشروع ،
لو أنه كان بالمسيح ولمجد المسيح ، أما الخطأ فهو أن يسعي الشباب إلي حب الظهور ،
وإستجداء المديح ، وتضخيم الأنا ، وعبودية الذات ... فالذات هنا ستكون بديلا عن المسيح ،
بعكس منهج يوحنا المعمدان ، الذي كان عنده السيد المسيح بديلا للذات "ينبغي أن هذا يزيد ، وأني أنا أنقص" ( يو30:3)، بعكس منهج الرسول بولس الذي قال "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" ( غل 20:2). هذا النوع من الشباب الذي يسمي selfcentric أو Egocentric أي المترمكز حول ذاته ، كثيرا ما يسقط في "المهرجانية " و "الإستعراض" أو سرق مجهود إخوته ، والبحث عن المديح والمكافأة ... إنما يعمل لحساب الذات ، وليس لحساب المسيح ، ويحتاج إلي مواجهة حانية من مسئول الخدمة أو المجموعة ، كما يحتاج إلي توجيه روحي نحو المسيح يسوع وخلاص النفس ، لأنه "ماذا ينتفع الإنسان ، لو ربح العالم كله وخسر نفسه" ( مر 36:8) . إن العالم بكل أمجاده والكرة الأرضية بكل ما فيها ، إذا وضعت داخل قلب الإنسان المثلث ، ستتبقي زوايا المثلث فارغة ، ولن يشبع قلب الإنسان المثلث إلا الله المثلث الأقانيم.
الشاب الأناني يكون علي الدوام مرفوضا من الكل : في الأسرة ، الكنيسة ، المجتمع ... لكن
الأخطر من ذلك ، أنه يعرض نفسه للهلاك الأبدي! بينما يكون الإنسان المتضع ، محبوبا من الكل
، إذ يبرز دور إخوته في كل عمل ، ويختفي هو وراء رب المجد ، معطيا كل المجد لله ، الذي
أعطاه كل ما لديه من عطايا أو وزنات "أنت الذي أخذت ، لماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟! أي شئ
لك لم تأخذه" ( 1كو7:4).
10- الشباب والسخط:-
دائما غير راضين عن أي شئ ومهما كان العمل ناجحا ومفرحا ، تجده يفتش عن سلبيات قليلة
، ويركز عليها ، ويشيع جوا من التذمر والرفض والمرارة ، بدلا من أن يشيع جوا من التشجيع
والنقد البناء.ومعروف نفسيا أن هذا الشاب يعاني من سلبيات داخلية تجعله "إكتئابيا" بمعني أن يجنح إلي الحزن والكأبة بدلا من روح الفرح والإنطلاق والإيجابية.وواضح أن الرب يسوع ، كان نموذجا رائعا في البحث عن الإيجابيات في بحر السلبيات! فها هو يشجع زكا ، ويمتدح السامرية ، ويشيد بتوبة المرأة الخاطئة!
بعضنا يري النصف الفارغ من الكأس ، ويركز عليه ، ويتناسي أن هناك نصف أخر مليئ. وقديما
قال لنا الأباء "ليس عطية بلا زيادة ، إلا التي بلا شكر".يحتاج شبابنا إلي "النظرة الإيجابية" و "النقد البناء" الذي يري الإيجابيات أولا ثم يتحدث في السلبيات ليصلحها. وهذا مهم ، ليس في حياتنا العائلية والكنسية والمجتمعية فحسب، بل أنه مهم حتي في حياتنا الخاصة والشخصية ... لأن روح الرجاء والتوجيه الإيجابي ، أفضل من روح السخط واليأس . وليكن شعارنا دائما "أنسي ما وراء ، أمتد لما هو قدام" (في 13:3).
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 يونيو 2022
القیامة والشباب
القیامة ھى تدفق قوة الفداء المحییة، وعلامة على قبول الآب لذبیحة الصلیب.
١- القیامة ھى فیض الحیاة الإلھیة المقدمة لنا فى المسیح یسوع.
٢- وھى ھزیمة لمملكة الموت بدخول سید الحیاة إلیھا.. "نزل إلى الجحیم وسبى سبباً" (أف )، والسید المسیح بالصلیب بلغ قمة التخلى والطاعة والعطاء.
٣- مجد اللاھوت كان فى المسیح، وھو فى الجسد، ولكنه كان فى الظاھر یعطش ویجوع وینام، وقد ظھر مجد اللاھوت فى القیامة المجیدة.
4- صورة القیامة ظھرت بطریقة جزئیة فى التجلى (مت ١:١٧- ٩) و (لو ٢٨:٩ )، ثم فى الصورة النھائیة... جسد القیامة الممجد.
٥- الصلیب كان یحمل قوة القیامة؛ وكانت آلة العار، ھى طریق المجد والظفر (كو ١٤:٢-١٥ ). وفى الصلیب سحق الرب الشیطان وداسه تحت قدمیه.
بركات القیامة:
ھى تحریر للبشریة من الخطیة، فقد واجه یسوع الشیطان وحطمه وخلص البشریة، وأقامنا معه (أف ٦:٢ ). وزرع فى الإنسان طاقة القیامة، وقوة الحیاة التى لا یھزمھا موت الخطیة كما نصلى فى القداس: "ولا یقوى موت الخطیة ولا على كل شعبك" (القداس الإلھى).
القیامة والشباب:
١- القیامة تحررنا نحن الشباب من عقدة الخوف من الخطیة، لأن المسیح بطل الخطیة بذبیحة نفسه، وبقیامته أبطل عز الموت،وأعطانا بالإیمان شركة حیاتھ فى جسده ودمھ، أن نستمتع بقوة قیامته مانحاً إیانا طاقة متجددة.
٢- القیامة تعطینا رجاء دائماً لأننا مولودین ثانیة بالمعمودیة، لرجاء حتى بقیامة یسوع من الأموات. وصار لنا ثقة فى أن كل ظلمة صلیب حتما یبعھا نور القیامة، وأن یسوع فى كل آلامه، تألم مجرباً، لكى یعین المجربین (عب ١٨:٢).
٣- القیامة تضمن لنا حیاة النصرة، ولیس ھذا معناه عدم وجود ضعف، ولكن لا یحدث عودة إلى الخطیة، ما دام المسیح القائم یحل فى القلب ویملك الحیاة. وأن ضعفت أقول: "لا تشمتى بى یا عدوتى أن سقطت أقوم" ( میخا ٨:٧ ) النصرة لیس العصمة، بل عدم البقاء فى الضعف، والثقة فى قوة المسیح الذى ھزم الموت، وأعطانا القیامة، وأقامنا معه.
٤- اختبار قیامة المسیح فى حیاتنا یعطینا نحن الشباب حیاة السلام والفرح، بدلاً من القلق والاضطراب. فالتلامیذ "فرحوا إذ رأوا الرب" (یو ٢٠:٢٠ )، ونزع الھم من قلوبھم، لأننا نلقى بھمومنا بثقة على الرب یسوع، الذى بذل ذاته لأجلنا، وھو یعولنا ویھتم بنا.
٥- القیامة تحررنا من الاھتمام بالغد، فنحن الشباب یشغلنا الماضى بذنوبه وآلامه، ویقلقنا المستقبل. ولكن القیامة تعطینا بالمعمودیة،أن نصیر خلیقة جدیدة، "فالأشیاء العتیقة قد مضت" وأثق بأننى حینما اعترف بتوبة صادقة بخطایاى، فسوف یغفرھا لى المسیح الذى أحبنى. وھكذا أحیا فى ملء التسلیم، فلا أھتم بالغد، بل ألقى حیاتى فى حضن الرب یسوع بثقة البنین.
٦- القیامة تحررنا من الشك والریبة فالرسول توما إذ أراه المسیح جنبه، سآمن، ونحن یمكن أن تكون لنا شركة قویة مع المسیح من خلال:-
أ- نوال نعمة الغفران فى الاعتراف والتحلیل.
ب- سكنى المسیح بجسده ودمه فى القلب، فى سر الأفخارستیا.
ج- شركة كلمة الإنجیل التى تحرر النفس والذھن.
د- أخذ قوة فى الصلاة بإیمان.
ھ- السلوك بتدقیق ومحاسبة النفس فى دور وصیة الإنجیل.
بھذه الخطوات جمیعھا سوف تصیر حیاتنا بكاملھا للرب، لكى یستخدمھا لمجد اسمه، ویرتب كل شئ بحكمته.
تطبیقات :
واظب على صلاة باكر التى تتذكر فیھا قوة القیامة وفعلھا.
لیكن لیوم الأحد انطباعه الخاص، سواء بالاشتراك فى القداس والذبیحة، أو على الأقل المرور على الكنیسة مع صلاة قصیرة،
طبعاً مع ضرورة الانتظام فى القداس الذى یناسب مواعیدك.
كلما تعثرت فى خطیة، قم سریعاً وصلى، فھذه قیامة جدیدة!
نیافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
09 مايو 2022
عطايا القيامة
إن هذه القيامة القوية، سكبت فى البشرية قوة القيامة، ومنحتها عطايا عجيبة، ما كان ممكناً أن نحصل عليها لولا أنه مات وقام، وأقامنا معه.
ومن عطايا القيامة أنها:
1- سحقت الموت:
فمع أن الخطية نتج عنها حكم الموت، وهكذا "وضع للناس أن يموتوا مرة، وبعد ذلك الدينونة" (عب 27:9)، والموت هنا هو الموت الجسدى، وهو غير الموت الروحى أى الإنفصال عن الله، والموت الأدبى، إذ تهين الخطية الإنسان، فيسقط فريسة للشيطان، وحتى جسده يموت بالأمراض والكوارث والشيخوخة، كما يختلف أيضاً عن الموت الأبدى، العقاب النهائى للخطية، "تأتى ساعة حين يسمع جميع من فى القبور صوته، فيمضى الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 29:3). هنا الموت الرباعى انهزم، وسحق تماماً بقيامة المسيح إذ "أقامنا معه وأجلسنا معه فى السمويات" (أف 6:2).. فهو الذى قال: "من آمن بى، ولو مات فسيحيا" (يو 25:11).. "إنى أنا حىَ، فأنتم ستحيون" (يو 19:14.وهكذا انتهى الموت إلى الأبد، وصار هتاف المؤمنين: "أين شوكتك ياموت؟ أين غلبتك ياهاوية" هو 14:13.
2- هزمت الشيطان
إذ قال الرب قبل صلبه: "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو18:10)، كما قال أيضاً: "رئيس هذا العالم يأتى، وليس له فىَ شئ" (يو30:14). "الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً" (يو31:12).وهكذا لم يعد للشيطان الساقط سلطاناً على البشر، ما لم يعطوه هم هذه الفرصة. بل أن الرب طلب منا أن نقاوم إبليس... "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع 7:4)، ووعدنا قائلاً: "إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو 20:16).لهذا فما أعجب الذين يسلمون أنفسهم بإرادتهم للشيطان، وهم يعرفون أنه "الحية القديمة"، "إبليس"، "المقاوم"، "عدو الخير"، "الكذاب وأبو الكذاب"!!!
وما أعجب الذين يخافون منه، فيظنون أنه قادر أن يؤذيهم بسحره وأعماله الشيطانية، وينسون قدرة الرب الساحقة وسلطانه المطلق على الكون، بكل ما فيه، وبكل من فيه!!
بل ما أعجب الذين يلجأون إليه لحل مشكلاتهم فى الزواج، وفى العلاقات، والمعاملات اليومية، لأنهم بهذا يعلنون عدم إيمانهم بالله، ويعطون الشيطان مكان المعبود والملجأ، وهو الذى يهلك تابعيه، ثم يقف ويقهقه فرحاناً بهلاكهم!! ناهيك عن أولئك المساكين الذين يعبدون الشيطان، فى ضلالة جديدة، زحفت على العالم، حتى وصلت إلى مصر!!
3-أبطلت الخطيئة
فالقيامة المجيدة كانت وسيلة خلاص الإنسان، لأن الرب يسوع "مات لأجل خطايانا وقام لأجل تبريرنا" (رو 25:4). لأنه بفدائه العجيب:
أ- مات عوضاً عنا، فرفع العقوبة عن كاهلنا...
ب- وجدَّد طبيعتنا بروحه القدوس، فصرنا أبناء الله... "أما شوكة الموت فهى الخطية، وقوة الخطية هى الناموس" (1كو 56:15)... بمعنى أننا حينما نسقط فى الخطية، نصير تحت حكم الناموس الذى يقول: "أن أجرة الخطية هى موت" (رو 23:6). ولكن "شكراً لله الذى يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (1كو 57:15)، الذى جعل الرسول بولس يهتف قائلاً: "أن الخطية لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس، بل تحت النعمة" (رو 14:6)، وهكذا أبطلت قيامة المسيح، سلطان الخطيئة علينا.
4- أثبتت ألوهية المسيح:
لأنه حينما قام الرب:
. بقوته الذاتية...
. وقام بجسد نورانى...
. وقام ولم يمت ولن يموت إلى الأبد...أثبتت هذه الأمور جميعاً أنه الإله الذى "ظهر فى الجسد" (1تى 16:3).كما أثبت الرب قوة لاهوته فى مواضع أخرى كثيرة، حينما أرانا:
1- سلطانه المطلق:
. على الموت... حينما أقام الموتى حتى وهو ميت على الصليب (مت 52:27).
. على المرض... حينما شفى أعتى الأمراض المستعصية (مت 18:9-26).
على الخلق... حينما خلق عيناً من الطين وحوَل الماء إلى خمر (يو 1:9-34 ، يو 1:2-11).
. على الأفكار... حينما عرف أفكار اليهود والتلاميذ دون أن يخطروه (لو 24:22).
. على المستقبل... حينما أنبأ بخراب أورشليم وصلب بطرس (مت 37:23-39).
. على الغفران... حينما غفر للمفلوج والزانية (لو 36:7، يو 2:8-11).
. على الشيطان... حينما أخرجه بكلمة وحتى بدون كلمة!! (لو 18:17 - مر 29:7).
. على الطبيعة.. حينما انتهر الرياح والموج ومشى على الماء وجعل بطرس يمشى عليه أيضاً (مت 26:8 - مت 28:14-32).
. على النبات... حينما لعن التينة فيبست من الأصول (مت 9:21 - مر 20:11).
. على الحيوان... حينما سمح للشياطين بدخول الخنازير (لو 18:17).
. على الجماد... حينما بارك الخبزات وأشبع الألوف (مت 19:14).
2- قداسته المطلقة :
فهو الذى "لم يعرف خطية" (2كو 21:5، 1بط 22:2)، وقد تحدى اليهود قائلاً: "من منكم يبكتنى على خطية؟!" (يو 46:8)، فانسدت الأفواه، وانعقدت الألسنة.ومعروف أنه ليس هناك إنسان واحد بلا خطيئة... وقديماً قال باسكال: "إن وجدنا إنساناً بلا خطية، فهذا هو الله آخذاً شكل إنسان"... وبالفعل كان الرب يسوع بلا خطية، مما يؤكد ألوهيته المجيدة.
3- حياته الخالدة :
فالرب يسوع مولود منذ الأزل، "مولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق" (قانون الإيمان). وبعد أن تجسد لخلاصنا، ومات وقام، ها هو حى إلى الأبد ولم يحدث فى التاريخ أن عاش إنسان بعد موته، حتى إذا ما أقيم من الأموات، فذلك لفترة بسيطة لمجد الله، ثم يموت ثانية. أما السيد المسيح فهو "الحياة"... أصل الوجود، وواجب الوجود، إذ "فيه كانت الحياة" (يو 4:1)، وهو الذى قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 6:14)... "أنا هو القيامة والحياة" (يو 25:11).
4- فتحت لنا الفردوس:
لأن السيد المسيح حينما مات على الصليب، نزلت نفسه الإنسانية المتحدة بلاهوته إلى الجحيم، ليطلق أسر المسبيين هناك، الذين كانوا فى انتظار فدائه المجيد. لهذا يقول الرسول بولس: أن المسيح له المجد "نزل أولاً إلى أقسام الأرض السفلى، ثم صعد إلى العلاء، وسبى سبياً، وأعطى الناس عطايا" (أف 8:4،9.كما يقول معلمنا بطرس: "ذهب فكرز للأرواح التى فى السجن" (1بط 9:3).لهذا ترنم الكنيسة يوم القيامة قائلة:"يأكل الصفوف السمائيين،رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح،وابتهجوا معنا اليوم فرحين،بقيامة السيد المسيح،قد قام الرب مثل النائم،وكالثمل من الخمرة،ووهبنا النعيم الدائم،وعتقنا من العبودية المرة،وسبى الجحيم سبياً، وحطم أبوابه النحاس...".ولهذا أيضاً قال الرب للص اليمين: "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو 42:23)... وتقضى الكنيسة ليلة سبت الفرح، بعد أن انفتح الفردوس، وهى تسبح للمخلص، وتفرح بالخلاص، وتتلو أناشيد الخلاص فى العهدين: القديم والجديد، ثم تقرأ سفر الرؤيا لترى شيئاً مما رآه الحبيب .!!
5- أعطتنا الجسد النورانى:
لأن الرب "سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده" (فى 20:3). فهذا الجسد الكثيف الذى نلبسه الآن، هو من التراب، ولكنه سيلبس صورة سمائية حينما يتغير، ويتمجد، ويصير روحانياً، نورانياً.وها أمامنا اللوحة المجيدة التى رسمها لنا معلمنا بولس الرسول حينما قال: "لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات فى المسيح سيقومون أولاً، ثم نحن الأحياء الباقين، سنخطف جميعاً معهم فى السحب، لملاقاة الرب فى الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس 16:3،17).وهو نفس السر الذى كشفه لنا الرسول بولس حينما قال أيضاً: "هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكن كلنا نتغير. فى لحظة، فى طرفة عين، عند البوق الأخير، فإنه سيبوق، فيقام الأموات عديمى فساد، ونحن نتغير. لأن هذا (الجسد) الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت، فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة: ابتلع الموت إلى غلبة" (1كو51:15-54).وهكذا "نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" (1يو 2:3). "ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما فى مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2كو 18:3).وواضح أن التشابه هنا هو فى جسد القيامة، وما سيعطيه الرب إياه من قداسة وخلود، وليس فى شئ آخر، فسوف يظل الله هو الله، والبشر هم البشر، ولكن مجددين ومقدسين بالروح القدس.
نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
31 مايو 2021
مع المسيح القائم
تعالوا نلتقي بمسيح القيامة المجيد!!ندخل في زمرة تلاميذه الأطهار...في العلية.. أو على بحر طبرية.. أو في الجليل.. أو على جبل الزيتون!! لنرى مسيحًا حيًّا:+ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ...فها هو رب المجد يسوع، بنفس ملامحه الأصلية، مع مسحة نورانية من جسد القيامة، يدخل إلى العلية والأبواب مغلَّقة.. وما أحلى أن يكون الرب يسوع في وسط قلوبنا، وفي محور حياتنا!!+ وَقَالَ لَهُمْ: سَلاَمٌ لَكُمْ!...فطريق السلام في حياتنا لن يكون إلا بالمسيح، وفي المسيح.هو الذي يقول لنا: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»، ثم يلقي بسلامه الإلهي في داخل قلوبنا وعقولنا!!ألم يقل لنا من قبل: «كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِىَّ سَلاَمٌ» (يو 16: 33)؟ ألم يقل لنا: «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ، سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ» (يو 14: 27)؟ ألم يقل عنه معلمنا بولس الرسول: «لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا» (أف 2: 14)؟ يقصد مصالحة اليهود والأمم في شخصه وفي صليبه.+ وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ...لقد دخل الرب يسوع إلى العلية، والأبواب مُغلّقة، إذ كان قد قام بجسد نوراني وروحاني، وما أسهل أن يعبر النور من زجاج النافذة، دون أن يحتاج إلى ثقب!!ولكن الرب علم بما يمكن أن يفعله عقل الإنسان، إذ قد يتساءل: هل هذا هو المسيح قائمًا؟! ربما يكون ظهورًا من ظهوراته، أو منظر خياليًا؟! هل هو بجسده الحقيقي؟! كيف يدخل والأبواب مُغلّقة؟ وكيف يرينا يديه ورجليه الآن؟! بل وكيف يحس توما يديه ورجليه وجنبه، وكيف يأكل معهم؟!+ دخل و«الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً»... بالجسد النوراني.و«أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ»... حينما أعطى جسده النوراني أبعادًا حسية، لفترة مؤقتة، حتى يؤكد لتلاميذه أن الجسد النوراني هو نفسه الجسد الأصلي، ولكن بعد القيامة يصير نورانيًا.+ كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا...إذ بعد أن عايش التلاميذ قيامة الرب... وكانوا قد عاشروه عن قرب طوال مدة خدمته على الأرض... (أ) رأوا معجزاته. (ب) واستمعوا إلى تعاليمه. (جـ) وعاينوا قوة لاهوته. (د) وأخذوا منه قدرة قهر الشياطين وإتيان المعجزات. صار واجبًا عليهم الآن، بعد أن صاروا شهودًا للقيامة المجيدة أن يبشروا به بين الأمم... كل عام وجميعكم بخير
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
24 مايو 2021
ظهر لأكثر من خمسمائة أخ ظهر ليعقوب - ثم للرسل أجمعين
1- ظهر لأكثر من خمسمائة أخ:وهذا ظهور مجيد وهام... ينفي أي محاولة تشكيك، سواء في الرؤيا أو في الصدق!! فإذا ما كانت جماعة الشهود صغيرة، كالتلاميذ فقط مثلًا، فربما تصور البعض أنهم اتفقوا على ضلالة وكذب (مع أن المنطق يتنافى مع أناس يموتون شهداء ضلالة!!).أمّا وقد صار الرقم أكثر من خمسمائة، فيستحيل أن يخطئ كل هؤلاء في الرؤيا، أو أن يتفقوا معًا على ضلالة!!وأرجو أن نلاحظ أن رسالة كورنثوس كُتِبت حوالي سنه 58 ميلادية، أي بعد حوالي ربع قرن من القيامة، «وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ» (1كو15: 6). فهل يُعقَل أن يتفق أكثر من خمسمائة شخص، لمدة ربع قرن، على خيال أو ضلال؟! مستحيل!! فالقيامة أكيدة، وهذا الظهور مجرد أحد براهينها!!
2- ظهر ليعقوب:«وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ» (1كو15: 7).وهذا ظهور خاص... لماذا؟هل لأن يعقوب هو أخو الرب؟ أم لأنه سيكون أول أسقف على أورشليم؟إنه يعقوب البار... الذي كانت ركبتاه مثل خُفّي الجمل من كثرة السجود...ودعاه اليهود (البار) لأنه كان دائم الصلاة، مواظبًا على الهيكل.حتى ظنوه يهوديا مثلهم لا مسيحيا...ولمّا سألوه عن إيمانه...وقف على جناح الهيكل...وأعلن مسيحيته...فطرحوه من أعلى...فمات ساجدا...غافرًا لهم فعلتهم!!ولعل هذا الظهور، كان دعمًا خاصًا لشهيد مبكر، سيموت بفرح من أجل اسم المسيح!!3
3- ثم للرسل أجمعين:وهذا الظهور لم يقتصر على الاثني عشر فقط، بل كان معهم جماعة الرسل السبعين، فهذا إذًا ظهور هام، لعدد ضخم، وهو يضارع الظهور السابق، الذي كان لأكثر من 500 أخ.القيامة إذًا أكيدة!!وجسد القيامة نوراني!! وأمجاد القيامة تنتظرنا!!فلنحذر أن نفقد نصيبنا منها!!فالرب في انتظار!!... هيّا إليه!!
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
17 مايو 2021
بين القيامة والإفخارستيا
«فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْرًا مَوْضُوعًا وَسَمَكًا مَوْضُوعًا عَلَيْهِ وَخُبْزًا» (يو21: 9)حين ظهر الرب لتلاميذه بعد القيامة، دخل إلى العلية والأبواب مُغلَّقة، إذ كان التلاميذ مجتمعين، تحت تهديد رهيب من اليهود، وعدم مساندة للقانون من الرومان... فذهب التلاميذ إلى البحر ليصطادوا سمكًا.. هذه كانت مهنة الكثيرين منهم، كما كانت أرخص طريقة للأكل!! وإذ بالسيد المسيح يظهر لهم هكذا:«وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلَكِنَّ التّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا (أي طعامًا)؟... فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا:1- جَمْرًا مَوْضُوعًا 2- وَسَمَكًا مَوْضُوعًا عَلَيْهِ 3- وَخُبْزًا، "ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذَلِكَ السَّمَكَ» (يو21: 4-13).ظهورات الرب لتلاميذه بعد القيامة، كانت:1- كثيرة. 2- في أماكن متعددة. 3- وشخصيات متعددة. 4- وبكلمات وتعبيرات متنوعة.ومن بين هذه الظهورات ظهور "الخبز والسمك والجمر".. وهذه لها معانيها:أ- الخبــز: لأن الرب يسوع هو «خُبْزُ الْحَيَاةِ» (يو6: 35)، «الْخُبْزُ الْحَيٌّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ» (يو6: 51).. ونحن نسمي الخبز في بلادنا "العيـش" = "الحيـاة" = إمكانية المعيشة، والاستمرار في الوجود.والرب يسوع يعطينا مع إمكانية الاستمرار في الحياة الأرضية، الخبز الحيّ الذي يجعلنا نحيا معه في الحياة الأبدية. «مَنْ يَأْكُلْ هَذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَد» (يو58:6). إذن، فهو خبز الخلود!! وهو الذي قال: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ» (يو54:6).ب- ســر الإفخارستيا: هو استمرار "عيني" لنفس الجسد والدم اللذيْن قدمهما الرب لتلاميذه في العشاء الرباني.. فبعد أن أكل الفصح مع تلاميذه (بحسب العهد القديم)، أسس سر الإفخارستيا، ونقلنا إلى العهد الجديد «هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ» (مر24:14).يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا وحياة أبدية: إنها العطايا الثلاثة الذي نأخذها من سر التناول المقدس، فالخلاص يكون بالتناول المنتظم، يثبت الرب فينا، ونثبت فيه، فيستمر فينا فعل الخلاص الذي أخذناه في المعمودية، حين متنا وقمنا معه «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (كو12:2):- بطبيعة جديدة وإنسان جديد.- وعضوية في جسد السيد المسيح (الكنيسة) فهي جسده، وهو رأسها وعريسها!!إن من يتناول من الجسد والدم الأقدسيْن يصير عضوًا في جسد المسيح، متواصلًا بالرأس (السيد المسيح) والجسد (القديسين في السماء + المؤمنين على الأرض)، ويشهد للرب في العالم (مع أنه ليس من العالم ولكنه مدعو للشهادة للمسيح في العالم)...
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
10 مايو 2021
أمجاد القيامة
نستطيع أن نحصي - على الأقل - أربعة أمجاد أخذناها بالإيمان بقيامة السيد المسيح، وسنأخذها بالعيان في الأبدية السعيدة، وهذه الأمجاد هي:-
1- مجد القداسة: فالكل قديسون، في حضرة القدوس، وفي عالم القداسة الكاملة، لهذا رأى يوحنا الحبيب المفديين في رؤياه «بِثِيَابٍ بِيضٍ» (رؤ7: 9). علامة الطهر والنقاوة، فهيهات أن تطال الخطيئة الأجساد النورانية، والأرواح المُكمَّلة، وسكان السماء!
2- مجد السعادة: إذ سيسمع كل مؤمن يصل إلى مشارف العالم الآخر، كلمات الرب: «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (مت25: 23).وهكذا نشترك جميعًا في «عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفَ» (رؤ19: 7-9)، مرنِّمين ومسبِّحين فادينا المحب، حينما يتحد الرب العريس، بكنيسته العروس.
3- مجد الشركة: فنحن الآن في محفل أبرار مُكمَّلين، إذ هناك نلتقي بالملائكة والقديسين، وعلى رأس الكل، أم النور، سيدة الطهر والنقاء، وكل من ساروا على دربها من القديسين.. فهناك نلتقي: بالآباء: إبراهيم وإسحق ويعقوب. والأنبياء: الكبار والصغار. والرسل: تلاميذ الحمل. والشهداء: الذين سفكوا دمائهم على اسم المسيح. والقديسين: الذين ازدروا بالأرض ليمتلكوا السماء.
4- مجد الخلود: فالحياة هناك ليس لها نهاية.. إنها الخروج من الزمن، والدخول إلى الأبدية واللا محدود. هناك نتحد بالله في خلود مقيم، تحقيقًا لوعده الصادق والأمين: «إِنِّي أَنَا حَىٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ» (يو14: 19)، «مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يو11: 25)، «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِير» (يو6: 54).فليعطنا الرب أن نقوم مع المسيح القائم، منفّذين وصية معلمنا بولس الرسول: «فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أنْتُمْ أيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ» (كو3: 1-4).وهكذا تمتد فرحتنا بعيد القيامة المجيد، من فرحة يوم بذاته.. إلى فرحة عمر شامل.. إلى فرحة أبدية سعيدة.. فلنحتفل بقيامة الرب المجيدة.. ذاكرين تجسده العجيب..وفدائه الباذل.. وقيامته المباركة.. ومجيئه الثاني.. ليأخذنا إليه..ألم يقل لنا: "أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَىَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" (يو 2:14-3)؟
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
03 مايو 2021
«اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ»
مع أحداث القيامة المجيدة، نطلب من الرب أن ينقذ البشرية، من وباء "الكورونا" الذي ضرب العالم كله، فهو القادر أن يبيده بنفخة فمه، ويعطينا قوة قيامته المجيدة..قال معلمنا بولس الرسول: - «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ (قيامة التوبة)،- وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ (قيامة الأجساد)» (أف5: 14).فالقيامة من الأموات في الفهم الكتابي واللاهوتي لا تعني فقط قيامة الجسد بعد الموت، بل تعني أيضًا:- قيامة الروح من الخطية وسكنى الله في داخل الإنسان.. تمهيدًا للقيامة بعد الموت!!إذًا فهناك قيامتان: القيامة الأولى: قيامة التوبة. القيامة الثانية: قيامة الأجساد. - القيامة الأولى: قيامة التوبة:وهي أن نقوم من قبور الخطية «وَإِذْ كُنْتُمْ أمْوَاتًا فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أحْيَاكُمْ مَعَهُ» (كو2: 13).1- والخطيئة في معناها الأصيل (آمارتيا) = ومعناها "الخطأ في التهديف". 2- أمّا التوبة فمعناها "ميطانيا" بمعنى ""تغيير الفكر" أو "تجديد الذهن".فالتوبة هي" القيامة الأولى" كقول الكتاب: - «مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى (قيامة التوبة)، هَؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي (الموت الأبدي بعد الموت الجسدي) سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً لِلَّهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ» (رؤ20: 6). - «الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، والَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ (الشيطان)، وَلاَ لِصُورَتِهِ (النبي الكذاب)، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ (سمة الشيطان) عَلَى جِبَاهِهِمْ وَعَلَى أَيْدِيهِمْ، فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ» (رؤ20: 4). أمّا الألف سنة فهي مدة وجود هذا العالم.. حيث أن رقم "10" يشير إلى الإنسان، إذ يملك 10 أصابع في كل من يديه وقدميه.. والـ"100" ترمز إلى القرن، أي الزمن..الإنسان × الزمن = 10×100=1000 فبعد الزمن تأتي القيامة المجيدة. لذلك فقيامة التوبة، هي الانتماء للمسيح، ومعنى حمل سمته على جباههم (أي عقولهم) وأيديهم (أي أعمالهم).. أي أن تكون أفكارهم وتصرفاتهم شاهدة لمسيح القيامة.. - القيامة الثانية : قيامة الأجساد:وهي التي فيها يأتي رب المجد يسوع مرة ثانية، في "المجيء الثاني"، بعد المجيء الأول في التجسد، وقد أفرد لها معلمنا بولس الرسول إصحاحًا كاملًا في الرسالة الأولى إلى كورنثوس (إصحاح 15): «كيف يقام الأموات؟» إذ تحدث عن جسدنا قائلًا أنه:- «يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ.. وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ!» (1كو15: 42).- «يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ.. وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ!» (1كو15: 43).- «يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا.. وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا!» (1كو15: 44).كل عام وجميعكم بخير،،،
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
25 أغسطس 2020
قدسية العهد القديم
لاشك أن الموقف المسيحى والكنسى الأرثوذكسى من العهد القدم، هو أن كاتبه هو الروح القدس، وأن كتابه سجلوا هذه الأسفار مسوقين من الروح القدس، لا بمشيئتهم الشخصية فقط. فقد قال معلمنا بولس الرسول:“كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ” (2تى 16:3). وقال معلمنا بطرس الرسول: “لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 21:1).وقد أكد السيد المسيح نفسه، وأسفار العهد الجديد هذه القدسية،وهذه بعض الأدلة كأمثلة على ذلك:
أولاً: من أقوال السيد المسيح
1- “لاَ تَظُنُّوا أَنِّى جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. فَإِنِّى الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ” (مت 17:5-18).
(والتكميل هنا معناه تكميل الهدف من الناموس وهو معرفة السيد المسيح، وتكميل الإنسان حتى يصنع الناموس، وذلك من خلال تجديد الطبيعة البشرية بالروح
القدس. كذلك فهو تكميل الوصية حتى لا تقف عند حدود الفعل كالزنا والقتل، بل تصل إلى الدوافع الكامنة وراء ذلك كالشهوة والحقد).
2- “فَتِّشُوا الْكُتُبَ (كتب العهد القيم طبعًا فى ذلك الوقت) لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِىَ الَّتِى تَشْهَدُ لِى”
(يو 39:5).. “تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ” (مت 29:22).
3- “إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ” (مت 8:19)، وهذا مأخوذ عن سفر التثنية (تث 1:24-4).
4- “لاَبُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّى فِى نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ” (لو 44:24-47).
5- قال له الكتبة والفريسيون: “يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً. فَقَالَ لَهُمْ: جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِىِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِى بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِى قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِى الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا” (مت 38:12-41).وهنا يتحدث الرب ليس فقط عن سفر يونان، الذى حاول البعض أن يعتبروه أسطورة خيالية، بل عن شخص يونان، وحوت يونان، ومناداة يونان، وأهل نينوى، وتوبتهم والرمز الواضحين يونان والسيد المسيح.
6- كذلك يتحدث الرب عن ملكة التيمن. التى أتت من أقاصى الأرض لتسمع حكمة سليمان، وقال: “هُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!” (مت 42:12).وهنا يتحدث الرب عن زيارة ملكة التيمن لسليمان، وعن حكمة سليمان.. وهذا كله فى العهد القديم.
7- حديث الرب عن الزواج من امرأة واحدة، وعن عدم الطلاق إلا لعلة الزنا، وكيف أعاد الرب الأمور إلى أصولها حينما قال: “مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا” (يقصد سهولة التطليق، وكيف أن التطليق سمح به موسى، من أجل قساوة قلوبهم). وكذلك حينما تحدث عن شريعة الزوجة الواحدة بقوله: “أَمَا قَرَأْتُمْ (فى العهد القديم طبعًا) أَنَّ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا” (مت 1:19-9). وواضح أن هذه
كلها اقتباسات من أسفار العهد القديم، ودعوة إلى قراءة أسفاره:
“أَمَا قَرَأْتُمْ”؟!
8- وفى امتداح السيد المسيح ليوحنا المعمدان، آخر أنبياء العهد القديم، تأكيد على قدسيته، وذلك حين قال: “مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِى بُيُوتِ الْمُلُوكِ. لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِىٍّ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِى كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِى الَّذِى يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ” (مت 7:11-11).
وواضح أن الرب يقتبس من نبوات العهد القديم ما جاء عن تجسده الإلهى، وعن المعمدان كسابق له.وواضح أيضًا أن “الأصغر” هنا قد يكون السيد المسيح نفسه (لأنه أصغر سنًا من المعمدان بستة أشهر)، أو هو مؤمن العهد الجديد الذى لن يمر بالجحيم بل يدخل إلى الفردوس مباشرة، بعد أن فتح الرب الفردوس بصيبه، الأمر الذى لم يحدث مع المعمدان، إذ عبرت نفسه بالجحيم فى انتظار الفداء والفادى.
9- قال الرب لبطرس: “أَتَظُنُّ أَنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِى فَيُقَدِّمَ لِى أَكْثَرَ مِنِ اثْنَىْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِى أَنْ يَكُونَ؟” (مت 53:6-54).
هذه مجرد أمثلة بسيطة عن مدى تقديس رب المجدللعهد القديم: أسفارة وأنبيائه، ففى النهاية هو مسيح العهدين، والعهد القديم كان مرحلة فى طريق العهد الجديد،
والروح القدس هو كاتب جميع الأسفار، عاصمًا كاتبيها من الزلل.
ثانيًا: آيات من الأناجيل المقدسة
هذا بحر مستفيض، فالأناجيل المقدسة اقتبست كمية ضخمة من آيات العهد القديم، لتؤكد لنا الارتباط العضوى والصميمى بين العهدين. فالعهد القديم كان التمهيد والأنين والنبوات، أما العهد الجديد فكان الفرح بالخلاص والمخلص، الذى فيه تحققت كل النبوات.وكمجرد إحصاء عن هذه الحقيقة:
أ- إنجيل معلمنا متى : أورد 53 إقتباسًا من العهد القديم.
ب- إنجيل معلمنا مرقس : أورد 36 إقتباسًا من العهد القديم.
ج- إنجيل معلمنا لوقا : أورد 25 إقتباسًا من العهد القديم.
د- إنجيل معلمنا يوحنا : أورد 20 إقتباسًا من العهد القديم.
واترك للقارئ الحبيب، أن يقرأ هذه الأناجيل المقدسة ويسجل فى دراسة خاصة له هذه الاقتباسات، وهى واضحة وضوح الشمس..وهذه مجرد عينة بسيطة من إنجيل واحد هو إنجيل معلمنا متى:
(1:1-17) (22:1-23) (5:2-6) (15:2) (17:2-18) (23:2) (4:4،7،10) (14:4-16) (17:5) (21:5) (27:5) (31:5) (33:5) (38:5) (43:5) (29:6) (4:8) (17:8) (40:10) (9:11-10) (14:11) (3:12-6) (17:12-21) (38:12-41) (42:12) (17:13) (8:15) (3:16-4) (11:17-13) (16:18) (3:19-9) (17:19) (4:21-5) (13:21) (16:21) (25:21) (42:21) (29:22-32) (32:22-40) (21:22-46) (31:26) (53:26-54) (56:26) (6:27-10) (35:27) (42:27) (46:27)
ثالثًا: من رسائل الآباء الرسل
حفلت رسائل البولس والكاثوليكون باقتباسات كثيرة من العهد القديم، مؤكدة الترابط العضوى بين العهدين، وهذه مجرد أمثلة، من رسالة واحدة هى الرسالة إلى رومية:
1- “لإِنْجِيلِ اللهِ. الَّذِى سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِى الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ” (رو 1:1-2).
2- “لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ” (رو 13:2).
3- “اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ” (رو 24:2).
4- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: لِكَىْ تَتَبَرَّرَ فِى كَلاَمِكَ وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ” (رو 4:3).
5- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ” (رو 10:3).
6- “فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ..” (رو 1:4).
7- “كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ..” (رو 12:5).
8- “الْمَرْأَةَ الَّتِى تَحْتَ رَجُلٍ هِىَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَىِّ..” (رو 2:7).
9- “الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّى وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاِشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ. وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ” (رو 4:9-5).
10- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ” (رو 13:9).
11- يقول الكتاب لفرعون: “إِنِّى لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَىْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِى..” (رو 17:9).
12- كما فى هوشع أيضًا: “سَأَدْعُو الَّذِى لَيْسَ شَعْبِى شَعْبِى وَالَّتِى لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً” (رو 25:9).
13- وإشعياء يصرخ من جهة إسرائيل: “وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ” (رو 27:9).
14- وكما سبق إشعياء فقال: “لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا نَسْلاً لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ” (رو 29:9).
15- كما هو مكتوب: “هَا أَنَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى” (رو 33:9).
16- “لأَنَّ مُوسَى يَكْتُبُ فِى الْبِرِّ الَّذِى بِالنَّامُوسِ: إِنَّ الإِنْسَانَ الَّذِى يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا” (رو 5:10).
17- الكتاب يقول: “كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى” (رو 11:10).
18- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ” (رو 15:10).
19- لأن إشعياء يقول: “يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا” (رو 16:10).
20- “إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ وَإِلَى أَقَاصِى الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ” (رو 18:10).
21- موسى يقول: “أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ” (رو 19:10).
22- إشعياء يتجاسر ويقول: “وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِى
وَصِرْتُ ظَاهِرًا للَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّى. أَمَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَىَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ” (رو 20:10-21).
23- ماذا يقول الكتاب عن إيليا، كيف توسل إلى الله ضد إسرائيل قائلاً: يارب قتلوا أنبياءك، وهدموا مذابحك، وبقيت أنا وحدى، وهم يطلبون نفسى، لكن ماذا يقول الوحى؟ “أَبْقَيْتُ لِنَفْسِى سَبْعَةَ آلاَفِ رَجُلٍ لَمْ يُحْنُوا رُكْبَةً لِبَعْلٍ” (رو 2:11-4).
24- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَعْطَاهُمُ اللهُ رُوحَ سُبَاتٍ وَعُيُونًا حَتَّى لاَ يُبْصِرُوا وَآذَانًا حَتَّى لاَ يَسْمَعُوا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” (رو 8:11).
25- وداود يقول: “لِتَصِرْ مَائِدَتُهُـمْ فَخًّـا وَقَنَصًا وَعَثْرَةً وَمُجَازَاةً لَهُمْ. لِتُظْلِمْ أَعْيُنُهُمْ كَىْ لاَ يُبْصِرُوا وَلْتَحْنِ ظُهُورَهُمْ فِى كُلِّ حِينٍ” (رو 9:11-10).
26- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ” (رو 26:11).
27- “مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟” (رو 34:11).
28- “أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِىَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِى يَقُولُ الرَّبُّ” (رو 19:12).
29- “لأَنَّ لاَ تَزْنِ لاَ تَقْتُلْ لاَ تَسْرِقْ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ لاَ تَشْتَهِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى هِىَ مَجْمُوعَةٌ فِى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (رو 9:13).
30- “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَا حَىٌّ يَقُولُ الرَّبُّ إِنَّهُ لِى سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ” (رو 11:14).
31- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَىَّ” (رو 3:15).
32- “لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِى الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ” (رو 4:15).
33- “إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ” (رو 8:15).
34- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِى الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاِسْمِكَ (ثم اقتباسات أخرى متتالية)” (رو 9:15).
35- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ” (رو 21:15).
36- “السِّرِّ الَّذِى كَانَ مَكْتُومًا فِى الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ. وَلَكِنْ ظَهَرَ الآنَ وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلَهِ الأَزَلِىِّ لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ” (رو 25:16-26).تصور أيها القارئ الحبيب، كل هذه الاقتباسات من العهد القديم فى رسالة واحدة، فماذا نقول عن باقى الرسائل؟ إنها دراسة شيقة يمكنك أن تقوم بها، خصوصًا فى رسالتى غلاطية والعبرانيين.. لتدرك قدسية العهد القديم، والترابط العضوى بين العهدين.لهذا كان طبيعيًا أن يقول الرسول للقديس تيموثاوس: “وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ إنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِى فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِى فِى الْبِرِّ، لِكَىْ يَكُونَ إنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ” (2تى 15:3-17). تيموثاوس قارئها إلى الإيمان بالمسيح والخلاص به.
– ولاحظ قول للقديس تيموثاوس الرسول: أن “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ” (2تى 16:3)، عجبى إذن على أناس ينتقصون من قدسية العهد القديم!!
ألم يقل معلمنا بطرس: “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِىَ أَثْبَتُ، الَّتِى تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِى مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِى قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُك بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 19:1-21).
ولاحظ أيها الحبيب فى هذا النص:
1- أن كلمات الأنبياء هى أثبت، أى أنها ثابتة وأثبت من كلام البشر.
2- أنه يوصينا أن ندرسها إذ أننا نفعل حسنًا إذا انتبهنا إليها.
3- أنها كسراج منير فى موضع مظلم.
4- أنها مرحلة تمهيدية تقودنا إلى المسيح كوكب الصبح.
5- أن كل نبوات الكتاب هى من الله وليس بعضها.
6- أن مشيئة الإنسان ليست هى الدافع للكتابة بل روح الله.
7- أنهم قديسون، كانوا مسوقين بالروح القدس.
هل بعد ذلك نتساءل عن قدسية العهد القديم؟!
رابعًا: من رسائل الكاثوليكون
1- فى رسالتى معلمنا بطرس الرسول وقد إقتبس معلمنا بطرس الرسول الكثير من آيات وأحداث العهد القديم مثل:
1- “الْخَلاَصَ الَّذِى فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِى لأَجْلِكُمْ” (1بط 10:1).
2- “رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِى فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِى لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِى بَعْدَهَا” (1بط 11:1).
3- “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّى أَنَا قُدُّوسٌ” (1بط 16:1) مأخوذة من (لا 44:11).
4- “لِذَلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِى الْكِتَابِ: هَأنَذَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، والَّذِى يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى” (1بط 6:2) إشارة إلى (إش 16:28).
5- “الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ” (1بط 10:2) إشارة إلى (هو).
6- “فَإِنَّهُ هَكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ سَيِّدَهَا..” (1بط 5:3-6).
7- “ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِى فِى السِّجْنِ.. أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى..” (1بط 19:3-20).
8- “لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِى سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ” (2بط 4:2).
9- “حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ” (2بط 5:2).
10- “رَمَّدَ مَدِينَتَىْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ” (2بط 6:2).
11- “وَأَنْقَذَ لُوطًا الْبَارَّ” (2بط 7:2).
12- “فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ” (2بط 15:2).
13- “لِتَذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِى قَالَهَا سَابِقًا الأَنْبِيَاءُ الْقِدِّيسُونَ، وَوَصِيَّتَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ، وَصِيَّةَ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ” (2بط 2:3).
2- وفى رسالة معلمنا يوحنا “لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ..” (1يو 12:3). ومعروف أن معلمنا يوحنا كتب رسائل دفاعًا عن ناسوت السيد المسيح، أنه ناسوت حقيقى ولكن بلا خطية، كما كتب إنجيله دفاعًا عن لاهوت السيد المسيح.. وقد كتب ذلك فى أواخر القرن الأول بعد أن سادت وإنتشرت الأناجيل الثلاثة الأولى، ورسائل البولس، والكاثوليكون، بما فيها من إقتباسات كثيرة من العهد القديم. ولقد لاحظنا إقتباساته الكثيرة فى سفر الرؤيا. لذلك فلا صحة لمن يحاولون تصوير منهج الرسولين بولس ويوحنا أنه مختلف عن بطرس ويعقوب. فالكل إقتبس من العهد القديم، ولكن الموضوعات تتنوع وتحتاج إلى أسلوب حديث مختلف، لكنه متكامل مع غيره، بدليل قول معلمنا بطرس عن رسائل معلمنا بولس: “كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِى الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ” (2بط 15:3-16).. وهذا يؤكد وحدة المنهج الرسولى، وخطأ من يحاولون التفريق بين الرسل.
3- وفى رسالة معلمنا يهوذا تتحدث عن أمور كثيرة من العهد القديم مثل:
1- خلاص الشعب من أرض مصر (يه 5)
2- والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم (يه 6).
3- وهلاك سدوم وعمورة (يه 7).
4- ومحاربة ميخائيل والشيطان (يه 9).
5- وطريق قايين، وضلالة بلعام، ومشاجرة قورح (يه 9).
6- ونبوة أخنوخ (يه 14).
خامسًا: من سفر الرؤيا
نجد فى سفر الرؤيا اقتباسات وإشارات كثيرة إلى العهد القديم مثل:
1- “وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ” (رؤ 6:1).
2- “وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، والَّذِينَ طَعَنُوهُ” (رؤ 7:1).
3- “عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِى كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِىَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِى إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا” (رؤ 14:2).
4- “هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِى مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ” (رؤ 5:5).
5- الأسباط المذكورة فى (رؤ 7).
6- “يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الأَنْبِيَاءَ” (رؤ 7:10).
7- الزيتونتان والمنارتان، هما شخصيتان من العهد القديم (رؤ 11).
8- المرأة المذكورة فى رؤيا (رؤ 12) هى الأمة اليهودية وهى أيضًا رمز العذراء الطاهرة.
9- الخروف الواقف على جبل صهيون، رمز انتصار الكنيسة على الشيطان (رؤ 14)، وكذلك سقوط بابل (الشعب الذى سبى بنى إسرائيل) رمز حروب الخطية وانتصار أولاد الله عليها.
10- “تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفَ” (رؤ 3:15).
11- سقوط بابل (الجديدة) رمز بابل القديمة التى سبت شعب الله (رؤ 10:18).
12- أورشليم الجديدة (رؤ 21). 13- شجرة الحياة (رؤ 22).
وبعد.. فماذا نقول؟ أن مئات بل آلاف الاقتباسات من العهد القديم، وردت فى العهد الجديد، فهل يجوز أن نكابر ونفصل العهدين؟أو ننتقص من قدسية العهد القديم، وها آياته وأحداثه تملأ إصحاحات العهد الجديد؟!
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد