المقالات

07 ديسمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (31) المسيحى والوطن السماوى

الحياة الارضية والموطن السماوى حياتنا غربة وموطننا الحقيقى السماء.... المسيحية تنظر الى الحياة الحاضرة كفترة غربة قصيرة، ستنتهى بافراحها واحزانها ، بضيقاتها وتجاربها التى بها نؤهل للسماء ونتنقى من الشوائب ونرث المواعيد { في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض} (عب 11 : 13). ولاننا غرباء نعد أنفسنا لسكنى السماء نحيا حياة الإيمان ونبتعد ونتوب عن كل الخطايا التى تحرمنا من الدخول اليها {ايها الاحباء اطلب اليكم كغرباء ونزلاء ان تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس} (1بط 2 : 11).نحن على الارض فى فترة غربة واختبار ووطننا الحقيقى السماء من اجل هذا نعمل لنكنز كنوزنا هناك {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} (مت 19:6-21). ان حياتنا هنا كبخار ماء اذا قيست بالأبدية {لانه ما هي حياتكم انها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل}(يع 4 : 14).اننا على يقين الرجاء نحيا فى خيمة الجسد فى عدم الاستقرار والغربه لاداء مهامنا بامانة حتى نستقر فى الحياة الابدية .ورغم قصر حياتنا على الارض فلنا رسالة سامية فيها كسفراء للسماء { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله }(2ك 5 : 20).وهكذا نحرص غرباء او مستوطنين ان نكون مرضيين عند الله {لاننا نعلم انه ان نقض بيت خيمتنا الارضي فلنا في السماوات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد ابدي. فاننا في هذه ايضا نئن مشتاقين الى ان نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء. وان كنا لابسين لا نوجد عراة. فاننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين اذ لسنا نريد ان نخلعها بل ان نلبس فوقها لكي يبتلع المائت من الحياة. ولكن الذي صنعنا لهذا عينه هو الله الذي اعطانا ايضا عربون الروح. فاذا نحن واثقون كل حين وعالمون اننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب. لاننا بالايمان نسلك لا بالعيان. فنثق ونسر بالاولى ان نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب. لذلك نحترس ايضا مستوطنين كنا او متغربين ان نكون مرضيين عنده. لانه لا بد اننا جميعا نظهر امام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان ام شرا}2كو1:5-10حياتنا على الارض أعداد للأبدية ... حياتنا على الارض اذاً هى فترة اعداد للدخول الى الابدية السعيدة وحتى نحيا فى صلة دائمة بالسماء ، كلمنا الرب يسوع المسيح ملكوت الله ونحن نصلى دائما { ابانا الذى فى السموات} لنتذكر اين سنذهب اليه { وان غفرنا للناس زلاتهم يغفر لنا ابونا السماوي زلاتنا} . وهو يدعونا الى عدم الخوف والثقة فى محبة الله كأب صالح { لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سر ان يعطيكم الملكوت} (لو 12 : 32). ولاننا ابناء لله بالتبنى والإيمان فنحن ورثة لملكوت السموات {لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله.اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب. الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} رو 14:8-17. الموت اذن جسر للعبور للابدية وتحرر من متاعب وأمراض واحزان الحياة لكل مؤمن تائب يحيا مع المسيح . الكتاب المقدس والحياة فى السماء ... ان حياتنا مرتبطه بالسماء منذ ان خلق الله أدم وحواء وحتى نهاية الازمنة والقيامة العامة . أن الانسان خلق على صورة الله ومثاله ليحيا فى جنة عدن ولما سقط وطرد واصبح يأكل خبزه بعرق جبينه على الارض ويحيا فى مهمة على الارض ولرسالة يؤديها أو كاختبار لطاعته ومحبته لله لتنتهى حياته على الارض لتبدا فى السماء {فيرجع التراب الى الارض كما كان و ترجع الروح الى الله الذي اعطاها} (جا 12 : 7). تحيا الروح فى موطنها السمائى حتى القيامة العامة لتقوم الاجساد روحانية نورانية وهذا ما أكد عليه السيد المسيح {واما ان الموتى يقومون فقد دل عليه موسى ايضا في امر العليقة كما يقول الرب اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب. وليس هو اله اموات بل اله احياء لان الجميع عنده احياء} لو 37:20-38. نعم ستكون هناك دينونة للاشرار وغير المؤمنين فى كل جيل وزمان وهذا ما ذكره السيد المسيح فى تحذيره لمن لم يؤمنون به { رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا. ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل و تدينه لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان وهوذا اعظم من سليمان ههنا} مت 41:12-42ان كان أهل العالم الحاضر - فى دول العالم الثالث الفقيرة - يتمنون الحصول على جنسية إحدى الدول الغربية ، ليعيشوا عمرهم ، فى حياة أفضل مما هم فيه ، فكم يكون افتخارنا بالجنسية السماوية التابعة لعالم المجد ، وشكرنا على العطية السماوية والهبة المجانية ، التى وعدنا بها الرب المحب فى قوله { لا تضطرب قلوبكم ، فى بيت أبى منازل كثيرة ، وأنا أمضى لأعد لكم مكاناً ، وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً ، آتى أيضاً ، وآخذكم إلىّ ، حتى حيث أكون أنا ، تكونون أنتم أيضاً } ( يو 14 : 1 – 3 ) . وإن كنا بعد على الأرض ، فيجب أن تتعلق قلوبنا بالسماء وبامجاد الحياة هناك فى محبة وسلام وفرح كملائكة الله . لماذا الخوف من الموت ؟ .. يرتبط الخوف من الموت بعدم الإيمان او الخوف من المجهول الذى لا يعرفه الإنسان أو عدم التوبة وحياة الخطية والخوف من العذاب الأبدى . وقد يخاف البعض الموت لانهم يظنون انه يقضى على أحلامهم وينهى حياتهم ويفرقهم عن أحبابهم . لكن الإنسان المستعد يشتاق للأنطلاق للسماء ليس كراهية فى الحياة أو يائسا من ظروفها الصعبة لكن ليكون مع الله وملائكته وقديسيه حيث لا حزن ولا آلم ولا دموع بل فرح وسلام ومحبة فى حضرة الله وقديسيه { لي اشتهاء ان انطلق و اكون مع المسيح ذاك افضل جدا }(في 1 : 23). وعلى أقل تقدير فان المؤمن يُسلم حياته لله قائلا {لاننا ان عشنا فللرب نعيش وان متنا فللرب نموت فان عشنا وان متنا فللرب نحن} (رو 14 : 8). هكذا نحيا دائما فى سلام وافراح الأبدية قد يكون للموت مهابته ورهبته لمن ينهمك فى شهوات العالم . ويتصور انه سيفقد هذه السعادة غير ناظرا الى أمجاد السماء ، ولانه لم يرجع الينا اناس من السماء ليحدثونا عن جمالها وسعادتها التى تغنينا عن كل افراح هذا الزمان . رغم ان هناك قليلين جدا عبر التاريخ ممن ماتوا وعادوا للحياة ، خبرنا البعض عن انطلاق ارواحهم بسرعة البرق منجذبة الى خالقها عابرة الظلام المحيط بنا لتدخل الى عالم النور فى تسبيح وفرح لا ينطق به ومجيد ، حيث تتحرر الروح من ضبابية الجسد وتتسع مداركها ومعرفتها وتشتهي ان لا تعود ولا تستطيع ان تعبر عن ما شاهدته فى السماء ، هذا أختبره البعض قديما وحديثا ، وعندما صعد القديس بولس الرسول للسماء ورجع قال { اعرف انسانا في المسيح قبل اربع عشرة سنة افي الجسد لست اعلم ام خارج الجسد لست اعلم الله يعلم اختطف هذا الى السماء الثالثة. واعرف هذا الانسان افي الجسد ام خارج الجسد لست اعلم الله يعلم.انه اختطف الى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان ان يتكلم بها} 2كو2:12-4. وماهى هذه الاشياء { ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه }(1كو 2 : 9).ان كان الموت شئ مرعب للاشرار والخطاة وغير المؤمنين خوفا من الجحيم وعذابه وعقابه ، فلا يجب ان ينخدعوا بمباهج الدنيا الغاشة الزائلة ، بل يسرعوا للتوبة والإيمان وعمل الخير ، ليتحول الموت الى أحتفال مفرح للابرار المنتقلين ولاهل السماء . لقد لبست أم القديس أغريغوريوس النزينزى ثياب العيد عندما حضرت جنازة ابنها قيصروس الطبيب . وكان الكثير من الشهداء يتقدمون الى الأستشهاد فرحين متهللين وذاهبين بثياب العرس للقاء العريس السماوى . وعندما حُكم على الانبا بساده الاسقف بالاستشهاد ارتدى ثياب الخدمة البيضاء وعندما سأله شماسه لماذا يلبسها؟ قال له (يا ابنى انا ذاهب الى حفل عرسى .. وقد عشت السنين الطويلة مشتاقاً الى هذا اللقاء)، ولبست تاسونى إنجيل ثياب بيضاء وهى تزف ابونا القديس بيشوى كامل زوجها للسماء . لم يرهب القديسين الموت عالمين انه انتقال للأفضل حيث لا شيطان يحارب ولا خطية تفقدنا سلامنا ولا مرض يقلق ويتعب . فلنختبر قوة الحياة المقامة مع المسيح ليكون لنا ثقة فى الله ورجاء فى الأبدية . فلو وعدنا انسان عظيم بشئ أفلا نثق بوعده؟ هوذا السيد يعدنا قائلا { انا هو القيامة والحياة من امن بي ولو مات فسيحيا }(يو 11 : 25).{ لا تضطرب قلوبكم انتم تؤمنون بالله فامنوا بي. في بيت ابي منازل كثيرة والا فاني كنت قد قلت لكم انا امضي لاعد لكم مكانا. وان مضيت واعددت لكم مكانا اتي ايضا واخذكم الي حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا} يو 1:14-3. فلا نخشى الموت مادمنا مستعدين للقاء الله بالتوبة ويقين الإيمان والرجاء ، يجب ان نحترس من هلاك النفس ببعدها عن الله ووقوعها فى فخاخ ابليس ليهلك الجسد والنفس والروح. لقد تهلل سمعان الشيخ عندما راى خلاص الله وطلب انطلاق روحه للسماء { الان تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لان عيني قد ابصرتا خلاصك.الذي اعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور اعلان للامم ومجدا لشعبك ا} لو29:2-32.الشئ المحزن فى الموت هو صعوبة الفراق على الاهل والاحباء ، وهذه المشاعر الإنسانية يقدرها الله ايضا ويدعونا للحزن مع الحزانى ، وعندما ذهب السيد المسيح الى قبر لعاز بكى تأثراً حتى ان اليهود قالوا { فقال اليهود انظروا كيف كان يحبه }(يو 11 : 36). ولكن لم يقف السيد عاجزاً امام الموت بل قال للعازر لعاز هلم خارجاً فقام الميت وخرج من قبره حياً ليقول لنا لا تحزنوا كالباقين الذين ليس لهم رجاء سيقوم أحبائنا فى اليوم الأخير وسنلتقى بهم ونفرح معا بالنصرة والدخول الى سماء المجد { ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم.لانه ان كنا نؤمن ان يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله ايضا معه} 1تس 13:4-14. اذ نستودع حياتنا فى اليد الإلهية الامينة نطوب الذين يصلون الى نهاية الرحلة بسلام { وسمعت صوتا من السماء قائلا لي اكتب طوبى للاموات الذين يموتون في الرب منذ الان نعم يقول الروح لكي يستريحوا من اتعابهم واعمالهم تتبعهم }(رؤ 14 : 13). واذ نثق فى انهم سعداء فى السماء ويصلون عنا لدى الله نستريح عالمين ايضا انهم سحابة شهود محيطة بنا { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا }(عب 12 : 1). السيد المسيح والسماء .... السيد المسيح يؤكد على حقيقة السماء ... لقد أكد السيد المسيح له المجد على حقيقة وطبيعته الحياة بعد الموت للصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة { فاجاب وقال لهم يسوع ابناء هذا الدهر يزوجون ويزوجون. ولكن الذين حسبوا اهلا للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الاموات لا يزوجون ولا يزوجون. اذ لا يستطيعون ان يموتوا ايضا لانهم مثل الملائكة وهم ابناء الله اذ هم ابناء القيامة. واما ان الموتى يقومون فقد دل عليه موسى ايضا في امر العليقة كما يقول الرب اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب.وليس هو اله اموات بل اله احياء لان الجميع عنده احياء} لو 34:20-38. كما أكد الرب لنا على الحساب والمكأفاة أو العقاب بالنعيم للابرار والشقاء للاشرار بعد الانتقال لارواح المنتقلين ثم بعد الدينونة العامة للارواح متحدة بجسد القيامة { كان انسان غني وكان يلبس الارجوان والبز وهو يتنعم كل يوم مترفها. وكان مسكين اسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح. ويشتهي ان يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني بل كانت الكلاب تاتي وتلحس قروحه. فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم ومات الغني ايضا ودفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب وراى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه. فنادى وقال يا ابي ابراهيم ارحمني و ارسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ويبرد لساني لاني معذب في هذا اللهيب. فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والان هو يتعزى وانت تتعذب. وفوق هذا كله بيننا و بينكم هوة عظيمة قد اثبتت حتى ان الذين يريدون العبور من ههنا اليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون الينا} لو 19:14-26 . الفردوس وملكوت السماوات .. ان جميع المنتقلين الابرار والاشرار تنتقل ارواحهم الى مكان الأنتظار للدينونة العامة . ينتقل الابرار الى الفردوس كما ذكر السيد المسيح له المجد فى حديثه مع اللص اليمين الذى قال له {اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك.فقال له يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس} لو 42:22-43. وبهذا فقد ذكر المخلص الصالح مكان انتظار الارواح البارة التى تنتقل على رجاء وتتنعم بالوجود فى الفردوس مع القديسين والملائكة وفى حضرة الله حتى المجئ الثانى للسيد المسيح ليدين الاموات والاحياء { ولما فتح الختم الخامس رايت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض.فاعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم ان يستريحوا زمانا يسيرا ايضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم واخوتهم ايضا العتيدون ان يقتلوا مثلهم} رؤ 9:6-11. ليقوموا فى المجئ الثانى ويرثوا ملكوت السموات ، فالله الذى خلق الإنسان من العدم قادر ان يقيمه بقدرته لتشترك الأجساد مع الروح فى الحياة الابدية وفى المكأفاة كما أشتركت فى التعب والجهاد اما الاشرار فتذهب ارواحهم الى الجحيم او الهاوية لتنظر يوم القيامة والدينونة العامة { يعلم الرب ان ينقذ الاتقياء من التجربة ويحفظ الاثمة الى يوم الدين معاقبين. ولا سيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة ويستهينون بالسيادة جسورون معجبون بانفسهم لا يرتعبون ان يفتروا على ذوي الامجاد} 2بط 9:2-10. ثم تقوم اجساد هؤلاء وتتحد بارواحهم وتذهب الى جهنم { ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته } (مت 25 : 41). وهذا ما أكده الرب بقوله .{ لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته . فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة.} يو28:5-29 اما الباقين احياء الى المجئ الثانى للمسيح فسيتغيرون ويلبسون أجساد روحية نورانية على مثال جسد المسيح المقام ليكونوا معه فى ملكوتة { ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لانه ان كنا نؤمن ان يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله ايضا معه. فاننا نقول لكم هذا بكلمة الرب اننا نحن الاحياء الباقين الى مجيء الرب لا نسبق الراقدين.لان الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والاموات في المسيح سيقومون اولا. ثم نحن الاحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام} 1تس 14:4-18 الحساب والدينونه.. قدم لنا السيد المسيح كيف يكون يوم الدينونة فى مشهد مستوحى من البيئة البدوية والزراعية التى انتشرت فى أيام خدمته { ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده.و يجتمع امامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم.لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني.عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك.ومتى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك. ومتى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك.فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم. ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته. لاني جعت فلم تطعموني عطشت فلم تسقوني. كنت غريبا فلم تاووني عريانا فلم تكسوني مريضا ومحبوسا فلم تزوروني. حينئذ يجيبونه هم ايضا قائلين يا رب متى رايناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا ولم نخدمك. فيجيبهم قائلا الحق اقول لكم بما انكم لم تفعلوه باحد هؤلاء الاصاغر فبي لم تفعلوا. فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي والابرار الى حياة ابدية } مت 34:25-46اننا سنحاسب بمقتضى إيماننا واعمالنا بكلام الإنجيل {من رذلني و لم يقبل كلامي فله من يدينه الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الاخير} (يو 12 : 48) {في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب انجيلي بيسوع } (رو 2 : 16) ولنا رجاء فى الله الكلمة المتجسد ان يرحمنا كراعى صالح يضمنا الى ملكوته السماوى {من هو الذي يدين المسيح هو الذي مات بل بالحري قام ايضا الذي هو ايضا عن يمين الله الذي ايضا يشفع فينا} (رو 8 : 34). لانه لابد ان نقف أمام الديان العادل {ورايت الاموات صغارا وكبارا واقفين امام الله وانفتحت اسفار وانفتح سفر اخر هو سفر الحياة ودين الاموات مما هو مكتوب في الاسفار بحسب اعمالهم ، وسلم البحر الاموات الذي فيه وسلم الموت والهاوية الاموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب اعماله }(رؤ 20 : 12- 13). قيامة السيد المسيح وقيامتنا نحن ..ان قيامة السيد المسيح بعد الصلب والموت وظهوره بجسده الروحانى الممجد للتلاميذ والمؤمنين به والتى سجل لنا الإنجيل الكثير هذه القيامة جاءت لتؤكد انتصار المسيح لنا على الموت والشيطان والخطية وكاستباق لأكتمال التاريخ ودخولنا الى الحياة الأبدية معه { اقامنا معه واجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع} أف 6:2 . قيامة الرب يسوع المسيح باكورة للراقدين ورجاء وعزاء وفرح الأحياء المؤمنين { ولكن ان كان المسيح يكرز به انه قام من الاموات فكيف يقول قوم بينكم ان ليس قيامة اموات. فان لم تكن قيامة اموات فلا يكون المسيح قد قام. وان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل ايضا ايمانكم. ونوجد نحن ايضا شهود زور لله لاننا شهدنا من جهة الله انه اقام المسيح وهو لم يقمه ان كان الموتى لا يقومون.لانه ان كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام. وان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم انتم بعد في خطاياكم. اذا الذين رقدوا في المسيح ايضا هلكوا.ان كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فاننا اشقى جميع الناس.ولكن الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين.فانه اذ الموت بانسان بانسان ايضا قيامة الاموات.لانه كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع} 1كو12:15-22. لقد وهبت لنا قيامة الرب يسوع المسيح صفحة جديدة فى سفر الأبدية لنعيش الغلبة على الشيطان والخطية والموت وجعلتنا نسير بقوة الروح القدس نحو المستقبل الابدى بخطى واثقة نحو السماء والمجد والخلود لكن كيف يقوم الأموات وباي جسد يقومون ؟... لقد اكد الكتاب المقدس اننا سنقوم باجساد روحية نورانية ممجدة على شبه جسد السيد المسيح القائم منتصرا وهذا ما شرحه القديس بولس الرسول فى رسالته الى اهل كورنثوس { لكن يقول قائل كيف يقام الاموات وباي جسم ياتون. يا غبي الذي تزرعه لا يحيا ان لم يمت. والذي تزرعه لست تزرع الجسم الذي سوف يصير بل حبة مجردة ربما من حنطة او احد البواقي.ولكن الله يعطيها جسما كما اراد ولكل واحد من البزور جسمه. ليس كل جسد جسدا واحدا بل للناس جسد واحد وللبهائم جسد اخر وللسمك اخر وللطير اخر. واجسام سماوية واجسام ارضية لكن مجد السماويات شيء و مجد الارضيات اخر.مجد الشمس شيء ومجد القمر اخر ومجد النجوم اخر لان نجما يمتاز عن نجم في المجد.هكذا ايضا قيامة الاموات يزرع في فساد ويقام في عدم فساد.يزرع في هوان ويقام في مجد يزرع في ضعف ويقام في قوة. يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني. هكذا مكتوب ايضا صار ادم الانسان الاول نفسا حية وادم الاخير روحا محييا. لكن ليس الروحاني اولا بل الحيواني وبعد ذلك الروحاني. الانسان الاول من الارض ترابي الانسان الثاني الرب من السماء. كما هو الترابي هكذا الترابيون ايضا وكما هو السماوي هكذا السماويون ايضا. وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس ايضا صورة السماوي. فاقول هذا ايها الاخوة ان لحما ودما لا يقدران ان يرثا ملكوت الله ولا يرث الفساد عدم الفساد.هوذا سر اقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير.في لحظة في طرفة عين عند البوق الاخير فانه سيبوق فيقام الاموات عديمي فساد ونحن نتغير. لان هذا الفاسد لا بد ان يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت الى غلبة.اين شوكتك يا موت اين غلبتك يا هاوية. اما شوكة الموت فهي الخطية وقوة الخطية هي الناموس. ولكن شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح. اذا يا اخوتي الاحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب} 1كو 35:15-58. هذا الإيمان الذى تسلمته وعاشته الكنيسة منذ عصرها الرسولى مؤمنة اننا مدعوين للإيمان والثقة فى محبة الله ولحياة الفضيلة والبر فى ايام غربتنا على الارض ليقدم لنا بسعة الدخول الى ملكوت الله والسعادة التى لا يمكن ان يعبر عنها للابرار حيث حياة الفرح والسلام والمحبة والتسبيح الدائم { فان سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها ايضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح }(في 3 : 20). القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
30 نوفمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح - 30 المسيحى وحياة الألتزام

مفهوم الالتزام المسيحى وأهميته .... الالتزام هو تجاوب مع محبة الله الباذلة ... ان العلاقة بيننا وبين الله تقوم على المحبة الباذلة المسئولة من الله نحو الانسان، لقد خلقنا الله وافتقدنا بالانبياء واخيرا اتى الينا متجسداً ليقدم لنا الفداء والخلاص ويهبنا نعمة البنوة له بالإيمان فالالتزام المسيحى ليس فروض او واجبات بل هو ان نبادله المحبة { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا} (1يو 4 : 19).الالتزام هنا يعنى ان الإنسان الروحى لكى ينال خلاصه الابدى ويحيا البنوة لله عليه ان يحيا حياة التلمذة لله وطاعة وصاياه فى حياة الجهاد للوصول الى حياة الفضيلة والبر ثابتين فى الله ومنقادين بروحه القدوس . الالتزام اذاً هو واجب علينا على ضوء كلمة الله فى الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة وفكر الاباء القديسين وهذا ما عاشته الكنيسة منذ العصر الرسولى فى تلمذة مستمرة وتقوى الله { هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم ام يسوع ومع اخوته} (اع 1 : 14) {وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب} (اع 2 : 46). انه الالتزام ينبع من الحرص على المحبة المتبادلة والوفاء لله وطاعة وصاياه فى فرح وسرور { ان افعل مشيئتك يا الهي سررت وشريعتك في وسط احشائي }(مز 40 : 8) الالتزام قيمة ومبدأ روحى ..... ان الالتزام هو التحلى بروح المسئولية كقيمة ومبدأ روحى وهو لا يعنى فقط أحترام المواعيد او الوفاء بالعهود والوعود بل أيضا يعنى ايضا الالتزام الإيمانى السليم والالتزام بالروحيات والاخلاقيات وبالسلوك الحسن أمام النفس والله قبل ان يكون مع الناس .هو فضيلة ضبط النفس وتعفف داخلى وتظهر ثماره فى علاقات الانسان الخارجية { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا. هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات} مت 16:7-21. الالتزام الروحى هو مرحلة أعلى بكثير من الالزام القانونى او مرعاة قيم وعادات المجتمع والتى يخضع لها الانسان بحكم القانون وتقع عليه العقوبات أو الاحكام او الرفض الإجتماعى ان لم ينفذها فهو هنا الزام اضطرارى اما الالتزام فينبع من ضمير وروحيات الانسان واخلاقه { لان فخرنا هو هذا شهادة ضميرنا اننا في بساطة واخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم} (2كو 1 : 12). الالتزام والنضج الروحى ... الالتزام هو نضج روحى واحساس بالمسئولية وجهاد روحى مما يجعل الانسان ذو مصداقية راض عن نفسه ومحل احترام الغير وهو وصول الى الرجولة الروحية واحترام الانسان لوصايا الله وللوعود والعهود مع الله والغير. انه ادراك واعى لجدية الحياة الروحية { الرخاوة لا تمسك صيدا اما ثروة الانسان الكريمة فهي الاجتهاد} (ام 12 : 27). ان ادراكنا ان لنا اعداء يتربصون بنا يجعلنا نعمل بحرص ونشاط ونحن مستعدين لكل عمل صالح { اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم. واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 8:5-10. ان النفس التى تستسلم لحياة الكسل والرخاوة تكون العوبة فى يد الشيطان وأفكاره أما الانسان الملتزم والعامل بنشاط فانه ينمو يوماً فيوم { ايها الاخوة انا لست احسب نفسي اني قد ادركت و لكني افعل شيئا واحدا اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ما هو قدام }(في 3 : 13). ان الالتزام هو قبول بفرح لحمل الصليب واتباع السيد المسيح فى امانة حتى الى الجلجثة لكى نستطيع ان نعاين أمجاد القيامة المجيدة { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم و يتبعني } (لو 9 : 23). وكما قال القديس بولس الرسول { لاعرفه وقوة قيامته وشركة الامه متشبها بموته }(في 3 : 10). الالتزام وحياة الإيمان القويم ... ان الالتزام ينبع من ضرورة ان نحيا حياة الايمان { ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي ياتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه} (عب 11 : 6). فى الايمان عاش ابائنا القديسين ونحن مدعويين الى حياة الجهاد فى الايمان القويم المسلم للقديسين { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا. ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم} عب 1:12-3. نحن نحافظ على الايمان ونحياه { مبنيين على اساس الرسل والانبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية} (اف 2 : 20). وعلى مدى تاريخ الكنيسة الطويل تصدى أبطال الإيمان للدفاع عن سلامة الإيمان وصحة العقيدة وكانوا ملتزمين بدحض كل الهرطقات والأفتراءات مهما كلفهم هذا من ألم واضطهاد بل وسفك دم أو استشهاد ، إننا نضع أمام عيوننا باستمرار هؤلاء البطاركة الملتزمين الجبابرة مثل القديسين أثناسيوس الرسول وكيرلس عمود الدين وباسيليوس الكبير ويوحنا ذهبي الفم وغيرهم وليس هؤلاء فقط ابطال الايمان بل ان الذين يعيشوا الايمان ويحيوه فى كل جيل محافظين على الامانة والعقيدة هم ابطال ايمان وتقوى والتزام فان الشهيد يموت مرة واحدة أما من يتمسك بايمانه وسط عالم الاثم والخطية ويحيا حياة البر والتقوى هو شهيد يمات طوال النهار كما قال القديس بولس الرسول { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف. كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} رو 35:8-39. الالتزام اذا هو حرص وسهر على خلاص النفس وحفاظ على الايمان القويم وانتماء للكنيسة وايمانها وشركة مع الجماعة المؤمنة بالروح الواحد مع الشهادة الحسنة للمسيح الذى دعانا ان نكون نورا فى العالم وملحا فى الارض. الالتزام اذن هو ان نعيش الحياة الفاضلة بما فيها من محبة وصلاة من اجل خلاص العالم وسلامه ومن أجل كل نفس خاطئة او بعيدة عن المسيح لتذوق ما أطيب الرب . السيد المسيح قدوة ومثال فى الالتزام السيد المسيح والالتزام بالهدف الروحى ... لقد جاء السيد المسيح الى العالم من اجل خلاصه وهكذا دعى اسمه منذ ان بشر به الملاك "يسوع" تعنى " مخلص" { فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم }(مت 1 : 21) وهكذا سار السيد المسيح يجول يصنع خيراً ويعلم ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب . داعيا الخطاة الى التوبة والرجوع الى الله دون ان يحيد عن طريق الصليب والفداء لقد أخبر تلاميذه قبل الصلب والفداء بما سيحدث له وانه جاء ليبذل نفسه على الصليب بارادته وسلطانه أكثر من مرة { وفيما كان يسوع صاعدا الى اورشليم اخذ الاثني عشر تلميذا على انفراد في الطريق وقال لهم.ها نحن صاعدون الى اورشليم وابن الانسان يسلم الى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلمونه الى الامم لكي يهزاوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم} مت 17:20-19. وقال للآب القدوس { انا مجدتك على الارض العمل الذي اعطيتني لاعمل قد اكملته (يو 17 : 4) وعلى الصليب قال { قال قد اكمل ونكس راسه واسلم الروح }(يو 19 : 30). ان السيد المسيح التزم بهدفه الروحى رغم خطورته وصعوبته { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله} (عب 12 : 2). اننا عبر التاريخ كله نجد انه ما من صاحب رسالة استطاع كما السيد المسيح فى مدة تذيد قليلاً عن ثلاث سنوات ان يغير وجه العالم لا بجيوش جرارة ولا باسلحة جبارة ولا بعدوان او طغيان كما يفعل الغزاة الفاتحين بل بالمحبة والتواضع والوفاء وانكار الذات والبذل والفداء . فافكاره وتصوراته ووسائله وغاياته النبيلة والتزامه بالمحبة والبذل جعلته يمتلك القلوب وتسجد وتنحى له الرؤوس . السيد المسيح والالتزام برسالته السامية ...لقد جاء السيد المسيح كلمة الله المتجسد من اجل رسالة سامية عمل وعلم بها منذ بدء خدمته ويلتزم بها الى المنتهى { جاء يسوع الى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل} مر 14:1-15. كان يعلم انه مسيح النبؤات الذى تنبأ عنه الانبياء والذي ينتظره اليهود مبشرا للمساكين ولتحرير الماسورين وليهب البصر والبصيره للبشر، انه جاء فاتحا باب الرجاء للخطاه من كل جنس ولون وفى بدء خدمته دخل المجمع كعادته كل سبت فى التزام روحى وفتح سفر اشعياء ليقرأ { فدفع اليه سفر اشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه. روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه} لو 17:4-22. لقد وبخ السيد المسيح الذين لم يؤمنوا به لانهم رغم النبؤات التى عينت زمن مجيئه وعلاماته ورغم تعاليمه ومعجزاته وحياته لم يؤمنوا { فاحتاط به اليهود وقالوا له الى متى تعلق انفسنا ان كنت انت المسيح فقل لنا جهرا. اجابهم يسوع اني قلت لكم ولستم تؤمنون الاعمال التي انا اعملها باسم ابي هي تشهد لي. ولكنكم لستم تؤمنون لانكم لستم من خرافي كما قلت لكم. خرافي تسمع صوتي وانا اعرفها فتتبعني. وانا اعطيها حياة ابدية ولن تهلك الى الابد ولا يخطفها احد من يدي} يو 24:10-28. ولهذا نراه يمتدح اعتراف القديس بطرس الرسول بانه المسيح ابن الله الحى { ولما جاء يسوع الى نواحي قيصرية فيلبس سال تلاميذه قائلا من يقول الناس اني انا ابن الانسان. فقالوا قوم يوحنا المعمدان واخرون ايليا واخرون ارميا او واحد من الانبياء. فقال لهم وانتم من تقولون اني انا. فاجاب سمعان بطرس وقال انت هو المسيح ابن الله الحي. فاجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا ان لحما ودما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السماوات. وانا اقول لك ايضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها} مت 13:16-18. وحتى بعد القيامة أخذ يظهر للتلاميذ والرسل ليخبرهم باسرار ملكوت السموات ويؤهلهم بالامكانيات اللازمة للقيام بالكرازة { وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن. وهذه الايات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بالسنة جديدة. يحملون حيات وان شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون ايديهم على المرضى فيبراون . ثم ان الرب بعدما كلمهم ارتفع الى السماء و جلس عن يمين الله. واما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم و يثبت الكلام بالايات التابعة امين} مر 15:16-20. السيد المسيح ومواصلة عمله الخلاصى .. لقد اختار السيد المسيح عددا قليلا من التلاميذ والرسل الذين أمنوا به ليكونوا هم طليعة المؤمنين الذين بهم ينشر رسالته الساميه فيكونوا الخميرة الصغيرة التى تخمر العجين كله وتنقل بشرى الخلاص الى العالم وبعد ان عاينوه وتتلمذوا عليه تاركين كل شئ دون تردد ولازموه حتى نهاية حياته على الارض ظهر لهم بعد القيامة وعدهم بان يكون معهم ومع من يؤمنون بواسطتهم الى انقضاء الدهر { فتقدم يسوع وكلمهم قائلا دفع الي كل سلطان في السماء وعلى الارض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 18:28-20. لقد اختار السيد المسيح التلاميذ والرسل من عامة الناس وليس من ذوى الجاه او السلطان او من المتضلعين فى الشريعة او العلوم ليكون فضل القوة لله لا منهم ولكى ياتوا بثمار كثيره للملكوت ويدوم ثمرهم { ليس انتم اخترتموني بل انا اخترتكم واقمتكم لتذهبوا وتاتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الاب كل ما طلبتم باسمي} يو 16:15. ولقد التزم التلاميذ والرسل القديسين بتوصيل بشرى الخلاص الى كل العالم وقد انهى معظمهم حياته بالاستشهاد من أجل القيام برسالته ولكن كانت دمائهم هى البذار الصالحة التى نمت منها شجرة الايمان وامتدت مستندة على صخرة الايمان وستحمل الكنيسة هذه الرسالة الخلاصية عبر الزمان حسب وعده الصادق ان ابواب الجحيم لن تقوى عليها. ونحن نثق انه وان كان لنا فى العالم ضيق فاننا به منتصرين { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). فنحن نحيا الايمان ونحتمى فيه ونكرز به { اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق و يتمنع } ( أم 18 : 10 ) فنحن ملتزمون بايماننا بمسيحنا القدوس والسعي لنشر ملكوته سواء بالقدوة او الاعمال الحسنة او الاستعداد لمجاوبة كل من يسالنا عن سبب الرجاء الذى فينا { إذ الضرورة موضوعة علىّ فويل لي إن كنت لا أبشر} (1كو 9: 16 ) المؤمن الأصيل ملتزم بالحديث عن الرب واستعلان مجده على الأرض من خلال حياته الاختبارية وإنجيله المعاش ، فالمومن لاسيما الخادم الامين ملتزم في عبادته وجهاده بخلاص نفسه ونفوس مخدوميه ،يصلي من اجلهم ويعلمهم ويقتادهم للملكوت وفي هذا كله ينال نصيبه في المكافاة فى الملكوت السماوى. الالتزام فى حياة المؤمن الإلتزام كمبدأ عام ... ان حياة الالتزام المسيحى كمبدأ عام فى حياة المؤمن ليس فى المجال الروحى فقط بل وفى الحياة الاجتماعية والكنسية والسياسية والاقتصادية وفى التعاملات العامة والخاصة وفى العلاقات مع الله والناس والنفس فالالتزام كل لا يتجزء وينطبق على المؤمن قول السيد المسيح له المجد {أنتم ملح الارض ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا ويداس من الناس. انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات} 13:5-16. فإذا إنعزل النور عن البيت لا يفيد الساكنين فيه ، وإذا أُنتُزِعَ الملح من الطعام فلا فائدة منه، وإذا أُخرجت الخميرة عن العجين تَحجَّرَتْ وفسدت. لذا علينا أنْ نشارك بايجابية وفعالية ومحبة فى خدمة مجتمعنا والصلاة من أجله . الالتزام بآداب التعامل والسلوك المسيحى .... الالتزام منهج داخلي وتعهد قلبي وحياة داخلية تثمر وتظهر فى العلاقات مع الله والناس ، فيلتزم الانسان بكل كلمة يقولها وبوعوده التى يقطعها وتعهداته مع الله والناس . لقد قال بنى اسرائيل لموسى النبى{ تقدم انت واسمع كل ما يقول لك الرب الهنا وكلمنا بكل ما يكلمك به الرب الهنا فنسمع ونعمل. فسمع الرب صوت كلامكم حين كلمتموني وقال لي الرب سمعت صوت كلام هؤلاء الشعب الذي كلموك به قد احسنوا في كل ما تكلموا. يا ليت قلبهم كان هكذا فيهم حتى يتقوني ويحفظوا جميع وصاياي كل الايام لكي يكون لهم ولاولادهم خير الى الابد} تث 27:5-29. فهل سمعو وعملوا والتزموا ام خانوا العهد والوعد { ولما راى الشعب ان موسى ابطا في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون وقالوا له قم اصنع لنا الهة تسير امامنا لان هذا موسى الرجل الذي اصعدنا من ارض مصر لا نعلم ماذا اصابه. فقال لهم هرون انزعوا اقراط الذهب التي في اذان نسائكم وبنيكم وبناتكم واتوني بها. فنزع كل الشعب اقراط الذهب التي في اذانهم اتوا بها الى هرون. فاخذ ذلك من ايديهم وصوره بالازميل وصنعه عجلا مسبوكا فقالوا هذه الهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر} خر1:32-4. وليس هؤلاء فقط بل هناك الكثيرين من الذين يسيرون وراء الشهوات والمال والعالم ويتركون الله كما يحزرنا الكتاب المقدس {ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستاتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين. بلا حنو بلا رضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح. خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها فاعرض عن هؤلاء. فانه من هؤلاء هم الذين يدخلون البيوت ويسبون نسيات محملات خطايا منساقات بشهوات مختلفة. يتعلمن في كل حين ولا يستطعن ان يقبلن الى معرفة الحق ابدا. وكما قاوم ينيس و يمبريس موسى كذلك هؤلاء ايضا يقاومون الحق اناس فاسدة اذهانهم ومن جهة الايمان مرفوضون} 2تيم 1:3-8. المؤمن الملتزم يحترم حقوق الاخرين ويلتزم حتى بدفع النذور والعشور واذيد منها ان أقتضى الامر فهو يعطى حتى من اعوازه ، ويقدر قيمة النفس البشرية كصورة الله من اى جنس ولون ودين وهو ملتزم بالمشاركة في أفراح الآخرين وآلامهم { فرحاً مع الفرحين و بكاء مع الباكين } رو 12 : 15. كما يلتزم بمساعدة المحتاجين ليس ماديا فقط بل ومعنويا وروحيا فى سعى لاعلان محبة الله لهم ولخلاصهم { مشتركين في احتياجات القديسين عاكفين على إضافة الغرباء } ( رو12: 13 ) لقد التزم داود بعمل الخير والمعروف مع كل من بقى من بيت شاول الملك من أجل يوناثان ابن شاول ، فيا ليتنا نلتزم بفعل الخير لكل أحد كطبيعة خيرة فينا كاولاد وبنات الله القديسين . نحترم المواعيد ونقدر مشاعر الاخرين ونتفهمهم ونتأنى فى الحكم عليهم . علينا اذاً ان نكون ملتزمين فى حياتنا ونطلب معونة وارشاد الروح القدس لنا فى حياتنا وننفض عنا الكسل والتراخى والتساهل مع النفس وان استلزم الامر عدم مخالطة المتسيبين والاشرار ما لم نكون أقوياء وثابتين فى الحق نؤثر ولا نتاثر بمن حولنا. المسيحي والإلتزام بالعمل العام ... الانسان المؤمن يلتزم بالانخراط والمشاركة فى العمل العام سواء فى الحياة الاجتماعية أو السياسية او الاقتصادية وكل مجالات الخدمة العامة فى مجتمعه وبيئته ، فهو انسان له رسالة كسفير للسماء وامينا على الوزنات التى يؤتمن عليها. عليه ان يتجنب الذوبان فى المجتمع وفقدان شخصيته الإيمانيه فى المجتمع كما يتجنب الانعزال وفقدان الهوية الحلُّ الصحيح هو في الحضور الفعّال كمواطنين مسيحيين. من هنا يجب علينا أن نفهم جيداً معنى ما قاله المسيح {أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله}. فالمعنى الصحيح لهذا القول هو أن لا يتمَّ إستغلال الله لمآرب سياسية أو المتجارة بالدين ، ولا إستغلال السياسة لفرض الامور الإيمانية التى تاتى بالاقتناع القلبي . القصد من القول هو التمييز بين الإثنين. خاصة وهناك مجالات عمل مشتركة بين ما لله وما لقيصر فكرامة الانسان، الحريَّة ، العدل، السلام والمساواة ومعالجة الفقر والجهل والمرض كلها أمور من صميم الأيمان كما انها من صميم العمل الانسانى والاجتماعى والسياسى . من هنا كان الالتزام بالشأن السياسي كمواطنين مسيحيين أمر حيوي من الناحية الإيمانية أيضاً. الايمان لا يخص قومية او جنس او كنيسة بل هو محبة لله لكل انسان . مع انتماء المؤمن الى للوطن الذى يعيش فيه وخدمته والوفاء له. كما ان الايمان لا يعنى اقلية تعيش بين أكثرية وعلى هذه الاقلية ان تتدبر أمورها فهويتنا لا يجب ان تنحصر فى أقلية وأكثرية بل تقوم على كرامة الانسان وحق المواطنة التى يجب ان يتمتع بها كل إنسان . ايماننا المسيحى ليس سلعة مستوردة من الغرب ولا يحمل تبعات الغرب فى علاقته بالعالم الاسلامى فنحن مواطنين من أصل ونسيج الوطن عبر مئات والاف السنين ولنا ما لاى مواطن مصرى من حقوق وعلينا ما عليه من واجبات ولن يستطيع أحد ان يذايد على محبتنا لبلادنا أو ولائنا لترابها وماضيها ودفاعنا عن حاضرها وعملنا من أجل مستقبلها الحر الكريم إنَّ الهدف من العمل العام او السياسى هو خدمة الصالح العام وذلك ليضمن الكرامة الكاملة للإنسان كفردٍ وكجماعة. وفي هذا القول حدٌّ واضحٌ لأيِّ شكلٍ من أشكال الإستبداد الجماعي بحجَّة الأمن أوالزعم بحكم الاغلبية ، فيجب الحفاظ على حقوق الاقلية وصيانتها . كما أنَّه لا يجوز لأحدٍ أن يحتكر هذه الخدمة بحيث يمنع غيره من المشاركة الفعّالة في تسيير أمور الحياة العامة. ولا يجوز عدم مشاركة العادلة للأقليَّة فى العمل السياسي بحجَّة أنَّها أقليَّة مغايرة لدين الاغلبية تحت اى حجج او مبررات . إنَّ المشروع السياسي المسيحي المٌنْطَلِقْ من الإنجيل، يوضِّح لنا المبادى العامة التى يجب ان يبنى عليها النظام من أخاء ومساواه واحترام وعدالة وحقوق متساويه ورفع الظلم وسيادة القانون ويترك التفاصيل لكى تتناسب مع الزمان والمكان وبما يخدم الناس كما ان من يقوموا بالعمل العام لابد ان يدفعه مبدأ الخدمة وليس المصلحة أوالتسيط أو السيادة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم . فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا. كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت 25:20-28. فالعمل السياسي إذن هو من أعمال الخدمة العامة لكلُّ المؤمنين، لكن بدرجات متفاوتة. فقد يتفرَّغ البعض له، بينما يبقى البعض الآخر مشاركاً فيه بالإضافة الى خدمة أخرى يؤدّيها في المجتمع. والكنيسة كمؤسسة دينية توجِّه نداءها الى أبنائها والى كلِّ إنسان يريد أن يسمع صوتها. لكنَّها تأبى أن يستغلَّها أحد ليجعلها أحدَ أعوانه. الكنيسة عونٌ لكلِّ إنسان مهما كان هذا الإنسان. لكنَّها ككنيسة لا تدخل المعركة ضدّ أحدٍ وإن نَدَّدتْ بالإعتداءات أو نادت بالحقوق فمن المنطلق الروحى والانسانى فى الدفاع عن الحق ونصرة المظلومين . دور الكنيسة إذا هو دور نبوّي لتكون الضمير الحى لعصرها . أمّا المواطن، فإنَّه يدخل صفوف المعركة السياسية، لأنَّه مواطن مثل غيره، ومكانته تفرض عليه العمل من اجل مصلحة بلاده ، حيث يجب عليه أن يَتصرَّف بوحي من إيمانه. معنى ذلك أنَّه لا توجد محاذير مفروضة على المؤمن في التزامه السياسي. عليه هو أن يرى بإيمانه ما يناسب الإيمان أو لا يناسبه سوء في الحزب أو الخط السياسي الذي ينتمي اليه، وأن يَتصرَّف بحسب مبادئه الإيمانية . طبعاً هذا يفترض أن يكون الانسان المؤمن مُلِماً بأمور إيمانه. من جهة أخرى، إنَّنا نرفض وبشدَّة أمرين جوهريين في الكنيسة كمؤسَّسة: الأول أن تصمت وأن تبقى محايدة في حال وقوع الظلم وإنتهاك كرامة الإنسان وحريَّته، والثاني، أن تصبح بوقاً لتيارٍ أو حكمٍ سياسي ما. فالكنيسة الحقيقية، كنيسة المسيح الحقَّ يجب أن تكون صوت دعوة الى الحق والعدل والبر وصوت الإنسان المظلوم أوالذي أُنتُهكتْ حقوقه. ثمار الالتزام ونتائجه ... الالتزام والثبات فى الحق .. عندما نحيا فى التزام بمحبة الله والسير تبعا لوصاياه نثبت فيه ونأتى بثمرويدوم ثمرنا ونثبت فى محبة الله { انا الكرمة وانتم الاغصان الذي يثبت في وانا فيه هذا ياتي بثمر كثير لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا. ان كان احد لا يثبت في يطرح خارجا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق. ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد ابي ان تاتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي. كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي. ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم} يو 5:15-11.{ حبيب الرب يسكن لديه امنا يستره طول النهار وبين منكبيه يسكن }(تث 33 : 12). الالتزام يجعل الله الاول والاهم فى حياتنا ويجعلنا نعرف الحق ونثبت فيه {ِ ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي. وتعرفون الحق و الحق يحرركم. } (يو 31:8-32). ان للحق قوة غافرة ومحرره وقادره أن تنتصر على الشيطان والخوف والضعف . الالتزام وحياة السلام والفرح .... الانسان الملتزم يحيا فى سلام مع الله ومع من حوله ويواصل بامانة عمل السيد فى صنع السلام وينال الطوبى اى السعادة والبركة { طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون} (مت 5 : 9) الملتزم يحيا فى فرح بالرب وبعمله الطيب وثماره { ما اجمل اقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات }(رو 10 : 15).عندما أعلن القديس بولس تقبله للقيود والشدائد التي تنتظره من أجل خدمة إلهه عقب على ذلك بقوله { ولكنني لست احتسب لشئ ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعى والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله}( أع 20 : 24 ) - الالتزام والثقة والاحترام ... الملتزم هو انسان يحترم نفسه وكلمته ووعوده وكلامه وواجباته مما يجبر الاخرين على احترامه ويجعله موضع ثقتهم فالملتزمون قدوة منيرة على الطريق. فالملتزم بضميره الحى واليقظ هو قدوة طيبة وسبب بركة عظمى للكثيرين هكذا كان يوسف الصديق فى التزامه وامانته بركة فى كل مكان حل به . نتيجة لذلك استطاع ان يحتل مكانة مرموقة فى مصر {فقال فرعون لعبيده هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله. ثم قال فرعون ليوسف بعدما اعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك. انت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي الا ان الكرسي اكون فيه اعظم منك. ثم قال فرعون ليوسف انظر قد جعلتك على كل ارض مصر} تك 38:41-41. فالملتزمون روحياً هم الصالحون لمجالات القيادة والتدبير الروحي. الخادم الملتزم هو إنسان قيادي يستطيع أن يحقق مطالب الخدمة بغيرة ونشاط . والروح القدس يعمل في الكنيسة من خلال الامناء المخلصين هكذا عمل مع يوسف ففسر الاحلام وعمل مع الرسل وقادهم فى خدمتهم ، عمل فى الشماس اثناسيوس فدافع عن الإيمان وقاد الكنيسة لبر الامان فى ظروف قاسية وصعبة.إن الالتزام هو منهج حياة يتحول إلى عقيدة راسخة في عقلنا وضميرنا وحياتنا العملية فنحيا كانجيل معاش نٌسلم الايمان والامانة للأجيال المقبلة على أسـس الحياة السليمة المنضبطة {فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات} (مت 5 : 16). وتكون لنا السيرة الحسنة والامانة والالتزام بالواجب بدافع المحبة لله والقريب كما يوصينا الكتاب وبوازع من الروح والضمير { وان تكون سيرتكم بين الامم حسنة لكي يكونوا في ما يفترون عليكم كفاعلي شر يمجدون الله في يوم الافتقاد من اجل اعمالكم الحسنة التي يلاحظونها }(1بط 2 : 12). القمص إفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
23 نوفمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (29) المسيحى وحياة الأستقامة

مفهوم الاستقامة واهميتها ... الاستقامة تعنى الصدق والبر .. ما احوجنا فى حياتنا المعاصرة التى تتميز بتسارع وتصارع الاحداث الى اناس الله القديسين الذين يحيوا حياة الاستقامة التى تعنى الصدق والبر والحق سواء بالفكر أو القول او العمل وفى السر والعلن ومع النفس والقريب والبعيد وفى عبادتهم وعلاقتهم بالله .اننا وسط عالم يكثر فيه الكذب والنفاق والرياء والتلون نحتاج الى حياة الاستقامة حتى ما تستقيم حياتنا وتنصلح امورنا .ان اصعب ما نواجهه فى حياتنا هو عدم الاستقامة سواء فى الفكر او الضمير او المبادى عندما يلبس الرياء والنفاق والخداع ثوب المجامله والتقدير، ويلبس الباطل ثوب الحق والفضيلة باسم الدين ، وتلبس الخيانة والدهاء والانتقام ثوب الدفاع عن الحق . وتلبس الرشوة ثوب الهدية المقبولة . ان الله من اجل المستقيمين والابرار يصبر على مجتمعنا وعالمنا هكذا خاطب الله ارميا النبى قديما { طوفوا في شوارع اورشليم وانظروا واعرفوا وفتشوا في ساحاتها هل تجدون انسانا او يوجد عامل بالعدل طالب الحق فاصفح عنها. وان قالوا حي هو الرب فانهم يحلفون بالكذب. يا رب اليست عيناك على الحق ضربتهم فلم يتوجعوا افنيتهم وابوا قبول التاديب صلبوا وجوههم اكثر من الصخر ابوا الرجوع} ار 1:5-3. اننا نحتاج لوجود القدوة والسلوك المستقيم فهم سر لنجاح الانسان الروحى فى كل زمان ومكان وهذا لا يتوقف على مركز الانسان اوعمره أو مكان تواجده فيوسف الصديق البار كان كعبد شاب فى مصر واستطاع ان يحيا حياة الاستقامة ورفض الاغراء والوعود الزائفة ودانيال كان فى قصر الملك وعاش مستقيم ورفض ان يتنجس باطايب الملك ولا بخمر مشروبه ، وزكريا الكاهن واليصابات عاشا زمن طويل بدون انجاب محتفظين باستقامتهما {وكانا كلاهما بارين امام الله سالكين في جميع وصايا الرب واحكامه بلا لوم} لو6:1. الانسان المستقيم يقول الحق ولا يسلك فى الباطل ويكون صادقا فى أقوله وتعاملاته ، هكذا شهد ملك اخيش عن داود النبى فى وجوده بينهم وهو هارب من وجه شاول الملك {فدعا اخيش داود وقال له حي هو الرب انك انت مستقيم وخروجك ودخولك معي في الجيش صالح في عيني لاني لم اجد فيك شرا من يوم جئت الي الى اليوم }(1صم 29 : 6). ان الكذب والجهل والباطل والتزويير هم ضد الاستقامة حتى وان كان طريق الجاهل مستقيم فى عينيه { توجد طريق تظهر للانسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت} (ام 14 : 12). المتواضع متى اخطأ يعترف بخطئه ويتوب ويرجع اما المتكبر فيسلك فى الجهل والضلال ، هكذا كان عليم الساحر يقاوم الايمان المستقيم { فقاومهما عليم الساحر لان هكذا يترجم اسمه طالبا ان يفسد الوالي عن الايمان. واما شاول الذي هو بولس ايضا فامتلا من الروح القدس وشخص اليه. وقال ايها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن ابليس يا عدو كل بر الا تزال تفسد سبل الله المستقيمة. فالان هوذا يد الرب عليك فتكون اعمى لا تبصر الشمس الى حين ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده} أع 8:13-11. الاستقامة ايضا تعنى العدل والاعتدال وعدم التطرف .. ان الاستقامة تعنى العدل فتكفل لكل واحد حقه بغض النظر عن الجنس او الدين او العرق حتى وان لم يقرّه عرف أو شريعة وضعية.هكذا تعامل بنى حث مع ابراهيم ابو الاباء وهو غريب بينهم حتى قبل الشريعة المكتوبة بالاف السنين { وقام ابراهيم من امام ميته وكلم بني حث قائلا. انا غريب ونزيل عندكم اعطوني ملك قبر معكم لادفن ميتي من امامي. فاجاب بنو حث ابراهيم قائلين له. اسمعنا يا سيدي انت رئيس من الله بيننا في افضل قبورنا ادفن ميتك لا يمنع احد منا قبره عنك حتى لا تدفن ميتك} تك 3:23-6 . اما فى زمن المادية والإنانية فنجد الاخوة يتنازعوا الارث قبل مواراة جسد ابيهم فى الثرى ويقوم الابناء على الاباء والاباء على الابناء فى تكالب على المال والشهوات ويقوم الكبير على الصغير، والقوى على الضعيف ، فى ظلم وتطرف وتعصب . ان الاستقامة صفة من صفات الله { وهو يقضي للمسكونة بالعدل يدين الشعوب بالاستقامة} (مز 9 : 8). والله يريد لنا ان نسلك بالاستقامة فهو يهدينا الى طرقة {تفرح وتبتهج الامم لانك تدين الشعوب بالاستقامة وامم الارض تهديهم } (مز 67 : 4) وبهذا شهد للسيد المسيح حتى اعدائه {فسالوه قائلين يا معلم نعلم انك بالاستقامة تتكلم وتعلم ولا تقبل الوجوه بل بالحق تعلم طريق الله} (لو 20 : 21). ان الاستقامة تجرم الظلم وتقيم العدل { هكذا قال الرب احفظوا الحق واجروا العدل لانه قريب مجيء خلاصي واستعلان بري} (اش 56 : 1). { مبرئ المذنب ومذنب البريء كلاهما مكرهة الرب} (ام 17 : 15). الاستقامة تعنى الاعتدال وعدم التطرف سواء فى الكلام او السلوك فيحيا الانسان المستقيم دون تطرف أو قسوة او تدليل او تحييز لنفسه او غيره ولهذا راينا السيد المسيح يدين الكتبة والفريسيين فى زمانه الذين حملوا الناس احمالاً عثرة وهم لم يعملوا بها بل عاشوا فى رياء وخداع لانفسهم والناس { ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس العدل والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ايها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوان اختطافا ودعارة. ايها الفريسي الاعمى نق اولا داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة. هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما} 23:23-28. الاستقامة البشرية هى انعكاس وثمرة لبرّ الله الأسمى وللرقة العجيبة التي يقود الله بها المسكونة، ويغفر بها للإنسان ويرحمة طالبا منه ان يحيا باستقامة وان يقيم العدل والاعتدال والرحمة والحق . الاستقامة تعنى حفظ وصايا الله ... الانسان المستقيم يعمل على السير فى وصايا الله ومرضاته لان الله يسر بالمستقيمين ويخلصهم هكذا صلى داود النبى لله مع الشعب طالبا منهم حفظ وصايا الله { وقد علمت يا الهي انك انت تمتحن القلوب وتسر بالاستقامة انا باستقامة قلبي انتدبت بكل هذه والان شعبك الموجود هنا رايته بفرح ينتدب لك. يا رب اله ابراهيم واسحق واسرائيل ابائنا احفظ هذه الى الابد في تصور افكار قلوب شعبك واعد قلوبهم نحوك. واما سليمان ابني فاعطه قلبا كاملا ليحفظ وصاياك شهاداتك وفرائضك وليعمل الجميع وليبني الهيكل الذي هيات له. ثم قال داود لكل الجماعة باركوا الرب الهكم فبارك كل الجماعة الرب اله ابائهم وخروا وسجدوا للرب} 1 أخ 17:29-20. واذ يسير الانسان بالاستقامة فانه يجد احسانا وعونا من قبل الرب { واصنع احسانا الى الوف من محبي وحافظي وصاياي }(تث 5 : 10){يا ليت قلبهم كان هكذا فيهم حتى يتقوني ويحفظوا جميع وصاياي كل الايام لكي يكون لهم ولاولادهم خير الى الابد }(تث 5 : 29). {ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} (اش 48 : 18). هكذا يدعونا السيد المسيح لحفظ وصاياه { ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي }(يو 14 : 15). فحفظ وصايا الله دليل على محبتنا له وعملنا على طاعة {الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21). وحفظ الوصايا يثبتنا فى محبة الله {ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته} (يو 15 : 10). الاستقامة تعنى الاخلاص وعدم الخيانة او الرياء... الانسان المستقيم هو انسان وفى مخلص لا يعرف الخيانة او الخبث أو الجحود أونكران الجميل . هكذا كانت دعوة السيد المسيح الى الاخلاص والاستقامة والمحبة والتسامح والرحمة ونقاء القلب وسمو الروح والاستعداد للوفاء والتضحية الى حد بذل الذات . لقد مدح السيد المسيح السامرى الذى نال منه الشفاء فرجع دون التسعة الباقين ليقدم له الشكر على نعمة الشفاء وعاتب يهوذا الخائن الذى فى رياء جاء ليقبله ليرشد عنه الذين اتو للقبض عليه ليلاً وقال خير لذلك الانسان لو انه لم يولد . لقد ادان السيد هذا الرياء فى علاقتنا بالله او بالغير { يقترب الي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مت 15 : 8). نحن نسعى لكى نكون مستقيمى القلوب والافكار والاعمال لانه كما علمنا السيد المسيح { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسهْ (مت 16 : 26). فنحن نسعى لنكون امناء مستقيمين من اجل خلاصنا الابدى والله لا ينسى تعب المحبة التى نقوم بها من اجل اسمه القدوس { بر المستقيمين ينجيهم اما الغادرون فيؤخذون بفسادهم} (ام 11 : 6). { لان المستقيمين يسكنون الارض والكاملين يبقون فيها} (ام 2 : 21). { كن امينا الى الموت فساعطيك اكليل الحياة} (رؤ 2 : 10). السيد المسيح وحياة الاستقامة ... عاش السيد المسيح حياة الاستقامة وعلمها .. الاستقامة التى تتضمن القداسة والحق والصدق والعدل والوفاء وعدم الرياء والاخلاص هذا ما عاشه السيد المسيح على الارض وعلمه وكان قدوة للناس فى كل ماقال وعمل . وقد شهد بذلك تلاميذه وحتى اعدائه { نعلم انك بالاستقامة تتكلم وتعلم ولا تقبل الوجوه بل بالحق تعلم طريق الله} لو 21:20 . ولقد لام السيد المسيح هؤلاء الذين عاش بينهم حياة القداسة وهو يجول يصنع خيرا ، يشبع الجياع ويفتح أعين العميان ويقيم الساقطين والموتى ويصنع المعجزات ومع هذا اتسمت قلوبهم بالقساوة وعيونهم بالعمى وحياتهم بالرياء وقال لهم { من منكم يبكتني على خطية فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي} (يو 8 : 46). جاء السيد المسيح معلما للحق.. لقد تحققت فى المسيح يسوع نبوة اشعياء النبى {هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي اضع روحي عليه فيخبر الامم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم} مت 18:12-21 . جاء الله الكلمة متجسدا ليخبرنا الحق { قال له يسوع انا هو الطريق والحق والحياة ليس احد ياتي الى الاب الا بي} (يو 14 : 6). وشهد بالحق امام بيلاطس البنطى وهو ماض فى طريق الصليب { أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا اسلم الى اليهود ولكن الان ليست مملكتي من هنا. فقال له بيلاطس افانت اذا ملك اجاب يسوع انت تقول اني ملك لهذا قد ولدت انا ولهذا قد اتيت الى العالم لاشهد للحق كل من هو من الحق يسمع صوتي} يو 36:18-37 . ودعانا للثبات فى الحق وهو الذى لم يتملق او يجامل أحد على حساب الحق { فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي. وتعرفون الحق والحق يحرركم. اجابوه اننا ذرية ابراهيم ولم نستعبد لاحد قط كيف تقول انت انكم تصيرون احرارا. اجابهم يسوع الحق الحق اقول لكم ان كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية. والعبد لا يبقى في البيت الى الابد اما الابن فيبقى الى الابد. فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا} يو 31:8-36. لقد جاء المسيح ليعرفنا طريق الحق . الانسان المستقيم يؤمن بالحق ويعيش فيه اما الشرير فيهرب من الحق والاستقامة الى عالم الظلمة { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة. لان كل من يعمل السيات يبغض النور ولا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله. واما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة} يو 16:3-21. لقد تتلمذ الرسل على تعاليم المخلص وسلموها للمؤمنين ليحيوا بها مستقيمى السريرة والسيرة ودعوا الناس الى التوبة والرجوع الى الحق {فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل }(اع 17 : 30). حتى لا يقع احد تحت حكم غضب الله باثامه { لان غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس واثمهم الذين يحجزون الحق بالاثم. اذ معرفة الله ظاهرة فيهم لان الله اظهرها لهم. لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى انهم بلا عذر. لانهم لما عرفوا الله لم يمجدوه او يشكروه كاله بل حمقوا في افكارهم واظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء} رو 18:1-22. ابناء الله يعرفوا الحق ولا يشاكلوا أهل العالم فى جهلهم بل يحيوا فى الحق والصدق والاستقامة والوفاء { فاقول هذا اشهد في الرب ان لا تسلكوا في ما بعد كما يسلك سائر الامم ايضا ببطل ذهنهم. اذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم. الذين اذ هم قد فقدوا الحس اسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة في الطمع. واما انتم فلم تتعلموا المسيح هكذا.ان كنتم قد سمعتموه وعلمتم فيه كما هو حق في يسوع. ان تخلعوا من جهة التصرف السابق الانسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور. وتتجددوا بروح ذهنكم. وتلبسوا الانسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق. لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض} أف 17:4-25. فان الله يريد ان كل الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون . السيد المسيح عاش صادقا وأمينا .. ودعى لقبه بالامين والصادق { هذا يقوله الامين الشاهد الامين الصادق } (رؤ 3 : 14). ودعانا للصدق { ايضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل اوف للرب اقسامك. واما انا فاقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لانها كرسي الله. ولا بالارض لانها موطئ قدميه ولا باورشليم لانها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء او سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير} مت 33:5-37. ان الصدق يستلزم منا الامانة والابتعاد عن الرياء الذى حزرنا منه السيد الرب { ابتدا يقول لتلاميذه اولا تحرزوا لانفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الرياء }(لو 12 : 1) لان عقابة الرياء الهلاك { ولكن ان قال ذلك العبد الردي في قلبه سيدي يبطئ قدومه. فيبتدئ يضرب العبيد رفقاءه وياكل ويشرب مع السكارى. ياتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها. فيقطعه ويجعل نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء وصرير الاسنان} مت 48:24-51. كما حزرنا من ادانة الاخرين ودعانا لاصلاح وعلاج عيوبنا { لا تدينوا لكي لا تدانوا.لانكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. ام كيف تقول لاخيك دعني اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك. يا مرائي اخرج اولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين اخيك} مت 1:7-5. ولقد تابع التلاميذ دعوة معلمهم الى الاستقامة والصدق { اطرحوا عنكم الكذب و تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض }(اف : 25) { واما الان فاطرحوا عنكم انتم ايضا الكل الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح من افواهكم }(كو 3 : 8). { طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الاخوية العديمة الرياء} ابطر 22:1. جاء السيد المسيح عادلا ويدعو الى العدل.. وهو الديان العادل الذي يعطى كل واحد كنحو أعماله فى عدل ورحمة { ثم رايت السماء مفتوحة واذا فرس ابيض والجالس عليه يدعى امينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب} (رؤ 19 : 11) ودعانا لكى لا نحكم بالمظاهر { لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكما عادلا} (يو 7 : 24). ووبخ الكتبة والفريسيين على تركهم للعدل وتمسكهم بالشكليات ومظهرية العبادة { ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس العدل والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه و لا تتركوا تلك} (مت 23 : 23). لذلك دعانا الكتاب الى السلوك بالحق والعدل { اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورايتموه في فهذا افعلوا واله السلام يكون معكم} في 8:4-9. السيد المسيح يدعو الخطاة الى التوبة والاستقامة .. جاء السيد المسيح يدعونا الى الاقتداء به فى تواضعه ووداعته وزهده فى المال او المقتنيات وقد وعد انه يتكفل بنا . ولمعرفته بضعف البشر فقد جاء يدعوا الخطاة الى التوبة والبعد عن الطمع ومحبة المال ورايناه يبحث عن الخطاة ليحررهم ، بحث عن المرأة السامرية ودعاها الى التوبة وعبادة الله بالروح والحق { الله روح و الذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). وعندما راى فى قلب زكا العشار رغبته فى ان يراه ذهب الى بيته وحرره من الطمع ومحبة المال { فلما جاء يسوع الى المكان نظر الى فوق فراه و قال له يا زكا اسرع وانزل لانه ينبغي ان امكث اليوم في بيتك. فاسرع و نزل وقبله فرحا. فلما راى الجميع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم. لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} لو 5:19-10. جاء السيد المسيح ليعلن محبته للخطاة { اما الكتبة والفريسيون فلما راوه ياكل مع العشارين والخطاة قالوا لتلاميذه ما باله ياكل ويشرب مع العشارين والخطاة. فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة} مر 16:2-17. السيد المسيح يحزرنا من العثرات ... ان حياة الاستقامة تدعونا الى الحرص والسهر على خلاص أنفسنا واخوتنا وان نحثهم على حياة الفضيلة والبر ولا ندفعهم الى العثرة او الاغراء باى صورة فهذا هو عمل أبليس وجنوده وفى البعد عن العثرات نبتعد عن من هم عثرة لنا حتى وان كانوا بمثابة اليد أو الرجل او العين اليمنى لنا ولا نكون نحن عثرة لاخوتنا واخواتنا الصغار سواء بالتعليم او القدوة او التحريض { ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة. فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها و القها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان. وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان. انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السماوات. لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك} مت 7:18-11. بل يجب ان نسعى الى رد الخطاة عن طريق ضلالهم { فليعلم ان من رد خاطئا عن ضلال طريقه يخلص نفسا من الموت ويستر كثرة من الخطايا} (يع 5 : 20). الاستقامة فى حياة الانسان المؤمن ... الاستقامة جهاد مستمر .. ان حياة الاستقامة والبر والتقوى هى حياة تلمذة وتعلم من الراعى الصالح ، كما انها جهاد مستمر بامانة للسير والاقتداء بالمسيح . هى حياة نمو فى معرفة الله والتوبة عن الضعفات للوصول الى حفظ الوصايا والتأمل فيها والعيش فى مخافة الله بقلب طاهر غير منقسم وضمير صالح وايمان بغير رياء { واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء} (1تي 1 : 5). حياة الأستقامة لا تعرف التعرج بين الفرقتين او الغش والمكر والخداع { فتقدم ايليا الى جميع الشعب وقال حتى متى تعرجون بين الفرقتين ان كان الرب هو الله فاتبعوه وان كان البعل فاتبعوه }(1مل 18 : 21). الاستقامة تنبع من الفكر السليم والذى يبنى على كلمة الله وعمل الروح القدس وقيادته للنفس وتقديسه للحواس والعواطف .ان أفكارنا وعواطفنا المقدسة هى الموجه لسلوكنا فان كانت أفكارنا مقدسة وعواطفنا طاهرة تكون حياتنا نقية وسلوكنا مقدس ، حواسنا وقلوبنا هى النافذة التى نرى بها العالم من حولنا والله يبحث عن مستقيمى القلوب ويخلصهم . الاستقامة والثقة ... الانسان المستقيم هو مصدر ثقة وامانة لمن حوله وضرورة لمجتمعه . ان الاستقامة ليس فضيلة اجتماعية فقط بل هى مقياس للإيمان السليم ، فالعقيدة السليمة تقود الى حياة الاستقامة . لهذا ينبغى لابناء وبنات الله ان لا يشاكلوا أهل هذا الدهر بل يتغيروا للافضل بناء على دعوتهم المقدسة ليكونوا قديسين وكاملين { فاطلب اليكم ايها الاخوة برافة الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} رو 1:12-2. الاستقامة هو طريقنا للنجاح والحياة الابدية ، وتتضمن استقامة وسلامة التعليم {لاننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله لكن كما من اخلاص بل كما من الله نتكلم امام الله في المسيح }(2كو 2 : 17){ قد رفضنا خفايا الخزي غير سالكين في مكر او غاشين كلمة الله بل باظهار الحق مادحين انفسنا لدى ضمير كل انسان قدام الله }(2كو 4 : 2). ولهذا نداوم على حفظ استقامة التعليم الذى نتلقاه ونعلمه لغيرنا { لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك ايضا }(1تي 4 : 16). صفات الانسان المستقيم ... أ*- الامانه والصدق ... الاستقامة تحلى صاحبها بالامانه { من يسلك بالاستقامة يسلك بالامان ومن يعوج طرقه يعرف }(ام 10 : 9) . سواء فى عبادته وعلاقته بالله او بالاخرين . فيكون امينا فى وعوده ومواعيده وفى حفظة لاسرار الغير وفى توبته عن خطاياه واخطائه والتماسه الاعزار لضعفات الغير ، كما ان الانسان المستقيم هو انسان صادق لا يعرف الغش أو الخداع ولا يرضى بالمكسب او المنفعة التى تأتى من طريق غير مستقيم . الاستقامة تجعلنا أمناء فى القليل وتجعل الله يقيمنا على الكثير { الامين في القليل امين ايضا في الكثير والظالم في القليل ظالم ايضا في الكثير} (لو 16 : 10). والاستقامة تجعل الانسان يحرص على خلاص نفسه فلا يكون لديه ازدواجية فى المعايير ويهتم بالتدقيق فى الامور الصغيرة لانه ان لم نتخلص منها تكبر وتتفاقم وتشكل خطر على استقامة حياتنا الروحية وخلاصنا . ب*- البعد عن الشر والخطية... الاستقامة تجعل صاحبها يحيد عن الشر والخطية ويصنع الخير { منهج المستقيمين الحيدان عن الشر حافظ نفسه حافظ طريقه} (ام 16 : 17). هكذا كان ايوب البار { فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر} (اي 1 : 8). وهذا ما اوصى به الرب سليمان الحكيم عندما تراءى له { وانت ان سلكت امامي كما سلك داود ابوك بسلامة قلب واستقامة وعملت حسب كل ما اوصيتك وحفظت فرائضي واحكامي. فاني اقيم كرسي ملكك عن اسرائيل الى الابد كما كلمت داود اباك قائلا لا يعدم لك رجل عن كرسي اسرائيل. ان كنتم تنقلبون انتم او ابناؤكم من ورائي ولا تحفظون وصاياي فرائضي التي جعلتها امامكم بل تذهبون وتعبدون الهة اخرى وتسجدون لها. فاني اقطع اسرائيل عن وجه الارض التي اعطيتهم اياها والبيت الذي قدسته لاسمي انفيه من امامي ويكون اسرائيل مثلا وهزاة في جميع الشعوب. وهذا البيت يكون عبرة كل من يمر عليه يتعجب ويصفر ويقولون لماذا عمل الرب هكذا لهذه الارض ولهذا البيت. فيقولون من اجل انهم تركوا الرب الههم الذي اخرج اباءهم من ارض مصر وتمسكوا بالهة اخرى وسجدوا لها وعبدوها لذلك جلب الرب عليهم كل هذا الشر } (1مل 9 : 4-9). وهذا جعل القديس بولس يدافع عن استقامته {لان فخرنا هو هذا شهادة ضميرنا اننا في بساطة واخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم }(2كو 1 : 12) ج- الاستقامة والثقة فى الله .. الانسان المستقيم يثق فى الله ولا يتكل على سلطة او مال ويكون عفيف طاهر الفكر والجسد والروح . ان من اعداء الانسان الذين يحارب بهم الشيطان الانسان المستقيم، شهوة الجسد وشهوات العيون وتعظم المعيشة . الانسان الملتوى يتمسك بالسلطة ليجد فيها المركز والامان اما المستقيم فيحتمى فى الرب { الاحتماء بالرب خير من التوكل على انسان. الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء (مز 118 : 8- 9). الثقة فى الله تجعلنا لا نتكل على الغنى او المادة ايضا { لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان و طعنوا انفسهم باوجاع كثيرة} (1تي 6 : 10). ويكون المال لنا خادم جيد وليس عبداً قاسى لهذا يوصي الانجيل الاغنياء ان يتكلوا على الله لا الغنى { اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع} (1تي 6 : 17). ولنتعود على حياة الشكر لله والعرفان بالجميل فى كل شئ أننا دخلنا العالم بلا شئ وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشىء . وحيث أننا لم ندخل العالم بشىء لذا فإن كل شىء نحصل عليه يجب أن نأخذه بشكر وعرفان بالجميل .. لذا فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما . الاستقامة تعلمنا أن تشكر على كل شىء مهما صغر والشكر لا يجعل مكاناً فى قلوبنا للتذمر أو الطمع. كما ان الاستقامة تجعلنا نحرص فى علاقتنا لاسيما فى العلاقة بالجنس الاخر ان تكون علاقات طاهرة تتسم بالاتزان والالتزام وتوجيه الانظار الى المسيح المشبع لعواطفنا وارواحنا ونفوسنا وهذا الحرص يلازم الانسان فى كل مراحل حياته فداود القوى سقط عندما أهمل حرصه وعاش حياة الكسل والترف وترك المعركة الروحية ليتطلع على اسرار الغير { طرحت كثيرين جرحى و كل قتلاها اقوياء }(ام 7 : 26) فلا تعطى لنفسك وجسدك فرصة للخطية واشغل وقتك بما هو صالح ومفيد فوقت الفراغ هو الفرصة الثمينة التى نعطيها لإبليس ليحاربنا ويسقطنا فى الخطية. لابد ان نشبع ارواحنا بمحبة الله وننشغل بأهداف الله السامية وخطته العظيمة لحياتنا ورؤيته المقدسة لخلاص العالم .وكلما عشنا فى مخافة الله ننمو فى حياة الاستقامة لنصل الى القداسة والكمال النسبى الذى يستطيع المؤمن الوصول اليهما . القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
16 نوفمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (28) المؤمن والجهاد الروحى

انسان الله والجهاد الروحى .. خلق الله الانسان على صورته ومثاله .. نحن مخلوقين على صورة الله ونستطيع ان نحيا حياة الجهاد والنصرة ونستخدم ما لدينا من فكر وعواطف وارادة وكل طاقاتنا فى تمجيد اسم الله والانتصار على قوى الشر .ان اردنا وسعينا الى ذلك فى جهاد وقداسة وبر. { فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وانثى خلقهم} تك 27:1. لقد خلقنا الله بروح لا تموت بل تنتقل الى عالم الخلود بعد الموت.ومنحنا الله عقل بشري يتسم بالحكمة والتمييز ونعمة التفكير وبنفس لها دوافعها وارادتها وقلب له عواطفه وميوله والانسان كائن حر وعاقل ومسئول ولما سقط الانسان بمخالفة الوصية لم يتركه الله بل وهبه الضمير الاخلاقى الذى يقوده للتمييز بين الخطأ والصواب ثم تكلم معنا الله من خلال الاباء والانبياء واخيراً تجسد الله الكلمة ليقودنا دفعة اخرى الى معرفته الحقيقية ويهبنا حياة ابدية ودعانا الى حياة الكمال والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب . الله لنا اباً وعونا فى الطريق الروحى .. لم يتركنا بلا مرشد او معزى فى طريق الجهاد بل ترك لنا كلمته المقدسة فى الإنجيل كنور وحياة { كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتاديب الذي في البر. لكي يكون انسان الله كاملا متاهبا لكل عمل صالح} 2تيم 16:3-17. ووهبنا الوسائط الروحية التى تبنى الروح وتغذيها وجعل لنا من الصلاة صلة وعلاقة بها نتحدث معه حديث المحبة كآب صالح يستمع لنا ويعلمنا ويرشدنا واعطانا نعمة روحة القدوس { واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). ويجب علينا ان ننقاد فى حياتنا بروح الله لنكون اناس روحيين نغلب تيار الأثم الذى فى العالم وقوى الشر الروحية والخطية بإيماننا وبصلتنا بالله وبروحه القدوس {لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله. اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب. الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله.فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} رو 14:8-17. الجهاد الروحي فى الحياة .. نحن فى فترة اختبار أو جئنا لمهمة ورسالة فى الحياة وعلينا بالجهاد الروحى من توبة وصلاة وصوم وسهر وبذل وخدمة وعطاء وصبر على التجارب والضيقات وفي ذلك يشترك الجسد والنفس والفكر والضمير والروح والارادة من اجل إرضاء الله وصنع إرادته ومقاومة الأهواء سواء أتت من داخل الإنسان وميوله أو من البيئة المُعثرة في إغرائها أو سواء أتت من الشيطان في حروبه سواء كانت حروب يمينية كالكبرياء والمجد الباطل او حروب شماليه من شهوات وكراهية وصغر نفس وغيره من خطايا لاننا لا نجهل حيل الشيطان . ان القلب المحصن بمحبة الله والفكر المقدس الذى يعمل على إرضائه والحواس المختومة بالنعمة والجسد المضبوط بالجهاد لا يجعل للخطية مكان فينا {واما انت يا انسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة . جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} (1تي 6 : 11-12). لقد سار ابائنا القديسين هذا الطريق من قبلنا مقتدين بالمعلم الصالح ونحن نقتفى أثارهم وكما سلك ذاك ، هكذا نسلك نحن ايضاً لنكون مشابهين صورة ابنه { لان الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين }(رو 8 : 29). واذ نحيا كاناس الله القديسين فانه سيقيمنا فى اليوم الاخير { فان سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها ايضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته ان يخضع لنفسه كل شيء} فى20:3-21. الضمير الصالح وتنميته ... الضمير هو أحد المرجعيات فى حياتنا .. التى ينبغى ان نراعيها وننميها فى حياتنا لتكون رقيبا ودافعا للتصرف الحسن ومبكتاً لنا على الخطية أو سوء التصرف {في جميع اعمالك اقتد بضميرك فان ذلك هو حفظ الوصايا }(سير 32 : 27). وان كان الضمير ايضا قد يتأثر بالعادات والقيم المجتمعية لكنه كالعقل او الروح يمكن ان نقويه او نضعفه . ان عدم تبكيت الضمير للإنسان على الخطأ فهذا يمثل خلل فيه وقد ينحرف الضمير بان يفرح الانسان بالشر. فيظن انه بقتل الاخرين او ايذائهم يفعل الخير كما قال السيد المسيح { بل تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله} (يو 16 : 2). هكذا كان شاول الطرسوسى يفعل مع المسيحيين الاول وشهد هو بذلك بقوله { وانا اشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني انه حسبني امينا اذ جعلني للخدمة. انا الذي كنت قبلا مجدفا ومضطهدا ومفتريا ولكنني رحمت لاني فعلت بجهل في عدم ايمان. وتفاضلت نعمة ربنا جدا مع الايمان والمحبة التي في المسيح يسوع. صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا. لكنني لهذا رحمت ليظهر يسوع المسيح في انا اولا كل اناة مثالا للعتيدين ان يؤمنوا به للحياة الابدية} 1تيم12:1-16. يجب ان تتعاون الاسرة والمجتمع والتربية والدين والقيم ليكونوا مهذبا ومربيا للضمير الاخلاقى الواعى والمستقيم . تأثر الضمير بالوسط المحيط وضبطه ... الضمير قد يقع تحت تاثير المعرفة او العاطفه او تاثير الجماعة او القاده او الارادة وان كان الضمير يمثل الى حد كبير صوت الله داخلنا حتى قبل الانبياء فهو الشريعة الادبية والباعث الاخلاقى لدى الانسان التقى الذى يحاسب نفسه ويرجع الى صفاء ضميره ولكن يجب ان نسترشد مع الضمير الى روح الله وكتابه المقدس ويجب ان لا نقاوم ضميرنا أو نجعله يسير كقشة فى مهب الريح مع ريح الاعلام الموجه او تأثير اصدقاء السوء او ضعاف العقول الذين يسعون الى عدم الخير او هدم الغير ويجب ان نتدرب ان يكون لدينا الضمير الصالح { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله و الناس} (اع 24 : 16) وان يكون ضميرنا غير منحاز الى تبرير تصرفاتنا بل موجهاً لارادتنا نحو الخير ولا يتهرب الانسان من تبكيت الضمير أو دفعه اياه نحو الخير والسلام بل ننقاد لله ووصاياه فى ضمير كل منا { لان فخرنا هو هذا شهادة ضميرنا اننا في بساطة واخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم (2كو 1 : 12). ان وصايا الله الهدف منها ان يكون لدينا محبة لله والناس من قلب طاهر وضمير صالح {واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء} (1تي 1 : 5). العقل ونعمة التفكير السليم .. نعمة العقل والتمييز .. يمتاز الانسان عن غيره من الكائنات الحيه الاخرى بنعمة العقل والتفكير والقابلية للتعلم وأكتساب المعرفة ورغم التفاوت فى نسب الذكاء أو فرص أكتساب المعرفة فيوجد لدينا القدرة على التمييز والفحص والدراسة وقبول بعض الافكار والاقتناع بها ورفض ما لا يبنينا او ما نراه خطأ . يجب ان نسعى لاكتساب المعرفة الروحية فالجهل وعدم المعرفة من اسباب هلاك الانسان وانقياده الى الخطية والانحراف { قد هلك شعبي من عدم المعرفة } (هو 4 : 6) وترجع أهمية العقل والفكر الى انه هو الموجه للارادة نحو التصرف والافعال والتى تتولد منها العادات والسلوك ومن مجموع العادات تكون حياتنا كما يقولون فالانسان عادات تمشى ومن ثم تكون حياتنا وبمقتضاها تكون ابديتنا ايضاً فقل لى بماذا تفكر أقول لك من انت كما قال أحد الفلاسفة . قد يتأثر الفكر بالثقافة السائدة فى المجتمع او بالعواطف المتغيرة من حين الى أخر وقد يعانى البعض من الجهل وعدم الادراك لابعاد الموضوعات أو المشكلات والكيفية السليمة لمواجهتها وقد يخضع العقل للمؤثرات العائلية او تاثير الاعلام او قادة الدين او الفكر فى المجتمع ونحن لا نفكر بعقلانية تامه بل قد تلعب العاطفة دورا هاما فى توجيه العقل مثل وقوع الشباب تحت تاثير الشهوة فى علاقات خاطئة تحت تاثير العاطفة مما يؤثر على حياتهم ومستقبلهم . الأستنارة الفكرية والحكمة ... نحن فى حاجة دائمة للاستنارة الفكرية والحصول على الحكمة بكلمة الله كسراج يضئ الطريق للانسان { لان كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذي حدين وخارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة افكار القلب و نياته} (عب 4 : 12). كما نحتاج للصلاة كصلة روحية بالله ومنه نستلهم سلامة الفكر{ لانه من عرف فكر الرب فيعلمه واما نحن فلنا فكر المسيح} (1كو 2 : 16). { لتكن اقوال فمي وفكر قلبي مرضية امامك يا رب صخرتي ووليي} (مز 19 : 14). نحتاج لانارة العقل بسير القديسين وأقوال الاباء الذين ساروا فى الطريق قبلنا وتجربوا وانتصروا وتركوا لنا خبرتهم لنتعلم منها. ونحتاج الى التوبة والتجديد المستمر لننقاد بروح الله {فاميتوا اعضاءكم التي على الارض الزنى النجاسة الهوى الشهوة الردية الطمع الذي هو عبادة الاوثان.الامور التي من اجلها ياتي غضب الله على ابناء المعصية. الذين بينهم انتم ايضا سلكتم قبلا حين كنتم تعيشون فيها. واما الان فاطرحوا عنكم انتم ايضا الكل الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح من افواهكم. لا تكذبوا بعضكم على بعض اذ خلعتم الانسان العتيق مع اعماله.ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه} كو 5:3-10. وكلمنا اقتربنا من الله عرفنا أفكاره من نحونا { اني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة ورجاء} (ار 29 : 1). { وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع }(في 4 : 7). الجسد الإنساني في المسيحية ... كرامة الجسد الانساني .. لقد اخذ الجسد الإنساني كرامة ومجداً بتجسد الله الكلمة { والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقاً } يو 1 : 14 . لقد شابهنا الرب يسوع المسيح في تجسده في كل شيء ما عدا الخطية وحدها وعندما قام من الموت وصعد للسماء فانه صعد بجسد القيامة النورانى الروحانى الممجد للسماء ليكون سابق لأجلنا. إن الكنيسة تؤمن بقيامة الجسد في اليوم الأخير للمكافأة أو العقاب { لأننا لا بد جميعاً أن نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد منا ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شراً } 2 كو 5 : 10 .وتكرم الكنيسة والمؤمن الجسد الإنساني ذلك الكيان الأنسانى الذي يحمل نسمة الحياة داخله من الله ، وهو هيكل الروح القدس الذي يحل عليه بالعماد والميرون المقدس ليقدسه ويطهره " أم لستم تعلمون إن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله ولستم لأنفسكم " . الجسد هو الكيان الذي يتناول من الأسرار المقدسة {من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير} يو 6 : 54 . إن أجسادنا لها كرامتها بكونها أعضاء جسد المسيح السري الذي هو كنيسته المقدسة {أم لستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء جسد المسيح } 1 كو 6 : 9 . وهذا الجسد الترابي وان مات وتحلل فانه سيقوم جسد نوراني ممجد في القيامة العامة ليحيا في السماء {الذي سيغير جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء} في 3 : 21 . ولهذا تكرم الكنيسة رفات القديسين وتضعهم تحت المذبح وفي الكنائس لأنهم أكرموا الله في أجسادهم وأرواحهم التي لله . لقد أقامت عظام اليشع النبي الميت عندما لامسته قديماً وكانت المناديل وعصائب القديس بولس المأخوذة من على جسده تشفي الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة . وما زالت رفات القديسين تصنع المعجزات في كنائسنا حتى اليوم لأنها تحمل سمات وقوة أشخاصهم وهم كسحابة شهود محيطة بنا وليسوا عنا ببعيد والرب اله أبائنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب واثناسيوس وانطونيوس ومار جرجس اله أحياء وليست اله أموات لان الجميع عنده أحياء . الأهواء والشهوات الجسدية .. المسيحي مطالب أن يسير ويحيا بالروح ، لا حسب الأهواء والشهوات الجسدية بل ينقاد بروح الله للقداسة والمحبة والسلام {الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات} غلا 5 : 24 . أي إننا مطالبون أن نصلب الأهواء والشهوات من النفس وليس ضد الجسد كلحم ودم فالنفس العفيفة تجعل الجسد مقدساً فأعمال وأهواء الطبيعة البشرية العتيقة الخاطئة هي التي نحاربها ونجاهد ضدها. إن علاج الخطيئة والشهوات الجسدية هو محبة الله والشركة معه فعندما ننجذب لله ونتحد به بالأسرار والمحبة تتقدس أجسادنا وتعود لنا الصورة الإلهية للإنسان المخلوق على صورة خالقه في القداسة والبر. إن الجسد بما فيه من أجهزة وأعضاء بشرية كلها مقدسة وطاهرة حتى الأعضاء التناسلية لها كرامتها الفائقة كمستودع لامتداد الحياة البشرية والتعبير عن المحبة الطاهرة ، سر الزواج مقدس فلماذا يستحى البعض من أعضاء لم يستحى الله إن يخلقها بل إعطاها قدسية واحترام { فان الجسد أيضا ليس عضواً واحداً بل أعضاء كثيرة . لا تقدر العين أن تقول لليد لا حاجة لي إليك ولا الرأس أيضا للرجلين لا حاجة لي إليكما . بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية. وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل } 1 كو 12 : 14 – 23. فإن أردت لجسدك كرامة ومجداً ولكيانك وجوداً فاعلاً وحياة أبدية فليكن ذلك بان تحترمه وتزينه بالوداعة والتواضع وتسعى في اقتناء الفضائل ولا يجب ان نعثر أحد بميول الجسد فننحرف عن قصد الله السامى فى خلقه لنا بل تكون اجسادنا اداة لمجد وخدمة الله . أن الاتضاع يعطي الانسان كرامة {ثوب التواضع هو مخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة} أم 22 : 4 .فلا تخاصم جسدك أو تكرهه بل ربيه وقوته لكن تدليله بالأكل الذائد أو الكسل فيثور عليك ولا تضعفه وتهمله وتقسوة عليه فيعتل ويعجز عن الخدمة كما يليق .إن النسك والزهد المسيحي هو حياة ترك وبذل للذات من اجل المسيح الذي بذل ذاته عنا فهو حب وبذل وصوم وجهاد روحي . الطهارة والعفاف المسيحي.. فضيلة ايجابية تعني طهارة الوجدان وقداسة الفكر الداخلي وعفة الحواس والجسد سواء للشباب وللبتولين . وللمتزوجين فالطهارة هي الامتناع عن عمل ما لا يحل من شهوات جسدية تتعارض مع السلوك الروحي حسب وصايا المسيح . فان الزواج المسيحي سر مقدس يعمل فيه الله ليوحد الاثنين {ويكون الاثنان جسداً واحداً فالذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان} مت 19 : 5. إن الأب السماوي يبارك الزواج المسيحي وهو الذي ككل أبوينا ادم وحواء في الفردوس وبارك الرب يسوع عرس قانا الجليل . ويعمل الروح القدس ليقدس الزوجين ويرفع الزواج ليكون كسر اتحاد المسيح بالكنيسة ويقدس الرب البيت المسيحي وكلما كانت محبة الله في بيوتنا انتفى الخصام ويحب الرجل زوجته كنفسه ويبذل من اجل سعادتها وتحترم الزوجة رجلها وتطيعه في تفاهم وتضحية ولا يكون لأحد منهما سلطان على جسده بل للأخر . ويوحد الروح القدس اتصالهما وتكون العشرة الزوجية تعبيراً عن هذا الحب المقدس والوحدة . وتكون ثمرة البطن الأبناء مصدر سعادة للأسرة ولبناء ملكوت الله على الأرض وفي السماء، وتكون الحياة في تفاهم وانسجام وحب واحترام وتعاون وبذل، شهادة لإيماننا وسعادة لحياتنا وعون للأسرة للسعادة على الأرض و الدخول للملكوت السماوي . القلب والعواطف وتقديسها ... القلب هو مركز العواطف .. ليس المقصود بالقلب فى الحياة الروحية مضخة الدم العاملة بلا توقف لتغذية الجسم كله بالدم بل الانسان الداخلى بما فيه من مشاعر وانفعالات ومحاسبة للذات والله يهتم كثيرا بالقلب والعواطف وتقديسها ويطلب منا ان نعطيه القلب { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي }(ام 23 : 26). ويجب ان نتحفظ ونراقب قلبنا ومشاعره { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة }(ام 4 : 23) ويطلب منا الله ان نحبه من كل القلب { ثم فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك} (مت 22 : 37) وبالقلب نطلب الله ونعبده بمشاعر صادقة فنجده ويعلن لنا ذاته { ان طلبت من هناك الرب الهك تجده اذا التمسته بكل قلبك وبكل نفسك }(تث 4 : 29). نقاوة القلب والجهاد الروحي.. انتصار الانسان على الخطية او الانانية او الشيطان لابد ان ينبع من الداخل بالتوبة القلبية مع تجديد القلب والسعى للوصول الي نقاوة القلب ليحل الله بالإيمان فيه بنعمة الروح القدس لانه من فضلة القلب يتكلم الفم { الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والانسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فانه من فضلة القلب يتكلم فمه} (لو 6 : 45) . وليس معنى ان يكون القلب غير صالح ان يترك الانسان نفسه للشر بل ان نعود لله بالتوبة والاعتراف ونعمل على اصلاح القلب القاسى او الملتوى او المنقسم { فالان انزعوا الالهة الغريبة التي في وسطكم واميلوا قلوبكم الى الرب } (يش 24 : 23). { ولكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم وبالصوم و البكاء والنوح (يؤ 2 : 12). فيجب ان لا نقسى قلوبنا ونستمع لصوت الرب { اذ قيل اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في الاسخاط} (عب 3 : 15). ويجب ان نصلى { ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم} (اف 3 : 17). ان اقتناعنا بالاهتمام بنقاوة القلب واهمية خلاص انفسنا وسعينا فى طرق الجهاد يملأ قلوبنا بنعمة وثمار الروح القدس التى نحتاجها من محبة وسلام وفرح وإيمان ولطف وعفة وطول إناة وصبر فتكون صلواتنا مشاعر صادقة وقلوبنا طاهرة ومسكناً لله . ان البعض تقودهم عواطفهم ومشاعرهم فقط بما فيها من محبة أو بغضة، هدوء وفرح او غضب أو فتور، فتراهم يتصرفون بلا توازن داخلي بين العواطف والفكر والضمير والروح وقيادة روح الله وكلامه . لكن الانسان الحكيم هو الذى يتحرك وفقا لكل الانسان الداخلى وحتى عواطفه تأتى متوازنة بين البساطة والعمق والجدية والفرح وفى حياتنا نعطى لكل شئ وقته المناسب فى مجال الاهتمام والرعاية للانسان وعلاقته بذاته وباسرته واصدقائه ودراسته وعمله وخدمته وعبادته ولكل المسئوليات التى توكل اليه . الارادة الانسانية وبناء الانسان... مفهوم الارادة الانسانية ... الارادة هى قوة النزوع والرغبة لعمل شئ او الامتناع عنه وفقا لقيم الفرد أو تصوراته ومصالحه. والانسان حر بطبيعته ولهذا فهو مسئول عن تصرفاته وافعاله أمام الله والناس والانسان المخلوق على صورة الله ومثاله هو خير بطبيعته ولكن هناك الكثير من العوامل التى قد تضعف من الاراده او تقويها والارادة السليمة تحتاج الى سلامة الجسد والنفس والروح والبيئة الاجتماعية ونضال الانسان فى مجتمعه للحصول على التكيف الاجتماعى وبناء الذات وفقا لإيمانه ومبادئه . ضعف الارادة وتقويته ... ان الشهوة ، سواء شهوة الجسد او المال او المناصب او الانتقام او غيرة قد تضعف الارادة لاسيما ان لم يضبط الانسان ذاته وشهواته ويطردها من القلب قبل ان تتملك فيه كما اشتهت امنا حواء الشجرة المحرمة { فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فاكل} تك 6:3. لقد سيطرت شهوة الانتقام على قايين رغم قدرته على السيادة عليها لكنه انصاع لها وقتل اخيه { ان احسنت افلا رفع وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها} (تك 4 : 7). كما ان البيئة الخاطئة توثر على الارادة دون ان ترغم الانسان على الوقوع فى الخطأ لذلك فان يوسف العفيف رفض الخضوع للخطية وهو مباع عبد وسط ظروف صعبة لهذا علينا ان نبتعد عن مسببات الخطية لئلا تضعف ارادتنا { لا تضلوا فان المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة} (1كو 15 : 33). فيجب ان نعاشر الاصدقاء الروحيين ونبنى انفسنا على ايماننا الاقدس فالله يريد خلاصنا { الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). لقد عاتب السيد المسيح قديما اهل اورشليم قائلاً { يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا} (مت 23 : 37). ان اردت ان تحيا قوى الارادة فاعمل على ان تكون مسيطراً على ذاتك ضابطأ لنفسك فتحيا لا كقصبة تحركها الريح كيف تشاء ولكن كجبل لا تهزه الاحداث ولا تؤثر فيه الشرور المحيطة به . المؤمن القوى بمبادئه واخلاقه وقيمة يؤثر فيمن حوله ان العيش فى مخافة الله وعبادته بمحبة وبنفس راغبة مصدر سعادة المؤمن { ماذا يطلب منك الرب الهك الا ان تتقي الرب الهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك} (تث 10 : 12). لنصنع الحق ونقوله ونعمله مع أنفسنا قبل ان نطالب به الغير ونتواضع أمام الله الرحوم { قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك (مي 6 : 8). ولنحرص على الارتباط بالله ووسائط النعمة المقوية للارادة من صوم وصلاة وقراءة فى كلمة الله والاستجابة لعمل روحه القدوس ولنقتدى بمخلص النفوس الذى اذ وجد فى الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع الآب السمائى حتى موت الصليب من أجل السرور الموضوع امامه مستهينا بالخزى فجلس عن يمين العظمة. ونحن يجب ان نغصب أنفسنا على طاعة الله ومحبته وصنع الخير من أجل ان نكون ابناء لله مقتدين بتعاليمه وكما علمنا {ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه }(مت 11 : 12) وعندما نبدأ بالتغصب لاكتساب عادات جيده تقوى ارادتنا وصلتنا بالله ونعمل الخير بالارادة الحرة. الروح الانسانية والانقياد لروح الله ... الروح الانسانية هى باعث الحياة .. وهى النفخة التى من الله المخلوقة على صورته ومثاله وهى عنصر الحياة التى توجد بارتباط الروح بالجسد عند الخلق { وجابل روح الانسان في داخله }(زك 12 : 1) وهى التى نفخها الله فى آدم فصار نفساً حيه { وجبل الرب الاله ادم ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة حياة فصار ادم نفسا حية} (تك 2 : 7). والروح تفارق الجسد بالموت لتصعد الى الله الذى خلقها { يسلم الروح كل بشر جميعا ويعود الانسان الى التراب} (اي 34 : 15). والروح خيره وتسعى الى الصلاح لكنها قد تنساق وراء شهوات الجسد او ميول النفس أو أفكارالانسان وميوله النفسية. ان الكثير حتى من غير المؤمنين مثل الهندوس والذين يمارسون اليوجا كرياضة روحية يستطيعوا بالتداريب الروحية الوصول الى قوى روحيه ساميه ويسلكوا حياة صالحة بعيدة عن شهوات العالم أما للمسيحى فعليه ان يقوى روحه ويدربها فى طريق البر والفضيلة والتقوى وايضا يعمل على أضرام موهبة الروح القدس داخله ويشترك فى العمل مع الله ليقتنى ثمار ومواهب الروح القدس داخله ليصل الى السمو الروحى المسيحى . صلتنا بالروح القدس .. نحن بالعماد نولد من الروح القدس وننمو حتى نصل الى شركة الروح القدس وثماره ومواهبه فينا { اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. لا تتعجب اني قلت لك ينبغي ان تولدوا من فوق. الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من اين تاتي ولا الى اين تذهب هكذا كل من ولد من الروح} يو 5:3-8 . وبالميرون المقدس نختم بمسحة الروح القدس لتكون لنا مسحة مقدسة وخاتم لا ينحل ونغرس كابناء لله بالتبنى فى كنيسة الله المقدسة { اما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم} 1كو 16:3. ان روح الله القدوس يشترك فى العمل مع المؤمن متى استجاب له ويبكته الروح على الخطية فيتوب عنها ثم يحثه على عمل البر والخير والصلاة لنصبح حارين فى الروح (رو11:12) وبهذا تكون حياتنا الروحية ملتهبه بعمل روح الله فينا فى الصلاة والخدمة والعمل لمجد الله وكلما ينمو الانسان فى النعمة ويطلب قيادة الروح القدس له يمتلئ بالروح (أف 18:5) لنحصل على ثمار الروح القدس فينا { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة. عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف ضد امثال هذه ليس ناموس. ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء و الشهوات.ان كنا نعيش بالروح فلنسلك ايضا بحسب الروح} غل 19:5-25. ان الروح القدس يعزى المؤمن فى الضيق ويشبعه ويرويه ويجعله موصل جيد لنعمة الله كما قال السيد المسيح { وفي اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي ويشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه } يو 37:7-39. وهكذا امر السيد المسيح تلاميذه ان لا يخدموا بدون ان تحل نعمة الروح القدس عليهم فى يوم الخمسين { وفيما هو مجتمع معهم اوصاهم ان لا يبرحوا من اورشليم بل ينتظروا موعد الاب الذي سمعتموه مني... لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} أع 4:1،8. للروح الانسانية غذائها ... كما قال السيد الرب { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4).فان كنا نهتم باجسادنا ونغذيها بالعناصر اللازمة لبناء الجسم فان الروح تحتاج الى ان تشبع بكلمة الله وبالصلاة والعلاقة القوية بروح الله وطلب ارشاده وقيادته لنا والتناول والاجتماعات الروحية والترانيم والالحان الروحية والمعاشرات الروحية والتلمذة وعمل الخير والتحلى بالفضائل كما يجب ان نبتعد بها عن كل ما هو خطية وشر وضار ومعدى من خطايا وان اخطانا عن جهل او كسل او نسيان فيجب ان نسرع الى التوبة ولا نعود اليها حينئذ نتبرر وننقاد بروح الله { لا شيء من الدينونة الان على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح} رو 8:1. ولنحيا يا احبائي بالروح لا فى حرفية أو شكلية العبادة بل فى حكمة وافراز ويكون حتى كلامنا بقوة الروح { لان لستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم }(مت 10 : 20). ان النمو الروحى يمتد ليصل بنا الى الكمال المسيحى الذى فيه نحقق قول السيد الرب { فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل }(مت 5 : 48). اننا يجب ان نستخدم فى حربنا كل اسلحة الحرب الروحية لننتصر عل حيل ابليس وجنوده ونتقوى فى الايمان بروح الصلاة والصوم والتواضع ونتمسك بكلمة الله القادرة على هدم حصون الشر ونطلب ارشاد الروح القدس ونستدعى قوة ربنا يسوع المسيح وسلطانه القادر يقودنا فى الجهاد الموضوع أمامنا { اخيرا يا اخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات. من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين} أف10:6-18. وعندما يرى الله اخلاصنا فى طاعته ومحبته فانه يمدنا بالحكمة والقوة والنعمة ويكمل جهادنا بسلام . القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
09 نوفمبر 2021

حياة التقوى القيم الروحية (27)

حياة التقوى مفهومها وأهميتها.. حياة التقوى هى مخافة الله فى السر والعلن التقوى تعنى العيش فى مخافة الله وطاعة وصاياه وان نعطى الله الاحترام والمهابة والتوقير كنتيجة لعلاقة المحبة والعبادة والمعرفة لطبيعته المقدسة والإيمان بحضوره الدائم فى كل مكان ومعرفته لما فى القلوب والخفايا فان كانت الرياضة الجسدية نافعة للحفاظ على سلامة الجسد فالتقوى نافعة وضرورية لحفظ الانسان من الخطية والوصول به الى الملكوت السماوى كما يعلمنا الكتاب المقدس{ لان الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة } (1تي 4 : 8) . التقوى حكمة روحية {رأس الحكمة مخافة الرب} مز10:111 فالانسان الذى يخاف الله يبتعد عن الخطية لكى لايتعرض للعقوبة ويخاف من السقوط لان الخطية تفصله عن الله وملائكته وقديسيه وملكوته فالمخافة تدفعنا الى حفظ الوصايا ومن المخافة ننتقل تدريجياً لنصل الى المحبة الكاملة، والتقوى بهذا تحفظنا من الاستهتار او الاستهانة او الاهمال كما تدفعنا على الامانة وحياة القداسة {مكملين القداسة فى خوف الله } 2كو1:7. تقوى الله تقودنا الى التوبة المستمرة لنصل الى الكمال المسيحى الواجب علينا السير فيه ان حياتنا الروحية، تحتاج إلى تمرين وممارسة وتعوُّد، إن الإنسان يحتاج أن يحفظ نفسه طاهرًا من جهة الفكر والعواطف والتصرفات. وعلينا ان ندرب انفسنا على التقوى ومخافة الرب وضبط النفس، والتدقيق فى ما نشاهده أو نسمعه أو نقرأه ونتدرب على فحص النفس والاعتراف بالأخطاء، وسرعة الرجوع إلى الرب وإلى المسار الصحيح. والاستفادة من اخطاء الاخرين او أخطائنا ومعرفة أساليب العدو الشيطان . والاعتياد على الوجود في محضر الرب، والحديث معه بصدق وإخلاص. وإدراك أنه يرانا واننا سنقدم حساباً عما نفكر فيه او نعمله. سر الله لاتقيائه والنعمة تسندهم اننا لسنا وحيدين فى جهادنا الروحى للوصول الى التقوى وارضاء الله فالمؤمن التقى يجد التعزية والقوى والنعمة من عمل الروح القدس كما سمعان الشيخ { وكان رجل في اورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد اوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب } (لو 2 : 25-26)فسر الرب لخائفيه {سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم } (مز 25 : 14). كما جاء عن اب الاباء ابراهيم {فقال الرب هل اخفي عنابراهيم ما انا فاعله. وابراهيم يكون امة كبيرة و قوية ويتبارك به جميع امم الارض.لاني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي ياتي الرب لابراهيم بما تكلم به} تك 17:18-19 وما أروع ما قيل عن دانيال { حينئذ لدانيال كشف السر فى رؤيا الليل } دا 19:2 ان الله أمين وعادل مع اتقيائه ويهبهم كل ما هو للحياة والتقوى ولكن يجب علينا ان نكون أمناء فى حياتنا ونجتهد فى حياة الايمان والفضيلة بمعرفة وصبر {كما ان قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفسادالذي في العالم بالشهوة. ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوى. وفى التقوى مودة اخوية وفي المودة الاخوية محبة. لان هذه اذا كانت فيكم وكثرت تصير كما لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح. لان الذي ليس عنده هذه هواعمى قصير البصر قد نسي تطهير خطاياه السالفة. لذلك بالاكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين لانكم اذا فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا. لانه هكذا يقدم لكم بسعة دخول الى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الابدي} 2بط 3:1-11. التقوى في علاقاتنا بالله.. ان التقوى هى تجاوب عملى من المؤمن تجاه محبة الله ورحمته { فاجتاز الرب قدامه "موسى النبى" ونادى الرب الرب اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء. حافظ الاحسان الى الوف غافر الاثم والمعصية والخطية} خر6:34-7. الله الذى من أجل محبته يديم لنا الرحمة {تراءى لي الرب من بعيد ومحبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة} ار 3:31.ازاء محبة الله ورحمته لابد ان يكون لدينا تعلق بنوى به وطاعة أمينة لوصاياه وان نعبده بمحبة ولكى نصل للمحبة الكامله لابدان نبتدئ بالمخافة والتقديس { فالان يا اسرائيل ماذا يطلب منك الرب الهك الا انتتقي الرب الهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك. وتحفظ وصايا الرب وفرائضه التي انا اوصيك بها اليوم لخيرك} تث 12:10-13.ونتيجة لتقوى الله لابد ان يكون لدينا محبة أخوية للأخرين مقتدين بصلاح الله وخيريته { بم اتقدم الى الرب وانحني للاله العلي هل اتقدم بمحرقات بعجول ابناء سنة. هل يسر الرب بالوف الكباش بربوات انهار زيت هل اعطي بكري عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي. قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك} مي 6:6-8. التقوى سلوك وحياة .. التقوى ليس ممارسة طقوس ولا عبادة لله بالحرف بل بالروح والحق وهى تعنى الصلاح الرحيم والأمانة فى العلاقات { يا رب من ينزل في مسكنك من يسكن في جبل قدسك.السالك بالكمال والعامل الحق والمتكلم بالصدق في قلبه.الذي لايشي بلسانه ولا يصنع شرا بصاحبه ولا يحمل تعييرا على قريبه. والرذيل محتقر فيعينيه ويكرم خائفي الرب يحلف للضرر ولا يغير. فضته لا يعطيها بالرب ا ولا ياخذ الرشوة على البريء الذي يصنع هذا لا يتزعزع الى الدهر} مز 1:14-5.هذا ما أكد عليه الانبياء { اني اريد رحمة لاذبيحة ومعرفة الله اكثر من محرقات} هو 6:6 . وأكد عليه السيد المسيح له المجد { فاذهبوا وتعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 9 : 13). ان الانسان التقى بالعبريه حيسد هو انسان أمين وتقترن عبادته لله بالأمانة التى نفتقدها هذه الأيام الصعبة { ولكن اعلم هذاانه في الايام الاخيرة ستاتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين. بلا حنو بلارضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح. خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها فاعرض عن هؤلاء }2تيم1:3-5. التقوى تجعل الانسان يقاوم ضد الخطية حتى الدم والنفس الاخير من أجل المواعيد وقيامة أفضل { في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض. فان الذين يقولون مثل هذا يظهرون انهم يطلبون وطنا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. ولكن الان يبتغون وطنا افضل اي سماويا لذلك لا يستحي بهم الله ان يدعى الههم لانه اعدلهم مدينة} عب 13:11-16. واذ نعلم العالم يمضى وشهوته معه يجب ان نحيا فى سيرة مقدسة وتقوى { لا يتباطا الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتانى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس بلان يقبل الجميع الى التوبة. ولكن سياتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الارض والمصنوعات التي فيها.فبما انهذه كلها تنحل اي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى.منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وارضا جديدة يسكن فيها البر. لذلك ايها الاحباء اذ انتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام} 2بط 9:3-14 السيد المسيح وحياة التقوى والبر ... قداسة السيد المسيح وتقواه .. السيد المسيح فى تجسده على الارض شابهنا فى كلشئ ما خلا الخطية وحدها وقد قال للذين قاوموه من اليهود {من منكم يبكتني على خطية فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي} (يو 8 : 46) . وقد تنبأ عن تقواه اشعياء النبى قديما { ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من اصوله. ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب. ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينه ولا يحكم بحسب سمع اذنيه. بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالانصاف لبائسي الارض ويضرب الارض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. ويكون البر منطقة متنيه والامانة منطقة حقويه} أش 1:11-5. وعندما قام السيد المسيح بشفاء المولود أعمى منذ ولادته وجاد له المقاومين من اليهود عن من هو السيد المسيح راينا يشهد بتقواه { اجاب الرجل وقال لهم ان في هذا عجبا انكم لستم تعلمون من اين هو وقد فتح عيني. ونعلم ان الله لايسمع للخطاة ولكن ان كان احد يتقي الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع. منذ الدهر لميسمع ان احدا فتح عيني مولود اعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر ان يفعل شيئا}يو 30:9-33. بل شهد له الآب قائلا {و فيما هو يتكلم اذا سحابة نيرة ظللتهم و صوتمن السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا }(مت 17 : 5). السيد المسيح هو سر تقوانا .. لقد جاء السيد المسيح متجسداً لكى يرينا كيف نحيا حياة التقوى مقدما لنا ذاته مثالنا لكى ما نتبع خطواته ولكى مايقودنا الى الايمان كى نحيا سر التقوى كما قال الإنجيل { وبالاجماع عظيم هو سرالتقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الامم اومن به في العالم رفع في المجد }(1تي 3 : 16). لقد ظهر الله فى الجسد وصار لنا براً وقداسةً بالروح القدس وقدم ذاته عوضاً عن الخطاة وتراءى للملائكة وتهللت بميلاده العجيب وكرز به بين الامم للإيمان والخلاص وصعد بمجد عظيم الى السموات لياتى ديانا عادلا فى اليوم الاخير ان سر التقوى للمؤمنين باسمه انه القادر وحده بمحبته انينفذ الى أعماقنا ويطهرنا من كل خطية ويفتدينا ويصالحنا مع الآب القدوس . السيد المسيح وتعاليمه عن تقوى الله ...لقدعلم السيد المسيح ونادى بتقوى الله بين الناس لا بمعنى مخافته فحسب بل بمعنى الإيمان به ومحبته والاخلاص فى التعبد له وحفظ وصاياه والتمثل بصفاته حتى الاتحادبه لنصير واحداً معه ويصير الله هو الكل فى الكل . لقد قاوم السيد المسيح شكلية العبادة { هذا الشعب قد اقترب اليٌ بفمه وأكرمنى بشفتيه ، وأما قلبه فأبعده عنى وصارت مخافتهم منى وصية الناس} أش 13:29 . فجاء السيد المسيح واقترب منا واعلن لنا ابوه الله وبين نظرته للخطاه كمرضى يحتاجون الى العلاج وانه جاء ليبحث عن الضال ليرده {وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه. فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين هذا يقبل خطاة وياكل معهم. فكلمهم بهذا المثل قائلا. اي انسان منكم له مئة خروف واضاع واحدامنها الا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لاجل الضال حتى يجده. واذا وجده يضعه على منكبيه فرحا. وياتي الى بيته ويدعو الاصدقاء والجيران قائلا لهم افرحوا معي لاني وجدت خروفي الضال. اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة} لو 1:15-7. { هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} مت 14:18. لقد عرف الناس ابوة الله ورحمته وسيبقى حاضرامعنا وحالاً بالإيمان فينا ليعرفنا ويقودنا ايضاً { ايها الاب البار ان العالم لم يعرفك اما انا فعرفتك وهؤلاء عرفواانك انت ارسلتني. وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم } يو 25:17-26. محبة الله ومخافته فى تعاليم السيدالمسيح .. لقدأكد السيد المسيح على ان محبة الله هى الركيزة الاولى التى يبنى عليها الايمان المسيحى {وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى فى الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} مت 35:22-40. ولقد كان السيد المسيح المثل الاعلى لمحبة الآب القدوس فالمحبة تصل الحد الأعلى لها عندما يكون المحب والمحبوب وحدة واحدة مطلقة { قال له فيلبس يا سيد ارناالاب و كفانا. قال له يسوع انا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رانى فقد راى الاب فكيف تقول انت ارنا الاب . الست تؤمن اني انا في الاب والاب فىّ الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال. صدقونى اني في الاب والاب في والا فصدقوني لسبب الاعمال نفسها} يو 8:14-11. وكما علمنا المسيح له المجد ان نحب الله فقد علمنا أيضاً ان نحيا فى مخافته كديان عادل يجازى كل واحد كنحو أعماله ان كان خيراً او شراً { بل اريكم ممن تخافون خافوا من الذي بعدما يقتلله سلطان ان يلقي في جهنم نعم اقول لكم من هذا خافوا. اليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسيا امام الله. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلاتخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة. واقول لكم كل من اعترف بي قدام الناس يعترف بهابن الانسان قدام ملائكة الله. ومن انكرني قدام الناس ينكر قدام ملائكة الله} لو5:12-9. فاننا سننال المكافأة او الجزاء على أفكارنا وأعمالنا من الله { وكل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس. عالمين انكم من الرب ستاخذون جزاء الميراث لانكم تخدمون الرب المسيح. واما الظالم فسينال ما ظلم به وليس محاباة} كو23:3-25. المسيحى والتقوى ... ان التقوى تشتمل على عنصريين اساسيين عنصر العبادة والمحبة لله والطاعة لوصاياه وعنصر ممارسة أعمال البر ومحبة الاخرين وخدمتهم والباعث لذلك هو روح البنوة للآبفى المسيح يسوع ربنا بنعمة وعمل الروح القدس { لذلك ونحن قابلون ملكوتا لا يتزعزع ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى} عب 28:12 . والتقوى من الفضائل الأساسية، التي على المؤمنين لاسيما الرعاة والخدام ان يتحلو بها { واما انت يا انسان الله فاهرب من هذا واتبع البروالتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياةالابدية التي اليها دعيت ايضا } اتيم 11:6-12. ان نعمة الله المخلصة تستوجب علينا السير فى طريق البر والتقوي { لانه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس. معلمة ايانا ان ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر. منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح.الذي بذل نفسه لاجلنا لكي يفدينا من كل اثم ويطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في اعمال حسنة} تي11:2-14. والتقوى تُعطي القوة لاحتمال الاضطهادات، التيهي نصيب أولئك الذين تتمثّل تقواهم بتقوى المسيح {واما انت فقد تبعت تعليمي وسيرتى وقصدي وايماني واناتي ومحبتي وصبري. واضطهاداتي والامي مثل ما اصابني في انطاكية وايقونية ولسترة اية اضطهادات احتملت ومن الجميع انقذني الرب. وجميع الذين يريدونان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون} 2تيم 10:3-12. سمات الاتقياء وثمار التقوى ... سعيد ومبارك هو المؤمن التقى {طوبى لكل من يتقّيالربّ ويسلك في طرقه} (مز 128- 1) . فانه مثل الشجرة المغروسة عند مجاري المياه التي تعطى ثمرها في أوانها وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح. ومن أجمل هذه الثمارالتي تظهر في حياة الاتقياء البر والقداسة... {فإذ لنا هذه المواعيد أيها الاحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكمّلين القداسة في خوف الرب} (2كو 7-1). الله يدعونا ان نحيا حياة البر والقداسة وهذه الثمار يجب أن تظهر يوميا في كل ما نريد أن نفعله، فحياة الخشوع والتقوى تنتج عنها مستويات عاليه من القداسة والطهارة. التواضع والوداعة ... من مظاهرالتقوى التواضع والوداعة أمام الله والناس لهذا طالبنا السيد المسيح ان نتعلم منه{ احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم }(مت 11 : 29). وضرب لنا مثالاً عن أهمية التواضع فى حياة التقوى بالفريسى والعشار { وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذا المثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخر عشار. اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لستمثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. اصوم مرتين فى الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه. واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحوالسماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ. اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع} لو 10:18-14.لقد راينا تواضع السيد المسيح ووداعته فى كثير من المواقف ولاسيما فى غسله لارجل تلاميذه { فلما كان قد غسل ارجلهم واخذ ثيابه واتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم.( أنظر ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبا بيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك. فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكمان يغسل بعضكم ارجل بعض.لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا}يو 12:13-15. الإيمان والقناعة والأمانة ..الاتقياء تتولد لديهم ثقة بالله وايمان بمحبة الله ورعايته تجعلهم يعيشوا حياة الاتكال على الله والشعورالدائم بحضور الله { جعلت الرب امامي فيكل حين. لانه عن يميني فلا اتزعزع. لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي. جسدي ايضا يسكن مطمئنا.لانكلن تترك نفسي في الهاوية لن تدع تقيك يرى فسادا. تعرفني سبيل الحياة امامك شبع سرور في يمينك نعم الى الابد} مز 8:16-11. ومن الايمان تتولد الطاعة لله والتضحيةلأجله. {الآن علمت أنك خائف الله فلم تُمسلك ابنك وحيدك عني} (تكوين22: 12). والتقوى تولد القناعة ايضا { واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة }(1تي 6 : 6).لانبركة الرب تغنى الاتقياء وتشبع كل احتاجاتهم اما محب المال فلا يشبع { لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان و طعنوا انفسهم باوجاع كثيرة }(1تي 6 : 10). ومع التقوى والايمان يحيا الانسان أمينا فى حياته وعلاقاته وصلواته وخدمته والامين فى القليل يقيمه الله على الكثير ويرث ملكوت السموات . البعد عن الشر وصنع الخير .. الانسان التقى يبغض الشر ويصنع الخير { حد عن الشر واصنع الخير ، اطلب السلامة واسع وراءها} مز14:34.المتقى الرب يبغض الشر وينفر منه ويصنع الخير حبا فى الله والخير والغير من اجلالله . لقد راينا كيف كان دانيال والفتية الثلاثة أمناء يحيدوا عن الشر حتى لو رفضوا أوامر الملك و اطايب الأكل واكتفوا بالبقول فى صومهم فكافاهم الله وانقذ دانيال من الاسود والفتية الثلاثة من أتون النار وهكذا عاشوا معاً متغربين لكنفى وصية الله وطاعته عاشوا معاً فى صداقة روحية {رفيق أنا لكل الذين يتقونك} (مز119:63). «حينئذ كلَّم متقو الرب كل واحد قريبه. والرب أصغى وسمع... للذين اتقوا الرب،المفكرين في اسمه» (ملا3: 16). التقوى وحياة التسليم والشكر لله .. حياة التسليم والثقة في الرب. {مَن هو الإنسان الخائف الرب؟ يُعلِّمه طريقًا يختاره} (مز: 12). إنه التقىلا يثق في نفسه وفي اختياراته، لهذا تجدالاتقياء يطلبوا عون الله وارشاده لهم فى الطريق التى يسلكوا فيها وهو يقودهم بروحه القدوس او بكلمته الله وبقديسيه ولهذا تنجح طرقهم فيحيوا حياة الشكر { لذلك ونحن قابلون ملكوتا لا يتزعزع ليكن عندنا شكر بهنخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى (عب 12: 28). نتائج تقوى الله فى حياة المؤمن .. مخافة الرب والصحة النفسية . فمخافة الرب تعالج القلق { في مخافة الرب ثقة شديدة } (أم26:14) ، كما أنها تعالج الاكتئاب { القليل مع مخافة الرب، خير من كنز عظيم مع هم } (أم16:15) . كما أن تقوى الله تعطى ثقة فى الله والنفس وتمنع الخوف من الناس ، التقوى تحمل معها البركة وطول العمر { مخافة الرب تزيد الأيام } (أم27:10) ، فالخائف الرب دائماً فرحان،ومكتوب أن { القلب الفرحان يطيّب الجسم } (أم22:17) ، ومثل هذا المؤمن لا يعانى من الأمراض الجسدية الناتجة عن متاعب نفسية مخافة الرب و النجاح الاسرى والشخصى . وكما جاء فى المزمورعن الانسان المتقى الرب { طوبى لكل من يتقي الرب ويسلك في طرقه.لانك تاكل تعب يديك طوباك وخير لك. امراتك مثل كرمة مثمرة في جوانب بيتك بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك.هكذا يبارك الرجل المتقي الرب. يباركك الرب من صهيون و تبصر خير اورشليم كلايام حياتك. وترى بني بنيك} 1:128-6. فلا يتخلى الله عن أتقيائه او حتى نسلهم { كنت فتى وقد شخت، ولم أرَ صديقاً تُخلـّى عنهاو ذرية له تلتمس خبز } (مز45:37) كماان الانسان التقى الامين يكون موضع ثقة الناس ورضاء الله ويعلن له الله اسرارهويحيا فى سلام المسيح ورعايته ويرث الحياة الابدية { ان الذين رقدوا بالتقوى قدادخر لهم ثواب جميل }(2مكا 12 : 45).ان كلمة الله فى الكتاب المقدس والواقع العملى فى الحياة تؤكد على ان حياة التقوى هىحياة تقود الى البركة والسعادة والغبطة والنجاح وتهب الانسان سلام ورضا وقناعة دائمة حتى وسط الضيقات أو التجارب { احبوا الرب يا جميع اتقيائه الرب حافظ الامانة ومجاز بكثرة } (مز 31 : 23). وما اجمل انيرضى الله عنا { يرضى الرب باتقيائه بالراجين رحمته }(مز 147 : 11). القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
02 نوفمبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح - 26 المسيحى وحياة التسامح والغفران

حاجتنا الى التسامح والغفران ... التسامح والغفران علاج للتعصب والكراهية .. وسط عالم يسوده الكراهية والعنف والحقد ومحاولات الايذاء أو السيطرة على الغير أو استغلالهم أو اذلالهم، ومع ما نشاهده من انتشار الحروب والقلاقل وقتل الابرياء تحت مختلف الحجج ولما نراه من التمييز الدينى والطبقى والعرقى والجنسى فان مجتمعاتنا المعاصرة فى حاجة الى روح التسامح والمغفرة التى تنبع من حياة وتعاليم السيد المسيح الذى جال يصنع خيراً على الارض وسامح وغفر للذين اساؤا اليه وحتى الذين صلبوه والذين اخذوا يصيحون حوله مطالبين له بحكم الموت على الصليب، نجده ينظر اليهم فى شفقة طالبا من الاب السماوى لهم الغفران {فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون} (لو 23 : 34) ان دائرة العنف والكراهية لن يوقفها الفعل العنيف ورده فالنار لا تطفأ بالزيت بل بالماء هكذا العنف والكراهية تحتاج الى المحبة والاخاء الانسانى والحكمة والايجابية وروح المساواة وسيادة القانون لكى ما يعود من أعمتهم الكراهية الى رشدهم وضميرهم ويتقدم المجتمع ويسير فى طريق السلام والمصالحة من أجل هذا علمنا السيد المسيح قائلا { سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن. واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا. ومن اراد ان يخاصمك وياخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا. ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين. من سالك فاعطه ومن اراد ان يقترض منك فلا ترده . سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين. لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا.فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} مت 38:5-48 أن التسامح والمغفرة من الانسان يجب ان لا يكونا مدعاة للاشرار فى التمادى فى ظلمهم بل لاعادتهم الى طريق الصواب ولهذا يجب ان يكفل القانون والنظام المحلى والدولى العدالة والمساواة حتى لا نجد أنفسنا نسير وفقاً لشريعة الغاب التى يأكل فيها القوى أخيه الضعيف وتنتشر الفوضى والمظالم فى المجتمع . التسامح والغفران ثمرة المحبة ... التسامح هو الصفح والغفران مع ترك ونسيان الاساءة للمخطئين ومغفرة زلاتهم نحونا وذلك بدافع المحبة التى تصبر وتحتمل وتبذل من أجل خلاص القريب ومن اجل ربح النفس ومن أجل سلام الانسان الداخلى فالكراهية وباء ومرض يؤثر على من يحملها ويجعله قلقا لا يجد سلاماَ لا فى علاقته بالله ولا مع الغير ويحيا فى صراع داخلى . وليس معنى ذلك ان لا نعاتب أو نتغاضى عن حقوقنا فى أحساس بالظلم أو الضعف فالقوى هو الذى يصفح ويسامح، والعفو عند المقدرة هو من شيم الاقوياء { وان اخطا اليك اخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما ان سمع منك فقد ربحت اخاك. وان لم يسمع فخذ معك ايضا واحدا او اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين او ثلاثة. وان لم يسمع منهم فقل للكنيسة وان لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار} مت 15:18-17. وليس معنى ان يكون كالوثنى او العشار ان نكرهه بل ان نصلى من اجل اصلاحه وان تحاشيا العلاقة به من اجل سلام النفس وعدم اذدياد الخلاف او الخصام .كما يجب علينا متى أخطائنا تجاه احد ان نسارع الى مصالحته لكى ما يقبل الله صلواتنا وتقدماتنا { فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك. كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن. الحق اقول لك لا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الاخير} مت 23:5-26. التشبه بغفران الله غير المحدود ... سأل القديس بطرس السيد المسيح قائلاً هل الى سبع مرات يخطئ الىٌ اخى واسامحه فاجاب المخلص لا بل الى سبعين مرة فى سبعه مرات اى الى عدد غير محدود لان الله عالم بضعف البشر وان كان ذلك ليس فى مقدورنا لكنه مستطاع بالصلاة ومعونة الله ، ولنتذكر كم مرة فى حياتنا نخطئ الى الله ويسامحنا ويستر خطايانا ويغفرها عندما نرجع اليه ولهذا { ان كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس }(رو 12 : 18). وما ليس فى طاقتنا نصلى لله ان يجعله ممكن لدينا ويهبنا الطاقة والقوة والحكمة لصنعه { حينئذ تقدم اليه بطرس وقال يا رب كم مرة يخطئ الي اخي وانا اغفر له هل الى سبع مرات. قال له يسوع لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات. لذلك يشبه ملكوت السماوات انسانا ملكا اراد ان يحاسب عبيده. فلما ابتدا في المحاسبة قدم اليه واحد مديون بعشرة الاف وزنة. واذ لم يكن له ما يوفي امر سيده ان يباع هو وامراته واولاده وكل ما له ويوفي الدين. فخر العبد وسجد له قائلا يا سيد تمهل علي فاوفيك الجميع. فتحنن سيد ذلك العبد واطلقه و ترك له الدين. ولما خرج ذلك العبد وجد واحدا من العبيد رفقائه كان مديونا له بمئة دينار فامسكه واخذ بعنقه قائلا اوفني ما لي عليك. فخر العبد رفيقه على قدميه وطلب اليه قائلا تمهل علي فاوفيك الجميع. فلم يرد بل مضى والقاه في سجن حتى يوفي الدين. فلما راى العبيد رفقاؤه ما كان حزنوا جدا واتوا وقصوا على سيدهم كل ما جرى. فدعاه حينئذ سيده وقال له ايها العبد الشرير كل ذلك الدين تركته لك لانك طلبت الي. افما كان ينبغي انك انت ايضا ترحم العبد رفيقك كما رحمتك انا. وغضب سيده وسلمه الى المعذبين حتى يوفي كل ما كان له عليه. فهكذا ابي السماوي يفعل بكم ان لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لاخيه زلاته}مت 21:18-35 الغفران والتسامح والسلام الداخلى ... هل أنت واحد من الذين تأذَّوْا في مشاعرهم واعمالهم وحياتهم على أيدي الآخرين؟ وهل دخلتْ الكراهية إلى قلبك وعقلك وفكرك أو تنتابك مشاعر الغضب، أو الغيظ ، أو العداوة، والمرارة، والرغبة في الانتقام؟ وهل امتلأت نفسك بروح عدم المغفرة؟ إن عدم المغفرة يمكن أن يتحوَّل داخلك إلى ذئب مختفي. إنه قادر أن يجعلك سجيناً داخل نفسك . ويؤذيك فحينما تُعشِّش روح عدم المغفرة داخلنا، فهو لن تؤذي الذي أخطأ في حقك الا حين تعمل على ايذائه ؛ أما أنت فستظل ممسوكاً ومُقيَّداً بما تملَّك على أفكارك وقلبك وتصرفاتك وكلامك. إن تلك المشاعر السلبية تنخر داخل الانسان مثل سرطان سام، وإذا بنا نكتشف أننا مربوطين بالعداوة، وقد فارقنا السلام القلبي الداخلي . ولكن حالما نعزم على المغفرة تشرق نعمة المسيح الغافرة داخل قلوبنا ونشعر بالسلام . لأن الروح القدس الوديع الهادئ يهبنا المحبة الغافرة والتعزية والرجاء والصبر والقوة { ليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 :3- 5) . ولهذا نصلى من أجل المسيئين الينا ومن اجل ان ينزع الله عنا كل مرارة وغضب وتحزب ويحل سلام الله فينا { وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع} (في 4 : 7). التسامح الغفران وعدم الادانة ... اننا نحتاج الى الغفران ونطلبه من الله ولهذا يجب ان لا ندين ليكون لنا سلام مع الله والناس ولا ندان من الله ويغفر لنا خطايانا { لا تدينوا فلا تدانوا لا تقضوا على احد فلا يقضى عليكم اغفروا يغفر لكم }(لو 6 : 37). اننا نتعلم من محبة الله الغافرة والمحررة كيف نحب ونغفر ويكون لنا العين البسيطة التى تستر ضعفات الغير لذلك يقول الرسول بطرس { ولكن قبل كل شئٍ لتكن محبَّتكم بعضكم لبعضٍ شديدةً لأن المحبَّة تستر كثرةً من الخطايا} وراينا كيف غفر الله للمرأة الخاطئة لانها تابت وقدمت مشاعر محبة صادقة كما بكت السيد المسيح سمعان الفريسى لقلة محبته وادانته للغير { وسأَلهُ واحدٌ من الفريسيين ان يأكل معهُ فدخل بيت الفريسي واتكأَ. وإذا امرأَة في المدينة كانت خاطئَة إذ علمت أنه متكَّئٌ في بيت الفريسي جاءَت بقارورة طيبٍ ووقفت عند قدميهِ من ورائهِ باكيةٍ وابتدأَت تبلُّ قدميهِ بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبّل قدميهِ وتدهنهما بالطيب. فلَمَّا رأَى الفريسي الذي دعاهُ ذلك تكلَّم في نفسهِ قائلا لو كان هذا نبيَّاً لعلم مَنْ هذه المرأة التي لمستهُ وما حالها. إنها خاطئَة. فأجاب يسوع وقال لهُ يا سمعان عندي كلمة أقولها لك. فقال قُلْ يا معلّم. كان لمداينٍ مديونان. على الواحد خمسمائَة دينارٍ وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعاً. فقُلْ. أيُّهما يكون أكثر حبَّاً لهُ. فأجاب سمعان وقال أظنُّ الذي سامحهُ بالأكثر. فقال لهُ بالصواب حكمت. ثم التفتَ إلى المرأَة وقال لسمعان أَتنظر هذه المرأَة. إني دخلت بيتك وماءً لرجليَّ لم تُعطِ. وأمَّا هي فقد غسلت رجليَّ بالدموع ومَسَحتهما بشعر رأسها. قُبلةً لم تقبّلني. وأمَّا هي فمنذ دخلت لم تكفّ عن تقبيل رجليَّ. بزيتٍ لم تدهن رأْسي. وأما هي فقد دهنت بالطيب رجليَّ. من أجل ذلك أقول لك قد غُفِرَت خطاياها الكثيرة لأنها أحبَّت كثيراً. والذي يُغفَر لهُ قليلٌ يحبُّ قليلاً. ثم قال لها مغفورة لكِ خطاياكِ… إيمانكِ قد خلَّصكِ. اذهبي بسلامٍ} لو 36:7-50 . هكذا وبخ الله الفريسى الذى ادان المرأة الخاطئة وغفر للمرأة لانها تابت وأحبت ولم تدين غيرها فمن منا يترك ميته لكى يبكى على ميت غيره . لهذا قال الأنبا يؤانس القصير مرة لقد رذلنا الحِمْل الخفيف، وهو أن ندين أنفسنا؛ واخترنا الحِمْل الثقيل الذي هو تبرير أنفسنا وإدانة الآخرين . السيد المسيح والتسامح والغفران .... التسامح فى حياة وتعاليم المخلص.. التسامح هو عمل ايجابى لحلول السلام وتدريب الانسان على قمع الغرائز الحيوانية والتخلص من روح العدوانية وسيطرة على النفس. للارتقاء بالسلوك الانسانى الى مستوى الكمال الالهى الذي لا يجازى عن الشر بالشر بل يترك وينسى من اجل الاصلاح .ان التسامح قوة لضبط النفس وليس ضعف لان القوى هو من ينتصر على نفسه وليس على خصمه وبهذا يربح نفسه وخصمه وينتزع من الخصم الشر والحقد ويحوله الى صديق { طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون (مت 5 : 9).فى تعامل السيد المسيح مع الناس ضرب لنا اروع الامثلة فى التسامح معلما ايانا ان نقتفى أثره . اراد مرة ان يدخل قرية للسامريين وكان بينهم عداوة مع اليهود فرفضه أهلها {وحين تمت الايام لارتفاعه ثبت وجهه لينطلق الى اورشليم. وارسل امام وجهه رسلا فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له. فلم يقبلوه لان وجهه كان متجها نحو اورشليم. فلما راى ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا قالا يا رب اتريد ان نقول ان تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل ايليا ايضا. فالتفت وانتهرهما وقال لستما تعلمان من اي روح انتما.لان ابن الانسان لم يات ليهلك انفس الناس بل ليخلص فمضوا الى قرية اخرى} لو 51:9-56. لقد قاوم السيد روح الانتقام لدى تلاميذه وعلمهم انه لا يريد هلاك الناس بل خلاصهم .وعندما أساء اهل الناصرة الى السيد المسيح وارادو ايذائه وطرحه من أعلى الجبل رايناه يرد بقوله { ليس نبي بلا كرامة الا في وطنه وفي بيته} (مت 13 : 57).وتركهم فى هدوء ومضى .وعندما جاءت جماعة الاشرار للقبض عليه لم ينتقم منهم بل حتى عندما تقدم بطرس وضرب بالسيف العبد وقطع اذنه قام السيد المسيح باعادتها سليمة مرة اخرى وامر بطرس برد السيف الى غمده قائلا { رد سيفك الى مكانه لان كل الذين ياخذون السيف بالسيف يهلكون. اتظن اني لا استطيع الان ان اطلب الى ابي فيقدم لي اكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة. فكيف تكمل الكتب انه هكذا ينبغي ان يكون. في تلك الساعة قال يسوع للجموع كانه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتاخذوني كل يوم كنت اجلس معكم اعلم في الهيكل ولم تمسكوني} مت 52:26-55. لقد تعلم الرسل من المعلم الصالح واخذوا ينادوا بتعاليمه { ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث. وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح} أف 31:4-32. غفران الله ورحمته .. ان الله اله غفور رحيم { حافظ الاحسان الى الوف غافر الاثم والمعصية والخطية }(خر 34 : 7). تغنى برحمته الانبياء {من هو اله مثلك غافر الاثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه لا يحفظ الى الابد غضبه فانه يسر بالرافة} (مي 7 : 18). والانسان الخاطى الذى يتوب ويرجع الى الله يبرئه الله من دينه بالصفح عنه { اصفح عن ذنب هذا الشعب كعظمة نعمتك وكما غفرت لهذا الشعب من مصر الى ههنا} عدد19:14. (بالعبرية سالاح). وهذا الإبراء وهو فعال لدرجة أن الله لا يعود ينظر بعد إلى الخطيئة، وكأنه قد نبذها وراء ظهره (إشعيا 38: 17)، وكفر عنها وأزيلت { فطار الي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد اخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمي وقال ان هذه قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفر عن خطيتك} أش 6:6-7. وإذ يستخدم المسيح هذه المصطلحات، يؤكد أن الإبراء مجاني، فالمديون عاجز عن الوفاء. وتنصبّ الكرازة المسيحية الأولى في الوقت نفسه على الايمان بالمسيح والتوبة وغفران الخطايا { وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث.وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. وانتم شهود لذلك} لو46:24-48 . وهكذا دعا الرسل الى الايمان كما اوصاهم السيد المسيح { لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين} (اع 26 : 18) . { فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس} (اع 2 : 38).وهناك مفردات أخرى، مثل طهر، غسلَ، برر، تظهر في كتابات الرسل التي تلحّ على الأوجه الإيجابية من الغفران القائمة على المصالحة مع الله . وانا كان الانسان بطبعه العتيق يخطئ {نحن شعب قساة الرقاب. لكن اغفر ذنبنا وخطيئتنا واتخذنا ملكاً لك} (خر: 6- 9). فان قلب الله ليس كقلب الإنسان، والقدوس لا يحب أن يهلك (هو 11: 8-9). إن الله أبعد من أن يشاء موت المنافق، لكنه يريد توبته (حز 18: 23)، لكى يغدق عليه غفرانه لأن {طرقه ليست كطرقنا، وأفكاره تعلو عن أفكارنا، كما تعلو السماوات عن الأرض} (إش 55: 7-9) . والله هو الآب الذي يرأف بجميع أبنائه (مز 103: 3 و8-14). ويتوسل إليه شعبه بصفته {الإله الغفور} (نح 9: 17)، وإله الرحمة (دانيال 9: 9)، المستعدّ دوماً أن يرجع عن الشر الذي هدًد به الخاطئ، اذ يرجع ويتوب (يؤ 2: 13). يونان النبى - الذي يمثّل النزعة القومية في إسرائيل- قد "كمد قلبه "، إذ رأى هذا الغفران مقدماً لجميع الناس (يون 3: 10، 4: 2). وبعكس ذلك، يشهد كتاب الحكمة بالله ويسبَحه لأنه يحب كل الذين خلقهم ويشفق على الجميع، ويتغاضى عن خطايا الناس لكي يتوبوا ويوبّخهم شيئاً فشيئاً مذكراً إياهم بما أخطأوا لكي يؤمنوا به فهو يبين هكذا أن القدير الذي يتميَز بالمغفرة . السيد المسيح والغفران ... دعا السيد المسيح الى التوبة والغفران لكل من هم في حاجة إليها { فاجاب يسوع وقال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى. لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة. } لو 31:5-32. وهو يحثنا على التوبة والرجوع { فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} (لو19: 9- 10) بإعلانه أن الله هو أب، تقوم مسرته في الصفح عن الزلات { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة و تسعين بارا لا يحتاجون الى توبة } (لو 15-7)، ومشيئته في أن لا يدع أحدا يهلك (متى 18: 12-14) . ولا يكتفي يسوع بإعلان هذا الغفران الذي يقبله المؤمن المتواضع بينما يرفضه الإنسان المتكبر (لو 7: 47- 50، 18: 9- 14) " بل هو يمارس منح الغفران ويستشهد بأعماله أنه يملك هذا السلطان الذى هو لله وحده (مر 2 : 5- 11 ). لقد توّج المسيح عمله بطلبه الغفران من الاب السماوى لصالبيه وبسفك دمه لغفران الخطايا (متى 26: 28). وهو يبرّر الجموع بحمله خطاياهم في جسده (1 بط2: 24 ، إش 53: 11- 12)، لأنه الحمل الذي يرفع خطايا العالم (يو 1 : 29) فبدمه نتطهَر، ونغتسل من خطايانا{ ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم} 1يو 9:1. الصفح عن الإهانات.. منذ العهد القديم، لم تقتصر الشريعة فقط على وضع حدّ للانتقام بسنّة العين بالعين (خر 21: 23- 25)، ولكنها أيضاً تنهي عن بغض الأخ لأخيه، كما أنها تحرّم الانتقام والحقد نحو القريب (لا 19: 17- 18). ذكر الكتاب الرابطة التي تربط بين غفران الإنسان لأخيه وبين الغفران الذي يلتمسه الإنسان من الله { من انتقم يدركه الانتقام من لدن الرب ويترقب الرب خطاياه. اغفر لقريبك ظلمه لك فاذا تضرعت تمحى خطاياك. ايحقد انسان على انسان ثم يلتمس من الرب الشفاء. ام لا يرحم انسانا مثله ثم يستغفر عن خطاياه. ان امسك الحقد وهو بشر فمن يكفر خطاياه} سير1:28-5. ينبغي أن نغفر لأخينا. ويوضَح المثل الذي ضربه المسيح عن الغريم القاسي (متى 18: 23- 35) مشدداً على هذه الحقيقة { فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي. وان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم. (متى 6: 14- 15)، ولكي لا ننسى ذلك طلب منّا السيد أن نردّدها كل يوم في الصلاة الربانية، إذ ينبغي لنا أن نكون في حال تمكّننا من القول إننا نغفر. وبهذا الإقرار الذي ترتبط به طلبتنا، بكون صفحنا لأخوتنا شرطاً لطلب الغفران الإلهي (لوقا 11: 4)، ومرة أخرى، بلفظ "كما" الذي يحدد مقياس هذا الغفران (متى 6: 12). بل يذهب إلى ما هو أبعد من هذا اذ يقدم لنا مثلاً أعلى للرحمة { بل احبوا اعداءكم واحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون اجركم عظيما وتكونوا بني العلي فانه منعم على غير الشاكرين والاشرار.فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم} (لوقا 6: 35- 36) ان الذين صار الله أباً لهم عليهم أن يقتدوا به حتى يكونوا أبناءه حقاً (متى 5: 43- 45 و48). فالغفران ليس شرطاً سابقاً للحياة الجديدة فقط ، بل هو ركن من أركانها الأساسية. ولذلك يفرض يسوع على بطرس ألا يمل من الغفران، على عكس ما يفعل الخاطئ الذي يصل إلى تجاوز كلّ حد في انتقامه (مت 18: 21- 22،)، واقتداء بالرب (لو 3: 34).لقد أستشهد القديس استفانوس وهو يغفر لراجميه (أعمال 7: 60). وحتى يتمثل المسيحي بمعلمه في مقاومة الشر بالخير{ لا تنتقموا لانفسكم ايها الاحباء بل اعطوا مكانا للغضب لانه مكتوب لي النقمة انا اجازي يقول الرب. فان جاع عدوك فاطعمه وان عطش فاسقه لانك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على راسه. لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير} (رو 19:12- 21)، ، يجب علينا أن نغفر دائماً، ونغفر بدافع المحبة أسوة بالمسيح { محتملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا ان كان لاحد على احد شكوى كما غفر لكم المسيح هكذا انتم ايضا} (كو 3: 13) . صفات التسامح والغفران من كل القلب: يقول البعض أنا مستعد أن أصفح عن كل أخطاء خصمي، ولكن بعد فترة وجيزة أو بمجرد أن يخطىء إليه أخوه يتذكَّر كل الماضي و يبدأ بشنّ حرباً جديدة عليه. ليست هذه المسامحة المقصودة. ولكن كما قال السيد الرب بأنه لا يعود يذكر خطاياهم فيما بعد { انا انا هو الماحي ذنوبك لاجل نفسي وخطاياك لا اذكرها }(اش 43 : 25) .إذاً عليك أن تطرح كل خطايا أخيك في أعماق النسيان، وتنزعها من كل قلبك، و تذكر وصية المسيح الثمينة {لأننا نحن أيضاً نغفر لكل من يخطا إلينا}(لو 11: 4). عن كل الأخطاء.. ربما تقول انا أسامح أخي باستثناء خطية معينة لا أنساها ما حييت. اسمع قول المسيح الجميل {بل إلى سبعين مرة سبع مرات} فإن كنت لا تستطيع أن تسامح أخاك، كيف تطلب من الله أن يصفح لك عن كل آثامك وخطاياك. فلنتذكر قول الرسول بولس إلى اهل كولوسي 2: 13 مشيراً إلى عمل المسيح على الصليب {مسامحاً لكم بجميع الخطايا}. الغفران يشمل الكل .. أننا اعتدتنا أن نسامح الذي يسيء إلينا بشرط أن يكون قريبنا أو صديقنا فقط. من لكن يجب ان لا نكون متعصبين، بل ان نتبع تعاليم السيد المسيح ونسمعه وهو يكلمنا {اغفروا يُغفر لكم} (لو 6: 37). و أيضاً {إن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يَغفر لكم} (مت 6: 15). لم يخص الإنجيل فئة معينة الناس، ولكن كل الناس على سواء ـ ولو أنهم أعداء ـ كما فعل ذلك المسيح على الصليب. ويكتب الرسول بولس إلى أهل أفسس {متسامحين كما سامحكم المسيح} فإن كان الله يحب الكل ويشرق شمسه على الأبرار و الأشرار فكيف نفرّق نحن ونسامح البعض ونترك البعض الآخر؟ علامات التسامح والغفران .. ترك الماضي: أولى علامات التسامح هي التعاون مع من أساء إليك في إنجاز العمل، ولا يمكنك ذلك إن لم تترك ما حدث و تبدأ من جديد حتي تكون الخميرة جيدة و البذرة نقية. المحبة.. لا شك عندما تهرب البغضاء تحلّ محلها المحبة الكاملة من القلب الطاهر، و كما يقول البعض: إن أعظم محبة هي تلك التي تكون بعد التسامح. فإن كنت تشعر بالمحبة الحقيقية نحو "خصمك السابق"، فتلك علامة أكيدة للمغفرة و التسامح. فالإنسان الذي لا يحب لا يغفر للآخرين فلا يظن ذلك الإنسان إنه ينال غفراناً من الله لأن الله محبة، أما المرأة الخاطئة التى اتت الي السيد المسيح فقد عبرت عن محبة قوية لله وأحبت كثيراً فغُفرَت خطاياها الكثيرة. الصلاة.. بمجرد أن تصفح عن أخطاء الغير تجد نفسك تذكرهم في صلواتك اليومية. ولكي تحبّهم أكثر عليك أن تصلي من أجلهم ليعطيهم الرب حكمة فتُظهر أمام الله نقاوة قلبك. ويقول الرب في سفر الخروج 35 :5 إن الذي يتقدَّم بتقدمة أمام الرب يكون سموح القلب أي قلبه نقياً طاهراً دون خصام. بركات التسامح... حياة الفرح... عندما يسيء إليّ إنسان و أذهب إليه و أعاتبه و أصلي من أجله، أجد نفسي ممتلئاً بفرح تام لأنني أطرح ثقلاً عن كاهلي قد ألقيته على ربي فأفرح. حياة السلام.. كلنا يعلم أن العالم يتطاحن من أجل السلام.. و لكن هيهات. لا يحلّ السلام إلا إذا صفح كل واحد عن زلة أخيه. وإني أنصحك أن تجرب هذا و لو مرة فستجد عمق السلام الذي يملأ قلبك. راحة الضمير... هل تعلم لماذا يعيش الكثيرين حياة القلق؟ ان كان ذلك لاسباب عده فان من اهمها لأنهم لم يتعلموا التسامح مع الآخرين، ان الله الساكن في قلوبنا يخاطبنا ويطلب منا أن نسامح فلانا عن الإساءة الموجهة منه، ولكن نرفض بشدَّة فنتحمَّل عدم راحة الضمير. ولكي نعيش براحة ضمير، وننعم بالبركات الجزيلة علينا الإصغاء إلى الصوت الذي يناجي ضميرنا ويقول " اغفر لكل من يذنب إليك"، فننال الفرح والسلام وراحة الضمير. ان نعمة المسيح هي وحدها القادرة أن تُدخِل في قلوبنا روح التسامح والمغفرة، لأن المسيح حينما أخلى نفسه ووضع ذاته، استطاع أن يهبنا عطية الخلاص ويُطهِّر قلوبنا . فبنعمة المسيح هذه سننال الحرية والنصرة على مشاعر عدم المغفرة {تعالوا إليَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحكم} مت 11: 28 . أفليست الراحة هي التي نشتاق إليها، حينما تتثقَّل قلوبنا بعذاب روح عدم المغفرة؟ {إن اعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهِّرنا من كل إثم} فلماذا لا نتجرَّأ وندعو المسيح ليدخل إلى ما داخل قلوبنا؟ لذلك ها هي أمامنا الدعوة أن نُلقي بكل أحمالنا عليه، ليُريحنا . القمص إفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
26 أكتوبر 2021

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (25) المسيحى وحياة الفرح والتسبيح

سمات الفرح الروحى .. الفرح الروحى ثمة المسيحى... الفرح الروحى هو سمة من سمات الانسان المسيحى الذى يفرح ببنوته لله وبخلاص الله له من الشيطان ومن الخطية والشر حتى عندما نخطأ ونرجع لله بالتوبة فالتائب يثق فى وعود الله الصادقة فى قبوله للتائبين { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة } (لو 15 : 7). نعم نحن نفرح ونُسر بالرب الذى يلبسنا ثوب الخلاص { فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالهي لانه قد البسني ثياب الخلاص كساني رداء البر مثل عريس يتزين بعمامة ومثل عروس تتزين بحليها} (اش 61 : 10).هكذا نحيا فى عشرة المحبة والفرح بالمسيح { فاني اغار عليكم غيرة الله لاني خطبتكم لرجل واحد لاقدم عذراء عفيفة للمسيح} (2كو 11 : 2) . ونحيا فى فرح متبادل معه { لانه كما يتزوج الشاب عذراء يتزوجك بنوك وكفرح العريس بالعروس يفرح بك الهك} (اش 62 : 5). لقد خلق الله الإنسان للسعادة والفرح ، وضعه في الفردوس وخلق من أجله كل شيء وأحاطه بكل وسائل الراحة وكان يعيش تحت العناية المباشرة لله وفي شركة عميقة معه حتى يعيش سعيداً، وقد تغير الامر بالخطية وتنفيذ حكم الموت فيه وطرده من الجنة، وجاء السيد المسيح ليرجعنا مرة اخرى الى السماء ولنتذوق مذاقة الملكوت وحياة الفرح والتسبيح منذ الان على الارض فنحيا حياة البر والسلام والفرح بالمسيح يسوع ربنا الذى قال {جئت لتكون لهم حياة وليكون لكم أفضل} (يو10:10) .الفرح برعاية الله وصفاته .. إن التأمل فى صفات ورعاية الله الخالق والمخلّص والمفرح يولد في الإنسان فرحاً دائماً. فكيف يمكن أن نتأمل فى محبة الله دون أن نفرح { اغني للرب في حياتي ارنم لالهي ما دمت موجودا. فيلذ له نشيدي وانا افرح بالرب. (مز33:104-34). بل نتشوّق الى أن { يكون مجد الرب الى الدهر، يفرح الرب باعماله} (مز 13:104). اننا اذ نتأمل عمل الله في التاريخ، يغمرنا الفرح الروحى ويصبح الفرح بمثابة عدوى ننقلها للغير وندعوهم اليه {هلموا نرنّم للرب... نهتف لصخرة خلاصنا }(95: 1). { لتفرح السماوات وتبتهج الارض ويقولوا في الامم الرب قد ملك }(1 اخ 16 : 31) وهكذا نحيا الفرح الدائم حتى بالرغم من الضيقات والتجارب نجد التعزية ونفرح انتظاراً لاكتمال الفرح في المجئ الثانى حتى إذا ما أتى الرب يدعونا كعبيد امناء لكى ندخل في فرحه الخاص { ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم} (مت 25 : 34) ونسمع صوته ينادينا { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} (مت 25 : 21). افراح العالم والفرح الروحى .. ان أفراح أهل العالم وقتية وباطلة وترتبط بالسرور الظاهر أو بلذات الجسد ومسرات الطعام والشراب والشهوات والسلطة او المال والمناصب او حتى تحقيق اشياء متصلة بالعالم الحاضر وهذا الفرح قصير العمر، وهو يفتر بعد حين، وتطوِّح به الهموم والتجارب والهزائم وخوف الغد والأمراض والوحدة وتغيُّر الأحوال واقتراب الموت. وقد نختبر شيئاً من هذا الفرح في مناسبات كثيرة في الأعياد والحفلات واجتماعات الاحباء. ونقبله ونسعد به، ولكن لا يجب ان نعوِّل عليه، لأننا نعرف أن هذا الفرح يأتي ويذهب. وإنما فرح المسيحى الحقيقي، هو ثمرة من ثمار الروح القدس الذى وهبه لنا الروح بفداء السيد المسيح وقيامته ، وهو فرح ثابت دائم نستطيع به التغلب على محن وتجارب الحياة فى ثقة وإيمان فتجارب الحياة والآمها لا تنال من المؤمن إلاَّ كما تنال الرياح من الاشجار القوية فتذيدها قوة ورسوخ وثبات ، اننا حين نمضى فى طريقنا عابرين وادى البكاء فاننا من أجل ان تهون علينا رحلة الحياة فاننا نترنم فى قلوبنا لله { عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعا ايضا ببركات يغطون مورة} (مز 84 : 6).. ودوام الفرح المسيحي عمل فوق الطبيعة البشرية، لأنه ليس نتاج عواطف، وإنما هو عمل الروح القدس ومن ثماره. إنه فرح في الرب كتب عنه حبقوق رغم صعوبة الحالة الاقتصادية ومضايقات المضطهدين لهم { فمع انه لا يزهر التين ولا يكون حمل في الكروم يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعاما ينقطع الغنم من الحظيرة ولا بقر في المذاود. فاني ابتهج بالرب وافرح باله خلاصي.الرب السيد قوتي ويجعل قدمي كالايائل ويمشيني على مرتفعاتي } حب 17:3-19. + احزان الحياة وفرحنا فى الرب ... قد يمر المؤمن باشياء محزنة لاسيما فى انتقال الاعزاء عليهم وان كنا نحزن للفراق لكن نحيا على رجاء ويدعونا الكتاب ان لا نحزن حزن من يهلك وليس له رجاء فى القيامة والفرح الابدى { ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لانه ان كنا نؤمن ان يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله ايضا معه. } (1تس 4 : 13-14). هكذا تقدم الشهداء قديما للاستشهاد وكأنه يوم عرس حقيقى لهم. قد نرى بعض المتشائمين ومن لا يثقون فى نعمة الله الغنية يحيون فى كأبة وحزن وشعارهم الاية القائلة { الحزن خير من الضحك لانه بكابة الوجه يصلح القلب} (جا 7 : 3) وذلك كدعوة للحزن . ويتناسوا اننا لا ندعو الى افراح العالم الزائلة او التمتع بملذاته أو استهزاء الجهال وضحكهم ومؤامراتهم بل الى الفرح الروحى فى الرب ونحيا وفقاً تبعا لدعوة الإنجيل لنا للفرح الروحى والتعزية السمائية {ولا تحزنوا لان فرح الرب هو قوتكم }(نح 8 : 10). ونحن نعلم ان لكل شئ تحت السماء وقت { للبكاء وقت وللضحك وقت للنوح وقت وللرقص وقت (جا 3 : 4} كما رقص داود النبى أمام تابوت العهد عندما اتوا به الى اورشليم وكما ارتكض يوحنا المعمدان فرحا فى بطن امه عندما اتت القديسة مريم لزيارتهم { فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس . وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي. فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب. (لو 1 : 41-45) وعندما نحب انفسنا محبة روحية فاننا مدعوين للفرح الروحى { احبب نفسك وفرج عن قلبك وانف الحزن عنك بعيدا }(سي 30 : 24). ان الشى الذى يحزن المؤمن هو بعده اوخيانته لمحبة الله وعدم طاعته لوصاياة مما يفقد الانسان سلامه ويقلقه ويحزن روح الله مصدر الفرح داخله وهذا الحزن يدعونا الى التوبة والخلاص {لان الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة واما حزن العالم فينشئ موتا} (2كو 7 : 10). قد نحتاج ان نعبر عن احزاننا فى الازمات التى نمر او يمر بها اهلنا وبلادنا ونزرف الدموع التى تخلصنا من التوتر وتحمينا من الانهيار فهى تغسل النفس ولكن ليس دموع العجز او اليأس فقد بكى السيد المسيح على لعازر الميت مشاركاً مريم ومرثا ولكنه ذهب الى القبر وأقامة وبكى على أورشليم لانها لم تعرف ما هو لسلامها وأعلم تلاميذه بمصيرها وخرابها القادم والذى تم فى سنة 70 م . ومع هذا فان حزننا وبكائنا يكون ممتزجاً بالرجاء والايمان ولهذا يعطى عزاء وراحة ونحيا فرحين فى الرجاء {ومفديو الرب يرجعون وياتون الى صهيون بترنم وفرح ابدي على رؤوسهم ابتهاج وفرح يدركانهم ويهرب الحزن والتنهد} (اش 35 : 10). ان الخطية هي مصدر التعاسة والشعور بالإثم وسيادة الظلام، كما ان التمتُّع بخلاص المسيح وحضوره ورفقته وعنايته ورعايته كل الأيام، وعمل الروح القدس، هم ينبوع الفرح المسيحي ودوامه. والرب أعلن هذا لتلاميذه قبل الصليب والقيامة قائلاً { المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت، ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح، لأنه قد وُلد إنسان في العالم. فأنتم كذلك، عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحدٌ فرحكم منكم} (يو 16: 21و22). فنحن نحيا فى فرح بالله الذى وعدنا انه سيكون معنا كل الايام وحتى إنقضاء الدهر . ان أهل العالم يعيشوا خاضعين لسطوته يمنحهم افراحه لساعة ويمنعها لسنين وتراهم يحيون فى الحزن والانين . اما المؤمن الحقيقى فلسان حاله قول القديس اغسطينوس ( جلست على قمة العالم عندما احسست انى لا اخاف شئيا ولا اشتهى شيئا). النفس التى ترتوى وتشبع بالله معه لا تريد شئيا على الارض بل يكون الله وروحه القدوس مصدر ارتوا له ويفيض منه العزاء للغير كما قال السيد المسيح { وفي اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي ويشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه لان الروح القدس لم يكن قد اعطي بعد لان يسوع لم يكن قد مجد بعد} يو 37:7-39الفرح في العهد القديم .. من الله تصدر أفراح الحياة الحق، ويقدّمها لشعبة نتيجة أمانته فى عهوده لنا ويجد إلشعب فرحه فى التسبيح لله (مز 33: 1) فقد تنازل الله وصار ملكاً وابا وراعيا ودعونا للفرح في حضرته (تثنية 12: 18)، ونفرح أيضاً بحلاوة التجمع الأخوي (مز 133). كما كانت الأعياد مجال للفرح في جوّ من الحماسة والبهجة ولتذكّر الشعب لعمل الله معهم {باليّوم الذي صنعه الرب لفرحه وسروره}(مز 118: 24). إن بعض هذه الاحتفالات قد تركت بصماتها في التاريخ، كفصح حزقيا (2 أخ 30: 21- 26)، وفصح العودة من السبي (عز 6: 22)، ولاسيما عيد المظال الذي فيه، بعد أن قرأ عزرا الشريعة على الشعب، دعاه الى مأدبة حافلة وأعلن: " إن هذا اليوم يوم مقدّس... لا تحزنو لإن فرح الرب هو قوتكم" (نح 8: 10). ولكي يصير هذا الفرح كاملاً، تأمر الشريعة الشعب بأن يذهب ليستقيه من الله فى هيكل قدسه ، كان الله يدعوهم للذهاب الى الهيكل فى أورشليم، في الأعياد السنوية الثلاثة الفصح والحصاد والمظال حتى ينالوا البركات الإلهية (لا 23: 40، تث16: 11 و 14- 15). من هذا المنبع يرغب الله أن تأتي وتستقي كل الأمم. إن هذا الفرح المقدّم للجميع هو نصيب المتواضعين، الذين يكوّنوا شعب الله الحقيقي (مز 149: 4-5). إنهم أسوة بإرميا يلتهمون التهاماً "الكلمة" الإلهيةّ التي هي بهجة لقلوبهم (إر 15: 16)، ويجعلون فرحهم في الله (مز 33: 21، وفي شريعته (مز 19: 9)، التي هي كنزهم (119: 14 و11، و162). إن اتحادهم الواثق بهذا السيد الذي هو خيرهم الوحيد ومنه يلمتّسوا التطلعات الى الفرح الأبدي المنتظر . السيد المسيح ودعوته لنا للفرح الروحى.. الانجيل وبشرى الخلاص والفرح .. ان كلمة إنجيل تعنى بشرى مفرحة ، (ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). فهو بشرى الخلاص والإيمان والدخول فى أفراح الفداء والقيامة والحياة الابدية ، فمنذ ميلاد المسيح بشرت الملائكة الرعاة بفرح عظيم { وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. واذا ملاك الرب وقف بهم و مجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما.فقال لهم الملاك لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمطا مضجعا في مذود. وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين. المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة } لو 9:2-14. بل ان مجئ السيد المسيح الى العالم كان شهوة الاباء والانبياء وهكذا قبل ميلاد المسيح بما يقرب من الف وتسعمائة عام اشتهى ابراهيم ان يرى الكلمة المتجسد { ابوكم ابراهيم تهلل بان يرى يومي فراى و فرح }(يو 8 : 56). السيد المسيح مصدر فرحنا الدائم .. في المسيح يسوع يكون ملكوت الله حاضراً فينا وهو العريس الذى يفرح نفوسنا وهو الذى حضر مع تلاميذه عرس قانا الجليل وأكمل فرحتهم ليقول لنا انا هو فرحكم ومشاركا لكم فى مختلف الظروف والاوقات وهو الذي صوته يغمر المعمدان فرحاً { فجاءوا الى يوحنا وقالوا له يا معلم هوذا الذي كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له هو يعمد والجميع ياتون اليه.اجاب يوحنا وقال لا يقدر انسان ان ياخذ شيئا ان لم يكن قد اعطي من السماء.انتم انفسكم تشهدون لي اني قلت لست انا المسيح بل اني مرسل امامه. من له العروس فهو العريس واما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس اذا فرحي هذا قد كمل. ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص} (يو 3: 26-30). السيد المسيح علّمنا ان نفرح حتى ان تعرضنا للاضطهاد من اجل اسمه من اجل عظمة الاجر السمائى { طوبى لكم اذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم} مت 11:5-12. وبه ينبغى ان نفرح عندما نعلم كتلاميذ للمسيح بأن أسمائنا مكتوبة في السماء {فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات، وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال احمدك ايها الاب رب السماء والارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء والفهماء واعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك}.( لو 17:10-20). إن السيد المسيح يفرح من أجل اعلان حكمته وملكوته لشعبه المتواضع كما يفرح برجوع الخطاة اليه بالتوبة ويبذل حياته في سبيل خلاصنا بفرح { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله }(عب 12 : 2). لقد دعانا ان نكون أحباء له ويريد لنا الثبات فى محبته ونثمر به ثمراً كثير لنفرح { ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد ابي ان تاتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي. كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي. ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم.هذه هي وصيتي ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم} يو 7:15-12ان كانت ساعات الظلمة والصلب تسببت فى الحزن للتلاميذ والمؤمنين فان القيامة مصدر فرح لا يستطيع احد ان ينزعه منا { فانتم كذلك عندكم الان حزن ولكني ساراكم ايضا فتفرح قلوبكم و لا ينزع احد فرحكم منكم} (يو 16 : 22) وهكذا فرح التلاميذ بالقيامة وظهور السيد لهم { ولما قال هذا اراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب} (يو 20 : 20).ان الله يريد ان نقدم اليه طلباتنا ليهبنا سؤل قلوبنا حسب ارادته الصالحة ليكون فرحنا كاملا (يو24:16) . اسباب الفرح الروحي... الفرح هو ثمرة من ثمار الروح القدس .. وهو علامة مميزة لابناء ملكوت الله فالأمر لا يتعلّق بفرح عابر تحرمنا منه الضيقة { وهؤلاء كذلك هم الذين زرعوا على الاماكن المحجرة الذين حينما يسمعون الكلمة يقبلونها للوقت بفرح.ولكن ليس لهم اصل في ذواتهم بل هم الى حين فبعد ذلك اذا حدث ضيق او اضطهاد من اجل الكلمة فللوقت يعثرون} مر16:4-17 . بل هو فرح وتعزية الروح القدس الساكن بنعمته فينا بثمارها الروحية من فرح ومحبة وسلام وايمان { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} رو 1:5-5 . يفرح المؤمنين لمحبة الله لهم ومحبتهم له ولبعضهم البعض وبسخائهم في العطاء ، فمغبوط هو العطاء أكثر من الاخذ ونفرح باتحادنا فى المحبة { فان كان وعظ ما في المسيح ان كانت تسلية ما للمحبة ان كانت شركة ما في الروح ان كانت احشاء ورافة. فتمموا فرحي حتى تفتكروا فكرا واحدا ولكم محبة واحدة بنفس واحدة مفتكرين شيئا واحدا} (فيلبي 1:2- 2)، وبأمانتنا على الحق { فرحت جدا لاني وجدت من اولادك بعضا سالكين في الحق كما اخذنا وصية من الاب} (2 يو: 3، 4) والمحبة تمدنا بفرح ثابت، يتغذى بالصلاة والشكر المتواصلين (1 تس 5: 16). فنشكر الآب بفرح فهو الذي نقلنا من عالم الظلمة الى ملكوت ابنه الحبيب فى النور. والصلاة المتواصلة هي منبع فرح، لأن الرجاء يحركها، وإله الرجاء يستجيب لها، غامراً المؤمن بالفرح { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة} (رو12: 12). هكذا تتنوع مصادر الفرح المسيحى فنفرح بالرب كما يقول الرسول بولس { افرحوا في الرب كل حين وأقول ايضا افرحوا } فى 4:4. فحينما يكون الإنسان ملتصقاً بالله قريباً منه وله شركة قوية معه ، يكون سعيداً ويفرح فرحاً لا ينطق به ومجيد . ونفرح بالخلاص الثمين ، نفرح كما يفرح المريض بشفائه والمأسور بإطلاقه والسجين بخروجه للحرية ، يقول المرنم {امنحني بهجة خلاصك} كما سبحت القديسة مريم العذراء {تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي}(لو26:1) . ونفرح بعطايا الرب الثمينة فيفرح الإنسان عندما ينعم عليه الله بصحة جيدة او حتى بالمرض كتنقية وهبة من الرب. نفرح بالكنيسة بيت الله وباب السماء وبالأسرار المقدسة ووسائط النعمة التي تقوده للخلاص . ونفرح بالعبادة التي نقدمها لله ونحن نعيش الشركة مع الله والقرب منه، يقول المرنم {أغني للرب في حياتي أرنم لالهي مادمت موجودا فيلذ له نشيدي وأنا أفرح بالرب} .الاشتراك في الفرح الأبدي.. أن التجربة سيكون لها نهاية، وسينتقم الله لدم عبيده، بادانة الشيطان واعوانه . حينئذ سيكون فرح في السماء { افرحي لها ايتها السماء والرسل القديسون والانبياء لان الرب قد دانها دينونتكم} (رؤ18: 20)، حيث سيحتفل بعرس الحمل. والذين سيكون لهم نصيب في ذلك، سيمجدون الله في فرح { وخرج من العرش صوت قائلا سبحوا لالهنا يا جميع عبيده الخائفيه الصغار والكبار. وسمعت كصوت جمع كثير و كصوت مياه كثيرة و كصوت رعود شديدة قائلة هللويا فانه قد ملك الرب الاله القادر على كل شيء. لنفرح ونتهلل ونعطيه المجد لان عرس الخروف قد جاء وامراته هيات نفسها. واعطيت ان تلبس بزا نقيا بهيا لان البز هو تبررات القديسين. وقال لي اكتب طوبى للمدعوين الى عشاء عرس الخروف وقال هذه هي اقوال الله الصادقة} رؤ5:19-9. فى السماء ستكتمل فرحة المؤمنين الذين جاهدوا وانتصروا على الشيطان والخطية وتتجلّي فرحتهم بحياة التسبيح الدائم لله وهو منذ الآن نصيب أبناء القيامة ومجال شكرهم { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم . انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم و هي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح. ذلك وان لم تروه تحبونه ذلك وان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد. نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس. الخلاص الذي فتش وبحث عنه انبياء الذين تنباوا عن النعمة التي لاجلكم} 1بط 3:1-10. التسبيح تعبير عن فرحنا بالرب .. أن الحمد والشكر والتسبيح تعبير عن الشعور بالشكر على النعم التي يغدقها الله على الإنسان عرفاناً منه بالجميل والاعتراف بعظمته ومحبته لله ونحن عندما نتقدم فى الروح نقدم التسبيح لله لا من اجل عطاياه بل كانجذاب وتسبيح لذاته وعظمته وابوته ، هكذا نرى الكلمات تخرج من قلب متهلل بالروح فى التسبحة اليومية فى الكنيسة القبطية وكأننا صرنا مع جوقات الملائكة نسبح تسبحة الشاروبيم والسيرافيم قائلين{ قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الارض} اش 3:6. ونتغنى بطيبة الهنا وعدالته مز 6:145،7 وبعمله معنا عبر التاريخ لخلاصنا من الشيطان ونجتنا من بحر هذا العالم كما عبر بالشعب قديما البحر الاحمر ونسبحه مع داود النبى ومع الفتية لنجاتهم من اتون النار بحضوره معهم وبينهم ، ولسان حالنا قول داود النبى جزنا فى الماء والنار واخرجتنا الى الراحة . ان حمدنا وتسبيحنا لله إنما يعنى تعظيمنا إياه (لو1: 46، أع 10: 46)، والإعتراف بسموه الذي لا يدانى منه ، ما دام هو الساكن في أعلى السموات والناظر الى المتواضعين ، وما دام هو القدوس. وينطلق الحمد من الشعور بقدسية الله، الذي يملأ النفس بهجة (مز 30: 5)، وهذا الإبتهاج والتسبيح يحملنا على الاتحاد العميق بالله. وينطلق الحمد من الاتصال بالله الحي، فيوقظ الإنسان كله (مز 57: 8، 108: 2- 6) ويقوده نحو تجديد حياته فهو بمثابة بعث لحياة جديدة وينقلنا من الموت الى الحياة الحقيقية . ان التسبيح هو شركة فى عمل الملائكة فى السماء { باركوا الرب يا ملائكة الرب سبحوا وارفعوه الى الدهور} (دا 3 : 58). والتسبيح مجال عملنا فى السماء ونقوم به منذ الان عرفانا وشكرا لقائد نصرتنا ومخلص نفوسنا ومنقذ حياتنا من الفساد { وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين مستحق انت ان تاخذ السفر وتفتح ختومه لانك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وامة. وجعلتنا لالهنا ملوكا وكهنة فسنملك على الارض. ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات والوف الوف. قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح ان ياخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة. وكل خليقة مما في السماء وعلى الارض وتحت الارض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان الى ابد الابدين} رؤ 9:5-13. حياة الرسل كنموذج للفرح والتسبيح ... بعد احداث الصلب كان التلاميذ مجتمعون معاً، خوفاً من اليهود فى ذعر ورعب والأبواب مغلقة، (ستجد المزيد من عظات القمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). وفى جـو من الحزن والكآبة، وعـدم الطمأنينة، وذلك بعد أحداث الجمعة الحزينة؛ ولكن عندما ظهر الربلهم منحهم سلامه. {ففرح التلاميذ عندما أبصروا الرب} فتحول حزنهم الى فرح وشكهم الى ثقة، وخوفهم الى طمأنينة وسلام، ويأسهم الى رجاء. لأن الرب القائم حاضر فى وسطهم. وهذا ما حدث مع توما الرسول عندما رأى شخص الرب ولمس حضوره بطريقة شخصية فاحدث تغيير فى حياتة من الشك للأيمان فقد صرخ قائلا "ربى وإلهـى" ان حضور الرب الدائم يعطى فرح وسلام ورجاء ويبدد الشك. الرب الاله حاضراً فى كنيسته كما كان فى الماضى فهو أمس واليوم والى الأبد، من خلال لاهوته وروحه القدوس وكلمته واسراره . ولكن لماذا يعيش بعض المؤمنين حياة الحزن أو القلق والانقسام والتشتت، حتى أن هذا الداء أصاب بعض خدام المسيح وكأنهم اجراء او موظفين مجبرين على القيام بعملهم وليسوا خدام للرب الاله المحب يعيشون بدون فرح فى حياتهم . ربما ان ذلك ناتج عن قلة او ضعف الإيمان او النظر الى الظروف المحيطة بنا وصعوبتها دون التطلع الى السماء ومعونتها . وربما يتأتى الحزن من الانانية التى يحيا فيها الانسان وعدم القناعة والرضا بما لدينا فالقناعة كنز ومصدر للسعادة كما ان الطمع مصدراً للتذمر والضيق. ربما ياتى الحزن كنتيجة للانقسام وعدم السلام داخل الانسان او فى علاقته مع الله او الاخرين وهذا يدعونا الى التوبة والمصالحة والصدق مع الله والنفس . وربما يحيا البعض التدين المرضى باخطاء الانسان العتيق ويزعمون انهم يعرفوا الله . أن السلام هو عطية الله لنا ولا يعرفه الأشرار ولا يستطيع العالم أن يعطيه {سلاماً أترك لكم، سلامي أُعطيكم. ليس كما يُعطي العالم أُعطيكم أنا}(يو 14: 27). القديس بطرس يحثَّ المؤمنين على الفرح الحقيقي في الروح حتى ولو كانوا يجتازون التجارب { ذلك وإن كنتم لا ترونه (أي الرب) الآن لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد} (1بط 1: 8). كما ان القديس يعقوب يدعونا للفرح حتى فى التجارب {احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة} (يع 1: 2).اما القديس بولس الرسول الذى تعرض لكل اشكال الآلام والاضطهاد وسوء التقدير بالاضافة الى شوكة المرض نرى الفرح الروحى لا يفارقه فى حياته وكتاباته حتى فى السجن { فوضعوا عليهما ضربات كثيرة والقوهما في السجن واوصوا حافظ السجن ان يحرسهما بضبط. وهو اذ اخذ وصية مثل هذه القاهما في السجن الداخلي وضبط ارجلهما في المقطرة. ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله والمسجونون يسمعونهما. فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت اساسات السجن فانفتحت في الحال الابواب كلها وانفكت قيود الجميع} أع 23:16-26. ان فرح القديس بولس الرسول لا يعتمد على الظروف بل على تعزية الروح القدس والايمان الواثق المشارك فى الآم السيد المسيح وهو يُصارع الآلام والاضطهادات {كحزانى ونحن دائماً فرحون} (2كو 6: 10). {لذلك أُسَرُّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح} (2كو 12: 10). {الآن أفرح في آلامي لأجلكم،وأُكمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده، الذي هو الكنيسة} (كو 1: 24). ان تطلع المؤمن الى الابدية يجعله يستهين بكل الآم الزمان الحاضر { فاني احسب ان الام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا... ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده. لان الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين. والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم ايضا والذين دعاهم فهؤلاء بررهم ايضا والذين بررهم فهؤلاء مجدهم ايضا} رو 18:8، 28-30. ولنعلم ان دموعنا فى التجارب كمتنفس أو شكوانا لله هى رائحة بخور ذكية محفوظة وغير منسية لديه وان كنا نتالم معه فلكى نتمجد معه ايضا وهذا هو سند المجاهدين العابرين وادى البكاء يصيرونه ينبوعا للعزاء بالايمان والصبر والرجاء . انت فردوس نفسىالهى وربى اقدم لك تسبيحى وشكرى .. فلك يليق المجد والتسبيح لان رحمتك دائمة الى الابد . لتهتف للرب كل الارض ولنعبدك بالفرح والترنم وندخل ديارك بالتسبيح من جيل الى جيل . الرب الهنا قدوس وبار والهنا يرحم ومراحمة جديدة كل صباح ، وهو يوقظ قلوبنا للتسبيح بفرح لخلاصة العجيب. ورعايته لنا كل الأيام حتى لو سمح بالضيقات والتجارب فهى تعمل للخير وان سرنا فى وادى ظل الموت فلن نخاف شئيا فالهنا معنا على الدوام . ايها الرب ربنا قد صار اسمك عجيبا فى الارض كلها ، من افواه الاطفال هيات تسبيحا . انت فردوس نفسى ونبع متجدد لسعادتى وكنز محبتى فلك نعطى المجد والاكرام . وسط الضيقات انت العزاء وفى الحروب انت النصرة، وانت الذى تعصب الجروح بنعمتك . نحن نثق فى قيادتك لنفوسنا وكنيستنا وبلادنا ومنك نستمد السلام وسط عالم يموج بالقلق والصراعات. اليك نلقى بهمومنا ومشكلاتنا واثقين من عملك وقدرتك فى تحويل الحزن الى فرح والصليب الى قيامة ومجد ، واذ ننتظر عملك وسط الايام والسنين نرنم واثقين ان لنا فيك الفرح واليقين باننا بك يعظم أنتصارنا ونرنم لك على الدوام فرحين . القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
19 أكتوبر 2021

القيم الروحية (24) المسيحى والحياة الهادفه

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح حياتنا الهادفة ورسالتنا السامية .. لقد خلقنا لاعمال صالحة .. ان حياتنا ثمينة فى فكر الله ولديه ويجب ان تكون ثمينة فى أنفسنا وقد اعطانا نعمة الحياة كهبة بها نحقق أهداف وخطة الله الخلاصية لنا ونقوم برسالة سامية علينا ان نؤديها بامانة واخلاص لا كمن يرضى الناس بل كمن يرضى الله الذين يعلم خفايا القلوب وبضمير صالح وإيمان بلا رياء ومحبة كاملة {لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10). الانسان هو تاج الخليقة وسيدها ودعى للاثمار والاكثار وخلق لمجد الله { ولمجدي خلقته وجبلته وصنعته} (اش 43 : 7). وقد اراد لنا الله السعادة فى الفردوس ولما سقط الانسان وبعدَ عن الله ارسل لنا الله الاباء والانبياء عونا وفى ملء الزمان اتى الينا الابن الكلمة، أقنوم الحكمة أوعقل الله الناطق دون ان يحد التجسد من لاهوته، تجسد ليعرفنا محبته لنا ويردنا الى الفردوس مرة اخرى ويرينا كيف نسلك كإناس الله القديسين ويعيد الانسان الذى سقط الى رتبته الاولى ، لقد جاء لتكون لنا الحياة الافضل . ولكى تكون لنا الحياة الهادفة ذات الرسالة السامية على الارض ثم لنرجع الى الفردوس السمائى والحياة الابدية ونحيا كملائكة الله فى السماء بعد الانتقال من هذا العالم . + لا يستهين أحد منا بقدراته وأمكانياته .. اننا فى يد الله نستطيع ان نكون قوة وبركة فخمسة ارغفة صغيرة لدى فتى قدمها ليد الرب القدير أشبعت خمسة الاف رجل ماعدا النساء والأطفال ورجل غريب فى بلد بعيد قديما هو يونان النبى الهارب قاد نينوى كلها للخلاص { واختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء واختار الله ادنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود (1كو 1 : 27-28) . لقد تعلل موسى النبى عندما كلمة الله ان يذهب الى مصر لاخراج الشعب من العبودية بانه ثقيل الفم واللسان ورفض المهمة وعاد الله يلح عليه ويقدم له البراهين حتى أقنعه وهل كان الله عاجز عن أخراج الشعب بغير موسى ؟ كلا طبعاً ! ولكن الله يريد ان يشركنا معه فى العمل . كما رفض أرميا النبى الدعوة محتجاً بصغر سنه {فكانت كلمة الرب الي قائلا. قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك جعلتك نبيا للشعوب. فقلت اه يا سيد الرب اني لا اعرف ان اتكلم لاني ولد. فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب و تتكلم بكل ما امرك به. لا تخف من وجوههم لاني انا معك لانقذك يقول الرب. ومد الرب يده و لمس فمي وقال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبني وتغرس} ار4:1-10. ولقد استخدمه الله بقوة لينادى فى الشعب بالرجوع الى الله و نادى بالتوبة بالدموع والكلمة والحكمة والمثل . وانت ايضا مدعو للأشتراك مع الله فى كل عمل صالح .هكذا يستطيع الله ان يعمل بكل واحد وواحدة منا عملاً مجيداً بالنعمة الغنية اذا نكتشف ما بداخلنا من أمكانيات وما لدينا من مواهب ووزنات ونستخدمها لخيرنا ولخدمة غيرنا . + ان لكل منا رسالة فى الحياة يجب ان يؤديها .. يجب ان نكون رساله المسيح المقرؤة من جميع الناس { ظاهرين انكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي لا في الواح حجرية بل في الواح قلب لحمية}(2كو 3 : 3). كما انه يجب ان تفوح منا رائحة المسيح الذكية وسيرته المقدسة كسفراء للسماء { ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان . لاننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون و في الذين يهلكون . لهؤلاء رائحة موت لموت ولاولئك رائحة حياة لحياة ومن هو كفوء لهذه الامور (2كو 2 : 14- 16). ان لكل واحد وواحدة منا مهام يجب ان يقوم بها وان نتاجر بالوزنات المعطاة لنا من الله ونربح لنسمع الصوت الحلو { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك }(مت 25 : 21). يجب ان يكون ناخد من نور السيد المسيح ونستنير وننير الطريق للغير وان نكون ملحاً جيداً يعطى مذاقة روحية لغيرنا ويكون كلامنا واعمالنا شهادة حسنة على اننا اناس الله القديسين { انتم ملح الارض ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا ويداس من الناس. انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل.ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات} مت 13:5-16. فلنختبر أنفسنا وهل نحن نسير فى الطريق الصحيح للتوبة والحياة مع الله والنمو فى حياة الفضيلة والإيمان للوصول الى القداسة والاتحاد بالله {جربوا انفسكم هل انتم في الايمان امتحنوا انفسكم ام لستم تعرفون انفسكم ان يسوع المسيح هو فيكم ان لم تكونوا مرفوضين }(2كو 13 : 5). ولنبنى أنفسنا على ايماننا الاقدس {واما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس} (يه 1 : 20). السيد المسيح قدوة ومثال .. رسالَةُ السيد المسيح الخلاصية .. لقد جاء السيد المسيح برسالة سامية بها يريد ان يعلمنا مدى محبة الله الاب لنا ويريد ان يوحدنا فيه وبه ومعه بالمحبة الروحية {عرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} (يو 17 : 26). وبهذه المحبة بذل ذاته عنا خلاصا بعد ان جال يصنع خيرا ويشفى جميع المتسلط عليهم أبليس { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة} يو16:3-19. ولقد كان السيد المسيح عالماً برسالته وطبيعتها منذ البدء. وعندما ترك القديسة مريم ويوسف النجار فى عمر الثانية عشر وبقي فى الهيكل يجادل الكهنة والكتبة ورجعوا يطلبونه قال للعذراء مريم { الأ تعلمان أننى لابد ان أكون فيما لأبى} (لو 49:2). كان بهذا يعنى انه منشغل ومهتم بالرسالة السامية التى تختص بأبيه السماوى وتعليم وتقديس البشرية وقيادتها الى الاحضان الإلهية . وهذا ما اعلنه الملاك للعذراء فى البشارة بمولده { وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسي داود ابيه. ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا. فاجاب الملاك و قال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} لو 31:1-35. انه ابن الله ليس بتناسل جسدى ولا بالمعنى المجازى بل ولاده روحية كانبثاق النور من الشمس والفكر من العقل دون ان ينفصل عنه . ولقد اعلن الملاك ليوسف عن اسمه ورسالته { فستلد ابنا و تدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم} مت 21:1. وهذا ما بشر به الملاك الرعاة يوم مولد المخلص { وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. واذا ملاك الرب وقف بهم و مجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب.انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} لو 8:2-11. وهذا ما صرح به المخلص الصالح فى العديد من المناسبات { انما جاء ليسعى ويطلب ويخلص من قد هلك } لو 10:19. وهذا ما شهد به ايضا تلاميذه بعد القيامة { ليس بأحد غيره الخلاص} يو 12:4. مثابرة السيد المسيح على أنجاز رسالته .. كانت حياة السيد المسيح منذ بدأ خدمته حتى الصلب والقيامة هى حياة مثابرة وكفاح بغير كلل وباصرار دون ملل على انجاز مهمته التى من اجلها جاء الى العالم . جال الاراضي المقدسى وما حولها يبشر ويعلم ويعزى ويصنع المعجزات ويشفى الامراض فى المدن والقري والبيوت والشوارع والمجامع والهيكل ويقضى الليل فى الاختلاء مع ابيه الصالح وكانت الجموع تبحث عنه كطبيب لارواحهم ونفوسهم واجسادهم وذات مرة بحثوا عنه لئلا يذهب عنهم فقال لهم انه يجب ان يبشر المدن الاخرى ايضا { ولما صار النهار خرج وذهب الى موضع خلاء وكان الجموع يفتشون عليه فجاءوا اليه وامسكوه لئلا يذهب عنهم. فقال لهم انه يبنغي لي ان ابشر المدن الاخر ايضا بملكوت الله لاني لهذا قد ارسلت. فكان يكرز في مجامع الجليل} لو 42:4-44. وفى مجمع الناصرة لخص لهم دعوته كما جاءت فى نبوة اشعياء النبى {وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرا. فدفع اليه سفر اشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه. روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية.واكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم} لو 14:4-21. وهو يدعونا امس واليوم والى الابد للتعلم منه والاقتداء به ويقول لنا {احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29). مهمة محفوفة بالآلام والمخاطر .. كان السيد المسيح يدرك ويعلم ان مهمته على الارض ليست سهلة بل شاقة وصعبة وسيواجه فيها الحروب والالام والمتاعب والمضايقات والاتهامات وسينتظره فى نهايتها موت الصليب حيث يسيل دمه كذبيحة وفداء وتكفير عن أثامنا ولقد اعلم تلاميذه بذلك وصمم على المضى قدما فى رسالته ولتحقيق اهدافه ليُعلم ويرعى ويقدس شعبه ويقدم محبته الصادقة لكل أحد وعندما جاء اليه الفريسيين وقالوا له ان يخرج من عندهم ويمضى لان هيردوس يريد ان يقتله كان رده قويا ومؤيدا الهدف من مجئيه { في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج واذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين واشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارجا عن اورشليم. يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابا والحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب} لو 31:13-35. وأكد لتلاميذه ماذا ينتظره { من ذلك الوقت ابتدا يسوع يظهر لتلاميذه انه ينبغي ان يذهب الى اورشليم ويتالم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم} مت 21:16. أكمال العمل الخلاصى والقيامة المجيدة .. لقد تقدم السيد المسيح الى الصليب وفى لحظات القبض عليه تركه خوفاً غالبية تلاميذه أو ضعفاً ومنهم من خانه وارشد عليه ومنهم من انكر انه من اتباعه وجاز المعصرة وحده حاملا عقاب خطايانا كشاة تساق الى الذبح وهو القدوس والبار كما تنبأ اشعياء النبى {احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله و مذلولا.وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا} اش 4:53-6. ولقد أكمل العمل الذى جاء لاجله وقال للاب السماوى { العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته} يو 30:19. وقام فى اليوم الثالث كما أعلم تلاميذه واهبا اياهم السلام والفرح وأسس بهم كنيسة العهد الجديد ليعلموا ويتلمذوا جميع الامم {وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير.حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث.وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. وانتم شهود لذلك} لو 44:24-48. وكما كان الاباء الرسل شهوداً وجالوا يدعوا الناس للتوبة وقبول الخلاص والايمان وان يثمروا ثمر الروح ، وقد وصلت الينا نحن ايضاً هذه الرسالة ونحمل داخلنا نور الإيمان المسيحى فعلينا ان نحيا إيماننا الاقدس ونجول نصنع خيرا فى نكران للذات وحمل للصليب واثقين ان الله سيقودنا فى موكب نصرته ويعمل لخلاصنا ونجاتنا من الغضب التى وهو رب الكنيسة وقائدها وقد وعد ان أبواب الجحيم لن تقوى عليها. نظرة عميقة فاحصة لحياتنا اننا يجب ان نجلس مع أنفسنا ونتأمل فى ماضينا وهل نحن راضون عما صنعنا فيه، وهل لو عاد بنا الزمان للوراء فهل سنختار نفس النمط من الحياة أو هل كنا نعمل على تغيير نمط وأهداف حياتنا ؟ اننا يجب ان نتعلم من دروس النجاح أو التعثر فى الماضى ونأخذ دروس منه للحاضر ونبنى عليها للمستقبل الأفضل سواء على المستوى الشخصى أو الاسرى او الكنسي او حتى على المستوى العام . ولهذا يجب ان لا نحيا على ذكريات الماضى ونتعلم كيف نصفح وننسى لمن يسئ الينا ولا ننشغل بالمعارك الجانبية او نهدر وقتنا فيما لا فائدة منه حتى نواصل الحياة بنفسية سوية وان نكون مسرعين الى الاستماع لنتعلم من خبرات الاخرين ونكون مبطئين فى التكلم او الغضب لنتجنب الكثير من الاخطاء { اذا يا اخوتي الاحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب. لان غضب الانسان لا يصنع بر الله} يع 19:1-20. + ان اليوم واللحظة الحاضرة هى الفرصة المتاحة أمامنا للتفكير والتغيير والاصلاح . ويجب ان نشمر عن سواعدنا للبناء والتجديد الروحى والفكرى والاجتماعى . يجب ان نقدم فى يومنا توبة عن أخطاء الماضى ونعمل على معرفة ارادة الله وصنعها {ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2). يجب ان نعمل على ان نحيا سعداء بعطايا ونعم الله المتنوعة وحتى وان كانت محدودة فالحكيم من لا يطمح الى الامساك بالنجوم ولا يعيش الاحزان خوفاً من عدم الأمان او يعتصره الحزن على ما يعانى من حرمان بل الحكيم من يعيش راضاً بما هو فيه وساعيا للوصول الى الأفضل ، نافضا عنه ذيول الخيبة واليأس والخوف من المستقبل . عاملا على أسعاد من حوله فى الاسرة والمجتمع. ومع انه قد نتعرض الى ضيقات او اتعاب او اضطهادات او حتى الاستشهاد من أجل أسم المسيح الحسن لكن ينبغى ان نثق ان حياتنا فى ايدى أمينة وان عشنا فللرب نعيش وان متنا فللرب نموت، فاننا من اجل إيماننا نمات طول النهار ولكن فى كل هذا نحيا فى سلام وعلى رجاء القيامة كما قال لنا السيد الرب {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). + ومادام امامنا المستقبل فيجب علينا ان نفكر فيه وكيف وماذا نريد ان نكون عليه {ايها الاخوة انا لست احسب نفسي اني قد ادركت ولكني افعل شيئا واحدا اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ما هو قدام} (في 3 : 13). علينا ان نخطط ماذا نريد ان نكون بعد سنه وعشرة سنوات وعشرون سنه ان منحنا الرب العمر.( أنظر ستجد المزيد من هذه العظات للقمص افرايم الأنبابيشوى هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين). فعلى مستوى الفرد والمجتمع ان لم يكن لدينا تخطيط سليم ومتابعة صادقة وأمانة فى الوصول الى أهداف استراتيجية لن نتقدم او ننمو فى حياتنا . فهل يمكن لسائق مركبة ان يصل الى مدينة معينة فى زمن محدد ان لم يسلك فى طريق الوصول اليها بدقة ؟ ان حياتنا هكذا لا يمكن ان ننجح فيها ونصل الى ما نريد ان لم تكون حياة هادفة فتصبح حياة ذات قيمة ومعنى ونصل فيها الى العيش السعيد والحياة الابدية . ومع التخطيط والمتابعة والتقييم والتوبة عن الاخطاء فاننا نحيا حياة التسليم لله واثقين ان الله ضابط الكل وقادر ان يحفظ حياتنا ويقوى إيماننا ونحيا معه فى عشرة محبة صادقة. ألاهداف المرحليه فى الحياة .. + الاهداف المرحلية فى حياتنا هى أهداف تؤدى وتخدم الاهداف الاساسية وتقود للوصول اليها . نحن نسعى الى النجاح فى الدراسة أو العمل . أو نسعى الى تطوير أنفسنا أو الى التقدم فى مجال عملنا ، او حتى علاج المشكلات التى نواجهها وحلها والتغلب على الأزمات التى نتعرض اليها ، وقد نسعى الى تقوية علاقاتنا القائمة او ايجاد علاقات ومجالات جديده . او قد نسعى الى جمع المال أو الترقى فى العمل وخدمة الاخرين فى مجال عملنا وان نحيا حياة كريمة . وقد يسعى البعض الى تكوين أسرة سعيدة أو مساعدة الابناء فى حياتهم ونجاحهم وقد يكون هدف البعض منا النمو فى المال الروحى أو العملى أو الأجتماعى او الوطنى . نسعى لتأمين مستقبل أفضل لنا ولمن هم حولنا . ويجب ان تكون غاياتنا وأهدافنا المرحلية واقعية وقابلة للتحقيق ونعمل لأمتلاك الامكانيات والمهارات اللازمة للوصول اليها كما يجب ان تكون وسائلنا سليمة غير خاطئة حتى نصل الى الاهداف الاساسية . + ان نجاحنا فى تحقيق اهدافنا فى الحياة يتأتى من تحديدنا لهذه الاهداف ،ولهذا يجب ان تكون اهدافنا واضحة ومحدده ومخططه ثم نخضعها للمتابعة والمراجعة والتصحيح فليس من العيب التراجع عن قرار خاطئ او طريق لا نجد فيه أنفسنا بل العيب هو ان نعاند أنفسنا ونكون ما يريد البعض منا ان نكون . يجب ان نكون ايجابيين لا ندع الايام تقودنا كيفما يشاء القدر بل نصنع حياتنا بانفسنا على قدر طاقتنا . ونجاحنا يبدا من الداخل ومن معرفة الانسان لذاته وأمكانياته وتطويرها . يجب ان نكون ذواتنا وليس مقلدين لاحد ولا نتظاهر بما ليس فينا ، فانت الوحيد الذى يستطيع ان يحرر نفسه من القيود بمعونة الله وقوته . يجب ان نعمل ما نراه فى الاتجاه السليم لتحقيق غاياتنا والسير حسب ارادة الله لنا بما يوافق طبيعتنا ويناسب ظروفنا . ويجب ان لا ننهزم امام الخطية والشر أو الفشل والتعثر فى بعض محطات الطريق وان يكون لدينا الاصرار على بلوغ وتحقيق أهدافنا ونناضل من اجلها ولنسعى ان نكون ناجحين فى كل شئ {ايها الحبيب في كل شيء اروم ان تكون ناجحا وصحيحا كما ان نفسك ناجحة} (3يو 1 : 2). ان السعادة فى الحياة تاتى من حياة الرضا عن النفس والقناعه بما نحن فيه والعمل على النمو وعدم الاكتفاء او التقوقع والتوازن بين حياة العمق الداخلى والمشاركة الفاعلة فى الاسرة والكنيسة والمجتمع والاحساس بالسلام الداخلى الناتج عن علاقة طيبة بالله والاخرين . + فى علاقاتنا بالاخرين يجب ايضا ان نكون هادفين ويجب ان يكون لنا أهدف نسعى لتحقيقها ومنها خلاص نفوسنا ومن حولنا فالخدمات او الحوارات او اللقاءات تكون لها هدف سامى دون جدل عقيم أو نميمة منفرة . المحبة الحقيقة لا تحسد ولا تتفاخر ولا تحتد او تقبح او تظن السوء ، المحبة تحتمل وتصبر حتى ان تعرضت للتجريح أو الأساءة أو الظلم بل تدافع عن الحق فى أدب وتواضع لا بهدف كسب الجدال بل بهدف كسب القلوب والنفوس . نحن نعلم انه قد لا نستطيع ان نغير الإخرين لاسيما المعاندين والكارهين ولكن يجب ان نعمل على ان لا نذيد العداوة معهم وفى نفس الوقت نقدم لهم محبة الله الصادقة والأمنية ونبنى مع الغير جسور المحبة والتواصل ، ونصلي من أجلهم ونعمل على قدر أستطاعتنا على مسالمة جميع الناس وتغييرهم وتحويلهم الى اصدقاء متى أمكن ذلك . المسيحى لا يكره او يعادى أحد عالمين ان لنا عدو واحد هو الشيطان { فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات} (اف 6 : 12). وكما يعلمنا الكتاب المقدس { فان جاع عدوك فاطعمه وان عطش فاسقه لانك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على راسه }(رو 12 : 20). وليست ذلك يعنى انك تريد أحراق عدوك ولكن عندما تعمل معه الخير فانه سيشعر بالذنب ويرجع عن خطئه فقديما كان المذنب او حتى القاتل ياتى بثياب كفنه ووعاء فيه نار على راسه ويذهب الى اهل المعتدى عليه طالبا المغفرة والصفح وكانه يقول انى استحق الموت والحرق ولكننى جئت طالبا المغفرة والسماح فيصفح عنه . وهكذا علمنا السيد المسيح ان نمتد بالمحبة حتى للاعداء وقال لنا احبوا اعدائكم، باركوا لاعنيكم ، واحسنوا الى مبغضيكم ، لكى نتشبه بابينا السماوى الذى يشرق شمسه على الصالحين والطالحين ويمطر على الابرار والاشرار . الاهداف الاساسية المراد بلوغها .. يجب ان نمتد وننمو فى محبة الله وتعميقها فى النفس ويقاس ذلك بمدى حرصنا على ارضاء الله وعدم خيانته بالانحياز الى الشيطان وحيله وأفعاله الشريرة. والحرص على الايجابية المسيحية من صلاة وصوم وخدمة ومحبة للاخرين وسعى الى خلاص النفس وصداقتها لله وارتباطها به وبإنجيله والعمل بوصاياه {الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21). + فى سعينا نحو الاهداف الأساسية يجب ان نسعى الى حياة القداسة {اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب }(عب 12 : 14) ونحرص ان يكون لنا نصيباً وميراثاً مع القديسين فى ملكوت الله . فماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه {لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه (مت 16 : 26). وفى هذا نسعى الى معرفة الله والنمو فى محبته {وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3). + مع حرصنا على ان نحيا حياة كريمه ونسعى لتوفيرها لمن هم فى نطاق مسئوليتنا فيجب ان نهتم بخلاصنا الابدى عالمين ان ملكوت الله ليس أكلا وشرب {لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس} (رو 14 : 17) . ان ملكوت الله ليس عنا ببعيد بل ان أقتراب الله الينا بالتجسد الإلهي وحلول المسيح بالإيمان فى قلوبنا يجعلنا نحيا مذاقة الملكوت من الان { ملكوت الله داخلكم }(لو 17 : 21). ونحيا على الرجاء المبارك بميراث الملكوت السمائى { ينبغي لنا ان نشكر الله كل حين من جهتكم ايها الاخوة كما يحق لان ايمانكم ينمو كثيرا ومحبة كل واحد منكم جميعا بعضكم لبعض تزداد. حتى اننا نحن انفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وايمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها. بينة على قضاء الله العادل انكم تؤهلون لملكوت الله الذي لاجله تتالمون ايضا.اذ هو عادل عند الله ان الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقا. واياكم الذين تتضايقون راحة معنا عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته. في نار لهيب معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون انجيل ربنا يسوع المسيح. الذين سيعاقبون بهلاك ابدي من وجه الرب ومن مجد قوته. متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين لان شهادتنا عندكم صدقت في ذلك اليوم. الامر الذي لاجله نصلي ايضا كل حين من جهتكم ان يؤهلكم الهنا للدعوة ويكمل كل مسرة الصلاح وعمل الايمان بقوة. لكي يتمجد اسم ربنا يسوع المسيح فيكم وانتم فيه بنعمة الهنا والرب يسوع المسيح} 2تس 3:1-12. + حياتنا فرصة عظيمة كل يوم لتنمية نفوسك وعلاقاتنا بالإخرين سواء فى محيط الأسرة الصغيرة أو العائلة او الكنيسة او العمل او المجتمع الذى تنتمى اليه ، نحبهم ونخدمهم ويكون لدينا فرصة للنمو فى محبة الله ومعرفتة الى ان نصل الى الشركة والاتحاد الروحى بالله والشبع الروحى والصداقة الدائمة معه . عالمين اننا ابناء الله وهو جاء ليهبنا الحياة الفاضلة على الارض والابدية السعيدة فى السماء {وانا اعطيها حياة ابدية و لن تهلك الى الابد ولا يخطفها احد من يدي} (يو 10 : 28) فلنقل اذن كما قال القديس بولس الرسول { لان لي الحياة هي المسيح و الموت هو ربح }(في 1 : 21). { الروح والعروس يقولان تعال ومن يسمع فليقل تعال ومن يعطش فليات ومن يرد فلياخذ ماء حياة مجانا} (رؤ 22 : 17). + أحبائى داخل كل منا فراغ كبير لا يملأه الا الله ، قد يكون من الاهداف المرحلية ان نحصل على السعادة والحياة الفاضلة الكريمة ، وقد يخطأ البعض فى اهدافهم نحو أشباع هذا الفراغ بالماديات والمراكز او اللذات او اشباع غرور الذات بالمناصب والشهوات ويظل الجوع الانسانى والحاجة الى الواحد الذى هو الله فى حاجة الى الاشباع . لقد خلقت نفوسنا على شبه الله ومثاله ولن تجد راحتها ولا سعادتها الا فيه وعندما نستريح معه ونكتشف من جديد الغنى الروحى والجوهرة الكثيرة الثمن داخلنا نكون على استعداد للجهاد والعمل الدؤوب وعدم التوقف لتحقيق ارادة الله بنا ومعنا . طريق الكمال من رسالة القديس باسليوس إلى صديقه إيوستاثيوس في سباستيا أنا أضعت وقتا كثيرا، وكرست معظم أيام شبابي في اقتناء العلوم الأرضية، التي تظهر لي الآن أنها مثل حماقة أمام الله. وفجأة في يوم استيقظت وكأني كنت في نوم عميق، ورأيت النور الشديد للحقيقة السمائية، وأدركت أن كل الحكمة التي تعلمتها من معلمي هذا العالم كانت باطلة، فبكيت بدموع كثيرة لأسفي على حياتي، وصليت ليعطيني الله بعض الإرشادات التي توصلني إلى حياة الإيمان. أول كل شيء فعلته لأصلح مساري القديم في الحياة هو: إنني أختلط بالفقراء، وأمكث أقرأ في الكتاب المقدس. فكرت أن أفضل طريقة للبدء في طريق الكمال هو أن أعتني باحتياجات هؤلاء الأخوة والأخوات المعدومين، وأن أشترى أطعمه وأوزعها عليهم، ونحّيت جانبا كل متعلقات ومشاكل هذا العالم بعيدا عن عقلي بالكلية، وبحثت عن الذين يشاركونني هذا العمل ويسيرون معي في هذا الطريق، حتى وجدت من أبحر معه في محيط هذا العالم. ووجدت كثيرين في الإسكندرية ومصر وآخرين في فلسطين وسوريا والعراق، وتأثرت كثيراً بطريقة اعتدالهم في تناول الطعام، ومثابرتهم في الأعمال، وطريقتهم في أن يقاوموا النوم بالصلاة والتسبيح. حقاً أنهم يبدون كأنهم قادرين على مقاومة أي قوة في الطبيعة، ودائما يعطون لأرواحهم السهر بالكمال حتى ولو كانوا يعانون من الجوع والعطش والبرد والعرى. لم يستسلموا لأهواء أجسادهم أو حتى يعطوه أي اهتمام، وكأنهم يعيشون في عالم آخر، ويظهرون بأعمالهم أنهم حقا غرباء عن هذه الأرض وموطنهم الحقيقي هو المملكة السمائية. حياة هؤلاء الناس ملأتني بالسعادة والتعجب، لأنهم أظهروا أنهم حاملون في داخلهم جسد المسيح، ولهذا قررت – طالما أنا أستطيع – أن أحاول إتباع مثال حياتهم. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
12 أكتوبر 2021

القيم الروحية ( حياة الشكر )

الشكر شعور بنعمة الله علينا .. الانسان الشاكر لله هو الذى يشعر بنعم الله عليه ورعايته له فى مختلف ظروف الحياة ، وهو إنسان متواضع طيب القلب قنوع ، يشعر ان الله صانع الخيرات حتى وان سمح الله بضيقات تأتى عليه فهى لفائدته الروحية ، فالله قادر ان يغير ما يصنعه ضدنا الاشرار الي خير لنا كما قال يوسف الصديق { انتم قصدتم لي شرا اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعبا كثيرا }(تك 50 : 20). وهكذا كان يوسف نبيلا مع اخوته الذين تأمروا على قتله وبعد ذلك باعوه عبدا، وكان شهماً ستر على اخوته وعلى امرأة سيده عندما أتهمته ظلما { لاني قد سرقت من ارض العبرانيين وهنا ايضا لم افعل شيئا حتى وضعوني في السجن} تك 15:40. ومن أجل طهارته وتواضع قلبه وهبه الله الحكمة والنعمة واستطاع ان يفسر حلم فرعون ويدير احوال مصر فى المجاعة وينقذ شعبها واهله من الجوع والغلاء والفناء .من اجل ذلك يدعونا الإنجيل الى حياة الشكر كابناء محبين لله { فكونوا متمثلين بالله كاولاد احباء. واسلكوا في المحبة كما احبنا المسيح ايضا واسلم نفسه لاجلنا قربانا وذبيحة لله رائحة طيبة. شاكرين فى كل حين، على كل شئ} ( أف 1:5- 2، 20 ) الشكر هو عرفان بالجميل .. لكل من قدم لنا عطية او خدمة من البشر. ونحن نقدم الشكر والحمد لله على نعمة التى منحها لنا وعلى كل شيء لم يمنحه ومنعه عنا لخيرنا حتى لو كان الإنسان يشعر باحتاج اليه وهذا ما يقوم به العامة من تقبيل ايديهم من داخل ومن خارج حينما يشكروا الله . فنحن نشكر الله على جميع العطايا التى منحها الله لنا وكذلك على كل ما قد حجبه الله عنا حتى ولو كنا فى احتياج لذلك الشئ الذى حجبه الله واثقين ان ذلك من اجل خيرنا . الشكر على عطايا وهباته.. اننا نشكر الله على نعمة الوجود وعلى ما لدينا من صحة وحتى من مرض فالمرض هبة من الله لنعرف ضعفنا ونجلس مع ذواتنا ونتقابل مع الله . اننا يجب ان نشكر الله على رعايته ونصرته لنا فى حروبنا ونتعلم من أخطائنا ونتوب عنها، يقول قداسة البابا شنوده الثالث (لا شك أن الشيطان يبذل قصارى جهده من أجل ضررنا وأسقاطنا، فاٍن كنا الآن بخير ، فذلك لأن الله قد منع الضررعنا، الضرر الذى نعرفه او لا نعرفه، ونحن نشكر الله على هذا الحفظ، اٍننا اٍذا شكرنا على النعم فقط ، يكون حبنا هو للنعم، وليس لله معطيها ! أما اٍن شكرنا الله حتى على الضيقة ، فاٍنما نبرهن على أننا نحب الله لذاته وليس لعطاياه ). كتبت احدى المجالات البريطانية مقالاً موثراً عن احد الجنود الذي أصيب بشظية استلزمت اجراء سبع عمليات جراحية له وعندما أتاه الطبيب بعد ان استفاق سأله الجندي : هل سأعيش ؟ فاجابه نعم . فسأله مره اخري : هل ساستطيع ان أزاول حياتى العادية من جديد؟ فأجابه الطبيب نعم . عند ذلك رد الجريح قائلاً : انني احمق ! علام القلق أذاً ! لدينا الكثير والكثير من الاشياء التي تستحق الشكر، عزيزى هل شكرت الله على انك لك عينين ترى بهما . وعلى نعمة القراءة وعلى ضوء الشمس والكهرباء ؟ يقول الشاعر الراحل أمل دنقل : ترُي حين افقأ عينيك ، واثبت مكانهما جوهرتين . ترُي هل ترى ؟ هى أشياء لا تشترى . فهل شكرنا الله على نعمة البصر. وكم من أناس لم تتاح لهم فرصة التعليم ولا يستطيعوا القراءة .فهل شكرت الله على ذلك . وكم يكفي من المال مقابل ساقيك ؟ ان لدينا نعم كثيرة تكفى للشكر الدائم ، والإنسان القنوع بما لديه ، الشاكر الله على نعمه يحيا سعيدا ويقبل نفسه كما هو ساعيا الي الكمال المسيحي والنمو الروحي والعملى فى تواضع ورضا بما لديه فى غير تذمر او تمرد او عصيان بدلا من السعى للوصول الى اهداف زائفة تقوده الى هلاك النفس والروح {لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26). {واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة } (1تي 6 : 6) الإنسان الشاكر لله والأخرين يحيا حياة الرضا والسعادة بما لديه فالسعادة ليس بمقدار ما نملك ونستهلك بل السعادة تأتي من القناعة بما بين ايدينا وما في مقدورنا عمله لادخال البهجة والفرح لحياتنا وحياة من حولنا . وكما يقول أحد القديسين (لا موهبة بلا زيادة الا التي هي بلا شكر) . فلنعود أنفسنا يا أحبائي على حياة الشكر لله وكذلك نقدم الشكر لكل من يساهم فى تقديم خدمة لنا ولاحبائنا . السيد المسيح وحياة الشكر:- نتعلم الشكر والاحسان والوفاء من الله . اننا نتعلم الوفاء والشكر من الله {فاجتاز الرب قدامه "موسي" ونادى الرب الرب اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء }(خر 34 : 6). وعندما شفى السيد المسيح له المجد العشرة البرص. رجع واحد فقط ليقدم الشكر لله وكان رجلا سامري غريب { فواحد منهم لما راى انه شفي رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له وكان سامريا. فاجاب يسوع وقال اليس العشرة قد طهروا فاين التسعة. الم يوجد من يرجع ليعطي مجدا لله غير هذا الغريب الجنس} لو 15:17-18. من اجل هذا تعلمنا الكنيسة فى كل صلاة نصليها ان نبتدى بالشكر لله صانع الخيرات الرحوم لانه سترنا واعاننا وحفظنا وقبلنا اليه واشفق علينا وعضَددنا ووهبنا نعمة الحياة لنقف أمامه ونشكره . عرف داود النبي مراحم الله واختبرها لذلك رايناه يبارك الله دائما { باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك.الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة والرافة. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين. الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لا يحاكم الى الابد ولا يحقد الى الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا} مز1:103-10. فياليتنا نتعلم من رجال الله القديسين ونشكر الله على نعمه المتنوعة . تذكر أحسانات الله لنا وصية من الله .. عندما كان الشعب قديماً فى البريه واطعمهم الله المن فى البرية أمر موسى ان يحتفظ منه بالقليل في بيت الرب ليكون مجال للتذكر والشكر { وقال موسى هذا هو الشيء الذي امر به الرب ملء العمر منه يكون للحفظ في اجيالكم لكي يروا الخبز الذي اطعمتكم في البرية حين اخرجتكم من ارض مصر. وقال موسى لهرون خذ قسطا واحدا واجعل فيه ملء العمر منا وضعه امام الرب للحفظ في اجيالكم.كما امر الرب موسى وضعه هرون امام الشهادة للحفظ} خر32:16-34. وهكذا نحن فى العهد الجديد نشكر الله فى كل صلاة ولاسيما فى الصلاة اللليتروجية فى القداس التي هي بحق سر الشكر لله على عطيته التى لا يعبر عنها بكلمات. الكتاب المقدس وحياة الشكر .. ان الكتاب المقدس وتعاملات الله عبر التاريخ تعلن لنا عطايا الله وغنى نعمتة المجانية وهي تفيض على البشر. وفعل الشكر هو جواب الإنسان لهذه النعمة المتدفقة والمتواصلة التي ستجد كمالها في المسيح. فالشكر وعي بعطايا الله. واندفاع لا شائبة فيه للنفس التي سبيت من الدهش بهذا الجود. وعرفان بالجميل أمام العظمة الإلهية وهو ياتى في الكتاب المقدس كرد فعل عميق للخليقة التي تكتشف عظمة الله ومجده. فخطيئة الوثنيين الرئيسية في نظر القديس بولس تكمن في أنهم عرفوا الله ولم يمجدوه ولا شكروه {لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى انهم بلا عذر.لانهم لما عرفوا الله لم يمجدوه او يشكروه كاله بل حمقوا في افكارهم واظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء} رو 20:1-22 . حياة الشكر تقود إلى استعادة روح الفرح والحمد والتهليل.. { اهتفوا ايها الصديقون بالرب بالمستقيمين يليق التسبيح. احمدوا الرب بالعود بربابة ذات عشرة اوتار رنموا له. غنوا له اغنية جديدة احسنوا العزف بهتاف. لان كلمة الرب مستقيمة وكل صنعه بالامانة. يحب البر والعدل امتلات الارض من رحمة الرب} مز 1:33-5. ولان الرب صالح والى الابد رحمته فيجب ان نحمده ونشكره { وغنوا بالتسبيح والحمد للرب لانه صالح لان الى الابد رحمته على اسرائيل وكل الشعب هتفوا هتافا عظيما بالتسبيح للرب لاجل تاسيس بيت الرب. وكثيرون من الكهنة واللاويين ورؤوس الاباء الشيوخ الذين راوا البيت الاول بكوا بصوت عظيم عند تاسيس هذا البيت امام اعينهم وكثيرون كانوا يرفعون اصواتهم بالهتاف بفرح}(عز 3: 11-12) . وكما هتف المرنم شاكراً الرب { احمدك يا رب الهي من كل قلبي وامجد اسمك الى الدهر.لان رحمتك عظيمة نحوي وقد نجيت نفسي من الهاوية السفلى}(مز 86: 12-13). وبكلام أكثر دقّة يقوم فعل الشكر على أنه اعتراف عملي بفضل الله . فحمد الله يودي إلى إعلان العظائم التي يجريها معنا وإلى الشهادة لأعماله. أما فعل الشكر، فإنه يسير كصدى له في القلوب. ولهذا السبب، فهو يتضمن غالباً الإشارة إلى جماعة الصديقين التي دُعيت لتسمع وتشارك في الشكر{ احمدك في الجماعة الكثيرة في شعب عظيم اسبحك} (مز 35: 18). { حسن هو الحمد للرب والترنم لاسمك ايها العلي. ان يخبر برحمتك في الغداة وامانتك كل ليلة. على ذات عشرة اوتار وعلى الرباب على عزف العود. لانك فرحتني يا رب بصنائعك باعمال يديك ابتهج. ما اعظم اعمالك يا رب واعمق جدا افكارك} (مز 92: 1-5). أما اللفظ العبري الذي يعبر عن نوعية هذا الاعتراف المندهش والمعترِف بالجميل، أو "توداه" بالعبرية ، ويوازيه في اللغة العربية شكرا ، فهو لا يفي اللفظ العبريً حقّه. أما اللفظ الذي يبدو أنه يجسم فعل الشكر في العهد القديم ويترجم بصورة دقيقة الموقف الديني المقصود، فهو عبارة " مبارك الرب الاله " ففي العبرية "باروخ اته ادوناى " هى تفصح عن " التبادل الجوهري " بين الله والإنسان. فصدى بركة الله الذي يهب خليقته الحياة والخلاص هو البركة التي يشكر الإنسان بواسطتها خالقه { باركوا الرب يا كهنة الرب سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب يا عبيد الرب سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب يا ارواح ونفوس الصديقين سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب ايها القديسون والمتواضعو القلوب سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب يا حننيا وعزريا وميشائيل سبحوا وارفعوه الى الدهور لانه انقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط اتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار.اعترفوا للرب لانه صالح لان الى الابد رحمته} (دا3: 84-89}.الضيقة والصلاة والشكر .. فى الكتاب المقدس تقليد خاصّ بالشكر، يظهر بوجه خاص في المزامير ويكشف بشكل دقيق عن طبيعة الشكر كردة فعل على خلاص الله وانقاذه لابنائه وشعبه . فالاعتراف والعرفان بالجميل على الخلاص نرى فيه وصف لخطر يستهدف الانسان او الشعب { اكتنفتني حبال الموت اصابتني شدائد الهاوية كابدت ضيقا وحزنا} (مز116: 3)، ثم يشتمل على صلاة قلقة او عميقة لله { احببت لان الرب يسمع صوتي تضرعاتي. لانه امال اذنه الي فادعوه مدة حياتي... وباسم الرب دعوت اه يا رب نج نفسي}(مزمور 116: 1-2-4). ثم تذكير بتدخل الله الرائع{ الرب حافظ البسطاء تذللت فخلصني. ارجعي يا نفسي الى راحتك لان الرب قد احسن اليك. لانك انقذت نفسي من الموت وعيني من الدمعة ورجلي من الزلق. اسلك قدام الرب في ارض الاحياء} (116: 6-9). نعمة العهد الجديد وحياة الشكر .. اما فى العهد الجديد هو فنحن اخذنا من ملء نعمة الله المفاضة علينا بالمسيح يسوع ربنا {ومن ملئه نحن جميعا اخذنا ونعمة فوق نعمة. لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا} (يو1: 17-18) انه إعلان للشكر غير المنقوص الذي يرفعه الابن للآب في الروح القدس فى وحدة غنية . الشكر المسيحي هو جواب ورد عملى على نعمة الله الغنية والتعبير النهائي عنها يكمن في الأفخارستيا السرية، وهي شكر الرب،. ففي العشاء السري وعلى الصليب، يكشف يسوع عن هدف حياته وموته، ألا وهو الشكر من قلبه لتتميم عمل الخلاص والفداء ، وصلاة القداس هى أمتداد لعمل المسيح الخلاصى على الصليب. حياة المخلص كلها تعدُّ فعل شكر متواصل، يظهر أحياناً بصورة جلية ومهيبة لكي يحمل البشر على الإيمان وعلى مشاركته في الشكر { قال يسوع ارفعوا الحجر قالت له مرثا اخت الميت يا سيد قد انتن لان له اربعة ايام. قال لها يسوع الم اقل لك ان امنت ترين مجد الله. فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعا ورفع يسوع عينيه الى فوق وقال ايها الاب اشكرك لانك سمعت لي. وانا علمت انك في كل حين تسمع لي ولكن لاجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا انك ارسلتني. ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجا. فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات باقمطة ووجهه ملفوف بمنديل فقال لهم يسوع حلوه ودعوه يذهب} (يو11: 39-44).السيد المسيح هو الذي رفع أولاً الشكر إلى الآب ونحن "به ومعه وفيه" نقدم شكرنا وتسبيحنا للاب القدوس . فبعد أن أدرك المسيحيون معنى النعمة التى حصلوا عليه، وبعد أن اجتُذِبوا منه ، { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب الي الجميع }(يو 12 : 32) . جعلوا من الشكر حياتهم المتجددة والمستمرة فنشكر الله على كل حال وفى كل حال ومن اجل كل حال . أمثلة لحياة التسبيح والشكر:- فى تسبحة العذراء مريم.. نري بدء تسابيح شكر العهد الجديد بانفتاح نعمة الله نحو البشر واعلان رئيس الملائكة غبريال للعذراء مريم بالتجسد الإلهى { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس. ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه.صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم.انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين.اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين.عضد اسرائيل فتاه ليذكر رحمة. كما كلم اباءنا لابراهيم ونسله الى الابد} لو 47:1-55. ثم راينا شكر سمعان الشيخ وحنة النبية وزكريا الكاهن وكلها تشكر على خطة الله لخلاص البشر . وقد أوحاها التأمل المتأني للأحداث، على مثال ما كان يحصل في العهد القديم. الشكر فى حياة الرسل ... هكذا كان الرسل يواظبون مع المؤمنين على ليتروجية الشكر كجماعة بقلب واحد ويقدمون الشكر لله كل حين { كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبزوالصلوات} (اع 2 : 42). {وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب} (اع 2 : 46) . ويعَبر عن الشكر والتسبيح لدى الرسل والجماعات المسيحية الأولى حتى بعد القيامة والصعود وفى كل خدمتهم وحياتهم { واخرجهم خارجا الى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم انفرد عنهم واصعد الى السماء. فسجدوا له ورجعوا الى اورشليم بفرح عظيم.وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله امين} لو 50:24-53 . { ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان.لاننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولاولئك رائحة حياة لحياة ومن هو كفوء لهذه الامور} 2كو14:2-16. ويعلمنا الانجيل ان نشكر كل حين { اشكروا في كل شيء لان هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم} 1تس 18:5. {فشكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها} (2كو 9 : 15).{فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي 2 : 1). الهدف من الشكر خلال كل الأحداث هو قبول ملكوت الله والاحساس بمحبته وقيادته للانسان. والعيش كما يحق لإنجيل المسيح، انه ثمرة الفداء المنتشر في الكنيسة { لنكون لمدح مجده نحن الذين قد سبق رجاؤنا في المسيح. الذي فيه ايضا انتم اذ سمعتم كلمة الحق انجيل خلاصكم الذي فيه ايضا اذ امنتم ختمتم بروح الموعد القدوس. الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده . لذلك انا ايضا اذ قد سمعت بايمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي. كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين. وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} (أفس 1: 12- 19). أما سفر الرؤيا فإنه يوسع آفاق الشكر إلى حدود الحياة الأبدية، ففي أورشليم السماوية، وبعد أن يكتمل العمل المسياني، يصبح الشكر حمداً خالصاً لله ومشاهدة منبهرة لله وعظائمه الأبديَة { والاربعة الاحياء لكل واحد منها ستة اجنحة حولها ومن داخل مملوة عيونا ولا تزال نهارا وليلا قائلة قدوس قدوس قدوس الرب الاله القادر على كل شيء الذي كان والكائن والذي ياتي. وحينما تعطي الحيوانات مجدا وكرامة وشكرا للجالس على العرش الحي الى ابد الابدين. يخر الاربعة والعشرون شيخا قدام الجالس على العرش ويسجدون للحي الى ابد الابدين ويطرحون اكاليلهم امام العرش قائلين.انت مستحق ايها الرب ان تاخذ المجد والكرامة والقدرة لانك انت خلقت كل الاشياء وهي بارادتك كائنة وخلقت} رؤ 8:4-11. {والاربعة والعشرون شيخا الجالسون امام الله على عروشهم خروا على وجوههم وسجدوا لله. قائلين نشكرك ايها الرب الاله القادر على كل شيء الكائن والذي كان و الذي ياتي لانك اخذت قدرتك العظيمة و ملكت} رؤ 16:11-17. مجالات وأسباب الشكر:- اذ نعدد المجالات والاسباب التى تستوجب تقديم الشكر لله فاننا نستمر فى حياة الشكر الدائم لله على كل شى ، نشكره على انه اعطانا واحبائنا نعمة الوجود كخالق ومحب للبشر ، وعلى نعمة البنوة لله { فشكرا لله انكم كنتم عبيدا للخطية و لكنكم اطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها }(رو 6 : 17) ونشكره على انه عبر بنا تجارب كثيره تعلمنا منها الكثير { شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح. اذا يا اخوتي الاحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب} 1كو 57:15-58. نشكره على كل ما لدينا من أمكانيات ومواهب { فشكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها }(2كو 9 : 15). نشكر الله على الإيمان وعلى الفرص المتجدده للتوبه والعمل. لكن علينا ان نعلم ان حياة الشكر لا تعني الاستكانة وعدم الجهاد فى تحسين أوضاعنا سواء فى الدراسة او المعيشة او العمل او العلاقات . بل علينا ان نجلس مع الله وأنفسنا ونحاسبها او نعاتبها ونتخذ القرارات اللازمة لتصحيح اوضاعنا ونقوم بتنفيذ الخطوات العملية للوصول الى الأفضل . علينا ان نتعلم من أخطائنا ونصححها لا ان نبكى على اللبن المسكوب وعندما نسقط علينا ان نبادر بالقيام عالمين ان النجاح يأتى من حسن التقدير وحسن التقدير يأتى من التجربة والسقوط ما هم الا سوء تقدير . فمع كل يوم جديد نشكر الله الذى اعطانا فرصة جديده للحياة والعمل والقيام والنجاح ولا ندع شئ يفصلنا عن الله حتى التجارب التى نواجهها فى حياتنا هى فرص نرى يد الله العاملة معنا ، ونجاهد لنكلل. ان الجهاد والتعب ومواجهة متاعب الحياة تخلق فينا التحدى والعمل على تخطى الصعاب { اله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني } (نح 2 : 20). اننا لله نثق ان ما يحدث لنا سواء بارادة الله او بسماح منه لابد ان ينتهى لخيرنا { ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده }(رو 8 : 28). فلهذا نقدم الشكر لا على السعة فقط ولكن حتى فى الضيقات { بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية و التزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} رو 3:5-5. فلنحيا دائما شاكرين فى كل حين {شاكرين الآب الذى أهلنا لشركة ميراث القديسين فى النور ، الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا } ( كو 1 13 – 14 ). معوقات لحياة الشكر:- التركيز على المتاعب .. هناك من يضع المتاعب التى تواجهه امامه كل حين ويضخم المشاكل والضيقات ويجعلها تحصره وتحزن قلبه وتدعه نهباً للقلق والحزن والتذمر مما لا يجعل الانسان يشكر او يذوق طعم السعادة . يجب ان نعيش الحياة بحلوها ومرها وندع المرة تمر لكى لا تمرر حياتنا وتتعبنا . لنعيش فى حدود يومنا ونقدس الحاضر، الذى نملكه فالأمس قد ذهب بكل ما فيه والغد لا نملكه لأنه فى يد الله وحده.. ولكننا أمام واجب اليوم ، وواجب اللحظة الحاضرة. وفى تقديس الحاضر تقديس للحياة كلها، واليوم هو أجمل وأروع من الأمس والغد، ليتنا نفرح بكل ما في اليوم من خير، لئلا تتبدد طاقتنا بين التفكير فى الأمس والقلق على الغد. فلنشكر الله على نعمة الحياة ونعمل من اجل يوماً طيباً وغداً سيكون أفضل . نسيان عمل الله وعدم الشعور بنعمته .. ونحن أحياناً لا نشكر لأننا ننسب الأشياء الحلوة في حياتنا، لغير الله ، إذا نجحنا ننسب ذلك إلى ذكائنا، أو إلى مجهوداتنا . وتختفى معونة الله من عقولنا وكذلك إن شفينا ننسب ذلك إلى الأطباء. وإن وفقنا في عملنا، ننسب ذلك إلى قدراتنا وكفاءتنا. وإن نجونا من حادثة، نرجع ذلك إلى مهارة السائق. وبالتالي يختفي الله من أسباب أفراحنا، فلا نشكره على شيء. واحياناً اخرى لا نشكر على شيء، إلا إذا فقدناه أو حرمنا منه، لا نحس النعمة التي نحن فيها، إلا إذا ضاعت منا، فلا نشكر الله على وجود الوالدين ولا نشعر ببركاتهما إلا إذا توفي أحدهما. ولا نشكر على ما نحن فيه من صحة، ولا نعرف قيمتها إلا إذا مرضنا. بل لا نشعر ببركة وجود النور في الحجرة، إلا إذا انقطع النور في الحجرة، إلا إذا انقطع التيار الكهربائي. الانانية والتعود على الاخذ .. هناك من لا يفكر إلا في ذاته، فإن اخذ لا يفكر في اليد التي أعطته. كإنسان جائع، يوضع أمامه طعام، فيأخذ في التهامه، دون أن يفكر فيمن قدمه له، أو في شكره على ذلك. كذلك قد ينشغل الانانى بذاته في أخذها، دون أن يتطلع إلى وجه المعطي. كإنسان فتح له الله أبواب الرزق، فتراه ينشغل بالرزق، وبجمعه وتكويمه وإنمائه، ولا يتفرغ ولو لحظة لكي يشكر من وهبه الرزق. واحياناً لا يشكرالانسان لأنه لم يتعود ذلك في حياته. لذلك يجب ان نعود انفسانا وابنائنا أن نشكر غيرنا على كل أمر يعملوه من أجلنا مهما كان ضيئلاً ثم بعد ذلك نشكرك الله لأنه يرسل لنا من يساعدنا، ويمنحهم القدرة على خدمتنا . إن كل خير نعيش فيه هو عطية من الله، الحياة والصحة، والعمل والمال، وكل شيء. ومادام كذلك فلنشكر الله المعطي. احياناً لا نشكر، لأننا نظن ان الأمر أصغر من أن نشكر عليه، أو هكذا نراه. يقول احد الاباء "الذي لا يشكر على القليل، كاذب هو إن قال إنه يشكر على الكثير كما ان الامين فى القليل أمين فى الكثير". لا نشكر لعدم ادراك حكمة الله...أمور كثيرة تمر بنا، ولا نشكر عليها، بل على العكس قد نتضايق منها، أو نتذمر بسببها. وكل ذلك لا ندرك حكمة الله فيه. ولو أدركناها لشكرنا الله كثيراً.العيب فينا إذن. لنا عيون ولكنها لا تبصر في كل ما يمر بنا من أحداث ومن أمور. قد لا نشكر على ما أعطانا الله، لأننا نرى أن غيرنا عنده أكثر منا، أو ما هو أفضل أو لأن غيرنا أخذ مثلنا ونظن انه لا يستحق. وهذا خطأ ينم عن عدم محبة وكبرياء داخل النفس يجب ان نتخلص منها . هناك من لا يشكر، بسبب الطموح ورغم ان الطموح جيد لكن علينا ان لا نرتئى فوق ما ينبغى بل الى التعقل . وتكون تطلعاتنا ليس أعلى من المستوى الممكن، الطموح في حدود الاعتدال، وفي عدم شهوة العالم ليس هو خطية لكن لا يمنع الشكر. اشكر الله على ما معك، فيعطيك أكثر. كذلك لا يجوز أن الطموح يجعلك تحتقر ما وهبك الله إياه. الطموح الروحي فليس له ضحايا، إن عاش أصحابه في حياة الإتضاع شاكرين الله، وراغبين في الامتلاء من حبه. التذمر أو الطمع والبعد عن الله ... هناك اناس يعيشون في الخطية، وليست لهم صلة بالله، ولا يعترفون بفضله عليهم. إنما كل همهم هو متعة العالم. وكما قال الكتاب " كل الأنهار تجري إلى البحر. والبحر ليس بملآن" (جا1: 7).انلم يتعود الإنسان حياة القناعة فمن الصعب عليه أن يصل إلى حياة الشكر. كما ان البعد عن الله يبعد الانسان عن ان يشكره لأنه لا علاقة له بالله إطلاقا، فلا شكر، ولا صلاة، ولا قراءة كتاب، ولا حضور اجتماعات روحية، ولا شركة مع الله في شيء.ويحتاج هؤلاء إلى أن يدخلوا في الحياة مع الله. وحينئذ، حينما يشكرونه . فلنشكر صانع الخيرات الرحوم:- ايها الاله الرحوم محب البشر الصالح نشكرك يارب لانك خلقتنا ووهبتنا علم معرفتك ووهبتنا كل مقومات الحياة من شمس وماء وهواء وغذاء وكساء ولم تدعنا معوزين لشئ بل تقودنا كراعي صالح كل الأيام وتعبر بنا تجارب وضيقات الحياة لنتعلم ويشتد عودنا ويتقوى ايماننا ويزداد رجائنا وتنمو محبتنا لك . نشكرك يارب على كل حال لانك تغفر خطايانا وتعيننا وتحفظنا وتقبلنا اليك كأب صالح وتشفق علينا كالأم الحنون. انت يارب تبحث عن الضال لترده وتعصب الجريح وتُجبر الكسير ولاترفض الراجعين اليك بكل قلوبهم مانحا ايانا سلامك ، واهباً لنا شفاء النفس والروح والجسد . فكيف نعبر عن محبتنا لك الا بشكرنا لنعمك وتسبيحنا بحمدك وطاعتنا لوصيتك وتقديم محبتك لكل محتاج الى أعلان محبتك للجميع . ايها الرب الاله الذي قاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل ، وعبر بها بحار ورياح التجارب والضيقات منتصراً على قوى الشر . نسالك يا ملك السلام ان تقودنا رعاة ورعية هذه الايام الصعبة وكل أيام حياتنا بكل سلام ونحن نامين فى محبتك وسائرين فى مخافتك . وأبطل عنا كل فخاخ ابليس المنصوبة حولنا وبدد مشورة الاشرار مقدما كل يوم وعلى مدى الأيام كل خير وصلاح وبركة لشعبك مسددا احتياجات رعيتك ايها الراعي الصالح . لنصل بك ومن خلال قيادتك الى ملكوتك السماوي . أمين القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل