المقالات

07 فبراير 2020

خدمة الكاهن

خدمة الكاهن في الكنيسة القبطية الارثوذكسية خدمة فعالة ومؤثرة للغاية، فالكاهن في طقس كنيستنا عندما يُسام ويُقام يصير راعيًا وخادمًا لكل الرعية التي يؤتمن عليها.واختيار الكاهن ليس نهاية المطاف بل أنه بداية، فالكاهن كان شماسًا وكان خادمًا وكان معروفًا ومشهودًا له من الجميع. وعملية إعداد إنسان ليصير كاهنًا منذ أن كان طفلًا صغيرًا في مدارس الأحد، إلى أن نال بداية التعليم المسيحي في بيته وأسرته بعد معموديته؛ إنه طريق طويل يمر بخطوات كثيرة، حتى يكون لائقًا لهذه الخدمة المملؤة بركة.خدمة الكاهن أيها الأحباء يمكن أن نضعها في أربعة نقاط أساسية: أاولًا: الكهنوت أمانة، ثانيًا: الكهنوت نقاوة، ثالثًا: الكهنوت سلامة، رابعًا: الكهنوت اتضاع.اولًا: الكهنوت أمانةبلا شك الكاهن يُستودع أسرار الله ويُستودع أسرار الكنيسة، والأمانة هي العنصر الأساسي والرئيسي في حياتنا، وجميعنا يعرف قيمة هذه الكلمة، لأن عكسها كلمة لا نقبلها ولا يقبلها إنسان، بل هي كلمة تجرح الأذن عكس كلمة أمانة. ولذلك الوصية تقول في السقر الأخير من الكتاب المقدس: «كُنْ أمينًا إلَى الموتِ فسأُعطيكَ إكليلَ الحياةِ» (رؤيا2: 10). وكلمة "كُن" تعني استمرارية هذه الأمانة طول العمر. ومن يُسام كاهنًا يكون أمينًا في كل كلمة، في كل تعليم، في كل زيارة، في كل قداس، في كل إرشاد؛ تلازمه الأمانة. يقول الكتاب المقدس: «كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى25: 23)، فالله يبارك في القليل الذي كنت أمينًا عليه حتى لو كان كلمة واحدة، فتفتح فمك ويعطيك روحًا ونطقًا وكلامًا. أنت أمين على كل شخص في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أنت أمين على خدمة الرعية بكل أوجه الخدمات، أنت أمين في كل أوجه العلاقات والمعاملات مع كل أحد.ثانيًا: الكهنوت نقاوةالكاهن عندما يتقدم لتقديس الذبيحة وفي القداس، هو يعلن أمام الله ويعترف أنه غير مستحق ولا مستوجب، فلا يصحّ أن نخدم الله بأيدٍ غير نقية. لا يصح أن نخدم الله بأفواه غير نقية، لا يصح أن نخدم الله بعقول بها أفكار رديئة، لا يصح... فالكهنوت نقاوة.وكلمة نقاوة في كنيستنا تعني حياة التوبة المستمرة، حياة التوبة الدائمة. أنت أيها الكاهن والمتقدم للكهنوت يجب أن تنقّي سريرتك دائمًا، ويجب أن تنقّي قلبك دائمًا، ولا تجعل قلبك يحوي خطايا وأفكارًا رديئة، لذلك اهتم بمقابلة أب اعترافك باستمرار فأنت تحتاج إلى هذا، فليس معنى أنك ترتدي ملابس الكهنوت وأنك تصير كاهنًا وتقيم الأسرار وتعقد الاجتماعات وتخدم الناس، لا يعني ذلك أنك لا تحتاج إلى التوبة، بل إنني اتجاسر كأول المحتاجين إلى التوبة.ولذلك عندما يُسام الكاهن يقضي أربعين يومًا في خلوة ثم ينزل الخدمة، ولا نسمح له بأخذ الاعترافات قبل سنة (ممكن يبدأ بعد 6 شهور في أخذ اعترافات الصغار، لكن بعد سنة يبدأ لكن قليلًا)، لأن عمل الاعترافات يحتاج إلى أن يكون هو أيضاَ نقيًا ومعترفًا دائمًا وتائبًا، ويعيش هذه الحياة، حياة النقاوة دائمًا.ثالثًا: الكهنوت سلامةوسلامة تعني أنك صانع سلام، فالكاهن يُقام لكي ما يصير إنسانًا صانع سلام في مجتمعه وفي خدمته، مع الكهنة إخوته، مع الأب الأسقف الذي يخدم تحت رعايته، أن يكون صانع سلام في وسط أسرته ومع زوجته ومع أولاده، يكون صانع سلام مع نفسه، ومع ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع إخوة المسيح الفقراء بكل وجه من وجوه الفقر. يجب أن يكون صانع سلام، وأن يكون بشوشًا مبتسمًا، وألّا يكون غضوبًا مصطدمًا مع أحد، وأن يكون الكاهن سهل جدًا عليه أن يعتذر، ويقدم من قلبه اعتذارًا عما يكون قد بدر منه... الكهنوت مسئولية.ولذلك يا إخواتي عندما نقيم كاهنًا يحضر آباء أساقفة يمثلون الكنيسة، وآباء كهنة، وشمامسة، والهيكل مفتوح والمذبح مفتوح، ونقيمه بعد مشوار طويل كما ذكرت، وبعد أن يتعهد الكاهن أمام الله وأمام الكنيسة، والموضوع ليس بسيطًا، ولا هو مجرد تغيير شكل أو اسم أو ثياب. الشخص الذي تدعوه الكنيسة للكهنوت تفترض فيه النقاوة الكاملة، فسوف يقف أمام الله يومًا ويقدم حسابًا عن وكالته. صحيح أن عمل الكاهن الأساسي هو الصلاة، وهي اهتمامه الأول، ولا يشغله شيء عنها، لكن إذا لم يكن مصليًا من قلبه وله قانونه الخاص في صلواته، سيكون شخصًا مؤديًا للصلاة! ومن يقبل هذا؟! لا السماء تقبل، ولا الأرض تقبل.ولذلك يا أبنائي الأحباء، وأولادنا المتقدمين إلى نوال هذا السر العظيم: يجب أن تكون صانع سلام كامل. نسمع أحيانًا عن خلاف بين الكهنة في كنيسة أو خدمة أو إيبارشية، هذه يا إخوتي خطية تحرمك من الملكوت، ولا تكون لخدمتك أيّة نتيجة أو أي ثمر، وتكون خادعًا لنفسك. لذلك الكهنوت يحتاج إلى كل تدقيق، وأن يكون الكاهن واعيًا (كما نقول في التعبير الشعبي المصري: "عينه في وسط رأسه)، منتبهًا لرعيته ونفسه وأسرته والخدام والشمامسة، راعيًا كل القطيع، الرجال والنساء، الصغار والكبار، وكل أحد.رابعًا: الكهنوت اتضاعإنها لحظات رهيبة أن يقف الانسان أمام المذبح ويقدم الأسرار المقدسة، فعلى يديك تصير هذه الأسرار التي تمارسها كنيستنا، عن طريق استدعاء الروح القدس الذي يقدس الأسرار. وقد بتكون كاهنًا منفردًا في كنيسة، أو مع آباء كهنة آخرين، وقد تكون هناك كنيسة واحدة في البلد التي تخدم فيها، وقد تذهب لمكان ليس فيه كنيسةمن الأساس لكي تخدم أعدادًا صغيرة وترعاهم، كيفما يكون حقل الخدمة الذي دُعيت إليه.كل هذا يحتاج إلى اتضاعك، فالاتضاع هو السبيل إلى الملكوت ولا سبيل آخر، مهما كنت عالمًا في اللاهوت أو العقيدة أو الكتاب المقدس، أو الاجتماعات أو الخدمة والافتقاد... فاتضاعك هو الذي يقودك إلى الملكوت وإلى نصيبك السماوي، وما أجمل أيقونة الكاهن المتضع الذي منه نأخذ الشريعة، والذي نحتكم إلى مشورته الروحية. ما أشهى وما أجمل أن يكون الكاهن في هذه الصورة المتضعة كسيده ربنا يسوع المسيح! الكاهن اتضاع، وهذا الاتضاع لا يظهر أبدًا إلّا من خلال كلامك، وأفعالك، وطريقتك، وأسلوبك، وافتقادك، وردودك على الأسئلة، ومناقشاتك، حتى في خلواتك، والمؤتمرات التي تشترك فيها؛ في كل هذه يظهر هذا الاتضاع. اتضاعك هو الذي يحملك ويقدمك إلى المسيح، وتسمع الصوت القائل: «ادخل الى فرح سيدك».هذا هو الكهنوت يا إخوتي الأحباء. والأبناء الذين نقدمهم لكي ما يصيروا كهنة يحتاجون أن يتعلموا هذا الكهنوت: أمانة، ونقاوة، وسلامة، واتضاع؛ بكل ماتحملة هذه الكلمات الأربع من معانٍ ومن شمول. ولذلك من نقدمهم في هذا اليوم، وبعد اختبارات وجلسات وتزكيات كثيرة، وطبعًا عندما نختار أنسانًا ليصير كاهنًا نختاره بمخافة الله ولا نحابي الوجوه أبدًا. وفي اختيار الكاهن يقف أمامنا شيئان: "صلاحية الإنسان، واحتياج المكان". وفي هذا الصباح الباكر سنقدم 29 شماسًا ليصيروا كهنة، بعضهم كهنة كنائس في القاهرة وفي الأقصر وفي المحلة الكبرى وفي كندا. وبعض الكهنة سيُرسمون كهنة عموميين لكي ما يخدموا تحت أيدي الأب الاسقف على حسب احتياجات الخدمة. وأيضًا هناك كهنة سيُرسمون لخدمة الكرازة خارج مصر. وهناك كهنة يُسامون لخدمة الإرشاد الروحي. ونحن نصلي من أجل أن يقبل الرب تكريسهم الكامل لهذه الخدمة المقدسة.وهذا العام سنبتدئ بعمل شيء جديد وهام، فقد اقتطعنا ثلاثة أيام من فترة الأربعين يومًا التي يقضيها الكاهن الجديد في الدير الذي يختارة، وفي هذه الثلاثة أيام سنعقد للكهنة الجدد كورسًا خاصًا ومنهجًا خاصًا تحت عنوان "التدبير الكنسي والتنمية"، حيث سنستضيف الكهنة الجدد في المقر البابوي بدير الأنبا بيشوي، وسيلقي المحاضرات مجموعة من المتخصصين على مدار ثلاثة أيام (8-10 مارس). والهدف من مثل هذه الكورسات المتخصصة أن الكاهن أكثر تأهيلًا للخدمة المتسعة والمطلوبة منه. صلواتكم جميعًا من أجل هؤلاء، ومن أجل خدمتهم، ومن أجل بذلهم وتضحياتهم، ونصلي أن يعطيهم الله نعمة ويسندهم، فالكاهن لا ينجح في خدمته إلا بصلوات من يرعاهم، والصلوات هي التي تساعده وتسنده وتفرح قلب ربنا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
31 يناير 2020

العقل والروح والنفس

أريد أن أتحدث عن العقل والروح والنفس وكيف تكون غير نافعه وتصير نافعه فيما بعد.معني انسيمس هو اسم نافع او مفيد، واستخدم بولس الرسول معنى هذا الاسم ليحول هذا العبد الهارب الغير نافع الى نافع، الَّذِي كَانَ قَبْلًا غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي، كلمتك عن الجسد واعضاء الجسد وقد تكون غير نافعه ونتعلم كيف نحولها لنافعه.واكلمك اليوم عن العقل وشخصية يونان النبى العقل هبه من ربنا مثل التعبير الشعبى العقل زينه، وهذا العقل هو العطية العظمى للانسان التى جعلت للانسان عقل يفكر ويبدع ويطور، وهل ياترى انت تستخدم كل عقلك ولا جزء منه ولا عقلك به موضوعات لا تليق او لا تفرح او شر ماذا يوجد بعقلك، وعقلك لا يعرفه احد سوى انت فقط.إن كان الإنسان من كلامه نستطيع أن نحكم على عقله، لكن ربما يكون عقلك لا يخدمك، أو يدمر أفكارك الذاتية المتعبة، ومثال على ذلك يونان النبى، إنسان ظهر فى العهد القديم، وعاش عمرا طويلا، لكن يوجد موقف معين ومشهد فى التاريخ ظهر عقله يفكر ازاى، يونان لما تدرس شخصيته ستجد بها أخطاء كثيرة، لكن الآن ستجد بها 3 خطايا معينه وقع فيها يونان بسب العقل. الخطية الأولى: الاستهتار، والاستهانة بكلام الله وليس لديه مخافة لكلمة الله، وجود المخافة تحكم تصرفاته مثل جملة (اتقِ ربنا) ربنا قاله روح نينوي راح ترشيش ويستهتر بكلمة الله وربنا أراد أن يوقظه، فهاج البحر ليصحى من نوم العقل. أما الخطية الثانية: العناد، عناد الانسان يكون بعقله زى ما بنقول: فلان مخه ناشف، عناد الإنسان، وعندما يعاند يكون بلا طاعة ويبرر موقفه وحياته ولا يهتم لإرشاد أحد، كم من مشكلة بطلها العناد، نام يونان نومًا ثقيلًا خطية عناده سببت هيجان بحر بأكمله، وكادت أن تغرق سفينة بأكملها، وفقد الطاعة حتى نجد الله وأراد أن يفيقه من غفلته فاحضر كائن أكثر طاعة وهو الحوت، والعناد أفقد يونان السلام الداخلى لأنه عاند الله”. وأوضح قداسة البابا بأن الخطية الثالثة هي الأنانية، كان بيحب نفسه أكثر من أي أحد آخر كان بلا توبة وهى تظهر الأنا للإنسان وأنانيته، ويجب أن نعرف رؤيتنا لنفسنا، ويونان كان ساقطًا فى هذه الخطية، وعقله جعله يقع فى الاستهتار والعناد والأنانية. وتساءل قداسة البابا خلال العظة: كيف نجعل عقلنا عقلا نافعا؟ أولًا: نجعل عقلنا دائمًا فى حالة تفكير غير مشتت ونكون أفكارا ناجحة، ما تزرعه بعقلك ستحصده، وحتى تنجح اشحن عقلك بالقراءة بكل صورها بالمعرفة ، ولا تجعل عقلك “هايف وفاضي”، مثل بعض البرامج التى لا تبنى الإنسان واجلس فى مجالس تحترم العقل، واجعل عقلك نافعا وبناء ويستطلع خبرات الآخرين، وابعد عن القراءات المتعبة وعلى قمة قراءتك الناجحة يتربع الكتاب المقدس، والكتاب ليس كتابًا بل إنه مكتبة متنوعة أسفار ومزامير، اجعل عقلك ينفعك ويفيدك. أما من ناحية النفس، والنفس تشمل العواطف والعادات والمواهب والقدرات، عاطفة الإنسان التى تجعله إنسانًا يحب ويحنو ويشعر بالآخر وعواطف الإنسان قد تكون انساقت فى غرائز غير نافعة محبات أرضية بصور وأشكال مثل بعض الكتب تجد محور حياة شخص المال أو النساء أو الشهرة.والطفل وهو صغير بيترشم فى أماكن كثيرة فى جسده ليقدس الله وتصير أعضاؤه نافعة.عندما تقترب من الله يصير قلبك جميلًا يحب الجميع، وعندما تبتعد عن الله يصغر قلبك ولا تجد غير نفسك، العاطفة المقدسة والمباركة التى من خلالها نشأت كل الخدمات الإنسانية التى نسمع عنها مثل خدمة التمريض والصليب الأحمر وهم لديهم عاطفة متدفقة لخدمة البشر كلهم، مثل عندما نقرأ سيرة الآم تريزا لما خدمت بالعاطفة ملايين من الفقراء والمرضى، اجعل عاطفتك قى هذا العام الجديد عاطفة منضبطة، واجعل عاطفتك يقودها الله ومحبتك لله فقط من أجل الله تتعب فقط وليس من أجل أي مجد من خلال عاطفتك تكون خدمتك.ومن ناحية العادات بعضها سلبى وسيئة وبعضها إيجابى ومفيد، والإنسان بعادات قد يدمر آخرين مثل الإدمان قد يدمر الأسرة بأكملها، ومثل شراهة المأكل، وتوجد عادات نافعة مثل قراءة الإنجيل، ويجب فحص عاداتك، والتخلص من عاداتك السيئة الضارة غير المفيدة، واحتفظ بالعادات الإيجابية والمفيدة فقط والمنضبطة، واعد الله وكن صادقًا فى وعدك و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
24 يناير 2020

كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟

اقرأ معكم فصل من رسالة معلمنا يوحنا الحبيب الإصحاح الخامس كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟”ونحن في اجتماع شباب في هذا السن الجميل نعيش في هذا العالم المتصل ببعضه ومعنا أجهزة تصلنا بالعالم كله أحدثك عن ثلاثة أشياء :- ١- نفسك ٢- الزمان ٣- كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟ الله عندما خلق الإنسان، قال له سأعطيك أشياء اميزك بها عن باقي الكائنات. – أولًا: أعطى له عقل والبشر سموه “العقل زينة”، وصار العقل زينة للإنسان وجماله، ويوجد من لديه عقل فارغ ويوجد من لديه عقل تحترمه ويبدع ويفكر به. – ثانيًا: أعطى له الحرية ورمز لها باليد وكل شئ في الحياة مصنوع بهذه الأصابع، وأعطى له اليد رمز للحرية ضع اليد مع العقل تبدع كل يوم ما هو جديد وتخيل أنه أعطانا الشجر وبعقله الإنسان صنع من الشجر أشكالًا كثيرة. – ثالثًا: أعطى له قلب خاص بالإنسان والله، وهو محطة نتقابل فيها مع الله، والله أعطانا (عقل ويد وقلب) وصرت إنسانًا متميزًا، عاقلًا، عاملًا، كائنًا روحيًا، وصارت حياتك على صورة الله ومثاله. وصرت كائنًا وأنت على الأرض نكلم الله، وفي المعمودية صرت مولودًا من السماء ومدشنًّا بالميرون مخصص أي مكرس، وابتديت تتناول، وفتح أمامك طريق الأبدية وصرت متميزًا، والله لن يتدخل في حريتك والارتباط بالكنيسة في ذهننا هو يؤكد لك أننا نسير في طريق الأبدية. ولذلك كلنا نحمل جنسيات كثيرة لكن يوجد جنسية أخرى قالها بولس الرسول في رسالة تيموثاوس، وهي أنك صرت أبن الله في الرعوية ومدعو للأبدية وحياتك لها معني . أعرف أن الله خلقك ويريدك أن تعرف أنك صرت على صورته ومثاله وهيكل لله ومستودع للمسيح، لهذا قال بولس الرسول “استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني” (في ٤ : ١٣) وصارت صورتك الجميلة وأعطاك الكنيسة التي تحميك وتحوط عليك. ٢- الزمن الذي نعيشه به تغيرات شديدة جدًا صار فيه تواصل وتقارب بين البشر بصورة لم نشاهدها من قبل وفي عام ١٩٣٦ تم اختراع التليفزيون وبعد الحرب العالمية الأولى أي بعد ٣٠ عاما اخترعوا الكمبيوتر وكان حجمه كبير وصغروه وسمي PC وبعد ٤٠ عاما الـ TV تزوج الـ PC وخلفوا الموبايل أو الجوال أو النقال أو المحمول، لكن من يوم اختراعه للأسف قلبك توقف وصار استعمالنا في هذا الجهاز الصغير أكثر من أعداد البشر وصار الإنسان يتعامل مع آلة، وليس بشر وصارت الآلة بيني وبينك، وهذا غير المقابلة وجهًا لوجه، لأن التعامل الإنساني يشعرنا ببعض ولكن الآلات بلا مشاعر، والعالم صار يعتمد علي هذا لكن بعد انفصال التليفون عن السلك صار لك عالمك ودخل الإنسان في الأنانية وبهذه الطريقة انتشر العنف والإرهاب والإلحاد، وهذا نتيجة انقطاع التواصل الإنساني وصار عالم غريب.وأصبح يوجد مرض الخوف من فقدان الموبايل وأصبح مرض رسمي مسجل طبيًا، فانتم الشباب وحياتكم وسنكم هذا، كيف نعيش في هذا الزمن؟ الإنسان أصبح يفقد إنسانيته والعالم يتغير. ٣- فماذا أفعل لكي أكون إنسان ناجح ؟ يجب أن اضع خمسة خطوط عريضة، ولكن يجب أولًا أن نضع أمام أعيننا هذه الآية”وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤). – أول خط عريض، كن واثقًا في إيمانك فلا يتزعزع ففي العهد القديم، الناس استهزأت بنوح، ولكن في يوم أتيذى الطوفان ولم يكن في الفلك سواه هو وأسرته، ولولا ثقته هذه ما كان يبني الفلك ولم يهتز إيمانه، ثق في إيمانك مثل نوح. – كن إنسان صاحب مبادئ لا تسير مع الموجة مثل السمك الميت، دانيال عندما أخذ للسبي، وقيل له كُل هذا الأكل يقول الكتاب “أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ” (دا ١ : ٨)، وكان صاحب مبدأ، ابني لنفسك مبادئ مثل يوسف. – كن إيجابي في علاقاتك كن شخص ايجابي، فكر صح في المجتمع، في البلد ولا تكن سلبي، أكثر مثل في الإنجيل يوجد صورة ايجابية عندما تقابل المسيح مع السامرية، كن إيجابي في رأيك وفي تعبيرك عن أي موضوع إذا وجدت مشكلة عبر وقل. – كن إنسان شاهد لمسيحك، أنت تحمل اسم المسيح وتكون شاهد له مثل شهداء ليبيا في بلد غريبة وتعليمهم محدود يبحثون عن لقمة عيش، وتعرضوا لهذا الموقف ولكن شهدوا لمسيحهم وكانت كرازتهم للعالم كله، كن شاهدًا بكلامك أو دراستك مثل الدكتور مجدى يعقوب يخدم آلاف الناس. – كن دائما مصلياً .. بلا صلاة تضيع وما رفعت صلاة إلا ووصلت للمسيح، وكنيستنا مليئة بالصلوات، “طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.” (يع ٥: ١٦)، هذا كلام الإنجيل الصلوات تفعل أشياء كثيرة، فكن إنسانًا مصليًا، وأعرف أن الصلاة تصنع المعجزات. بالأمس زارنا الرئيس الفرنسي، وشاهد أيقونة شهداء ليبيا بالكاتدارئية، أيقونة شهداء البطرسية، وسئلنا رد فعلكم ايه؟ قولت له نصلي من أجل كل الناس. الخلاصة: ١- كن إيجابي في حياتك ناجحًا. ٢- كن إنسان واثق في إيمانك. ٣- كن إنسان صاحب مبادئ. ٤- كن إنسان إيجابي في علاقاتك. ٥- كن إنسان مصليًا لكل أحد. ربنا يحافظ عليكم، ونردد مع بعض هذه الآية مرة أخرى “وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤).ضعوها أمامكم، ربنا يحافظ عليكم و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
22 يناير 2020

تأمل فى معجزة عرس قانا الجليل

كان القديس يوحنا الحبيب من أوائل التلاميذ الذين دعاهم السيد المسيح وعاصر تقريبا كل معجزات وخدمة السيد المسيح مدة خدمته على الارض اى ما يقرب من 1000 يوم وقد اختار القديس يوحنا الحبيب 20 يوم خدمة وقدمهم لنا فى انجيله فلم يقدم لنا أمثال لانه يريد ان يقدم لنا السيد المسيح من خلال لاهوته فى هذه المعجزة يقدم لنا الصديق المفرح فالانسان منذ خطية ادم غاب عنه الفرح فاراد القديس يوحنا ان يقدم لنا المسيح المفرح فذكر معجزة عرس قانا الجليل فى بداية انجيله. لماذا بدأ السيد المسيح معجزاته بهذه المعجزة؟ 1- اراد ان يقدس حياة الاسرة. 2- اراد ان يرفع اتعاب أو لعنة المرأة و لعنة الارض فبهذا العرس يبدأ خليقة جديدة. 3- أراد ان يقدم البداية المفرحة فقدم لهم هدية (الخمر). هذا العرس حضره السيد المسيح فى بداية خدمته وكان العرس من العادات والتقاليد اليهودية المشهورة فكان العرس فى اليهودية يبدأ من الاربعاء وينتهى فى الاربعاء التالى واجازة السبت فكانوا يضعون ستة اجران عند مدخل البيت مخصصة لحفظ الماء ويقدم فى العرس المشروب المشهور فى ذلك الوقت وهو عصير العنب الطازج اى الغير مختمر وكانت العادة ان يقدموا العصير الجيد اولاً ثم الاقل جودة , وفى هذا العرس ينتهى الخمر فطلبت العذراء مريم من السيد المسيح وقالت له "ليس لهم خمر" اى ليس لهم فرح و يرد عليها بقسوة "ما لى و لك يا امرأة لم تاتى ساعتى بعد" أى ساعة الصليب ثم يصنع السيد المسيح المعجزة ويعود الفرح الى هذا العرس والى كل البشر بصليب المسيح الفرح يغيب عن الانسان اذا حلت الخطية فالخطية تسرق الفرح من الانسان. خمر فى اللغة اليونانية و العبرية 3 كلمات:- 1- عصير العنب الطازج (تيروش). 2- عصير العنب الطازج أو المختمر (يايين). 3- عصير العنب المختمر (سكر). هذه الكلمات الثلاثة تستخدم فى اللغة العربية بكلمة واحدة وهى الخمر. كيف يكون السيد المسيح صديقاً مفرحاً لك؟ 1- مسيحنا مفرح من خلال الايمان الذى نعيشه, الايمان يمنح الانسان سلام ثم فرح داخلى حقيقى. 2- مسيحنا مفرح من خلال الكتاب المقدس الذى هو رسالة فرح. 3- مسيحنا مفرح من خلال وجوده فى الكنيسة على الدوام , الكنيسة هى سر فرح حياتى. 4- مسيحنا مفرح لانه يسند الانسان فى ضعفه دائماً , فلا يرفض ابدأً توبة انسان. 5- مسيحنا مفرح لانه يعد لنا حياة أبدية , فكل من عاش حياته بامانه له اكليل فالسماء هى مكان الفرح الدائم.القديس يوحنا الحبيب يقدم لنا المسيح بأكثر من صورة كالمسيح المحب والمسيح مفرح القلوب. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
27 ديسمبر 2019

تدريب روحي لعام 2020م

بمناسبة استعدادنا للعام الجديد 2020م، أحب أن يكون تأمل هذه الليلة في مزمور رقم رقم 18 وهو مزمور طويل (50 آية)، وقد صلي به داود النبي بعد أن أنقذه الله من أعدائه ومن يد شاول الملك. المزمور به تسبيح وعبارات جميلة ومعانٍ جميلة تصلح لنا جميعًا كأفراد أو مجموعات سواء الكنيسة أو الأسرة، ويصلح أن يكون تدريب روحي نبتدئ به السنة الجديدة.وسنتأمل فقط في الكلمة الأولى «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي»... أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي.. ونحن نستعد لاستقبال عام جديد يجب أن يكون لنا خطة ويجب أن يكون لنا رؤية لهذا العام الجديد، فلتكن لنا هذه الكلمة شعارًا لنا «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي». ولكن ماذا تعني أحبك يا رب أو ما يقصده داود النبي؟ «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» لها خمسة أبعاد تشرحها، وكما ذكرت في مرات سابقة أن رقم خمسة يُعبّر عن القوة (مثل أصابع اليد). «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» اختصر فبها المرنم خمس كلمات في كلمة واحدة، ووضعها أمامنا لكي يمكن أن تكون تأملنا أو يمكن أن نسميه خريطة طريق للعام الجديد.المعنى الأول: الشكر أول معنى لكلمة أُحِبُّكَ «أنني أشكرك» أشكرك يا رب.. العام الماضي بأيامه بما فيها أمور حلوة وأمور مُرّة عبر، ومثلما نصلي صلاة الشكر «نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال»، ومثلما تعلمنا كنيستنا أن بداية صلواتنا دائمًا هي بالشكر، وبداية يومنا هي بالشكر، ونشكر الله على عطاياه السبعة الكبيرة التي يعطيها لنا (سترتنا، وأعنتنا، وحفظتنا، وقبلتنا إليك، وأشفقت علينا، وعضدتنا، وأتيت بنا إلى هذه الساعة)، هذه العطايا التي يمنحها الله لنا جميعًا. أنا يا رب أحبــــــــــك.. هذا الحــــــــــب يبـــــــدأ دائمًا بالشكر، أشكرك على كل ما صنعته معي في العام الماضي، أشكرك على كل ما فعلته وقدمته سواء على المستوى الشخصي أو المستــــوى الجماعي، أشكرك يا رب على أمور كثيرة في حياة الإنسان دبرتها ورتّبها، ويقف الإنسان أمام الله قائلًا له: ماذا أقول يا رب أمام حسناتك الكثيرة وعطاياك الجليلة في كل صباح؟ويعلمنا الآباء أنه ليست موهبة بلا زيادة إلا التي بلا شكر، يشكر الإنسان على كل شيء، حتى على الألم والتعب وأحيانًا على الخسارة. أحيانًا يتذمر الإنسان على حياته، فقد كان يأمل أن يتحقق شيء ولم يتحقق.. وتذمُّر الإنسان يتعبه وينسيه الشكر.. يمكن أن تشكر على كل صغيرة وكبيرة، على الصحة، على الخير الذي بين يديك كثر أم قلّ، على صداقاتك ومعارفك، بل وعلى الفخاخ التي نجاك منها، على عطايا الأكل والحماية والملبس والهواء الذي نستنشقه. لو جلس الإنسان لكي ما يعدد عطايا الله له لن يحصرها أبدًا.المعنى الثانـــــــي: التوبــــــــة أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي... يعني أنني أتوب إليك.. في العام الماضي يمكن أن يكون الإنسان قد صنع بعض الأمور الخاطئة أو انجرف إلى بعض الضعفات أو بعض السهوات أو بعض الخطايا أو بعض التقصيرات، خطايا صنعها بمعرفة وخطايا صنعها بغير معرفة، خطايا خفية وخطايا ظاهرة، خطايا بإرادة وخطايا من غير إرادة. لذلك مع بداية عام جديد، جيد جدًا أن الإنسان يقدم توبة: «أتوب إليك يا رب، توّبني، أنا أحبك وأعرف إنك لا تحب الخطية لكنك تحبني حتى عندما أكون خاطئًا، لا تحب خطيتي ولا تريدها ولكنك تحب الإنسان حتى وإن كان خاطئًا، تحبه كإنسان». هل لك جلسة اعتراف وجلسة توبة حقيقية؟ هل تقدر في نهاية السنة أن تفرغ قلبك؟ هل تظنون أنه يمكننا أن نضع في كوب شيئًا صالحًا للشرب وآخر غير صالح للشرب في نفس الوقت؟ لا يمكن..! هل عزمت على التوبة وأن تنقي قلبك؟ أن تبدأ السنة الجديدة بقلب سليم؟ فكّر كيف تسكّن ضعفاتك وكيف تنقي قلبك، لأنه بدون نقاوة القلب لن يعاين أحد الله. لذلك تضع الكنيسة مزمور التوبة في بداية الصلاة هو تعبيرًا عن هذا البُعد في حب الله. مزمور التوبة مزمور فردي (أرحمني يا الله كعظيم رحمتك...)، ونقول في نهاية كل ساعة بالأجبية «ارحمنا يا الله ثم ارحمنا» بصيغة جماعية... التوبة الجماعية مجموع توبة الأفراد.. هل تطبق عبارات المزمور الخمسين على نفسك؟ هذه المزامير أو قطع الصلوات بصفة عامة هي مقاييس نقيس عليها أنفسنا، فترى أين أنت من مزمور التوبة، أين أنت من كلماته وعباراته ومشاعره ودموعه. أحبك يا ربي يا قوتي، أنت هو توبتي، وأنت الذي تساعدني على هذه التوبة.المعنى الثالث: الوعـــــد أعدك يا رب.. فرصة قوية جدًا مع بداية العام الجديد لكي تَعِد الله بتعهدات فمك لكي ما يباركك. كنت مقصرًا في الإنجيل، في الصلوات، في الأصوام، في الحياة الروحية بصفة عامة، في الاعتراف، في النسكيات، في ممارسة الأسرار... فما رأيك أن تقدم وعودًا لله من اليوم؟ قدم وعدًا بقلبك، قل: أعدك يا رب ولكني أريد منك أن تقويني. بماذا يا تُرى ستعد ربنا في نهاية السنة وأنت تستقبل عامًا جديدًا؟.. وعود تخص حياتك الروحية، حياتك الاجتماعية... ممكن أن تتصالح مع من تخاصمهم، ممكن أن تعد الله أنك تُحسّن طريقة تربية أولادك وبناتك. أحيانًا الآباء والأمهات تربيتهم يكون بها شىء خاطىء، ها توعد ربنا بإيه؟ ربنا منتظر وعدك، منتظر تعهدات فمك، وهذه التعهدات هي تعهدات قلبية. لا أريد فقط أن تقدم لله وعود، ولكني أريد أيضًا أن تقدم لإلهك أحلامًا واشتياقات، أحلام في الدراسة في الخدمة في العمل، أحلام في الحياة بصفة عامة... الأحلام تعني أن أن الإنسان حيّ، فالإنسان الميت لا يحلم. وعودك وتعهدات قلبك وأحلامك واشتياقاتك تأتي بها جميعها وتضعها أمام الله.المعنى الرابـــــــع: الصــــــــلاةالصـــــــــلاة هي العمــــــــل الأسمى الذي يمكــــــن أن يمارســـــــــه الإنســـــــــان على الأرض، هو بمثابة خيـــــط رفيع يربطك وأنت على الأرض بالله في السماء. وأقصد هنا الصلاة التي تنبع من القلب، لا من اللسان فقط، الصلاة التي هي لقاء شخصي بينك وبين المسيح، وتتشفع في الصلاة بقديسين يكونون شهودًا على هذه الصلاة، صلاة حقيقية من قلبك، تعبّر فيها عن حبك وشكرك وتوبتك وعن اشتياقاتك، وتعبر فيها عن طلبك واحتياجك ليد الله القوية أن تعمل معك. عمل الصلاة قوي، فطلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها، ولنا في التاريخ قصة جبل المقطم كمثال لهذا. اجعل صلواتك مرفوعة ولا تنشغل بالأمور المادية والاقتصادية والكلام الكثير والأحداث، وناس تتحدث عن كل شيء إلا الأبدية!المعنى الخامس والأخير: أخدمـــــــك أحبك يا رب لا حبًا نظريًا، ولكن أعبّر عنه عمليًا بخدمة المحتاج، المريض، الجائع، العطشان، المحبوس، المأسور، اليتيم، وخدمة أصحاب الاحتياجات الخاصة، والخدمة بكل اتساعها. فأنت لا تخدم أحدًا من الناس ولكنك تخدم الله في عيون ونفوس وفي أشخاص هؤلاء. والخدمة يا أحبائي يجب أن تكون لكل أحد بدون استثناء لأنك تخدم الله في أشخاص الناس، ويكون لديك روح الخدمة والعمل، فمن يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فتلك خطية.نصلي كل يوم صباحًا جزءًا من الاصحاح الرابع من رسالة أفسس ونقول عبارات جميلة: «اسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتهم إليها...»، فأنت دُعيت لكي ما تخدم، بكل صور الخدمة. من القصص اللي تعجبني كثيرًا قصة في القرن الثالث أو الرابع الميلادي، حبنما كان الجنود متجهين جنوبًا وعسكروا عند إسنا، فخرج أهل إسنا الكرام وأطعموهم وأكرموهم، فسأل جندي وثني زميله: لماذا هؤلاء الناس يفعلون هذا معنا؟ فقال له لأنهم مسيحيون. لقد خدموا بهذه الوسيلة، وكان طبق الأكل الذي قُدِّم وسيلة لجذب قلب إنسان صار فيما بعد القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة. ولهذا فإن الخدمة ليست فقط هي خدمة تعليم أو خدمة مدارس أحد، بل لها اتساعات كبيرة جدًا بأشكال كثيرة جدًا، ويمكنك أن تبتكر شكل الخدمة التي ستخدمها.الخلاصــــــــــة... ونحــــــــن نبتـــــــــدئ عامًا جديدًا (2020)، نصلـــــــــي أن يكـــــــــون عامًا سعيدًا على الجميع، وأن تنعم مصر وكل شبعها بالخير وبالفرح والسلام والمحبة. ونأخذ هذا المزمور كتدريب لكنائسنا وأسرنا، وكل بيت يمكنه أن يقرأ هذا المزمور، ويمكن أن تكبته وتضعه في مكان ظاهر، ويكون أمامك وتصلي به، وتتذكر أنه عندما وقف داود النبي وقال «أحبك يا رب يا قوتي» كان يقصد هذه الأفعال الخمسة: أشكرك، أتوب إليك، أعدك، أصلي لك، وأخيرًا أخدمك في كل مكان.وكل سنة وأنتم طيبون قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
20 ديسمبر 2019

امتنعوا عن كل شبه شر

أي مجتمع فيه فضائل، حتى الشعوب الوثنية عندها فضائل كثيرة مثل فضيلة احترام الآخر، لكن ما ذكره القديس بولس الرسول (1تس5: 12-23) هو فضائل مسيحية سامية. الفضيلة الإنسانية تقول: امتنعوا عن كل شر، لكن في المسيحية نقول: «امتنعوا عن كل شبه شر»، يا لهذا السمو! في العهد القديم كانت الوصية تقول: «لا تقتل»، لما جاء العهد الجديد قال ربنا يسوع المسيح: «لا تغضب»، لأن الغضب يؤدي إلى القتل. يسوع المسيح قال لنا أنه ما جاء لينقض بل ليكمل، أكمل فهم الإنسان للوصية، فالوصية لها أبعاد ومستويات يتقدم فيها الإنسان، في سمو ورقي، في مسيرة طويلة. ما معنى امتنعوا عن كل شبه شر؟شبه الشر هو الذي يؤدي إلى الشر، يؤدي إلى الخطية أو الجريمة أو الانحراف. «امتنعوا عن كل شبه شر» تعني أن تضع في بالك أن هناك أمور في حياتنا تؤدي إلى ما هو أخطر، قد تكون هذه الأمور ليست خطيرة في حد ذاتها، لكن عندما يسقط الإنسان فيها أو يدخل في بدايتها يقع في خطايا كثيرة. تعالوا لنأخذ أربعة أو خمسة نماذج تبيّن لنا ما هو شبه الشر.1) التردديقول لنا الكتاب في رسالة يعقوب عن الإنسان المتردد: «رَجُلٌ ذو رأيَينِ هو مُتَقَلقِلٌ في جميعِ طُرُقِهِ» (يع1: 8). أتذكر حين كنت في الدير وكنت مسئولًا عن الزائرين، أن دخل شاب مع أمه ومعه ورقة في يده مغلق عليها، وقال لي: "اختر ورقة يا أبونا"، فاخترت ورقه كان مكتوبًا فيها "لا أبيعها" ففرح الشاب، ردت أمه قائلة أنهم كانوا ي دير آخر واختار أب راهب هناك ورقة أخرى مكتوب عليها "بعها" وتضح أن ذلك كان بخصوص قطعة أرض كانا يفكران في بيعها لكن الشاب كان مترددًا. مثل هذا الإنسان هو صعب جدًا، وخصوصًا لو كان في مسئولية. التردد يوصّل إلى الشر، وعكسه الثبات. الإنسان الثابت حينما يواجه موضوعًا فإنه يدرسه ويصلي ويفكر ويأخذ مشورة ويقرر. مثال لذلك إبراهيم أبو الآباء، في سفر التكوين أصحاح 12، طلب منه الله أن يترك أرضه وعشيرته ويتغرّب، ولم يضيّع إبراهيم وقتًا، بل قام بكل نشاط وبدأ يأخذ طريق المسيرة وهذه الدعوة. مثال آخر إبراهيم أبو الآباء عندما طلب الله أن يقدم ابنه ذبيحة، فأطاع فورًا. في المقابل نرى مثالًل للتردد في الشاب الذي دعاه السيد المسيح وقال له: اتبعني، فأجاب: «يا سيِّدُ، ائذَنْ لي أنْ أمضيَ أوَّلًا وأدفِنَ أبي» (مت8: 19-22)، طبعًا دفن الأب شيء مهم، لكنها هنا شكل من أشكال التردد. أحيانًا الروح يحركك لعمل روحي مثل أن تصلي أو تقرأ الإنجيل، ولكنك تتلادد لثوانٍ تحت أي مُسمّى، وتكون النتيجة أن الإنسان يخسر عمله الروحي، وهذا شبه الشر الذي يقود للشر. 2) الإهدارأكثر ما يهدره الإنسان في عمره هو الوقت. الوقت عطية إلهيه لا تتوالد ولا تتمدد، اليوم 24 ساعة لكل البشر، وهو لا يتوقف ولا يرجع إلى الوراء وهو محدود مهما طال. القديس أغسطينوس في نهاية حياته كان لا يستطيع الوقوف أو الجلوس، بل كان راقدًا أغلب الوقت، ولأنه كان يريد أن يصلي فطلب أن تُكتَب المزامير على الحائط ليستطيع قراءتها. زيارة صغيرة لأيّة محطة قطار أو أتوبيس في أيّة دولة غربية، تجد الناس تقرأ دون تضييع وقت في الثرثرة. اهتم بوقتك، قدِّر هذه العطية التي يقدمها الله لك، استخدم الوقت حتى تفيد نفسك وتفيد الآخرين. الوقت هو أغلى ما نملك.ليس قثط إهدار الوقت، بل أيضًا إهدار المال. هناك قديسون كانوا أغنياء جدًا مثل إبراهيم أبي الآباء، والقديس الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان والذي كان يمتلك 300 فدان، وغيرهما الكثيرون. المال نعمة وعطية من عند الله، ولكنها نعمة يُختبَر بيها معدن الإنسان. هناك من يستغل المال بشكل صحيح سواء في مشاريع أو خدمة... إلخ، وهناك آخر يسيء استخدام هذا المال بأي شكل من الأشكال. إهدار المال خطية، هو شبه شر، قمن يسيء استخدام ماله، يوقع نفسه في خطايا كثيرة. افرض وفرة المال لا تعني التبذير، بل تعني الحكمة للاستخدام الحسن. هناك أشكال أخرى من الإهدار، مثل إهدار إهدار المياه والطعام. يوجد في العالم مليار من البشر لا يجدون مياه الشرب، بمعنى أن واحدًا من كل سبعة لا يجد كوب ماء ليشربه، وهناك بلاد فيها مجاعات والناس يبحثون عن الطعام في صناديق القمامة! لذلك فكر البشر في اختراع الثلاجات وأجهزة أخرى ووسائل طهو متعددة، وذلك لتقليل إهدار الطعام. حينما ترمي الطعام فأنت تحرم إنسانًا آخر من الطعام. 3) الإهمالمثلما يهمل أب أو أم في تربيه أولادهما، وقد يأخذ الإهمال صورة التدليل. وهناك الإهمال في العمل، والإهمال في الإنتاج. لو لم يُربَط المسمار جيدًا في عجلة السيارة فمن الممكن أن يؤدي هذا إلى شر. أظنكم تتذكرون كيف أهمل عالي الكاهن في تربية أولاده وماذا كانت النتيجة. وهناك الإهمال في العلاقات الاجتماعية، بجيرانك وأصحابك وزملائك... الإهمال شر، وأحيانًا نسمًيه "آفة الحياة الروحية": إهمال صلواتك، إهمال انجيلك، إهمال قراءاتك... إلخ. وهناك إهمال النظافة: في البيت، في الفصل الدراسي، في المدرسة، في الشارع... بل وقد نرى صنوف الإهمال هذه في الكنيسة! نظافة المكان تجعل الإنسان مرتاحًا، والعكس صحيح.5) الانشغال الزائد هناك من يعمل أكثر من اللازم، وهذا يؤدي إلى أخطاء كثيرة منها الإهمال. هناك من أناس "مدمنو شغل" workaholic. الانشغال الزائد يتعب الإنسان في كل علاقاته، بل قد ينقطع عن الممارسات الروحية من صلاة وقراءة وخدمة بسبب الانشعال. وهناك من يضيع بيته وأسرته بسبب انشغاله الدائم. الانشغال الزائد أحيانًا يكون مقدمة لشرور أخرى. لابد أن يكون هناك تنوع في حياة الإنسان، لذلك نجد في الحياة الديرية يقولون لنا إن قانون الراهب: ساعة عمل، ساعة قراءة، ساعة صلاة؛ أي أن اليوم مُقسَّم فترة للصلاة وفترة للقراءة والدراسة وفترة للعمل: عمل يدوي أو غير يدوي.المشغولية الزائدة هي شبه شر، وتحرم الإنسان من بيته، ومن حياته، بل وربما من أبديته أيضًا، لذلك يجب أن يكون الإنسان منتبهًا للغاية من الانشغال الزائد، ويجب أن يكون له وقته الخاص بين فترة وأخرى، لكي يستطيع أن يكمل مسئولياته الأخرى.6) العشوائية هناك من يذاكر بدون نظام، ومن يجاوب بلا نظام، ومن يتكلم بلا نظام، وآخر يبني بدون نظام... والعجيب أن مثل هؤلاء يقولون عن حياتهم إنها "ماشية بالبركة"! بينما في الواقع، البركة في النظام. في معجزة إشباع الجموع، قال السيد المسيح للجموع أن يجلسوا فرقًا فرقًا، خمسين خمسين، وطبعًا بينهم ممرات، وجعل الرسل يوزعون الطعام عليهم، فأكلوا وشبعوا وفضل عنهم اثنتا عشرة قفة من الكسر التي جمعوها، مما يعني أنهم تركوا المكان نظيفًا؛ فالنظام يؤدي إلى البركة. ودائمًا نقول لأولادنا إن كلمه نجاح تبدأ بحرف "النون" الذي هو رمز واختصار لكلمة "نظام". العشوائية لا تبني الإنسان، بل هي شكل من أشكال الإهمال. الذي يبدد طاقات الإنسان، ولا يجعل الحياة هادئة بل تصير مشوشة. حتى في المناطق العشوائية لا نستطيع أن نوصّل لها الكهرباء والمياه، بل في بعض المناطق العشوائية حينما يحصل حادث أو مشكلة قد لا تستطيع عربة الإسعاف الدخول، أو لا يستطيعون الوصول للمكان...... ... ...هذه الصور كلها تندرج تحت هذه الفضيلة «امتنعوا عن كل شبه شر». وطبعًا هناك نماذج كثيرة وصور متعددة يمكن أن تبحث عنها في حياتك. وأحب أن أقدم لكم تدريبًا ونحن في نهاية السنة في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر، راجعوا الجزء الذي قرأناه في رسالة تسالونيكي الأولى الأصحاح الخامس 12-22، اكتبوا هذه العشر الآيات وراجعوا أنفسكم بحسب الوصايا التي في الآيات، وابحثوا عن كيفية تطبيقها. راجع نفسك في نهاية هذا العام، واعمل برنامج عمل لحياتك في السنة القادمة. ربنا يحافظ عليكم دائمًا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
06 ديسمبر 2019

أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي

“باسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين” بمناسبة استعدادنا للعام الجديد أحب يكون تأملنا في مزمور رقم ١٨، وهو مزمور طويل من ٥٠ أية وصلى به داود النبي بعد ما أنقذه الله من يد أعدائه ويد الملك، وفيه تسبيح وعبارات جميلة تسمح لنا كمجموعات وكأسرة ليكون لنا تدريب العام الجديد ونتأمل في الآية الاولى “أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي.” ونحن نستعد للعام الجديد يجب أن يكون لنا خطة، أيام قليلة ويمضي ، ثم يأتي العام الجديد وتكون هذه الكلمة شعار لنا جميعاَ (احبك يارب ياقوتى) وهذه الكلمة تأتى في أفكارنا المشاعر التي يذكر فيها الحب بصفة عامة. “أحبك يارب”.. لكن ماذا تعنى أحبك يارب وما معناها وما يقصده داود النبي؟ داود النبى كان يحب استخدام بعض الصور المجازية التي كانت من الحروب والمعارك فاستخدم جزء من العتاد اللى كان يرتديه الجندي مثل (ترسي وخلاصي وملجأي) لكن نريد أن نركز على كلمة (أحبك) أحبك يارب ياقوتى ولها 5 أبعاد تشرحها. ورقم 5 يعبر عن القوة مثل أصابع اليد فاحبك يارب ياقوتي اختصر 5 كلمات في كلمة واحدة ووضعها أمامنا ويمكن ان نسميها خريطة العام الجديد. ١_ أحبك يعنى اشكرك المعنى الأول لكلمة أحبك يعنى إنني “اشكرك” يارب على العام الذي مضى بأيامه التي كان فيها الحلو والمر مثل قولنا في صلاة الشكر نشكرك على كل حال.. ومثل ما علمتنا كنيستنا نبدأ يومنا بـ”شكر الله” على أنه سترتنا وحفظنا وأعاننا وقبلنا إليه واشفق علينا وعضنا.. وكل معنى من هذه المعاني هو متسع للغاية، أشكرك لأنك سترتني (سترت أهلي ووطني وبيتى وكنيستي..). أنا يارب أحبك والحب دائما بالشكر، أشكرك على كل ما قدمته لي العام الماضي. ويعلمنا الأباء ليست هناك موهبة أفضل من الشكر، يشكر الإنسان الله على كل شيء الألم والتعب والخير والصحة والصداقة والفخاخ التي ينجيه منها، وعلى عطايا الطعام والشرب والحماية والمياه والهواء.. كل شيء. ٢_ “أحبك يعنى أتوب إليك” وهذا المعنى الثاني. السنة التي مضت صنع الإنسان فيها خطايا خفية وظاهرة بمعرفة وبغير معرفة لذلك، أحبك يعنى أتوب عن كل ما حدث. أنا بحبك يارب وأعلم انك لا تحب الخطية لكنك تحبني لا تحب خطيتي ولكن تحبني كإنسان، فهل لك جلسة اعتراف وتوبه حقيقية، لابد أن تفرغ قلبك الذى لا يراه الا إلله. حتى الإنسان السارق عند سرقته بيطلب ستر الله، فهل أنت عزمت على التوبة أم أنك تقول (ربنا رب قلوب)؟ هل فكرت كيف تسكب ضعفاتك وكيف تنقى قلبك لأنه بدون نقاوة القلب لن تعاين الله. ففى المزمور الخمسين أخدنا من داود النبي مثال لتوبته فهو مزمور التوبة؛ فيقول “إرحمني ياالله كعظيم رحمتك”، ويمكن أن تقيس توبتك على مزمور التوبة وعندما تقول أحبك يارب ياقوتي بمعنى أني اشكرك وأتوب اليك. ٣_ أحبك يعنى أوعدك فرصة قوية للعام الجديد أن تعد الله بتعهدك كي يباركك، فإذا كنت تُقصر فى ممارسة الأسرار المقدسة أوعد ربنا فى العام الجديد بقلب جديد مثل الشخص المُقصر فى اهتمامه ببيته وأسرته وعمله وخدمته، فبماذا تستطيع وعد ربنا في حياتك الروحية والاجتماعية في العام الجديد؟ ممكن توعد ربنا بتحسين طريقة تربيتك لأولادك، فربنا منتظر تعهداتك، دواد النبى يقول “تعهدات فمي باركها يارب”، فتستطيع توعد المسيح فى السنة الجديدة بتعهدات وأيضاً بأحلامك وتطلعاتك واشتياقاتك قلبك، لأن الأحلام تعنى أنك حي.ولازم الأول (تشكر ربنا، تتوب إليه، توعده) ٤_البعد الرابع هو أصلى إليك العمل الأسمى على الأرض هو الصلاة لأنها الخيط الرفيع الذي يربطك بين الأرض والسماء، واقصد بالصلاة التي هي من القلب وتُصبح لقاء شخصي بينك وبين المسيح وتتشفع بقديسين يشفعون لك في السماء. ولنا فى التاريخ قصة جبل المقطم، ونشكر ربنا اننا فى مصر شعب متدين يرفع الصلاة باستمرار، كنائس فيها صلوات طول اليوم وكل هذه الصلوات يجب أن تكون من قلبك ولا تنشغل بالأمور المادية والاقتصادية والناس والأحداث. اين هو عمل الصلاة والبيت المُصلي والاسرة المُصلية؟ فـ”أحبك” ليست كلمة ولكنها حياة ٥_ البعد الخامس والأخير (اخدمك) أحبك يارب ياقوتي” وأعبر عنه عمليا ربما بخدمة المريض والجائع والعطشان وصاحب الإحتياجات الخاصة يجب أن أخدمك. أحبك يعنى أريد أن أخدمك ومن هنا ظهر في العالم ثقافة التطوع، لدي وقت أو مال أو مهارة يمكن أن اقدمها للخدمة. وانت بالمثل علاقتك بالله علاقة عملية، والخدمة يحب أن تكون لكل أحد بدون استثناء لا يقف أمامها جنس أو نوع أو دين، فمن يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل فهو خطية. “أحبك يارب يعنى أشكرك وأتوب إليك وأصلي لك ولازم أخدمك” من القصص التي تعجبني كثيراً في القرن الثالث الميلادي الجنود وهم متجهين جنوبا فعسكروا عند إسنا، وخرجوا اهل إسنا بكرم وأكل للجنود. فسأل جندي وثني زميله لماذا فعلوا معهم هكذا؟ فأجاب لأنهم مسيحين ولديهم ثقافة الاهتمام بالغرباء. ومن قدموا الطعام لا يعلمون لمن هو، وصار بعد ذلك الأنبا باخوميوس أب الشركة الذي أسس نظام الشركة في الحياة الرهبانية، ولذلك الخدمة لها متسعات كثيرة جداً. الخلاصة ونحن نبدأ عام جديد نصلي ليكون عام سعيد ومبارك على الجميع، ومصر تنعم فيه وكل شعبها ينعم بالفرح والمحبة والخير، ونأخذ هذا التدريب كخريطة للعام الجديد. وتتذكر أنه عندما وقف دواد النبي وقال “أحبك يارب ياقوتي” كان يقصد أشكرك وأتوب إليك وأوعدك وأصليك وأخدمك. كل عام وانتم بخير، لإلهنا كل المجد والكرامة من الآن وإلى الإبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
29 نوفمبر 2019

المسيح محرر الإنسان

بعض الآباء فى الغرب أمثال جيروم وأغسطينوس وأمبروسيوس أكد قصة المرأة التى أمسكت فى الزنا، ويقرأون هذه القصة فى 8 أكتوبر من كل عام تذكار عيد القديسة بيلاجية، ويكشف هؤلاء الآباء عن سبب غياب هذه القصة فى بعض المخطوطات الأخرى هو خوف الأوائل من استخدام القصة كمشجع للإنحلال الخلقى أو إنها ذريعة للإباحية كما يقول أغسطينوس أما الآباء فى الشرق فقد كانوا أكثر تحفظاً فامتنعوا عن شرحها أو الرجوع إليها أو حتى ذِكرها بالمرة أمثال أوريجانوس ويوحنا ذهبى الفم وكبريانوس ولكن الذى يقطع بصحة القصة هو ورودها فى كتاب " تعاليم الرسل " وذلك فى سياق صحة وضرورة قبول عودة الخطاة التائبين إلى الكنيسة، كما ذكرها بابياس من القرن الأول والثانى الميلادى (60- 125م) هـــدف الواقعة (أ)- وضع السيد المسيح فى مأزق / ورطة / تجربة. (ع6) (ب)- إظهار السيد المسيح بأنه صديق الخطاة. (ع11) ظروف الواقعة الفاعل الأصلى غير موجود لقد أمسكوا المرأة وقدموها للمحاكمة وتركوا الرجل يفلت ولم يمسكوه مع إن الحكم فى الناموس واحد على الإثنين)الحالة حالة تلبس فى ذات الفعل، وهذا سند قانونى لا يمكن أن يفلت منه القاضى بأى حال من الأحوال (يو8: 2- 11). (2)- (لا20: 10، 11)" أما دانك أحد .. أنا أيضاً لا أدينك "لم تذكر الشريعة عقوبة الرجم بل فقط " يقتل الزانى والزانية "(1) فقط ذكر الرجم فى حالة الفتاة المخطوبة التى تزنى(2)، وقولهم برجم المرأة خروج عن قانون موسىىلم يحضروا ليطلبوا مشورته، وحتى حين خاطبوه بلقب (معلم) لم يكن ذلك احتراماً أو تبجيلاً .. بل مجرد خبث ودهاء وإلتواء بقصد إيقاعه فى مأزق وتجربة.. لقد استغلوا عار امرأة شرقية كأداة لامتحانه كان قصدهم من تلقيبه بالمعلم هو التغطية لإخفاء مخططهم وخدعتهم الخبيثة ذات الحدين (أ)- لو أنه أطلق المرأة دون أن يحكم عليها بالرجم فإنه يكون قد تنكر لناموس موسى = جاحد للناموس الموسوى (ب)- ولو أنه أفتى بتطبيق ما ينص عليه الناموس، فإنه يكون قد هزأ بالقانون الرومانى وجرأ الناس على الخروج عليه = ثائر على السلطة الحاكمة من جهة أخرى (أ)- إن حكم المسيح على المرأة (بحسب الناموس) وقتلت أمام عينيه وبحكم (لا20: 10). (2)- (تث22: 23، 24) منـه.. يكون قـد إنحرف إنحرافـاً هائـلاً عن مسـتوى الحب والرحمة والفداء = كسر مبدأ الرحمة والحب / أيـن الرحمة ... ؟! (ب)- وإن حكم عليها بمقتضى الرحمة والحب يكون قد تجاهل الناموس.. ويكون المسيح بذلك مستحقاً القتل = كسر الناموس / أيـن العدل .. ؟! بمعنى آخر (أ)- إن هو أدان المرأة قالوا عنه إنه قاسى. وهذا ينافى قوله عن نفسه بأنه رحيم جاء لكى يطلب ويخلص ما قد هلك) (ب)- وإن هـو أطلق المرأة فإنه يكون قد نقض الناموس وهو الذى قال قبلاً " ما جئت لأنقض بل لأكمل "(2) = كاسر الناموس / واتُهم بالتساهل قال السيد المسيح سابقاً "إنى لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم"(3) بمعنى أنه جاء ليبرئ الخاطئ لا ليقتله.. وهو سيبرئه على حساب نفسه هنا السيد المسيح " محاور" رائع معهم كيف تصرف السيد المسيح ؟ أعطاهم فرص وقت لإعادة التفكير ولمراجعة ضمائرهم = حركها نحو التوبة كتب على الأرض (وهذه هى المرة الأولى والأخيرة التى نسب فيها ليسوع أنه " كتب " شيئاً ) استحضر انتباههم بمفاجأة أنه موافق على قتل المرأة بشرط أن يكون من ينطق بالحكم وينفذه لم يأت الخطيئة، وإلا يكون هـو الأوجب بالرجـم والموت "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر" (ع7). لقد أشترط أن من ينفذ الناموس يكون على مستوى الناموس لم يقل السيد المسيح إنها غير خاطئة ولم يقل إن الناموس لا يعاقب .. بل حرك الضمائر نحو التوبة (التوبة ليسـت إدعاء البر). إنه لم يدن أحد منهم بل جعلهم هم الذين يدينون نفوسهم تسلل الشهود إلى خارج دون أن يجرأ أحدهم على قذف المرأة بحصاة، (1)- (لو19: 10). (2)- (مت5: 17). (3)- (يو3: 17، 12: 47) وبذلك إنعدم ركن الشهود فى قضية المرأة، وبذلك لم يعد الاتهام قائماً، وبالتالى رفض القضية وانتقاء الإدانة حيث أن أحداً لم يدنها "وأنا لا أدينك"(ع11) هؤلاء المشتكون استقالوا وتركوا مناصبهم لقد فتح أمامها باب الحياة الجديدة بالتوبة والندم محققاً قوله : "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آت لأدعوا أبراراً بل خطاة إلى التوبة " + لقد أعطانا السيد الغفران، وهى التى نادته يا سيد = رب = Lord الذى هـو عمل حب من الرب .. وعلى أساس دم الصليب .. ويكون بالتوبة والاعتراف .. وبلا حـدود يقول القديـس أغسطينوس [ بقى اثنان المرأة التعيسة بل السـعيدة فى مواجهة الرحمة المتجسدة ] هكذا المسيح .. يرفع الزانية فوق الفريسى .. واللص فوق رئيس الكهنة .. والابن الشاطر فوق الابن الأكبر.. إنه صديق الخطاة بحق لمن يُقر بخطيته نادماً حقائق : كان الناموس يحكم على الخاطئ ويدين الخطية ولكنه لا يستطيع أن يبطل الخطية .. المسيح هوالذى أبطل الخطية لقد مثلت هذه المرأة أمام السيد المسيح كديان وقاض، ولكنها لم تجد فيه إلا المخلص والفادى أنا مستعبدة أنا حــرة للخطية : إذ أمسكونى فيها. تمتعت : بحرية القلب عندما تطهرت. للعــار : صارت فضيحتى أمام الكل. تمتعت : بحرية الكرامة لأن مشتكىّ تركونى. للخـوف : لئلا يقتلوننى. تمتعت : بحرية الشجاعة فالبر قوانى. للهـلاك : لأن للخطية عقوبة أبدية. تمتعت : بحرية المكافأة إذ لى نصيب. للمهانة : لأن الخطية أضاعت شرفى وكرامتى. تمتعت : بحرية المجد لى مجد وكرامة لكل من يفعل الصلاح. إذن حقاً المسيح واهب الحياة = محرر الإنسان (ع32/ 34/ 36). تدريب : تخيل هذه المرأة كانت تكتب مذكراتها يومياً تُرى ماذا كتبت فى هذا اليوم .. ؟! (1)- (مت9: 12، 13- لو5: 31، 32- مر2: 17). قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى
المزيد
22 نوفمبر 2019

القديس يوحنا ذهبى الفم

اقرأ بنعمة المسيح جزء من رسالة العبرانيين الأصحاح 13: ” اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ. يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ “. نعمة اللَّه الآب تكون مع جميعنا آمين. يوحنا ذهبى الفم الوحيد الذيى حمل هذا اللقب (ذهبي الفم) لأن عظاته كانت بسيطة جداً وعميقة جداً ومتنوعة جداً، ويوحنا ذهبى الفم له مأثورات وعبارات كثيرة قوية، اذكر لكم بعض عباراته الجميلة: قال: ” أي نفع للمسيحي الذي لا يفيد غيره “. ” لا شيء يقسم الكنيسة إلا حُب الرئاسات، ولا شيء يُضايق اللـه مثل تمزيق وحدة الكنيسة “. قال أيضا: ” إن غاب عنَّا عون اللـه لا نقدر أن نقاوم أتفه إغراء “. قال أيضاً: ” ليس للشيطان أن يهاجمك إلا عندما يراك قد نلت كرامة عظيمة وتكاسلت “. قال أيضاً: ” ليس لنا عدو إلا واحد وهو الخطية التي تفسد سلامنا “. قال أيضاً عبارة قوية: ” إن تسقط هذا أمر بشري، لكن أن تصر على الخطية فهذا عمل شيطاني “له أيضا عبارات كثيرة سوف أذكر بعضها خلال حديثنا عنه. وُلِدَ القديس يوحنا ذهبى الفم في عام 347م، والده كان قائداً في الجيش الروماني في سوريا، وأمه كان اسمها ” أنثوسا “، كانت فتاة جميلة، وبعد أربعة سنوات توفَّى زوجها (والد القديس يوحنا) وتركها شابة غنية وجميلة، وتوفيت ابنتها (أخت القديس يوحنا) بعد وفاة الوالد، في سنوات قليلة بقيت زوجة أرملة مع ابن يتيم، وعاشت الزوجة الأرملة تُربِّي هذا الابن اليتيم يوحنا، وكانت مُخلصة في هذه التربية، وعندما دُعِيَتْ لزواج آخر رفضت وقالت أنها تعيش من أجل ابنها بدأ يوحنا ينبغ في دراسة المُحاماة، وتعرَّف على العالم إلى أن صار له صديق اسمه باسيليوس، أحبا الاثنان اللـه وعاشا في مخافته وابتدءا يُكرِّسا حياتهما وساعدا بعضهما أن يحيا حياة التعبد للـه، وكرَّسا حياتهما للكتاب المقدس وكانت حياتهما مباركة، ودعيا الاثنان للكهنوت لكن عندما جاء وقت الرسامة هرب يوحنا من الرسامة وتمت رسامة باسيليوس، وكانت حجة القديس يوحنا أن له ميول للحياة بالديركتب القديس يوحنا كتاب كبير عن سر الكهنوت، وهو من أحد الكتب القوية جداً التي تشرح ما هو سر الكهنوت وابتدأ يحيا الممارسات الرهبانية وتدريباتها الروحية إلى أن إنتقلت والدته، واتجه للدير وصار راهباً، وبعد قليل اختير لكي ما يخدم كراهب كاهن وفي النهاية عاش في الدير حياة طيبة جدا وعمل في الدير كتاب هام جداً قارن فيه بين حياة الملك وحياة الراهب: ـ الملك يتحكم فى أمم وشعوب ومُدن وجيوش، أمَّا الراهب فيتحكَّم في شهواته. ـ الملك يُحارِب برابرة لكي يُوسِّع أراضيه، أمَّا الراهب فهو يُحارب شياطين ويهدي نفوساً. ـ الملك نهاره وليله مملوءان آلام ومشكلات، الراهب نهاره وليله مملوءان فرح وسلام. ـ الملك يهدى ذهباً، الراهب يُقدِّم نعمة وتعزيات. ـ الملك يصعب عليه أن يستعيد جزءاً فقد من أراضيه، أمَّا الراهب فيسهل أن يقوم من سقطته. ـ الملك يرتعب خوفاً من الموت، والراهب الجميع يطمئن على مصيره. وكانت المقارنة بين الملك وبين الراهب من أحد المقالات المشهورة جداً له، وفي زمنه نشطت الحياة الرهبانية جداً، لكن في زمنه، عندما زار مصر رأى البرية بكل سكانها وكل نساكها وكل رهبانها، كان كل راهب في قلايته والأديرة لم يكن بها أسوار، فكانت القلالي متناثرة في الصحراء يخرج منها نور بسيط لشمعة أو قنديل وكان المنظر في الليل جميل (النجوم في السماء والقلالي منيرة في البرية) فقال عبارة مشهورة: ” السماء بكل نجومها ليست في جمال برية مصر بكل نساكها “ وكان يقول للرهبان والآباء في أنطاكية: ” هلُّموا إلى برية مصر لتروها أفضل من أي فردوس “ في حياته وهو راهب، أحد الآباء الرهبان سقط في خطية كبيرة، والخطية جعلته يترك حياته ويترك رهبنته ويشعر بيأس شديد، فكتب له مقالة أسماها: ” ستعود بقوة أعظم ” وهى من أحد المقالات المشهورة، وعندما قرأها الإنسان الذي سقط بدأ يستعيد شجاعته وعاد وتاب واستكمل حياته النسكية بأكثر نسكاً كتب مقالات عديدة ومقالاته متنوعة، وكانت له بلاغة متناهيه سِيم بعد هذا أسقفاً وبعدها بطريركاً، وفي فترة وجوده ككاهن كتب أيضاً عن سر الزيحة وعن المفهوم الكتابي والكنسي لسر الزواج وكيف أن الزواج هو وحده يباركه حضور المسيح مقالاته كثيرة ونشكر اللـه ان مقالات عديده له مترجمة باللغة العربية ومن احد المواقف المشهورة في حياته: عظات التماثيل، أن الشعب عاج بسبب الضرائب وحطَّم تماثيل الإمبراطور وكانت النتيجة أن الإمبراطور أراد أن يُعاقِب هذه المدينة ووضع في قلبه أن يصنع بالمدينة عقاباً شديداً، وبدأ الشعب يلجأ للكنيسة وعاشوا فيها أيام في حالة خوف وفزع، وكان في زمن هذا القديس حق اللجوء الكنسي ـ حسب قانون الإمبراطورية الرومانية ـ القديس يوحنا استغل هذه الفرصة وبدأ يُكلِّمهم عن التوبة، فكان القديس يُكلِّم الشعب عن التوبة وفي نفس الوقت يتشاور مع الملك لأجل أن يعفو عن هذه المدينة، وبعد عظات كثيرة (21 عظة) تكلَّم فيها بمناسبة تحطيم التماثيل فسُمِّيَتْ عظات التماثيل، وكانت النتيجة أن الملك رفع حكمه عن المدينة وأفرج عنهم وسامحهم وحققت هذه العظات توبة مدينة كاملة ومع الصلوات حققت عفو من الملك وكانت النتيجة مفرحة للجميع عاش القديس يوحنا ذهبي الفم في علاقات طيبة مع مجتمعه كله، ولكن الأمر لا يخلو من المشكلات، وكانت أحد المشكلات أنه لا يأكل مع الآخرين، وكانت الناس تُفكِّر أنه بسبب كبرياءه وترفُّعه لا يأكل مع الشعب، ولكن الحقيقة أنه كان يُعاني من آلام شديدة في معدته هكذا الإنسان، إن كان قلبه أسود يرى الأمور سوداء وإن كان قلبه نقي يرى الأمور على حقيقتها، بحسب داخله يرى عاش القديس يوحنا ذهبي الفم وعلَّم كثيرين، ولكن كان له مشكلة كبيرة مع الإمبراطورة أفدوكسية، وهى اغتصبت ارض يملكها إنسان عادي في الإمبراطورية الرومانية، فمنعها القديس من دخول الكنيسة وأغلق الأبواب في وجهها، وأيَّده اللـه بنعمة فكان أثناء دخول موكب الإمبراطورة إلى الكنيسة أغلق القديس الباب فقالت للجنود: اكسروا الأبواب، وشُلَّت يد الجنود الذين حاولوا كسر الأبواب، فكان صوت اللـه واضحاً جداً، وصلَّى القديس يوحنا ذهبي الفم على ماء ومسح بها يد هذا الجندي وعادت سليمة، أمَّا الإمبراطورة اضمرت شراً كبيراً للقديس يوحنا لأنه كان صاحب حق، وتسبَّبت الإمبراطورة في إصدار قرار بأن يُنفى القديس يوحنا لآخر حدود الإمبراطورية الرومانية، وكان مع طول الرحلة وجسد القديس يوحنا المريض كان هدف الإمبراطورة خبيث أن يموت القديس يوحنا أثناء سفره للمنفى في الطريق، وتنيَّح القديس في المنفى، ولكنه كان يرسل رسائل من منفاه مع شماسه تُدعى أولومبياس وكانت هذه الشماسة الفاضلة تنقل رسائله للإكليروس وكل الشعب تنيح القديس يوحنا ذهبي الفم ليس عن عمر كبير عام 407م عاش في مناهج تعليمية قوية وكان يقول: ” لا أعيش إلا من أجلكم ومن أجل خلاصكم “ وعلى الرغم من عمره إلا أن خدمته مستمرة إلى اليوم، كل العالم يستخدم عبارات القديس يوحنا ذهبي الفم لم يكن رجل سياسة ولا فليسوف مسيحي ولا لاهوتياً لكن أهم شيء عنده أنه كان يسهر على رعاية شعبه، وكان من كثرة قراءته للكتاب المقدس صار هو إنجيلاً ويحكى تلميذه أنه عندما كان يدخل للقديس في قلايته ويسأله عن أي شيء يجده يتكلَّم مع أحد، وبعد تكرار هذا المشهد عرف أن الشخص الذي يُحدِّثه هو القديس بولس الرسول، يقف في صلاته ويقرأ عبارات رسائله ويسأله ماذا يقصد بكل عبارة من الرسائل ويقول لنا التاريخ أن القديس بولس الرسول كان يظهر له ويشرح ويفسر له، لهذا أفضل تفاسير تشرح رسائل القديس بولس الرسول هى تفاسير القديس يوحنا ذهبي الفم. هو قديس في عباراته القوية فهو يقول: ” الدير أكاديمية تحتضن تفسير الكتاب المقدس “، ويقول أيضاً: ” الكنيسة أعلى من السماء وأكثر اتساعاً من الأرض “؛ وأيضاً: ” إن لم نربح خلاص اخواتنا هنا فلن نحصل على خلاص نفوسنا هناك “. لهذا امتاز القديس بهواية خلاص النفوس وكان يبحث باستمرار عن خلاص النفوس عباراته كثيرة ومُتعدِّدة، في مرة سألوه: لماذا نسقط؟ فأجاب: ” ليس الشيطان هو السبب، الشيطان فقط مخادع ومُضلِّل أمَّا السبب فهو عدم الجهاد وضعف الارادة “، له عبارة أخرى قوية: ” السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه”". بهذه الصورة نتذكَّر هذا القديس الذي عاش في القرن الرابع الميلادي، ولكن سيرته مستمرة معنا وكتاباته موجودة ومتوفرة باللغة العربية، وعلاقته بالإنجيل وخلاص كل نفس هى هدفه في الحياة.يوحنا ذهبي الفم من (أحد الأقمار) كما تسميه الكنيسة اليونانية، وتسمى أيضاً القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس اللاهوتي تسميهم الأقمار الثلاثة لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد، آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل