المقالات
02 سبتمبر 2022
قدسوا صوماً
" الصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء والشهوات ، حتى تنسجم حياة المسيحي مع روح | الله الذي يقوده في طاعـة وخضوع " . ( القمص بیشوی کامل )
" ناد بصوت عال . لا تمسك . ارفع صوتك كبـوق وأخبر شعبي بتعديهم ، وبيت يعقوب بخطاياهم . وإياي يطلبون يوماً فيوماً ، ويسرون بمعرفة طرقي كأمة عملت برا ، ولم تترك قضاء إلهها . يسألونني عن أحكام البر . يسرون بالتقرب رب إلى ا الله . يقولون : لماذا صمنا ولم تنظر ، ذللنا أنفسنا ولم تُلاحظ ؟ ها إنكم في يـوم صومكم توجدون مسرة ، وبكل أشغالكم تسخرون . ها إنكم للخصومة والنزاع تصومون ، ويتضربوا بلكمة الشر . لستُم تصومون كمـا اليـوم لتسميع صوتكم في العلاء . أمثل هذا يكـون صـوم أختاره ؟ يوماً يذلل الإنسان فيه نفسه ، يحني كالأسلة رأسه ، ويفرش تحته مسحاً ورمادا . هل تُسمي هذا صوماً ويوماً مقبولاً للرب ؟ أليس هذا صوما أختاره : حل قيود الشر . فك عقد النير ، وإطلاق المسحوقين أحراراً ، وقطع كل نير . أليس أن تكسر للجائع خبرك ، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك ؟ إذا رأيت عريانا أن تكسوه ، وأن لا تتغاضى عن لحمك . حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك ، وتنبت صحتك سريعاً ، ويسير برك أمامك ، ومجد الرب يجمع ساقتك . حينئذ تدعو فيجيب الرب . تستغيث فيقول : هأنذا . إن نزعت من وسطك النير والإيماء بالأصبع وكلام الإثم . وأنفقت نفسك للجائع ، وأشبعت النفس الذليلة ، يشرق في الظلمـة نـورك ، ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر . ويقودك الرب على الدوام ، ويشبع في الجدوب نفسك ، وينشط عظامك فتصير كجنّة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه " ( إش ٥٨: ١ - ١١ ) .
من خلال قراءتنا السابقة يوضح لنا إشعياء النبي مبادئ روحية هامة :-
كيف يمثل الصوم ركن أساسي من أركان الحياة الروحية .
إن أخطر ما يهدد فضيلة الصوم هو خطية الرياء .
فالصوم أو الخطوة الروحية الرابعة هو ممارسة تعبدية ، ولكن يجـب أن تخلو من الرياء . وفي هذا الأصحاح يشـرح لنـا كيـف يمكن أن تتسلل هـذه الخطية إلى حياة الإنسان دون أن يدري . تأمل معي في العـدد الثـاني مـن هـذا الأصحاح إذ يقـول : " وإياي يطلبون يوماً فيوماً ، ... " ، يصلون ... ولكنهـا صـلاة ظاهرة من الشفتين أو من اللسان ، ولا تتعدى ذلك ، ويبقى قلـب الإنسـان كـما هو لا يتغير ، لذلك عندما ينتهـي مـن الصـلاة تجـده يتصـرف تصـرفات غير مقبولة وغير لائقة ولا تتماشى صلاته مطلقاً . ربما تسألني الآن ، كيف للخطية أن تتسلل لحياة الإنسان دون أن يدري ؟ أجيبك : إن لخطية الرياء مظاهر عدة دعنا نسردها سوياً .
1- مظهر من مظاهر الرياء هو إدعاء المعرفة العقلانية : تشعر وأنت جالس مع الشخص أنه موسـوعة ، ولكن ليست موسـوعة اتضاع ، ولكن موسوعة كبرياء ، يفتخر بذاته وبما حصـله مـن معـارف ، ونقـرأ في ( مت ۲۳ : ۱۳ ) : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون " ، وكانت طائفة الكتبـة والفريسيين هم من قمة طوائف اليهود ، فكلمة : " فريسي " معناهـا : " مفـرز " ، بينما كان الكتبة أشخاصاً متميزين جداً ( الكتبة هم الناسخون ) ... وبالرغم مـن كل ذلك كانوا بعيدين عن الطريق الروحي كثيراً ، وقـد وبخهم السيد المسيح مرات عديدة .
مظهر آخر وهو إظهار الغيرة ونسميه أحياناً " ناموسي " : ناموسي بمعنى " حرفي " أي يحيا بالحرف ، والحياة المسيحية عندما تتعمق فيها تجدها تعتمد على القلـب والـروح ، ولا تعتمـد عـلى الحرف ، ومـن يحيا بالحرف لا يمكنه أن يدرك المسيح . لذلك قال ربنـا يسوع المسيح : " ما جئت لأنقض بل لأكمل " ( مت ه : ١٧) ، فالمقصود هو أن يكمل الفهـم ، فتقـرأ العهـد القديم بروح العهد الجديد ، وتتحول الوصية في حياتك إلى شهادة عمليـة عـن علاقتك بالله 3- صورة أخرى من صور الرياء ، أن الإنسان يتظاهر أنه قريب من الله : يسر بالتقرب إلى الله " من خلال طقوس وممارسات معينة ... يتظاهر إنه قريب من الله وحقيقته من الداخل غير ذلك ، تصور معي إنسان يقضـي صائـماً ويمارس ممارسات روحية ، ثـم بعـد فترة الصـوم يغضـب بشـدة ويسقط في خطايا عديدة . فماذا استفاد إذن من صومه ؟ فترة الصوم هي فترة تساعد الإنسان في نموه الروحي ، وليست مجرد الامتناع عن الطعام . الآن دعني أسألك : لماذا الصوم الذي تحدث عنه إشعياء النبي في هـذا الأصحاح كان مرفوضاً ؟ هناك ثلاثة أسباب واضحة في الأعداد ( ٣ ، ٤ ، ٥ ) :-
1- أن هذا الصوم كان غير منضبط : هـو صـوم يـسـر صـاحبه لا يسـر اللـه ، فهـو صـوم لا يسير بنظـام بـل يستعرض فيه الإنسان إمكانياته وقدراته .
2- أن هذا الصوم كان بلا صمت : الصوم ليس عن الطعام فقط ، بل أيضاً عن الكلام ، فهـذا الصـوم المرفوض ليس فيه صمت بل فيه خصومة مع الغير ، وفيه إدانة للآخرين .
3- أيضاً هذا الصوم مرفوض لأنه بلا تذلُل : هو شكل بلا جوهر فهو مجرد منظر داخلي ، لذا تحرص الكنيسة أن ترتّب لنا في الأصوام قداسات لأوقات متأخرة لتساعد الإنسان في ممارساته الروحية . والآن يا عزيزي ، حان لنا أن نفكر سوياً كيف نصوم ، وكيـف ننال بركـات هذا الصوم ؟ في فترة الصوم المقدس ، احرص أن تقدم لنفسك ثلاثة أنواع من الأغذية الروحية : غذاء روحي غذاء ذهني ... وغذاء نسكي
۱۔ الغذاء الروحي : وهو ما تقدمه لنا الكنيسة في كل أشكال العبادة ، وممارسة الأسرار ، جيـد أن تتقابل مع أب اعترافـك قبـل الصـوم ، وتضع خطـة للصـوم ، ولا تتكاسل في تنفيذها .
۲۔ الغذاء الذهني : الذي يعتمد أساساً على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم المقدس أن نقرأ النبوات . ويمكنك أن تأخـذ سـفراً واحـداً مثـل : إشعياء ، إرميا ، أو تأخذ مجموعة أسفار مثل : أسفار الأنبياء الصغار ، لكن يجب أن تقـرأ يومياً ، وليست قراءة فقط ، بل ادرس .. وافهم .. وعش . وقراءة النبوات مفيدة جداً إذ تكشف مقاصد الله في حياتك .
3- الغذاء النُسكى : تسكياتك هامة جداً في الصوم ، الانقطاع شيء مهم لتقوية الإرادة . أيضـاً الطعام النباتي هو طعام هادئ الطاقة وهو طعام صحي ومفيد للإنسان
أيضاً الميطانيات ( سجدات التوبة ) مـن القلـب ولـيس بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات ؛ فيها الصلاة القصيرة : " يا ربي يسوع المسيح ارحمنـي أنـا الخاطئ " . احرص أثناء سجودك في الميطانيات أن ترشم ذاتك بعلامة الصليب . يمكنك أن تبـدأ بـ ١٢ ميطانية في أول يـوم ، وتزداد تدريجيـاً كـل يـوم مـع الصـوم ، وتقدمها ؛ بروح الصلاة . هذه الميطانيات هي وسيلة مساعدة لتـركـيـز الـذهن ، فيهـا تعـب وبذل ، وهذا التعب يذكرك بأتعاب المسيح من أجلك . أيضاً فترات الاعتكاف هي جزء هام من تسكياتك خلال الصوم ، ويستفاد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح . فترة الصوم يا إخوتي تحكمها الآية التي تقول : " كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء " ( 1 كو ٩ : ٢٥ ) ، وأيضاً ينطبق عليها الآية : " الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج " ( مز ١٢٦ : 5 ) ، الذين يزرعون بدموع التوبة في فترة الصـوم ، يحصدون بالابتهاج في القيامة .
وللصوم بركات كثيرة :
1- استجابة الصلوات :-
لأنك عندما تحيا حياة الصـوم ، تشعر بالانسحاق والخشوع وتخـرج صـلواتك مـن داخلـك عميقـة وتدخل فيهـا روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقي .
٢- بركة أخرى من بركات الصـوم : أن يصير الـرب لـذة للإنسان ، فأنت تصوم عن الطعام لكي تتحول لذة الطعام في داخلـك إلى لذة للرب ، ويكون المسيح هو لذتك ، وكـمـا يقـول معلمنا داود النبي في أحـد مزاميره : " تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك " ( مز ٣٧ : ٤ ) .
٣- بركـة أخـرى مـن بـركـات الصـوم : أن الإنسـان يشـعر بارتفاعـه وكـمـا يقـول داود النبـي : " ليت لي جناحاً كالحمامة فأطير وأستريح " ( مز ٥٥ : ٦ ) . يرتفـع فـوق الماديـات ، وحتـى فـوق احتياجات الجسـد ، ويشعر أن رباطـات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنـه يقترب مـن السماء ويحيا بهذه الروح .
٤- أيضاً من بركات الصوم : أن الإنسان ينال الصحة الجسدية ؛ الطعـام النباتي يمنح الإنسان شكل من الطاقة الهادئة ، فلا يكون الطعام مثير في جسده أو في حياته فيعطيه صحة جسدية ، ويقول إشعياء النبي في هذا الأصحاح : " تنبت صحتك سريعاً " ( إش ٥٨: ٨ ) .
5- أيضاً في الصوم ينال الإنسان استنارة ، ولا أقصد للعين الجسدية ، ولكن العين القلبية ، عنـدمـا يقـرأ الإنجيـل يفهـم أكـثر ، وعنـدما يشارك في التسبيح يعيش أكثر ، وعندما يمارس ميطانيات يتمتّع أكثر .
قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨
عن كتاب خطوات
المزيد
26 أغسطس 2022
وجدت كلامك كالشهد
" هل يدفعك الشوق والحب المقدس للمسيح إلى القراءة في الكتاب المقدس ؟ إن كان ذلك فطوباك .. وإن لم يكـن .. فما زلت بعيداً عن الطريق " . ( القمص بیشوی کامل ) " لأن كلمـة اللـه حيـة وفعالة وأمضـى مـن كـل سـيـف ذي حـدين ، وخارقـة إلى مفـرق الـنّفس والـروح والمفاصـل والمخـاخ ، ومميـزة أفـكـار القلـب ونياتـه . وليست خليقـة غـيـر ظـاهرة قدامـه ، بـل كـل شـيء غريان ومكشوف لعيني ذلـك الـذي مـعـه أمرنـا فـإذ لـنـا رئيس كهنـة عـظـيـم قـد اجتــاز السّماوات ، يسـوع ابـن الله ، فلنتمسك بـالإقرار .لأن ليس لنـا رئيس كهنـة غـيـر قـادر أن يرثى لضـعفاتنا ، بل مجرب في كل شيء مثلنا ، بلا خطية . فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكى ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه " ( عب ٤ : ١٢ - ١٦ ) . الكتاب المقدس خطوتنـا الثالثة في الطريق الروحـي ... في كلـمات بسيطة يمكننا أن نعرف الكتاب المقدس ، أنه :
1 ـ هو كلام الله ( هو رسالة الله وحديثه للإنسان ) .
٢ ـ هو تاريخ البشرية ( حياة الإنسان على الأرض ) .
3 ـ هو قانون الدينونة ( دستور يوم الحساب الأخيـر ) .
4 ـ هو موضع لقاء ( مكان يلتقي فيه الإنسان مع الله ) .ولـكـي تشـعر بأهمية الكتـاب المقدس وضـرورة وجـوده ، يـلـزم أن تجيب على هذه الأسئلة الثلاثة بالترتيب :
۱ ـ هل لك " اعتراف " بأهمية وجود الكتاب المقدس في الحياة البشرية ؟
٢ ـ هل لك " اقتناع " بضرورة استخدام الكتاب المقدس شخصياً ؟
3 ـ هل لك " إيمان " بقدرة الكتاب المقدس ، وقوة تأثيـره ؟ - فـإذا اعتـرفت بأهميـة وجـود الكتـاب المقدس في الحيـاة البشـرية واعترفت بضرورة استخدام الكتاب المقدس شخصياً ، وآمنت بقدرتـه وقـوة تأثيره .. فلم لا تستفيد من هذه القوة وتستأثرها لصالحك ؟! يقول القديس أمبروسيوس : " نخاطب الله إذ تصلي ، ونصغي إليـه إذ نقـرأ الكتاب المقدس " . دعني أقدم لك مثالاً عمليـاً عـلى قـوة وتأثيـر الكتاب المقدس في حياة الكنيسة والقديسيـن عبـر العصور : داود النبـي يقـول : " لو لم تكن شريعتك لذتى ، لهلكت حينئذ في مذلتی " ( مز ۱۱۹ : 92) الرهبان قديماً : كانوا يقرأون سفر المزامير كل يوم ... - الكنيسة قديماً : كانت تقرأ الكتاب كله خلال أسبوع الآلام . يوحنا الذهبي الفم : كان يقرأ رسائل بولس كلها كل يوم . - الأنبا ابرام : كان يقرأ الكتاب كله كل 40 يوماً .والسؤال الآن ، ما الذي يمنعني عن الاستفادة من الكتاب المقدس ؟ سنحاول أيها القارئ الحبيب أن نحلل معاً بعض المشاكل والمعوقات التي تعوق استفادتنا من الكتاب المقدس ، وبنعمة المسيح نحاول أن نستعرض حلولاً لهذه العقبات .
1 ـ مشكلة الوقت : لعلك تقول : " مشغولياتي اليومية كثيرة ومتنوعة ، مما يسبب ضيق شديد في الوقت ، ولذلك لا أجد وقتاً للقراءة اليومية أو الدراسة ... وعادة أتـرك الأمـر للظروف " . أُجيبك : هذا معطل وهمي لكل العبادات الروحية ، وهـو عادة وسيلة يغطي بها الإنسان على كسله وتوانيه ، فالذي يقول أنه ليس لديه وقت لقراءة الكتاب المقدس ، يمكنه أن يقول بنفس المنطق أنه ليس لديه وقت يذهب فيـه إلى الملكوت .. وإن لم تكن قراءة الإنجيل مستطاعة لديك ، فأنـت بـذلك تجعـل قلبـك مسكناً خالياً وجاهزاً لسـكنى عـدو الخيـر ... إذ لا يوجـد فيـه تأمـل ولا قراءة ولا أفكار روحية . نصيحتي لك : لا بد أن تجد وقتاً لنفسك ولكتابك المقدس ... اجمع فتات الوقت الضائع في كل يوم وسوف تجده ليس بقليـل ... فكـر وحـاول ، وقطعاً سوف تجد وقتاً ضائعاً . واعلم أن الله ليس محتاجاً إلى هذا الوقت الذي ستقرأ فيـه .. بـل أنـت المحتاج إليه أولاً ودائماً ، كما تصلي في القداس الإلهي ( الإغريغوري ) : " لم تكـن أنت محتاجاً إلى عبوديتي ، بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك " .إليك ثلاث خطوات عملية للتغلب على مشكلة الوقت : اختـر وقتاً مناسباً للقراءة : مـن أجمـل فـتـرات القراءة هـي أول النهار ، حيث تأخذ بركة تدوم اليوم كلـه ... البعض يختار وقـت مـا قـبـل النـوم ، وهذا وإن كان مناسباً للبعض إلا أن وقت النـوم عـادة مـا يكـون الإنسان مرهقاً ، ومن ثم تكون الاستفادة قليلة . اختـر وقتاً ثابتاً للقـراءة : ابـدأ على سبيل المثال بعشـر دقائق تـزداد تدريجياً ... ولا تربط هذا الوقت المحدد بـأي عـادة أخـرى ( مثـل القـراءة قبل المذاكرة المسائية وعندما تبدأ الإجازات أو تنتهي فترة الدراسة - - - لا يكون لقراءة الكتاب وقت ثابت ) ، بل أجعله عادة تتربى فيك . اختـر وقتاً كافياً للقراءة : ضع دائماً في قلبـك أن تمتلئ روحياً وتشعر بمعية الله من خلال قراءاتك .
٢ ـ مشكلة الكم : لعلك تتساءل : كم أصحاح أقرأ كل يوم ؟ هل أكتفي بقراءة أصحاح واحــد أم اثنين ( أصـحاح مـن كـل عـهـد ) ؟ هـل أركـز وأكتفـي بجـزء مـن أصـحاح أو عدة آيات فقط ؟ نصيحتي لك : إن تحديد كم القراءة لا بد أن يكون تبعاً لحالة الإنسان الروحية ، وذلك تحت إرشاد أب الاعتـراف . ولكن للمبتدئين ينصح دائماً بقراءة أصحاح مـن العـهـد القـديم ، وأصحاح مـن العـهـد الجديـد كـل يـوم ... ويمكـن قـراءة الكتـاب كلـه في سـنة بواقع أصحاحين من العهد القديم + أصحاح من العهد الجديد كل يوم . + وللمتقدمين على الطريق يمكنهم قراءة سفر ( أو عدة أسفار صغيـرة ) كل شهر ، وذلك من أجل التركيز . ويمكن القراءة بحسب جداول القراءات اليومية التي تقدمها دار الكتاب المقدس كل سنة ، ولكنها موزعة على الكتاب المقدس بدون ترتيب .
3 ـ مشكلة الكيف : لعله يدور في ذهنك : " كيف أقرأ الإنجيل ؟ .. هل قراءته تختلف عن قراءة باقي الكتـب ؟ هـل يستلزم ذلك وضعاً معيناً أو تهيئة معينة ؟ هـل أكتفي بالقراءة بالعين أم بصـوت مسموع ؟ هـل أكتـب الآيـات التـي تجـذبني في نوتة خارجية ، أم أكتفي بأن أضع تحتها خطأ في الكتاب المقدس ؟ ... " . نصيحتي لك : أن تضع في قلبـك دائماً أن قراءة الكتاب المقدس هي للفهم ... ليس بالعقل ولكن بالقلب والفكر والإرادة والقدرة هي قراءة للفهم وليس للفحص أو المحاجـاة أو الاستذكار . والمرتـل يـقـول : " لكل كمال رأيت حداً ، أما وصيتك فواسعة جداً " ( مز 119 : 96 ) . فهم الكتاب المقدس ليس ذلك الفهـم الـذي يتأمل في جمال الكلمات ويشرح معانيها .. ولكنه الفهم النابع من الخبرة واختبار المسيح في حياتك . هذا الذي بدوره يتحول إلى حياة أبدية ، ويجعل للإنسان صلة حية بالمسيح . .... هذا الفهم العملي يتطلب منك أن تقرأ الكتاب المقدس : بالروح ... لأن هذا الكلام هو روح وحياة . • بخشوع . ... اكشف عن عيني ... فعندما تقرأه أنت في حضـرة اللـه . قراءته تختلف عن أي كتاب آخر . • باتضاع : فأرى عجائب من شريعتك . • بإرشاد الروح القدس : على فهمك لا تعتمد . يفضل أن تربط بين القراءة والكتابة في دراستك الكتابية مثل : • وضع عناوین جانبية لكل جزء تقرأه . • وضع خطوطاً تحت الآيات المختارة ( يفضل استخدام الألوان ) . كتابة الآيات المختارة في كراسات خاصة أو نوت صغيرة . التعليق بتأملات وصلوات على هذه الآيات . . • كتابة آية اليوم في ورقة صغيرة تضعها في جيبك طوال اليوم .
٤ ـ مشكلة المداومة والاستمرار : لعلك أيضاً تتساءل : أنا اقرأ الكتاب ولكن ليس كل يوم ، أنا أواظـب عـلى القراءة وقت الدراسة ... أما فترة الإجازة فتمر دون فتح الإنجيل . فماذا أفعل ؟ ضع في ذهنك أن نقطة الماء إذا نزلت بمداومة على صخرة ، فإنهـا تحفـر فيها مجرى وطريق ، وكلمة الله هي تلك القطرة التي بمداومة القراءة لا بد أن تحفر في قلبك طريق يغير من حياتك بجملتها ، فالقراءة والفهم والمعرفة هـي للعمل والسلوك قبل أن تكون للكلام والوعظ والأحاديث والتأملات . فضلاً . عن أن السبب الرئيسي للضعف الروحي والهزيمة المستمرة أمام الخطية يعود إلى إهمال كلمة الله ، فالذي لا يداوم على قراءة كلمة الله تذبل حياته الروحية وتجف ويقع في خطايا عديدة ويساق إلى الدينونة . نصيحتي لك : إن شعرت بصعوبة في المداومة والاستمرار على قراءة كلمـة اللـه ، أن ترتبط بمجموعة في القراءة والدراسة ، فذلك يشجع كثيـراً عـلى الاستمرار وعدم الإهمال .
ه ـ مشكلة الفهم والمعرفة : تتساءل أيضاً : " كثيـراً مـا أقـرأ ولا أفهـم ، وأحياناً أستصعب الجـزء الـذي أقرأه ، وهناك أجزاء من الكتاب المقدس لم أحاول التطرق إليها ، لأننـي أسـمع على مدى صعوبتها بالإضافة أني لا أفهمها . لماذا ؟ " . أجيبك عزيزي القارئ : ! السبب في ذلك هـو تقصيرنا أولاً وأخيـراً ... فهل تصلي وتطلب من الرب قبل أن تقرأ ؟ وإذا تعسـر عليـك أمـر ، هـل تصـلي من أجله ليكشفه الرب لك ؟ وهل تُعطي وقتاً كافياً في الجزء الذي تقرأه ؟ وهل تختار السفر المناسب لحالتك الروحية والمناسبة الكنسية ؟ وهل تستعيـن بقراءة التفاسيـر وسيـر الشخصيات الكتابية ؟ وهـل تستعيـن بالجـداول والخرائط والأشكال التوضيحية التي تساعدك ؟ وهل تسأل الآباء والإخـوة فيما استعصى عليك ؟ إليك بعض الكتب المساعدة لك في الفهم والمعرفة : • الكتاب المقدس بشواهد . قاموس الكتاب المقدس ( كلمات أبجدية ) . • فهرس الكتاب المقدس ( آيات أبجدية ) . أطلس الكتاب المقدس ( خرائط وجداول ) . • مرشد الكتاب المقدس ( مقدمات للأسفار ) .
6 ـ مشكلة النمو والتقدم : أقرأ في الكتاب ولا أشعر بأي نمو في حياتي .. فخطاياي ما زالت كما هـي . أقرأ ولكنني سريعاً ما أنسى ما قرأته ... ماذا أفـعـل ؟
يقـول اللـه عـن كلمته : " السّماء والأرض تزولان ولكـن كلامي لا يزول " ( مت ٢٤ : ٣٥ ) ، وهذا معناه أن كلمـة اللـه ذات مفعول حتمي . ويوضـح الـرب قصده من كلمته فيقول : " هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي . لا ترجع إلي فارغة ، بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما أرسلتُهـا لـه " ( إش 55 : 11 ) . على هذا الأساس فأن مجرد قراءة الكتاب هو قوة ، وأيضاً كشـف لطريـق حياتي : " سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي " ( مز 119 : ١٠٥ ) . ولكي تشعر بنمو في حياتك الروحية : • حـاول أن تحفـظ بعـض الأجـزاء والآيـات التـي تفيـدك في حياتـك العملية .. خاصة وقت التجارب . • إذا جلسـت لمحاسبة نفسـك ، فـافتح كتابـك ، وأطلـب مـن اللـه أن يكشف لك نفسك على ضوء كلمته . • ادرس الكتاب بحب ، فهو رسالة الله لك أنت شخصياً ... قبـل أن تقـرأ صل قائلاً : " يارب أعطني القوة الكامنة في كتابك " .
۷ ـ مشكلة الاستخدام : بقي لك أن تسألني ، فيم أستخدم معرفتي بالكتاب المقدس ؟ ما هي الفائدة التي تعود علي من قراءة الكتاب المقدس ؟ إن أسوأ استخدام للكتاب المقدس هو أن نجعله مصـدراً لاقتباس الآيات وحسب ، فالكتاب المقدس هو بمثابة مرشد عملي لحياة الإنسان فهو : • يبني شخصية الإنسان ويكونها : لأن من يقرأ عن أبطال الإيمان وسيـر حياتهم يصير كواحد منهم ، تماماً كمـن يـقـرأ عـن الرياضييـن فيصيـر واحداً منهم . إن هذه القراءة المقدسة تكون جـزءاً كبيـراً مـن شخصية القارئ وتقدس فيه المشاعر والمبادئ والصور هذه القراءة المقدسة تقدس معارف الإنسان وتبني روحياته ، وتساعده كثيراً في الصلاة . • يساعد الإنسان في خدمة الآخرين وتقديم الكلمة المعزيـة لهـم في كل مناسبات الافتقاد .. ويجعل الإنسان في حضرة الله على الدوام . ... • يعزي الإنسان في طريق الحياة في مختلف المواقف ، ويجعـل كلمـة الله لا تفارق فمه ، لأنها أحلى من الشهد . أخيراً أود أن أقدم لك بعض التداريب الخاصة بقراءة الكتاب المقدس : كتابة فصول الآحاد في كراسات خاصة مع تأملات حولها . حفظ آيات على الحروف أو المواقف . القراءة بهدف " كعناية الله بالإنسان " أو استخراج الصلوات الكتابية . الخرائط وتصميم الجداول والأشكال التوضيحية . رسم دراسة موضوع تحت عنوان : " ماذا يقول الكتاب عن ... ؟ " . البحث الخاص أو المشترك مع بعض الإخوة . كل عمل تعمله يكون لك شاهد عليه من الكتب . سأتركك الآن يا عزيزي مع بعـض الأقـوال " للقمص بيشـوى كامـل " عـن الكتاب المقدس : + دراسة الكتاب المقدس هي اشتياق للاستماع إلى الله . + دراسة الكتاب المقدس هي أقوى عامل للتوبة . + عليك أن تقيس قراءاتك بهذا الترمومتر لعلك تستطيع أن تُدرك هـل أنت حار أم فاتر ؟
+ إن الذي سيسهل لنا طريق الحب ويجعلنا ضمن جماعة المحبيـن للـه هو الاستزادة المتعطشة لكلمات الإنجيل . + الإنجيل هو كلمة الآب المقدمة لأبنائه . فكيف نستعذب قراءته إن لم نكتشف أبوة الله لنا ؟! + كلمـة اللـه تلين القلب ، وتذيب قساوته ، وتعلم الاتضاع والمسكنة والتوبة والبحث عن خلاص النفس . + إهمال الكتاب المقدس كارثة للسائر في غربة هـذا العـالم . إنّه لا بد أن يضل الطريق . ربنا يسوع المسيح كانت ردوده على الشيطان من الكتاب المقدس كذلك عدو الخيـر كان يتحدث بكلمات وآيات ناقصة من الكتاب المقدس .
قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨
عن كتاب خطوات
المزيد
12 أغسطس 2022
أما أنا فصلاة
" الصلاة سلاح عظيم ، وكنز لا يفرغ ، وغنـى لا يسقط أبداً ... ميناء هادئ وسكون ليس فيه اضطراب " . ( القديس يوحنا الذهبي الفم )
" وقال لهـم أيضـاً مـثلاً في أنه ينبغي أن يصـلى كـل حـين ولا يمـل ، قائلاً : كـان في مدينـة قـاض لا يخـاف اللـه ولا يهـاب إنساناً . وكـان في تلك المدينـة أرملة . وكانـت تـأتى إليـه قائلة : أنصـفنـي مـن خـصـمي ! وكـان لا يشاء إلى زمـان . ولـكـن بعـد ذلـك قـال في نفسـه : وإن كنـت لا أخـاف اللـه ولا أهـاب إنسـاناً فإني لأجـل أن هـذه الأرملـة ثـزعجني ، أنصـفها ، لــلا تـأتي دائمـاً فتقمعنـي ! وقـال الـرب : اسمعـوا مـا يقـول قاضـي الظلـم . أفـلا ينصـف اللـه مختاريـه الصارخين إليـه نـهـاراً وليلاً ، وهـو متمهل عليهم ؟ أقـول لـكـم : إنـه ينصفهم سريعاً ! ولكن متى جاء ابن الإنسان ، ألعله يجد الإيمان على الأرض ؟ " ( لو ۱۸ : ۱- ۸ ) .
الصلاة يا عزيزي هي الخطوة الثانيـة التـي سـنخطوها سوياً ... فالصـوم والصلاة يخذلان الشيطان ، والزهـد يـهـزم طغيانـه ... لذا فقـد سـلط الكتـاب المقدس الضوء على مبدأ ، أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل من خلال قصة قاضي الظلم . فـإذا كـان قاضـى الظلـم الـذي ظلـم الأرملـة قـد أنصـفها في النهايـة لأجل لجاجتها ، فما بالك بقاضي القضاة الكلي العـدل ألا ينصـف مختاريـه ؟! . وهنا يأتي السؤال : كيف أصلي كيف أتمتع بصلاة حقيقية ؟
وللإجابة على هذا السؤال دعنا نتأمل قليلاً لقـد وهـب اللـه الإنسان نعمتي العقل وحرية العمل ؛ ليصنع بهما العجائب ، ثـم منحـه البعـد الثالث القلب ليكون موضع الالتقاء بالله ، فصار الإنسان عابـداً ، وتولدت داخـل الإنسان الرغبة في الله ، وصارت الصلاة هي التعبير عن رغبة الإنسان في اللـه بل صار في داخل الإنسان عطش وحنين للأبدية .
دعنا نًرسي معـا مبـادئ هامة عن كيفية الصلاة :-
1 - عندما تصلي ضع في ذهنك أنك أمام الحضـرة الإلهية كل التقدير . كل الخشوع . كل الرهبة .كل الاحترام . وكأنك تطرح العالم إلى خارج .
٢ - عندما تدخل إلى جو الصلاة اكشف عن خطاياك الصلاة الحقيقية تحتـاج مـن الإنسان أن تكون بالحقيقة خطايـاه واضحة أمامه ... ضع أمامك قول داود النبي : " لك وحدك أخطأت ، والشر قدامك صنعت " ( مز 50 : 4 ) . " طوبى لمن يبصر خطاياه أفضل ممن يرى ملائكة " ( أحد الآباء ) .
3 - عندما تدخل إلى جو الصلاة املأ قلبك بروح الشكر . أعمال الله وعطاياه العظيمة في حياة كل منا لا تنتهي . نعمة الصحة . نعمة الحركة . نعمة السلام . نعم لا تُحصى . احرص دائماً أن تشكر الله على عطاياه العظيمة ونعمه في حياتك .
٤ ـ تذكر مجتمعك الذي تحيا فيـه : أسـرتك ... كنيستك . خدمتك اذكر مخدوميك وأفراد أسرتك بأسمائهم ، وأخيـراً اذكـر نفسك . وضع أمامك دائماً أن تمزج صلاتك باللجاجة .
ه ـ احرص أن تمارس الصلاة بشكل يومي ...
خصص وقتاً كل يوم تجلس فيه ولا تفكر سوى في الله .
ابدأ يومك بالصلاة صباحاً عقب الاستيقاظ ، وكذلك مساء عند النوم .
ولیکن نظامك فيها هو :-
تهيئـة الجـو الـعـام للصـلاة : مكـان واحـد للـصـلاة ـ بـه أيقونـة الصلب أو صليب في الشرقية مع بعض صور أخرى .
الإعداد للصلاة : يلزم أن تعـد أنفسنا قبـل وقـت الصلاة ، فـلا يـليـق أن ننتقـل مـن الأشياء التـي كنـا منهمكين فيها إلى الصلاة مباشـرة لأنك إن فعلت ذلك لن تتلذذ بالصلاة .
ليكن لك : قراءة روحيـة ... ترنيمة أو لحـن ... الجلوس في صمت التأمل في صورة الصلب ... قبل البدء في الصلاة .
ابدأ الصلاة بالسجود 3 مرات إلى الأرض .
امسك صليب وقت الصلاة في يدك .
ارفع يديك وعينيك نحو السماء .
تحـدث مع اللـه لـيس بألفاظ عامـة ( مثـل ضابط الكـل ) ، بـل بألفاظ حيـة مثـل : " يا بهجتي ، يا فرحي ، أحبك يارب يا قوتي " .
لتكن صلواتك من القلب ، فاللـه لـن يسـألك كـم مـرة صـليت ؟ أو كـم ساعة وقفت ؟ ولكن سيسألك " كيف صليت ؟ " .
كـن صـريحاً في حـديثك وافتح قلبـك للـه وصـل قـائلاً : أعطنـي يارب أن أحبك ... عرفني يارب من أنا .. ه بعد الصلاة استرح قليلاً واشكر الله بالصمت .
أما عن الصلاة كحياة ، فهناك خطوات أعمق :
اقرأ عن رجال الصلاة القديسين ... أمثال داود النبي .
اقرأ عن فضيلة الصلاة ، وماذا قال الآباء عنها .
استمتع بالصلوات المذكورة في الكتاب المقدس وتعلم منهـا كيـف كـان هؤلاء القديسون يصلون بها .
درب نفسك على الصلاة كل حيـن :
اختر صلاة تشعر بمذاقها في نفسك .
رددهـا أثنـاء وقـت فراغـك وأثنـاء وجـودك بيـن الآخـرين دون أن يشعر أحد .
كررهـا وأنـت عـلى فراشـك قبـل أن تنـام ، وكذلك عندما تستيقظ ، فيكون الله أول من تخاطبه . إليك هذا المثال العملي :
عند الاستيقاظ قل : " هذا هو اليـوم الـذي صنعه الرب ، فلنفرح ونبتهج فيه " ... ضع في فكرك : هذا اليوم هو ملك للـه ـ وأنـت أيضـاً مـلـك للـه . اطلب بركة الرب " باركني يارب ، كن معي " . اخرج من منزلك حاملاً رسالة اللـه الـمـفـرحـة للجميع " أنت سفيـر المسيح على الأرض "
ثق أن كل ما تمر به هو من يد الله صانع الخيـرات محب البشـر كل شخص تقابله هو هبة من الله .كل ظـرف تجـوزه مهـما كـان هـو هدية الله لك . كل ما تراه من أشجار ومبان هو عطايا الله .
" لقد وهب لنا أن نكـون شـفراء المسيح على الأرض ، أحياناً منتصـرين وأحياناً مصلوبين ، المهم أن نكون دائـمـاً مستعدين فـلا نـهـرب أبـداً " . ( أحد الآباء ) بهـذا البــرنامج تكـون الصـلاة والحيـاة وجهين لعملة واحـدة " صلوا بلا انقطاع " ( اتس ٥ : ١٧ ) .
هناك خطوة هامـة وهـي أن تقـيـم نـفـسـك بمقاييس نجاح الصلاة :
ماذا يدفعك إلى الصلاة ؟ هل هو الحب ؟ هل الخوف ؟ هـل الواجـب ؟ هـل إرضاء ذاتك ؟
عندما تنتهي من الصلاة ما هو شعورك ؟ هل تفرح وتسـر ؟ هـل تـود لو استمرت ؟
وأنت واقف للصـلاة بمـاذا تشعر : هـل سـعادتك فـوق كـل سـعادة ؟ هـل فكـرك يذهب بعيـداً ؟ هـل يـراودك هـذا الإحسـاس " إن لم أصـل فقـد يسحب الله عنايته بي " .
إن البعيد عن حياة الصلاة مصيره مؤلم ، وقد عبر عنه أحد الآباء بقوله : " إن لم تكن قد رأيته على الأرض فلن تراه في السماء " .
والآن دعنا نتأمل سوياً في نوعيات الصلاة :
الصلاة الحقيقية هي : رغبة واشتياق وحـب قبـل أن تكـون فـرض أو أمـر أو مجرد وصية أو مجـرد عبـادة أو مجرد طلـب . ونوعيات الصـلاة حـددها بولس الرسـول حـيـن قـال : " أطلب أول كل شيء ، أن ثقـام طلبـات وصـلوات وابتهالات وتشكرات " ( اتي ٢ : ١ ).
الطلبـات : هـي الـتماس بخصـوص خطايانا ؛ لطلـب الصـفح والنمـو في الفضيلة وهي تنبع من الحزن على الخطية .
الصلوات : تمثل الصلة الحقيقة والحديث الشخصي بين الإنسان والله .
الابتهالات : هـي صـلوات مـن أجـل الآخـرين ( كـل العـالم ) تـأتي مـن حرارة القلب والشعور بمدى المسئولية عن جميع الناس .
التشـكرات : هـي تـأملات في أعـمال اللـه في حياتنـا وبركاتـه لنـا وهي تسبيح وتمجيد يتولد من التعمق والتأمل في صلاح الله .
وبصفة عامة فإن الروح القدس هـو الـذي يحيـي داخلنـا مشـاعر الصـلاة أي يترجمها أمام الله " الروح أيضاً يعيـن ضعفـاتنـا ، لأننا لسنا نعلم ما تصلي لأجلـه كما ينبغي ... " ( رو ٨ : ٢٦ ) . • والآن دعنا نتساءل : ما هي معوقات حياة الصلاة ؟ 1
- قلة الوقت : تعتبر الشكوى من قلة الوقـت الـمخصص للصـلاة أمـراً واهيـاً ، وتبـريراً كاذباً للنفس في إهمالها وتوانيها وتهربها من الوقوف أمام الله . ولكن بقدر اشتياق الإنسان للصلاة يعطيـه الـروح القدس فرصاً عظيمـة للتنعم والامتلاء من الله ... اسأل نفسك : كم دقيقة في حياتك تضيع هباء ؟ .. بلا شك كثيـر .. هل تستطيع أن تجمع " الفتات الضائع " وتقدم فيه صلاة تكون لله ولك أيضاً ؟! ... " تدرب على أن تتحكم في وقتك وليس العكس " .
۲ - تعب الجسد : الجسد يدعي أموراً للهروب من الصلاة ، كإدعاء التثاؤب والمرض والضعف. وآلام الـرأس والظـهـر وشـدة الحاجة إلى النـوم ... أو اختصـار الصـلاة . أو السرعة ... الخ . هذه كلها أسباب يمكنك بالتدريب المتأني الانتصار عليها ، ولكن الخطأ يكمن في السلوكيات التي تتعارض مع حياة الصلاة ... فمثلاً يصـلي الإنسان في وقت استهلك فيه جسدياً ... ولذا حذرنا الآباء : " إن كنت تريد أن تصلي كـما ينبغي لا تفعل شيئاً ضد الصلاة ، لكي يقترب منك الله " . وكما أن الذهن في الصلاة يتشكل حسب الحالة التـي يـكـون عليهـا قبـل الصـلاة ، فـمـا يـحـدث في الفتـرة الـتـي تسـبق الصـلاة مـن ضـحك وأحاديث أو قلق أو تفكيـر يشغل مخيلتنا أثناء الصلاة ... لذلك يجدر بنا أن نهتم بهذه الفترة عن طريق الألحان أو القراءة .
3 ـ تأخر الاستجابة : لا بد أن يكون دافع الصلاة هو الحب وليس الطلب . وهذا الحب نقدمه في ثقة تامة ، بأننا ننال ما نسأل ولا نشك في أن الله مهتم بنـا ، وقادر أن يعطينا طلبنا " كل ما تطلبونه حينما تصلون ، فآمنوا أن تئالوه ، فيكون لكم " ( مر ١١ : ٢٤ ) لنا ذهبي الفم قائلاً : " إن الله حينما يعطي أو لا يعطي إنما يفعل ذلك ويوضح لخيـرك " .
وهناك أسباب لتأخر الاستجابة :-
الله يؤخر الطلب لحكمة يراها ، فلا يمكنك إدراك حكمة الله .
لأن ما نناله سريعاً لا نشعر بقيمته .
لأنه قد تكون طلباتنا في غير صالحنا.
• قد يتأخر الـرب حتى نلتجئ إليـه أكثـر ونـدنـو مـنـه أكثـر ، ولكـن عليك أن تثق دائماً أن ما يفعله الله إنما يفعله لنفعك الروحي .
قصة قصيرة
روى المتنيح " القمص إبراهيم عطيه " بالقاهرة هذه القصة : انتقل لإحدى الأرامل ابنها الوحيد ، وإذ أدرك مدى تعلقها به لم أعرف ماذا أفعل ؟ ذهبت إلى منزلها ، ففتحت الخادمة الباب . سألتها عن السيدة ، فأجابت : " إنها في حجرتها الخاصة ... لقد أغلقت الباب ، وطلبت منى ألا أطـرق البـاب مهما تكن الظروف ... أنا آسفة يا أبي ، لا أستطيع أن أخبـرها بحضورك " . طال انتظاري ، وأخيراً فتحت الباب ، وكانت ملامح وجههـا تكشـف عـن سلام عميق يملأ أعماقها . قـالـت : " أنـا آسـفـة يـا أبي لأني تأخرت في خروجي لمقابلتك ... أريد أن أطمئن قلبك ... ما كنـت تـود أن تقدمـه ، قدمـه لي الـرب بفيض ... لي الآن ساعتان راكعة أمام إلهي . وصممت ألا أتركه حتى يفيض على بتعزياته السماوية ... الآن أنا في سلام ... صل يا أبي ليكمل الله عمله معي " .
قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨
عن كتاب خطوات
المزيد
05 أغسطس 2022
ومهما قال لكم فافعلوه
هذه هى الكلمات المعدودة للقديسة مريم العذراء قالتها فى سياق أول معجزة صنعها السيد المسيح فى عرس قانا الجليل (يوحنا ٢ : ٥).ويعتبرها أباء الكنيسة بمثابة "أقصر" عظة فى الكتاب المقدس. ونحن على هدى الكلمات نعيش ونعمل ونمارس خدمتنا وعلاقتنا بالجميع.. فماذا قال لنا؟… لقد أخذت فقط ثلاثة مواضع مما قاله:-
١- إسألوا تعطوا. إطلبوا تجدو. إقرعوا يفتح لكم (متى ٧ : ٧)
هذه هى قوة الصلاة الجماعية حيث يستجيب الله ويعطى ويفتح الأبواب. فقط قدموا صلواتكم فى خشوع وفى ثقة الايمان بالله القادر علي كل شئ، و لا تدع شيئاً يزحزح إيمانك سواء أشخاص أو أحداث أو حتي تقلباتالزمان .
٢- كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يوف يعطون عنها حساباً يوم الدين (مت٣٦:١٢)
الكلام هو أكثر نشاط يقوم به أي إنسان كل يوم و هناك الكلام الجيد الذي فيه "الملافظ سعد" وأيضاً الكلام الردئ بكل أشكاله وعباراته. ولكن يا أخوتى لا تتضايق قلوبكم من الذين يقولون كلاماً رديئاً عنكم فإنهم يوقعون أنفسهم تحت طائلة العقاب الإلهى الذى يرحم يوم الدين وإنما صلوا لأجلهم.
٣- أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم (لو ٦ : ٢٧).
هذه هى صورة المسيحيين الحقيقيين، ليس لنا عدو إلا الشياطين. أما البشر الذين يجعلون أنفسهم أعداء، فإننا نراهم أحباء لنا!! ومهما صدرت منهم أفعال أو أقوال فإننا نستمر نحبهم لأن هذه هى وصية المسيح لنا حتى وإن أنغصونا ولعنونا وأساءوا إلينا دون سبب فإننا نحبهم ليس بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق (١يو ٣ : ١٨) إن الخطية هى التى تقف وراء هذه الأفعال الرديئة فمثلاً الاعتداء على بيوت الناس ومحال أرزاقهم لهو خطية ولكن هذه الخطية تتضاعف فوق رؤوس فاعليها حينما يمتد الاعتداء إلى الأبنية العامة فى المجتمع وتزداد بالأكثر عندما يصل هذا الاعتداء إلى بيوت العبادة سواء كانت معبداً أو مسجداً أو كنيسة ومهما قال لكم فافعلوه: نحبهم ونباركهم ونصلى من أجلهم.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
29 يوليو 2022
التطبيقات العملية للحياة الروحية
۱- مداومة الصلاة القلبية بحب :
كلمـة مداومـة تعني الاستمرار ، وكـمـا يقـول الكتاب : " ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل " ( لو ١٨ : ١ ) ... فصـلواتنا هـي العلاقة الشخصية التي تربطنـا بالله ... وأجمل تعريف للصلاة ، قاله معلمنا داود النبي : " جعلت الرب أمامي في كل حين ، لأنّه عن يميني فلا أتزعزع " ( مز 16 : 8 ) . ففي كل مرة ترفع قلبك إلى الله للصـلاة ، تزداد اشتياقاً وكأنـك بصـلاتك ترتفع درجة إلى السماء . الصلاة الحقيقية يا عزيزي هي الصلاة القلبية المملوءة حباً ... فلا يقـدس أوقاتنا وأعمارنا إلا الصلاة ، ولتسأل نفسك دوماً : ما هي قامتك الروحية ؟ وما هي صلواتك ؟ وما هو قانونك مع أب اعترافك ؟
وهذا هو التطبيق العملي الأول مداومة الصلاة القلبية بحب والثاني ممارسة الأسرار الكنسية بوعي .
٢- ممارسة الأسرار الكنسية بوعي :-
إن أكثر الأسرار الكنسية التي تمارسها باستمرار : سـر الاعتـراف وسـر التناول . وهذه الأسرار ما هي إلا قنـوات للنعمة ، والكتـاب يـذكرنا في المزمـور الأول " فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه " ( مز 1 : 3 ) . والمقصود " بمجاري المياه " هي قنوات النعمة ، فجلسة الاعتراف ، ما هـي إلا قناة للنعمة . لذا يجب أن أكون بوعي فيها . أذكـر خطيتـي بقلـب تائب أمام الله في حضور الأب الكاهن ، وأقـيـم وعـداً جديداً في حياتي الروحيـة مـع الله ولسان حالي يقول " تعهدات فمي باركها يارب " ( مز ۱۱۹ ) . أما أثناء القداس أشعر وكأنني في السماء ، وبالتالي يرتفع قلبي وفكري نحو الله خلال مردات وألحان القداس الإلهي . وقد يقول أحـد إنـنـي أحضـر القـداس ، وأمـارس سـر الاعتراف ، لكننـي لا أستفيد شيئاً ! السبب في ذلك يا صديقي ، هو غياب الوعي القلبي لديك ، ويمكن تشبيه ذلك بشخص يتكلم مع آخر وهذا الآخر غير منتبه إلى حديثه ، لأنه مشغول بقراءة شيء أمامه مثلاً فكيف له أن يدرك قـول ومشـاعر محدثه ؟! وعـلى النقيض هناك آخـر ينصت ويستمع بمنتهى التركيز ، وهـذا الإنصات يسمى إنصات تفاعلي ، فيدرك الرسالة الموجهة إليه بل ويتفاعل معها . وعلى هذا الأساس اسأل نفسك : كيف تحضر القداس الإلهي ؟ هل عقلك مشغول بأمور أخرى ، أو يجذبه العالم باهتماماته ومشاكله وبالتالي يكـون جسدك في القداس ، أما عقلك وقلبك في مكان آخر !
٣- معايشة كلمة الكتاب بانتظام :-
أود أن أطرح عليك هنا سؤالاً : هل تقرأ الإنجيل بانتظام يومياً ؟ هل تدرس الكتاب المقدس كل يوم ؟ أم أنك تقرأ وتدرس وتتأمل ؟ فقراءة الكتاب المقدس درجة روحية ، يعلوها دراسة كلمة الله ... أمـا مـا هو أسمى فهو الدراسة والتأمل والحياة بكلمة الله بشكل عملي . إذا لم يقم الإنسان بكل هذا ، كيف يقول عن نفسـه أنـه يحيـا بالإنجيـل ؟! وكيف يكون الإنجيل بالنسبة له " روح وحياة ؟! " . دعنا نتأمل سوياً في هذه القصة لتدرك مفهـوم الحياة بالإنجيـل بشكل أعمق أصيب رجل في أحد أحياء مدينة تكساس بأمريكا في انفجار ، فقـد فيـه يديه ، كما أصيب وجهه بجراحات خطيرة . فقد الرجل عينيه ، فلـم يعـد قـادراً على القراءة . ووسط مرارة نفسه اشتاق أن يقرأ الكتاب المقدس ، فبدأ يسأل : " كيف يمكنني قراءة الكتاب المقدس ، وقـد فقـدتُ عينـي ويـدي ؟! " . قيـل لـه " توجد سيدة في انجلتـرا تستمتع بقراءة الكتاب المقدس بواسطة شفتيها ، إذ تستخدمها بدلاً من الأصابع لتقرأ الكتاب المقدس بطريقة برايل Braille method بالحروف البارزة " . أرسل إلى الهيئة المختصة لكي ترسـل لـه الكتاب المقدس البارز ليتعلم القراءة بشفتيه . لكن قبل أن يصل إليه الكتاب المقدس اكتشف أن أعصـاب شفتيه قد تحطمت تماماً . إذ وصله الكتاب المقدس المكتوب بحروف بارزة بـدأ يتعلم القراءة بلمس الكتابة بلسانه ! وكان يجد عذوبة في قراءته .. وفي تعليـق له يقول : " لقد قرأت الكتاب المقدس أربع مرات ... وقرأت بعض الأسفار مرات ومرات . " وهكذا .. تحولت ضيقة هذا الإنسان إلى خبـرة التمتع بكلمـة اللـه التي تهب النفس عذوبة وتعزية . ... " إن هذا الإنسان يديننا ... لأنه تعلم أن يقرأ الكتاب المقدس بلسانه بعـد أن فقد يديه وعينيه وأعصاب شفتيه . أي عذر لنا ؟! نتحجج بحجج واهية ... إنه لا يوجد وقت !! ويشغلنا إبليس بالعالم واهتماماته ومسئولياته ... فما أكثر الذين يعتذرون عن عدم القراءة في الكتاب المقدس بأنه ليس لديهم وقت !! بينما يجدون وقتاً للتسلية والمقابلات العديدة . والحقيقة أن ليس لديهم رغبة !! يا حبيبي ومخلصـي .. هب لي أن أختبـر عذوبة كلمتك ، لأقرأهـا بـكـل كياني ! لأختبـر قـوة كلمتـك فأحيـا بهـا وأتمتع بمواعيـدك .. بهـا أنطلـق إلى الأحضان الأبوية الإلهية .. بها أنعم بالمجد الأبدي .
قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨
عن كتاب خطوات
المزيد
22 يوليو 2022
بلد الحـب
" أرني ( يا الله ) بلد الحب لأتكلم عنه كما يستطيع ضعفي . أفرخ فـي يـارب نعمتـك برحمتـك لأتكلم عنها . ألهب قلوب محبيك فيخرجون في طلبها " . ( الشيخ الروحاني )
إذا إن كـان أحـد في المسيح فهـو خليقـة جـديـدة : الأشياء العتيقـة قـد مضـت ، هـوذا الكـل قـد صـار جـديـداً . ولـكـن الكـل مـن اللـه الـذي صـالحنا لنفسه بيسوع المسيح ، وأعطانا خـدمـة المصالحة ، أي إن اللـه كـان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه ، غير حاسـب لهـم خطاياهم ، وواضعاً فينـا كلمـة المصالحة . إذا نسعى كسفراء عن المسيح ، كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله لأنه جعـل الـذي لـم يـعـرف خطيـة ، خطيـة لأجلنـا ، لنصير نحـن بـر اللـه فيه " ( ٢ كوه : ١٧ - ٢١ ) . في بداية رحلتك معي عزيزي القارئ خلال هذا الكتاب ، أود أن نتعـرف سوياً على مجموعـة مـن المبادئ الروحية الهامـة ... ولتعتبرهـا يـا صـديقي إرشادات الطريق في مسيرتك الروحية هيا سوياً لنخطو خطوتنا الأولى .
أولا : ما هي الحياة الروحية بلد الحب :
الحياة الروحية هي الإطار الـذي يجمع ثلاثـة محـاور هامـة : النعمـة وعملها ، الإنسان بتوازنه ، وأخيراً الكنيسة وأسـرارهـا .
1- النعمة وعملها:-
عمل النعمة ، هو عمل دائم ومستمر ولا ينقطع ، ويظهـر عمـل النعمـة كلما كانت حياة الإنسان مملوءة ثمـراً ... وهناك قاعـدة روحيـة هامـة أود أن أوضحها لك ، وهي أن الله لا يريد من الإنسان سوى إرادته لتعمل نعمته فيه . وعمل النعمة بدوره يقود الإنسان لاختبار هام في الحياة الروحية وهـو معية المسيح . معي تأمل يا عزيزي ترتيلـة داود النبي : " إذا سرت في وادي ظل المـوت لا أخاف شرا ، لأنك أنت معي " ( مز ٢٣ : ٤ ) ، فعبارة " أنـت معـي " تعكـس شـعوراً داخلياً وإحساساً حقيقياً بوجود الله وعمل نعمته ... بل أن هذا الشعور هو قمة عمل النعمة .
2- الإنسان بتوازنه :-
خلق الله للإنسان عقلاً وروحاً وجعله : عاقلاً ... عاملاً ... عابـداً ... ولكـن تـذكر يا صديقي أن التوازن هو الركيزة الأساسية لنجـاح هـذه المنظومة . أتسألني كيف يكون هذا التوازن ؟ ... أجيبك أن التوازن في حياة الإنسان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشبع الروحي ، فالعقل يتغذى بأعمال القراءة والمعرفة ، والروح تسمو بالعمل الروحي والشبع الشخصي بالمسيح . ولكي يتحقق هذا الشبع الروحي لا بد أن تكون للحياة الروحيـة قـوانين تنظمها ، فالحياة الروحية شيء محدد ، ولها شكل ونمو ومراحل وتدرج . بقي لنا المحور الثالث والأخير ، ألا وهو :
3- الكنيسة بأسرارها :-
وهذه الأسرار توضع في ثلاث مجموعات رئيسية : أسرار لا تمارس إلا مرة واحدة : سـر المعمودية والميرون . أسـرار دائمة التكرار : سر الاعتراف والتناول ومسحة المرضى . أسـرار قد تمارس وقد لا تمارس : سر الزيجة والكهنوت . لك أن تعتبر أن الأسـرار الكنسية هي بمثابة حلقـة الربط بين عمـل النعمة والتوازن الإنساني ... والتي بدورها تقود إلى العمق في الحياة الروحية .
أتسألني الآن : كيف أنمو في حياتي الروحية ؟
أود أن تعـي جيـداً أن النمـو الروحـي لـه عـدة قـوانين تنظمه وتضـمن تدرجه . إن إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه الإنسان المسيحي ، هـي عـدم الاستمرار قد تبدأ نظاماً روحيـاً بحماس شديد ، ولكـن بعـد فتـرة قصيـرة يتسلل الفتور إلى قلبك !! لكن القانون الروحي الذي يضمن الاستمرار هو : " قليل دائـم خير من كثير متقطع " . فالقليـل الـدائـم هـو الـذي يجعـل حياتنا مستمرة ، فالمسيح لا يطلب منا الكم Quantity بل يطلب الكيف Quality نعم ... إن المسيح يريد منك الاستمرارية حتى ولو كانت آيـة واحـدة أو مزمور ، فالاستمرار هو الذي يعطي انطباعاً أنـك شخص ذو قلـب مستعد لسكنى المسيح فيه . أتذكر المرأة التي أعطت الفلسين ؟ قال عنها السيد المسيح ، انظروا كيف أعطت ؟ . بمعنى أنه نظر إلى الكيف وليس الكم فعلى الأقل في كـل يـوم ، اهـتم أن يكون هناك فقرة أو آية في الإنجيـل تقوم بقراءتها مع وقفة صلاة ، وليكن هذا أقل شيء ... لكـن كـن دائـم التطلع أيضاً نحو النمو والتدرج في حياتك الروحية . هذا عن الاستمرارية والتدرج ، أما عن الاعتدال يقول الآباء الذين اختبــروا الحياة الروحية : " الطريق الوسطى خلصت كثيرين " ، وإذا أردنا أن نعرف كلمـة " الاعتدال " يمكننا القـول : أنـه عـدم التطرف يميناً أو شـمالاً ، أو عـدم المبالغة ، أو هو التوازن . أيتبادر إلى ذهنك كيف أحقق الاعتدال في حياتي الروحية ؟ أُجيبك : يا عزيزي أن للحياة الروحية ثلاثة أعمدة رئيسية وهي : " أب روحي ... قانون روحي ... وسط روحي . فمن الخطأ أن يظن الإنسان أنه يستطيع أن يقـود نفسه بنفسه ، مهـما كانـت مكانتـه أو قامتـه الروحيـة كبيرة ، فالكنيسـة قائمـة عـلى الخضـوع . الأب البطريرك يخضع لمجمع الأساقفة ، والمجمع بدوره يخضع للأب البطريرك ، وهناك آباء كهنة وشمامسة والجميع تحت خضوع ، فليحـذر كـل مـن يظـن في نفسه ، أنه أصبح مدركاً لكل شيء ، ويدرك كل الأمور . الخضوع يا صديقي هو صمام الأمان في الحياة الروحية .. إنـه الضـمان الوحيد ، أن يحيا الإنسان تلميذاً في مدرسة التواضع . بقي لنا أن نتأمل سوياً في الحياة الروحية والتطبيق العملي . هناك ثلاثة تطبيقات ، تضعنا في دائرة الحياة الروحية عملياً .
قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨
عن كتاب خطوات
المزيد
24 أبريل 2022
الرسالة البابوية لعيد القيامة
باسم الاب والابن والروح القدس الإله الواحد امين
خريستوس آنيستي، اليثوس آنيستي أهنئكم جميعًا بعيد القيامة المجيد لهذا العام 2022. أهنئ كل الايبارشيات والكنائس القبطية والاديرة القبطية في مشارق الأرض ومغاربها وأهنئ كل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والأباء الكهنة والأباء الرهبان. أهنئ كل الشمامسة وأعضاء مجالس الكنائس في كل مكان. وأيضًا أهنئ كل الأسر القبطية التي تحتفل بعيد القيامة المجيد، كل أسرة، كل أب وكل أم. أهنئ الشباب، والخدام، والخادمات، أهنئ الكبار والصغار. أهنئكم بهذا العيد المفرح الذي نحتفل به سنويًا.في حياة المسيح محطات كثيرة. في أثناء خدمته الجهارية والتي امتدت الى أكثر من ثلاث سنوات، كانت هناك محطات كثيرة من المعجزات والمقابلات والتعليم والامثال. وتقابل فيها السيد المسيح مع تلاميذه ومع جموع كثيرة، سواء فرادى أو في مجموعات عبر هذه الخدمة. من هذه المحطات الكبيرة، المحطة التي جمع فيها تلاميذه وذهبوا الى منطقة قيصرية فيلبس (متى 16: 13) في شمال فلسطين. وهناك سألهم: مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟ (متى 16: 13) فأجابوه. وسألهم السؤال التالي: وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟ (متى 16: 15). فكانت إجابة القديس بطرس الرسول: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ (متى 16: 16). وهذه العبارة كتبت في البشائر الأربعة ببعض الصياغات المختلفة، ولكنها كتبت في ضوء القيامة المجيدة: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ (متى 16: 16). كانت هذه محطة هامة في حياة التلاميذ. وبعدها بدأ الحديث عن ما سيتم خلال الأسابيع والشهور القادمة، وذلك في حياة خدمة السيد المسيح من أنه يسلم ويصلب ويدفن ثم يقوم. ثم جاءت محطة التجلي وهي محطة جمع فيها ثلاثة من التلاميذ (متى 17: 1-13)، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. بطرس يمثل الإيمان، ويعقوب يمثل الجهاد، ويوحنا يمثل المحبة الإلهية.وعلى جبل طابور، تقابلوا مع السيد المسيح وحضور موسى النبي وايليا النبي (متى 17: 1-13). وكان هناك حواراً وكان أهم مافيه: جيد يارب أن نكون ههنا (متى 17: 1-13). وهذا يعتبر قبس من الأبدية ونور من الأبدية. وهذا ما جعل بطرس الرسول يطلب أن يصنع ثلاث مظال لكي تمتد إقامتهم في هذا المشهد المضيئ والمفرح.بعد حادثة التجلي، كما نقرأ في انجيل معلمنا يوحنا، أو في البشائر الأربعة بصفة عامة، وربما ذكرها القديس مرقس الرسول في انجيله (مرقس 9: 9) بطريقة مختصرة. عندما تحدث أن إبن الانسان يسلم ويصلب ويموت ويقوم من الاموات. فبدأ التلاميذ يتسائلون: ما هي القيامة من الأموات؟ حدث القيامة، أيها الاحباء، ليس حدثاً ماضيًا في الزمن الماضي. وليس حدثًا تاريخيًا فقط. ليس احتفالنا بالقيامة المجيدة مجرد احتفال يحدث تم في الماضي وانتهى.
القيامة انطلاقة حقيقية للوجود الانساني. انطلاقة الانسان بعد أن صارت الخطية تدهمه وتسقطه وتكون عاقبتها الموت. جاءت القيامة لكيما تنتصر لنقول مع القديس بولس الرسول: أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ (1 كورنثوس 15: 55). قيامة السيد المسيح تختلف تماماً عن كل معجزات القيامة التي أقام فيها اموات، ابن أرملة نايين، أو ابنة يايرس، او اقامة لعازر حتى بعد أربعة أيام من تواجده في القبر. قيامة المسيح تختلف تمامًا لأنها قيامة للوجود الانساني. هي انطلاقة جديدة لحياة الانسان. ويالسعادة من يتمتع بهذه القيامة. أود أن اقف معكم عند المشاهد الأخيرة للقيامة المشهد الأول، عند الصليب. وهو مشهد كله ألم وحزن وعذابات كثيرة. وكلنا اجتزنا فترة أسبوع الألام بكل ما فيها من قراءات، ونغمات، والحان، ومعرفة وحياة مع المخلص، وعشنا معه ساعة بساعة. كانت محطة الصليب محطة ألم، ولكن هذه المحطة لها نهاية انتهت في القبر. صلب المسيح على الصليب، على عهد بيلاطس البنطي، كما نقول في قانون الإيمان. ثم وضع في قبر جديد لم يوضع فيه أحد من قبل، وصار القبر هو محطة قد تنتهي فيها كل الامال أم محطة ليس فيها رجاء، انها محطة الموت. ورغم أن هذه المحطة لم تظل سوى ثلاثة ايام، ولكنها كانت أيام خوف وأيام فزع وأيام رعب. وعندما نقرأ في البشائر الأربعة، نشعر بهذه المخاوف. حتى التلاميذ أنفسهم كانوا في حالة خوف وهلع شديد. لكن الله لم يتركهم لبالوعة اليأس بل في اليوم الثالث وفي فجر يوم الأحد قام من بين الأموات. والذي ههنا هو السيد المسيح، لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ! (لوقا 24: 6). وعندما نقرأ في انجيل معلمنا يوحنا 20: 20: فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. وكانت هذه الفرحة، فرحة القيامة التي يسعد بها الأنسان ويفرح بها.
في بداية كل يوم نقوم من النوم، وفي بداية كل تسبحة، نقول "قوموا يا بني النور"، يا بني القيامة. وتصير القيامة فعل وحياة وحضور يومي في حياة الأنسان. وعندما نعيش في القيامة، لا نعيش فيها فترة عيد القيامة فقط، ولكن فرحة القيامة، تمتد وتشع في كل كنيستنا وفي كل مناسبتنا، واعيادنا وأصوامنا، وعبر السنة الكنسية كلها. في صلاة باكر في كل يوم هي تمثيل للقيامة، ونقول بنورك يا رب نعاين النور. وفي كل اسبوع في يوم الاحد، نحتفل بهذا اليوم الذي صنعه الرب. وفي كل شهر قبطي، نحتفل يوم 29 منه بتذكارات البشارة والميلاد والقيامة. وفي كل سنة، نحتفل بعيد القيامة ليس يوماً واحدًا ولكن عبر سبعة أسابيع، تكتمل باليوم الخمسين فيما نسميه بالخماسين المقدسة. ويصير احتفال القيامة ليس احتفال بساعة ولا ليوم ولا لشهر، ولكن عبر السنة جميعها. وفي كل طقوسنا، كمثل طقس الميطانيات ، السجدات الى الارض، عندما نسجد الى الارض ونقول، يا ربي يسوع المسيح ارحمني انا الخاطي، يسجد الانسان ثم يقف ويقوم ويتذكر ان القيامة هي التي اعطته هذه النعمة، أن يقوم من اخطائه ومن خطاياه ففرحة القيامة يجب أن نعيشها جميعاً ويجب أن نقدمها لكل أحد فينا. وكل واحد فينا لابد وأن يكون سبب فرح للآخرين. والسؤال الذي يمكن أن تقدمه لحضراتكم جميعًا: هل انت تفرح انسان كل يوم. هل تستطيع من خلال حياتك أو من خلال معنى القيامة المجيدة فيك، أو علاقتك بمسيحك، ومن خلال حضورك في كنيستك، ومن خلال ممارسة الاسرار المقدسة، ومن خلال القراءة المقدسة في الانجيل، هل تقوم وتفرح كل انسان حولك؟ هل انت سبب فرح؟ القيامة تدعوك أن تكون سبب فرح لكل أحد. لا تنسوا أيها الاحباء اننا نكرر كثيرا في الكنيسة كلمة هلليلويا. هلليلويا معناها، هللوا لله، اي افرحوا. فكل ممارستنا الروحية هدفها أن نفرح وهدفها أن نعيش القيامة. وكما قلت في بداية كلمتي، ان السيد المسيح عندما قام من بين الاموات، اراد أن يقدم لنا هذه الفرحة لتكون في حياتنا في كل يوم، لنشهد بها ونعلمها ونمارسها ونفرح بها. هذه القيامة المجيدة هي دعوة للفرح الدائم. كل الممارسات الروحية التي نقدمها هدفها الاخير هو، أن نفرح لكي يتم فرحنا في الابدية السعيدة.لا تنسى اننا في القيامة تقابلنا مع شخصيات كثيرة ومتعددة. اننا في القيامة نفرح بكل الشخصيات وبكل النماذج، التي كانت امامنا في أحداث القيامة المجيدة.اننا نفرح بيوحنا الحبيب، التلميذ الوحيد الذي بقي مع المسيح حتى الصليب. وقد ائتمنه المسيح على امه، امنا العذراء مريم. فكان هذا درس من الوفاء وصورة من صور القيامة نفرح أيضاً بمريم المجدلية التي كانت أول من ذهب للقبر. فعاينت وشاهدت المسيح القائم ودعته "ربوني" اي يا معلم (يوحنا 20: 16). وهذا درس في الوفاء أيضاً ونشهد أيضاً في القيامة توما الشكاك. وقد ظهر السيد المسيح لتلاميذه في حضور توما بعد القيامة باسبوع. وكان قد ظهر قبل ذلك في مرات أخرى. وكان توما أول تلميذ من تلاميذ السيد المسيح الذي يضع اصبعه مكان المسامير، ويضع يده موضع الحربة ويصرخ ويقول "ربي والهي" (يوحنا 20: 26 - 28).أرجو لكم افراح القيامة في حياتكم دائمًا في كل كنيسة وفي كل ايبارشية مع كل الذين يخدمون. تهنئتي ارسلها لكم من أرض مصر الحبيبة، واقدمها لكم بإسم كل أعضاء المجمع المقدس، وبإسم كل الكنيسة القبطية الارثوذكسية هنا في مصر. لنفرح جميعاً بالقيامة المجيدة.
خريستوس آنيستي، اليثوس آنيستى
البابا تواضروس الثانى
المزيد
26 نوفمبر 2021
الارتباط بالكنيسة
كلمتكم فى الاسابيع الماضية عن مهابة الكنسة وكرامتها، اريد ان اتحدث فى هذا اليوم عن الارتباط بالكنيسة: ما معنى الارتباط بالكنيسة
فكرة الكنيسة تظهر بوضوح فى اعتراف القديس بطرس الرسول عندما اجتمع بهم ربنا يسوع المسيح فى قيصرية فيلبس وسألهم مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟ فاجابوا اجابة واضحة فى فم القديس بطرس الرسول أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ! كانت النتيجة ان المسيح اجابه برد جميل انه عَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي وكانت هى المرة الوحيدة التى تاتى فيها كلمة كنيسة بصيغة الملكية
الكنيسة بمفهوم جديد على اعتبار انها جسد المسيح او عروس المسيح
وكما ذكرت فى المرات السابقة ان الكنيسة ليست مجرد مجتمع، الكنيسة هى شركة القديسين مع المسيح،والكنيسة ليست مجرد مبنى –نسمع فى القرون الاولى فى اوقات الاضطهاد واواقات الاستشهاد وقبل ان تبنى كنائس كانوا يصلون فى مقابر ومغائر وشقوق الارض وكانوا يصلون فى المزارع،فالكنيسة ليست مجرد مبنى… الكنيسة هى اعضاء جسد المسيح، والكنيسة ايضا ليست مجرد مؤسسة عادية ارضية الكنيسة تعنى الحياة فى المسيح وعلى هذا الاساس الكنيسة ليس لها حدود فى عملها لا فى الزمان ولا المكان ولا فى الكيان –كيان الانسان الكنيسة تمتد فى المكان والزمان وفى كيان الانسان-
لهذا نقول على الكنيسة انها وحده، تتميز بالاتحاد الذى نسميه الشركة فى الكنيسة
والكنيسة ايضا واحده بمعنى انها غير منقسمة، والمسيح يوحدها
والكنيسة ايضا وحيده، بمعنى انه ليس مثيل لها
يمكن ان نجد كل شئ خارج الكنيسة ولكن الكنيسة تقدم الخلاص بدم المسيح وصليبه
فالكنيسة نقول عنها انها وحدة واحدة وحيدة كما نعبر فى قانون الايمان “نؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية الذى يعمل فى الكنيسة هو روح الله القدوس، المسيح حجر الزاوية، والكنيسة هى التى تمدنا بنعم الاسرار بعمل الروح القدس، لهذا عندما نصلى القداس جميعا معا يقف الاب الكاهن او الاب الاسقف يقول عبيدك يارب خدام هذا اليوم، وانتبه لكلمة خدام ليس المقصود بها خدام مدارس الاحد ولكن خدام هذا اليوم، بمعنى انه كل من يوجد فى الكنيسة فى هذا الوقت الكل ويفسرهم بحسب وضيعيهم والاخر وضعفى، كل الموجودين هم خدام هذا اليوم، ولذلك من التقاليد المستقرة فى كنيستنا الا يقدر كاهن ولا اسقف ان يصلى قداس بمفرده على الاقل ثلاثة، من يمثل الخدام من يمثل الشعب والاسقف او الكاهن الذى يصلى القداس، لابد من وجود هذه الشركة
ماذا تعنى عبارة الارتباط بالكنيسة
نشرح هذا الارتباط ليستطيع كل واحد فينا ان يقيم معنى ارتباطه بالكنيسة، وكل ما الانسان يعرف مقدار ارتباطه الحقيقى بالكنيسة يعرف تمام المهابه والكرامة التى تعطى للكنيسة الارتباط بالكنيسة هو شكل الصليب بأربعة اطراف، يوجد ارتباط فكرى، ويوجد ارتباط روحى، ويوجد ارتباط اجتماعى، وكل هذا على اساس الارتباط الليتورجى
اولا الارتباط الفكرى:-
الارتباط الفكرى يعتمد اولا على الكتاب المقدس (العهدين القديم والجديد) ويعتمد ايضا على تعاليم الاباء،الاعتماد الاساسى فى الارتباط الفكرى فى الارتباط بالكنيسة انه مرتبط بالكلمة المقدسة (الكتاب المقدس والاجبية) ومرتبط بتعاليم الاباء التى يقدمها لنا المعلم قد يكون الاب الاسقف او الاب الكاهن الذى يعلمنى بحسب تعاليم الاباء وبحسب ماتسلمت الكنيسة، ويجب ان يكون التعليم مطعما من الكتاب المقدس ومن اقوال الاباء وسيرهم،هذا هو الاتباط الفكرى، عقلى وافكارى كلها كما يقول الكتاب “مستأثرين كل فكر لطاعة المسيح” هذا هو معنى ارتباطك الفكرى بالكنيسة ينمو عقلك يوم ورا يوم فى معرفة ربنا يسوع المسيح
الارتباط الليتورجى او الاساسى (او ممكن تسمونه الارتباط الحياتى) الذى هو قاعدة الصليب:-
نسميه الارتباط بنعم الحياة ونعم الحياة هى الاسرار وخاصة سر المعمودية وسر الافخارستيا، نعتمد ونولد من جديد بطقس المعمودية ونبدأ به حياتنا فى الكنيسة، وكما ذكرت امامكم فى مرة سابقة ان يوم المعمودية هو يوم فريد لأن الطفل فيه ينال ثلاثة اسرار هم المعمودية والميرون والافخارستيا ولكن مهم فى اول تناول له يسمع فيه عبارات الاعتراف الاخير فى القداس عندما يقول الاب الكاهن يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة ابدية لمن يتناول منه، ويصير هذا اليوم هو الانطلاق الى الابدية، هذه هى محطة القيام لطريق طويل الى ان يصل هذا الانسان الى السماء،
اذا كانت المعمودية هى ميلاد الحياة الجديدة فتأتى الافخارستيا هى غذاء الحياة الجديدة ويبدأ الانسان بالثبات فى المسيح ويرتبط الانسان بالكنيسة والغذاء والجسد والدم الاقدسين وهو يتقدم للتناول
هذا هو الارتباط الحياتى
الارتباط الروحى:-
يعتمد ايضا على شيئين، هم التلمذة لأب الاعتراف ويعتمد على الصلاة وروح التوبة ارتباطك بالتلمذة لاب الاعتراف هو الرفيق فى الحياة الروحية، وارتباطك بالصلاة التى ترفعك الى روح التوبة التى تجعلك دائما حريص على نقاوة قلبك،تلمذتك لأب اعترافك هى التلمذه الروحية وليست التلمذة الشخصية، التلمذة الروحية ان اب الاعتراف هو انسان اختبر الحياة قبلى يمكن ان يرشدنى وان يرافق طريق حياتى الروحية، واب الاعتراف الحديث معه حديث روحى ليس اخبار او حكايات وجدل، ولذلك فى الاعتراف الاب يمسك الصليب فى يده ليكون الصليب بينه وبين المعترف ويكون هو الرابط او الجسر الذى يربط بين الاثنين، وأب الاعتراف يسمع ما تقوله ويصلى ثم يرشدك بحسب ماتحتمل قامتك الروحية وينمو معك قليلا قليلا وتكبر سنة عن سنة فى حياتك الروحية .
الارتباط الاجتماعى:-
الارتباط الاجتماعى يعنى العضوية الكنسية والخدمة الكنسية، انت عضو فى الكنيسة ولك مسؤلية، ولكن ليس الامر بالعضوية الكنسية فقط ولكن ايضا بالخدمة الكنسية، كلنا خدام ولا يوجد –او من المفترض ان لا يوجد- فى الكنيسة عضو عاطل خامل او لا يعمل، انت تعبر عن ارتباطك بعضويتك وبخدمتك ونسميه الارتباط الاجتماعى اذا يا أخوتى الارتباط بالكنيسة هو ارتباط فكرى بالانجيل وتعاليم الاباء، ثم ارتباط حياتى او ليتورجى من خلال الاسرار وعلى رأسها المعمودية والافخارستيا، ثم الارتباط الروحى بالتلمذة لأب الاعتراف وبالصلوات التى تدفعك الى التوبة، واخيرا الارتباط الاجتماعى من خلال عضويتك الكنسية ومن خلال خدمتك الكنسية بأى صورة من الصورهذه نسميها الارتباط والحياة فى الكنيسة وكما سمعتم هو ارتباط وعمل ايجابى فيه حركة هو ارتباط حى بالكنيسة وليس مجرد علاقة نظرية، وان عشت فى هؤلاء الاربعة تجد حياتك تكبر تدريجيا فى معرفة المسيح ،وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ”. توزيع الخدمة كأعضاء الجسد هناك تنوع “لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ” الكنيسة ممثلة فى الاب الاسقف والاب الكاهن والشماس والخادم والخادمة والرجال والنساء والشباب والشابات كل واحد له دور والخلاصة تكون تكميل القديسين ارجوكم تنتبهوا، كأن كل من صار عضوا فى الكنيسة صار من القديسين وهذه موجودة فى كتابات بولس الرسول كثيرا،لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ”
هذا هو الارتباط بالكنيسة وبهذا اكون كلمتكم عن كرامة الكنيسة ومهابتها والارتباط بها، وكل ما عشت فى هذا الارتباط كل ما شعرت بهذه الكرامة وهذه المهابة لالهنا كل مجد وكرامة من الان والى الابد امين.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 نوفمبر 2021
مصادر مهابة الكنيسة:-
1- كرامة الكلمة المقدسة.
مهابة الكنيسة من مهابة الكلمة المقدسة التى تقال فيها فالانجيل المقدس يعطى كرامة ومهابة.“وجدت كلامك كالشهد فاكلته” وجدت كلامك على المنجلية وأكلته على المذبح فى سر الافخارستيا.ما تسمعه فى الكنيسة من كلمة مقدسة هى رسائل خاصة المسيح يرسلها اليك, قد ينبهك من خطية أو يعطيك حكمة لتدبر أمورك.
2- كرامة الكهنوت.
الكهنوت سر من أسرار الكنيسة السبعة ويمكن ان نسميه سر الأبوة.الكاهن إن سلك بأمانة وفى مخافة الله يصير صوتاً لله فى خدمته.الاكليروس تعنى نصيب الله وهى تشمل الشماس (الكامل أو المكرس) والكاهن والاسقف.الكنيسة هى المكان الذى يمارس فيه الكاهن عمله, فهو يتمم الاسرار فيها.ق. الانبا باخوميوس أب الشركة هرب من الكهنوت, وايضا ق. يوحنا ذهبى الفم.فكرامة الكنيسة ليست فى مبانيها بل فى الكاهن.لكن من يستطيع ان يتقدم لهذه الخدمة.الكاهن ليس رئيس أو مدير وليس إنسان بعيداً عن شعبه فهو أب , والابوة تحمل فى معانيها كل المعانى السامية.فكرامة الكهنوت هى كرامة الأبوة.كرامة الكاهن تسمو بروح الابوة التى فيه.
3- كرامة التقليد.
كنيستنا كنيسة تقليدية فيها تقاليد مسلمة شفاهية مثل رشم الصليب.التقاليد فى كنيستنا تقاليد معتبرة ومسلمة من جيل الى جيل , فتسلمنا العقيدة من الاباء .التقليد يحفظ العقيدة.بالتقليد تسلمنا الطقوس مثل اتجاهنا فى الصلاة نحو الشرق
4- كرامة المكان.
الكنيسة مكان مدشن بالميرون, والميرون هو سر تقديس وتكريس وتخصيص, فصار المكان مكان مقدس بالفعل.عند بناء كنيسة نضع صندوق به أنجيل وبعض العملات وصورة الاسقف وصورة البطريرك وصورة الحاكم فى ذلك الزمان ويوجد قراءات لوضع حجر الاساس.ومن الجميل ان يشترك الجميع فى بناء الكنيسة وليس واحد بمفرده.
5- كرامة الزمان
الكنيسة لا تدشن بالميرون فقط ولكنها ايضا تدشن بالصلوات.“محبوب هو أسمك يارب فهو طوا النهار تلاوتى”فنحتفل بمرور 25 أو 50 سنة على بناء الكيسة , فطول هذه الفترة تقام الصلوات التى تقدس الكنيسة تقدس الزمن.نصلى القداسات المتأخرة يومى الاربعاء والجمعة وتصلى القداس بدرى يوم الاحد يوم الرب لا يصلى فيه متأخر.
بعض مظاهر المهابة:-
1- الصمت و الخشوع.
الصمت نوع من التركيز , الخشوع والاحساس بالمهابة.
2- اضاءة الشموع.
نور الكهرباء يشتت العقل, فلا يليق بالكنيسة الكشافات الكبيرة.
3- الحركة الساكنة.
فنتحرك فى الكنيسة بحركة هادئة تماماً واستخدام لغة الاشارة.
4- الملابس الملائمة.
بعض كنائس العالم تحضر القداس بملابس موحدة, يمكن ان يكون هذا غير مناسب لنا, لكن من المناسب ارتداء ملابس ملائمة بالكنيسة سواء قداس أو سر الزيجة أو سر المعمودية.
أعلم انك عندما تأتى الى الكنيسة فأنت تأتى لتقابل المسيح شخصياً.
5- السجود أو المطانيات.
حارب السيد المسيح شكلية العبادة “بيتى بيت الصلاة يدعى”الكنيسة موضوع صلاة فقط.تشعر بحضور الله القوى داخل الكنيسة وخاصة الكنائس القديمة فى الاديرة.تأتى الى الكنيسة مرنماً “فرحت بالقائلين لى الى بيت الرب نذهب
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد