المقالات
25 يوليو 2024
تعاليم أريوس
لا يتضح من تعاليم أريوس تناسقاً فى كل ما وصلنا من نصوصه حيث أن بعضها كانت تخفى وراءها واقع الأمر وحقيقته. إذ كانت تعاليمه مضللة.. ويبدو هذا جلياً فى رسالته إلى أسقف نيقوميدية، وفى باقته الشعرية "ثالثا". ولم تقتصر تعاليمه هذه على مدرسة واحدة، كما قال كثيرون – أى أنها لم تنطلق لا عن وحدانية الله الكتابية التى أعتنقها الأنطاكيون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن الابن تهذب وتشكل بهبوط قوة إلهية مجردة على يسوع..، كما أنها لم تنطلق عن فكرة الوحدانية التى أعتنقها السكندريون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن هذه الوحدانية الإلهية اتسعت لتحوى كل الموجودات الإلهية، بل هى نشأت عن فلسفة الوحدانية. وحيث أن أريوس كان موحداً متطرفاً فإنه أراد أن يؤكد أن الله كان واحداً وأنه فى نفس الوقت متحول. أن حل وحدانية الله إنما سيعنى تمييزالله إلى أب وابن. أما حل التحول إنما سيكون بواسطة خليقة هذا العالم. وهو أمر سئ فى كل الأحوال وبحسب هذه الأفكار، فإن الله واحد، غير مولود وحده، سرمدى وحده، ليس له بداية وحده. الحقيقى وحده، الذى له الخلود وحده. وبجانب الله، لا يوجد كائن آخر.. ولكن عن طريقه توجد قوة عامة (لا شخصية) هى "الحكمة والكلمة".. وهذه التعاليم مأخوذة عن "الوحدانية المقتدرة" التى لبولس الساموساطى. ولكن فكره اللاهوتى يوضح إعتماداً أكثر على "المدافعين". وتأثيرات "الغنوسيين". فيما أن الله كان واحداً فهو لم يكن أباً "الله لم يكن دائماً أباً. أما فيما بعد فقد صار أباً"ولقد صار الله أباً عندما أراد أن يخلق العالم. عندئذ خلق كائناً واحداً. هذا الكائن أسماه الابن، ويسمى استعاريا الكلمة أو الحكمة إذن فحسب تعاليم أريوس توجد حكمتان:
1- قوة الله الواحدة العامة.
2- وكائن إلهى ذاتى واحد. وهذا الكائن هو الحكمة الثانية الذى جاء إلى الوجود من العدم. ومن ثم فهو مخلوق. إذ يقول "كلمة الله ذاته خلق من العدم.. وكان هناك وقت ما حينما لم يكن موجوداً. وقبل أن يصير لم يكن موجوداً.. بل أنه هو نفسه أول الخليقة لأنه صار" ويقول أيضاً "الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك الكلمة والحكمة.. ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصاً وهو الذى دعاه الكلمة والابن، وذلك كى يخلقنا بواسطته". ولكى يؤيد تعاليمه استخدم نصاً خاصاً اقتبسه من سفر الأمثال: "الرب أقامنى أول طرقه.." (أم22: 8)، وكان أوريجانوس من قبل قد تحدث عن "خضوع الابن"، كما تحدث عن "ميلاد الكلمة الأزلى" وهنا أخذ أريوس الجزء الأول فقط من تعايم أوريجانوس، وذلك عندما أضطر فيما بعد أن يقر "بالميلاد قبل الدهور" مفسراً ذلك بأنه يعنى فقط الزمن الذى سبق خلقه العالم فعند أريوس. يبدأ هذا العالم بخلق الابن، عندما بدأ الزمن أيضاً أن يوجد.. والابن هو المولود الأول ومهندس الخليقة.. ومن المستحيل عنده أن يعتبر الابن إله كامل. ويعتبر أن معرفته محدودة لأ،ه لا يرى الآب ولا يعرفه.. والأمر الأكثر أهمية أنه يمكن أن يتحول ويتغير كما يتحول ويتغير البشر.. "وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع الكائنات، هكذا أيضاً الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس أرادته المطلقة، طالما أنه يرغب فى أن يبقى صالحاً.. حينئذ عندما يريد فإنه فى استطاعته هو أيضاً أن يتحول مثلنا، حيث أن طبيعته قابلة للتغير" أن بولس الساموساطى استعمل اصطلاح "القدرة على الاكتمال الذى أتخذ منه أريوس كل تعبيراته.. وفقاً لتعليمه وهو أن المسيح هو ظهور بسيط للكلمة فى إنسان. ومن ناحية أخرى فهو يعتبر إنسان كامل فقط وليس إله كامل.. وبالتالى فإن الأبن يمكن أن يدعى الله إستعارياً فقط. وهو نفس الأسم الذى يمكن أن يدعى به البسطاء من الناس أيضاً حينما يصلون إلى درجة كاملة من الروحانية والأخلاق.. وهنا يتضح كل تعليم هرطقة "التبنى Adoptionism" عن المسيح.
النتيجة الأولى لهذا التعليم:
هو أن الإيمان بالثالوث يتلاشى ويذوب.. بالطبع تحدث أريوس أيضاً عن الثالوث إلا أنه اعتبره أنه قد صدر متأخراً ولم يكن أصلياً وأزلياً. لأنه وفقاص لتعليمه فإن الآب وحده كان إلهاً أزلياً.
أما النتيجة الثانية:
فهى أن الحياة الجديدة للإنسان التى صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة، لا تتكون نتيجة تأليه بل بواسطة سمو روحى وأخلاقى.. وبهذا يتمكن أى شخص أن يقول أن هذا الموقف قد اقتبسه أريوس من المدافعين الذين وفقاً للتقاليد نشأوا من مدارس فلسفية. وكانوا قد أتخذوا موقفاً مماثلاً عن الحياة الجديدة.. إلا أن موقف "المدافعين" يجد له مبرراً بسبب العصر الذى عاشوا فيه والعالم الذى كانوا يتوجهون إليه بالحديث. أما فيما يتعلق بأريوس فإن الموقف يظهر ركود أفكاره التى ولو أنها كانت حادة. إلا أنها خالية من الحركة والعمق ونتيجة لتعاليم أريوس بقوله أن كلمة الله مخلوق وقوله عن المسيح أنه انسان مؤله (بضم الميم وفتح الواو). بسسبب كمال روحى وخلقى. هذه التعاليم نجم عنها نزاع شديد زعزع أركان الكنيسة والدولة الرومانية.. أن البدعة الأريوسية لم يتم تنظيمها بطريقة سرية مثل غيرها من البدع والهرطقات. بل دخل فى صفوفها رجال رسميين فى الكنيسة وفى الدولة. وهددت بالاستيلاء على التنظيم الكنسى بأكمله.. وقد أستمرت المصالحة السياسية التى تبعت ذلك حتى موت أريوس وقسطنطين بدون أن تكون على حساب قرارات مجمع نيقية – وذلك عن طريق تفسيرهم المتباين والمؤول بطريقة يشوبها الالتباس.. إلا أن تعاليمهم لم تأت بنتائج. وذلك لأن زعماء الأرثوذكسية لم يقبلوا أريوس فى الكنيسة وذلك بسبب إعترافاته المشتبه فيها.. حقاً إنه أثناء هذه الفترة لوحظ تقدم ملحوظ فى الحركة التى قادت أيضاً إلى تفوق طفيف للأريوسية. وفى الواقع أن الأريوسيين – بواسطة سلسلة المجامع التى أشرفوا عليها بأنفسهم – نجحوا فى تنحية وأبعاد الرؤساء من خصومهم بإتهامات باطلة واهية. وهؤلاء الرؤساء هم أوستاتيوس الأنطاكى عام 330م. وأثناسيوس الاسكندرى عام 335م، وماركيلوس الانقيرى عام 336م ساءت الأحوال بعد وفاة قسطنطين الكبير، لأن حاكم الشرق قسطنديوس، فرض الأريوسية على المناطق التى كان يحكمها.. أما بعد وفاة أخيه قسطنس عام 350م، فقد فرضها على جميع أنحاء الامبراطورية.. وسحق هذا الحاكم نشاط معارضيه ومقاوميه الأرثوذكسيين وانشغل بإحلال أساقفة أريوسيين بدلاً من الأساقفة الشرعيين فى أهم مراكز الشرق وبعض جهات الغرب وبعد وفاة قسطنديوس أنهار فجأة بناء الأريوسيين الشامخ. لأن يوليانوس الذى كان يدين بالعقيدة الوثنية عامل جميع المذاهب المسيحية معاملة متساوية. وعندئذ عاد المنفيون إلى أماكنهم. وبدأت الأرثوذكسية فى أعادة تنظيم شملها. مما جعلها تسود وتنتصر. وقد وصلت إلى أكبر درجة من السيادة أثناء حكم الامبراطور الأرثوذكسى يوفيانوس.
الفرق الأريوسية:
كان البناء الأريوسى فى عهد قسطنديوس على الأقل، يبدو عظيماً فى الظاهر.. إلا أنه كان من البدء عملاً مزعزعاً. وذلك ليس فقط لأنه حصل على قوته من عناصر كنسية منشقة، ولكن أيضاً لأن إتجاهه اللاهوتى لم يكن متحداً.. فإن جميع الأريوسيين رفضوا اصطلاحات مجمع نيقية.. ولكن ليس لأجل الاسباب دائماً.. لذا فإن الخلافات فيما بينهم انكشفت وتحددت عند كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلاحات هذا المجمع ولقد استخدم أباء مجمع نيقية فى قانون الإيمان إصطلاح؟ هومو أوسيوس" أى "الواحد فى الجوهر مع.. أو المساوى فى الجوهر ل..". وأرادوا أن يثبتوا بهذا الاصطلاح أن الابن مع الآب هما واحد. وأن هذا الجوهر هو كيان أساسى واحد.. وأضاف نفس الآباء بعد قانون الإيمان – بسبب المحرومين – نصاً قالوا فيه بأن الابن "ليس من هيبوستاسيس آخر" أى " ليس من جوهر أخر".. وهكذا فقد أغضب الاصطلاح الاول الأريوسيين المتشددين، أما الإصطلاح الثانى فقد أغضب الأريوسيين المعتدلين.. (أو أنصاف الأريوسيين Semi – arians) ويبدو أن القانون دبجه لاهوتى غربى من المحتمل أن يكون "هوسيوس" أسقف قرطبة. وكلمة Hypostasis "هيبوستاسيس" فيه هى ترجمة للكلمة اللاتينية" Substantia" إلا أنه فى الغرب – نظراً لعجز اللغة اللاتينية حيث كانت كلمة Substantia تعنى كلاً من "أوسيا" Oucia أى الجوهر أو الكيان. وكلمة "هيبوستاسيس" Hypostasis أى القوام أو الأقنوم.
وتعنى كلمة "هيبوستاسيس Hyposasis" اليونانية تعنى القوام، أو الأساس – أو ما يقف عليه الشئ – "الدعامة" أو طبيعة الشئ، أو الشخص، أو أقنوم (المعرب).
لذا أوضح أباء نيقية وحدة تشابه هذين الاصطلاحين لأنهم كانوا يخشون لوأنهم اعترفوا باثنين هيبوستاسيس (أى قوامين) – أن يتهموا بأنهم يقبلون الاعتراف بجوهرين أى يكونوا مثل الأريوسيين.
1- الأريوسيون المعتدلون:
كان الأريوسيون المعتدلون (Semi – Arians) أوريجانيين قدامى وكان يتزعمهم أسقف قيصرية أوسابيوس، وهم الذين قبلوا بتعاطف عن رضى تعليماً واحداً يرتكز على النظرية الأوريجانية الخاصة بخضوع الابن، هؤلاء أصروا على التمييز المشدد بين الآب والابن.. ورفضوا أيضاً اصطلاحى مجمع نيقية واعتبروهما سابيليان. ولأنهما لم يردا بين نصوص الانجيل.. إلا أنهم كانوا على استعداد لقبول معنى "التساوى فى الجوهر Omooucios" لكن بتعبير مخالف.. لهذا تمسكوا بالتعبير "مماثل للآب فى كل شئ" وبعد موت أوسابيوس قام باسيليوس أسقف أنقيرا وجورجيوس اللاوديكى بتنظيمهم. وتميزوا بوضوح أكثر من الأريوسيين الآخرين. وذلك فى مجمع ميديولانوس عام 355م. حيث أنهم قبلوا "تماثل الجوهر" أو التشابه فى الجوهر "هوميوأوسيوس" الأمر الذى من أجله أطلق عليهم اسم "هوميوأوسيين" وكانوا يختلفون عن القائلين "بالتساوى فى الجوهر" أى "الهوموأوسيين" قليلاً، ولذلك أطلق على النزاع بينهم أنه نزاع على لا شئ.
2- الأريوسيون المتشددون:
هؤلاء كانوا على عكس المعتدلين. وهؤلاء المتشددون كانوا قد نشأوا عن اللوكيانيين الذين قبلوا تعليم "بدعة التبنى".. وكان يرأسهم فى البدء أوسابيوس النيقوميدى. وفيما بعد أوسابيوس القسطنطينى. وهذا الفريق تشدد فى الفصل بين الآب والابن بدرجة أكبر.. وان كانوا أحياناً يخفون أراءهم لاسباب تنظيمية. إلا أنهم كانوا متشددين.. وبعد موت أوسابيوس هذا فى عام 341. برز بين صفوفهم "ايتيوس" الانطاكى الذى اندفع إلى تعليم أريوس الأشد تطرفاً من أجل تكوين فريق أريوسى جديد. وهذا الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيقاً على يد تلميذه "يونوميوس". أن المنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهج وأساليب متكاملة.. وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا جوهر كل الكائنات. بما فيها الله أيضاً.. وزعموا أن جوهر الله هو فى عدم الولادة. أما جوهر الابن فهو فى كونه مولود.. ومن ثم فإن جوهرى الآب والابن ليسا فقط لم يكونا شبيهين بل نقيضين تماماً.. ولكى يؤكدوا تمييزهم لله الآب بفرادة خاصة وحده. أعتادوا أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلاً من ثلاثة غطسات بسبب التباين بينهم، تشكل فريق ثالث بإيحاء من الامبراطور قسطنديوس. هو فريق "الاوميويين" أى (الشبيهيين) وهؤلاء استخدموا الإصطلاح "أوميوس OMIOS" (أى شبيه أو مثيل)، ألا أنهم لم يكن لاهوتهم الخاص.. بل – بحسب الظروف – كانوا ينحازون لفريق أو لأخر. وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على كلمة "أوميوس OMIOS" فصار من الممكن أن تعنى أما "تشابه الجوهر" أو تشابه المشيئة.. وأتخذ مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال أورساكيوس السنجدونى، وأولتتاس المورصى… وكذلك أكاكيوس القيصرى، وهؤلاء فرضوا وجهات نظرهم فى المجمع الذى أنعقد فى سرميوس عام 359م.
مواجهة الأريوسية:
هز الأريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التى ظهروا بها، حيث أنهم – على وجه الخصوص – نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على ذلك العصر. فهم لم يستعينوا فقط بالأحاديث الدينية، وتحرير الرسائل اللاهوتية ونشر عقائدهم على هيئة أفكار منتظمة قانونية، كما تأمر بذلك "أحكام الرسل" بل كما سبق أن قيل أيضاً، فإنهم استخدموا كذلك اشعارهم الغنائية التى كانوا يتغنون بها فى كل مناسبة.. أما سلاحهم الأكثر مضاء وصلابة، فكان استغلالهم للقوى السياسية التى أقحموها للتدخل – لأول مرة – فى شئون الكنيسة الداخلية، وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل عنيفة.. وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات.. وفى مرتين منها أقاموا أساقفتهم على هذا الكرسى.. وكان تفوقهم الساحق أكثر ثباتاً واستقروا فى أنطاكيا، بعد عزل الأسقف أوستاتيوس عام 330م.. وفى عام 360 أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس الذى ما لبث أن أعرب فى الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقية أما فى أسيا فكان نفوذهم أقل، ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءا، الأمر الذى لأجله كان موقف الأرثوذكسيين مرناً وفى القسطنطينية – على مدى أربعين سنة – خلف أربعة أساقفة أريوسيين الواحد الآخر.. وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقفاً للقسطنطينية أستقر فى بيت صغير للصلاة (Chapel)، لأن الأريوسيين كانوا قد أستولوا على جميع الكنائس، ولكن غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم.. وفى الغرب حصلوا على نجاح محدود حيث أستولوا فقط على بعض مراكز هامة قليلة مثل المديولانيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط.. إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسى أسقفية روما وكانت حالة المسيحية فى ذلك العصر تثير الحزن والأسى. فبينما أعطيت لها الفرصة لأول مرة لكى تمد كرازتها فى كل مكان، اضطر قادتها أن يهملوا ذلك قهرا. واضطروا للإنشغال بأمور عقائدية دقيقة كانت شوارع الاسكندرية تعج بإستمرار للاشتراك بالاساقفة الذين، أما كانوا يفدون نحو منفاهم وأما كانوا يتوجهون للاشتراك فى المجامع غير المكتملة. وفى وسط هذه المحازفات والمخاطر أظهرت قيادة الأرثوذكسية شجاعة مقترنة بدبلوماسية تجاه مضطهديهم، كما أظهرت تمسكاً شديداً بالتقليد والإيمان المسلم.. فكانوا أما ينادون بعقائدهم وينفون بسببها واما كانوا يحافظون على هذه العقائد ويمكثون فى أماكنهم كى يصونوا الإيمان الأرثوذكسى الذى لا يطفأ، ومن حول هؤلاء كانت خلايا المؤيدين المخلصين تصارع وتتصادم من أجل عقيدة مجمع نيقية ان مسئولية الدفاع عن هذه العقيدة كان لها أولاً: مجموعة القادة الأول: الكسندروس السكندرى. وأوستاتيوس الأنطاكى، وهوسيوس القرطبى.
ثم بعد ذلك بقليل وقع عبء الدفاع عن عقيدة نيقية على اكتاف القديس أثناسيوس الكبير الذى أدار النضال طيلة خمسين عاماً تقريباً.. معضداً أيضاً من الأباء الآخرين أمثال كيرلس الأورشليمى وسرابيون أسقف تيميس، وديديموس الضرير، وهيلاريوس البكتافى وأخيراً الآباء الكبادوكيين العظام: باسيليوس أسقف قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس وغريغوريس النيصصى، أن هؤلاء اللاهوتيين – باستنادهم على حجج وبراهين من الكتاب المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة – قاموا بتجريد لاهوت أريوس من غطائه المتستر بالكتاب المقدس. وكشفوا أن الآريوسية إنما هى دراسة فلسفية جافة وعميقة تظهر الله بدون حياة أو حركة..
كشف أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت إلى أمرين غير لائقين:
1- أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولاشاه، وفتح الطريق أمام الاعتقاد بتعدد الآلهة، إذ أنه سمح بعبادة المخلوق.
2- قلب "بناء الخلاص" كلية. فإن المخلص الذى أخذ على عاتقه خلاص البشرية يلزم أن يكون هو نفسه حاصلاً على ملء اللاهوت، ما دام قد أخذ على عاتقه أن يؤله الإنسان. فكيف يكون من الممكن أن الكلمة الذى يقوم بعمل التأليه لا يكون واحداً فى الجوهر مع الله؟ إن قمة براهين أثناسيوس هى أن المسيح لم يصر أبناً لله كجزاء لكماله الأدبى بل على العكس فإنه هو الذى إلهنا (بتشديد اللام) (أى جعلنا الها). فيقول أثناسيوس "لذلك إذن فالمسيح لم يكن انساناً وفيما بعد صار إلهاً، بل أنه كان إلها ثم صار إنساناً لكى يؤلهنا" (المقالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة 39) وعلى الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلباً بل كان يعرف كيف يتدبر الأمر بتفهم وتسامح.. وعندما تخلص من الضغط السياسى الخطير عرض المشكلة بحذر ويقظة أكثر. ووضع موقف الأرثوذكسيين تحت الفحص. وعندئذ تحقق من قصور وعجز حججهم وسعى لكى يجد لها علاجاً.. فإن المطابقة المشار إليها سابقاً بين الاصطلاحين "اوسيا" (أى الجوهر). و"هيبوستاسيس" (أى القوام) صارت مقبولة فى الغرب بدون اعتراض. ولكن فى الشرق رأى كثير من اللاهوتيين أن فيها خطر البدعة "السابيلية". وأدرك أثناسيوس هذه الحيرة وقام بحركة توفيق فعالة أثناء مجمع الاسكندرية عام 362م حيث أقر بأن كل من لا يرغب فى الإعتراف بصيغة "الاوموأوسيوس" (أى المساواة أو الوحدة فى الجوهر)، ولكنه يقبل فى نفس الوقت بوحدة "الآب والابن فإنه يوجد على الطريق المستقيم. وقام بخطوة عوطة التسليم بالمبدأ الشرقى للثالوث مع التفريق بين معنى الاصطلاحين "أوسيا"، و"هيبوستاسيس" مع إضافة معنى "طريقة الوجود الخاص بالكيان" إلى "الهيبوستاسيس".. وهكذا فإن الله يكون من جوهر واحد ولكنه يوجد فى ثلاث أقانيم (هيبوستاسيس) أو أشخاص (بروسوبا)، وهذه الصيغة توسع فيها أكثر الأباء الكبادوكيوسن بعد ذلك.. ومن ذلك الوقت فتح الباب أمام جماعة "الهوميواوسيين". وأن غالبية الذين رجعوا وانضموا إلى أتباع مجمع نيقية الأرثوذكسيين، وصلوا أيضاً بعد ذلك إلى قبول مبدأ "الهوموأوسيوس" (التساوى أو الوحدة فى الجوهر) ولكن البعض من هؤلاء لم يكونوا على استعداد لقبول الاعتقاد بمساواة الروح فى الجوهر أيضاً (أى مع الآب والابن).. ولهذا السبب ضمن مجمع نيقية ضمن قانون الإيمان. مجرد عبارة "وبالروح القدس" بدون أية خاصية أو صفة أخرى، وكان هؤلاء يعتقدون بثنائى فقط فى الله بدلاً من الثالوث. ولهذا أطلق عليهم أسم "أعداء الروح" ولآنه كان يتزعمهم "مقدونيوس". الذى جرده "الأوميوون" من رتبته. لهذا أطلق عليهم أيضاً أسم "المقدونيون". وهؤلاء حكم عليهم بواسطة مجمع أنطاكية سنة 379م. والمجمع المسكونى الثانى بالقسطنطينية سنة 381م. ولكى يتجنب الاباء أى مخاطرات جديدة أو أى إساءة فهم للأمور. فانهم لم يستخدموا فى هذا المجمع الآخير أى اصطلاحات مثيرة، مثل "الهومواوسيوس" بل استخدموا عبارات متباينة وهى عبارات توضح "المساواة فى الكرامة". وهم فى هذا قد أتبعوا السياسة الحكيمة التى كان يسير عليها باسيليوس الكبير. ثم أصدر الامبراطور ثيئودوسيوس قراراً بوضع حد لهذا الصراع داخل امبراطوريته، فكانت النهاية الحاسمة، مما أدى إلى الاعتراف بشكل دينى واحد وهو المسيحية الأرثوذكسية التى أقرها "داماسوس" أسقف روما. "وبطرس" أسقف الاسكندرية. وبالتالى أنضم غالبية الآريوسيين إلى الكنيسة، أما البقية الذين تخلفوا فقد أنضموا على التوالى إلى بدع وهرطقات أخرى، وخاصة أنضموا إلى النسطورية وهى البدعة التى حاولت أن تنقص من ألوهية المسيح بطريقة أخرى.
ما بين بدعة آريوس ومجمع نيقية
تداعيات بدعة آريوس: علم الكسندروس بما علّم به آريوس وسمع اعتراض بعض المؤمنين على هذه التعاليم الجديدة. فدعا الطرفين مناقشة علنية بحضوره. فأوضح آريوس رأيه في الآب والابن والروح القدس. واستمسك خصومه بولادة الابن من الآب قبل كل الدهور وبمساواة الابن والآب في الجوهر. وأصغى الكسندروس إلى كل ما قاله الطرفان واثنى على جميع الخطباء ولكنه قال بولادة الابن قبل كل الدهور وبمساواته للآب في الجوهر وأمر آريوس أن يقول قوله ومنعه عمّا كان يعلّم به واعتز آريوس بمعلمه وبالأساقفة خارج مصر الذين أخذوا عن لوقيانوس وقالوا أقوالاً مماثلة. وبين هؤلاء افسابيوس اسقف نيقوميذية واسقف قيصرية فلسطين افسابيوس، وأسقف بيسان باتروفيلوس، وآيتيوس أسقف اللد وبافيلنوس أسقف صور وغريغوريوس أسقف بيروت وتثودوتوس أسقف اللاذقية واثناثيوس أسقف عين زربة في قيلقية. فرفض أمر سيده وامتنع عن الطاعة وعلم الكسندروس أن أساقفة مصر يقولون قوله فدعاهم إلى مجمع في الإسكندرية وأطلعهم على بدعة آريوس. وكانوا مئة فشجب ثمانية وتسعون قول آريوس وامتنع عن الشجب اثنان فقط. فقطع المجمع آريوس وهذين الأسقفين وستة قساوسة وستة شمامسة.
آريوس في فلسطين: وقصد آريوس أسقف قيصرية فلسطين أفسابيوس المؤرخ. وكان الأخير سيداً منظوراً وعالماً كبيراً، له نفس أفكار آريوس لكنه لا يجاهر بها. وقد يكون لم يتخذ موقفاً محدداً من عقيدة الثالوث الأقدس. فكتب إلى الكسندروس يلومه على تحريف أقوال آريوس، وأشار على آريوس بالكتابة إلى أسقف نيقوميذية لتبيان موقفه. فكتب آريوس إليه وحصر شكواه في أنه قُطع لأنه لم يقل أن الابن غير مخلوق. وافسابيوس أسقف نيقوميذية رُسم أولاً أسقفاً على بيروت ثم أصبح أسقف نيقوميذية. واتصل بقسطندية أخت قسطنطين وزوجة ليكينيوس ونال ثقتها فشفعت له عند أخاها قتقرّب من الامبراطور فخَّف لحاجاته واهتم بشؤونه.
آريوس في نيقوميذية: ثم أَمَّ آريوس نيقوميذية وعَمَدَ إلى أسقفها واستحمله أموره فنزل على افسابيوس مُقترح آريوس ولم يدخر عنه وسعاً وحرر إلى جميع الجهات وخصّ الأساقفة على تأييد آريوس. وجاء في نصه عبارات تشجيع على الجهر. ويقول سوزمينس المؤرخ أن افسابيوس أسقف نيقوميذية دعا إلى عقد مجمع محلي للنظر في قضية آريوس، واتخذ قراراً بوجوب قبول آريوس في الشركة ووجوب الكتابة إلى الكسندروس ليرفع الحرم. ورأي افسابيوس أن يكتب آريوس نفسه مبيناً عقيدته. فكتب كتابة لبقة جاء فيها أنه لم يعلم غير ما علمه الكسندروس وأنه حرم كل من حرمه سيده ورئيسه. وصنف في هذا الوقت نفسه رسالة دعاها "الثالية" وضمنها آراءه في الثالوث وبدأها بمدح نفسه فلاقت رواجاً في بعض الأوساط.
نشاط الكسندروس: هبّ الكسندروس للدفاع عن الإيمان القويم. فكتب إلى عدد كبير من الأساقفة خارج مصر، معلناً وحدة الكنيسة ووجوب تبادل الرأي بين الأساقفة، مبيناً موقفه وموقف المجمع المصري المحلي. وقد قام بإرسال هذا الكتاب إلى ما يقارب السبعين أسقفاً منهم أسقف أنطاكية، وأسقف حلب.
وتجاوزت البدعة إلى جميع الأوساط المسيحية في الشرق. وتراشق الخصمان القطع والحرمان. كثرت النشرات الآريوسية والردود عليها. ومشى استيريوس السفسطي المغالط من قبدوقية إلى جميع أنحاء الشرق يدعو إلى بدعة آريوس ويدافع عنها بالسفسطة. وكان قد ضحى للآلهة الوثنية في أثناء الاضطهاد العظيم وتاب وأحب الالتحاق بالاكليروس فمُنع فازداد سخطاً ومعارضة وكان المجمع المحلي الذي عُقد في نيقوميذية قد كتب إلى الكسندروس ليرفع الحرم عن آريوس وأتباعه. فامتنع عن ذلك. فاجتمع الاساقفة الأنطاكيين أمثال أفسابيوس القيصري وبافلينوس الصوري وترفيلوس البيساني وغيرهم في قيصرية فلسطين ومنحوا آريوس وجماعته حق الرجوع إلى ممارسة الأسرار. فتسلح آريوس بهذا القرار وعاد وجماعته إلى الإسكندرية ونظم الأغاني والأهازيج وعممها فحفظها أناس من جميع الطبقات وتغنوا بها. وسرت العدوى إلى السفلة فاندفعوا يرددون هذه العبارات في الاسواق والشوارع.
موقف الأمبراطور قسطنطين: لما علم بالخلاف، تألم وغضب واستشار في هذا الأمر صديقه القديم الشيخ التقي هوسيوس أسقف قرطبة. ولم يدرك أهمية النزاع العقائدي وصلته بألوهية السيد المخلص. وقرر الصديقين أن يرسلا كتاباً إلى الكسندروس وآريوس وعلى قيام هوسيوس بنفسه بالذهاب إلى الإسكندرية للتحقيق في القضية وإدلاء النصح للطرفين ووصل هوسيوس إلى الإسكندرية فوجد الأساقفة مجتمعين للنظر في بعض الأمور المحلية، ولا بد وأن قضية آريوس كانت مطروحة للنقاش، حيث أننا لا نعلم الكثير عن هذا المجمع. واتصل هوسيوس بالطرفين وعاد إلى نيقوميذية فتبعه كلاً من الأسقف الكسندروس وآريوس.
مجمع أنطاكية: (324-325) توفي فيتالوس أسقف أنطاكية في سنة 319 وخلفه فيلوغونيوس، بعد وفاة زوجته. وانصرف إلى خدمة الكنيسة بخوف الله وعاد بعدد وافر من الجاحدين إلى حظيرة الخلاص. وقاوم اضطهاد ليكينيوس وتحمل الشدة واُعتبر معترفاً. وأحزنه أمر آريوس فبذل وسعه في محاربة هذه البدعة وراسل الكسندروس مثبتاً. ثم رقد بالرب في الرابع والعشرين من سنة 324فخلا مكانه، وهرع الأساقفة إلى أنطاكية للتشاور في أمر الخلافة الرسولية. فاجتمع في عاصمة المسيحيين ستة وخمسون أسقفاً. فتشاوروا قي أمر آريوس وبدعته وسلّموا عكاز الرعاية إلى افستاثيوس أسقف حلب الذي اشتهر بصحة عقيدته وتأييده لألكسندروس. واتخذوا لمناسبة البحث بدعة آريوس قراراً جاء فيه أنهم يقولون بإله فائق القدرة أزلي لا يتغير خالق السماء والأرض وكل ما يوجد فيه وبربٍّ واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور واعترض على هذا القول ثلاثة أساقفة وهم أفسابيوس أسقف قيصرية فلسطين وثيودوتوس أسقف اللاذقية ونرقيس أسقف بانياس. فقطعهم المجمع لمدة معينة. ثم أقر نص الرسالة السلامية ووجهها إلى اسقف رومة وغيره من رؤوساء الكنائس وإلى عدد كبير من الأساقفة ويرى بعض رجال الاختصاص أن أنطاكية سبقت غيرها إلى فكرة المجامع المسكونية وأن هذا المجمع نفسه اقترح دعوة أساقفة الشرق وآسية الصغرى ومصر والغرب إلى مجمع مسكوني في أنقيرة للبت في قضية آريوس. ويستند هؤلاء إلى نص العبارات التي قُطع بها الأساقفة الثلاثة. وجاء في بعض المراجع أن لالكسندروس تعود فكرة المجامع المسكونية. وهناك أقوال ولكنها ضعيفة في أن لقسطنطين الكبير تعود فكرة المجامع المسكونية.
المزيد
18 يوليو 2024
بدعة أريوس ج2
مجمع نيقية
سنة 325 التأم في نيقية حوالى 300 أسقف، وحكموا على آريوس وأعلنوا تعاليمه مناقضة للإيمان القويم، وأوجزوا إيمانهم في القسمين الأول والثاني من قانون الإيمان الذي لا نزال نتلوه اليوم، أي من أوّله حتى عبارة "وبالروح القدس" ونلاحظ في معظم التعابير المتعلقة بيسوع المسيح دحضاً لتعاليم آريوس فيسوع هو "ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور"وبينما كان يقول آريوس ان الكلمة قد خلقه الله من العدم، يعلن المجمع أنه "مولود غير مخلوق"والفرق كبير بين الخلق والولادة فالخلق يعني اختلافاً في الجوهر والطبيعة، أمّا الولادة فتعني أن ابن الله هو من ذات جوهر الله لذلك يضيف قانون الإيمان أن يسوع المسيح هو "مساوٍ للآب في الجوهر"، أو، ترجمة أدقّ، "واحد مع الآب في الجوهر"والجوهر هنا هو جوهر الألوهة أو الطبيعة الإلهية فكما أن الآب إله، هكذا الابن أيضاً إله، والآب والابن لهمَا جوهر واحد، أي طبيعة إلهية واحدة فالابن واحد مع الآب في الجوهر، إلاّ أنه متميّز عنه في الأقنوم.
والأقنوم كلمة سريانية ترجم بها الآباء كلمة اليونانية، وتعني الشخص، أي الكائن الذي يقوم به الجوهر فالجوهر لا يمكن أن يقوم دون كائن فرد يحمله فالطبيعة الإنسانية مثلاً لا يمكن أن توجد دون إنسان فرد، دون شخص بشري يحملها، فتقوم به إلى الوجود كذلك جوهر الله هو واحد، والطبيعة الإلهية هي واحدة إلاّ أنّ تلك الطبيعة تقوم في ثلاثة أشخاص ندعوهم أقانيم، لأنه بهم يقوم جوهر الله أو الطبيعة الإلهية الواحدة أقنوم الآب، وأقنوم الابن، وأقنوم الروح القدس وأقنوم الابن هو الذي تجسّد في شخص يسوع المسيح إن الفرق في النظرة الى يسوع المسيح بين آريوس وآباء نيقيةأن آريوس يعتبر المسيح خليقة، فينكر الوهيته وينكر معاً الثالوث الأقدس وتجسّد الله فالذي تجسّد وصار إنساناً، في رأي آريوس، ليس الله، بل كائن وسط بين الله والإنسان، وفي الواقع كائن أقرب إلى الإنسان منه إلى الله، لأنه مخلوق من الله.
أما آباء نيقية
فقد أعلنوا أن الذي ظهر لنا في يسوع المسيح ليس كائناً وسطاً بين الله والإنسان، بل الله نفسه في شخص كلمة الآب الأزلي وابنه الوحيد، الواحد معه في الجوهروهذا ما يجب أن نركّز عليه اليوم، عندما نتكلّم عن ألوهية المسيح إيماننا بألوهية المسيح ليس اعتقاداً أسطورياً بكائن وسط بين الله والإنسان، نزل في أحد الأيام من أعالي السماء ودخل في إنسان أن مثل هذا الاعتقاد نجده في بعض الديانات القديمة، وهو لا يمتّ إلى المسيحية بشيء إيماننا المسيحي هو الإيمان بأن الله نفسه، في كيانه وشخصه، قد حضر إلينا في شخص يسوع المسيح فمَن رأى يسوع رأى الله،ومَن اتحد بيسوع اتحد بالله، ومَن اعتمد باسم يسوع اعتمد باسم الله ولأن الله نفسه قد حضر إلينا في شخص يسوع، فيسوع يستطيع أن يؤلّهناهذا هو البرهان الذي ردّده مراراً آباء الكنيسة فلو اعتبرنا يسوع مجرّد إنسان لاستحال عليه أن يوصلنا إلى الله ولكن، بما أن يسوع إله، فهو يستطيع أن يوصلنا إلى الله هذا هو المعنى العميق للعقيدة المسيحية القائلة ان يسوع نفسه الكلمة المتجسّد، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، وانه إله حق وإنسان حق، وانه شخص واحد في طبيعتين، طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية كيف يجب أن نفهم العلاقة بين الطبيعتين في شخص يسوع الواحد؟ هذا ما تطرّقت إليه المجامع المسكونية التي تلت مجمع نيقية.
من هو أريوس؟
كان آريوس (256-336م) مواطن من ليبيا التابعة لكنيسة الأسكندرية والأقباط لهذا يطلق عليهم أقباط ليبيا، وقد أستطاع آريوس صاحب أكبر هرطقة فى التاريخ فى القرن الرابع الميلادى أن يقسم العالم المسيحى. وتلقى تعليمه اللاهوتى فى أنطاكية فى مدرسة لوقيانوس, وعندما ذهب إلى الأسكندرية وخدم فيها سامه البابا بطرس بابا الأسكندرية شماساً ودرس بمدرسة لوكيانوس بأنطاكية حيث كان زميل دراسة لبعض الأشخاص الذين أرتقوا فيما بعد إلى درجات الرئاسة الكهنوتية. وهم الذين عضدوه ودفعوا به للمضى فى طريق الكفاح لأجل نشر أفكاره. وكل هؤلاء الزملاء الذين درسوا فى مدرسة لوكيانوس صاروا يلقبون بأسم "اللوكيانيين" أو "الاتحاد اللوكيانى" وهذا لا يمنع أن آريوس درس أيضاً فى مدرسة الاسكندرية اللاهوتية قبل دراسته بأنطاكية وقد شايع ملاتيوس لدى خروجه على البابا بطرس ثم تراجع فسيم شماساً ثم انتقد رئيسه في أمر توبة الجاحدين فقطع فالتجأ على أخيلاس فسامه كاهناً ثم وثق فيه الكسندروس فجعله خادم كنيسة بفالكس وكان آريوس فيما يظهر عالماً زاهداً متقشفاً يجيد الوعظ والإرشاد فالتف حوله عدد كبير من المؤمنين ولا سيما عذارى الإسكندرية اللواتي نذرن أنفسهن للعمل الصالح، فأصبحن فخر كنيسة مصر وانضم إلى هؤلاء عدد كبير من رجال الاكليروس الذين وجدوا في وعظه غذاء للنفوس فآثروا الاصغاء إليه على الرغم من التخالف في التعليم بينه وبين الأسقف رئيس الكنيسة ووافق آريوس لوقيانوس المعلم الأنطاكي وأخذ عنه ولعله درس عليه، ولا نعلم بالضبط وتمام الوضوح ما علّمه لوقيانوس كما أنه لم يبقَ من تعاليم آريوس إلا مقتطفات يسيرة جاءت في بعض "الردود" عليه! ولا سيما ما كتبه القديس اثناثيوس الكبير وما أورده القديس امبروسيوس وما يجوز قوله عن مذهب آريوس أنه كان محاولة جديدة لتأكيد وحدانية الآب وتخفيض منزلة الابن Subordinationisme والروح القدس فالآب وحده في نظر آريوس استحق لقب الإله. أما الابن فإنه لم يكن سوى إله ثانوي مخلوق من العدم بإرادة الآب بيد أنه تميز عن سائر المخلوقات في أنه كان صورة الآب في الجوهر Ousia وإرادته وقدرته ومجده والثالوث في نظر آريوس ثلاثة في الأقنوم ولكنهم ليسوا واحداً إلا باتفاق المشيئات ومما أخذه سوزومينس المؤرخ على آريوس أنه كان لسانياً منطقياً متطرفاً، جرّه تطرفه هذا إلى الوقوع في الخطأ ويمكن أن يقال أن آريوس جمع فى تعليمه بين إتجاهين مختلفين لمدرستى أنطاكية والاسكندرية. وفيما بعد أخذ المنتمون لمدرسة أنطاكية يهاجمونه ويتهمونه بأنه سكندرى، فى حين أن المنتمين إلى مدرسة الأسكندرية كانوا يحاربونه متهمينه بأنه أنطاكى أستوطن أريوس فى الاسكندرية حيث رسمه الأسقف بطرس كاهنا.. وأظهر فى أول حياته ميولاً متعصبة متمردة لأنه قبل رسامته وبعدها كان منضماً للأسقف المنشق ميليتوس أسقف ليكوبوليس (أسيوط) ولهذا السبب جرد من رتبته الكهنوتية، إلا أنه فيما بعد أعيد مرة أخرى إلى رتبته على يد الأسقف أخيلاس خليفة الأسقف بطرس. وما لبث أن عمل على تأييد إنتخاب الكسندروس أسقفاً للاسكندرية خلفاً لأخيلاس. وإن كان أريوس نفسه قد أستطاع بتأثير ثقافته وصفاته الشخصية أن يصير ذو شأن كبير فى المدينة وفى عام 285 م عندما أصبح الأنبا بطرس السابع عشر وقد اصدر البطريرك قراراً بان جميع الذين اجبروا لكى يدعوا للأوثان وكانوا ضعفوا وأفقدهم العذاب الشديد شعورهم وإحساسهم وأنكروا السيد المسيح. واصدر أمراً بقبولهم رعايا فى الكنيسة مرة أخرى بدون فحص أو قصاص أو عقاب بدنى أو روحى وبناء على قرار البطريرك بقبول التائبين ومن المعتقد أن آريوس بخر للأوثان فذهب آريوس إلى البطريرك واعلن خضوعه وندمه فقبله ورسمه شماساً ورقى لوظيفة واعظ لفصاحتة وقدرته على الخطابة وكان آريوس يمزج اقوالة باقوال الفلاسفة ولكن لم يكن هذا هو الخط الكنسى البسيط التى أتبعته كنيسة الأسكندرية فى تعليمها، وكان آريوس بدا فى بدعة جديدة فى المسيحية فجردة البطريرك من وظيفته وأصدر قرار بحرمانه من الوعظ وحرمه البابا بطرس ومما يذكره المؤرخون أنه عندما جاء وقت إستشهاده أرسل آريوس وجهاء مدينة الأسكندرية للبابا بطرس فى السجن ليحله ولكنه أعلن أنه رأى رؤيا أن آريوس مزق ثوب الرب (أى كنيسته) وزاده فى الحرم ولكن للأسف عندما جاء البابا أرشيلاوس حله وسامه كاهناً وسلمه كنيسة بوكاليا، وهى كنيسة الإسكندرية الرئيسية فى ذلك الوقت، ممأ أعطاه شهرة وجمع الأتباع خاصة لأنه عنده موهبة الوعظ والخطابة وكان مزهوا بنفسه متفاخراً بقدراته الأنسانية ولم يطوعها فى وداعة القديسيين فغلب تكير عقله الإيمان وعندما أراد أن يبشر الوثنيين سقط فى هرطقته، وجاء لاهوته حصيلة فكرفلسفى لاهوتى عقلانى
(حوالى عام 318م) اصطدم مع الكسندروس بسبب الإختلاف حول تفسير نص فى الكتاب المقدس خاص بشخص ابن الله. وكان الكسندروس قد أعطاه – كما أعتاد الأسقف أن يفعل مع الكهنة – موضوعاً ليبحثه. وفى الشرح الذى قدمه أريوس حاول أن يعبر عن ابن الله بمفاهيم مخالفة للإيمان المستقيم رأى الكسندروس فى تقرير آريوس محاولة للتقليل من شأن ابن الله وتحقيره… وأثبتت الاتصالات بين الرجلين على أن آريوس أصر على رأيه وأعتبر أفكار الكسندروس أنها تتبع فكر بدعة سابيلوس وبالرغم من هذا فإن الأسقف لم يتعجل فى اتخاذ أى اجراء ضد كاهنه. إلا أنه فيما بعد أضطر الأسقف أن يتخذ قراراً من مجمع قسوس الكنيسة، أدان فيه أريوس بسبب بدعته وقطعه من شركة الكنيسة رحل أريوس الى فلسطين ثم اتجه إلى سوريا قاسياً الصغرى. وتمكن من أن يجمع حوله عدد من الأساقفة وأفقوه على آرائه، وكان من بين هؤلاء "أوسابيوس أسقف فيقوميديا" اللوكيانى، "وأوسانيوس أسقف قيصرية" الأوريجانى. وان الأساقفة الذين تجمعوا حوله قد أيدوه وبرأوه فى مجمع عقدوه. وطالبوا بأن يعود مرة أخرى الى الكنيسة.. وسرعان من كتب أريوس أقراراً وافقوا عليه فى مجمع عقدوه فى نيقوميديا، وأرسله كرسالة إلى أسقف الاسكندرية الذى رفضه. ودعا بالطبع إلى مجمع بالاسكندرية سنة 318م اعتمد ادانة أريوس وبعد ذلك بقليل، بسبب الاضطرابات التى نشأت نتيجة للمصادمات التى وقعت بين قسطنطين الكبير وليكينيوس، تمكن آريوس من العودة مرة أخرى إلى الاسكندرية. حيث أخذ بعمل بحماس شديد وبأساليب مبتكرة لأجل ترويج أرائه ونشرها بين الجماهير عن طريق الأحاديث والأشعار… وقد ساعد على نشر أريوسيته ما كان يظهر به أريوس من مظاهر الورع والتقوى إلى جانب ما يتصف به من الكبرياء والتباهى وحبه للنضال.. وكان يجرى مباحثاته اللاهوتية مع الشعب. فأنتهز الوثنيون تلك الفرصة وأخذوا يسخرون من المسيحية فى مسارحهم بسبب تلك المناقشات وهكذا أثار هذا الموقف قلق قادة الكنيسة. كما أزعج الامبراطور أيضاً، الذى رأى أن هذه المشاكل ستكون خطراً على السلام الذى حققه بجهود مضنية وكفاح مرير ولكنه لم يتوقع أن تكون خطراً على السلام على المدى البعيد. لذلك فهو إذ رأى أن هذه المعركة تبدو أمراً تافهاً لا يستحق أن يصدر له نطقاً سامياً، فأكتفى بأن أرسل "هوسيوس" أسقف قرطبة بأسبانيا إلى الاسكندرية بخطاب إلى رؤساء الأطراف المتنازعة. ولكن هذه المحاولة لم تأت بأية نتيجة. عندئذ دعا الأمبراطور إلى مجمع عام يعقد فى نيقية عام 325 والذى أشتهر بأسم، "المجمع المسكونى الأول" وقد أدان هذا المجمع تعاليم أريوس وحرم أسقف نيقوميدية مع ثلاثة أساقفة أخرين لتأييدهم لتعاليم أريوس. أما أريوس فأنه فى البدء أُرسل إلى نيقوميديا مكبلاً بالقيود، ثم نفى بعد ذلك إلى الليريا… ألا أنه على الرغم من هذه التدابير فإن هذه المحاولة للتهدئة لم تنجح، لأن أصدقاء أريوس أستمروا فى نشر مبادئه وتعاليمه… ولذا أقتنع قسطنطين – بواسطة العناصر المهادنة للأريوسية والمحبة لها، وتأثر بهم. مما جعله يستدعى أريوس من منفاه عام 327. وبعد تحريض من أسقف نيقوميديا عرضوا صيغة إعتراف إيمان على الأمبراطور أخفوا عنه فيها. حقيقة عقيدة أريوس، وكانت كنيسة نيقوميديا قد وافقت على هذه الصيغة فى المجمع الذى عقد بها. إلا أن الأرثوذكسيين لم يجبروا على منح أريوس العفو. حتى أن الكسندروس أسقف الأسكندرية وأثناسيوس الذى خلفه لم يقبلاه فى الاسكندرية ولم يرغب قسطنطين حينئذ أن يؤزم المسائل أكثر بأن يفرض على أسقف الاسكندرية – بأن يقل أريوس. بل أنه فى الواقع عندما طلب أنصار أريوس من الأمبراطور – برسالة محررة بلهجة شديدة – أن يتدخل لأجل تأمين عودة أريوس إلى الاسكندرية، غضب قسطنطين وأعاد أدانتهم بمرسوم آخر أسماهم فيه "بالبورفوريين" أى أنهم مشايعون لتعليم "بورفيريوس" وبعد وساطات متعددة غيروا مرة أخرى من مشاعر قسطنطين ورحل أريوس إلى القسطنطينية حيث أعترف بالإيمان الأرثوذكسى أمام الأمبراطور وتمسك بأن يصير مقبولاً بطريقة رسمية على نطاق أوسع بالكنيسة. إلا أن الأمر بتحديد موعد بقبوله فى كنيسة القسطنطينية قد تلاشى نهائياً، إذ أن أريوس سقط ومات فى مرحاض عام فجأة ليلة الموعد المحدد لقبوله.
مؤلفات أريوس:
أستحوذ أريوس على مركز هام فى التاريخ الكنسى، لكنه لم يترك أثاراً كثيرة. فقد كتب أعمالاً قليلة نسبياً وصلنا منها النذر اليسير. وهذه الكتابات التى وصلتنا عبارة عن رسائل خارجية. إلا أنها فى واقع الأمر تحوى إعترافاته وهى:
(أ) رسالة إلى أسقف نيقوميدية:
وقد حفظها لنا إبيفانيوس فى كتابه "باناريون". وكذلك ثيئودوريتس فى كتابه "التاريخ الكنسى". وفى هذه الرسالى يحتج على تحامل الكسندروس ضده وضد أتباعه ويعرض أراءه وتعاليمه فى صراحة تامة. ويقول أن الابن إله لكنه "ليس غير مولود Agenntos" "ولا جزء من غير المولود" وفى النهاية يستنجد باوسابيوس أسقف نيقوميديا مسميا إياه أنه من "الاتحاد اللوكيانى".
(ب) رسالة إلى الكسندروس أسقف الاسكندرية:
حفظت هذه الرسالة فى أعمال "أثناسيوس عن المجامع". وفى كتاب "باناريون" لابيفانيوس. كما حفظت باللغة اللاتينية فى كتاب "الثالوث لايلارى". وهى الاعتراف الإجمالى الى كان قد قدمه لمجمع نيقوميديا الأول والذى عقده الأريوسيون المنفيون. وفى هذه الرسالة تحاشى التعبيرات المثيرة وأعتبر أن "الأبن قد ولد قبل كل الدهور". إلا أنه لم يكن موجوداً من قبل أن يولد.
(ج) إعتراف الإيمان:
حفظت هذه الرسالة فى التاريخ الكنسى لسقراط والتاريخ الكنسى لسوزومينوس). وفى هذه الرسالة حجب عقيدته الحقيقية وقال بأن الإبن قد ولد قبل كل الدهور (لأنه لو كتبت كلمة gegennimenos المولود" بحذف حرف n منها أى gegenimenos لتغير معناها وأصبحت تعنى المخلوق وليس المولود.
(د) "ثاليا":
حفظ أثناسيوس فى كتاباته بعض نصوص هذا الكتاب. وكلمة "ثالثا" معناها مأدبة أدبية. وقد دبجها كلها تقريباً بأبيات منظومة وبلحن نسائى. وفى إفتتاحيتها نجده يظهر نفسه أنه مملوء بالعقيدة والعواطف الشجية عندما يتعرض للحديث عن الله..
"بحسب إيمان مختارى الله… عارفى الله…أبناء قديسين. ذوى التعاليم الشرعية الثابتة.. حاصلين على روح الله القدس…أنا نفسى تعلمت هذا.. من حكمة المشاركين.. السابقين.. عارفى الله..حسب كل أقوال الحكماء.. أتيت أنا مقتفياً أثر كل هؤلاء..وأنا ذو السمعة الحميدة.. متمش بنفس العقيدة..ومتحمل كثيراً من أجل مجد الله.. بنفس حكمة الله..وفيما عدا هذا، يبدو أنه كان لأريوس مجموعة أخرى من الأشعار لكل مناسبة من مناسبات الحياة. (كما أشار بذلك أثناسيوس) فى المجموعة التى تسمى "البحرية"، "الرحى" "الرحلة".. الخ.ووفقاً لما يقوله أثناسيوس فإن كل هذه القصائد قد دبجت بلهجة ونغمة داعرة مثل التى كان يكتب بها سوتيادوس أشعاره القومية.. كانوا يتغنون بها فى مأدبهم بضجيج ضخب وعبث..
فكر آريوس
كان آريوس ذو موهبة فى الخطابة فصيحاً بليغا قادر على توصيل أفكارة بسلاسه بين العامة والمفكرين ونشر آريوس افكاره عن المسيح مستغلاً مركزه كشماس وواعظ فى الأسكندرية، ولم تكن فكرته عن المسيح من بنات أفكاره ولكنها كانت فى الأصل نقلها من يهودى متنصر أسمه فيلون اليهودى فى نظريته عن اللوغس (الكلمة) Logos وكانت فكرتة تتلخص فى: أن الكلمة كائن متوسط يعبر الهوة التى لا تعبر بين ايلوهيم والعالم.. خلق ايلوهيم الكلمة ليخلق به العالم والمادة وإيلوهيم الإله الحقيقى فى نظر فيلون عال عن المادة ولا يمكن أن يتصل بها مياشرة من غير وسيط.. هذا الوسيط هو المسيح الكلمة ولم يكن فيلون هو فقط الذى تأثر به آريوس ولكنه تأثر أيضاً ب أفلوطين فى نظريته فى النوس Nous ومركز الكلمة المتوسط بين الإله أو " الواحد" وبين العالم وفى الحقيقة أن آريوس لم يأتى بفكراً جديداً ولكن أستهوته الفكر الفلسفى اليهودى الأصل الناتج من فكر فيلون اليهودى عن اللوغس، والفكر الوثنى القادم من أفلوطين فى "النوس" ومزج هاتين النظريتين وألبسهما لباساً مسيحياً بإستغلال آيات من الإنجيل لتأييد فكره بنصوص من الكتاب المقدس وأعتقد أنه ساندت رأيه وكان تعليق البابا أثناسيوس عن آراء آريوس " أنها آراء وثنية " ولما أنحرف آريوس عن الفكر المسيحى المستقيم بالتأويل، أعتبرت المسيحية الأرثوذكسية تفكيره كفراً وزندقة وأشتعلت نار الخلاف وتأججت نار الفرقة عندما قال آريوس عن المسيح كلمة الإله: " أنه خالق ومخلوق.. خالق الكون، ومخلوق من الإله "
وقالت الكنيسة: " أن المسيح مولود.. غير مخلوق، وهو كان بأقنومه الأزلى قبل أن يولد من العذراء مريم بل قبل الدهور،, ومنذ الأزل، وهو من ذات جوهر الآب، ومن طبعه، وأنه لم تمر لحظة من الزمان من الزمن كان الآب موجودا من دون اللوغوس (الكلمة)، وهو المسيح قبل التجسد " كان آريوس يقول بأنّ الكلمة ليس بإله، بل بما أنه "مولود" من الله الآب فهو لا يُشاركه طبيعتهِ، بل تقوم بينهما علاقة "تبنّي"، فالكلمة إذاً ليس بأزليّ بل هو مجرد خليقة ثانويّة أو خاضعة حُرِمَ آريوس وأنصاره في المجمع المسكونّي النيقاويّ الأوّل عام 325 وعلى إثره نُفيَ. لكن هذا لم يمنع هذه البدعة من التوسع جغرافياً ومن استخدام أصحابَها لأغراضٍ سياسيّة وتعليم آريوس نادى بإمكانية التغيير الأخلاقى عند المسيح، وأنه لهذا كان الكلمة قابل للنمو أو التطور الخلقى، وأنه عندما كان يفعل الخير طان يصنعة بإرادة حرة كان يمكنها أيضاً أن تختار فعل الشر، وعلى ذلك يكون الخلاص الذى صنعة المسيح عملاً قام به كائن محدود، أقام ذاته مخلصاً بفعل إرادته الحرة، ومن ثم فلا تكون كفارته خلاصاً للجنس البشرى كله إلا من قبيل إظهار أمكانية كسب الخلاص، وليست هناك نفس بشرية واحدة يمكن أن تكون بريئة كل البراءة من وصمة الضعف البشرى.ولقد علم آريوس بأنه كان فى المسيح امكانية لأختيار الخير أو الشر، وحرية الأختيار تقوم فى العقل أو الروح أو النفس الأنسانية الناطقة العاقلة، النفس الأنسانية الناطقة العاقلة هى العنصر الهام المسيطر على الطبيعة البشرية المفروض فيها بالضرورة القدرة على عمل الشر وبفضلها يكون النمو فى الخير أو الشر ممكناً وزيادة على ذلك فإن هذه النفس هى التى بها يتميز شخص عن غيره، فهى مقر أو مركز قوة تقرير المصير وهى القوة التى تتميز بها الشخصية الحقيقية لكل أنسان والتى تتكون بها شخصيته المستقلة عن كل أنسان آخر في عام 334 أعادَ الأمبراطور قسطنطين آريوس من منفاهُ وبسبب نفوذ بعض الشخصيات المهمة كأسقف القسطنطينية أوسابيوس النيقوميديّ والأمبراطور كوستانتيوس الثاني أصبحت هذه البدعة حتى عام 359 ديناً رسمياً للأمبرطورية الرومانية.
رد فعل الآريوسيين حول قرارات المجمع النيقاوى
أنقسمت فيما بعد الآريوسية عدة طوائف لنفس البدعة وهم:
الطائفة الأولى: فكان البعض يعتقد بصحة قانون الإيمان النيقاوي رغم تشكيكهم بمساواة الابن للآب في الجوهر هؤلاء دُعيوا بأشباه الآريوسيين.
الطائفة الثانية: كان يطعن في صحة قانون الإيمان النيقاوي معتبراً أن طبيعة الابن هي مختلفة تماماً عن طبيعة الآب.
الطائفة الثالثة: ظهرت أيضاً جماعة ثالثة تعتقد بأن الروح القدس هو أيضاً خليقة ثانوية.
مع صعود فالنتِس عام 361 إلى العرش بدأت الأمور تعود إلى مجراها الطبيعي أي لما جاءَ في مجمع نيقية المسكوني. فينا بعد أُعلن الإيمان النيقاوي عام 379 إيماناً قويماً وديناً رسميّاً للإمبراطورية بفضل الإمبراطور ثيودوسيوس. تثبَّت هذا الإيمان بواسطة المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية عام 381 بالرغم من هذا فقد استمرت الآريوسية لقرنين من الزمن وخصوصاً بين الشعوب الجرمانية التي كانت قد بُشِّرَت عن يد مُرسَلين آريوسيين.
الفكر الأريوسى
حاول أريوس تفسير الإيمان المسيحى بطريقة يمكن لمن لهم الفكر الوثنى وخاصة الفلاسفة منهم أن يفهم ألإيمان المسيحى فمزج بين الإله المسيحى وآلهة الوثن حتى يتقبلوه، فسقط فى هوه الهرطقة وبعد عن المسيحية تماماً، وجاء تفسيره خالياً من المفاهيم المسيحية الأساسية ومن الحكم السليم والنظرة الصائبة (30) وعقيدة تدور حول النقاط التالية:
1 - الوحدانية: كان إهتمامه أنحصر فى تأكيد الوحدانية، والأساس الأول هو فى بساطة " الفردية " الذى هو الإله الذى يعتقد فيه، وهو فى نظره الواحد، المطلق، الغامض، البعيد، غير المعروف، الذى لا يدرك، ولا يمكن الإلتقاء به، نخفى فى سر أزلى، منفصل عن البشر بهوة غير محدودة (31) هكذا فهم الوحدانية بطريقة عددية، غير قادر على إدراك " وحدة " الثالوث القدوس فى الجوهر.
2 - لكى يخلق الإله المسكونة، أوجد اللوغوس قبل الزمن (32) من العدم، كأداه للخلقة، لهذا فهو ليس بالحق الإله بالطبيعة، إنما هو أبن الإله بمعنى أخلاقى، إنه كائن وسيط بين ألإله والعالم.
3 - صار اللوغوس جسداً بمعنى أنه قام بعمل النفس فى يسوع المسيح.
4 - الروح القدس هو أول خلائق اللوغوس، فهو إله أقل من اللوغوس.
بهذا الفكر عزل آريوس الإله عن البشرية، وقدم إلهه إلى البشرية كأنه كائناً جامداً، فألغى أنشودة الحب الإلهى والتضحية والفداء فى المسيحية وأفسد سر الخلاص، متجاهلاً النبوات ومنكراً تجديد طبيعتنا خلال التبنى والأتحاد مع الإله الآب فى أبنه.
وللحديث بقية
المزيد
11 يوليو 2024
رحلة القديس بولس التبشيرية التالتة
القديس بولس الرسول من أعظم و أقوى الرسل و المبشرين في تاريخ كنيستنا الكارز اللي لف العالم كله تقريباً و فتح كنائس في أماكن كتير جداً القديس بولس له 3 رحلات تبشيرية ... تعالوا نشوف تالت رحلة فيهم:
زمن الرحلة:
بدأت الرحلة حوالي سنة 53م و استمرت 4 سنين
موجودة فين؟
في سفر أعمال الرسل إصحاح 18 ل 21
مين كان مع بولس؟
بدأ القديس بولس لوحده لحد ما وصل أفسس بعد كده كان معاه ناس كتير في مدن مختلفة من مكدونية و تسالونيكي و كنائس آسيا و كان القديس تيموثاوس سبقه كورنثوس برسالة من القديس بولس و من هناك انضم القديس لوقا
خط السير:
البداية من أنطاكية زي أول رحلتين بولس فِضِل في أنطاكية شوية بعد ما خلّص الرحلة التانية بعد كده خرج لوحده بالبر إلى (إقليم غلاطية) أيقونية و دربة و لسترة (افتقاد الكنايس اللي عملوها في الرحلتين اللي فاتوا) وصل ل أفسس و فضل بولس هناك على الأقل سنتين و نص بالبحر إلى مكدونية ( فيلبي ) بالبحر إلى كورنثوس (هلاس) العودة بحراً إلى ترواس في آسيا بحراً إلى ميليتس و ده كان فيه اللقاء الوداعي للقديس بولس مع كنيسة أفسس بحراً إلى باترا (غرب رودس) بحراً إلى صور و هناك حذّروه من الذهاب إلى أورشليم بحراً إلى قيصرية و هناك حذّره أغابوس من الذهاب إلى أورشليم منها برّاً إلى أورشليم و هنا انتهت الرحلة التالتة و اتقبض على بولس في أورشليم
تفاصيل الرحلة
غلاطية
غلاطية: افتقاد سريع وأما من جهة الجمع لأجل القديسين، فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضا
كورنثوس الأولى 16 : 1
الأماكن دي مش مذكورة في أعمال الرسل لكن عرفناها من رسالة كورنثوس الأولى (إصحاح 16) و من الترتيب الجغرافي للرحلة
إقليم غلاطية يشمل: طرسوس و إيقونية و دربة و لسترة و برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية
كانت زيارة افتقاد سريعة للكنايس دي، لأن القديس بولس كان زارهم في أول رحلتين
أفسس
أفسس كانت من المدن المهمة جداً في المنطقة دي (آسيا الصغرى) و كانت مدينة وثنية
القديس بولس كان بشّر في أفسس بسرعة أثناء الرحلة التانية بعد كده جه القديس أبلّوس كمّل تبشير و كان التركيز مع اليهود اللي في المدينة القديس أبلّوس كان عنده حتة مش عارفها صح في الإيمان، لكن أكيلا و بريسكلا (أصدقاء بولس من الرحلة التانية، كانوا في كورنثوس و رجعوا معه آسيا) علّماه بأكثر تدقيق و ساعداه
القديس أبلّوس
ثم أقبل إلى أفسس يهودي اسمه أبلوس، إسكندري الجنس، رجل فصيح مقتدر في الكتب.
كان هذا خبيرا في طريق الرب. وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب. عارفا معمودية يوحنا فقط وابتدأ هذا يجاهر في المجمع. فلما سمعه أكيلا وبريسكلا أخذاه إليهما، وشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق.
وإذ كان يريد أن يجتاز إلى أخائية، كتب الإخوة إلى التلاميذ يحضونهم أن يقبلوه. فلما جاء ساعد كثيرا بالنعمة الذين كانوا قد آمنوا،لأنه كان باشتداد يفحم اليهود جهرا، مبينا بالكتب أن يسوع هو المسيح.
أعمال الرسل 18 : 24 ل 28
جه بولس أفسس و عمّد المؤمنين هناك على يدي أبلّوس عشان يحل الروح القدس عليهم
المعمودية الصحيحة
فحدث فيما كان أبلوس في كورنثوس، أن بولس بعد ما اجتاز في النواحي العالية جاء إلى أفسس. فإذ وجد تلاميذ قال لهم: «هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم؟» قالوا له: «ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس».
فقال لهم: «فبماذا اعتمدتم؟» فقالوا: «بمعمودية يوحنا».
فقال بولس: «إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة، قائلا للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده، أي بالمسيح يسوع» فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم، فطفقوا يتكلمون بلغات ويتنبأون وكان جميع الرجال نحو اثني عشر.
أعمال الرسل 19 : 1 ل 7
بداً القديس بولس يكرز ... و ابتدأ زي الرحلة اللي فاتت، في المجمع اليهودي لمدة 3 شهور
الكرازة لليهود
ثم دخل المجمع، وكان يجاهر مدة ثلاثة أشهر محاجا ومقنعا في ما يختص بملكوت الله.
أعمال الرسل 19 : 8
اليهود لم يقبلوا الكرازة ... فبدأ بولس يكرز للكل في مدرسة أدب و فلسفة بتاعة واحد اسمه تيرانس ... لمدة سنتين كاملتين انتشرت فيها الكرازة في كل آسيا (لأن أفسس كانت عاصمة مهمة)
الكرازة للأمم
ولما كان قوم يتقسون ولا يقنعون، شاتمين الطريق أمام الجمهور، اعتزل عنهم وأفرز التلاميذ، محاجا كل يوم في مدرسة إنسان اسمه تيرانس وكان ذلك مدة سنتين، حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في أسيا، من يهود ويونانيين.
أعمال الرسل 19 : 9 و 10
و في الوقت ده عمل ربنا على إيدين بولس معجزات شفاء كتير ... و لما حاول بعض اليهود تقليد كلامه بدون إيمان، غلبهم الشيطان لأن الموضوع موضوع إيمان مش كلمات سحرية ... و الكنيسة هناك زادت و بقت كنيسة قوية
معجزات بالإيمان
وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة، حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى، فتزول عنهم الأمراض، وتخرج الأرواح الشريرة منهم.
فشرع قوم من اليهود الطوافين المعزمين أن يسموا على الذين بهم الأرواح الشريرة باسم الرب يسوع، قائلين: «نقسم عليك بيسوع الذي يكرز به بولس! وكان سبعة بنين لسكاوا، رجل يهودي رئيس كهنة، الذين فعلوا هذا. فأجاب الروح الشرير وقال: «أما يسوع فأنا أعرفه، وبولس أنا أعلمه، وأما أنتم فمن أنتم؟» فوثب عليهم الإنسان الذي كان فيه الروح الشرير، وغلبهم وقوي عليهم، حتى هربوا من ذلك البيت عراة ومجرحين وصار هذا معلوما عند جميع اليهود واليونانيين الساكنين في أفسس. فوقع خوف على جميعهم، وكان اسم الرب يسوع يتعظم. وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم، وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع. وحسبوا أثمانها فوجدوها خمسين ألفا من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة.
أعمال الرسل 19 : 11 ل 20
زوبعة من صناع الهياكل الوثنية اللي لقوا شغلهم بيقف بعد ما ناس كتير بقت مسيحية ... هيّجوا الشعب بكلام شكله ديني (إنهم بيعبدوا آلهتهم من زمان) لكن الدافع فيه مادي (أكل عيشنا هايقف) لكن انتهت بسلام
زوبعة تنتهي بسلام
وحدث في ذلك الوقت شغب ليس بقليل بسبب هذا الطريق، لأن إنسانا اسمه ديمتريوس، صائغ صانع هياكل فضة لأرطاميس، كان يكسب الصناع مكسبا ليس بقليل. فجمعهم والفعلة في مثل ذلك العمل وقال: «أيها الرجال أنتم تعلمون أن سعتنا إنما هي من هذه الصناعة. وأنتم تنظرون وتسمعون أنه ليس من أفسس فقط، بل من جميع أسيا تقريبا، استمال وأزاغ بولس هذا جمعا كثيرا قائلا: إن التي تصنع بالأيادي ليست آلهة. فليس نصيبنا هذا وحده في خطر من أن يحصل في إهانة، بل أيضا هيكل أرطاميس، الإلهة العظيمة، أن يحسب لا شيء، وأن سوف تهدم عظمتها، هي التي يعبدها جميع أسيا والمسكونة».
فلما سمعوا امتلأوا غضبا، وطفقوا يصرخون قائلين: «عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين!». فامتلأت المدينة كلها اضطرابا، واندفعوا بنفس واحدة إلى المشهد خاطفين معهم غايوس وأرسترخس المكدونيين، رفيقي بولس في السفر ولما كان بولس يريد أن يدخل بين الشعب، لم يدعه التلاميذ. وأناس من وجوه أسيا، كانوا أصدقاءه، أرسلوا يطلبون إليه أن لا يسلم نفسه إلى المشهد وكان البعض يصرخون بشيء والبعض بشيء آخر، لأن المحفل كان مضطربا، وأكثرهم لا يدرون لأي شيء كانوا قد اجتمعوا! فاجتذبوا إسكندر من الجمع، وكان اليهود يدفعونه. فأشار إسكندر بيده يريد أن يحتج للشعب. فلما عرفوا أنه يهودي، صار صوت واحد من الجميع صارخين نحو مدة ساعتين: «عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين!» ثم سكن الكاتب الجمع وقال: «أيها الرجال الأفسسيون، من هو الإنسان الذي لا يعلم أن مدينة الأفسسيين متعبدة لأرطاميس الإلهة العظيمة والتمثال الذي هبط من زفس؟ فإذ كانت هذه الأشياء لا تقاوم، ينبغي أن تكونوا هادئين ولا تفعلوا شيئا اقتحاما. لأنكم أتيتم بهذين الرجلين، وهما ليسا سارقي هياكل، ولا مجدفين على إلهتكم. فإن كان ديمتريوس والصناع الذين معه لهم دعوى على أحد، فإنه تقام أيام للقضاء، ويوجد ولاة، فليرافعوا بعضهم بعضا. وإن كنتم تطلبون شيئا من جهة أمور أخر، فإنه يقضى في محفل شرعي. لأننا في خطر أن نحاكم من أجل فتنة هذا اليوم. وليس علة يمكننا من أجلها أن نقدم حسابا عن هذا التجمع». ولما قال هذا صرف المحفل.
أعمال الرسل 19 : 23 ل 41
و هو في أفسس، كتب القديس بولس رسالته الأولى إلى كورنثوس (قبل ما يعدّي عليهم تاني)
فيلبي
زيارة سريعة
وبعدما انتهى الشغب، دعا بولس التلاميذ وودعهم، وخرج ليذهب إلى مكدونية.
أعمال الرسل 20 : 1
زيارة سريعة لفيلبي ماتكتبش عنها تفاصيل في سفر أعمال الرسل لكن بنفهم إن القديس بولس كتب رسالته التانية لأهل كورنثوس و هو في فيلبي
كورنثوس
3 شهور و رسالتين
ولما كان قد اجتاز في تلك النواحي ووعظهم بكلام كثير، جاء إلى هلاس،فصرف ثلاثة أشهر. ثم إذ حصلت مكيدة من اليهود عليه، وهو مزمع أن يصعد إلى سورية، صار رأي أن يرجع على طريق مكدونية فرافقه إلى أسيا سوباترس البيري، ومن أهل تسالونيكي: أرسترخس وسكوندس وغايوس الدربي وتيموثاوس. ومن أهل أسيا: تيخيكس وتروفيمس هؤلاء سبقوا وانتظرونا في ترواس.
أعمال الرسل 20 : 2 ل 5
كمّل القديس بولس رحلته في اليونان ... و عدّى على كورنثوس في رحلة استمرت 3 شهور في هذه الكنيسة الصعبة و هناك كتب القديس بولس رسالتين: غلاطية و رومية و بعد مكيدة من اليهود، قرر بولس يرجع آسيا تاني
ترواس
إقامة أفتيخوس
وأما نحن فسافرنا في البحر بعد أيام الفطير من فيلبي، ووافيناهم في خمسة أيام إلى ترواس، حيث صرفنا سبعة أيام وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا، خاطبهم بولس وهو مزمع أن يمضي في الغد، وأطال الكلام إلى نصف الليل. وكانت مصابيح كثيرة في العلية التي كانوا مجتمعين فيها وكان شاب اسمه أفتيخوس جالسا في الطاقة متثقلا بنوم عميق. وإذ كان بولس يخاطب خطابا طويلا، غلب عليه النوم فسقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل، وحمل ميتا فنزل بولس ووقع عليه واعتنقه قائلا: «لا تضطربوا! لأن نفسه فيه!». ثم صعد وكسر خبزا وأكل وتكلم كثيرا إلى الفجر. وهكذا خرج. وأتوا بالفتى حيا، وتعزوا تعزية ليست بقليلة وأما نحن فسبقنا إلى السفينة وأقلعنا إلى أسوس، مزمعين أن نأخذ بولس من هناك، لأنه كان قد رتب هكذا مزمعا أن يمشي.
أعمال الرسل 20 : 6 ل 13
رجع القديس بولس آسيا تاني ... من ميناء ترواس و هناك صلى معاهم القديس بولس القداس ... و وعظ وعظة طويلة حصلت حاجة صعبة ... شاب نام في الوعظة و سقط من الدور التالت و مات
لكن بنعمة ربنا الحادثة الصعبة دي انقلبت لفرح و تعزية كبيرة جداً ... لأن بولس أقامه من الموت بنعمة ربنا
ميليتس
أجمل خطاب وداعي
ومن ميليتس أرسل إلى أفسس واستدعى قسوس الكنيسة فلما جاءوا إليه قال لهم: «أنتم تعلمون من أول يوم دخلت أسيا، كيف كنت معكم كل الزمان، أخدم الرب بكل تواضع ودموع كثيرة، وبتجارب أصابتني بمكايد اليهود. كيف لم أؤخر شيئا من الفوائد إلا وأخبرتكم وعلمتكم به جهرا وفي كل بيت، شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة إلى الله والإيمان الذي بربنا يسوع المسيح والآن ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيدا بالروح، لا أعلم ماذا يصادفني هناك. غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا: إن وثقا وشدائد تنتظرني ولكنني لست أحتسب لشيء، ولا نفسي ثمينة عندي، حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع، لأشهد ببشارة نعمة الله والآن ها أنا أعلم أنكم لا ترون وجهي أيضا، أنتم جميعا الذين مررت بينكم كارزا بملكوت الله. لذلك أشهدكم اليوم هذا أني بريء من دم الجميع، لأني لم أؤخر أن أخبركم بكل مشورة الله احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه. لأني أعلم هذا: أنه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية. ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم. لذلك اسهروا، متذكرين أني ثلاث سنين ليلا ونهارا، لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد والآن أستودعكم يا إخوتي لله ولكلمة نعمته، القادرة أن تبنيكم وتعطيكم ميراثا مع جميع المقدسين. فضة أو ذهب أو لباس أحد لم أشته. أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان. في كل شيء أريتكم أنه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء، متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال: مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ» ولما قال هذا جثا على ركبتيه مع جميعهم وصلى. وكان بكاء عظيم من الجميع، ووقعوا على عنق بولس يقبلونه متوجعين، ولا سيما من الكلمة التي قالها: إنهم لن يروا وجهه أيضا. ثم شيعوه إلى السفينة.
أعمال الرسل 20 : 17 ل 38
القديس بولس كان عارف بالروح إن دي آخر مرة هايعدّي على كنايس آسيا فاستدعى كهنة كنيسة أفسس و قال لهم خطاب وداعي رائع قال لهم إزاي الخادم لازم يكون متفاني في خدمته حتى في أصعب الظروف مستعد يبذل نفسه في سبيل رسالته زي الراعي الصالح على رعيته و طبعاً القديس بولس كان مثال حي لكل ده و كان خطاب مؤثر لأن بولس قعد 3 سنين في أفسس (أكتر من أي مكان تاني)
و الخطاب ده من عظمته، رتبت الكنيسة إته يُقرأ في أعياد نياحة البطاركة
سوريا
تحذير من الذهاب لأورشليم
ولما انفصلنا عنهم أقلعنا وجئنا متوجهين بالاستقامة إلى كوس، وفي اليوم التالي إلى رودس، ومن هناك إلى باترا. فإذ وجدنا سفينة عابرة إلى فينيقية صعدنا إليها وأقلعنا. ثم اطلعنا على قبرس، وتركناها يسرة وسافرنا إلى سورية، وأقبلنا إلى صور، لأن هناك كانت السفينة تضع وسقها وإذ وجدنا التلاميذ مكثنا هناك سبعة أيام. وكانوا يقولون لبولس بالروح أن لا يصعد إلى أورشليم ولكن لما استكملنا الأيام خرجنا ذاهبين، وهم جميعا يشيعوننا، مع النساء والأولاد إلى خارج المدينة. فجثونا على ركبنا على الشاطئ وصلينا. ولما ودعنا بعضنا بعضا صعدنا إلى السفينة. وأما هم فرجعوا إلى خاصتهم.
أعمال الرسل 21 : 1 ل 6
استكمل بولس وداعه لكنائس آسيا (المرة دي زيارة خاطفة لصور) و هناك بدأ التحذير للقديس بولس من التلاميذ بعدم الذهاب لأورشليم و القديس بولس كان عارف إن فيه ضيقات منتظراه في أورشليم (زي ما قال في ميليتس) لكنه صمم على الذهاب لأن الروح القدس هو اللي وجّهه لأورشليم
قيصرية
تحذير آخر من الذهاب لأورشليم
ولما أكملنا السفر في البحر من صور، أقبلنا إلى بتولمايس، فسلمنا على الإخوة ومكثنا عندهم يوما واحدا. ثم خرجنا في الغد نحن رفقاء بولس وجئنا إلى قيصرية، فدخلنا بيت فيلبس المبشر، إذ كان واحدا من السبعة وأقمنا عنده. وكان لهذا أربع بنات عذارى كن يتنبأن وبينما نحن مقيمون أياما كثيرة، انحدر من اليهودية نبي اسمه أغابوس. فجاء إلينا، وأخذ منطقة بولس، وربط يدي نفسه ورجليه وقال: «هذا يقوله الروح القدس: الرجل الذي له هذه المنطقة، هكذا سيربطه اليهود في أورشليم ويسلمونه إلى أيدي الأمم» فلما سمعنا هذا طلبنا إليه نحن والذين من المكان أن لا يصعد إلى أورشليم فأجاب بولس: «ماذا تفعلون؟ تبكون وتكسرون قلبي، لأني مستعد ليس أن أربط فقط، بل أن أموت أيضا في أورشليم لأجل اسم الرب يسوع». ولما لم يقنع سكتنا قائلين: «لتكن مشيئة الرب».
أعمال الرسل 21 : 7 ل 14
تحذير آخر المرة دي من نبي اسمه أغابوس قال بوضوح إن بولس هايتقبض عليه في أورشليم
بولس برضه صمم على الذهاب رغم حزن تلاميذه لأنها إرادة ربنا إنه يروح أورشليم و هو كخادم مش مهم بالنسبة له نفسه، المهم يكمل رسالته في الكرازة بربنا يسوع
أورشليم
المحطة الأخيرة في الرحلة
وبعد تلك الأيام تأهبنا وصعدنا إلى أورشليم. وجاء أيضا معنا من قيصرية أناس من التلاميذ ذاهبين بنا إلى مناسون، وهو رجل قبرسي، تلميذ قديم، لننزل عنده.
ولما وصلنا إلى أورشليم قبلنا الإخوة بفرح. وفي الغد دخل بولس معنا إلى يعقوب، وحضر جميع المشايخ فبعد ما سلم عليهم طفق يحدثهم شيئا فشيئا بكل ما فعله الله بين الأمم بواسطة خدمته. فلما سمعوا كانوا يمجدون الرب.
أعمال الرسل 21 : 15 ل 20
وصل بولس أورشليم ... و حكى للرسل على الأخبار المفرحة و قبول الكرازة، فرحوا جداً
بكده انتهت الرحلة التبشيرية التالتة ... حصل بعد كده موقف أثار اليهود على القديس بولس و خلاهم يقبضوا عليه ... زي ما نقرا في باقي سفر أعمال الرسل
دروس من الرحلة
من البداية كده القديس بولس بدأ الرحلة لوحده و سواء ده كان بترتيب أو لانشغال رفاقه (برنابا و سيلا و تيموثاوس و لوقا)، ده ماقللش من حماسه خدمتي مش مرتبطة بتواجد و تشجيع الأصدقاء و الأحباء أنا لي رسالة المفروض أعملها في كل الظروف
القديس أبلّوس يعلمنا حاجتين:
التواضع: إنه قَبِل توجيه أكيلا و بريسكلا و تصحيح إيمانه
التوجيه و ليس الرفض: لما الكنيسة شافت إنه خادم أمين لكن إيمانه مش مظبوط، قوّمت له إيمانه لكن بدون رفض له أو إنهاء لخدمته
قوة الصلاة ليست في كلامها بل الإيمان اللي في القلب اللي بيصلي
لما حاول بعض اليهود يخرجوا شياطين باسم السيد المسيح (ككلمات سحرية بدون إيمان) غلبهم الشيطان أحيان كتير نلاقي حالات من الثورة و الغضب اللي مالوش أي داعي، و الناس تنقاد له بدون وعي زي اللي حصل في أفسس ساعتها لازم الكلام و التفكير يكون بحكمة زي ما عمل إسكندر، عشان نحكم: هل القضية تستحق هذا الغضب؟ ولا إحنا ننساق كالغنم بدون وعي؟
الخادم الأمين اللي له رسالة لازم يبقى هدفه يكملها من غير ما يفكر في نفسه
القديس بولس كان عارف إن في أورشليم هايُضطهد و يُقبض عليه، لكن صمم يروح و يكمل رسالته
المزيد
10 يوليو 2024
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية التانية
القديس بولس الرسول من أعظم و أقوى الرسل و المبشرين في تاريخ كنيستنا الكارز اللي لف العالم كله تقريباً و فتح كنايس في أماكل كتير جداً القديس بولس له 3 رحلات تبشيرية تعالوا نشوف تاني رحلة فيهم: خط السير (و المدن اللي عدّى عليها) و مين كان معاه و إيه اللي حصل في كل مدينة؟
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية التانية
بطاقة الرحلة
زمن الرحلة:
بدأت الرحلة حوالي سنة 50م و استمرت 3 سنين
موجودة فين؟
في سفر أعمال الرسل إصحاح 15 ل 18
مين كان مع بولس؟
القديس سيلا و انضم ليهم القديس لوقا و القديس تيموثاوس
خط السير:
البداية من أنطاكية زي الرحلة الأولى خرج بولس مع سيلا بالبر إلى (إقليم غلاطية) أيقونية و دربة و لسترة (افتقاد الكنايس اللي عملوها في الرحلة الأولى) و هناك انضم لهم تيموثاوس كمّلوا للآخر خالص ل ترواس و هناك انضم لهم لوقا بالبحر إلى أوروبا (اليونان و مقدونيا)عودة بالبحر إلى أفسس منها بالبحر إلى أورشليم العودة برّاً إلى أنطاكية من أورشليم
تفاصيل الرحلة
سوريا
البداية: أنطاكية مع سيلا ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا: «لنرجع ونفتقد إخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب، كيف هم» فأشار برنابا أن يأخذا معهما أيضا يوحنا الذي يدعى مرقس، وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما من بمفيلية ولم يذهب معهما للعمل، لا يأخذانه معهما فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر. وبرنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرس. وأما بولس فاختار سيلا وخرج مستودعا من الإخوة إلى نعمة الله فاجتاز في سورية وكيليكية يشدد الكنائس.
أعمال الرسل 15 : 36 ل 41
بعد الرحلة التبشيرية الأولى ، اجتمع الرسل في أورشليم بسبب بدعة ظهرت في أنطاكية اسمها بدعة التهوّد (ناس من اليهود اللي بقوا مسيحيين بيقولوا إن عشان أي حد من الأمم يصبح مسيحي، لازم يصبح يهودي الأول و يختتن) و حصل مجمع أورشليم ، اللي شارك فيه بولس و برنابا و حكوا المعجزات اللي حصلت معاهم و قبول الأمم للإيمان و استقر رأي الكنيسة على خطاً هذه البدعة
و الكنيسة الأم (أورشليم) أرسلت يهوذا و سيلا مع بولس و برنابا عشان يقولوا لكنيسة أنطاكية إن ده رأي الكنيسة الأم في البدعة دي و القديس سيلا بقى في أنطاكية بعد كده القديس بولس قال لمعلّمه القديس برنابا: نرجع نفتقد كنائس الرحلة الأولى
و القديس برنابا قال: ماشي و ناخد معانا مرقس و حصل بينهم اختلاف في وجهات النظر: القديس بولس شاف إن مرقس ماكمّلش الرحلة اللي فاتت فمافيش داعي ييجي معاهم الحقيقة القديس برنابا كان أحكم هنا شاف إن القديس مرقس يستحق فرصة تانية في الخدمة مش معنى إنه كَشّ في مرة يبقى خلاص
و طبعاً ده كان في خير الكنيسة القديس بولس راح هو و القديس سيلا لكنائس تركيا بينما القديس برنابا و القديس مرقس راحوا لكنائس قبرص
تركيا
دربة و لسترة
ثم وصل إلى دربة ولسترة، وإذا تلميذ كان هناك اسمه تيموثاوس، ابن امرأة يهودية مؤمنة ولكن أباه يوناني،وكان مشهودا له من الإخوة الذين في لسترة وإيقونية فأراد بولس أن يخرج هذا معه، فأخذه وختنه من أجل اليهود الذين في تلك الأماكن، لأن الجميع كانوا يعرفون أباه أنه يوناني وإذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في أورشليم ليحفظوها. فكانت الكنائس تتشدد في الإيمان وتزداد في العدد كل يوم.
أعمال الرسل 16 : 1 ل 5
راح بولس و سيلا لتركيا الأماكن اللي فيها كنايس من الرحلة التبشيرية الأولى يفتقدوا الكنايس هناك و يقولوا لهم على خطأ بدعة التهوّد و الكنايس كانت بتزيد في الإيمان و في لسترة شافوا القديس تيموثاوس شاب صغير من أم يهودية مؤمنة و أب يوناني .. و القديس بولس لما شاف إيمانه و استعداده للخدمة قرّر ياخده معاهم و ختنه عشان يقدر يدخل و يكرز معاهم في مجامع اليهود
ترواس
وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية، منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في أسيا فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينية، فلم يدعهم الروح فمروا على ميسيا وانحدروا إلى ترواس.
أعمال الرسل 16 : 6 ل 8
بعد كنايس الرحلة الأولى، قرر الرسل يروحوا يبشّروا في أماكن جديدة ... مشيوا أكتر في تركيا
لكن نسمع حاجة غريبة جداً: الروح القدس منعهم من الكلام في الأماكن دي ... كانوا هايكمّلوا أماكن تانية في آسيا، لكن الروح القدس قال لهم يروحوا ترواس (على الحدود بين تركيا و اليونان)
و هناك، نفهم بعد كده من تحوّل لغة الغائب (مرّوا، ذهبوا) إلى لغة الحاضر (أقلعنا)، إن القديس لوقا الطبيب كاتب سفر أعمال الرسل انضم ليهم من هناك
اليونان
فيلبي ... ليديا و السجن
وظهرت لبولس رؤيا في الليل: رجل مكدوني قائم يطلب إليه ويقول: «اعبر إلى مكدونية وأعنا!». فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية، متحققين أن الرب قد دعانا لنبشرهم فأقلعنا من ترواس وتوجهنا بالاستقامة إلى ساموثراكي، وفي الغد إلى نيابوليس. ومن هناك إلى فيلبي، التي هي أول مدينة من مقاطعة مكدونية، وهي كولونية. فأقمنا في هذه المدينة أياما وفي يوم السبت خرجنا إلى خارج المدينة عند نهر، حيث جرت العادة أن تكون صلاة، فجلسنا وكنا نكلم النساء اللواتي اجتمعن فكانت تسمع امرأة اسمها ليدية، بياعة أرجوان من مدينة ثياتيرا، متعبدة لله، ففتح الرب قلبها لتصغي إلى ما كان يقوله بولس فلما اعتمدت هي وأهل بيتها طلبت قائلة: «إن كنتم قد حكمتم أني مؤمنة بالرب، فادخلوا بيتي وامكثوا». فألزمتنا وحدث بينما كنا ذاهبين إلى الصلاة، أن جارية بها روح عرافة استقبلتنا. وكانت تكسب مواليها مكسبا كثيرا بعرافتها. هذه اتبعت بولس وإيانا وصرخت قائلة: «هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي، الذين ينادون لكم بطريق الخلاص». وكانت تفعل هذا أياما كثيرة. فضجر بولس والتفت إلى الروح وقال: «أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها!». فخرج في تلك الساعة.
فلما رأى مواليها أنه قد خرج رجاء مكسبهم، أمسكوا بولس وسيلا وجروهما إلى السوق إلى الحكام. وإذ أتوا بهما إلى الولاة، قالوا: «هذان الرجلان يبلبلان مدينتنا، وهما يهوديان، ويناديان بعوائد لا يجوز لنا أن نقبلها ولا نعمل بها، إذ نحن رومانيون» فقام الجمع معا عليهما، ومزق الولاة ثيابهما وأمروا أن يضربا بالعصي. فوضعوا عليهما ضربات كثيرة وألقوهما في السجن، وأوصوا حافظ السجن أن يحرسهما بضبط وهو إذ أخذ وصية مثل هذه، ألقاهما في السجن الداخلي، وضبط أرجلهما في المقطرة ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله، والمسجونون يسمعونهما فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت أساسات السجن، فانفتحت في الحال الأبواب كلها، وانفكت قيود الجميع ولما استيقظ حافظ السجن، ورأى أبواب السجن مفتوحة، استل سيفه وكان مزمعا أن يقتل نفسه، ظانا أن المسجونين قد هربوا. فنادى بولس بصوت عظيم قائلا: «لا تفعل بنفسك شيئا رديا! لأن جميعنا ههنا!». فطلب ضوءا واندفع إلى داخل، وخر لبولس وسيلا وهو مرتعد، ثم أخرجهما وقال: «يا سيدي، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟» فقالا: «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك». وكلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب. فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسلهما من الجراحات، واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون. ولما أصعدهما إلى بيته قدم لهما مائدة، وتهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله ولما صار النهار أرسل الولاة الجلادين قائلين: «أطلق ذينك الرجلين». فأخبر حافظ السجن بولس بهذا الكلام أن الولاة قد أرسلوا أن تطلقا، فاخرجا الآن واذهبا بسلام. فقال لهم بولس: «ضربونا جهرا غير مقضي علينا، ونحن رجلان رومانيان، وألقونا في السجن. أفالآن يطردوننا سرا؟ كلا! بل ليأتوا هم أنفسهم ويخرجونا». فأخبر الجلادون الولاة بهذا الكلام، فاختشوا لما سمعوا أنهما رومانيان.
فجاءوا وتضرعوا إليهما وأخرجوهما، وسألوهما أن يخرجا من المدينة. فخرجا من السجن ودخلا عند ليدية، فأبصرا الإخوة وعزياهم ثم خرجا.
أعمال الرسل 16 : 9 ل 40
فهموا ليه الروح القدس كان مانعهم من التبشير في آسيا ... رؤيا لبولس من راجل مكدوني بيقول له يبشّر عندهم راح الرسل مدينة فيلبي و هي أول مدينة كبيرة في أوروبا ... و كانت مستعمَرة رومانية
و بدأوا التبشير ... و المعروف إن اليهود المغتربين كانوا بيجلسوا و يصلّوا عند المياه (لو مافيش مجمع يهودي في المدينة)وجدوا فعلاً سيدات عند النهر و بشّروهم الغريب إن أول من آمن هي القديسة ليديا ... بائعة أرجوان من مدينة تانية بعيدة اسمها ثياتيرا ... و مكانتش حتى يهودية بل كانت من الأمم اللي مش يهود بس بيتّقوا إله اليهود ده معنى كلمة: متعبّدة لله أو خائف الله (اللي قيلت على كرنيليوس في أعمال 10) طبعاً الرسل مكانش عندهم بيت ولا أموال ... فساعدتهم ليديا و استضافتهم و هم بيكمّلوا بشارة، كان فيه بنت جارية غلبانة عليها روح شيطان ... كان الشيطان اللي عليها بيوهم الناس بالتنبّؤ بالمستقبل .. فسادتها كانوا بيكسبوا من وراها و الشيطان ده صرخ إن دول رسل الله الحي ... و كان بيزعجهم و يعطّل خدمتهم (زي ما حصل مع ربنا يسوع) ... فانتهره بولس و أخرجه من الجارية
لما سادتها شافوا كده ... بدل ما يفرحوا للبنت الغلبانة إن الشيطان خرج منها ... غضبوا جداً لأن ده معناه خسارة مادية ليهم و كانوا ناس ذوي شأن في المدينة فهيّجوا الرؤساء و الشعب على الرسل ... ضربوهم و ألقوهم في السجن دون أي تهمة واضحة و هناك حصلت المعجزة اللي كلنا عارفينها و بنحبّها ... ناس مضروبة و مظلومة و مسجونة و مربوطة، بدل ما تشكي و تصرخ ... بيصلوا و يسبّحوا ربنا (تسبيح = شكر و فرح) طبيعي طبعاً يتزلزل المكان :) .. انفتحت كل الأبواب و انفكت كل القيود
الغريب إن بولس و سيلا ماهربوش ... و الأغرب إن كل المساجين ماهربوش!! أكيد اندهشوا تماماً بهؤلاء الناس المسبّحين الرائعين لما حافظ السجن صحي من الزلزلة و لقى الأبواب مفتوحة كان هاينتحر لأن الرومان مش بيهزّروا في الحاجات دي ... كان العقاب اللي هايحلّ بيه و العار بأسرته كبير جداً القديس بولس طمّنه إن ماحدّش هرب (بدل ما يسيبه يهلك) ... و قصاد المحبة و القدرة و المعجزة دي، آمن في الحال ... و استضافهم في بيته الليلة دي ... و عمّدوه هو و أهل بيته لما طلع النهار، جت المشكلة ... الرسل مش في السجن ... إزاي حافظ السجن هايبرّر الموقف ده؟!
حصلت المعجزة التانية: قرار بالإفراج عن الرسل بولس و سيلا قالوا لهم إنهم هم كمان رومان (يعني كان ممكن جداً يتفادوا كل البهدلة دي، لأنع لا يجوز ضرب المواطن الروماني أو سجنه بالطريقة دي بدون تهمة أو محاكمة) خرجوا من السجن و طمأنوا ليديا و جماعو المؤمنين ... بعد كده سابوا فيلبي
طبعاً كنيسة فيلبي ليها معزة خاصة عند القديس بولس الرسول (و العكس صحيح كمان) ... و القديس بولس كتب لهم رسالة فيها كل اللي في قلبه لما أرسلوا له واحد منهم بمعونة و هو مسجون نقدر نقرا ملخص رسالة القديس بولس لفيلبي هنا
تسالونيكي - الكنيسة الثابتة رغم الاضطهاد
فاجتازا في أمفيبوليس وأبولونية، وأتيا إلى تسالونيكي، حيث كان مجمع اليهود. فدخل بولس إليهم حسب عادته، وكان يحاجهم ثلاثة سبوت من الكتب، موضحا ومبينا أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات، وأن: هذا هو المسيح يسوع الذي أنا أنادي لكم به فاقتنع قوم منهم وانحازوا إلى بولس وسيلا، ومن اليونانيين المتعبدين جمهور كثير، ومن النساء المتقدمات عدد ليس بقليل فغار اليهود غير المؤمنين واتخذوا رجالا أشرارا من أهل السوق، وتجمعوا وسجسوا المدينة، وقاموا على بيت ياسون طالبين أن يحضروهما إلى الشعب. ولما لم يجدوهما، جروا ياسون وأناسا من الإخوة إلى حكام المدينة صارخين: «إن هؤلاء الذين فتنوا المسكونة حضروا إلى ههنا أيضا. وقد قبلهم ياسون. وهؤلاء كلهم يعملون ضد أحكام قيصر قائلين: إنه يوجد ملك آخر: يسوع!»
فأزعجوا الجمع وحكام المدينة إذ سمعوا هذا. فأخذوا كفالة من ياسون ومن الباقين، ثم أطلقوهم.
أعمال الرسل 17 : 1 ل 9
وصلوا مدينة تسالونيكي و بشّروا فيها 3 أسابيع في المجمع اليهودي و آمن فعلاً يهود كتير و يونانيين كتيرلكن للأسف اليهود الغير مؤمنين هيّجوا المدينة ضد اللي آمنوا و ضد الرسل ... و اضطهدوا بعض المؤمنين زي ياسون كان واضح من الأول إن كنيسة تسالونيكي هاتقابل اضطهاد شديد ... و ده بان في الرسالتين اللي أرسلهم القديس بولس لهم نقدر نقرا ملخص الرسالة التانية لتسالونيكي هنا
بيرية - اليهود الشرفاء
وأما الإخوة فللوقت أرسلوا بولس وسيلا ليلا إلى بيرية. وهما لما وصلا مضيا إلى مجمع اليهود.
وكان هؤلاء أشرف من الذين في تسالونيكي، فقبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم: هل هذه الأمور هكذا؟ فآمن منهم كثيرون، ومن النساء اليونانيات الشريفات، ومن الرجال عدد ليس بقليل.
فلما علم اليهود الذين من تسالونيكي أنه في بيرية أيضا نادى بولس بكلمة الله، جاءوا يهيجون الجموع هناك أيضا فحينئذ أرسل الإخوة بولس للوقت ليذهب كما إلى البحر، وأما سيلا وتيموثاوس فبقيا هناك.
أعمال الرسل 17 : 10 ل 14
راحوا مدينة بيرية ... و سكانها كانوا شرفاء ... فتّشوا و آمنوا لكن اليهود الغير مؤمنين جم من تسالونيكي عشان يمنعوا الرسل من الكرازة بقي سيلا و تيموثاوس في بيرية ... بينما سبق بولس إلى أثينا
أثينا - حكمة الله و ليس حكمة الناس والذين صاحبوا بولس جاءوا به إلى أثينا. ولما أخذوا وصية إلى سيلا وتيموثاوس أن يأتيا إليه بأسرع ما يمكن، مضوا وبينما بولس ينتظرهما في أثينا احتدت روحه فيه، إذ رأى المدينة مملؤة أصناما. فكان يكلم في المجمع اليهود المتعبدين، والذين يصادفونه في السوق كل يوم فقابله قوم من الفلاسفة الأبيكوريين والرواقيين، وقال بعض: «ترى ماذا يريد هذا المهذار أن يقول؟» وبعض: «إنه يظهر مناديا بآلهة غريبة». لأنه كان يبشرهم بيسوع والقيامة. فأخذوه وذهبوا به إلى أريوس باغوس، قائلين: «هل يمكننا أن نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلم به. لأنك تأتي إلى مسامعنا بأمور غريبة، فنريد أن نعلم ما عسى أن تكون هذه». أما الأثينويون أجمعون والغرباء المستوطنون، فلا يتفرغون لشيء آخر، إلا لأن يتكلموا أو يسمعوا شيئا حديثا فوقف بولس في وسط أريوس باغوس وقال: «أيها الرجال الأثينويون! أراكم من كل وجه كأنكم متدينون كثيرا،لأنني بينما كنت أجتاز وأنظر إلى معبوداتكم، وجدت أيضا مذبحا مكتوبا عليه: «لإله مجهول». فالذي تتقونه وأنتم تجهلونه، هذا أنا أنادي لكم به. الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه، هذا، إذ هو رب السماء والأرض، لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي،ولا يخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء، إذ هو يعطي الجميع حياة ونفسا وكل شيء.وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض، وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم، لكي يطلبوا الله لعلهم يتلمسونه فيجدوه، مع أنه عن كل واحد منا ليس بعيدا لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد. كما قال بعض شعرائكم أيضا: لأننا أيضا ذريته. فإذ نحن ذرية الله، لا ينبغي أن نظن أن اللاهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة واختراع إنسان فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا، متغاضيا عن أزمنة الجهل. لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجل قد عينه، مقدما للجميع إيمانا إذ أقامه من الأموات» ولما سمعوا بالقيامة من الأموات كان البعض يستهزئون، والبعض يقولون: «سنسمع منك عن هذا أيضا!». وهكذا خرج بولس من وسطهم ولكن أناسا التصقوا به وآمنوا، منهم ديونيسيوس الأريوباغي، وامرأة اسمها دامرس وآخرون معهما.
أعمال الرسل 17 : 15 ل 34
محطة صعبة جداً: أثينا ... مدينة الفلسفة طبعاً منطقياً لما تقول لناس كل همّها الإقناع العقلي و المادي إن ربنا قام من الأموات و هايدين الناس بالعدل، يبقى أملك في إقناعهم بالعقل قليل ... خصوصاً مع كُتر الآلهة اللي عندهم، الرسالة شكلها مش هاتيجي على هواهم لكن القديس بولس كان بيكرز بحكمة الله مش بحكمة البشر ... لم يستحي بالإنجيل ... و ماخبّاش الحتة دي في كلامه و آمن فعلاً ناس بالبشارة، منهم ديونيسيوس اللي كان عالم كبير المقام و الحكمة في المجمع اليوناني (أريوس باغوس)
كورنثوس - أكيلا و بريسكلا ... و كنيسة مُتعِبة وبعد هذا مضى بولس من أثينا وجاء إلى كورنثوس، فوجد يهوديا اسمه أكيلا، بنطي الجنس، كان قد جاء حديثا من إيطالية، وبريسكلا امرأته، لأن كلوديوس كان قد أمر أن يمضي جميع اليهود من رومية، فجاء إليهما. ولكونه من صناعتهما أقام عندهما وكان يعمل، لأنهما كانا في صناعتهما خياميين وكان يحاج في المجمع كل سبت ويقنع يهودا ويونانيين. ولما انحدر سيلا وتيموثاوس من مكدونية، كان بولس منحصرا بالروح وهو يشهد لليهود بالمسيح يسوع. وإذ كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم: «دمكم على رؤوسكم! أنا بريء. من الآن أذهب إلى الأمم» فانتقل من هناك وجاء إلى بيت رجل اسمه يوستس، كان متعبدا لله، وكان بيته ملاصقا للمجمع. وكريسبس رئيس المجمع آمن بالرب مع جميع بيته، وكثيرون من الكورنثيين إذ سمعوا آمنوا واعتمدوا.
فقال الرب لبولس برؤيا في الليل: «لا تخف، بل تكلم ولا تسكت، لأني أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك، لأن لي شعبا كثيرا في هذه المدينة» فأقام سنة وستة أشهر يعلم بينهم بكلمة الله. ولما كان غاليون يتولى أخائية، قام اليهود بنفس واحدة على بولس، وأتوا به إلى كرسي الولاية قائلين: «إن هذا يستميل الناس أن يعبدوا الله بخلاف الناموس» وإذ كان بولس مزمعا أن يفتح فاه قال غاليون لليهود: «لو كان ظلما أو خبثا رديا أيها اليهود، لكنت بالحق قد احتملتكم. ولكن إذا كان مسألة عن كلمة، وأسماء، وناموسكم، فتبصرون أنتم. لأني لست أشاء أن أكون قاضيا لهذه الأمور». فطردهم من الكرسي. فأخذ جميع اليونانيين سوستانيس رئيس المجمع، وضربوه قدام الكرسي، ولم يهم غاليون شيء من ذلك.
أعمال الرسل 18 : 1 ل 17
محطة أصعب: كورنثوس ... المدينة العنيدة
في الأول بولس لقى 2 شرفاء: أكيلا و زوجته بريسكلا (يهود من إيطاليا) .. و آمنوا بالسيد المسيح
كالعادة القديس بولس بشّر في مجمع اليهود ... لكن رد فعلهم كان وِحِش و قاوموا الكرازة
بدأ بولس يبشّر الأمم ... و كتير منهم آمنوا بالكرازة يظهر إن بولس كان عايز يسيب كورنثوس بدري ... لكن ربنا ظهر له و قال له يفضل هناك شوية ... و مايخافش، ماحدّش هايؤذيه ... و فِضِل هناك سنة و نص (مدة طويلة جداً بالنسبة للمدن التانية) طبعاً اليهود لم يسكتوا بل زادوا في الاضطهاد أكتر و أكتر
كورنثوس كانت أصعب محطة في كل محطات القديس بولس ... مدينة محاصرة بين الأفكار الوثنية و الإباحية (كميناء كبير بيلمّ من كل الثقافات) و بين يهود بيضطهدوا الكرازة لكن القديس بولس قدر يبني كنيسة هناك من الأمم المؤمنين مش اليهود ... و كتب لهم رسالتين عشان يفكّرهم بكرازته ليهم عشان إيمانهم لا يتزعزع أو يعودوا إلى ما كانوا عليه
أنطاكية
العودة إلى أنطاكية
وأما بولس فلبث أيضا أياما كثيرة، ثم ودع الإخوة وسافر في البحر إلى سورية، ومعه بريسكلا وأكيلا، بعدما حلق رأسه في كنخريا لأنه كان عليه نذر فأقبل إلى أفسس وتركهما هناك. وأما هو فدخل المجمع وحاج اليهود. وإذ كانوا يطلبون أن يمكث عندهم زمانا أطول لم يجب. بل ودعهم قائلا: «ينبغي على كل حال أن أعمل العيد القادم في أورشليم. ولكن سأرجع إليكم أيضا إن شاء الله». فأقلع من أفسس.
ولما نزل في قيصرية صعد وسلم على الكنيسة، ثم انحدر إلى أنطاكية. وبعدما صرف زمانا خرج واجتاز بالتتابع في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ.
أعمال الرسل 18 : 18 ل 23
و بدأ طريق العودة من اليونان لآسيا تاني عن طريق أفسس المدينة اللي قبلت البشارة و كتب لهم بولس الرسول رسالة بعد كده (من ضمنها جزء"أسألكم أنا الأسير في الرب" اللي بنقراه في مقدمة صلاة باكر كل يوم)بعد كده راح أورشليم يسلّم على الآباء الرسل بعد كده رجع كنيسته في أنطاكية
دروس من الرحلة
1- الفرصة التانية لو مكانش القديس برنابا أعطى القديس مرقس فرصة تانية للخدمة، ماكنّاش هانسمع تاني عن هذا الرسول العظيم اللي بشّرنا حتى لو الخادم مانجحش في الأول، مش معنى كده إننا نحكم عليه بالفشل نصبر و ندّي فرصة تانية و تالتة.
2- ساعات كتير ممكن ربنا يسدّ في وجوهنا طرق خدمة عايزين نعملها ... عشان يفتح لنا باب خدمة تانية تحتاجنا و تناسبنا أكتر زي ما حصل مع الرسل لما منعهم الروح يكمّلوا تبشير في آسيا عشان الكرازة تبدأ توصل أوروبا.
3- كتير بنفتكر إننا ناس روحانيين و كويسين و بنحب ربنا لما نتجمع و نسبّح في الكنيسة و بنكون مبسوطين و فرحانين لكن المقياس الحقيقي للحب، و أحلى تسبحة، هي اللي بتطلع من واحد تعبان و في ضيقة كبيرة جداً يا ريت نتعلم نسبّح في الضيفات زي بولس و سيلا في سجن فيلبي.
4- مهم إننا لما نكلّم الناس عن ربنا، نكلّم كل واحد بلُغنه و مستواه و لكن: الأساس في الإيمان هو هو ربنا يسوع مات و قام و هايدين المسكونة بالعدل اللي هايؤمن هايخلص و اللي مش هايؤمن هايُدان
ماينفعش عشان نكسب الناس نخبّي أي مفهوم من المفاهيم دي نتعلّم من اللي عمله القديس بولس في أثينا.
5- فيه خدمات ممكن فرصتها تيجي قدامنا بالصدفة من غير تخطيط لازم الخدمات دي نعملها عشان دي فرص عظيمة زي كرازة بولس لأهل أفسس هو عدّى عليها بس عشان هي أقرب مدينة من اليونان لكن لما دخل و كرز فيها آمن من أهلها ناس كتير.
المزيد
06 يوليو 2024
معجزة إشباع الجموع
معجزة إشباع الجموع الكثيرة التي كانت تتبع الرب، تكرَّرت مرتين متتاليتين: في الأولى: أشبع الرب خمسة آلاف رجـل عدا النساء والأولاد من خمسة أرغفة وسمكتين (مت 14: 14-21؛ مر 6: 30-44؛ لو 9: 10-17؛ يو 6: 5-14)؛ وفي الثانية: أشبع أربعة آلاف رجل عـدا النساء والأولاد مـن سبعـة أرغفـة وبعض صغـار السمك (مـت 15: 32-38؛ مـر 8: 1-9) وفيما يتعلَّق بالمعجزة الأولى - التي نحن بصددها - نُلاحِظ أن النصوص المذكورة في الأناجيل الثلاثة المتناظرة، وإنْ اكتفت بذِكْر المعجزة كإعلان عن لاهوت المسيح وكمال قدرته على إشباع الروح والجسد، تتميَّز بتفاصيل سبقت إجراء المعجزة لم يذكرها إنجيل القديس يوحنا الذي تنفرد روايته بما قاله الرب في اليوم التالي للجموع، وكَشَفَ عن البُعْد الأعمق للمعجزة التي أجراها، ناقلاً فكر الناس من الاهتمام بخبز الجسد إلى شخص يسوع ”الخبز الحي الذي نزل من السماء الذي مَن يأكله يحيا إلى الأبد“ (يو 6: 51).
+ ما قبل المعجزة:
من القراءة المقابلة في البشائر الثلاث الأولى، خاصة إنجيل معلِّمنا مرقس، نعرف أن التلاميذ، بعد أن عادوا من خدمتهم الكرازية، اجتمعوا إلى يسوع يُخبرونه: «بكل شيء، كل ما فعلوا وكل ما علَّموا» (مر 6: 30). بعدها قال لهم الرب مُشفِقاً أن يأتوا معه منفردين ليستريحوا قليلاً خاصة أنه لم تتيسَّر لهم فرصة لأن يأكلوا لكثرة الجموع الآتين والذاهبين. فأبحروا بالسفينة من كفرناحوم إلى موضع خلاء خارج مدينة بيت صيدا. على أنَّ الجموع رأوهم ينطلقون وعرفوا وِجهتهم، فتراكضوا إلى هناك حتى سبقوهم وتجمَّعوا في انتظارهم. وما أن وصلت السفينة وخرج يسوع حتى أبصر جمعاً كبيراً. ولكن الرب، رغم أنه قد جاء مع تلاميذه إلى هنا ليختلوا ويستريحوا، لم ينزعج بل قَبِلَهم وتحنَّن عليهم، إذ كان يراهم «كخراف لا راعي لها» (مر 6: 34). وبدأ بأن شفى مرضاهم، وأَخَذَ يُعلِّمهم طويلاً عن ملكوت الله لما ابتدأ النهار يميل، تقدَّم الاثنا عشر من الرب وسألوه أن يصرف الجموع، تخلُّصاً من هذا العبء الذي لا طاقة لهم به، لكي يمضوا إلى الضياع والقرى من حولهم ليبيتوا (فكثيرون منهم قادمون من مدن بعيدة للاحتفال بعيد الفصح القريب) وليبتاعوا لهم طعاماً، فالموضع الذي هم فيه خلاء وبعيد عن العمران. فقال لهم يسوع: لا حاجة لهم أن يمضوا «أعطوهم أنتم ليأكلوا» (مت 14: 16؛ مر 6: 37؛ لو 9: 13) وفي قول الرب هذا دعوة لكل المؤمنين أن يسدّوا إعواز المحتاجين كخدمة إيمانية مسيحية وليست اجتماعية، وهو بهذا يُتيح لنا أن ننال بركة برغم أننا لا نملك ما نُعطيه، مُتمثِّلين بالملك داود الذي قال في آخر كلماته لشعبه: «لأنَّ منك الجميع، ومِن يدك أعطيناك» (1أي 29: 14)، كما أنها في المقام الأول دعوة للكنيسة أن تُقدِّم الغذاء الروحي في الكرازة بكلمة الله، وأيضاً أن نُمارِس أعمال الرحمة مع إخوة المسيح الأصاغر كما كان يفعل السيِّد.
+ حوار مع فيلبُّس وأندراوس:
ينفرد إنجيل القديس يوحنا بدوره بهذا الحوار السابق على المعجزة، فنجد الرب، وهو بالطبع عالِم بما قد عزم على فعله، يُخاطب فيلُبُّس ليمتحنه ويُتيح له فرصة ليدعم إيمانه، فيسأله: «مِن أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء (الآلاف)؟». في إجابته يُضيف فيلبُّس إلى مشكلة ”مِن أين؟“ صعوبة جديدة بقوله: «لا يكفيهم خبزٌ بمئتَي دينار ليأخذ كل واحد منهم شيئاً يسيراً»!
هنا قال الرب مُفصِحاً عمَّا ينوي عمله: ”كم رغيفاً عندكم. اذهبوا وانظروا“. ولما سمع أندراوس أَخَذَ يجول هنا وهناك باحثاً عن أرغفة، بعدها قال «هنا غُلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان»، ولكنه أضاف مُعبِّراً عن خيبة أمله: «ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟» كما نرى، فإيمان أندراوس لم يختلف كثيراً عن إيمان فيلبُّس الذي - رغم المعجزات - لم يبلغ إلى مستوى التجربة. فالحسابات العقلية هي ضد الإيمان، والإيمان بشخص المسيح يتجاوز حدود العقل والمنطق، وإلاَّ لا يكون إيماناً. وفي قصد الرب، وهو مزمِع أن يصنع آيته العظيمة أمام تلاميذه، أن يُنهِض إيمانهم ليروا بأعينهم قدرته التي ستُساندهم في مستقبل الأيام عندما يبدأون كرازتهم للعالم كله.
+ الرب يُبارك في القليل فيُشبع الجميع:
ولكن ما كان في نظر أندراوس كأنه لا شيء، هو ما رآه الرب كافياً لكي يبدأ به. وهكذا لما خاب مسعى الجميع وأعلنوا عجزهم، تأهَّب الرب للعمل قائلاً: «ائتوني بها (الخبزات والسمكتين) إلى هنا» (مت 14: 18)، وأمَرَ التلاميذ أن يُتْكِئوا الجميع على العُشب صفوفاً صفوفاً (أو رفاقـاً رفاقـاً) مئة مئة وخمسين خمسين. ففعلوا كما أمرهم الرب، وأخذ الأرغفة والسمكتين: «ورَفَعَ نظره نحو السماء (وشَكَرَ) وبـاركهُنَّ، ثم كسَّر وأعطى التلاميذ ليُقدِّموا للجمع» (لـو 9: 16) «بقدر ما شاءوا» (يو 6: 11) فالخبز والسمك كان يتضاعف بين يدَي الرب، والتلاميذ كانوا يأتون ويأخذون ويوزِّعون على الناس، والطعام لم ينفد حتى أكل الجميع وشبعوا (مت 14: 20؛ 15: 37؛ مر 6: 42؛ 8: 8) نحن نرى التكاثُر في الطبيعة كأحد مظاهر الحياة. فالبذرة تنمو إلى شجرة، وحبة الحنطة تنمو إلى سنابل تمتلئ بحبَّات القمح، وسمكة واحدة يمكن أن تُنتج الآلاف. على أنَّ هذا كله يتطلَّب الوقت والموسم المناسب. ولكن الرب كثَّر خبزاً وسمكاً بما يكفي الآلاف بكلمة منه، فهو الذي «الكل به قد خُلِقَ» (كو 1: 16). والجموع بعد أن تمتَّعت بكلمة الله، ونالت الشفاء، شبعت أيضاً بالطعام حتى امتلأت، والتلاميذ نما إيمانهم بمعلِّمهم واشتركوا في البركة ونالوا امتياز العمل مع الرب (1كو 3: 9).
+ ”اجمعوا الكِسَر“:
في النهاية قال الرب لتلاميذه: «اجمعوا الكِسَر الفاضلة لكي لا يضيع شيء»، فرفعوا منها «اثنتي عشرة قفة مملوءة» (مت 14: 20؛ مر 6: 43). والرب قصد أن نقبل ونُقدِّر كل عطاياه، كثيرها وقليلها. والمهتم بالكِسَر سوف يعتني بالطبع بما هو كامل وكثير. كما أنَّ الكِسَر الصغيرة لما اجتمعت معاً ملأَت اثنتي عشرة قفة. «فالأمين في القليل يُقيمه الله على الكثير» (مت 25: 23،21)، وبقايا الطعام ليست تافهة فهي قد تسدُّ جوع المحتاج. والكنعانية كشفت عن إيمانها ورضاها بالموضع الأخير لمَّا ذَكَرَت أنَّ «الكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها» (مت 15: 27)، ففازت بأن أَخَذَت مِن فم الرب شفاء ابنتها. ومُعلِّمنا بولس يكتب: «تعلَّمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه... في جميع الأشياء قد تدرَّبتُ أن أشبع وأن أجوع، وأن أستفضل وأن أنقُص. أستطيع كل شيء في المسيح الذي يُقوِّيني» (في 4: 11-13).
+ النبي، الملك، المُخلِّص:
الآية الأخيرة في فصل الإنجيل تقول: «فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: ”إنَّ هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم“» (يو 6: 14). ففي أجواء عيد الفصح، الذي كان على الأبواب، استعادت الجموع ذِكْرى تدخُّل الله لإنقاذهم وإخراجهم من مصر، ورأوا في يسوع الذي أشبعهم تحقيقاً لوعد الله القديم على فم موسى أن يُقيم لهم «نبيّاً من إخوتهم» (تث 18: 18). على أنهم، وهم ملتصقون بالأرض، لم يروا فيه المخلِّص الذي ينتزعهم من موت الخطية، وإنما الملك الذي ينقذهم من سطوة المحتل واستبداد هيرودس. ووجدوا أن الظرف مُواتٍ لكي «يختطفوه ليجعلوه مَلِكاً» (يو 6: 15). وإذ يكشف الرب ما جال في خاطرهم، ينصرف حزيناً إلى الجبل وحده. فهو لم يأتِ ليأخذ مُلْكاً على الأرض، وإنما ليكون فصحاً فريداً يدخل بدم نفسه مرة واحدة إلى الأقداس ليصنع فداءً أبدياً (1كو 5: 7؛ عب 9: 12).
+ ملاحظات حول المعجزة:
1. الظروف كلها كانت مضادة. فالجمع كان بالآلاف ومطالبهم كثيرة، والمكان خلاء بعيد، والتكلفة كانت غالية وغائبة، والمتاح في اليد كان قليلاً لا يفي بشيء، كما أنَّ النهار قد بدأ يميل (بما يُشير في حياتنا إلى انحدار القوة والقدرة والعمر وتدهُّور الأحوال من معاناة الوجوه وغياب المعونة). على أنه عندما بلغ العجز أقصاه، توهَّجت قدرة الرب لإشباع الآلاف بقدر ما شاءوا. هذا يملأنا بالإيمان بالله والثقة في قدرته، خاصة عندما تتصاعب الظروف جداً ويُناوئنا الجميع أو ينفضُّون عنَّا، فهو الوقت المناسب لتدخُّل الرب، وعلينا فقط أن ننتظره واثقين.
2. لماذا استخدم الرب الخمس خبزات والسمكتين كي يُطعِم الجموع، ألم يكُن قادراً - وهو الذي أقام الموتى - أن يُنشئ طعاماً للآلاف من العدم؟ ربما كان القصد أن يؤدِّي البشر واجبهم وأن يُقدِّموا أقصى ما عندهم مهما كان قليلاً كالعبد الأمين الذي يستثمر وزناته بقدر ما أُوتي من قوة وهبات، فلا يركن إلى الكسل معتمداً كلِّياً على الله، لا لأنه يؤمن بقدرته وإنما كي يعفي نفسه من الجهد. والرب عندما وضع آدم في جنة عدن، كلَّفه ”أن يعملها ويحفظها“ (تك 2: 15). فالثمار لا تأتي عشوائياً وإنما بالغرس والسَّقْي حتى وإن كان «الله الذي يُنْمِي» (1كو 3: 7). والعبد الذي دفن وزنته في الأرض، دعاه الرب بالعبد الشرير والكسلان والبطَّال، ونفَّذ فيه عقابه (مت 25: 30،26).
3. الله قادر أن يُبارِك في القليل فيفيض. وفي القديم بارك الله - على يد إيليا - في ملء كف الدقيق والزيت القليل الذي لأرملة صرفة صيدون، فجعل الدقيق لا يفرغ والزيت لا ينقص إلى اليوم الذي نزل فيه المطر (1مل 17: 4). والأرملة التي هدَّدها دائن زوجها أن يأخذ ابنيها عبدَيْن مقابل الدين، لما استنجدت بأليشع ملأ الله أوعيتها وأوعية الجيران بالزيت فسددت دينها (2مل 4: 1-7). وفي أيام أليشع أيضاً فإنَّ عشرين رغيفاً من خبز الباكورة كفت مائة رجل «أكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب» (2مل 4: 42-44) فلنُقدِّم ما عندنا من إمكانات محدودة وهو يستثمرها لمجده. فهو قادر أن يسدَّ بعطائنا القليل إعواز الكثيرين. وهو رأى فلْسَي الأرملة أكثر ممَّا أعطى الأغنياء لأنها من إعوازها أعطت (لو 21: 1-4). وهو الذي طلب ألاَّ نحتقر الصغار (مت 18: 10)، وأنَّ مَن يُقدِّم كأس ماء بارد لا يضيع أجره (مت 10: 42) (ومثله كلمة التعزية وابتسامة التشجيع).
4. الله يتقدَّم منَّا كأنه محتاج، وهذا من نِعَمه علينا لأنه يُتيح لنا الفرصة أن نشترك معه، وأن يُقدِّس ما لنا ويستخدمه لمجد اسمه. فهو أَخَذ جسده من العذراء، والسفينة من بطرس، والأموال من يونَّا وسوسنة وغيرهما (لو 8: 3)، والأتان من صاحبه (مت 21: 3؛ مر 11: 3؛ لو 19: 31)، والعلِّية من رب البيت (مت 26: 18؛ مر 14: 15،14؛ لو 22: 14)، والقبر من يوسف الرامي (يو 19: 41) وفي حياتنا الروحية هو يفيض بنعمته المجانية علينا، ولكن لابد من إيماننا العامل في جهادنا. وهو عندما طلب أن نحمل نِيره علينا، فهو هنا الشريك الأقوى بما لا يُقاس، ولهذا يصير نِيره هيِّناً علينا (مت 11: 30،29). وهو في النهاية يُكافئنا كإنما كنَّا نحمل أثقالنا وحدنا، فقط لأننا كنَّا أُمناء وقدَّمنا ما نستطيع ”قدر الطاقة“ (مت 25: 5).
5. طلب الرب أن يتَّكئ الآلاف فرقاً فرقاً، ويأتيهم الطعام وهم جلوس في أماكنهم. وهكذا تمَّ كل شيء في هدوء وأَكَلَ الجميع وشبعوا دون تزاحُم وهرج بما مجَّد الله. فإلهنا طيِّب ومتضع، ولكنه أيضاً ”إله سلام (ونظام وترتيب)، وليس إله تشويش“ (1كو 14: 33). وهذا ما ينبغي الالتزام به في كل اجتماعاتنا، سواء أثناء القدَّاسات وصلوات سرِّ الزيجة، أو الاجتماعات وفصول الخدمة. ولنتذكَّر أنه لما غاب الشعور بحضور الله في الهيكل، وتحوَّل إلى سوق التجارة؛ تدخَّل الرب وقد أخذته الغيرة على بيته وطرد الجميع (مت 21: 12؛ مر 11: 16،15؛ لو 19: 46؛ يو 2: 15) عند المسيح، كانت المعجزات والأحداث كأنها أيضاً أمثال ترمي إلى معانٍ أبعد وأعمق مما تبدو. فلقاؤه مع السامرية الذي بدأ بطلب الماء ليشرب، انتهى بأن قدَّم نفسه كمُعطي ”الماء الحي“ الذي مَن يشرب منه لن يعطش إلى الأبد (يو 4: 14)، وقبل أن يفتح عينَي الأعمي قال: «ما دمتُ في العالم فأنا نور العالم» (يو 9: 5)، وفي مجيئه ليُقيم لعازر قال: «أنا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو 11: 25) وفي هذه المعجزة، بعد أن أشبع الرب الآلاف من خمس خبزات وسمكتين، قال عن نفسه: «أنا هو خبز الحياة. مَن يُقبل إليَّ فلا يجوع، ومَن يؤمن بي فلا يعطش أبداً» (يو 6: 35). وهو في موعظة الجبل طوَّب الجياع والعطاش إلى البرِّ (مت 5: 6) وليس إلى لقمة العيش وأمور الجسد. فهو الإله الغَني الرحيم الذي يُشرق شمسه ويفيض بخيراته بغير تمييز على الكل أشراراً وصالحين. ومِن ثمَّ فهو يدعونا، كأولاد الله، أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره، ولا ننشغل بأمور الجسد، فهذه كلها تُزاد لنا (مت 6: 33). وليكن ناموس حياتنا كلماته التي قالها بعد معجزة الخبز: «اعملوا لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية» (يو 6: 27).
المزيد
04 يوليو 2024
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الأولى
القديس بولس الرسول من أعظم و أقوى الرسل و المبشرين في تاريخ كنيستنا الكارز اللي لف العالم كله تقريباً و فتح كنايس في أماكن كتير جداً القديس بولس له 3 رحلات تبشيرية تعالوا نشوف أول رحلة فيهم: خط السير (و المدن اللي عدّى عليها) و مين كان معاه و إيه اللي حصل في كل مدينة؟
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الأولى
بطاقة الرحلة
زمن الرحلة:بدأت الرحلة حوالي سنة 47م و استمرت سنتين
موجودة فين؟ في سفر أعمال الرسل إصحاح 13 و 14
مين كان مع بولس؟
القديس برنابا و القديس مرقس (لكن سابهم في النص)
خط السير:
البداية من أنطاكية (مروراً بسلوكية)
بالبحر إلى قبرص (سلاميس و بافوس)
بالبحر إلى تركيا (برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية)
بالبر إلى أيقونية و دربة و لسترة
العودة إلى أنطاكية بعكس الطريق اللي فات
تفاصيل الرحلة
سوريا
البداية: أنطاكية مع برنابا
وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني، ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع، وشاول. وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: «أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه». فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهما.
أعمال الرسل 13 : 1 ل 3
البداية كانت من أنطاكية (سوريا حالياً) ... كان ساعتها فيه خادم عظيم و قديم اسمه برنابا الرسول هو اللي عمل الكنيسة هناك و كان ساعتها بولس لسة جديد على الكنيسة و على الإيمان و الروح القدس اختار ال2 خدام دول يطلعوا رحلة تبشيرية
قبرص
قبرص: باريشوع و سرجيوس بولس
فهذان إذ أُرسِلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية، و من هناك سافرا في البحر إلى قبرص. ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود وكان معهما يوحنا خادماً ولما اجتازا الجزيرة إلى بافوس، وجدا رجلا ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع، كان مع الوالي سرجيوس بولس،وهو رجل فهيم. فهذا دعا برنابا وشاول والتمس أن يسمع كلمة الله فقاومهما عليم الساحر،لأن هكذا يترجم اسمه، طالبا أن يفسد الوالي عن الإيمان وأما شاول، الذي هو بولس أيضا، فامتلأ من الروح القدس وشخص إليه وقال: «أيها الممتلئ كل غش وكل خبث! يا ابن إبليس! ياعدو كل بر! ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة؟ فالآن هوذا يد الرب عليك، فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين». ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة، فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى، آمن مندهشا من تعليم الرب.
أعمال الرسل 13 : 4 ل 12
القديس برنابا مش بس أخد معاه بولس الرسول أخد معاه كمان يوحنا (مرقس الرسول) ابن أخته
طلعوا بالبحر على قبرص مرّوا على 3 مدن:
سلوكية
و لم يُذكر إنهم بشّروا فيها
سلاميس
و ذُكر إنهم بشّروا اليهود هناك لكن لم يُذكر رد فعل اليهود كان إيه
بافوس
الوالي بتاع المكان ده كان راجل فهيم اسمه سرجيوس بولس سمع عن الرسل و طلب إنه يسمع منهم كلمة ربنا ساعتها كان فيه ساحر اسمه باريشوع ده حاول يقاوم الرسل (لأن طبعاً المسيحية مافيهاش سحر و الكلام ده بل فيها قوة الروح القدس)و نتيجة مقاومته دي إنه أُصيب بالعمى و آمن الوالي لما شاف اللي حصل.
تركيا
برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية
ثم أقلع من بافوس بولس ومن معه وأتوا إلى برجة بمفيلية. وأما يوحنا ففارقهم ورجع إلى أورشليم. وأما هم فجازوا من برجة وأتوا إلى أنطاكية بيسيدية، ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا. وبعد قراءة الناموس والأنبياء، أرسل إليهم رؤساء المجمع قائلين: «أيها الرجال الإخوة، إن كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا». فقام بولس وأشار بيده وقال: «أيها الرجال الإسرائيليون والذين يتقون الله، اسمعوا! إله شعب إسرائيل هذا اختار آباءنا، ورفع الشعب في الغربة في أرض مصر، وبذراع مرتفعة أخرجهم منها. ونحو مدة أربعين سنة، احتمل عوائدهم في البرية. ثم أهلك سبع أمم في أرض كنعان وقسم لهم أرضهم بالقرعة. وبعد ذلك في نحو أربعمئة وخمسين سنة أعطاهم قضاة حتى صموئيل النبي. ومن ثم طلبوا ملكا، فأعطاهم الله شاول بن قيس، رجلا من سبط بنيامين، أربعين سنة. ثم عزله وأقام لهم داود ملكا، الذي شهد له أيضا، إذ قال: وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي. من نسل هذا، حسب الوعد، أقام الله لإسرائيل مخلصا، يسوع. إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل. ولما صار يوحنا يكمل سعيه جعل يقول: من تظنون أني أنا؟ لست أنا إياه، لكن هوذا يأتي بعدي الذي لست مستحقا أن أحل حذاء قدميه. «أيها الرجال الإخوة بني جنس إبراهيم، والذين بينكم يتقون الله، إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص. لأن الساكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا. وأقوال الأنبياء التي تقرأ كل سبت تمموها، إذ حكموا عليه. ومع أنهم لم يجدوا علة واحدة للموت طلبوا من بيلاطس أن يقتل. ولما تمموا كل ما كتب عنه، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر. ولكن الله أقامه من الأموات. وظهر أياما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم، الذين هم شهوده عند الشعب. ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا، إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني: أنت ابني أنا اليوم ولدتك. إنه أقامه من الأموات، غير عتيد أن يعود أيضا إلى فساد، فهكذا قال: إني سأعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضا في مزمور آخر: لن تدع قدوسك يرى فسادا. لأن داود بعد ما خدم جيله بمشورة الله، رقد وانضم إلى آبائه، ورأى فسادا. وأما الذي أقامه الله فلم ير فسادا. فليكن معلوما عندكم أيها الرجال الإخوة، أنه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا، وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى. فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قيل في الأنبياء: انظروا أيها المتهاونون، وتعجبوا واهلكوا! لأنني عملا أعمل في أيامكم. عملا لا تصدقون إن أخبركم أحد به» وبعدما خرج اليهود من المجمع جعل الأمم يطلبون إليهما أن يكلماهم بهذا الكلام في السبت القادم. ولما انفضت الجماعة، تبع كثيرون من اليهود والدخلاء المتعبدين بولس وبرنابا، اللذين كانا يكلمانهم ويقنعانهم أن يثبتوا في نعمة الله. وفي السبت التالي اجتمعت كل المدينة تقريبا لتسمع كلمة الله فلما رأى اليهود الجموع امتلأوا غيرة، وجعلوا يقاومون ما قاله بولس مناقضين ومجدفين. فجاهر بولس وبرنابا وقالا: «كان يجب أن تكلموا أنتم أولا بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم، وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه إلى الأمم. لأن هكذا أوصانا الرب: قد أقمتك نورا للأمم، لتكون أنت خلاصا إلى أقصى الأرض» فلما سمع الأمم ذلك كانوا يفرحون ويمجدون كلمة الرب. وآمن جميع الذين كانوا معينين للحياة الأبدية. وانتشرت كلمة الرب في كل الكورة. ولكن اليهود حركوا النساء المتعبدات الشريفات ووجوه المدينة، وأثاروا اضطهادا على بولس وبرنابا، وأخرجوهما من تخومهم.
أعمال الرسل 13 : 13 ل 50
مرقس الرسول كان ساعتها لسة صغير حسّ إن الرحلة هاتطوّل رجع على أورشليم تاني طبعاً ده سبّب خلاف مع بولس الرسول (هانشوفه في الرحلة التبشيرية التانية) لكن كان لخير الكنيسة راحوا لإقليم كبير اسمه بمفيلية و دخلوا عاصمته برجة و لم يُذكر إنهم بشّروا هناك راحوا لإقليم تاني كبير اسمه بيسيدية و دخلوا عاصمته أنطاكية بيسيدية و هناك دخلوا المجمع اليهودي و كالعادة بعد القرائات، لمح اليهود الرسل الغرباء عن المدينة فقالوا لهم لو عندكم كلمة وعظ قولوها (زي ما حصل قبل كده مع ربنا يسوع دي كانت عادة عند اليهود) طبعاً بولس بحماسه مافوّتش الفرصة و حكى لهم حكاية بني إسرائيل من ساعة الخروج لحد داود الملك مروراً بفترة القضاة و بعد كده دخل على طول للكرازة بربنا يسوع و قال إنه هو المسيح بشهادة يوحنا المعمدان و قال إنه مات و قام من الأموات في اليوم التالت كما في الكتب و ظهر لكتير من تلاميذه و جاب نبوات من مزامير داود النبي لا تنطبق إلا على ربنا يسوع و قال لهم: دلوقتي عندكم القرار: إيمان و توبة؟ ولا تجاهل لدعوة ربنا؟
طبعاً كلام كبير و مهم و الغريب إن مش بس اليهود هم اللي فكّروا في الكلام، ده كمان ناس من الأمم و اجتمعت المدينة كلها تسمع من آبائنا الرسل لكن للأسف اليهود بدل ما يؤمنوا هم الأول، رفضوا الكلام فالرسل قالوا لهم نبوة إشعياء النبي إن الكرازة هاتكون للأمم مش بس لليهود و فعلاً ناس كتير آمنت لكن اليهود غير المؤمنين ماسكتوش هيّجوا حكام المدينة على بولس و برنابا فطردوهما من المدينة إقليم ليكأونية (دربة و لسترة) أما هما فنفضا غبار أرجلهما عليهم، وأتيا إلى إيقونية. وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس. وحدث في إيقونية أنهما دخلا معا إلى مجمع اليهود وتكلما، حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين. ولكن اليهود غير المؤمنين غروا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة. فأقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته، ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما. فانشق جمهور المدينة، فكان بعضهم مع اليهود، وبعضهم مع الرسولين. فلما حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما شعرا به، فهربا إلى مدينتي ليكأونية: لسترة ودربة، وإلى الكورة المحيطة. وكانا هناك يبشران وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه، ولم يمش قط. هذا كان يسمع بولس يتكلم، فشخص إليه، وإذ رأى أن له إيمانا ليشفى، قال بصوت عظيم: «قم على رجليك منتصبا!». فوثب وصار يمشي فالجموع لما رأوا ما فعل بولس، رفعوا صوتهم بلغة ليكأونية قائلين: «إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا». فكانوا يدعون برنابا «زفس» وبولس «هرمس» إذ كان هو المتقدم في الكلام. فأتى كاهن زفس، الذي كان قدام المدينة، بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع، وكان يريد أن يذبح. فلما سمع الرسولان، برنابا وبولس، مزقا ثيابهما، واندفعا إلى الجمع صارخين وقائلين: «أيها الرجال، لماذا تفعلون هذا؟ نحن أيضا بشر تحت آلام مثلكم، نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم مع أنه لم يترك نفسه بلا شاهد، وهو يفعل خيرا: يعطينا من السماء أمطارا وأزمنة مثمرة، ويملأ قلوبنا طعاما وسرورا». وبقولهما هذا كفا الجموع بالجهد عن أن يذبحوا لهما ثم أتى يهود من أنطاكية وإيقونية وأقنعوا الجموع، فرجموا بولس وجروه خارج المدينة، ظانين أنه قد مات ولكن إذ أحاط به التلاميذ، قام ودخل المدينة، وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة. فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين.
أعمال الرسل 13 : 51 ل 14 : 21
اتحركوا على مدينة إيقونية و حصل هناك زي اللي حصل في أنطاكية بيسيدية دخلوا بشّروا ناس آمنت من اليهود و الأمم و بعد كده اضطهاد من اليهود غير المؤمنين راحوا إقليم ليكأونية مدينة لسترة و بشّروا الأمم من أهالي المدينتين و في لسترة، بولس عمل معجزة عظيمة و شفى إنسان مقعد من بطن أمه رد فعل أهل المدينة كان على حسب معتقداتهم الوثنية افتكروا بولس و برنابا آلهة لكن الرسولين فهموا الناس الحقيقة إن دي قوة ربنا يسوع خالق كل شيء و فجأة اتغيّر كل شيء جه اليهود غير المؤمنين من إيقونية و هيّجوا أهل المدينة على الرسولين فرجموا بولس لحد ما افتكروه مات!! آية واحدة ممكن تعدّي علينا لكن أكيد كام فيها عذاب كبير جداً بعد كده راح بولس و برنابا دربة و بشّروا هناك
أنطاكية
العودة إلى أنطاكية
ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان، وأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله. وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة، ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به ولما اجتازا في بيسيدية أتيا إلى بمفيلية. وتكلما بالكلمة في برجة، ثم نزلا إلى أتالية. ومن هناك سافرا في البحر إلى أنطاكية، حيث كانا قد أسلما إلى نعمة الله للعمل الذي أكملاه ولما حضرا وجمعا الكنيسة، أخبرا بكل ما صنع الله معهما، وأنه فتح للأمم باب الإيمان. وأقاما هناك زمانا ليس بقليل مع التلاميذ.
أعمال الرسل 14 : 21 ل 28
انتهت الرحلة على كده و بدأ طريق العودة اللي مر فيه الرسل على كل الأماكن تاني طبعاً إحساس الناس بتوع لسترة و بولس الرسول (اللي مشي من عندهم مرجوم و بين حي و ميت) داخل تاني و بيقول لهم إن طريق الملكوت لازم يكون فيه ضيقات أكيد كان قدامهم أقوى مثال فقوّى إيمانهم و طبعاً الرسل رسموا كهنة عشان الكنايس اللي بدأت في الأماكن دي تفضل مستمرة بعد ما يمشواو لما رجعوا كنيسة أنطاكية و حكوا لهم انبسطوا جداً بزيادة الكنيسة و إيمان الأمم و بعد كده حصل مجمع أورشليم بسبب بدعة التهود و لهذا مقال آخر :)
دروس من الرحلة
1- الروح القدس هو اللي بيختار خدام معينين لعمل معين حتى لو كان شكل الاختيار غريب (خادم كبير و طيب زي برنابا مع خادم جديد و ناري زي بولس) ربنا عارف هو بيعمل إيه و لازم الكنيسة تمشي بإرشاد الروح القدس مش بالتفكير البشري
2- مش عيب إننا نفشل أو نخاف في خدمة معيّنة مرقس الرسول في أول مهمة ليه مانجحش، رجع في نص الطريق لكن بعد كده إيمانه و استعداده بقى أقوى و بقى أحد أعظم الرسل.
3- في كل زمان و مكان فيه حد يسمع كلمة ربنا فقلبه يتحرك و حد يقسّي قلبه و يعاند الكلمة و ببساطة الفارق في الآخر باين بين شاول اللي بقى بولس لأنه لم يعاند و بين المعاندين اللي شفناهم في أيقونية و لسترة.
4- بضيقات كتيرة ينبغي أن ندخل ملكوت السماوات مافيش خدمة مافيهاش باب ضيّق لكن مع الضيقات فيه يد الله التي تنجي و تنجح الخدمة
5- لازم أي خادم شاطر يسيب مكانه حد يكمل خدمته عشان الخدمة ماتقفش على شخص واحد زي بولس و برنابا لما عملوا مع المدن اللي بشّروا فيها لما رسموا لهم قسوس و هم راجعين أنطاكية.
المزيد
27 يونيو 2024
بدعة أريوس ج1
بدعة أريوس
إنتشرت البدعة الأريوسية فى أوساط مكة وقريش قبل الإسلام وقالوا أن الله سابق للإبن أى سابق لزمان كلمة الله فيكون المسيح إله مخلوق من إله أكبر
هرطقة آريوس: حول طبيعة المسيح
كان اريوس ينكر لاهوت المسيح ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر وأنه مخلوق ومازالت جذور الاريوسية قائمة حتى الآن حتى بعد أن شجبها مجمع نيقي ة المسكونى سنة 325 م ظل اريوس والاريوسيين من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة
بدعة آريوس
اتخذت الآريوسية اسمها من الكاهن المبتدع آريوس كان ليبيّ المنشأ، وتعلّم في مدرسة انطاكية لدى لوكيانوس الشهير، ثم انتقل إلى مصر حيث رُسم كاهناً سنة 310، وأصبح خادماً لإحدى كنائس الإسكندرية،وبسبب تعاليمه المناقضة للإيمان القويم، حرمه مجمع محلّي عُقد في الاسكندرية سنة 320 برئاسة الاسكندر أسقف تلك المدينة، فالتجأ الى نيقوميذية حيث كان أسقفاً صديقه أوسابيوس المؤرخ، وألّف هناك، لنشر تعاليمه، كتاب "الوليمة"،وهو مزيج من النثر والشعر والأناشيد الدينية الشعبية وانتشرت أفكاره وتعاليمه في مختلف كنائس الشرق والغرب،وانقسم المسيحيون بين مساند له ومناوئ. فالتأم في نيقية سنة 325 المجمع المسكوني الأول وحرم بدعته، فنفاه عندئذ الامبراطور قسطنطين، إلاّ أنّه عاد فعفا عنه بعد بضع سنوات لكن اثناسيوس أسقف الاسكندرية رفض استقباله، فحصل له أتباعه أن يلتحق بإكليروس القسطنطينية، إلاّ أنه توفي سنة 336 قبل دخوله المدينة.
ولد اريوس فى ليبيا 270م
درس الكثير من العلوم ثم جاء الى الاسكندرية والتحق بمدرستها اللاهوتية .
نبغ فى دراسته حتى تكبر وسعى لنوال الكهنوت وحاول الانضمام الى ملاتيوس اسقف اسيوط وحرضة على العصيان على القديس بطرس خاتم الشهداء .
لكنه ادرك انه بهذا لم يصل للدرجات الكهنوتية فترك ملاتيوس وتصالح مع البابا بطرس
تم رسامته شماسا ثم قسا 306 م
بدعة اريوس:
انكر اريوس لاهوت السيد المسيح وادعى انه مخلوق وغير مساو للاب فى الجوهر وبدا اريوس فى نشر ضلاله حتى بعد البابا بطرس وجاء البابا الكسندروس وتم عقد مجمع لمناقشة بدعة اريوس .
المجمع النيقى وقراراته:
قرر المجمع وضع قانون الايمان النيقى نسبة الى البلد التى انعقد المجمع فيها وهى (نيقيه)
وبعد الفصل فى قضية اريوس تم الفصل فى باقى القضايا من حيث تحديد يوم عيد القيامه
ومشكلة معمودية الهراطقة .
مجمع نيقية انعقد 325م
بدعوة من الامبراطور قسطنطين الكبير وحضره 318 اسقفا ووضع قانون الايمان و20 قانون لسياسة الكنيسة .
اولا: مقدمة عن بدعة أريوس
1. الاريوسية هى بدعة ظهرت فى القرن الثالث الميلادى وبالتحديد عام 318 م على يد كاهن بالإسكندرية يدعى اريوس فى عهد البابا الكسندروس البابا ال19من بابوات الكرسى السكندرى.
2. بدعة اريوس تنحصر فى قضيتين بخصوص طبيعة السيد المسيح الإلهية (الابن) وهم:
أ- إن الابن ليس أزليا مع الأب.
ب- إن الابن كائن مخلوق.
إنّ تعاليم آريوس يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أ) إنّ الله واحد أحد، أزلي غير مولود، وكل ما سواه من الكائنات مخلوق من العدم بإرادته الحرة.
ب) إنّ الكلمة كائن وسط بين الله والخلائق؛ فالله قد خلقه من العدم قبل سائر الخلائق، ثم أعطاه أن يخلق جميع المخلوقات؛ لذلك نستطيع أن ندعوه إلهاً، فهو إله ثانٍ أدنى من الله. وهذا التمييز بين الإله الأول والإله الثاني، استقاه آريوس من الفلسفة الأفلاطونية.
ج) كذلك نستطيع أن ندعو الكلمة "ابن الله" أو "مولوداً من الله"، الاّ أنّ تلك البنوّة الالهية ليست في الواقع إلا تبنّياً. فالكلمة ليس من جوهر الله، إنما تبنّاه الله منذ خلَقه، استباقاً لاستحقاقاته. وفكرة التبنّي هذه أخذها آريوس عن بولس السميساطي.
د) إنّ الكلمة، بما أنّه مخلوق، فهو معرّض من طبيعته للخطيئة، لكنه في الواقع استطاع أن يحيا حياة قداسة وكمال ولم يسقط قط في الخطيئة. فهو أدنى من الله، ولكنه أقدس جميع الخلائق، ولا يمكن أن يُخلق كائن أعلى منه.
ه) إنّ الروح القدس هو أوّل خلائق الكلمة، وهو أيضاً ليس من جوهر الله.
الفكر الاريوسى
بخصوص طبيعة السيد المسيح (الابن):
1- آن الابن ليس أزليا مع الأب وقد بنوا هذه النظرية على:
التمسك الشديد على وحدانية اللة وحدانية مطلقة وان هناك هوة عظيمة لا نهائية تفصل بين اللة والناس،ولقد أراد اللة ان يخلق العالم ولكنة بمقتضى طبيعته لايمكنة آن يخلق الكون المادى مباشرة ولذلك فقد خلق اللوغوس لهذا الغرص بصفته ابنا له.
2- أن الابن كائن مخلوق وقد بنوا نظريتهم على فكرتين:
أ-أن كان المسيح ابن اللة فهو متأخر فى الوجود عن اللة.
ب-أن الأب منفرد انفرادا تاما، كما أنة روحاني روحانية مطلقة وذلك يتعارض مع آن يكون أن الابن قد وجد من جوهر الأب وانما وجد بعملية خارجية محدودة او بفعل صادر عن إرادة الأب،وعلى ذلك فلقد كان الأب وحدة هو الموجود أولا ثم بعد ذلك اوجد الابن من العدم.وعلى هذا الأساس بنى الاريوسين عقيدتهم فى المسيح وساقوا فى تأيد عقيدتهم كل نصوص الكتاب المقدس التى تبدوا أنها تضمن اعتباران عقيدتهم.
ولهم منهج ثابت فى التفكير وهو:
1- إخضاع علوم اللاهوت لعمليات التفكير الفيزيقي الرياضي
2- تفسير الكتاب المقدس تفسيرا نقديا
3- تحويل علم اللاهوت الى علم بالمصطلحات والمواصفات الفنية أى اصبح علم يمكن استنباطه فى القياس وما لايمكن استنباطه.
4- إخضاع المسيحية للمنطق والفلسفة.
وللاريوسية أخطارها ومضارها العقيدية:
1- تصور اللة تصورا خاطئا.
2- إنكار الوحي الإلهي.
3- إنكار معرفة الابن معرفة جوهرية عن الأب.
4- هدم عقيدة الفداء والكفارة.
ثانيا: طرق مواجهتها من الكنيسة
1- انعقد مجمع مكانى عام 321 م بمدينة الاسكندرية لمحاكمة اريوس والرد على بدعته أعلنوا تجريدة من الكهنوت.
2- وانعقد مجمع مسكونى فى نقية عام 325 م من 318 أسقفا أى سدس أساقفة العالم المسيحى أن ذاك وقد اقر المجمع مايلى:
قانون الأيمان الذى وضعة اثناسيوس شماس البابا الاكسندروس السكندرى ينص على: بالحقيقة نؤمن باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض مايرى وما لايرى نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود قبل كل الدهور نور من نور اله حق من اله حق مولود غير مخلوق واحد مع الاب فى الجوهر الذى به كان كل شيى الذى من اجلنا نحن البشر ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تانس وصلب عنا فى عهد بيلاطس البنطى تألم ومات وقبر وقام من بين الاموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد الى السموات وجلس عن يمين أبيه وأيضا يأتى فى مجده ليدين الاحياء والاموات الذى ليس لملكه انقضاء. ثم حرم اريوس ونفيه.
3- وقد صدر سنة 428 م فى عهد ثيودسيويوس الثانى قانونا يقضى بستئصال الاريوسية فى كل انحاء الامبراطورية الرومانية
ثالثا: الكنائس التى تؤمن بالبدعة الاريوسية
1- المشكلة الاريوسية لم تنته بذلك وصارت لها ذيول أزعجت الكنيسة وقتا طويلا بعد مجمع نيقية،وقد امتدت الاريوسية حتى ألان بطرق عديدة نذكر منها:
أ- تأليف الاغانى الشعبية لنشر بدعتهم فى كل مكان منذ القرن الرابع الميلادى،
ب- رواج البدعة بتأثير اليهود لان عقلية اليهود يمكنها تقبل الأفكار الاريوسية لما فيها من قوة الاعتقاد فى وحدانية اللة وإنكارها لاهوت السيد المسيح
2- وبقت لها زيول فى اسبانيا والولايات الجرمانية حتى القرن السادس.
3- السيطرة على كراسي الاسقفيات الهامة برسامة أساقفة تتبع العقيدة الاريوسية ونجحوا هذه السياسة نجاحا تاما فى بلاد الشرق الأقصى وشمال العراق حتىظهور النسطورية وسيطرتها على تلك الكنائس.
4- حاليا ظهرت بشكل جديد فى القرن التاسع عشر الميلادى فى شكل طائفة بروتستانتية تدعى شهود يهوة وتنشر الفكر الاريوسى فى كل العالم المسيحى
رابعا: الكنائس التى لا تؤمن بالبدعة الاريوسية
أ-جميع الكنائس الرسولية وهم:
1-عائلة الكنيسة الارثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية القديمة
2-عائلة الكنيسة الارثوذكسية الشرقية الخلقيدونية
3-عائلة الكنيسة الكاثوليكية الغربية الخلقيدونية
ب-جميع الكنائس البروتستانتية فى العالم
وللحديث البقية
المزيد
20 يونيو 2024
بدعة أبوليناريوس
هرطقة أبوليناريوس: حول طبيعة المسيح
كان ينادى بلاهوت المسيح ولكن لا يؤمن بكمال ناستوه إذ كان يرى أن ناسوت المسيح لم يكن محتاجا الى روح فكان بغير روح لأن اللهه اللوجوس كان يقوم بعملها في منح الحياة ولما كان هذا يعنى ان ناسوت المسيح كان ناقصا لذلك حكم مجمع القسطنطينية المسكونى المقدس المنعقد سنة 381 م بحرم ابوليناريوس وهرطقته هذه
الأبولينارية
من هو أبوليناريوس؟
أبوليناريوس كان أسقف اللاذقية (لاوديكيا Laodices) اشتهر في النصف الثاني من القرن الرابع (حوالى سنة 310 - حوالى 390 م) وكان أبنا لناظر (مدير) مدرسة بيرتيوس Berytus الذى أصبح فيما بعد قسيساً فى لاودوكيا وقد قام الأب الذى أشتهر بأسم ابوليناريوس الكبير بتأليف بعض الكتب المسيحية محاكاه للتآليف القديمة التى يطلق عليها أسم الكلاسيكية الوثنية، وكان الأمبراطور يوليانى (يوليانوس) Julian قد أصدر قوانين تربوية منعت المسيحيين من دراسة الأدب اللاتينى واليونانى القديم أو تدريسه وشب أبوليناريوس الصغير (الأبن) دارساً ومتعلماً، ثم ساعد اباه فى عمله، فكتب يدافع عن المسيحية ضد يوليانى وفورفروريوس Porphyry وضد هراطقة آخرين أمثال آريوس ومارسيليوس Marcellus، كما كتب تفاسير للكتب المقدسة وكتب كتباً أخرى لم يبق منها غير شذرات أوردها فى اجاباته غرغوريوس النزيزى (رسالة 101، 102) إلى كليدزنيوس ثم غريغوريوس وكان ذا مكانة مرموقة بين لاهوتيي عصره وذلك لدفاعه عن المسيحية وولائه لقانون إيمان نيقية, [ كان أبوليناريوس أسقف اللاذيقية قد هيأ نفسه كنيقوى غيور وكمقاوم ممتاز ضد يوليانوس التى أستهدف إحياء الوثنية، تسنده المصارد (ضد الوثنية والدفاع عن المسيحية) كما ينظر إليه بحق كأفضل لاهوتى فى عصره بعد أثناسيوس، وكان باسيليوس القيصرى واحداً من كثيرين من الجيل الأصغر من المسيحيين الذين يطلبون مشورته
هرطقة أبوليناريوس Apollinarius أسقف اللاذقية 390م
حوّل أبوليناريوس تعليم ثلاثية تكوين الإنسان trichotomy من سيكولوجية أفلاطون إلى كريستولوجى. فقال: كما أن الإنسان العادى مكوَّن من جسد ونفس وروح، هكذا يسوع المسيح هو مكوّن من جسد ونفس والكلمة (اللوغوس). وفى رأيه أن الكلمة قد حل محل الروح واتحد بالجسد والنفس لتكوين الاتحاد لم يتصور أبوليناريوس إمكانية وجود نفس إنسانية عاقلة فى المسيح فى وجود الله الكلمة الذى هو روح والذى هو العقل الإلهى منطوق به ربما تصوّر أبوليناريوس أن النفس الإنسانية العاقلة تعنى بالضرورة شخصاً بشرياً متمايزاً عن شخص الله الكلمة بمعنى أنه خلط بين مفهوم الشخص الذى هو مالك الطبيعة، ومفهوم العقل الذى هو أحد خواص الطبيعة التى يملكها الشخص، أى أنه اعتبر أن الشخص هو العقل وأراد بإلغاء الروح الإنسانية العاقلة أن يؤكّد أن شخص كلمة الله هو الذى تجسد وهو هو نفسه يسوع المسيح بمعنى أن كلمة الله لم يتخذ شخصاً من البشر بل اتخذ جسداً ذا نفس بلا روح عاقلة وبهذا تتحقق -فى نظره- وحدة الطبيعة فى المسيح الكلمة المتجسد وعصمته من الخطيئة وقد تصوّر البعض أن القديس أثناسيوس الرسولى فى القرن الرابع قد تأثر بفكر وتعليم أبوليناريوس فى تعاليمه الكريستولوجية. ولكن القديس أثناسيوس قد شرح هذا الأمر باستقامته المعروفة فى التعليم فى رسالته إلى أبيكتيتوس وقال أن عبارة القديس يوحنا الانجيلى أن "الكلمة صار جسداً" (يو1: 14) تعنى أن "الكلمة صار إنساناً" وأن السيد المسيح قد اتخذ طبيعة بشرية كاملة من جسد وروح عاقلة فقال القديس أثناسيوس:لأن القول "الكلمة صار جسداً" هو مساو أيضاً للقول "الكلمة صار إنساناً" حسب ما قيل فى يوئيل النبى "إنى سأسكب من روحى على كل جسد" لأن الوعد لم يكن ممتداً إلى الحيوانات غير الناطقة، بل هو للبشر الذين من أجلهم قد صار الرب إنساناً] وقال أيضاً فى نفس الرسالة:[ إلا أن خلاصنا، فى واقع الأمر، لا يعتبر خيالاً، فليس الجسد وحده هو الذى حصل على الخلاص، بل الإنسان كله من نفس وجسد حقاً، قد صار له الخلاص فى الكلمة ذاته ].
إدانة هرطقة أبوليناريوس:
أدانت عدة مجامع مكانية فى روما (377م)، والإسكندرية (378م)، وأنطاكية (379م) تعاليم أبوليناريوس. ثم أدين فى المجمع المسكونى الثانى الذى انعقد فى القسطنطينية (381 م) كان رأى آباء مجمع القسطنطينية أن السيد المسيح له نفس إنسانية عاقلة لأنه جاء لخلاص البشر وليس لخلاص الحيوانات وأنه كان ينبغى أن تكون للمسيح إنسانية كاملة لكى يتم افتداء الطبيعة الإنسانية وأن الروح البشرية مثلها مثل الجسد فى حاجة إلى الفداء وهى مسئولة عن سقوط الإنسان فبدون الروح البشرية العاقلة كيف يكون الإنسان مسؤولاً مسؤولية أدبية عن خطيئته؟
فالروح البشرية أخطأت مع الجسد وتحتاج إلى الخلاص، ولهذا يجب أن يتخذها كلمة الله مع الجسد لأن ما لم يتخذ لا يمكن أن يخلص، كما قال القديس غريغوريوس النازيانزى عبارته المشهورة ضد أبوليناريوس فى رسالة إلى الكاهن كليدونيوس "لأن ما لم يتخذه (الله الكلمة) فإنه لم يعالجه؛ ولكن ما تم توحيده بلاهوته فهذا يخلص" إن أهم ما شغل الآباء ضد الأبولينارية هو"أن النفس الإنسانية العاقلة، بقدرتها على الاختيار، كانت هى مقر الخطيئة؛ ولو لم يوحّد الكلمة هذه النفس بنفسه، فإن خلاص الجنس البشرى لم يكن ممكناً".
صداقة البابا أثناسيوس الرسولى وابوليناريوس
لأن أبوليناريوس كان مدافعاً غيوراً ضد الأريوسيين فقد توطدت بينه وبين القديس أثناسيوس صداقة وطيدة ولكنه أراد أن يقدم نظاماً للاهوت بالطريقة الكلاسيكية الوثنية التى تعلمها على يد أبيه فسقط فى بدعة خطيرة، ويذكر القديس غريغوريوس أسقف نزينزا أن بداية الأبولينارية بمكن الن ترجع إلى حوالى سنة 352 م، غير أن تعاليمهات لم تنتشر بصورة عامة حتى أنعقاد مجمع الأسكندرية، عندما ا{سل مندوبى أبوليناريوس إلى البابا أثناسيوس لمساندته (ضد الأريوسية) وفى عام 372 م كتب البابا أثناسيوس كتابين ضد هرطقة أبوليناريوس بدون أن يذكر أسمه، ربما فعل ذلك لأجل الصداقة القديمة التى كانت تربط البابا أثناسيوس مع أبوليناريوس صاحب الهرطقة
محتوى البدعة والهرطقة الأبيولينارية - لا يوجد نفس بشرية فى المسيح
أبتدع ابيوليناريوس نظرية خريستولوجية عرفت باسمه "أبولينارية" ويقول المتنيح الأنبا غريغوريوس عن نقطة البدء فى بدعة البوليناريوس: "كان أبوليناريوس من أشد الخصوم الأريوسية.. ولعله أبتدع نظريته دفاعاً عن الحقيقة الأرثوذكسية وقد ساقه إلى ذلك باعثان: -
الأول: تعليم آريوس نادى بإمكانية التغيير الأخلاقى عند المسيح، وأنه لهذا كان الكلمة قابل للنمو أو التطور الخلقى، وأنه عندما كان يفعل الخير كان يصنعة بإرادة حرة كان يمكنها أيضاً أن تختار فعل الشر، وعلى ذلك يكون الخلاص الذى صنعة المسيح عملاً قام به كائن محدود، أقام ذاته مخلصاً بفعل إرادته الحرة، ومن ثم فلا تكون كفارته خلاصاً للجنس البشرى كله إلا من قبيل إظهار أمكانية كسب الخلاص، وليست هناك نفس بشرية واحدة يمكن أن تكون بريئة كل البراءة من وصمة الضعف البشرى لهذا أندفع أبوليناريوس فى غيرة ملتهبة لتأكيد ألوهية المسيح الكاملة وطهارتة التامة من الخطيئة وذلك بمحض طبيعته الذاتية.
الثانى: خلط أبوليناريوس بين مدلولات الألفاظ من الوجهة اللاهوتية، رأى أبوليناريوس أن كلمة " طبيعة " وكلمة " أقنوم " بمعنى واحد، فإذا كان فى المسيح طبيعة لاهوتية كاملة، وطبيعة ناسوتية كاملة إجتمعا معاً فى المسيح، فإذا أجتمع فى المسيح لاهوت كامل، وأجتمع فيه كل مكونات الناسوت فإن هاتين الطبيعتين الكاملتين يكونان أقنومين إذ لا يمكن أن يتألف أقنوم واحد من طبيعتين وعلى ذلك يرى ابوليناريوس أن الرأى القائل بإتحاد اللاهوت بالناسوت كاملاً، كليين فى كلى واحد، رأى مستحيل،هذان هما الباعثان اللذان دفعا ابوليناريوس إلى نظريته التى قصد بها إبعاد المخاوف التى خلقتها البدعة الأريوسية وليخرج من المأزق الأريوسى حول التغيير الأخلاقى عند المسيح إذا لم يكن للمسيح نفس أنسانية، فلا يكون ثمة مجال لممارسة رية الإختيار لديه، ولا تكون له شخصية بشرية أو أقنوم بشرى ليتحد بالأقنوم الإلهى بل يكون هناك الكلمة الإلهى وحده وهى القوة الوحيدة المسيطرة فى أقنوم المسيح المتجسد وقد وجد أبوليناريوس فى هذا التفسير المخرج الوحيد من كل الصعوبات السابقة، قال أن المسيح بالحقيقة هو الإله المتجسد، ولا يمكن أن يتم أتحاد حقيقى بين اللوغوس والنفس الأنسانية الناطقة لأنه أما أن تحتفظ الطبيعة البشرية المتحدة بالطبيعة الإلهية، بإرادتها الخاصة واضحة متميزة وفى هذه الحالة لا يكون هناك أتحاد حقيقى بين اللاهوت والناسوت، أو أن تفقد النفس الناطقة حريتها وكأنها قد أمتصت فى فى الطبيعة الإلهية، لذلك يرى أبوليناريوس أن اللوغوس يحتل مكان النفس الناطقة العاقلة وقد أتخذ له جسماً بشرياً ونفساً حيوانية، وصار هو القوة المسيطرة والمبدأ السائد فى المسيح ويحييها بالحياة العليا الإلهية وبهذا حفظت الوحدة فى الأقنوم ولو أن الأقنوم لم يكن كله إلهاً ولا كان كله أنساناً بل مزيج من الإله والإنسان وكلمة تعنى مزيج أو خليط، وأستعملت هذه الكلمة لمدة طويلة عند بعض الآباء الذى خطوا الكتب ومنهم ترتليانس Apol. 21 de idol. vanit يقول أنسان ممتزج بالإله، وكذلك كبريانوس homo des mixtuseus combomine misctur يقول أن الإله أمتزج بالأنسان، ولاكتنانتيوس Inet. iv. 13 deus est et homo, ex utroque genere permixlus وتكلم أوريجينوس فى كتابه الرد على كلسس contro cels عن أتحاد الطبيعتين كأنه منسوج أو محبوك وكذلك إيريانوس فى كتابه الرد على الهراطقة ك3 ف 19/1 وغيره إلى زمن غريغوريوس وأغريغوريوس الذى أستعمل كل منهما كلمة وهذا يؤيد ما يذكره الكتاب المقدس أن (الكلمة صار جسداً) وأن " الإله ظهر فى الجسد " وقد قال القديس غريغوريوس النزنيزى (رسالة 101): " إن الجسد هنا معناه الطبيعة البشرية من قبيل إطلاق الجزء على الكل وعلى ذلك فإن كلمة تجسد
تعنى فى الحقيقة تأنس
وكان أبوليناريوس قد أنكر أقنومية الطبيعة الإنسانية وكانت نظريته مبنية على أن: مركز الأقنومية هو فى الكلمة ولذلك فإنه كان دائم القول هذه العبارة التى وردت على لسان البابا كيرلس الأول فيما بعد ونسبها أيضاً إلى البابا أثناسيوس الرسولى:
" طبيعة واحدة متجسدة للإله الكلمة "
وكان أبوليناريوس يعنى الجسد بإعتباره جزءاً من الطبيعة التى وصفت بانها واحدة، وربما كان الطبيعة كما فهما أبوليناريوس طبيعة جديدة ومؤلفة بطريقة فريدة فى نوعها، ولكنها بكل تأكيد مختلفة عما فى فكر البابا كيرلس الذى أستعمل نفس العبارة من دون أن يعنى بذلك طبيعة أخرى جديدة لأنهي قول فى موضع آخر طبيعة واحدة من طبيعتين ثم وهما يفيدان معنى يفترب من فكرة تحول الطبيعة الأنسانية إلى الإلهية (أوريجينيوس فى نفس الوضع) ولو أنهما عبرا بصراحة عن شخصية الطبيعيتين (الإله والإنسان) وحتى أوغسطينوس أيضاً قال (إن الإنسان موصول) وبمعنى آخر (ممزوج) بكلمة ألإله ليتم وحدة الأقنوم.
قال فيها أن المسيح كان لدية جسد ونفس غير عاقلة وأنكر وجود النفس العاقلة فيه لأنه علم أن الكلمة الإلهية أخذت مكانها. انطلق من مبدأ أنه لا يمكن لشيئين تامين (كاملين) أن يصبحا واحدا. لهذا في معالجته لموضوع شخص المسيح طالما أن مجمع نيقة منع أي تقليل أو تصغير أو تغيير في "الكلمة" أي في الطبيعة الالهية وذلك للوقاية ضد تعاليم آريوس فإن أبوليناريوس استخدم الخيار الآخر وقلل وشوه الطبيعة البشرية للمسيح وأنقص منها النفس العاقلة لأنه اعتبرها مسؤولة عن الخطيئة فكانت برأيه هذه هي الطريقة الوحيدة لحفظ المسيح بدون خطيئة وبالتالي إمكانية تحقيق الخلاص أبوليناريوس اعتمد في نظريته على تقسيم أفلاطون الشهير للطبيعة البشرية: جسد،نفس،روح الكنيسة منذ البداية حاربت تعاليم أبوليناريوس فأثناسيوس كتب كتابين ضده، غريغوريوس النزينزي كتب عدة رسائل ضده أيضا وغريغوريوس النيصصي في كتابه "ضد الهرطقات". والتعليم الذي ساد كان عبارة القديس غريغوريوس النزينزي: "ما لم يؤخذ لم يشفى" جدير بالذكر هنا أن الكثير من كتابات أبوليناريوس وضعها تلاميذه تحت أسماء لاهوتيين مشهورين لإكسابها الشرعية المطلوبة مثل غريغوريوس العجائبي (شرح الإيمان) واثناسيوس الكبير (عن التجسد) والبابا يوليوس (في وحدة المسيح) الجدال الأبوليناري بالرغم من عدم تضخمه إلا أنه لعب دورا هاما في تاريخ العقيدة المسيحية فقد حول الجدال من المحور الثالوثي إلى المحور الخريستولوجي. هكذا بعد الانتهاء من مناقشة الثالوث والروح القدس أصبح الباب الوحيد المفتوح لدخول الهرطقات هو الابن. من هنا ستنهمك المجامع اللاحقة بموضوع الابن، الأقنوم الثاني من الثالوث أي بما يعرف ب "الخريستولوجية". أي إتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص المسيح وقال أبوليناريوس في القرن الرابع: المسيح وإن كان قد وُلد من العذراء إلا أنه لم يتخذ جسده منها، بل أن جوهره الإلهي استحال إلى جسد في بطنها، ولذلك لم تكن له نفس بشرية، إذ أن لاهوته حل محل النفس فيه. وحجته في ذلك أن النفس تميل إلى الخطيئة، والمسيح لم يمل إليها إطلاقاً، بل عاش كل حياته بعيداً كل البعد عنها كان أبوليناريوس أسقفاً بالشام و كان من اشد المدافعين عن الإيمان ضد الاريوسيين حتى سقط فى بدعة خطيرة وهى إن الابن عند تجسده حل لاهوته مقام الروح الجسدية و تحمل الآلام و الصلب مع الجسد.كما كان يعتقد ايضاً بوجود تفاوت فى الاقانيم الثلاثة منادياً بأن الروح عظيم والإبن اعظم أما الآب فهو الأعظم ومن مذاهب الضلال من جهة ناسوت المسيح مذهب الأبوليناريين (نسبة إلى أبوليناريوس الذي كان أسقفاً شهيراً في لاودكية). ويقول مذهبهم إن الإنسان (على رأي أفلاطون) مؤلَّف من ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية والروح الناطقة، وإن المسيح مؤلف من ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية واللاهوت. وبذلك أنكروا أن للمسيح روحاً ناطقة كما لسائر البشر. وزعموا أن اللاهوت أخذ في المسيح مكان الروح الناطقة في الإنسان. ومما قادهم إلى هذا القول صعوبة تصوُّر اتحاد طبيعتين كاملتين في شخص واحد. فقالوا: إذا كان المسيح الله أو الكلمة الإلهي فإنه يكون كاملاً. وإذا كان إنساناً فلا بد أن يكون ذا عقل محدود وإرادة بشرية، فكيف يمكن أن يكون (والحالة هذه) شخصاً واحداً؟ نعم إن ذلك مما لا يدركه العقل البشري، ولكن لا تناقض فيه. فانعقد مجمع مسكوني في القسطنطينية سنة 381م وفند التعليم الأبوليناري ورفضه، ثم تلاشى بعد قليل.
المزيد
06 يونيو 2024
بدعة فالنتينوس
فالنتينوس الهرطوقى
1- أتى فالنتينوس إلى روما فى عهد هيجينوس، وإزداد قوة (أى أنتشر فكره) فى عهد بيوس، وظل حتى أنيسيتوس ودخل الكنيسة ايضاً كردون سلف مركيون، فى عهد هيجينوس تاسع اسقف، وأعترف، وأستمر هكذا، يعلم فى السرحينا، وكان يعترف جهراً حيناً، وفى بعض الأحيان كان يوشى به بسبب تعاليمه الفاسدة فينسحب من إجتماعات الأخوة، هذا ما هو مكتوب فى الكتاب الثالث من المؤلف " ضد الهرطقات "
بدعة كردون وبدعة مركيون البنطى
2 - وفى الكتاب الأول ذكر الاتى عن كردون: " أما كردون الذى استمد شيعته من أتباع سيمون، واتى إلى روما فى عهد هيجينوس، تاسع أسقف منذ عهد الرسل، فقد نادى بأن الرب افله الذى أعلنه الناموس والأنبياء ليس أبا ربنا يسوع المسيح، لأن الأول معروف، والأخير غير معروف، الأول عادل، والأخير صالح ، أما مركيون البنطى فقد خلف كرودون فوسع تعاليمه ونطق بتجاديف مزرية "
3 - ويكشف إيريناوس فى دقة عن هاوية ضلالة فالنتينوف فيما يتعلق بالمادة ويعلن خبثه وخداعه السرى والخفى كالحية الكامنة فى وكرها .
فلاسفة الغنوسية - الفليسوف فالنتينوس
فالنتينوس والمدرسة الفالنتينية
صرف المعلِّم والفيلسوف المسيحي العظيم فالنتينوس (حوالى 100-175 م) سنوات تأهيله في الإسكندرية، حيث اتصل أغلب الظن بباسيليدس. وقد غادر بعد ذلك إلى روما، حيث باشر سيرتَه في التعليم العام، الذي كان من النجاح بحيث أُتيحَتْ له فرصةٌ جدية لانتخابه أسقفًا لروما. على أنه خسر الانتخابات، وخسرت الغنوصيةُ بذلك فرصةً أن تصير مرادفة للمسيحية، وبالتالي دينًا عالميًّا. لكن هذا لا يعني أن فالنتينوس فشل في التأثير على تطور اللاهوت المسيحي – إذ إنه أثَّر قطعًا، كما سنرى أدناه. فعِبْرَ فالنتينوس، ربما أكثر من أيِّ مفكر مسيحيٍّ آخر معاصرٍ له، صار للفلسفة الأفلاطونية، والأناقة البلاغية، ولمعرفة تأويلية عميقة بالكتاب المقدس، أن تتسلل معًا إلى عالَم اللاهوت المسيحي. وقد بقي إنجاز فالنتينوس بلا نظير مدة حوالى قرن، حتى ظهور أوريجينس الذي لا يضاهى على الساحة. ومع ذلك، قد لا يجانب الصوابَ قولُنا بأن أوريجينس ما كان ل"يحدث" لولا المثال الذي ضربه فالنتينوس لم تبدأ كوسمولوجيا فالنتينوس بوحدة، بل بثنوية أولية – زوجين – عبارة عن كيانين يُدعيان "اللاموصوف" و"الصمت". ومن هذين الكائنين الأصليين ولد زوجان ثانيان: "الوالد" و"الحقيقة". وعن هذه الكينونات تتولد أخيرًا رباعيةٌ هي "الكلمة" logos و"الحياة" z?? و"الإنسان" anthropos و"الكنيسة" ekkl?sia. ويشير فالنتينوس إلى هذا الفريق الإلهي ب"الثُمانية الأولى" (إيريناوس، 1.11.1)؛ وهذه الثُمانية تمخَّضت عن كائنات أخرى عديدة، منها واحد تمرَّد أو "عصى"، كما يخبرنا إيريناوس، وبذلك أطلق الدراما الإلهي الذي أنتج الكوسموس في المآل. وبحسب إيريناوس، الذي كَتَبَ بعد موت فالنتينوس بخمس سنوات فقط، والذي في رسالته ضد الزندقات حفظ الخطوطَ العريضة لكوسمولوجيا فالنتينوس، فإن الكيان المسؤول عن مباشرة الدراما يُشار إليه بوصفه "الأم"، التي ربما المقصود منها هي صوفيا (الحكمة)؛ ومن هذه "الأم" نشأ كلٌّ من الهيولى المادية hul? والمخلِّص، "المسيح". وقد وُصِفَ عالمُ المادة ك"ظل"، مولود من "الأم"، باعَد المسيحُ بين نفسه وبينه و"سارع صاعدًا إلى الملأ" (إيريناوس، 1.11.1؛ قارن: بويماندرس، 5). وعند هذه النقطة قامت "الأم" بولادة "طفل" آخر، "الباري" d?miourgos المسؤول عن خلق الكوسموس. وفي الرواية التي حفظها إيريناوس، لا يَرِدُ شيءٌ عن أيِّ دراما كوني تقع وفقه "الشراراتُ الإلهية" في شراك أجسام من لحم من خلال خطط الديميورغوس. إلا أنه يُفترَض أن فالنتينوس شَرَحَ أنثروبولوجيا شبيهة بأنثروبولوجيا أسطورة صوفيا الكلاسيكية (كما وردتْ، مثلاً، في كتاب يوحنا المنحول؛ راجع أيضًا: أقانيم الرؤساء ورؤيا آدم)، ولاسيما أن مدرسته، كما مثَّل لها تمثيلاً بالغ الأهمية تلميذُه اللامع بطليموس (انظر أدناه)، آلت إلى بَسْطِ أسطورة أنثروبولوجية غاية في التعقيد، لا بدَّ أنها تفرَّعتْ عن النموذج الأبسط الذي قدَّمه فالنتينوس نفسه. وتنتهي الرواية التي حفظها إيريناوس بوصفٍ لعقيدة مشوشة نوعًا ما عن مسيح سماويٍّ وأرضي، وبمقطع وجيز عن دور الروح القدس (إيريناوس، 1.11.1)، منه يخرج المرءُ بفكرة أن فالنتينوس كان يراود عقيدة بدائية للثالوث. وبالفعل، فبحسب لاهوتيِّ القرن الرابع ماركيلوس الأنقري، كان فالنتينوس "أول مَن استنبط مفهوم ثلاثة كيانات (أقانيم) في كتابه في الطبائع الثلاث" (فالنتينوس، مقطع ب، ليتون). كان فالنتينوس قطعًا هو المسيحي الأصرح بين الفلاسفة الغنوصيين في زمانه لقد رأينا كيف تخلَّل فكرَ باسيليدس ميلٌ رواقي، وكيف شعر مرقيون بالحاجة إلى تجاوُز الكتاب المقدس ليطرح إلهًا فاديًا "غريبًا". أما فالنتينوس، من ناحية أخرى، فيبدو أنه اطَّلع، كما يتبيَّن من آرائه، على الكتب والتفاسير اليهودية والمسيحية بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية على الفلسفة "الوثنية"، وبخاصة الأفلاطونية. ويظهر هذا كأشد ما يكون في روايته الخاصة للمفهوم الثيولوجي المألوف عن "الاصطفاء" أو "التقدير المسبَّق"، الذي يَرِدُ فيه (على غرار بولس في الرسالة إلى الرومانيين 8: 29) أن الله اصطفى أفرادًا معينين، قبل بدء الأزمنة، للخلاص. وقد كَتَبَ فالنتينوس في نصٍّ يبدو وكأنه بقية من موعظة (فالنتينوس، مقطع و):
منذ البدء، وأنتم ["المصطفَوْن" أو المسيحيون الغنوصيون] خالدون، وأنتم أبناء الحياة الأبدية. تنشدون رَصْدَ الموت لأنفسكم بحيث يمكن لكم أن تنفقوه وتستنفدوه، وبحيث يموت الموتُ فيكم ومن خلالكم. إذ عندما تُعدِمون العالم من غير أن تفنوا أنتم، فأنتم السادة على الخلق وعلى كلِّ فساد هذا يبدو وكأنه ردُّ فالنتينوس على معضلة ديمومة الخلاص: بما أن صوفيا أو "الأم" الإلهية – وهي فَرْدٌ من الملأ الأعلى – قد سقطت في الضلال، كيف يمكن لنا التأكد من أننا لن نقترف الغلط نفسه أو غلطًا مماثلاً بعد أن نبلغ الامتلاء؟ فبإعلانه أن دورَ "المصطفى" (أو المسيحي الغنوصي) ومهمَّتَه هي استنفاد الموت و"إعدام" العالم، يوضح فالنتينوس موقفه الذي مفاده أن تلك النفوس المختارة نفوس مشارِكة في خلاص العالم، إلى جانب المسيح، الذي كان أول مَن حمل الخطيئة والفساد المتأصِّلين في العالم المادي (راجع: إيريناوس، 1.11.1؛ وليتون، ص 240). لذا، بما أن "أجرة الخطيئة هي الموت" (الرسالة إلى الرومانيين 6: 23)، فإن أيَّ كائن قادرٍ على تحطيم الموت لا بدَّ أن يكون معصومًا من الخطيئة. ففي نظر فالنتينوس، إذن، أن الفرد المقدَّر له أن يخلص مقدَّر له أيضًا نوعٌ من الخلافة الإلهية تتضمن دورًا فاعلاً في التاريخ، وليس مجرد راحة مع الله، أو حتى حياة غبطة من الخلق المحب، كما ذهب باسيليدس. طالب فالنتينوس مستمعيه – على غرار بولس – بالاعتراف بمخلوقيَّتهم؛ إلا أنهم – خلافًا لبولس – اعترفوا بخالقهم بوصفه "الوالد اللاموصوف"، وليس كإله الكتب المقدسة اليهودية. وبعد فالنتينوس، أضحت مهمةُ التأويل المسيحي إثباتَ الاستمرارية بين العهدين القديم والجديد. وفي هذا الصدد، كما وفي الروحانية العامة لتعاليمه – ناهيك عن عقيدته البدائية في التثليث – كان لفالنتينوس وَقْعٌ لا يُجارى على تطور المسيحية.
د. منظومة بطليموس
وصف إيريناوس بطليموس Ptolemaeus (حوالى 140 م) ب"بزهرة مدرسة فالنتينوس" (ليتون، ص 276). لكننا لا نعرف شيئًا يُذكَر عن حياة بطليموس ما عدا الكتابين اللذين وصلانا: الأسطورة الفالنتينية الفلسفية المفصَّلة التي حفظها إيريناوس، والرسالة إلى فلورا، من وضع فالنتينوس، التي حفظها القديس أبيفانيوس حرفيًّا. نقع في الكتاب الأول على منظومة فالنتينوس، مفصَّلة تفصيلاً كبيرًا على يد بطليموس، التي تحتوي على أسطورة أنثروبولوجية مركَّبة تتمركز حول آلام صوفيا. كما نقع أيضًا، في كلٍّ من الأسطورة والرسالة، على محاولة بطليموس للتوفيق بين الكتب اليهودية وبين تعاليم الغنوصية والتأويل المجازي للعهد الجديد، في صورة غير مسبوقة بين الغنوصيين قبلئذٍ في النظام البطليموسي يَرِدُ في صراحة أن سبب سقوط صوفيا هو رغبتها في معرفة الآب الفائق الوصف. وبما أن سبب توليد الآب للأيونات (الذين صوفيا آخرهم) كان "رفعهم جميعًا إلى مرتبة الفكر" (إيريناوس، 1.2.1)، لم يكن مسموحًا لأيٍّ من الأيونات أن يبلغ معرفة تامة بالآب. لقد كانت الغاية من الملأ الأعلى أن يوجد كتعبير حيٍّ، جمعيٍّ، عن السعة العقلية للآب؛ فإذا قُيِّضَ لأيِّ كائن مفرد ضمن الملأ الأعلى أن يصل إلى الآب لتوقفت الحياة برمَّتها. تقوم هذه الفكرة على موقف إيجابي بالدرجة الأولى تجاه الكون، بمعنى أن الوجود، مفهومًا ككفاح، ليس من أجل نهاية مستكينة، بل من أجل مستوى متزايد أبدًا من البصيرة الخلاقة أو "التكوينية". والهدف، من هذه الوجهة، هو الإبداع من خلال الحكمة، وليس مجرد الوصول إليها كغرض أو كغاية في حدِّ ذاتها. ومثل هذا الوجود لا يتَّسم بالرغبة في غرض ما، بل بالحري في القدرة على الإمعان في الانخراط الخلاق والتكويني مع "الظرف" (= الوضعية المعيَّنة أو الميدان الفردي) الخاص بالمرء. عندما رغبتْ صوفيا في معرفة الآب، فإن ما كانت ترغب فيه إذ ذاك، في المقام الأول، هو تلاشيها لصالح فنائها الخاص فيما جعل وجودها ممكنًا في الأصل. وهذا يعادل رفض هبة الآب، بمعنى هبة الوجود والحياة الفرديين. لهذا السبب لم يُسمَح لصوفيا بمعرفة الآب، بل رُدَّتْ إلى "الحد" horos الفاصل بين الملأ الأعلى وبين "السعة اللاموصوفة" للآب (إيريناوس، 1.2.1) أما ما تبقَّى من رواية بطليموس فيتعلق بإنتاج الكوسموس المادي اعتبارًا من "آلام" صوفيا المُأقْنَمَة وفاعلية المخلِّص (يسوع المسيح) في ترتيب هذه الآلام الشواشية أصلاً في تراتبية منتظمة من الموجودات (إيريناوس، 5.4.1 وما بعدها، وقارن: الرسالة إلى القولوسيين 1: 16). إن ثلاثة صفوف من الكائنات البشرية تنوجد من خلال هذا الترتيب: "المادي" hulikos و"النفساني" psukhikos و"الروحاني" pneumatikos. البشر "الماديون" هم أولئك الذين لم يبلغوا الحياة العقلية، وبالتالي لا يعقدون آمالهم إلا على ما هو هالك – ولا أمل في الخلاص لهؤلاء. "النفسانيون" هم أولئك الذين ليس لديهم إلا تصور نصف متشكِّل عن الإله الحقيقي، وعليهم، بالتالي، أن يحيوا حياة منذورةً للأعمال المقدسة والثبات على الإيمان؛ وبحسب بطليموس، هؤلاء هم المسيحيون "العاديون". وأخيرًا، هناك البشر "الروحانيون"، الغنوصيون، الذين لا يحتاجون إلى الإيمان لأنهم على معرفة فعلية (غنوص) بالحقيقة العقلية، وبذلك هم ناجون بالطبيعة (إيريناوس، 2.6.1، 4.6.1) يقوم المفهوم الفالنتيني البطليموسي للخلاص على فكرة أن الكوسموس هو التجلِّي العياني أو الأقْنَمَة لرغبة صوفيا في معرفة الآب و"الآلام" التي نجمتْ عن فشلها. إن تاريخ الخلاص للكائنات البشرية له، إذن، صفة التجلِّي الخارجي للسيرورة المثلَّثة لافتداء صوفيا نفسها: الاعتراف بآلامها؛ "رجوعها" epistroph? تاليًا؛ وأخيرًا، فعل توليدها الروحي، الذي انبثقتْ منه الإنسانيةُ الغنوصية (راجع: إيريناوس، 1.5.1). الخلاص، إذن، في شكله النهائي، يجب أن يتضمن نوعًا من الخلق الروحي من قِبَل الغنوصيين الذين يبلغون الملأ الأعلى. غير أن على البشر "النفسانيين"، المكوَّنين جزئيًّا من مادة قابلة للفساد وجزئيًّا من ماهية روحية، أن يظلوا مكتفين بوجود بسيط مريح مع "صانع" الكوسموس، بما أنه لا يمكن لعنصر ماديٍّ أن يدخل الملأ الأعلى (إيريناوس، 1.7.1) في رسالته إلى فلورا (في أبيفانيوس، 1.3.33-10.7.33)، التي هي محاولة لهداية امرأة مسيحية "عادية" إلى مذهبه المسيحي الفالنتيني، صاغ بطليموس صياغة واضحة مذهبَه في العلاقة بين إله الكتب المقدسة العبرية، الذي هو "عَدْل" وحسب، وبين الآب اللاموصوف، الذي هو الخير الأسمى. وعوضًا عن مجرَّد إعلان أن هذين الإلهين غير متَّصلين، كما فعل مرقيون، بَسَطَ بطليموس قراءة مركَّبة، مجازية، للكتب المقدسة اليهودية فيما يتصل بالعهد الجديد بغية ترسيخ سلالة تربط الملأ الأعلى، صوفيا و"آلامها"، الديميورغوس، والنشاط الخلاصي ليسوع المسيح بعضها ببعض. إن مدى عمل بطليموس ودقَّته، والأثر الذي خلَّفه على المسيحية الأرثوذكسية الناشئة، يؤهِّله لكي يكون واحدًا من أهم اللاهوتيين المسيحيين الأوائل، الأرثوذكسيين الروَّاد منهم و"الزنادقة".
المزيد