المقالات

19 مايو 2019

ربوني

بعد قيامة السيد المسيح ظهر لمريم المجدلية في البستان الذي كان به قبره المقدس وسألها عن سبب بكائها "قال لها يسوع: يا مريم. فالتفتت تلك وقالت له ربُّوني الذي تفسيره يا معلم. قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو20: 16، 17) إن هذا اللقاء في البستان يذكّرنا بلقاء آخر في بستان (أي في الجنة) حينما أخفى الشيطان نفسه داخل الحية وخدع حواء. وها هي مريم المجدلية وهي تمثل البشرية مثل حواء. تلتقي بالرب القائم من الأموات وهو يتمشى داخل البستان وقد جاء كمعلم للصلاح وليقوم بإصلاح ما أفسدته الحية في القديم. في هذا اللقاء اختارت مريم المجدلية هذا اللقب "ربُّوني"الذى تفسيره يا معلّم لم تعد الحية هي مصدر التعليم، بل كلمة الله المتجسد هو المعلم، لهذا قالت له: "يا معلّم"لم تعد البشرية تنصت إلى الحية، بل أصبحت تهفو نحو السيد المسيح كمصدر للمعرفة لم تعد البشرية تأكل من شجرة معرفة الخير والشر، بل تأكل فقط من جسد الرب المصلوب القائم من الأموات لتعرف الخير وتثبت فيه، أي أنها تأكل من شجرة الحياة التي لا يموت آكلوها. كما أنها تتغذى بكلام الله وتتلذذ بوصاياه لم تعد البشرية تبحث عن المعرفة بعيدًا عن السيد المسيح، لهذا قال بطرس الرسول: "يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك" (يو6: 68) لم تعد البشرية تستمع إلى صوت الغريب، بل صارت تهرب منه لتستمع إلى صوت الراعي الصالح الذي يدعو خرافه الخاصة بأسمائها والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته لم تعد البشرية تشتاق إلى أحاديث العالم أو الخطية، بل تشتاق إلى حديث المعلم الصالح. وتجلس عند قدميه لتتعلم وتختار النصيب الصالح الذي لا ينزع منها صارت كلمات مرثا لأختها مريم ترن في أذني كل نفس محبة للمسيح: "المعلّم قد حضر وهو يدعوك" (يو11: 28). وتكون أحلى الساعات هي بين يديه وفي حضرته. النداء واللقاء "نادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت" (تك3: 9، 10) لقد نادى الرب الإله قائلًا: يا آدم أين أنت؟ وها هو الآن في بستان القيامة ينادى مريم المجدلية قائلًا: يا مريم. وهنا تمثل مريم البشرية المفتداة. لم تهرب مريم ولم تختبئ بل كانت تبحث في كل موضع عن السيد المسيح عن جسده المصلوب إن جسد يسوع هو شجرة الحياة المفقودة وهي تبحث عنها لم تدرك مريم أن الذي كان يتمشى في فردوس القيامة هو السيد المسيح لأن إعلان القيامة لم يكن واضحًا بعد في ذهنها،ولكنه حينما ناداها باسمها عرفته وهرعت نحوه إن المسيح الذبيح في سر الافخارستيا يدعونا أن ندرك قوة قيامته وينادينا لكي نتمتع ببركات وأمجاد القيامة من خلال السر. ولكن يلزمنا أن نسمع صوته لكي ندرك حقيقة القيامة كان في الفردوس القديم آدم مع حواء وقد سمعا صوت الرب الإله ماشيًا في الجنة عند هبوب ريح النهار فهربا منه. ولكن في فردوس القيامة كان آدم الجديد هو نفسه الرب الذي يتمشى في الفردوس فلا آدم الجديد يختبئ من الرب لأنه هو نفسه الرب؛ ولا البشرية تختبئ لأن الرب قد صالحها ولم تعد ترتعب منه. لا تلمسيني كانت مريم المجدلية تريد أن تمسك بالسيد المسيح لئلا يختفي مرة أخرى. تريده أن يبقى على الأرض وتتمسك به. ولكنه منعها هذه المرة ليؤكد لها أنها لا تستطيع أن تحقق بقاء الفردوس على الأرض؛ وأن الفردوس عمومًا هو مكان مؤقّت، ولكن الملكوت السماوي هو المكان الدائم للوجود مع الرب فكأنه يقول لها: إذا أردت أن تمسكي بي فليكن ذلك في السماء. إني هنا لم أصعد بعد إلى أبي. ومن أراد أن يمسكني فليهرع إلى السماء إني لم أرتفع إلى مستوى الآب في نظرك فلا تلمسيني، ولا يمكن أن أبقى هنا على الأرض بل ينبغي أن أعود إلى الآب فلا تمسكيني. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
15 يونيو 2019

دخول السيد المسيح إلى المقدس السماوي

كان رئيس الكهنة في العهد القديم يدخل إلى قدس الأقداس في الهيكل مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة العظيم ليكفر عن خطايا نفسه وعن خطايا الشعب بواسطة دم الذبائح الحيوانية المناسبة.وكان الهيكل مقسمًا إلى قسمين: القسم الأول هو القدس حيث مائدة خبز الوجوه ومذبح البخور والمنارة ذات السبعة سرج. والقسم الثاني هو قدس الأقداس حيث كَروبا المجد وكرسي الرحمة أي تابوت العهد. ويفصل بين القسم الأول والقسم الثاني الحجاب. وقد شرح معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين كيف كان الهيكل الأرضي رمزًا للهيكل السماوي، وكيف دخل السيد المسيح إلى الأقداس، ومعنى دخوله هذا، وقارن بين كهنوت العهد القديم الهاروني، وكهنوت العهد الجديد على طقس ملكي صادق باعتبار أن السيد المسيح هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق حسب الإعلان الإلهي في الكتب المقدسة.قال عن خدمة السيد المسيح السمائية: "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات، خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 1، 2).وقال عن تقسيم الهيكل ونظام الخدمة فيه في العهد القديم: "ثم العهد الأول كان له أيضًا فرائض خدمة والقدس العالمي. لأنه نصب المسكن الأول الذي يقال له القدس الذي كانفيه المنارة والمائدة وخبز التقدمة. ووراء الحجاب الثاني المسكن الذي يقال له قدس الأقداس، فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد مغشي من كل جهة بالذهب الذي فيه قسط منذهب فيه المن وعصا هرون التي أفرخت ولوحا العهد. وفوقه كروبا المجد مظللين الغطاء.. ثم إذ صارت هذه مهيأة هكذا يدخل الكهنة إلى المسكن الأول كل حين صانعين الخدمة. وأما إلى الثاني فرئيس الكهنة فقط مرة في السنة ليس بلا دم يقدّمه عن نفسه وعن جهالات الشعب" (عب9: 1-7)ونلاحظ هنا أن المسكن الثاني هو الملقب بقدس الأقداس وهو الذي يدخله رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة. وقد شرح القديس بولس الرسول المقارنة بين ما يفعله رئيس الكهنة في العهد القديم وما فعله السيد المسيح عند إتمام الفداء. دخل مرةً واحدة إلى الأقداس قال بولس الرسول عن دخول السيد المسيح إلى السماويات: "وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد، أي الذي ليس من هذه الخليقة. وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 11، 12). ويتضح هنا أن السيد المسيح في دخوله إلى السماء قد دخل إلى قدس الأقداس ليس مرة واحدة في السنة، ولكنه دخل مرة واحدةإلى الأبد، ولم يتكرر كما يدّعى أصحاب الرأي الذي نوهنا عنه سابقًا. وفي ضوء هذا النص الصريح لا يبقى مكان للجدل حول هذا الموضوع لأنه لا حاجة إلى تكرار الذبيحة كل عام كما أنه لم يدخل بدم ذبائح أخرى بل دخل بدم نفسه أي بالذبيحة الحقيقية المقبولة عند الآب السماوي.وقال عن عدم تكرار الذبيحة الخلاصية: "لا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة بدم آخر. فإذ ذاك كان يجب أن يتألم مرارًا كثيرة منذ تأسيس العالم، ولكنه الآن قد أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب9: 25، 26).وقال عن الحجاب: "فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقًا كرّسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله" (عب10: 19-21) عندما صُلب السيد المسيح وذُبح جسده بالصليب، انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل (انظر مت 27: 51)، وحجاب الهيكل هو الفاصل بين القدس وقدس الأقداس،ومعنى ذلك أن السيد المسيح قد فتح الطريق إلى أحضان الآب السماوي بذبيحته الخلاصية علىالصليب. وهذا ما قاله معلمنا بولس الرسول عن دخول المؤمنين إلى الأقداس بدم يسوع "طريقًا كرسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده" (عب10: 20) فالسيد المسيح هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبديةكان صعود السيد المسيح إلى السماء هو تأكيد منظور لقبول ذبيحته الكفارية عند الآب السماوي. لذلك ربط القديس بولس الرسول بين ذبيحة الصليب وبين دخول السيد المسيح إلى الأقداس السماوية؛ فقال عنه: "بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا". وقد أكد هذه المعاني في النصوص التالية عن السيد المسيح: "وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول. فمن ثم يقدر أن يُخلّص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم. لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات" (عب 7: 24-26). "أما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات. خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب 8: 1، 2). "وأما هذا فبعد ما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله" (عب 10: 12). إلى المسكن الثاني وليس الأول بهذا كله يتضح بجلاء أن السيد المسيح بعدما أكمل خدمته الخلاصية على الأرض قد صعد إلى السماوات ودخل إلى قدس الأقداس في السماء وليس إلى القدس، لأنه يقول:"دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12). ولا مجال إطلاقًا للقول بأنه دخل إلى القدس في السماء أولًا ثم انتقل بعد ذلك إلى قدس الأقداس في موعد لاحق بعد مئات السنين ليطهّر الأقداس السماوية. وكيف يُقال ذلك بينما قال معلمنا بولس الرسول: "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا، ولا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة" (عب9: 24، 25). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
21 أكتوبر 2019

أنتَ عَلِمْتَ سُبُلِي (مز141: 4 )

ربما يسعى الإنسان ويجاهد لكي يطلب الله ولكن المحاربات الشيطانية تلاحقه، مثل إنسان ترك العالم وترك مباهج الدنيا وذهب للدير للرهبنة، ويجد الشيطان يقف له بالمرصاد ليكدّر حياته ليلًا ونهارًا في حرب مستمرة، فيجد في كلمات المزامير تعزيه له ويقول للرب: «أنتَ عَلِمْتَ سُبُلِي» (مز141: 4). أنت تعرف يا رب لماذا أتيتُ إلى هذا المكان، أليس لكي أحيا معك؟ وأنت قلت في القديم مخاطبًا الأمة اليهودية: "قَدْ ذَكَر«تُ لَكِ غَيْرَةَ صِبَاكِ، مَحَبَّةَ خِطْبَتِكِ، ذِهَابَكِ وَرَائِي فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَزْرُوعَةٍ» (إر2: 1). هكذا يقول الرب لكل نفس تتبعه وتحبه: أنا لا أنسى أنكِ خرجتِ ورائي في البرية أيتها النفس.. لا أنسى غيرة صباكِ ومحبة خطبتكِ. لا أنسى أيام خطبتكِ الحلوة التي كانت بيننا، غيرة صباكِ عندما كنتِ غيورة في محبتك القوية في بداية علاقتنا معًا.. خروجكِ ورائي في البرية أي ترك محبة العالم كما قال الكتاب: «اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي» (رؤ18: 4)، فمن يعيش في العالم لابد أن لا يحب العالم كما قال الكتاب: «لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ» (1يو2: 15). خروجكِ ورائي في البرية التي هي مكان قفر ليس فيه تعزيات أو مباهج عالمية، أرض ليس فيها ماء من ماء العالم.هل نستطيع ونحن نصلي بهذا المزمور، أن نقول لله: أنت يا رب علمتَ سبلي أي أنت عرفتَ مسلكي؟ إن الإنسان الذي يسير في طريق الله ولا يُعوِّج مسلكه، إذا زادت عليه الحرب الروحية يصرخ إلى الله ويقول له: أنقذني يا رب فإني أسير في طريقك. أنتَ عَلِمْتَ سُبُلِي.. كما قال أيضًا: «يَا رَبُّ قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ» (مز139: 1-3). أنت تعلم كل شيء يارب، أنت تعلم إني أحبك. ويعود ليقول له: «اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مز139، 23-24). أنت تعرف مسلكي يا رب وأنا مستعد إن كان فيَّ أي خطأ أعلمني به لكي أصلحه.أنا سأسير حسب أقوالك مثل الصلاة التي تُقال في القداس الغريغوري: [أقدم لك يا سيدي مشورة حريتي وأكتب أعمالي تبعًا لأقوالك]. وأنا أسير يا رب في طريقك، إذا نظرتَ فيَّ أمرًا رديئًا اختبرني وامتحني واعرف قلبي وأفكاري، وفتش فيَّ إن كان فيَّ طريق باطل لكي تعرّفني وتهديني إلى طريق أبدي. يجب أن يسكب الإنسان نفسه أمام الله باستمرار ويقول له: يا رب إن كان فيَّ طريق باطل عرّفني وسوف لا أعاند.لا يوجد إنسان بدون أخطاء، ولكن إلى أي مدى يكون الإنسان مستعدًا أن يتنازل عن الخطأ؟ وإلى أي مدى تكون له العزيمة أن يترك طريق الخطية ويسلك في طريق الله؟ وإلى أي مدى يستطيع أن يتجاوب مع إنذارات الروح القدس في داخله؟ إذا كان الإنسان يطلب مشيئة الله بكل قلبه يستطيع أن يقول للرب في وقت الضيق: أنتَ عَلِمْتَ سُبُلِي أو أَنْتَ عَرَفْتَ مَسْلَكِي. نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد
06 سبتمبر 2019

جهنم

كلمة "جهنم"هي كلمة عبرية أصلها "جيهِنوم" أي "وادى هنوم"وهو وادٍ عميق ضيق يقع في جنوب أورشليم حيث قدم اليهود أولادهم للإله مولك على نحو ما فعل الوثنيون، ولذلك أمر الملك يوشيا "لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لمولك" (2مل23: 10) كان تمثال الإله مولك النحاسي المجوف يتم إيقاد النار بداخله حتى يحمى معدنه إلى درجة الاحمرار. ثم يقدم الآباء أبناءهم كضحايا للإله مولك، فيضع الكهنة الوثنيون الأطفال الصغار على يدي التمثال المحمية بالنار مع عمل أصوات طبول وأصوات صراخ الكهنة أو أناشيد عبادتهم الوثنية للتغطية على صوت صراخ الأطفال الذين تشويهم نار ذراعي الإله مولك بصورة بشعة. وهكذا نرى كيف استعبد الشيطان البشر وماذا يفعل الإنسان بغواية إبليسحينما يفقد إنسانيته. ولقد أصبح هذا الوادي بعد ذلك هو المكان المرفوض من المدينة وفيه كانت تُلقى أجساد المجرمين، وجثثالحيوانات، وجميع أنواع القاذورات التي يرعى فيها الدود وتشتعل فيها النار. وبسبب عمقه وضيقه والنار والدخان المتصاعد منه، صار رمزًا لمكان عقاب الأشرار في المستقبل. وحيث إن النار كانت تميِّز المكان لذلك دُعي نار جهنم. ولقد وردت كلمة جهنم في العهد الجديد إحدى عشرة مرة وذلك في أناجيل متى ومرقس ولوقا وفي رسالة يعقوب الرسول وفي رسالة بطرس الرسول الثانية. فقد قال السيد المسيح: "من قال (لأخيه) يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت5: 22). "إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم" (مت5:29، 30) كما قال: "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت10: 28) وبذلك أوضح السيد المسيحأن عذاب جهنم سوف يشمل الجسد والروح معًا بقوله "كليهما في جهنم"ووبّخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين قائلًا:"ويل لكم أيها الكتبةوالفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلًا واحدًا. ومتى حصل تصنعونه ابنًا لجهنمأكثر منكم مضاعفًا" (مت 23: 15). وكذلك قال لهم:"أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم؟" (مت23: 33). جهنم النار الأبدية أوضح السيد المسيح أن في جهنم سوف تكون النار الأبدية حيث الدود الذي لا يموت والنار التي لا تطفأ مثلما كان الحال في وادي هنوم (جيهِنوم) فقال: "خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضى إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ" (مر9: 43،44). وشرح يوحنا الرسول في سفر الرؤيا عذاب الذين يسجدون للوحش ويخضعون لسلطان إبليس فقال "إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده، فهو أيضًا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفًا في كأس غضبه ويعذَب بنار وكبريت أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف. ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين" (رؤ14: 9-11). وبهذا أوضح أن العذاب هو أبدي وكتب أيضًا عن دينونة الوحش والنبي الكذاب "فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه الصانع قدامه الآيات التي بها أضل الذين قَبِلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته وطُرح الاثنان حيَّين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت" (رؤ19: 20) وكتب عن دينونة الأموات في اليوم الأخير "ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا واقفين أمام الله وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم،وسلّم البحر الأموات الذين فيه وسلّم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار" (رؤ20: 12-15) وكتب عن أنواع الخطاة الذين سوف يذهبون إلى العذاب الأبدي فقال: "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني" (رؤ21: 8) وأوضح السيد المسيح أن العذاب سوف يكون في النار الأبدية المعدة لإبليس وللملائكة الأشرار "ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي" (مت25: 46). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
04 سبتمبر 2019

الجحيم الهاوية

"الجحيم" كلمة معناها الهاوية، وهي ترجمة للكلمة العبرية "شِئول" وللكلمة اليونانية "هاديس ᾍδης"، وهو كمقر للانتظار كان يحوى أرواح القديسين، وأرواح الأشرار، وذلك قبل أن يتمم السيد المسيح الفداء. ولكن صار مقرًا لانتظار أرواح الأشرار فقط بعد إتمام الفداء، وفتح الفردوس ونقل أرواح القديسين إلى هناك.بالنسبة للقديسين كانت أرواحهم تتطلع إلى مجيء المخلص ليخرجها من بيت السجن حسب وعد الرب "أجعلك عهداًللشعب ونورًا للأمم لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة" (إش42:6، 7) كانت هناك رموز كثيرة للجحيم في العهد القديم مثل جب الأسود الذي ألقى فيه دانيال النبي. ففي قصة إلقاء دانيالفي الجب إشارة واضحة إلى عمل الخلاص. فالملك داريوس والحكم الذي أصدره وخَتَمه، ولا يمكن أن يتغير حتى بالرغم من محبة الملك لدانيال، كان إشارة إلى حكم الموت الذي صدر ضد البشرية ولم يكن من الممكن إلغاؤه. كان الملك يتمنى أن ينقذ دانيال من الجب، ولكن الحكم كان ينبغي أن يتم وقال الملك لدانيال: "إن إلهك الذي تَعبُدُه دائمًا هو ينجيك" (دا 6: 16) وحينما أُلقى دانيال في الجب لسبب مؤامرة أعدائه الأشرار الذين يرمزون إلى الشياطين أعداء الرب وأعداء البشرية، أرسل الله ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تمس دانيال بسوء "إلهي أرسل ملاكه وسدَّ أفواه الأسود فلم تضرني" (دا 6: 22)، وخرج دانيال من الجب حيًا إشارة إلى قيامة السيد المسيح بعد نزوله إلى الجحيم، وإلى صعوده إلى الفردوس دون أن يمسكه الجحيم ودون أن يمسكه الموت أيضًا "إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسَك منه" (أع2: 24) وبهذا تم حكم الموت دون إلغاء، ولكن أمكن العبور منه والتحرر من سلطانه. وقد تنبأ عن ذلك داود النبي فقال "لأنك لا تترك نفسي في الجحيم (الهاوية) ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (أع2: 27، انظر مز15: 10). وشرح القديس بطرس في عظة يوم الخمسين أن هذا الكلام قد قيل عن السيد المسيح (انظر أع 2: 25) وبهذا أكّد بطرس الرسولأن السيد المسيح قد نزل إلى الجحيم. وعاد فقال عنالسيد المسيح في رسالته الأولى إنه "ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 19). وبذلك ربط نبوءة إشعياء (42: 6) بنبوءة داود النبي في المزمور (15: 10)موضحًا أن الجحيم كان سجنًا للأرواح كان إبليس هو صاحب سلطان الموت كما أوضحالقديس بولس الرسول في حديثه عن عمل السيد المسيح في تخليصنا منإبليس "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14، 15) إن تصوير القديس بولس هنا للموقف في رسالته إلى العبرانيين هو تصوير في غاية القوة، ربط فيه بين رفع سلطان الموت وبين إبادة إبليس أي إبادة سيطرته على أرواح البشر،وكذلك أوضح أن الخوف من النزول إلى الجحيم بعد الموت في حياة حتى الذين رقدوا على رجاء الخلاص، هو حالة من العبودية، لأن الأرواح كانت في طريقها إلى السجن هناك فيالهاوية. ولكن بالطبع كانت أرواح القديسين الراقدين في حالة أفضل من أرواح الأشرار وغير المؤمنين الذين ليس لهم رجاء على الإطلاق كان القديسون في السجن ينتظرون بالإيمان تنفيذ وعد الرب بالفداء.. كانت عبوديتهم مؤقتة سيحولها المسيح إلى بنوة.. وكان خوفهم ممتزجًا بالرجاء بعكس الآخرين الذين لا رجاء لهم وعبوديتهم لا نهاية لها كما قال أبو الآباء يعقوب في بكائه وحزنه حينما اعتقد بموت يوسف ابنه "إنى أنزل إلى ابني نائحًا إلى الهاوية" (تك37: 35). ولكنه قبيل موته حينما كان يتنبأ أمام أبنائه قال: "لخلاصك انتظرت يا رب" (تك49: 18). "ولما فرغ يعقوب من توصية بنيه ضم رجليه إلى السرير وأسلم الروح وانضم إلى قومه" (تك49: 33) وحينما قاوم قورح ومعه داثان وأبيرام وأولادهم موسى وهرون وقدموا بخورًا في مجامرهم، عاقبهم الرب بأن هبطوا أحياء إلى الهاوية إذ "انشقت الأرض التي تحتهم وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورحمع كل الأموال. فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقت عليهم الأرض فبادوا من بين الجماعة" (عد16: 31-33). ومعنى نزولهم أحياء إلى الهاوية أي أنهم نزلوا إلى أقسام الأرض السفلى أحياء وماتوا هناك حيث يوجد الجحيم وقد ذكر السيد المسيح أن الجحيم له أبواب فقال عن الكنيسة: "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت16: 18) وكذلك قيل عن حزقيا الملك "كتابة لحزقيا ملك يهوذا إذ مرض وشفى من مرضه، أنا قلت في عز أيامي أذهب إلىأبواب الهاوية. قد أُعدمت بقية سِنِيَّ" (إش38: 9، 10) وقد حطّم السيد المسيح متاريس الجحيم حينما نزل إليه من قبل الصليب ليحرر المسبيين الذين رقدوا على الرجاء ويصعد بهم من الجحيم إلى الفردوس كما هو مكتوب "سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا. وأما أنه صعد فما هو إلا إنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السفلى" (أف4: 8، 9) وتنبأ داود النبي عن ذلك فقال في المزمور "أعظمك يا رب لأنك احتضنتني ولم تشمت بي أعدائي أيها الرب إلهي صرخت إليك فشفيتني. يا رب أصعدت من الجحيم نفسي. وخلصتني من الهابطين في الجب.. أية منفعة في دمى إذا هبطت إلى الجحيم.. حوّلت نوحي إلى فرح لي. مزّقت مسحي ومنطقتني سرورًا، لكي ترتل لك نفسي ولا يحزن قلبي. أيها الرب إلهي إلى الأبد أعترف لك" (مز29). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
02 سبتمبر 2019

أحداث المجيء الثاني

قال السيد المسيح لتلاميذه: "وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط منالسماء وقوات السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرضويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلى أقصائها" (مت 24: 29-31). إظلام الشمس كما أظلمت الشمس في يوم صلب السيد المسيح بصورة معجزية، سوف تُظلِم أيضًا ولكن بصورة نهائية في مجيئه الثاني. تنبأ ملاخي النبي عن يوم الصلب وأيضًا عن المجيء الثاني وكتب أن الرب يقول "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها.. هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف" (ملا4: 2، 5) حينما تظلم الشمس الطبيعية، تشرق شمس البر أي السيد المسيح في المجيء الأول: أشرقت شمس الخلاص عندما بسط السيد المسيح ذراعيه على خشبة الصليب. وبهذا كان الشفاء في أجنحة السيد المسيح وهو معلّق في الجو مثل الطائر أو مثل النسر الذي يفتح جناحيه أو يبسط ذراعيه يدعو الجميع إلى أحضانه التي فيها الخلاص. في المجيء الثاني: حينما تظلم الشمس، تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. فكيف تظهر في الظلمة بدون الشمسوالقمر والنجوم إن لم تكن منيرة؟فالاحتمال الأغلب هو أن تكون العلامة هي علامة الصليب المنيرة. لأن الصليب هو علامة المسيحية في كل مكان. وقال معلمنا بولس الرسول: "كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1كو1: 18). وقال أيضًا: "أنتم الذين أمام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوبًا" (غل3: 1). وهذا معناه أن الإنسان المسيحي يرتسم أمام عينيه باستمرار صليب المسيح. علامة ابن الإنسان لذلك فالأغلب أن تكون علامة ابن الإنسان هيعلامة الصليب. وأن تكون مضيئة بقوة حتى يراها الجميع قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف. وهذا ما تسلّمناه من تقليد الكنيسة أن الصليب هو علامة ورمز المسيحية،تتزين به الكنائس وبه تتم مباركة كل الأشياء.. فهو علامة المسيحية وعلامة البركة والخلاص والتقديس. يعقب ظهور علامة ابن الإنسان أن يظهر السيد المسيح نفسه "آتيًا على سحاب السماءبقوة ومجد كثير" (مت24: 30). مجيء ابن الإنسان قال السيد المسيح عن مجيئه الثاني: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب" (مت25: 31، 32)،وقال أيضًا: "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). وقد وصف السيد المسيح عمدًا مجيئه الثاني مرة بقوله "في مجد أبيه"، ومرة أخرى "في مجده"كما أوردنا في الآيتين السابقتين، وذلك ليؤكد لنا أن مجده هو مجد أبيه. فللأقانيم الثلاثة مجد واحد ومُلك واحد وقدرة إلهية واحدة. لأن الجوهر الإلهي واحد غير منقسم بالإضافة إلى ذلك فإنه قد استخدم لقب "ابن الإنسان" في حديثه عن مجد أبيه السماوي ليؤكد أن "ابن الإنسان" هو هو نفسه "ابن الله" أي أن المولود من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته هو هو نفسه الذي تجسد في ملء الزمان وولد من العذراء القديسة مريم بحسب ناسوته وصار ابنًا للإنسان دون أن يتغير عن ألوهيته جاعلًا ناسوته واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير هذا ما نردده في التسبحة المقدسة عن أن ابن الله هو نفسه صار ابنًا للإنسان بقولنا (لم يزل إلهًا، أتى وصار ابن بشر. لكنه هو الإله الحقيقي أتى وخلّصنا( (ثيئوطوكية يوم الخميس qeotokia) نعود إلى حديث السيد المسيح عن مجيئه في مجده أو في مجد أبيه فنقول إن هذا المجيء المملوء مجدًا سوف يكون مفرحًا للأبرار لأن به نجاتهم من الضيق العظيم ولكنه سوف يكون مخيفًا ومرعبًا للأشرار. لذلك قال: "تنوح جميع قبائل الأرض" (مت24: 30). وتتحقق النبوة "فينظرون إليَّ الذي طعنوه" (زك12: 10) لن يكون خوف الأشرار هو نوع من التوبة. لأن التوبة ينبغي أن تقترن بمشاعر الحب للرب والعرفان بقيمة دمه المسفوك من أجل غفران الخطايا لكل من يؤمن ويتوب ويتبرر. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
05 سبتمبر 2019

ملكوت السماوات

ملكوت السماوات أعده الله للقديسين قبل إنشاء العالم كما قال السيد المسيح عن دعوته للأبرار: "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت25: 34) في هذا الملكوت السماوي سوف يلتقي الأبرار من البشر ومن الملائكة حول العرش الإلهي ليشتركوا معًا في تسبيح الله وتمجيده بفرح لا يعبَّر عنه، وبمجد ليس له نظير في العالم المنظور. وهو "ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو2: 9) لقد اختار الله الآب في المسيح جميع القديسين الذين سوف يتأهلون لميراث ملكوت السماوات لأنه سبق فعرف أنهم سوف يستجيبون لدعوة محبته بالفداء الذي أكمله الابن الوحيد لأجلهم. وقد شرح معلمنا بولس الرسول ذلك بكلمات رائعة في فاتحة الرسالة إلى أهل أفسس إذ قال: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته، لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب. الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته التي أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه، لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضًا نلنا نصيبًا معينين سابقًا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأى مشيئته" (أف1: 3-11) ملكوت السماوات حتى الآن لم يدخله ذو طبيعة بشرية إلا السيد المسيحفقط الذي ذهب هناك كسابق للقديسين ليعد لهم مكانًا كما قال هو بنفسهلتلاميذه: "لا تضطرب قلوبكم أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم أنا أمضى لأعد لكم مكانًا، وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو14: 1-3) وفي مناجاته مع الآب السماوي قبل الصلب "تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال.. أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو17: 1، 24) إن أرواح القديسين تنتظر في الفردوس ولكن هؤلاءالقديسين سوف يدخلون إلىملكوت السماوات بعدما يأتي السيد المسيح فيمجيئه الثاني للدينونة ويأخذهم معه بعد أن يدعوهم للقيامة من القبور وقد شرح القديس بولس الرسول أن ملكوت السماوات ليس على الأرض بأقوال متعددة مثل قوله: "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان. لأن كل رئيس كهنة يُقام لكي يقدم قرابين وذبائح. فمن ثم يلزم أن يكون لهذا أيضًا شيء يقدّمه. فإنه لو كان على الأرض لَما كان كاهنًا إذ يوجد الكهنة الذين يقدّمون قرابين حسب الناموس،الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أوحى إلى موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن" (عب8: 1-5). "فكان يلزم أن أمثلة الأشياء التي في السماوات تطهر بهذه وأما السماويات عينها فبذبائح أفضل من هذه. لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب9: 23، 24) وأكّد القديس بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين أن السيد المسيح قد دخل إلى السماء عينها كسابق للقديسين فقال: "حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب6: 20) كذلك أكد أن السيد المسيح قد صعد إلى السماوات مرة واحدة بعد قيامته من الأموات فقال: "بدم نفسه دخل مرة واحدةً إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12) وتكلّم أيضًا عن السماء ودعاها مدينة الله الحي وأورشليم السماوية حيث الملائكة الذين يحيطون بعرش الله فقال: "قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين" (عب12: 22، 23) وتكلّم السيد المسيح كثيرًا عن ملكوت السماوات ليجتذب أنظار التلاميذ نحو السماويات فقال على سبيل المثال:"يشبه ملكوت السماوات إنسانًا ملكًا صنع عرسًا لابنه وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس" (مت22: 2، 3) وقال عن نهاية العالم "حينئذ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس والمستعدات دخلن معه إلى العرس فاسهروا إذًا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان" (مت25: 1، 10، 13). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
07 أكتوبر 2019

الأنبا انطونيوس والأريوسية

في إطار الحديث عن الرهبنة، ودفاعها عن الإيمان الأرثوذكسي؛ وهو الأمر الذي امتدّ عبر قرون طويلة؛ يستوقفنا ما فعله القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أب الرهبان في العالم عندما احتدم الصراع بين البابا القديس ألكسندروس (19) ومن بعده خليفته القديس أثناسيوس (20) مع أريوس وأتباعه؛ وكان أريوس قد نشر بدعته في الأسكندرية حتى اعتنقها 700 شماسة مكرسة و12 من الشمامسة و7 من الكهنة واثنين من الأساقفة، وقام بتأليف ترانيم جذّابة يروّج بها بدعته، واستخدمها أتباعه للترويج لتعاليمه المدمِّرة في الإسكندرية: وقتها ترك القديس أنطونيوس البرّية الشرقية لأول مرة منذ بداية خروجه إليها، ونزل إلى مدينة الإسكندرية العظمى. فتجوّل القديس أنطونيوس في شوارع الإسكندرية، وتهافت الشعب على رؤيته وأخذ بركته، والتطلُّع إلى وجهه الممتلئ نعمة وروحانية نورانية في شيبة مقدسة. وكانوا يسألونه: أيهما نتبع إيمان أثناسيوس أم إيمان أريوس؟ فكان يجيبهم إن إيمان أثناسيوس هو الإيمان المسيحى الأرثوذكسى الصحيح ومن أمثلة الخداعات الماكرة التى كان أريوس يستخدمها في نشر بدعته الخطيرة بأن الابن الكلمة مخلوق وأن الآب وحده هو الإله الحقيقي؛ إنه كان يقتبس من إنجيل يوحنا قول السيد المسيح الذي قاله لتلاميذه: «لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي» (يوحنا 14: 28). ويستند أريوس (بعدم فهم) على ذلك ويقول: إن الآب أعظم من الابن؛ وبذلك لا يمكن أن يكون الابن مساويًا للآب في الجوهر، ولا في المجد، ولا في الربوبية. وأن الابن مولود من الآب بإرادة الآب وليس بالطبيعة؛ وبالتالي فهو ليس إلهًا حقًّا من إله حق: أى ليس إلهًا حقيقيًا!! وأن الآب قد أوجده من العدم ثم خلق بواسطته العالم أي كل الخليقة!!! وردّ القديس أثناسيوس على أريوس وقال: إذا كان المسيح هو كلمة الله "اللوغوس" Logos أي العقل الإلهي منطوق به بالولادة من الآب العاقل: فبأي عقل خلق الله له عقلاً، وبأي كلمة عقلية خلق له كلمة؟! وهل يجوز أن نقول إن الله كان بغير الكلمة قبل كل الدهور أي قبل الأزمنة الأزلية؟؟ أمّا بالنسبة لقول السيد المسيح إن «أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي» (يوحنا 14: 28)، فإنه يقصد أنه قد أخفي مجده بالتجسد بواسطة الناسوت الذي اتخذه بالروح القدس من العذراء القديسة مريم والدة الإله، لكي يمكن أن يتمِّم الفداء بأن يقبل الإهانات والظلم والصلب والموت الجسدى وهو في هذا العالم أي على الأرض. أمّا عند دخوله إلى السماوات العليا فإنه لا يلزمه أن يخفي هذا المجد. لهذا ففي مناجاته للآب قبل الصلب، وفي نفس إنجيل يوحنا قال للآب: «أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. والآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ» (يوحنا 17: 4-5). ومعنى ذلك كله أن السيد المسيح كان يقول لتلاميذه إنهم لو كانوا يحبونه لكانوا يفرحون بتمجده بصعوده إلى السماوات عند الآب لأن مجده في وضعه الكامل هناك مع الآب وليس على الأرض في مجيئه الأول فهو قد أخفى مجده لسببين:- الأول: لكى يمكن أن يتمّم الفداء، الثاني: لأنه لو أظهر ملء مجده لمات جميع من رأوه من البشر. ولذلك قال السيد المسيح لموسى النبي عند جبل سيناء حينما قال له موسى: «أَرِنِي مَجْدَكَ» (خروج 33: 18) وهو يقصد ملء مجده «الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ» (خروج 33: 20). وكان الذي تكلم مع موسى وقتها هو الابن الكلمة في أحد ظهوراته في العهد القديم؛ وقال له إنه سيضعه في نقرة الصخرة، ويضع يده على الفتحة ويعبر، ثم يراه موسى من الخلف؛ أي لا يعاين ملء مجده وحتى حينما حضر إيليا النبي وهو مازال حيًّا مع روح موسى النبي في لقاء مع السيد المسيح على جبل التجلي؛ وصار وجه السيد المسيح يلمع مثل الشمس وهي تضيء في قوتها، وصارت ثيابه بيضاء ناصعة كالثلج؛ إلا أن هذا أيضًا كان شعاعًا من مجده الإلهى وإلّا لمات إيليا النبى وكذلك بطرس ويعقوب ويوحنا الذين شاهدوا هذا المنظر العجيب إن السيد المسيح في قيامته من الأموات قام بجسد ممجد لا يقوى عليه الموت وقال لتلميذى عمواس: «أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ» (لوقا24: 26) ولكنه بالرغم من ذلك لم يظهر بعد القيامة بمجده الإلهى الكامل الذي لا يحتمل أحد من البشر في هذا العالم أن يراه ويعيش، بل قال معلنًا بولس الرسول عن تجسد الكلمة: «وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، اومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ» (تيموثاوس الأولى3: 16) أي أن السيد المسيح قد صار في مجده الإلهي الكامل (حتى بحسب ناسوته) بعد صعوده إلى السماوات. نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد
18 نوفمبر 2019

عمل الله

عمل الله ينبغي أن نفهم أنه يفوق توقع البشر. لذلك قال إشعياء النبي «مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟» (إش53: 1). وتكلم بعد ذلك مباشرة عن تقديم السيد المسيح نفسه كذبيحة عن خلاص العالم وقال «كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ» (إش53: 7). وقال «إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ» (إش53: 10). وقال أيضاً إنه «حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ» (إش53: 12). إنها أنشودة الخلاص تغنّى بها إشعياء النبي وهو يقول عن المسيح الفادي المخلص «مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا» (إش53: 5).لذلك بدأ كلامه بقوله «مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟». وفى نفس الاتجاه كتب معلمنا بولس الرسول إلى أهل أفسس عن عمل الله «الْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أف3: 20).ما أجمل هذه الكلمات أن الله يعمل «أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ». فنحن نطلب ونصلي ونتصور أن يعمل الله ويستجيب. ولكن الحقيقة أنه يستجيب بما يفوق ما نطلبه، وبما يفوق ما نفتكر فيه بمراحل.لذلك بدأ بولس الرسول كلامه هذا بقوله «بِسَبَبِ هَذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ» (أف3: 14-19).عمل الله أيضاً قال عنه موسى النبي لشعب إسرائيل عندما تعقبهم فرعون بجيشه ومركباته «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ الَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ الْيَوْمَ... الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ» (خر14: 13 و14).وقال الرب لموسى «ارْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ. وَهَا أَنَا أُشَدِّدُ قُلُوبَ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى يَدْخُلُوا وَرَاءَهُمْ فَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَكُلِّ جَيْشِهِ بِمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ» (خر14: 16 و 17).من يتصور أن شعبًا أعزل في البرية يهزم جيشًا مُسلَّحًا بمركباته وفرسانه. ومن يتصور أن يعبروا البحر الأحمر إلى برية سيناء بدون أيّة وسيلة للعبور. وحدث ذلك إذ «مَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ. فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ» (خر14: 21، 23).إن هذا يذكرنا بالشعر الذى كتبه مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث عن الكنيسة القبطية إذ خاطبها قائلاً:اسألي عهد المعز فهو بالخبرةِ يعلمْاسأليه كيف بالإيمان حرّكتِ المقطمْ جبلٌ قد هُزَّ منكِ وإذا شئتِ تحطمْ نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل