الراهب سارافيم البرموسي

Large image

الاسم بالإنجليزية: Reverend Monk Father Seraphim El-Baramousy.
الرسامة على دير: دير البرموس وادي النطرون مصر.
هو مسئولًا عن بيت خلوة دير البرموس بدءًا من مايو 2013. ...more

المقالات (3)

05 مارس 2024

جوهر الصوم

"ما ألذُّ وأطيب خبز الصوم لأنه معتوق من خمير الشهوات "القديس نيلُس كلمة صوم هي كلمة عبرية الأصل؛ צום (تس وم)، والصوم في معناه اللُّغوي هو الانقطاع عن الطعام، إلاّ أن المعنى الروحي للصوم يترجّى الحواس والقلب والذهن، هو صوم الكيان الإنساني بجملته بحثًا عن الله بعيدًا عن مجاذبات المادة التي تحيط بنا حتى في صميم أجسادنا الترابيّة. وقد يعتقد البعض أن الصوم ينحصر في التوقف عن الطعام أو في تغيير نوع الطعام!! إلا أنه، في جوهره، يبدأ بتوقف حركة الطعام، ليتهيّأ الجسد للدخول في عباءة الروح السابحة نحو الله؛ فالروح لا تنطلق بمعيّة الجسد الممتلِئ والمنغمس في طلب غذاءه، ولكنها تنطلق حينما يُخضِع الروح، الجسد، في رحلة الأبدية ولقد صام المسيح على الجبل قبل البدء في خدمة الخلاص والفداء العلنيّة، وهذا لكيما يرشدنا إلى نقطة البداءة في أي عمل يتطلّع للأبدية ويسعَى للملكوت، فالمسيح لم يكن في حاجة جسديّة للصوم، وذلك لنقاوة روحه الإلهيّة التي لم تنفصل عن الجوهر الإلهي، وبالتالي لم تتدنّس بالميل للتراب والتلوث بالشهوة ولكن كان صوم المسيح، بجانب حمله للبشريّة في جسده الصائم، كما تحدث الكثير من الآباء، هو بمثابة درس تعليمي لمن يريد أن يخطو أولى الخطوات بالروح، ولمن يريد أن يضع يده على المحراث في تلك الرحلة التي تمتد بمدى الحياة في الجسد ولقد أدركت الكنيسة ذلك الدرس الأولي والبدائي، في الحياة بالروح، وقنّنت الصوم وجعلته موسميًّا، لكي تستحث المسيحيّين لتذوق دسم الصوم بعيدًا عن دسم الغذاء، وأيضًا لكي تحيي حياة الشركة بين أعضاء الكنيسة، حينما يقولون بفمٍ واحد “لا للمادة” و“نعم للروح”، هنا تصبح الشركة في الكنيسة ليست مفهومًا نظريًّا ولكن واقعًا يظهر في التوقُّف الجماعي عن الطعام، واستبداله بالصلاة، غذاء الروح إنَّ الصوم هو صرخة يطلقها الجسد المتألّم بالخطيئة، حتى تتدخّل الروح، برفع أيديها العقليّة إلى السماء، لينزل سكيب الطهارة والنقاوة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- ليغمر الجسد والروح معًا.. فالإنسان ليس كيانًا مجزَّئًا، يمكنه أن يتطهّر في الروح بينما يبقَى الجسد متدنسًا خاطئًا مائتًا!! كما لا يمكن للجسد أن يتطهّر بمعزل عن الروح، فالإنسان كيانًا متكاملاً يسعَى بجملته للأبديّة، بالجسد وبالروح والصوم يمنحنا القدرة على التفطُّن والتيقُّظ لتلك الحرب التي تدور أحداثها على أرض قلوبنا الداخليّة، ذلك الصراع القائم بين روح الله وروح العالم، بين صورة الله وصورة إبليس، بين منطق الزمن ومنطق الأبديّة هنا ويبقَى الصوم هو الوقت المثالي الذي نستطيع فيه أن نرتحل داخل ذواتنا حاملين مصباح الروح بحثًا عن الزوان الذي بذره الشيطان على أرضيّة قلوبنا ونحن سكارى بالطعام والشراب واللّذة ندخل حاملين كلمة الله، لكيما تُنَقِّي ذلك الحقل الداخلي، ونحن في صلاة، تترجّى التطهُّر من رائحة الدنس، التي تفوح من جذور الخطيئة المتعفّنة في تربة قلوبنا وحينما نصوم فإننا نُفقِد نبتة الشر والخطيئة، الضاربة قلوبنا، قوَّتها، فيسهل على الروح انتزاعها من جذورها، باذرًا عوضًا عنها، بذار السلام السمائي الذي هو عربون ملكوت السموات الصوم هو رياضة روحيّة لترويض الغرائز قبل أن يكون عمل جسدي يستهدف البطن!! فهو بمثابة السكين الباتر لأجنحة الغرائز والتي تريد أن تتحكّم في مسيرة الإنسان وتصيّره عبدًا لمتطلباتها؛ فالجسد يريد أن يأكل ويشرب ويمرح دون حدود وضوابط، يتعدّى احتياجه الطبيعي في محاولة مستمرّة لاستدامة اللّذة بإعطائها ما تنشده على الدوام وهذا يؤول في النهاية إلى ضمور في قوى الإنسان الروحيّة التي تنمو فقط من خلال ضبط الجسد وتقنين حاجته حسب الطبيعة وليس حسب اللّذة في النهاية يجب أن تدرك أنّ الصوم ليس عملاً بطوليًّا، بل هو نعمة إلهيّة، نقرع باب مراحم الله حتى نتأهّل لها، من أجل كسب جولة هامة وأساسيّة في معاركنا الروحيّة؛ ألا وهي ضبط الجسد كمدخل لضبط الذهن والقلب. ولكن الصوم إن تحوّل إلى جهد ذاتي صرف، فإنه يقود الشخص للكبرياء والشعور بالتفوّق والتميُّز عن الآخرين، وهو شعور يبتعد بالإنسان بعيدًا عن مساكن الروح، ويجعله يحيا خدعة العبادة من خلال الصوم، وهو في واقع الأمر يتعبّد لذاته لذا فإنّ الصوم والصلاة يجب ألا يفترقا؛ فالصوم مدخل لضبط الحواس والقلب والذهن، والصلاة مدخل لرفع الصوم كذبيحة مقبولة أمام الله، لأنها نابتة من بين وديان التواضع والوادعة والشعور بالاحتياج والمعونة دنس قلوبنا، فلنطهره بالمحبة بواسطة الصلاة والصوم والأعمال اللائقة عن إبصالية واطس (للأربعين المقدسة) أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد
10 يناير 2022

ميلاديات ج2

كان اختيار الرب يسوع مكان الميلاد وطريقة الميلاد ورفقة الميلاد مبادئ أراد أن يرسيها؛ فالحياة الجديدة لن تنسكب في الأواني المُذهّبة ولن تتفتّح أزهارها تحت أضواء مصطنعة ولن تُحقّق توقعات البشر بألوهة القوّة وتسامي الملوكيّة؛ فالمزود مبدأ يبدأ في التثبُّت منذ الآن فصاعدًا كأحد أعمدة الإيمان الجديد. لذا فإنّ مَنْ لم يستطِع اكتشاف المسيح ملكًا في قماط الطفولة في بيت لحم، يصعب عليه الاعتراف بربوبيّته عند الصليب أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد
03 يناير 2022

ميلاديات ج1

لم يكن ميلاد المسيح مجرّد حدث عظيم تناقلته البشريّة في مؤلفاتها التاريخيّة وسطرته أقلام المسيحيين في كتاباتهم التقويّة. ولم يكن مقدم المسيح هو إعلان عن مولد ملك يحمل الرفاهيّة لشعوب ترزح تحت سطوة الفقر والفاقة والمرض والشقاء. ولكنه كان الحدث الذي أدخل الفرح من جديد للكيان البشري المنهار من قسوة العبوديّة تحت سلطان الموت وإمرة الشيطان وأصفاد الخطيئة؛ فالشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا وتناقل الفضاء أصوات الملائكة بالفرح العظيم الذي لامس الأرض البشريّة الجدبة، وأصبحت الحياة -بعد مولد المسيح- هي احتفالية إنسانيّة / إلهيّة، بالتصالح الذي تمّ بتجسد الابن الوحيد، مخلِّص العالم. وهو ما دعا القديس كليمندس ليقول في كتابه المتفرقات (Strom. vii, 49) بأنّ: [كلّ هذه الحياة بمثابة احتفاليّة مقدّسةΑπας δὲ ὁ βὶος πανὴγυρις ἁγὶα]. إنّها احتفالية بالنور الذي بدَّد غياهب الظلمة والحق الذي حرَّر الوعي الإنساني من ضبابية الباطل وزيف المسلمات البشريّة. من هنا كان الفرح المسيحي هو التعبير الصادق عن الوعي بما تمّ بتجسُّد المسيح. إنّ ميلاد المسيح هو الحدث الذي رفع أعين البشريّة نحو الملكوت الغائب عن واقع البشر، وهو الذي دفعهم لتبني أعين اسخاطولوجيّة ترصد ببصيرة ممسوحة بالروح، ما لا تره عين، لأن قياسها تحرَّر من مركزيّة المادة والزمن، وأصبحت تشخص في الأبديّة كما لو كانت موطن سكناها الآني. لذا فإن هذا الميلاد قد قسَّم التاريخ إلى حقبتين؛ قبل الميلاد وبعد الميلاد، الحقبة الأولى هي حقبة الرموز والتساؤلات والحيرة، بينما الحقبة الثانية هي حقبة المعاينة والملامسة والسكنى الدائمة لله في الإنسان وللإنسان في ملكوت الله. أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل