القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة الشهيد ( سيرته وكتاباته)

Large image

أولًا: سيرة القديس:
1- ميلاده:
وُلد ثاسكيوس كابلكيانوس كبريانس في قرطاجنة سنة 208 م. في بيت ذي مركز وجاه وثقافة، ومن أبوين رومانيين وثنيين وثريين.
2- ثقافته:
وفي مطلع شبابه، أصبح خطيبًا بارزًا، ثم معلمًا في الخطابة والفصاحة.
3- إيمانه:
لمس الله قلبه على يد قس نقى اسمه كابلكيانوس فاعتنق المسيحية وقبل سر العماد 245 م. ووزع ثروته على الفقراء والمساكين.
4- رسامته كاهنًا:
فلما رأى أسقف قرطاجنة ما صار إليه الرجل الفذ، رسمه كاهنًا.
5- رسامته أسقف:
ثم خلا كرسى قرطاجنة بوفاة راعيها، فألح الشعب بتسليم عكاز الرعاية إلى كبريانوس الذي تسلم مهام المنصب في مطلع عام 249 م.
6- فضائل كبريانوس
كان كبريانوس رجل الصلاة والتأمل والتأليف. وكانت فضيلة المحبة والعطف على الناس في مقدمة فضائله.
وكان مجردًا عن مطامع الدنيا وخيراتها، لذلك لم يكن يعمل حسابًا لرجل كبير أو لرئيس خطير. بل كان يسير في عمله وخدمته إلى الأمام، لا يعرف سوى سلطان الواجب. وكان يبذل الدرهم بلا حساب في سبيل الفقراء والمعوزين. ولما كان البرابرة يجتاحون أطراف المملكة الرومانية، ويسوقون المسيحيين أسرى إلى بلادهم كان كبريانوس يهبّ لمساعدتهم، ويمد يد المعونة إلى أساقفتهم لأجل اقتدائهم.
7- استشهاده
وعندما بدأ كبريانوس تولى مسئوليته كأسقف، كان يتربع على الإمبراطورية الرومانية الأمبراطور ديسيوس (249-251). أي أن كبريانوس بدأ أسقفيته مع الاضطهاد المروع الذي أثاره هذا الإمبراطور على الكنيسة المسيحية ولم يستشهد في ذلك الوقت قام الملك فالريانس سنة 257 م.، يضطهد كنيسة الله ويدمرها شعر القديس كبريانوس في نفسه بأن الله يدعوه إلى أمجاد ملكوته، وأن ساعته قد أتت وأن الرب يسوع الكاهن الأعظم يريده ذبيحة نقية على مذابح حبه، فلم يتوارَ كالمرة الأولى، بل أخذ يقول: "إني أريد أن أموت لأجل إلهي. ينبغي لنا أن نفكر الآن في الحياة الدائمة أكثر مما نفكر في الموت وبقى مثابرًا على جهاده وعلى أعمال غيرته، بلا توان، ولا وجل حتى أمسكوه وقادوه إلى وكيل القنصل الروماني باترنس، وكان يعرف مكانه كبريانس في كل القارة الأفريقية " الشمالية"فلما أقبل كبريانوس أمام وكيل القنصل باترنس، دار بينهما الحوار التالي:
القنصل: إن ملوكنا الأعزاء القاهرين شرفونى برسائل، بها يأمرون الناس أجمعين بوجوب تقديم العبادة والإكرام الآلهة المملكة. فما رأيك؟
كبريانوس: أنا مسيحي.
ونحن معشر المسيحيين لا نعبد سوى الله. وتضرعاتنا تصعد إليه كل صباح وكل مساء لأجلنا ولأجل جميع البشر، وعلى الأخص، لأجل توفيق المملكة وملوكها.
القنصل: ألا تزال مصرا على عزمك؟
كبريانوس: إن مقاصد الخير، التي يهدينا الله إليها، لا يمكن أن تتغير أو تتبدل.
القنصل: تهيأ إذن للذهاب إلى كورنشس، حيث يأمر فالريانس وغاليانس بإبعادك.
كبريانوس: أنا مستعد للسفر.
القنصل: إن الأوامر التي في يدي لا تشمل الأساقفة فحسب، بل الكهنة أيضًا. فمن كهنة هذه المدينة؟
كبريانوس: إن الشرائع الرومانية تحظر على الناس الوشايات، فكيف تطلب منى أن أشي بهؤلاء الكهنة؟
القنصل: لا بأس من سكوتك عنهم، فسوف أعرفهم. ثم إن أوامر القياصرة تمنع كل اجتماع في أي مكان كان، ولا يُسمح بدخول المقابر لإجراء الاحتفالات. وكل من يخالف هذه الأوامر يموت موتًا.
كبريانوس: أعمل بحسب الأوامر الصادرة إليك وبعد هذا التحقيق السريع، سيق كبريانوس إلى المنفى. فلبث، وهو بعيد عن أولاده يبث فيهم روح الشجاعة برسائله وصلواته ثم أطلق سراحه وعاد إلى كرسيه، ولكن لأيام معدودة، حيث قُبض عليه من جديد وأحضر أمام والوالي، فقال له:
الوالي: هل أنت كبريانوس؟
كبريانوس: أنا هو.
الوالي: إن القياصرة المجيدين يأمرونك بأن تقدم الذبائح للآلهة.
كبريانوس: لا أستطيع أن أفعل شيئًا من هذا.
الوالي: فكر جيدا في أمرك.
كبريانوس: أصنع ما بدا لك، لأن الأمر لا يحتاج إلى إعمال الفكرفاستشار الوالي مجلسه، ثم حكم على الأسقف بقطع الرأس. فقال كبريانوس "الشكر والحمد لك يا إلهي. لأنك تتفضل بإخراج نفسي من هذا الجسد القاني" فسيق إلى مكان الإعدام، وكان المسيحيون بألوف يزحمونه، وتسلق البعض منهم أعالي الشجر ليتمكنوا من مشاهدته ساعة إعدامه وكانت الدموع تسيل من جميع العيون، وفرش البعض من حوله مأزر ومناديل ليتلقوا بها دمه فخلع كبريانوس عنه رداءه، وجثا على ركبتيه وأخذ في الصلاة. ثم ترك أيضًا ثوبه ولم يبق عليه سٍوى قميص من كتان. وأمر بان يعطى الجلاد خمسة وعشرين دينارا ذهبيًا، وشجعه على القيادة بعمله، ثم دنا منه كاهن وشماس، وكان هو ثابت لا يكف عن الصلاة بحرارة وإيمان فوقف الجلاد على رأسه وفرائصه ترتعد من هذا المشهد المريع، ثم ضربه بالسيف فقطع رأسه. وطارت نفسه إلى المجد حيث مقر الشهداء والقديسين وأسرع الناس إلى دمائه الزكية المتفجرة يتبركون منها. وعند المساء حملوا الشموع ونقلوا جثته إلى مدفنها بكل خشوع وإكرام. فكانت عظته الأخيرة أروع ما نطق به أمام شعبه من تعاليم الإيمان والخلاص، وكان ذلك في اليوم الرابع عشر من شهر سبتمبر سنة 258 م ولقد قال فيه القديس أغسطينوس: "إذا كانت بعض الغيوم قد مرّت على تلك النفس النيّرة، فإنها تبددت بدمها المسفوك لأجل المسيح. إن القلوب التي تملأها النعمة، تبقى فيها أحيانًا أشواكًا برية لكن الفلاح الأكبر لا يلبث أن يقتلها".

عدد الزيارات 2499
عدد مرات التحميل 556
تحميل

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل