الحياة الرسولية بین الحرية والفرح الدائم
كثيرا ما تثور في ذهننا تساؤلات ، مثل :
لماذا يدعونا مسيحنا المصلوب إلى الطريق الضيق ؟
هل يريد أن يحرمنا من الفرح ، غذاء حياتنا ؟
هل يريدنا أن نكون في جدية بلا فرح ؟
كيف اجتذب الرسل العالم وحولوه إلى كنيسة متهللة ؟
كيف تصلب مع المسيح وفي نفس الوقت نقتني الحياة السماوية ؟
كيف عاشت الكنيسة الأولى الكهنة والشعب ؟
كلما اشتركت في الصلاة من أجل أحد الأحباء الراقدين تنازعني مشاعر تبدو متضاربة . أرى أمامي موكب أسرة الراقد وأصدقائه وزملائه وجيرانه ، وقد بدت علامات الحزن على الكثيرين منهم بسبب آلام الفراق . هنا أشتهي أن تتسلل الدموع من عيني كما " بكى يسوع " ( يو 11 : 35 ) . حينما رأى مریم ومرثا ومن معهما من النسوة يبكين لعازر الذي مات ودفن وأنتن . لكن تنازعني مشاعر أخرى وهي مشاركة الملائكة وجميع الطغمات السمائية فرحهم وتهليلهم بانتقال نفس أمينة لتنضم إلى صفوف المنتصرين في الفردوس ، لكي تلتقي مع العريس السماوي يوم العرس الأبدي . وكما يقول القديس يوحنا الحبيب : " رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيأة كعروس مزينة لرجلها " ( رؤ ۲۱ : ۲ ) . موكبان عجيبان ، موكب منظور على الأرض ، يلزمنا أن نشاركه مشاعره ، إذ يقول الرسول : " فرحنا مع الفرحين ، وحزنا مع الحزاني " ( رو ١٢ : 15 ) . وموكب غير منظور في السماء يعلن فرح السمائيين بخلاص كل إنسان وعبوره بسلام من العالم ليحيا شريكا مع السيد المسيح في أمجاده . ارتدت والدة القديس غريغوريوس النزينزي ثياب العيه عندما حضرت جنازة ابنها قيصريوس !
خلق الله الإنسان ككائن متهلل ، يمارس على الأرض الحياة السماوية التي لا تعرف إلا الفرح الدائم . يرنم المرتل ، قائلا : " اهتفوا أيها الصديقون بالرب ، بالمستقيمين يليق التسبيح . احمدوا الرب بالعود ، بربابة ذات عشرة أوتار رنموا له . غنوا له اغنية جديدة ؛ احسنوا العزف بهتاف " ( مز ۳۳ : ۱-۳ ) .
آلة موسيقية فريدة
يذكر المرتل آلتين موسيقيتين هما العود والربابة ذات العشرة أوتار ، ليعلن أنه يليق بالإنسان كموسيقار فريد أن يسبح الله ويعزف التسابيح بكل كيانه بجسده كما بنفسه ؛ أو بلسانه كما بقلبه ، أو جهارا كما سرًا .يسبح الصديقون الرب بأجسادهم التي يقدمونها ذبيحة حية مقبولة ( رو ۱۲ : ۱ ) . يقول القديس أغسطينوس : [ ليته لا يفكر أحد في الآلات الموسيقية التي للمسارح ، فالأمر هنا يشير إلى أمور داخلية ، كما قيل في موضع آخر : في يا الله أرد لك التسبيح " . ]
للأطفال عالمهم الخاص الذي يليق بالوالدين – كما بالقادة – أن يتعرفوا عليه لكي يدخلوه ، لا بروح السلطة وحب الامتلاك ، ولا بروح الاستخفاف والاستهانة ، وإنما بروح الحب والاتزان والوقار ، لكي يعيشوا معهم في " عالم الطفولة " ، ويتدرجوا بهم إلى " عالم المراهقة " ، ثم " عالم | النضوج " ، حيث يتدرب الأطفال جنبا إلى جنب مع مربيهم ، وينمو الجميع معا فيالمعرفة والخبرة . الآن ، ما هو عالم الطفولة اللائق بنا أن نتعرف عليه ، ونعيشه مع أطفالنا ؟ ما أتكلم عنه هو الاهتمام بقلوب الأطفال والتقوى . هذا واجب مقدس ، من ينتهكه يرتكب بصورة ما جريمة قتل للأطفال . ليصر كل شيء في المرتبة التالية بعد اهتمامنا بأولادنا ، فنربيهم في تعليم الرب وإنذاره ( أف ٦ : ٤ ) .القديس يوحنا ذهبى الفم
سمحت لي عناية الله أن استقبل عيد القيامة المجيد أو عيد الفصح المسيحي لعام ۲۰۰۷ م على سرير المرض منذ الأسبوع الأخير من الصوم الكبير . كانت الفرصة رائعة للعودة إلى يوم دخول السيد المسيح أورشليم ليقدم نفسه فصحا عن العالم كله ، ممارسا عمله الكهنوتي السماوي ، فهو الذبيح الفريد وهو الكاهن الأعظم . وددت أن أسجل لنفسي الاستقبالات والتحركات الفريدة التي تحققت لعيد فصح فريد .
هل من ضرورة لموكب أحد الشعانين ؟
انشغل الإنجيليون الأربعة بوصف موكب أحد الشعانين ، أو دخول السيد المسيح إلى أورشليم ليقدم نفسه فصحا لأجل العالم كله ، بكونه الذبيحة والكاهن والملك . كما انشغلوا بوصف الأحداث السابقة لدخوله مباشرة . تحدثوا بتفاصيل دقيقة ، لأنها تمس الخلاص الذي كان ولا يزال يشغل قلب الله إن صح التعبير ، كما أدهشت الطغمات السماوية ، وهزت كيان إبليس وكل مملكته ، وألهبت قلوب المؤمنين بالحب الإلهي والأخوي ، كما فتحت أمامهم أبواب السماء .