الكتب

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر هوشع

الأنبياء الصغار جاءت هذه التسمية "الأنبياء الصغار" في الترجمة السبعينية والفولجاتا، لكنها لم تُذكر في النسخة العبرية. لم تقم هذه التسمية بسبب صغر شأن هؤلاء الأنبياء بين بقية أنبياء العهد القديم، وإنما لمجرد قصر نبواتهم المكتوبة.اهتم اليهود بهذه الأسفار فوضعوها معًا في سفر واحد بكونها تخدم هدفًا متكاملاً، إذ هي تغطي الفترة الحالكة الظلام التي عاشتها مملكتا إسرائيل ويهوذا، سواء قبل سبي إسرائيل بيد أشور أو سبي يهوذا بيد بابل، وأثناء السبي وبعه أيضًا. وقد سبق لنا توزيع هؤلاء الأنبياء على هذه الفترة الطويلة1. هوشع: "هوشع" كلمة عبرية تعني (يهوه يخلص)، منها جاءت كلمة "يشوع" أو "يسوع". وهو من أنبياء ما قبل السبي، وقد شاهد سبي إسرائيل أو سقوط السامرة عام 722 ق.م بواسطة آشور، وقد عاصر أشعياء النبي (راجع هو 1: 1، إش 1: 1) وميخا النبي في يهوذا، كما عاصر عاموس في إسرائيل.لعل ذكره "إفرايم" لا بمعنى سبط إفرايم وحده، وإنما مملكة إسرائيل الشمالية كلها، 36 مرة، يوحي إلينا أنه كان من مواطني جبل إفرايم.يعتبر هوشع نبيًا لإسرائيل، وإن كانت نبواته قد شملت أحيانًا يهوذا، قيل أنه في أواخر أيامه ذهب إلى يهوذا وتنبأ هناك. ظروف النبوة 1. يوحي لنا هذا السفر حالة الانحلال الخلقي والديني التي جاءت بعد حكم يربعام الثاني، ففي طّي نبواته صدى واضح لحوادث الفوضى وجرائم القتل وعبادة الأوثان والزنا والكبرياء، كما تحوي النبوة أيضًا وصفًا لحالة الركود الروحي التي اتسم بها الشعب في كل فئاته من قيادات دينية أو مدنية اورعية حتى نسوا الرب (هو 13: 6)، الأمر الذي جعله يتحدث عن إسرائيل بكونها أرضا، قائلاً: "لأن الأرض قد زنت" (1: 2)، "لا معرفة الله في الأرض" (4: 1)، "لذلك تنوح الأرض" (1: 3)... لقد صارت إسرائيل أرضًا وترابًا بسبب فسادها. وقد ركز كثيرًا على حرمانها من معرفة الله، مكررًا ذلك في أكثر من موضع (4: 1، 6؛ 5: 4؛ 6: 3، 6) مع أنه خطبها لنفسه بالأمانة لتعرف الرب (2: 20). 2. كان هوشع النبي معاصرًا لستة ملوك في إسرائيل، وقد ظل العرش الملكي شاغرًا قرابة إحدى عشر عامًا، لذا قال: "إنهم الآن يقولون لا ملك لنا لأننا لا نخاف الرب" (10: 3). ولعله بسبب هذه الظروف وعدم الاستقرار، ولأن الهجوم الأشوري كان وشيك الحدوث جاءت النبوة بكلمات شديدة الوطأة، مختصرة على قدر الإمكان.

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر دانيال

سفر كل مؤمن من الشعب لسفر دانيال أهمية خاصة في حياة المؤمنين، فهو ليس سجلاً لحياة دانيال النبي ولا تاريخًا لحقبة من تاريخ بني إسرائيل أثناء السبي البابلي، لكنه كتاب إلهي يُقدمه لنا روح الله القدوس ليبعث الرجاء في النفوس الجريحة. فإن كان يسمح لنا أحيانًا أن نُلقي في أتون التجارب، لكنه يُغير طبيعة النيران لأجل راحتنا وسلامنا.فمن ناحية يكشف لنا هذا السفر أن الله هو ضابط التاريخ كله، يعمل لحساب بنيان مؤمنيه المخلصين أينما وُجدوا. ومن ناحية أخرى يكشف لنا أن الله يتمجد في القلة القليلة جدًا المُخلصة، هو سندهم في تقديس حياتهم، وهو سور نارٍ يحميهم، والمُدبر لخلاصهم.إن كان الله يسمح لمؤمنيه بالضيق كما سمح لدانيال بسبيه وهو بعد شاب صغير، لكنه خلال التجربة رفعه إلى أعلى الدرجات ليسجد له أعظم ملك في ذلك الحين، يسجد له مُدركًا أن فيه روح قدوس القديسين طالبًا بركته ورضاه؛ كما فتح الرب عن بصيرته لا ليهبه حكمة فيعرف أحلام الملك ويُفسرها له، ولا ليدبر أمور المملكة بحكمةٍ وفهمٍ فحسب، وإنما ما هو أعظم لكي يتمتع بأسرار الله الفائقة، فيكشف له الروح عن عمل الله المستقبلي والأبدي مع البشرية.إنه سفر الصداقة الإلهية القادرة وحدها أن ترفع قلب المؤمن إلى الحياة السماوية الفائقة، حتى وإن عاش في أرض الغربة كمسبي.إنه سفر "المعرفة الإلهية"، التي يُقدمها الله لمختاريه ومحبوبيه، هذه المعرفة التي تنبع عن الإيمان الصادر من قلب متسع بالحب الإلهي. هذه المعرفة تُوهب خلال خبرة الضيق الشديد واحتمال الآلام من أجل الله وشعبه. يكشف أيضًا السفر كيف يحاول عدو الخير أن ينتزعها بتحطيم إيماننا. أخيرً، فإن هذا السفر موجه إلى كل مؤمن من الشعب ليعرف دوره الحيّ في حياة الكنيسة كما في حياة البشرية كلها، وإذ لم يكن دانيال متفرغًا للخدمة والنبوة لكنه كان أشبه برئيس الوزراء في دولة سيطرت على العالم أجمع. عرف كيف يُعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله. وإن كان دانيال لم يرجع إلى أورشليم مع العائدين من السبي، ولم يشترك مع نحميا في بناء السور، ولا مع زربابل في إعادة بناء الهيكل، لكنه كان الرجل الأول الخفي العامل في هذه الأمور، إذ كان له تأثيره على ملوك بابل وفارس. لقد قدم خدمة فائقة من جوانب متعددة خلال حياته المقدسة وأمانته في عمله.ليت روح الرب يفتح بصائرنا لنكتشف أسراره الإلهية، ونتعرف عليه، ونقبل صداقته عاملة فينا، فيستخدمنا في الموقع الذي يراه لبنيان ملكوته.

من تفسير وتأملات الآباء الأولين-سفر حزقيال

حزقيال والمسيحي المعاصر كُتب سفر حزقيال لبيت إسرائيل (3: 1)، لكي يعيشه كل مؤمن حقيقي يحيا في كنيسة الله، إسرائيل الجديد، يختبر معاملات الله، ويتفهم أسرار الملكوت ويمتلئ رجاءً في شركة المجد السماوي.لقد كان إرميا النبي آخر الأنبياء في أورشليم قبل السبي... عاصر السبي لكنه لم يذهب معهم إلى بابل، إنما بقي مع البقية الباقية يشهد لإلهه بقوة، فحملوه معهم إلى مصر ورجموه! أما حزقيال النبي والكاهن فكان شابًا صغيرًا (25 عامًا) حُمل إلى السبي ليكمل رسالة إرميا النبي. كان يحمل الصوت الإلهي ليذكر الشعب المسبي بسبب سبيهم، مناديًا بالتوبة والرجوع إلى الله، يبث فيهم روح الرجاء، ويكشف لهم عن وعود الله وخطته الخلاصية... لقد كان آداة الله التي احتملت الآلام من أجل الشهادة للحق.إن تطلعنا إلى سفر الرؤيا نشاهد حزقيال النبي وكأنه قد وضع يده في يد يوحنا الحبيب ليعبرا معًا عبر القرون، ويتطلعا إلى أورشليم العليا، مسكن الله مع الناس، إلى الهيكل السماوي.سفر حزقيال هو سفر كل مؤمن حقيقي يريد أن يلتقي مع الله القدوس، مقدمًا توبة يومية عن خطاياه، فيختبر الحياة الجديدة في المسيح يسوع، وينعم بالوعود الإلهية الثمينة. سفر حزقيال هو سفرك، يمس حياتك وأعماقك،

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر مراثى إرميا

مقدمة في مراثي إرميا يشير عنوان هذا السفر إلى أنه أنشودة جنائزية أو لحن لمناسبة مؤسفة تعادل الموت ذاته.تُعتبر من أروع المراثي، تكشف عن انكسار قلب مخلص يحترق بالحب نحو شعبه. فالكاتب شاهد عيان لخراب أورشليم على يد جنود نبوخذ نصر البابلي عام 587 ق.لم يكن دمار أورشليم بالنسبة للكاتب هو مجرد خسارة لعاصمة حصينة رائعة، كانت تُحسب بارعة الجمال، لكنها وهي مدينة الله، تحتضن الهيكل الفريد، تمثل حضور الله وسط شعبه. شعر الكاتب بأن هذا الدمار يشير إلى ممفارقة مجد الله للهيكل والمدينة والشعب. كانت الصدقة بالنسبة له أكثر من أن تحتمل، فصرخ متوجعًا، وبكي، ونادي بالصلاة والرجوع إلى الله بالتوبة العملية. الكاتب كتبه إرميا النبي بعد حصار أورشليم وسقوطها تمامًا كما جاء في الترجمة السبعينية. غاية السفر 1. كُتبت هذه المراثي خصيصًا لليهود خلال الثلاثة شهور ما بين السبي الأول لبابل والسبي الثاني عام 586 ق.م ينشدها بروح الحزن المسبيون في بابل وأيضًا الذين بقوا في فلسطين وهم في عارٍ شديدٍ بسبب دمار بلادهم، خاصة أورشليم وهيكلها. غايتها ليس مجرد البكاء على ما بلغوه، وإنما اكتشاف أمرين رئيسيين في حياتهما: ماذا فعل بهم الإصرار على الخطية ومقاومة الأنبياء، والرجاء الحي في الله غافر الخطايا وواهب المجد. 2. أكد إرميا بروح النبوة العودة من السبي، فإن الله يود نجاح أولاده وعزّهم ومجدهم. 3. أعلن إرميا مرارة نفسه، فمع ما عاناه من الشعب والقادة حين حذّرهم بما سيحل بهم، فإنه إذ حلّ بهم العار تمرّرت نفسه فيه. إنه رجل المحبة! ليس من شخص مخلص لشعبه بقلب متقد بنار الحب الحقيقي مثل إرميا.

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر إرميا

سفر كل عصر لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة المؤمنين في كل عصر.عاش النبي في فترة عصيبة، فمنذ حوالي قرن سقطت مملكة الشمال "إسرائيل" بأسباطها العشرة تحت السبي، وزال مجدها بسبب ما اتسم بها ملوكها العتاة من عجرفة وفساد. أما مملكة الجنوب "يهوذا" فعوض أن تتعظ بما حلّ بأختها "إسرائيل"، نست أو تناست ما صنعته الخطية بأختها، حاسبة أن ذلك هو حكم إلهي عادل لانفصالها عن يهوذا وإقامتها مركزًا للعبادة في السامرة عوض هيكل أورشليم.مع بداية خدمة إرميا كان الكل - الملك والمشيرون والكهنة وكل القيادات الدينية والشعب - متفائلاً، وقد انحرفوا إلى عبادة الأوثان وانحطت أخلاقياتهم حتى سكنت الشريرات حول بيت الرب يكرسن حياتهن لارتكاب الشر مع القادمين للعبادة، وانشغل رجال الدين مع الأنبياء الكذبة بمحبة المال والمجد الباطل. وإذ أراد يوشيا الملك الإصلاح قام بترميم الهيكل، لكن الإصلاح لم يصل إلى القلوب. فجاء إرميا يحذر وينذر معلنًا ضرورة التوبة والرجوع إلى الله بكل القلب، مهتمًا بالإصلاح الداخلي للنفس وإلا سقطت المملكة! هذا هو مفتاح السفر.إن كان هناك ترميم لبيت الرب، فالحاجة ماسة إلى ترميم القلب كمسكن خفي للرب. وإن كانت هناك ضرورة للذبائح، فيلزم أيضًا تقديم الطاعة لله ذبيحة حب له. وإن كان لابد من الختان فليُختن القلب والحواس أيضًا. إن كانوا أثناء الترميم قد وجدوا سفر الشريعة، فيليق بنا أن نجدها منقوشة بالروح القدس داخل النفس. وسط هذا الظلام الدامس أشرقت أشعة الرجاء بالرب على النبي الباكي الشجاع، إذ رأى من بعيد المسّيا المخلص قادمًا ليقيم عهدًا جديدًا، فيه تُنقش شريعة الله لا على لوحي حجر، إنما داخل القلب الحجري لتجعل منه سماءً مقدسة!هذا السفر في حقيقته هو سفر كل نفس قد مالت في ضعفها إلى تغطية ذاتها بالشكليات في العبادة دون التمتع بعمل الله الخفي والانشغال بالعريس السماوي!في هذا السفر نرى رجل الله مختفيًا وراء كلمة الله النارية لكي يعلن الحق الذي كاد أن يرفضه الكل. يكشف أحكام الله وتأديباته في غير مداهنة ولا مجاملة؛ بل في اتضاع مع حزم، في قوة مع بث روح الرجاء... وقد كلفه ذلك احتمال اضطهادات كثيرة ومتاعب، بل ودفع حياته كلها ثمنًا لذلك.لخص العلامة أوريجينوس غاية هذا السفر بقوله: [أنظر إذًا أي شقاء عظيم أن يخطئ الإنسان فيُسلَّم إلى الشيطان، الذي يسبي (يأسر) النفوس التي تخلى عنها الله. لكن ليس بدون سبب يترك الله هؤلاء الخطاة. فإنه عندما يرسل المطر على الكرمة ثم لا تعطيه هذه الكرمة سوى شوكًا بدلاً من العنب، ماذا يفعل الله بها إلاَّ أن يأمر السحب بألا تمطر عليها؟إذًا نحن أيضًا مهددون بسبب خطايانا، إن لم نتب يجب أن ُنسلم إلى نبوخذنصر وإلى البابليين حتى يعذبوننا بالمعنى الروحي. أمام هذا التهديد، تدعونا كلمات الأنبياء، وكلمات الشريعة، وكلمات الرسل، وكلمات إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى التوبة وإلى الرجوع. إن سمعنا لهم نؤمن بالذي قال: "ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يونان 3: 10)[1].والآن أقدم لك أيها العزيز مقدمة بسيطة للسفر مع تفسير مختصر وتأملات أرجو أن تسندنا بروح الله القدوس على التمتع بأسرار هذا السفر الروحية العميقة وفاعلية كلمة الله فينا، مستندًا على بعض مفاهيم الأولين.

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر أشعياء

كنت أقرأ كتابًا عن إشعياء النبي، وإذا بي أشعر كأن سفر إشعياء يسحب قلبي ليملأ أعماقي تعزية وسط المتاعب. وكانت المفاجأة العجيبة أنني اكتشف في الصباح أن تلك الليلة كانت عشية استشهاد إشعياء النبي، هذا ما دفعني أن أبدأ في دراسة السفر لنوال بركة كلمة الله مع إشعياء. لقد أخذت بالمنهج الآبائي الدراسي ليصير مكملاً لسلسلة كتب الأب المحبوب القس لوقا سيداروس في ذات السفر الذي اتسم بمنهجه الوعظي وأسلوبه العذب. الرب قادر أن يستخدم هذا العمل لمجد أسمه القدوس.

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر نشيد الانشاد

مركزه عند اليهود: تسلمت الكنيسة المسيحية من يدي الكنيسة اليهودية هذا السفر ضمن أسفار العهد القديم، وقد احتل هذا السفر مركزًا خاصًا بين الأسفار لما يحمله من أسلوب رمزي يعلن عن الحب المتبادل بين الله وكنيسته، أو بين الله والنفس البشرية كعضو في الكنيسة.وقد ضمت النسخة العبرية للتوراة التي جمعها عزرا الكاتب في القرن الخامس قبل الميلاد هذا السفر، كما ترجم إلى اليونانية ضمن أسفار النسخة السبعينية في القرن الثالث قبل الميلاد، دون أي اعتراض أو شك من جهة معانيه الروحية.وفي أيام السيد المسيح، حاول الحاخام شمعي استثناءه من الكتاب المقدس بسبب رغبته في التفسير الحرفي للكتاب المقدس بطريقة قاتلة...، فأكدت مدرسة هليل اليهودية التقليدية قانونية السفر. وأكد مجمع[1] Jamnias (95-100م) قانونيته. وفي عام 135م أكد الحاخام أكيبا أهميته العظمى، قائلاً: "الكتاب كله مقدس، أما سفر نشيد الأناشيد فهو أقدس الأسفار، العالم كله لم يأتِ بأهم من ذلك اليوم الذي فيه أعطي هذا السفر".وجاء في الترجوم اليهودي[2] "الأناشيد والمدائح التي نطق بها سليمان النبي، ملك إسرائيل، بالروح القدس، أمام يهوه الرب العالم كله في ذلك رنمت عشرة أناشيد، أما هذا النشيد فهو أفضل الكل".وأكدت المدراش[3] Midrash: "نشيد الأناشيد هو أسمى جميع الأناشيد، قدمت لله الذي سيحل بالروح القدس علينا. أنه النشيد الذي فيه يمتدحنا الله، ونحن نمتدحه!".

من تفسير وتأملات الآباء الأولين - سفر الجامعة

دعوة من الجامعة إلى الحياة الجامعة يُعتَبر سليمان الحكيم هو أول من بني بيتًا لله في العالم؛ لكنه عاد فأنحرف إلى العبادة الوثنية بسبب نسائه الأجنبيات وحياة اللهو التي مارسها. وإذ شعر بخطئه عاد إلى الرب إلهه من جديد لينضم إلى الجماعة المقدسة بالتوبة الصادقة. وقد جاء سفر الجامعة يكشف عن توبته العملية ورجوعه إلى الجماعة. دعى نفسه بالعبرية "كوهيليث Qoheleth " التي تعني "الجامعة"، فقد أدرك حنو الله الذي حمله كما على منكبيه من خلال طريقه ليرده إلى الحياة الجامعة، إلى القطيع الإلهي، إلى كنيسة الله التي يجتمع فيها الله مع شعبه. بمعنى آخر لقد كتب "الجامعة" سفر "الجامعة" لكي يحث كل تائه على العودة إلى الحياة "الجامعة" أو إلى الحياة الكنسية المتهللة، بعدما يكتشف بطلان كل ما هو تحت الشمس (3: 1)، فيرتفع إلى فوقها، أو إلى ما فوق الزمن، ممارسًا الحياة الجديدة السماوية الخالدة.إن كان سفر الجامعة قد ركز على تأكيد بطلان العالم بكل ملذاته فإنه في نفس الوقت يوضح أن كل ما صنعه الله حسن ورائع، وهو جسور للعبور حتى ينطلق المؤمن إلى خالق العالم نفسه، ويتمتع بالحياة الحقَّة الأبدية. كُتب هذا السفر إلى كل إنسان ليكتشف حاجته إلى الله كمخلص له ومصدر شبع وسعادة حقَّة عوض إساءة استخدام العالم والارتباك بهمومه. يقول القدِّيس يوحنا سابا: [ضع أمام عينيك نهاية هذا العالم وتغييره، فتشتعل فيك نار الحياة العتيدة[1]]؛ [كل الذين أغمضوا عيونهم عن شهوات هذا العالم أشرق نور مجد الله في نفوسهم، واقتنوا أجنحة روحية وطاروا وسكنوا في نور الجمال... سكرت نفوسهم كل ساعة بحلاوة الله ولم يعملوا شهوة أخرى خارجة عنه[2]].

من تفسير وتأملات الآباء الأولين-سفر الامثال

سفر الأمثال والكنيسة المعاصرة لسفر الأمثال أهميته الخاصة في الكنيسة الأولى، هذه التي لم تفصل الإيمان عن الحياة. فإن كان سفر الأمثال لم يتعرض كثيرًا لعقائد إيمانية، بل ركز على السلوك التقوي، ففي نظرها هذا السلوك هو ترجمة عملية للإيمان الحيّ والشركة مع الله.فالقديس إكليمنضس السكندري الذي عاش كفيلسوف لم يفصل بين الفلسفة والمعرفة، وبين الإيمان والحياة اليومية. بنفس الروح يربط القديس البابا أثناسيوس الرسولي بين الإيمان والصلاح، فيقول: "الإيمان والصلاح ينتميان لبعضهما البعض. إنهما أختان. من يؤمن بالله فهو صالح، ومن هو صالح يؤمن بالأكثر[1]". لهذا اهتم كثير من الآباء بسفر الأمثال.يجد المؤمن المعاصر في هذا السفر مرشدًا إلهيًا يترجم له الإيمان إلى حياة عملية.

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل