الكتب

الآباء المؤرخون مصادر التاريخ الكنسي

يتقدم التاريخ في المسيحية إلى الأمام ليربط -في النهاية- الزمن بالأبدية، وفي تاريخ الكنيسة تقف يد الله مختفية وراء الأحداث لتصنع المواقف تلك اليد الإلهية العالية، يد الله سيد التاريخ وخالق الزمن، هي التي باركت تاريخنا الزمني وقدست حياتنا على الأرض، لننطلق إلى اللازم، حيث الأبدية التي لا يحصرها ولا يحدها التاريخ لقد الآباء التاريخ والزمن مؤكدين على أن دورات التاريخ التي بلا رجاء قد انتهت، وعلى أننا قد تركنا الزمن لننشغل بالأبدية الدائمة، ومن ثم رأوا أن التاريخ لا تدفعه الأيادي البشرية وحدها كما قد يبدو في الظاهر، بل يد الله فوق الكل، وهي التي تنفذ مقاصده الإلهية الخلاصية العالية عن الأفهام لذلك رسم المنهج الآبائي صورة مبسطة للتاريخ الكنسي على اعتبار أن ذروة التاريخ ومركزه هو "المخلص" الذي به انفتحت النبوات واكتملت، وتحقق كل رجاء البشرية كمشتهى الأجيال كلها ولأن الآباء اعتبروا أن تاريخ الكنيسة يبدأ بتاريخ العالم، لذلك كانت غاية التاريخ في المفهوم الآبائي هي الكشف عن علاقة مملكة الطبيعة والخلقة بملكوت النعمة الأبدي، والكشف عن عمل الله الخلاصي وخطته الإلهية عبر الأجيال وحتى نهاية التاريخ البشرى وإعلان "الله الكل في الكل" {كو 1:16} على اعتبار أن السيد المسيح هو مفتاح التاريخ كله والتاريخ حسب فهم آباء الكنيسة له، هو اكتشاف العمل الكرازي والإيمان الرسولي والخدمة الرعوية وخبرة العبادة والشركة والشهادة والجهاد الروحي، فموضوع التاريخ الكنسي هو عنصر الكنيسة البشرى، وعلم تاريخ الكنيسة يصور حياة الكنيسة التاريخية، خلال مصادرها المتنوعة (الكتب المقدسة، القوانين، قرارات المجامع، دساتير الإيمان، الليتورجيات، رسائل الآباء وأقوالهم وفكرهم وتاريخ حياة القديسين وأعمالهم، الأيقونات، الأبنية، الأواني..) ولم تكن نظرة على الباترولوجي للتاريخ على انه مجرد سرد أحداث ماضية ميتة، أو تسجيل لوقائع منتهية، لكن التاريخ كعلم كنسي يحيط حياة الكنيسة من كل نواحيها بترتيب متصل ومتواصل، لأن المسيح هو ماضي الكنيسة وحاضرها ومستقبلهالذلك أصبح تسجيل التاريخ الكنسي في كتابات الآباء، يهتم بالمفاهيم الروحية والمدلولات الرمزية بفكر كنسي واسخاتولوجي هادف، خلال الحياة والسيرة والعبادة والسلوك فصارت الكتابات التاريخية عبارة عن فهم لعمل الله في وسط كنيسته عبر الأجيال، وإدراك الحقيقة الكنيسة وطبيعتها ورسالتها خلال تاريخها، وإذا تتبعنا تاريخ الكنيسة بهذا المفهوم الآبائي، فإننا نستطيع أن نتبيَّن الحقب المتتالية التي كانت وما زالت يوجهها الروح القدس الرب المحيى وتناول علم الباترولوجي التاريخ الكنسي عبر الحقب الممتدة من عصر الرسل، عصر الآباء الرسوليين، عصر الاستشهاد والاضطهاد، عصر الرهبنة، عصر الهرطقات، فتناول بذلك تاريخ الاضطهادات والهرطقات والنظم الكنسية والترتيبات الليتورجية وتاريخ اللاهوت والعقيدة والرهبنة وتاريخ الطقس والعبادة وسير الآباء والمجامع المسكونية، وتاريخ التقليد والقوانين والرعاية والكرازة والدفاعيات... ولأن الإنسان ينسى {أش 59:15} لذلك سمح الروح القدس وألهم حكماء الكنيسة أن يسجلوا تاريخها جيلاَ أثر جيل، منذ ان خط القديس لوقا الطبيب أول حرف في سفر أعمال الرسل، وإلى صفوف المؤرخين والكُتاب الكنسيين الذين واصلوا تسجيل "أعمال الروح القدس" كل جيل بمؤرخيه لقد تحقق معنى وقيمة التاريخ، لأنه مازال حياَ في الكنيسة يشكل الحاضر لمصدر دائم للإلهام، ليس بطريقة مجردة ولكن كاستعلان مجدد لروح الله، وكأبعاد أبدية للحياة الُمعطاة لنا في المسيح يسوع ربنا والمنقولة إلينا بواسطة الرسل الأطهار والآباء القديسين، وفالشعب الحي يجب أن يعيش دائماَ على اتصال وجداني وفكري بتاريخه، لما للتاريخ من قوة هائلة على التنبيه والإحياء، فالتاريخ ينبوع قوة روحية وتراث مقدس يحمل ليس فقط مجرد معرفة أو ذاكرة أو ذكرى بل شركة ومطابقة باطنية، نتحقق بها ونرى أن ما عمله الرب قديماَ هو في حياة الكنيسة اليوم، لا يزول منه حرف واحد ولا نقطة واحدة فالأصالة التاريخية للكنيسة ليست مجرد رمز تاريخي، ولكنها ثراء الحياة الذي لن يزول، فلنبحث في بطون التاريخ وأعماقه لنتعلم كيف نكون مسيحيين حقيقيين إن من السمات البارزة في التقليد القبطي أن تذكار الأحداث والشخصيات هو جزء لا يتجزأ من جوهر العبادة الكنسية، فمن وراء ذلك معنى لاهوتي عميق وثراء روحي يظل ينبوعاَ للقوة الروحية وميراثاَ غنياَ دائم التدفق نحتاجه كسند يومي نتمثل به ونقتفى أثاره وذخرت الكتبة القبطية بمجموعة من الميامر التاريخية التي تحمل سير البطاركة والشهداء والنساك والسواح والمتوحدين والرعاة الفعلة الأمناء، الذين بشروا بالمسيح وسفكوا دمائهم من أجله وفصلوا كلمة الحق باستقامة وجاهدوا عن الأمانة الأرثوذكسية، وسكنوا الجبال وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم في الملك المسيح لقد كان القصد من إصدار هذا البحث عن "الآباء المؤرخون" هو التعريف بهؤلاء الذين أرخوا تاريخ الكنيسة المقدس وصنعوا بكلماتهم وأقلامهم نسيج حياتها على الأرض، مقدمين أيقونة مجسمة وواضحة ومتألقة للكنيسة الأولى، فلولا هؤلاء الآباء المؤرخين ما كان لنا أن نعرف تاريخ العمل الكرازي وتاريخ الهيرارخية الرعوية وتاريخ تطورالعقيدة، وتاريخ المجامع والقوانين والقرارات الكنسية، كذا تاريخ الآباء والعبادة والممارسات المسيحية وتعتبر أعمال هؤلاء الآباء المؤرخين الأبحاث الأولى في علم الباترولوجي، والتي صاغوا فيها التاريخ الذي صنعه الآباء صُناع التاريخ نقدم هذا البحث كدليل للكتابات التاريخية التي يحتاجها الباحث في دراسة التاريخ الكنسي وفي كل الدراسات الباترولوجية، وبالرغم من أن بعض هؤلاء المؤرخين كان له انحرافاته الإيمانية، إلا أن أعمالهم ذات قيمة تاريخية هامة نقدم هذه الموسوعة الآبائية اخثوس ΙΧΘΥΣ مساهمة في حفظ تراث الكنيسة التعليمي الآبائي اللاهوتي الواسع والعريض، مع التركيز على استيعابه ووعيه وعياَ عميقاَ وعملياَ، وسط احتفال الإكليريكية المئوي وابتهاج الكنيسة بافتتاح معهد الرعاية والمؤسسات العلمية في عهد قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث -حفظه الرب- الذي عكف على السير على نهج الآباء في التعليم والرعاية والوعظ والكتابة آملين أن يحظى علم الباترولوجي باهتمام أوسع في مناهج المعاهد اللاهوتية حتى تكون الدراسات الكنسية على مستوى يضارع أرقى المعاهد اللاهوتية في كنيسة صاحبة أقدم وأعظم مدرسة عرفتها المسيحية، وأن يحظى بمساحة أكبر في مناهج التربية الكنسية التي تُعدها اللجنة العليا للتربية الكنسية، فتتمتع الأجيال المتعاقبة بأعظم ذخيرة من التعليم الكنسي الأصيل والمستقيم إننا نشكر الله من أجل جوده وسخائه إذ أعطانا أن نقدم هذا العمل بالرغم من ضعفنا وتقصيرنا، ونشكر أبينا المحبوب نيافة الأنبا بنيامين نائب قداسة البابا بالإسكندرية من أجل مساندته وتشجيعه الأبوي، وأيضاَ نيافة الحبر الجليل الأنبا ديسقورس الأسقف العام من أجل تدعيمه المتكرر لهذا العمل، كذا شكرنا لجناب الأب الموقر القمص أثناسيوس ميخائيل مدرس التاريخ الكنسي بالكلية الإكليريكية من أجل ملاحظاته القيمة ومراجعته للنسخ الطباعية الأولى، وليعوض الرب كل من له تعب ببركة وصلوات الآباء المؤرخين وصلوات جزيل الغبطة البابا شنودة الثالث، ولربنا السجود والمجد والإكرام.

العلامة يوسابيوس القيصرى

يبدأ العصر الذهبي للأدب الآبائي بكتابات باهرة لأبى التاريخ الكنسي يوسابيوس بامفيليوس Eusebius Pamphili اسقف قيصرية فلسطين، وهو مؤرخ ومجادل في نفس الوقت، وشخصية هامة في تاريخ الأريوسية في أيامه، وواحد من اخر المدافعين، ويقدم لنا صورة عن المتغيرات الجذرية التي حدثت في أيامه في تاريخ العالم بأمانة كاملة أكثر من أي مؤرخ آخرولم تكن قيصرية فلسطين مكان تعليمه ونشاطه الأدبي وكرسيه الأسقفي فقط، بل وأيضاً مدينة ميلاده سنه 263 م، وقد صارت هذه المدينة مركزاً للعلم والمعرفة منذ أن رحل أوريجانوس إليها وأنشأ مدرسته الشهيرة هناك، وقد شكلت مؤلفات أوريجانوس أساس المكتبة التي طورها بامفيليوس كاهن كنيسة قيصرية، وقد تحمس بامفيليوس لإصدار نص معتمد من الكتاب المقدس ولكن على أساس نص أوريجانوس المسمى (الهكسابلا – السداسي) وتفاسيره على العهدين القديم والجديد ولإتمام هذه المهمة احتاج إلى معاونين ومساعدين، فتقدم يوسابيوس ليكون عضواً عاملاً في هذه الجماعة الدراسية، وبدأ يساعد بامفيليوس الذي شجعه وعلمه كيف يعتمد على نفسه وعلى ذهنه وزوده بنصائحه، ودان يوسابيوس لمعلمه بامفيليوس بالفضل الكثير في تعلميه وتدريبه الفكري، وتعبيراً عن شكره ومحبته لأستاذه قرن اسمه باسمه فدعى نفسه "يوسابيوس بامفيليوس" أي أنه الابن الروحي لبامفيليوس وهكذا دخل يوسابيوس في تاريخ آباء الكنيسة باسم "يوسابيوس بامفيليوس" وما زال يوجد مخطوط قديم من نسخة الكتاب المقدس التي أعدها بامفيليوس ويوسابيوس معاً واستلم يوسابيوس عن معلمه تكريم أوريجانوس تكريماً عميقاً، وانشغل بتراثه الأدبي حتى يزيد من شهرة هذا العلامة السكندري، وبدأ في إصدار مجموعة مراسلاته، الأمر الذي ساعد على عدم ضياع هذا التراث أو تشتته وفى الاضطهاد الأخير نال بامفيليوس اكليل الشهادة، في العام السابع من اضطهاد دقلديانوس في السادس من فبراير سنة 310 م، وكتب يوسابيوس سيرته تكريماً لذكراه واعترافاً بمحبته له، ويوسابيوس نفسه هرب إلى صور ومنها إلى برية مصر في Thebais، ولكن قبض عليه هناك وسجن ويبدو أن العام الذي انتهت فيه الاضطهادات ضد الكنيسة (سنة 313 م) هو نفس عام تجليس يوسابيوس أسقفاً لقيصرية، وقد صارت له صداقة متينة مع قسطنطين الملك وكان ذا تأثير عليه، وبدأت شهرته كعالم تطغى على شهرة معلمه منذ ذلك التاريخ وقد دخل يوسابيوس -كأسقف- في الجدال الآريوسى، الذي اعتقد أنه يستطيع أن ينهيه باقتراحات بتنازلات متبادلة من كلا الطرفين، بدون أن يدرك الأهمية الحقيقية للعقيدة موضع النقاش، وكتب عدة رسائل يؤيد فيها أريوس، وكان له دوره المؤثر جداً في مجمع قيصرية المكاني الذي أعلن أرثوذكسية فكر وعقيدة آريوس رغم أنه طلب منه الخضوع لأسقفه، وبعد ذلك بقليل عقد مجمع مكاني في إنطاكية سنة 325 م. حرم أسقف قيصرية لرفضه للصيغة الإيمانية المعارضة للتعليم الآريوسي المنحرف، وفي مجمع نيقية سنة 325 م أراد أن يكون واسطة مصالحة، ورفض عقيدة (الهوموأسيوس Homoousios- مساواة الآب والابن في الجوهر) التي لأثناسيوس لأنه ظن أنها تؤدى إلى السابليانية Sabellianism،وأخيرًا وقع على قانون الإيمان النيقاوي كمجرد إرضاء خارجي لرغبة الإمبراطور، لكن بدون أي اقتناع حقيقي داخلي، ولم يستخدم قط في كتاباته بعد سنة 325 م. التعبير "هومواوسيوس" بل أيد صراحة يوسابيوس أسقف نيقوميدية وقام بدور بارز في مجمع إنطاكية المكاني سنة 330 م، الذي خلع الأسقف يوستاثيوس Eustathius، وكان له أيضًا دور هام في مجمع صور سنة 335 م. الذي حرم القديس أثناسيوس الرسولي، وبجانب ذلك كتب كتابين ضد مارسيللوس أسقف أنقره الذي خلع من كرسيه بعد ذلك بعام وكان إعجاب ومحبة يوسابيوس للإمبراطور، الذي أرسى السلام بين الكنيسة والإمبراطورية بعد سنوات من الاضطهادات الدموية، كبيراً جداً، وتمتع يوسابيوس نفسه بمكانة خاصة لدى قسطنطين، وفي التذكرين العشرين والثلاثين لتتويج الإمبراطور وتقليده الحكم، ألقى يوسابيوس كلمتي مديح للإمبراطور، وعندما تنيح قسطنطين في 22 مايو سنة 337 م. قدم يوسابيوس كلمة تأبين طويلة له، إذ يبدو أنه كان مستشاره اللاهوتي الأكبر، وقد مات يوسابيوس بعد إمبراطوره بأعوام قلائل في سنة 339 م. أو سنة 340 م. الملامح اللاهوتية والروحية في فكر العلامة يوسابيوس تكلم العلامة يوسابيوس عن التقدم إلى ما هو قدام في الحياة الروحية، فرسم منهاج للسير بلا عيب في الطريق الروحي وعدم الرجوع إلى الوراء وعدم الميل لا يمين ولا يسار ولا نظر للوراء من أجل بلوغ الهدف، ويقول: طالما أن القلب لا يزال بعد غير كامل فهذا هم كبير وتعب كثير بل أنه قد يتردى إلى أسوأ مما هو عليه، أما حينما يصل إلى قمة الكمال فحينئذ يكون قد تأسس في الفضيلة وتحرر من كل خوف، يطلب من الله أن يوضح له ولا يخفى عنه وصاياه حتى يكملها إلى المنتهى متفهماً لها حتى يعبر هذا العالم وهو بلا لوم ويتحدث يوسابيوس عن الحرب الروحية والقوات المضادة التي تحارب النفس في تفسيره للمزمور 118، فيقول: الله يصد عنا المضادات ويتولى قضاء الأعداء غير المنظورة بنفسه من أجل محبته للبشر، إذ قد تبنى قبضتهم لأنها قضيته وفى تأكيد على الإرادة المتجهة نحو الله يحث العلامة يوسابيوس على المواظبة على الاجتهاد والمثابرة، لان النفس التي تخطئ تذبل منجذبة في غفلة الخطية، ولن تقوم ولن تستيقظ إلا بتذكر الخير وإدانتها لنفسها واعترافها بخطاياها السابقة وتعلم الوصايا والثبات فيهاوهو بذلك يرسم معالم الطريق الروحي والحياة الداخلية بالشركة مع الله، ثم يذكر ملمح هام عن المكافأة والجعالة التي يحظى بها المجاهدون، عندما يتكلم عن نهاية العالم الزائلة وهيئته ليتبعه عالم جديد، وعوض الكواكب المنظورة يضئ المسيح نفسه لأنه شمس الخليقة الجديدة وملكها، عظيمة هي قوة هذه الشمس الجديدة، وعظيم هو بهاؤها، حتى أن الشمس التي تضئ الآن والقمر والكواكب الأخرى تظلم أمام هذا النور الأبدي العظيم. أما عن الملامح اللاهوتية في فكره، فيؤكد يوسابيوس على حياة الطهارة من أجل التأمل في الأمور العلوية (الإلهيات) فعدم الطهارة هو عدم التقوى وظلمة الجهل، أما نقاوة الفكر من الناحية الأخرى، فهي التقوى والتقوى تلازمها معاينة الله ويرى يوسابيوس أن تجسد الله اللوغوس هو استعلان السر الذي تدور حوله نبوات العهد القديم: "اللوغوس المتجسد هو وحدة الذي أعطانا نعمة معرفة الثالوث بميلاده السري لأنه لا موسى ولا أي من الأنبياء وهب خدمة هذه النعمة لشعب الله في العهد القديم، لأنه في ابن الله اللوغوس فقط أعلنت نعمة الآب للكل، لأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا". ويقارن يوسابيوس بين مسحاء العهد القديم من كهنة وملوك وأنبياء وبين السيد المسيح نفسه موضحاً أن ما ناله رجال العهد القديم كان رمزاً، فكانوا عاجزين عن أن يقيموا من أتباعهم مسحاء، أما السيد المسيح فهو وحده الذي دعى اتباعه مسيحيين لأنهم صاروا فيه مسحاءوالكنيسة عند أسقف قيصرية هي وحدها "تملك الطريق الملوكي"، ومن ثم تعطى (معرفة النعمة الإلهية)، لأن الكنيسة تملك اللاهوت الكامل، لأن فيها حُفظ سر الخلاص، سر تدبير الله، لأنها تجمعت من الأمم، وهب لها هذا السر بفضل نعمة فائقة مختارة، لأن فيها -كما يقول الرسول- كل كنوز الحكمة والمعرفة، ويقول يوسابيوس:(استعلن سر الخلاص لكنيسة المسيح فقط بنعمته) ومن المسيح الطريق والحق تتسلم الكنيسة معرفتها لسر الثالوث القدوس السري المبارك، وتحفظه كرجائها الذي لا يخزى وللنور في لاهوت وفكر يوسابيوس مكانه خاصة، والنور الذي أشار إليه القديس يوحنا اللاهوتي في بداية إنجيله أو النور الذي يضيء في الظلمة، هو نور اللوغوس الذي بقدرته خلق النفوس العاقلة الناطق، وهو الذي ينير كل إنسان آتياً إلى العالم، وهو النور الذي لا يُدنى منه والذي لم يره أحد قط وشرح أبو التاريخ الكنسي أن حق الثالوث قد استعلن بتجسد اللوغوس، ومنذ ذلك الحين ظل في الكنيسة يقودها ويمنحها المواهب المتعددة، مواهب الروح والحكمة والمعرفة والإيمان والمحبة.

القديس يوحنا كاسيان مؤسس رهبنة الغرب

وُلد يوحنا كاسيان نحو عام 360 م. (اكتفينا هنا بعرض موجز لسيرة وأعمال كاسيان إذ أفردنا له كتابًا كاملًا ضمن هذه السلسلة اخثوس ΙΧΘΥΣ بعنوان "القديس يوحنا كاسيان")، ونال تعليمًا أدبيًا في شبابه، ونحو عام 380 م، انضم كاسيان وصديقه جرمانوس إلى دير في بيت لحم حيث قضى هناك عدة سنوات وتأدب بآداب أديرة سوريا، ثم قدم إلى مصر مع صديق جرمانوس ليتتلمذ على أيدي قديسيها وبعد أن قضى الصديقان سبع سنوات في مصر، عادا إلى ديرهما في بيت لحم، لكن ما لبثا أن زارا مصر مرة ثانية وبعد ذلك ذهب كاسيان إلى القسطنطينية حيث سامه القديس يوحنا فم الذهب شماسًا، وهناك شهد كاسيان وجرمانوس الأحداث التاريخية المؤدية إلى خلع ونفى فم الذهب وفي عام 404 م. ذهب إلى روما حاملًا رسالة التماس إلى البابا أنوسنت Innocent من أكليروس القسطنطينية يؤيدون فيها القديس يوحنا فم الذهب، ومكث هناك لفترة من الوقت، وربما كانت سيامته كاهنًا بيد أنوسنت في ذلك الوقت. ومن روما عاد كاسيان إلى فرنسا حيث استقر في مرسيليا وأسس ديرين وسط الغابات الكثيفة أحدهما للرهبان ويُقال أنه بُني على قبر القديس بقطر وهو شهيد من عصر دقلديانوس والآخر دير للعذارى. ولما كان لكاسيان من خبرة ودراية بالأنظمة الرهبانية في مصر، كان يُنظر إليه كمرجع ومصدر ثقة، ويُعد هو المنظم والمدبر الأول للرهبنة الغربية إذ نقل كل التراث القبطي من تعاليم وتسابيح وصلوات إلى الغرب. أما عن الدور التأريخي الهام الذي لعبه كاسيان، فنراه جليًا عند دراستنا لكتابيه "المناظرات"و "المؤسسات": المناظرات: أو المقابلات Conferences وهي أحاديث كاسيان وجرمانوس مع مشاهير الآباء الأقباط والتي يقدمون فيها التعاليم الرهبانية القبطية. المؤسسات: وفيه شرح كاسيان القوانين الرهبانية، والخطايا الثمانية التي تعيق الإنسان في جهاده الروحي. ويُعد هذان العملان من الأعمال الهامة في التأريخ للرهبنة والنسك القبطي في القرن الرابع، إذ يمدنا بصورة حية عن الأنظمة والتقاليد الرهبانية في ذلك الوقت مع التعريف بآباء تلك الفترة. وبجانب هذين العملين التاريخيين كتب كاسيان بحثًا في سبع مجلدات "عن التجسد ضد نسطور".

القديس كيرلس الكبير رسائلة ضد النسطورية

قال عن نفسه "إنني قد وعدت نفسي على أن اقبل لأجل المسيح كل أنواع التضحية والعذاب إلى أن ألاقى الموت الذي أقبله بفرح من أجل غاية كهذه... فلا شيء يخيفني لا الشتائم ولا الاحتقار ولا التعذيبات أيا كانت ولكن يكفيني أن يكون الإيمان كاملًا ومحفوظًا!!" أولًا: نشأة القديس 1- تربى القديس في كنف خاله القديس البابا ثيؤفيلس فشب على معرفة العلوم الدينية والشغف بقراءة الكتب المقدسة وأقوال الآباء وسيرهم كما انه كان يمتلك موهبة حفظ الألحان الكنسية وترديدها. 2- وقد ألحقه خاله بالمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية لدراسة العلوم الفلسفية التي تعينه على الدفاع عن المسيحية ضد الهراطقة والمبتدعين فتمكن من دراسة جميع العلوم الدينية والفلسفية وتهذب بكل العناية الفائقة منذ الصغر وحتى تخرجه. 3- ولم يكتف خاله بذلك بل أرسله إلى البرية في جبل النطرون إلى دير أبي مقار حتى يتتلمذ على الأنبا سيرابيون تلميذ الأنبا مقار الذي أوصاه بأن يقوم بتهذيبه بكل العلوم الكنسية والنسكية ومكث بالفعل مع أستاذه مدة خمس سنوات تمكن خلالها من التهام كل كتب البيعة وأجاد بإتقان كل علوم الكنيسة وأعطاه الرب الإله نعمة وفهم قلب عجيب حتى كان إذا قرأ كتابًا مرة واحدة بحفظه عن ظهر قلب. 4- وهكذا بعد كل هذه الدراسات عاد إلى الإسكندرية حيث خاله الذي امتدح نبوغه العظيم المبكر بقوله "إنك بهذه الدراسات ستبلغ أورشليم السمائية في موضع سكنى القديسين" وعلى الفور قام خاله برسامته شماسًا وقد كان القديس كيرلس إذا ما وقف ليرتل الإنجيل تمنى المؤمنون ألا ينتهي من القراءة لرخامة صوته. 5- ثم بعد ذلك رسمه قسًا وكلفه بالقيام بالوعظ رغم صغر سنه فحاز إعجاب السامعين ونال رضى جميع الكهنة والعلماء في جيله حيث أنه برع في فهم الأسفار المقدسة وشرحها ببراعة عجيبة. وكان البابا ثيؤفيلس بشكر الله إذ رزقه ولدًا روحيًا قد شب بالنعمة والحكمة.

القديس ايلاريون الكبير أب رهبان فلسطين

وُلد هذا القديس حوالي سنة 292 م. بالقرب من غزة من والدين وثنيين ثريين من أغنياء المدينة وتقع قرية (طاباتا) التي ولد فيها على بعد خمسة أميال جنوبي غزة في شمال سيناء نشأ محاطاً بكل أسباب العناية والترف، وتثقف بالعلوم اليونانية، وإذ كان أبواه يريدان أن يستزيد أبنهما من دراسة علوم ذلك العصر ليمكنه أن يتبوأ مركزاً عظيماً، أرسلاه إلى الإسكندرية ليتقى العلم في مدرستها ويتعمق في دراسة الفلسفة والمنطق. وعاش هذا الصبي كما يقول جيروم مثل وردة بين الأشواك، قادماً إلى الإسكندرية معقل العلم، كي يتقن فن البلاغة والخطابة والفلسفة، إذ أنها كانت أكثر الأعمال شهرة آنذاك إلا أن الله بعنايته الساهرة، كما يقول معلمنا القديس بولس (لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم، والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضاً) (رو8: 29)، إذ بينما كانت غاية إيلاريون من ذهابه إلى الإسكندرية أن يستزيد من حكمة هذا العالم وينهل من معارفه المتعددة، كانت نعمة الله -قبل إيمانه بالمسيح- تقوده لغاية أسمى من طلب العلوم، وتعده لرسالة أعظم لقد سمح الله أن يكون قدومه بهيجاً إلى الإسكندرية في زمان البابا بطرس خاتم الشهداء، وفي عهد القديس أرشيلاوس عميد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، وهناك أظهر إيلاريون، على الرغم من حداثة سنه، مثابرة عظيمة في تلقى العلوم بغير ملحوظة تعلم على يد القديس أرشلاوس مبادئ الإيمان المسيحي، إذ كانت المدرسة اللاهوتية السكندرية تدرس الفلسفة المسيحية النابعة من صفحات الكتب المقدسة، باعتبارها أشهر معهد عقلي في العالم المسيحي الأول، ومهد اللاهوت في العالم المسيحي.

القديس ميثوديوس الاوليمبى

أولًا: سيرته: كان ميثوديوس الذي يدعى أيضًا "يوبوليوس"، أسقفًا أولًا لمدينتى "أوليمبوس" و"باتارا" كما يشهد بذلك العديد من قدامى الكُتاب ثم انتقل بعد ذلك -بحسب شهادة القديس جيروم- إلى إيبارشية كرسى صور في فينيقية "لبنان" وفي نهاية آخر الاضطهادات العظيمة التي مرت بالكنيسة، نحو عام 213 م.، استشهد في "خالكيس" في "أوبية" (جزيرة يونانية)، ولو أن البعض يرى أنه نال إكليل الشهادة في خالكيس التي في سوريا حيث أنها الأقرب إلى صور، وإن شهادة القديس جيروم يجب أن تقهم هكذا، ويؤكد آخرون أنه تألم تحت حكم دسيوس وفاليريان ولو أن هذا مثار جدال بين المؤرخين، ذلك لأنه كتب ضد أوريجانوس بعد فترة طويلة من نياحة Adamantius، بل وكتب أيضًا ضد بورفيرى الذي كان حيًا أثناء حكم دقلديانوس قال أبيفانيوس عنه: "رجل متعلم ومدافع شجاع جدًا في الحق". ثانيًا: كتاباته: 1- وليمة العشر عذارى: من الواضح أن ميثوديوس كتب "وليمة العشر عذارى" لتكون نظير مسيحي لـ"الوليمة" التي كتب عنها أفلاطون. 2- عن الإرادة الحرة: مضمون الكتاب يسعى ليثبت -في شكل حوار- إن إرادة الإنسان الحرة هي المسئولة عن الشر، ويبدو أن هذا العمل موجه ضد أتباع فالنتينوس وضد الغنوسيين. 3- عن القيامة: عبارة عن حوار دار في بيت الطبيب أجلاوفون، وهو يقع في ثلاثة كتب يفند فيها ميثوديوس نظرية العلامة أوريجين في القيامة بجسد روحاني، ويؤكد أن جسد القيامة هو نفس الجسد البشرى بعينه شارحًا أن المسيح تجسد لكي يحرر الجسد ويقيمه ويرفض ميثوديوس فكرة أوريجانوس عن الوجود السابق للنفس، وكتب ضده بعنف وهاجم التعاليم الواردة في كتاب "المبادئ" عن النفس كسجن للجسد وعن أبدية الخليقة وعن طبيعة الجسد المقام، ورفض فكره عن غاية الله من خلق العالم ونهايته وشرح أن الإنسان كان في البدء غير مائت في النفس والجسد وأن الموت وانفصال النفس عن الجسد هو من نتائج حسد إبليس فقط، وأن غاية الفداء هو جمع ما فرقه الشيطان. 4- عن الحياة والأعمال العاقلة: يتضمن الكتاب الحث على الكفاف والرضى بما أعطاه الله لنا في هذه الحياة، وعلى أن نضع كل رجائنا في حياة الدهر الأتي. 5- الأعمال التفسيرية ثلاثة أعمال تفسيرية الأول: موجه إلى امرأتين فرينوب وكيلونيا، ويتحدث عن فرز الطعام وشريعة العهد الجديد. الثاني: بعنوان "إلى سيستليوس عن البرص" وهو حوار بين شخص يدعى يوبليوس وآخر يدعى سيستليوس عن المعنى الرمزي للأصحاح الثالث عشر من سفر اللاويين. الثالث: وهو تفسير رمزي لأمثال (15:30... إلخ) "عن بنات العلوقة اللواتي لا يشبعن" والعدد الثاني من المزمور الثامن عشر "السموات تنطق بمجد الرب والفلك يخبر بعمل يديه" (مز 2:18). 6- ضد بورفيرى: كتب بورفيرى الفيلسوف خمسة عشر كتابًا "ضد المسيحيين" نحو عام 270 م.، ففند ميثوديوس هذا العمل ودحضه تمامًا، ولكن هذا الرد قد فُقد ولا نعلم عنه شيء. 7- الأعمال المفقودة: من أعمال القديس ميثوديوس المفقودة: عن الكاهنة (العرافة). عن الشهداء. تفسيره لسفر التكوين. تفسيره لسفر نشيد الأنشاد.

القديس يوحنا التبايسى

نشأته: يُدعى يوحنا الرائي إذ كانت له موهبة التنبؤ بالمستقبل، كما دُعي نبي مصر، ويوحنا السائح. قال عنه القديس يوحنا كاسيان: "نال موهبة النبوة من أجل طاعته العظيمة، فصار مشهورًا في كل العالم". رآه القديس جيروم على أطراف مدينة ليكوس (أسيوط)، ووضعه في قائمة كتابه "مشاهير الآباء"، في الفصل الثاني وتحدث عنه في شيء من التفصيل، خاصة حديث القديس يوحنا معه هو ورفقائه، وهو حديث روحي عملي ممتع، اقتبس منه القليل يلقب أيضًا بيوحنا المتوحد الأسيوطي لأنه وُلد بمدينة أسيوط عام 305 م. كان أبواه مسيحيين، وكانت صناعته النجارة والبناء. في سن الخامسة والعشرين تنيّح والداه فسلَّم أخته وأمواله لعمه ثم ذهب لدير أنبا مقار حيث ألبسه الأنبا إيسيذورُس والأب أبامون الإسكيم `cxhma.

العلامة لاكتانتيوس

* في كتاب "مشاهير الرجال" تحدث القديس جيروم عن لوسياس كاليوس فيرميانوس لاكتانتيوس، وذكر أن أفريقيا لم تكن فقط مهد تدريبه في علوم البلاغة، بل وكانت أيضًا مكان ميلاد أول أعماله -والتي فُقدت- وهى "الوليمة والتي كتبها عندما كان شابًا صغيرًا، وقد ترك لاكتانتيوس موطنه عندما استدعاه الأمبراطور دقلديانوس (284-304) إلى نيقوميدية في بثينية -العاصمة الجديدة للشرق- واستدعى معه فلافيوس النحوي ليُدرسا البلاغة اللاتينية، ولكنه لم يكن موفقًا، إذ يخبرنا جيروم أنه "لعدم وجود تلاميذ لكونها مدينة يونانية، أنصرف إلى الكتابة" لكنه ظل أستاذًا في نيقوميدية إلى أن اندلعت نيران الاضطهاد سنة 303 فترك منصبه لأنه كان قد صار مسيحيًا، وهكذا ترك بثينية ما بين عام 305 وعام 306، وفي نحو عام 317 استدعاه الإمبراطور قسطنطين الكبير -وهو في سن طاعن- إلى تريف بفرنسا ليهذب ويًدرس لأكبر أبنائه المدعو كريسبوس، ولا نعرف شيء عن تاريخ نياحته.

العلامة بنتينوس السكندرى

يرى المؤرخون الأقباط أن العلامة بنتينوس ولد بالإسكندرية من أصل مصري، أما القول بأنه يوناني فهذا مجرد تخمين وحدس، على اعتبار أنه كتب باليونانية، ولغة الكتابة لا تقطع بحقيقة جنسيته الكاتب، ولاسيما في العصر الذي كانت فيه اللغة اليونانية لغة الثقافة في العالم ويرى البعض أنه من صقلية، مستندين في ذلك إلى تلقيب اكليمنضس السكندري لأستاذه بنتينوس بـ"النحلة الصقلية"، لكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به لأن النحل الصقلي كان له شهرته العالمية في ذلك الزمان، وكان تلقيب بنتينوس بالنحلة مجرد إشارة انسياب أقواله العسلية وعذوبة تعليمه المشبع وما يحمله من قوت وغذاء أما عن زمن ولادته، فعلى ما يبدو أنه وُلد في أوائل القرن الثاني الميلادي، لكن يصعب تحديد سنة ميلاده بدقة. 2) نشأته الثقافية والفلسفية اتفق المؤرخون على أن بنتينوس كان رواقياً وفيلسوفاً مشهوراً، ويشهد بذلك يوسابيوس القيصري المؤرخ الكنسي والقديس جيروم أيضاً، فكان بنتينوس رواقياً غايته القصوى الأخلاق والإيمان بالله مصدر كل الخيرات، متهذباً بالفلسفة اليونانية التي جعلته معلماً وفيلسوفاً، وتعلم في المدرسة الرواقية Stoic، وكان محباً للطهر والفضيلة ويذكر التاريخ الكنسي شهادة العلامة أوريجين عنه أنه مثال أو بالأحرى أقدم مثال يمكن أن يُورده عن معلم مسيحي استطاع أن يفيد من دراسته الوثنية وكان بنتينوس دائم القراءة في الثقافة اليونانية، ومدحه تلميذه العلامة أوريجين قائلاً أنه في دراسته للفلسفة إنما يتمثل ببنتينوس ويحاكيه، إذ أن بنتينوس ربح الكثير من المثقفين خلال معرفته للفلسفة، وحاجج العقلانيين والفلاسفة ليكسبهم للمسيح يسوع، فهذا الاتجاه ادخله بنتينوس،وتطور على يدي تلميذه اكليمنضس وأعيد ترتيبه وصياغته منهجياً بواسطة أوريجين ويُنسب للعلامة بنتينوس إدخال الفلسفة والعلوم إلى مدرسة الإسكندرية لكسب الهراطقة والوثنيين المثقفين الذين أعدت لهم دراسات خاصة تقدم الأساسيات الإيمانية مستخدمة الفلسفة كسلاح للمحاججة والإقناع، ثم دراسات متقدمة عن الحكمة الإلهية والمعرفة الروحية.

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل