الكتب

القديس ديديموس الضرير

سيرة ديديموس الضرير وُلد ديديموس الملقب ب"الضرير The Blind" عام 313م، (اسم ديديموس هو اللفظ اليوناني المرادف لاسم توما) وفي الرابعة من عمره أصيب بمرض في عينيه أفقده بصره كما يخبرنا بلاديوس ، ولكن رغبته ومحبته الشديدة للمعرفة ذللت أمامه كل عقبة، فبرغم فقدان بصره وفقره، ورغم أنه لم يتعلم القراءة في مدرسة ولا حتى النطق الأول للحروف، إلا أن ذلك كله لم يثبط عزيمته، فتعلم الأبجدية بحروف منحوتة في لوح من خشب، وتعلم بنفسه كيف يقرأها بطريقة اللمس، وبذا سبق برايل Braille بخمسة عشر قرنًا في استخدام الحروف البارزة للعميان، ويقول سقراط المؤرخ الكنسي أنه بهذه الطريقة علم نفسه قواعد اللغة والبلاغة والفلسفة والمنطق والحساب والموسيقى، وقد درس كل هذا بعمق حتى أنه كان يستطيع أن يناقش كل من درس هذه العلوم من الكتب العادية، ويقول ﭼيروم أنه (تعلم الهندسة أيضًا التي كانت تحتاج إلى النظر أكثر مما سواها حتى كان أعجوبة لكل ناظر إليه فانتشر صيته وذاع اسمه في كل مكان). وفى عام 346م أسند القديس أثناسيوس الرسولي إليه مسئولية إدارة مدرسة إسكندرية اللاهوتية كما يخبرنا روفينوس ، بسبب ذكائه وقدرته على الاستيعاب ودقة ملاحظته وعلو حجته، وقد كان ديديموس آخر معلمي المدرسة المشهورين، إذ أُغلقت المدرسة العظيمة بعد نياحته بفترة وجيزة، وكان ﭼيروم وروفينوس من أشهر تلاميذ ديديموس، وقد أطنب ﭼيروم كثيرًا في مدح ديديموس ويذكر دومًا أنه معلمه his magister وأكد علو قدرته في التعليم ومقدار الأثر الذي تركه في لاهوت الغرب والشرق معًا ، وكان يفتخر بأنه تلميذه وانه اتخذه أستاذًا وقدوة له في دراسة الكتاب المقدس، كما ترجم له كتابه (عن الروح القدس) الذي يقول في مقدمة ترجمته: (إن ديديموس له عينان كعيني عروس نشيد الأنشاد، فهو في معرفته يحمل صفات الإنسان الرسولي، له فكر نير وكلمات بسيطة). ويسميه روفينوس Rufinus (النبي) و(الرجل رسولي) ، ويخبرنا سوزومين المؤرخ أن تأثير ديديموس في إقناع الشعب بصحة تعاليم مجمع نيقية ضد الاربوسيين كان لا يُضارع، إذ استطاع أن يجعل كل من يسمعه قادرًا أن يكون حكمًا في هذا الموضوع ، فبالرغم من أن الحركة الأريوسية كانت على أشدها في ذلك الوقت، وبالرغم من تعرض الأساقفة والمعلمين المستقيمي الرأي للاضطهاد من الحكام المدنيين المؤيدين للأريوسيين، إلا أن اللاهوتي السكندري وقف يجاهد مع القديس أثناسيوس بعد أن أُعجب بعبقرية وشجاعة باباه وحكمته الرسولية، غير مبال بالاضطهاد والمتاعب، وحارب بقايا الوثنية التي تمثلت فيما سُمى بالأفلاطونية المحدثة وسائر الفلسفات الأخرى، لذلك يقول سقراط المؤرخ: (كان ديديموس عند الناس حصنًا متينًا وسندًا قويًا للديانة المسيحية حتى قبل أن يتولى رئاسة المدرسة اللاهوتية، وهو يُعد خصمًا عنيدًا كسر شوكة أتباع أريوس وأفحمهم في مناظراته معهم). ولم يكن في الإسكندرية من يستطيع فلسفة أفلاطون أوضح مما يفسرها ديديموس، ولا من يتحدث بطلاقة عن أرسطوطاليس قدره. وشهد لقدرة ديديموس في المعرفة والمحاججة والإقناع كثيرون وأهمهم إيسيذور البيلوزومى الذي وصفه بأنه (باحث مدقق لا يمكن أن يفوته شيء) كما يشهد له ليبانيوس Libanius في إحدى رسائله التي أرسلها إلى الدوق سباستيان وهو من الهراطقة المانيين الذين اضطهدوا الإسكندرانيين أثناء نفى البابا أثناسيوس الرابع، وهو يقول: (إذا لم تكن قد تعرفت على ديديموس فأنت لم تعرف هذه المدينة العظمى الإسكندرية بعد، لأنه هو الذي يسكب عليها من تعاليمه لتثقيف الشعب ليل نهار). ويروى بلاديوس عن ديديموس -وقد زاره 4 مرات في خلال عشرة سنوات - إنه في يوم من الأيام كان حزنه عميقًا على المسيحيين الواقعين تحت اضطهاد يوليانوس الجاحد (من سنة 360 - سنة 363)، فصرف يومًا كاملًا في الصلاة والصوم وهو يطلب من الله أن يرفع الضيقة عن شعبه، حتى تعب ونام وإذ به يرى خيولًا بيضاء تجرى وكان راكبوها يهتفون قائلين: قولوا لديديموس أن يوليانوس قد مات اليوم الساعة السابعة، قم وكل، وأرسل إلى أثناسيوس الأسقف لكي يعرف هو أيضًا ما قد حدث، فكتب تاريخ اليوم والساعة اللذين سمع فيهما الصوت وإذ بهما قد تزامنا تمامًا مع الوقت الذي قُتل فيه يوليانوس. ولكن ديديموس لم يجذب معاصريه بتعليمه وفكره المستنير فقط، بل أيضًا بنسكه وحياته التقوية إذ أنه عاش حياة ناسك، ويُروى أن القديس العظيم الأنبا أنطونيوس عندما زار ديديموس أثناء وجوده في الإسكندرية لأول مرة دفاعًا عن الإيمان المستقيم ضد الأريوسيين، دخل قلاية ديديموس وطلب منه أن يصلى ووقف يسمعه باتضاع ثم جلسا يتحدثان في الكتب المقدسة، وسأله أبو الرهبان إن كان حزينًا على فقدان بصره، فلما صمت ديديموس أعاد الأنبا أنطونيوس عليه السؤال مرة ثانية، فأجابه قائلا أنه يحس بحزن شديد بسبب ذلك، فقال له كوكب البرية (إني لمتعجب من حزنك على فقد ما تشترك فيه معك أقل الحيوانات، ولا تفرح متعزيًا لأن الله وهبك بصيرة أخرى لا يهبها- تقدس اسمه- إلا لمحبيه، وأعطاك عينين كأعين الملائكة بهما تبصر الروحيات، بل وبهما تدرك الله نفسه ويسطع نوره أمامك، فأزال الظلام عن عيني قلبك واستنرت) فتعزى ديديموس بهذا القول طوال حياته ورواه لتلميذه ﭼيروم عام 368م حينما زاره ومكث عنده شهرًا كاملًا كما يخبرنا في مقدمة شرحه لرسالة أفسس، ويعلق ﭼيروم على هذه القصة بقوله: (أفضل للإنسان كثيرًا أن تكون له الرؤية الروحية من أن تكون له الرؤية الجسدية، ويمتلك عينين تميزان الخطية من الحق) . ويروى بلاديوس في الفصل الرابع من تاريخه اللوزياكي عن ديديموس: (حدث أن طلب منى أن أصلي في قلايته ولما لم أستجب لطلبه، روى لي هذه القصة: دخل انطونيوس هذه القلاية للمرة الثالثة لزيارتي وإذ سألته أن يصلى ركع في الحال وصلى ولم يضطرني إلى تكرار الطلب، مقدما لي مثلًا في الطاعة، والآن إن كنت تود أن تقتفى آثاره- كما يبدو عليك إذ تعيش في خلوة بعيدًا عن الأهل طالبًا الفضيلة- فابعد عنك روح المقاومة) . فكانت صداقة ديديموس والأنبا أنطونيوس أيقونة لألفة العلم مع النسك إذ لم يكن ديديموس معلما فحسب بل كان أولًا ناسكًا يحيى علمه اللاهوتي قبل أن يعلمه، ونلحظ في كتاباته المسحة النسكية التي عاشها وتشربها من أبو الرهبان، لذلك عندما يتكلم عن الروح القدس يتكلم عن عمله ودوره في خلاصنا، وإذا تكلم عن المعمودية اظهر بركاتها ومفاعيلها ودورها في تجديدنا فربط المعرفة بالحياة (17). وتنيح العلامة السكندري عام 398م وله من العمر 85 عامًا، قضى منها 52 عامًا مديرًا لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية (من عام 346 إلى 38) وضعفت المدرسة بموته.. وهكذا طل يعلم ويكتب ويدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية زهاء النصف القرن، تولى على كرسي الكرازة المرقسية أثنائها أربعة من الآباء البطاركة: البابا أثناسيوس (328-372م) البابا بطرس الثاني (373-378م) البابا تيموثاوس الأول (379-384م) البابا ثيؤفيلس (385- 411م).

القديس ايفاجريوس البنطى(مارأوغريس )

قصة حياة أوغريس أو إيفاجريوس البنطي (وليس النبطي) Evagrius Ponticus وباليونانية Εὐάγριος, ὁ Ποντικός تمثل صورة حيّة لقوة التوبة التي ترفع الإنسان من الحياة الساقطة الدنيئة ليصير عضوًا روحيًا فعالًا في حياة الكنيسة، كما تمثل لغزًا أيضًا فبينما عاش صديقًا وتلميذًا للقديس مقاريوس الكبير، لكنه إذ اهتم بالتفسير الرمزي والتأمل في الكتاب المقدس مع الكتابة، كان له أثره على كثيرين مثل بالاديوس ويوحنا كاسيان ومكسيموس المعترف مقدمًا لهم الأفكار الأوريجانية الرئيسية، كما سبب انشقاقًا في الحياة الرهبانية إذ ثار كثيرون من محبي الحياة التقوية البسيطة على منهجه، وحسبوه مفسدًا للرهبنة بأفكاره الأوريجانية الرمزية. نشأته: وُلد في مدينة إيبورا Ibora من أعمال بنطس سنة 346 م.، ابنًا لخوري أبسكوبوس. رسمه القديس باسيليوس أسقف قيصرية قارئًا، والقديس إغريغوريوس النزينزي شماسًا. في القسطنطينية سلمه القديس إغريغوريوس للبطريرك نكتاريوس، بوصفه شماسًا بارعًا في دحض كل الهرطقات، فصار واعظًا شهيرًا عُرف بحمية الشباب في دحض البدع.

القديس سيرابيون اسقف تيمى

جاهد آباء الكنيسة القديسون من أجل اعلان وشرح كل سر من أسرار اللاهوت والتدبير ،إذ أن الرؤية الآبائية للروحانية المسيحية ومجمل التعليم الآبائى تتمركز أساساً فى شخص المسيح الواحد فى الثالوث .فالعلامة المميزة للاهوت الآبائى هى صفته الايمانية التى كانت عندهم بمثابة شهادة للحياة فى المسيح المفعمة والملتحفة بالروح القدس ، فقمة النقاوة هى بدء اللاهوت. لذلك استخدم الآباء كل البراهين الفلسفية واللاهوتية على السواء ، لاقناع المهاجمين بأسلوبهم على أساس لاهوتى روحى ، حتى وإن كانت أدواتهم فى الكتابة فلسفية أحيانا ً ،وهذا هو التعبير عن الكرازة بالعقيدة .

القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

نشأته ولد وثنياً من أبوين وثنيين ذوى شهرة وكرامة عالية، ودُعِيَ اسمه ثيودورس Theodorus، ولم يعرف بالاسم اغريغوريوس إلا بعد قبول الإيمان المسيحي ومعموديته وكانت ولادته في قيصرية الجديدة بنواحي البحر الأسود من أعمال البونطس في آسيا الصغرى في أوائل القرن الثالث، حوالي سنة 213 م، وتوفى والده وهو في الرابعة عشرة من عمره، لكنه أكمل تعليمه إذ كان محباً للمعرفة ومشتاقاً إلى إدراك الحق... وكان مهتماً بدراسة القانون والبيان وحدث أن زوج أخته كان قد عين معاوناً لحاكم فلسطين، فصاحبها عام 233 م. ومعه أخوه أثينودورس Athenodorus الذي صار بعد ذلك أسقفاً واحتمل الكثير من أجل الإيمان بالمسيح وهناك درس العلوم القانونية الرومانية، حيث كانت هذه العلوم في ذلك الوقت سمة كبار القوم، وكان يتأمل مظاهر العبادة الوثنية المحيطة به من يوم وإلى يوم... فنما فيه شعور بالنفور من ناحيتها، وبدأ يتلمس طريق الحق وفى قيصرية فلسطين التقى هو وأخوه بالعلامة أوريجانوس السكندري، الذي كان قد لجأ إليها أثناء فترة خلافه مع البابا ديمتريوس وأنشأ بها مدرسة لاهوتية ضخمة، فهزهما هزاً وغير أفكارهما وبرنامجهما وبالرغم من عدم معرفة أوريجانوس السابقة لهما، إلا أنه أحسن استقبالهما وهما بعد وثنيين، مظهراً لهما سروراً من أجل اصطيادهما وربحهما لحساب المسيح، وأنقذهما من ظلمة العبادة الوثنية وارتبطًا به وأحباه جدًا، وتتلمذا على كلماته وعظاته، واجتهدا في مطالعة الكتاب المقدس وفي الدراسة بمدرسة الموعوظين، وأعجب ثيودورس الشاب به جداً إلى الحد الذي جعله يكتب خطاباً يذكر فيه تفاصيلاً ملموسة عديدة، ومدحه بدون تحفظ قائلاً: "إن ملاك الله أرشدنا في طريق هذه الحياة، وربطنا بحبل المودة مع هذا الرجل العظيم الذي سنستفيد منه جداً، ومع كونه مسيحياً ولا معرفه له بنا، إلا أنه أحسن استقبالنا وأظهر لنا سروراً كأننا أناس قد هداهم الله إلى شباكه ليصطادنا ويربحنا للإنجيل وينقذنا من ظلام عبادة الأوثان" كان العلامة أوريجين يهتم بتدريس شتى العلوم والمعارف والفلسفات معتبراً أنها مقدمة للفلسفة الحقة الحقيقية التي هي دراسة الأسفار الإلهية، وطريق خلاص للعقلانيين والفلاسفة المعاصرين له وأيقن الأخان أن الحق الذي يطلبانه لا يوجد في كتب الفلاسفة ولا في الفكر البشرى المجرد، إنما خلال نور الإيمان وإعلانات الله، فقادهما أوريجانوس بلباقته وحكمته ونسكه إلى قبول الإيمان والدراسة في مدرسة الموعوظين وأشاد أوريجين باغريغوريوس معتبراً إياه ابناً مكرماً له، حاثاً إياه أن يضرم مواهبه ويستثمرها لحساب ملكوت الله، وأن يوظفها درسه من فلسفات في خدمة العمل الكرازي لمواجهة خليط الفلسفات بذات أسسهم، وتفنيد حججهم وقيادتهم إلى الإيمان الحقيقي ويشهد اغريغوريوس لمعلمه ومعينه أوريجين بأنه قدم حياته مثلاً للحياة الإنجيلية وأن سر انجذابه له كان في أعماله التي فعلها أكثر من التعاليم التي عمله إياها،وكان اغريغوريوس يذكر دائمًا كيف قدم له أوريجين التعاليم المسيحية العلمية، كيف علمه كلمة الله وكيف ساعده ليترك حياته البربرية الوثنية، وكيف تتلمذ عند قدميه قرابة خمس أعوام، وكيف سلمه لاهوت الحياة الروحية، وكيف قدم له الإيمان المستقيم بطريقة شاملة وأشاد أيضاً اغريغوريوس العجائبى بمعلمه أوريجين، عندما وصف إمكانياته في تفسير كلمة الله قائلًا عنه: "الروح القدس الذي يوحى للأنبياء، كرمه كصديق، وعينه كمفسر خاص به"، "له القدرة أن يصغى لله ويفهم أقواله ويشرحها للبشر لكى يفهموها هم أيضاً"ويذكر علم الباترولوچى أن أوريجانوس أرسل رسالة إلى تلميذه القديس اغريغوريوس كتبت ما بين عام 238 وعام 243 م. بينما كانا أوريجين في نيقوميديا يطلب فيها منه أن يقتطف من الفلسفات اليونانية ما يمكن أن تنتفع به المسيحية، كما انتفع اليهود بالأواني الذهبية والفضية التي أخذوها من المصريين في خدمة الإله الحقيقي، كما طالبه بالاهتمام الشديد بدراسة الكتاب المقدس وأن يقرع الباب ويسأل خلال الصلاة لكي يتفهم الأسرار الإلهية يوصى أوريجين تلميذه اغريغوريوس قائلًا له: "جاهد في قراءة الكتب الإلهية، نعم كن مثابراً.. اقرع فسيفتح لك الباب... ولا تتوقف عن القرع والسؤال، فإن الصلاة هي أهم عون لازم لمعرفة الحق الروحي، لهذا قال الرب اقرعوا فسيفتح لكم، اطلبوا تجدوا كما قال اسألوا تعطوا" وبالجملة لقد استمر اغريغوريوس وأخوه ملتصقين بأوريجين، إلى أن ثار اضطهاد مكسيميانوس، مما اضطر معه أوريجين إلى ترك قيصرية إلى حين، وحينئذ أتى اغريغوريوس إلى الإسكندرية المدينة العظمى المحبة للمسيح، ودرس الطب والفلسفة اللذين كانا في أوج شهرتها هناك وفى الإسكندرية كان غريغوريوس وأخوه اثينودوراس يتعلمان في مدرسة الموعوظين التي كان يديرها ويرأسها وقتئذ القديس ديونيسيوس (انظر كتاب "البابا ديونيسيوس السكندري "ضمن هذه السلسلة (أخثوس) IXΘYΣ الذي صار فيما بعد البابا السكندري.

القديس ابيفانيوس أسقف سلاميس

شخصية القديس ابيفانيوس أسقف سلاميس لم تقدم لنا جزيرة قبرص إلا كاتب لاهوتي واحد كبير الأهمية، ذاك هو القديس أبيفانيوس أسقف قسطنطينية Costantin التي كانت تُعرف قديماً باسم سلاميس، وقد وُلد نحو عام 315 م. في قرية صغيرة بالقرب من Eleutheropolis القريبة من غزة في فلسطين، فنال المعرفة في سن مبكر باللغة اليونانية والعبرية والقبطية وبعض اللاتينية كما يخبرنا القديس چيروم، وكمؤيد قوى للحركة الرهبانية، أسس بعد زيارته لأشهر رهبان فردوس برية مصر سنة 335 م، ديراً بالقرب من مكان ميلاده، وتولى رئاسته لمدة تقرب من الثلاثين عاماً، وإذ اشتهر بمحبته للعلم والقداسة وحياة الفضيلة والتقوى، اختاره أساقفة قبرص في سنة 367 م. مطراناً لهم، وهكذا جلس على كرسي قسطنطينية لمدة جيل كامل وتعكس لنا حياته وكتاباته حماسة وغيرة ملتهبة في الدفاع عن نقاوة وسلامة العقيدة الكنسية الأرثوذكسية، وهو أقدم ممثل لمدرسة فكرية تسمى التقليدية الواقعية traditionalistic realistic، ولأنه كان راسخاً وثابتاً على إيمان الآباء، لذا كان يرفض كل تأملات تجريدية ميتافيزيقية، وهذا يفسر لنا معارضته الشديدة لكتابات العلامة أوريجانوس السكندري، الذي قال عنه أنه مسئول عن الاريوسية، وان تفاسيره الرمزية هي جذر كل الهرطقات فأدان الاوريجانية معتبراً أنها أخطر بدعة، وكان مجاهداً في مقاومتها، وهكذا سافر في عام 392 إلى أورشليم، موطن الغالبية العظمى من اتباع اوريجانوس، وفي حضور يوحنا أسقف أورشليم وحضور شعب كثير في كنيسة القبر المقدس، ألقى عظة قوية ضد تعاليم أوريجانوس، ونتيجة لهذه العظة، غير چيروم – آرائه وحاول أن يجعل يوحنا الأورشليمي يدين أوريجانوس، وعندما رفض يوحنا، قطع ابيفانوس شركته الكنسية معه، وفيما بعد، وعندما حدثت مشكلة الأخوة الطوال القامة الرهبان في جبل نتريا مع البابا ثيوفيلس السكندري بسبب تأييدهم للعلامة اوريجين، والتجأوا إلى يوحنا فم الذهب، واشتكوا للملكة التي أقنعت زوجها بضرورة عقد مجمع لمحاكمة البابا ثيوفيلس يرأسه فم الذهب، أرسل البابا ثيوفيلس إلى القديس أبيفانيوس رسالة خاصة يحثه فيها على عقد مجمع بقبرص لإدانة الاوريجانية وإرسال قراراته إلى القسطنطينية وقد ترجم القديس چيروم هذه الرسالة إلى اللاتينية، وهذا نصها:"ثيوفيلس إلى السيد المحبوب جداً الأخ والأسقف الشريك ابيفانيوس قال الرب لنبيه "أنظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقطع وتهدم... وتبنى وتغرس" (أر 1: 10)، وفي كل عصر يمنح الله كنيسته ذات النعمة لكي يحفظ جسده كاملاً لا يقوى عليه سم الأفكار الهرطوقية في أي موضع والآن ها نحن أيضاً نجد الكلمات تتحقق، لأن كنيسة المسيح التي "لادنس فيها ولا غصن أو أي شيء من مثل ذلك" (أف 5: 27) تقطع بسيف الإنجيل الحيات الاوريجانية الزاحفة من جحورها، وتنقذ خوارس رهبان نتريا المثمرين من وبائها المميت. لقد بعثت إليك صورة مختصرة لما فعلته معهم في الرسالة العامة التي وجهتها للجميع ولما كنتم غبطتكم دائمي النضال في جدالات مثل التي أمامي، فان واجبكم يحتم عليكم اليوم ان تسندوا الأيدي العاملة في الحقل، فتجمعون أساقفة جزيرتكم (قبرص) جميعهم لهذا الهدف، كمل يليق بكم أن تبعثوا رسالة مجمعية إلىّ ولأسقف القسطنطينية وللأساقفة الآخرين الذين ترون أن ترسلوا إليهم، كي يدان اوريجين مع الهرطقة الردية التي أسسها وذلك بجهاد جماعي لقد نما إلى علمنا أن جماعة من المفترين ضد الإيمان الحق، يدعون امونيوس ويوسابيوس وافتيموس (أي الأخوة الأربعة الطوال القامة عدا ديسقورس الأسقف) مملوئين حماساً زائداً لهذه الهرطقة، قد أبحروا إلى القسطنطينية لكي يلقوا شباك خداعاتهم هناك احرصوا على وضع الأمور بين يدي الأساقفة في Isar وبمفيلية والإبروشيات المجاورة علاوة على هذا تستطيع أن تضم رسالتي (إلى قرار مجمعكم) إن رأيت ذلك، فلتجمع الكل معاً بروح واحد، وبقوة ربنا يسوع المسيح تسلم هؤلاء للشيطان لهلاك الشر الذي ملك عليهم (1كو 5: 4،5) ولكي تتأكد من سرعة وصول مراسلاتك إلى القسطنطينية، ابعث رسولاً مجتهداً، احد الكهنة، يقدر أن يروى الأحداث. اطلب إليك فوق الكل أن تقدم للرب صلوات حارة، حتى نستطيع أن ننال الغلبة في هذا الجهاد, فان قلوب الناس في الإسكندرية وفي كل بقاع مصر تفرح فرحاً ليس بقليل، من اجل استبعاد قلة من الناس عن الكنيسة حتى تحفظ جسدها طاهراً سلام للأخوة الذين معك، الشعب الذي معنا يحييك إلى الأبد"فعقد القديس أبيفانيوس مجمعاً في جزيرة قبرص، اجتمع فيه عدد كبير من أساقفته ودحضوا فيه أعمال أوريجانوس، وبعد ارفضاض المجمع، أرسل نسخة من قراراته إلى الأساقفة وخاصة يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية، وكذلك أرسل نسخة إلى چيروم مع رسالة خاصة له يطلب منه فيها أن يترجم قرارات المجمع إلى اللاتينية ويبشره بنجاح المجمع ويعتبر نفسه سعيداً بأن يقوم بهذا العمل المجيد في شيخوخته وقد ذهب القديس أبيفانيوس إلى القسطنطينية بالرغم من سنه الكبير إذ كان يناهز الخامسة والثمانين من سني عمره، ليفند الآراء الأوريجانية ويقنع رهبان نتريا المؤيدين لها، معتبره شرفاً عظيماً أن يتحمل مشاق ومتاعب السفر ليقضى على هذه الهرطقة ويقاومها ويقف جنباً مع البابا ثيوفيلس، ولكنه غادر القسطنطينية عائداً إلى كرسيه قبل انعقاد مجمع السنديانة الذي خُلع فيه القديس يوحنا ذهبي الفم، وتنيح في السفينة في 12 مايو سنة 403، بركة صلاته تكون معنا آمين.

القديس ايريناؤس اسقف ليون

يعد القديس ايرناؤس أهم لاهوتي القرن الثاني، وتاريخ ميلاده بالتحديد غير معروف، لكنه في الغالب ما بين عام 140 وعام 160 م، وقد ولد في سيمرنا (أزمير) في أسيا الصغرى، إذ أنه يخبرنا في رسالته إلى الكاهن الروماني فلورينوس Florinus انه استمع في شبابه المبكر إلى عظات القديس بوليكاربوس اسقف سميرنا، وتكشف هذه الرسالة عن معرفة دقيقة ببوليكاربوس لا يمكن أن تكون إلا نتيجة لعشرة ومعرفة شخصية: "لأني عندما كنت صبيا، كنت أعرفك (يا فلورينوس) في أسيا الصغرى في منزل بوليكاربوس، عندما كنت رجلا ذا مكانة في البلاط الملكي، وكنت تسعى لكي تكون لك علاقة قوية معه (أي مع بوليكاربوس)، أني أتذكر أحداث هذه الأيام بوضوح أكثر من تلك التي حدثت قريبا، لأن ما نتعلمه في طفولتنا ينمو مع النفس ويتحد بها، لذا استطيع أن أصف حتى المكان الذي كان المبارك بوليكاربوس يجلس فيه وهو يعظ، وطريقة دخوله وخروجه، وأسلوب حياته، وهيئته الجسمانية، وعظاته للشعب، والوصف الذي قدمه عن عشيرته مع يوحنا والآخرين الذين رأوا الرب، وكيف أنه كان يتذكر كلماتهم وما سمعه منهم عن الرب، ومعجزاتهم وتعاليمهم، وكيف أن بوليكاربوس استلمها من شهود عاينوا ورأوا كلمة الحياة، وروى كل شيء بما يتفق مع الأسفار المقدسة، وقد أصغيت بشغف لهذه الأمور برحمة الله التي وهبت لي، وسجلتها، لا على ورق، بل في قلبي، وصرت أتأمل وأتفكر فيها وأرددها بنعمة الله". (1) من الواضح من هذه الكلمات أن ايريناؤس اتصل بالعصر الرسولي من خلال معلمه بوليكاربوس،ولأسباب غير معروفة ترك ايريناؤس أسيا الصغرى وذهب إلى بلاد الغال (فرنسا)، وسيم كاهنًا على كنيسة ليون، وفي عام 177 م. أرسل إلى البابا القثيروس Eleutherus في روما من قبل كنيسة ليون ليتوسط لديه ويراجعه في موضوع المونتانية Montanism، التي كان يحتضن أتباعها. وقد حمل رسالة إلى البابا تقول: "لقد طلبنا إلى أخينا ورفيقنا إيريناؤس أن يقدم هذه الرسالة لكم ونرجو منكم إكرامه وتوقيره لأنه غيور على عهد المسيح، ولو علمنا أن الرتبة يمكن أن تضفى صلاحا على أحد لكنا أول كل شيء فوضناه ككاهن لهذه الكنيسة (أي ليون) لأن هذه هي وظيفته فعلا". (2) وعندما عاد إيريناؤس من روما كان بوثينوس Photinus الأسقف الشيخ قد نال إكليل الشهادة وهو في التسعين من عمره، فصار إيريناؤس خليفته في الأسقفية، وفيما بعد عندما اختلف فيكتور (3) أسقف روما مع الأساقفة الاسيويين في أمر عيد الفصح، كتب ايريناؤس إلى عدد من هؤلاء الأساقفة، وإلى فيكتور نفسه يحثهم ويرجوهم أن يحفظوا السلام والمحبة، لذلك قال يوسابيوس (4) إن ايريناؤس عاش كما يليق باسمه لأنه أثبت أنه صانع سلام حقيقي كما هو تفسير اسمه، وبعد ذلك لا نعلم أي شيء عن ايريناؤس وحتى تاريخ نياحته غير معروف، ولكن جيروم (5) يخبرنا انه "عاش وظل يكتب حتى عهد الإمبراطور كومودوس الذي خلف الإمبراطور مرقس انطونيوس فيروس على العرش وفي القوة" وتعد شهادة غريغوريوس أسقف تورز القائلة (6) أن ايريناؤوس نال إكليل الشهادة موضع شك، لأنها جاءت متأخرة، ويوسابيوس لم يشر قط إلى مثل هذا الاستشهاد.

القديس العظيم باسيليوس الكبير رئيس أساقفة كبادوكية

تعالوا أيها الشعوب الأرثوذكسيين لنسجد للرب يسوع المسيح فإن الأصوات الصادقة التى للأنبا باسيليوس العامود المعظم قد ملآت كل العالم فمن يقدر أن ينطق بالقوات العظيمة والعجائب الكثيرة التى للأنبا باسيليوس ؟ وأى لسان جسدانى يستطيع أن يتلو كرامته ونسكياته ؟ مرحبا ً بقدومك إلينا فى هذا اليوم يا معلم التقوى ومؤدب كل المسكونة الأنبا باسيليوس الأسقف بهذه الكلمة تقدم كنيستنا مديحا ً فى الدفنار للقديس باسيليوس الكبير رئيس أساقفة كبادوكية فى تذكار نياحته الموافق 6طوبة من كل عام .

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل