الكتب
من هم اباء الكنيسة
إن العصر الحديث بقيمه الإنتاجية الاستهلاكية وبسرعته اللاهثة وراء كل ما هو جديد ، حينما يتوقف أمام آباء الكنيسة نجده يرمقهم بنظرة تمتزج فيها الحيرة مع التعالي تحت مظلة ضبابية من عدم الفهم والشعور بالغموض . ولعل الأمر المحزن أن الكثير من الشباب المسيحي المعاصر في العالم أجمع متغرب عن الآباء بدعوى المعاصرة والحداثة ، فمؤلفات الآباء مازالت متغربة ـ في معظمها ـ عن مكتبات الشباب . والآباء في فكر البعض تم اختزالهم إلى لقب أو مقولة عامة شمولية تلقي بالضوء على منحى أحادي من حيواتهم الثرية . فإغناطيوس الأنطاكي هو الثيوفوروس ( حامل الله ) وبنتينوس هو النحلة الصقلية الذي يجمع رحيق الأزهار من مروج الرسل والأنبياء ، ليحولها في نفوس سامعيه إلى مبادئ المعرفة الخالدة ، كما كتب كليمندس السكندري . وإيريناؤس هو الذي قيل عنه إنته قضى على الغنوسية وأقام علم اللاهوت . وأثناسيوس هو المدافع عن الإيمان وهو الذي قيل عنه إنه “ ضد العالم ، كما دعاه ، ثيودوريت | الأسقف ؛ “ المنبر الأعظم ” . ويوحنا هو الذهبي الفم ، الواعظ الذي لا يدانيه أحد في القدرة على الوصول إلى مستمعيه وتحريك قلوبهم بكلماته المؤثرة والممسوحة بالصبغة البلاغية . وكيرلس هو “ عمود الدين ” أو “ ختم الآباء ’ ’ كما لقبه أناستاسيوس السينائي ، ومارأفرام هو قيثارة الروح ... إلخ . هنا ونجد أن تلك الرؤية الأحادية النقلية من فم لأذن ، تُمثل خريطة ذهنية ذات أوحد ، لا تلج في تفاصيل شرح هذا اللقب أو تلك المقولة . عنصر لست بصدد الغوص في وريقات المخطوطات لاستخرج منها نصوصا آبائية تائهة عن قارئ العربية ، كما إنني لست بصدد إعادة بعث لنصوص صارت نسيا منسيًا . فهذا عمل مؤسسي يحتاج إلى تكاتف العديد من الأفراد والجهات . ولكنني سأحاول جاهدا أن أغوص مع قارئي في بحار فكر الآباء المتسع بحثا عن لآلئ الروح ، زادا للمسير وسط لجج العالم المضطربة بشتى أنواع المعارف والثقافات . ولن أستطيع هنا مهما حاولت جاهدا توخي الدقة والاستبصار والتحليل الموضوعي ، أن أقف على جملة الفكر الآبائي . فقط أسعى لإعادة تأهيل ذاكرتنا ووجداننا لتراث الآباء ، وقراءته من منظور المعاصرة والاحتياج الآني لإنسان القرن الحادي والعشرين . ولعل الذاكرة المتطهرة بلهب ذكرى الآباء ، تصير معملاً لتصدير الفكر والحياة للعالم .
من مذكرات ملاك رواية
الأربعاء والجو شتاء . الهواء البارد يلفح البيوت كان يوم المتراصة جنبا إلى جنب وكأنها تستدفئ . دخل الملاك إلى الكنيسة باكرا جدا في صحبة آخرين . سجد أمام الهيكل وهو شارع جناحيه في هيئة المصلوب . أنشد التقديسات بنغمة عذبة خفيضة ، بعدها جلس في مؤخرة الكنيسة ليستطلع قلوب البشر أثناء القداس . القداس ، ما أروعها لحظات لا يدرك البشر أعماقها ، ولو انفتحت بصائرهم لبرهة ، على ذلك الحضور الإلهي الآسر المحاط بجوقات الملائكة ، لما احتملوا وهج المجد السمائي . بدأ توافد المصلين إلى الكنيسة ، كانوا يدخلون فرادى في هدوء يتماشى مع سكون الطبيعة النائمة على نغمات الليل ، ولم يكن الصباح قد ألقى بعد ، إشارته للضوء ، بالحركة فوق تلك البقعة من المسكونة .
مازال ينزف
حينما أفكر في الشهيد يداعب خيالي مشهد النور الفائق المنبعث من جراحات الجمع المتسربل بثياب بيض ويتبع الحمل أينما ذهب . الجراحات لآلئ لامعة تسبي البصيرة . الوجوه لا يعتريها الألم ولا الضيق . الأعين شاخصة في المجد الإلهي ، لا ينسكب منها دمع الأنين ولا تأوهات المخاض الأرضي . مشهد يسكب في القلب ، الحنين لملكوت الله .. مشهد يلتقط كينونتنا الإنسانية الملتحفة بأتربة أرض اللعنة ليسمو بها بعيدا في مدارات السلام والنعمة والفرح والمسرة في رحاب روح الله . هناك يسمع ترنيم الـ " هللويا الكبرى “ ، تلك التي تخرج بلا تعب ولا ملل ولا ألم ولا تغصب .. ” هللويا “ مرتلة بذهن منغمس في بهاء وجه الحمل الجالس على العرش .. حينما نتأمل في وجه الشهداء نرى الإنجيل ناطقا حتى الصراخ بانهزام الموت واندحار الألم أمام مجد الجسد الجديد ، نستنشق من جسده الذي نواريه الثرى ، رائحة ملء الروح .
ليكن نور رواية
لقد كتب ويل ديورانت عن الحضارات القديمة قائلاً : “ إن ما تراه من بنايات شامخة سيجرفها التاريخ ، وستصبح أثرا بعد عين ، كومة من تراب ، نجما آفلا ، سطرا في كتاب الذكريات .. " . ومن كتاب الذكريات نتلقف روائح المدينة السكندرية القديمة لعلها توقظ فينا حمية وتنهض فينا همة ؛ فالإسكندرية القديمة هي اللغز الساحر الذي طالما اجتذب الكتاب والباحثين والمفكرين والروائيين والشعراء . حاولوا أن يحفروا في ترابها بحثا عن إلهام يأتي من حوادث التاريخ أو خيالات الماضي أو جمالات المكان . فيها ، كما قال أحدهم قديما ، يجد الإنسان كل شيء ؛ ثروة وملاعب وجيشا كبيرا ، سماء صافية ومعارض عامة وفلاسفة ومعادن ثمينة وشبائًا ظرفاء وبيئًا ملكيا طيبا ومجمعا للعلوم وخمرًا لذيذا .. هي عالم جرى وراء العلم وتتبع خطوات اللذة العبثية وسبح في سماوات المعرفة واستقر في أحضان الإيمان . هي الباليوم الفلسفي والتونيك الروماني والطاليت اليهودي .. هي طرقات دينوقراطيس أول من رسم حدودها ورسم شوارعها .. هي منارة سوستراتوس المهندس العبقري إنها صيحات كهان المعابد وغزلة مجامع اليهود ورفعة موسيون العلماء وانفتاح كنائس المسيحيين . إنها خليط اللغات العجيب ، اليونانية الثقافية والرومانية السياسية واليهودية الأصولية والمصرية الدينية .. الإسكندرية هي قصور الأغنياء وأكواخ الفقراء .. هي مدينة التقوى والفجور .. المعرفة والجهل . اللذة والألم .. القوة والوهن .. الظلم والحرية .. السادة والعبيد .. الحب والبغضة .. .. من هذا المزيج تتولد تلك الرواية التي تجري أحداثها في العقد الأخير من القرن الثاني الميلادي بعد تولي كليمندس السكندري كرسي التعليم في مدرسة الإسكندرية التي كانت تعني بتلقين الإيمان للموعوظين وهو ما أطلقنا عليه اختصارا : “ مدرسة الإيمان ” . كما كانت تشرح دقائق اللاهوتيات للمتخصصين والمعلمين . وقد كانت تلك المدرسة بمثابة أول معهد علمي حقيقي في العالم المسيحي يقوم عليه متخصصون أكفاء مؤهلين .
لهذا انا مسيحي
لماذا أنا مسيحي ؟ لماذا المسيحية بالذات ؟ إنه سؤال قد تردده بينك وبين نفسك في بعض الأوقات ، وقد يكون تساؤل ممن حولك بهدف المعرفة أو التشكيك ، ولكن في كل الأحوال يجب عليك أن تفهم لماذا أنت مسيحي ؟؟ يجب أن تعلم أن فهمك ووعيك بمن أنت هام للغاية ، هذا الفهم أهم ما يصل إليه الإنسان في حياته لأنه يؤثر في قراراته ومن ثم مصيره ، لأن فهم من أنت ؟ سيقودك لفهم أعمق وأهم هو لمـن أنت ؟؟ هناك من يدرس ويبحر في الكثير من العلوم والمعارف ويحوز الدرجات العلمية ويتحصل على الشهادات المتنوعة ويصل صيته إلى الآفاق ، ولكنه لا يعرف من هو ولماذا يؤمن بما يؤمن به ! إيمانه قد يكون شيئا متوارثـا أبا عن جد ، وهو مسيحي لا لشيء إلا لأنه ولد هكذا !! هل مثل تلك المسيحية تُمثل إيمانا صادقا ؟؟ وهل يخطو مثل هذا الإيمان بمن يعتنقه ( دون وعي ) خطوات نحو الحياة الأبدية ؟ بل ويمكن أن نسأل هل يتمتع مثل هذا المسيحي بإيمانه ويختبر حضور وعمل الله في حياته ؟؟ بالتأكيد الإجابة القاطعة ستكون : لا . ذات يوم كتب المتصوف الإنجليزي والتر هيلتون Walter Hilton قائلاً : " إن الظلمة الحقيقية أفضل من النور الزائف ؟ “ . ماذا تعني تلك الكلمات ؟؟ إنها تضع أيدينا على التعرف الصادق على أنفسنا . فقد نسير في طرق نعتقد أنها النور وهي ليست كذلك ، في تلك اللحظة يكون من في الظلمة وهم يعرفون تلك الحقيقة أقرب إلى النور ممن يحيون في وهم أنهم في النور ولكنه ليس سوى نور زائف ! والإنسانية هي ، بكلمات القديس أغسطينوس : " مجتمع الحقيقة . فالوصول إلى معنى إنسانيتي يستوجب بحث صادق عن الحقيقة ، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق بعيدا عن مفهوم الحب ؛ فالإنسان الحق هو من يبحث عن الحق فيلتقي الحب .. وقتها تبدأ النكهة الإنسانية في الحياة تتغير .. يبدأ الوجود يغرد بأناشيد النور .. بعيدا سنجد في بحثنا القصير أن كل المسيحية تتمحور حول الحب ، ولا يمكن فهم أية عقيدة مسيحية عن الحب ، ولا يمكن إقامة علاقة حقيقية مع الله دونما حب ، ولا يمكن ممارسة أي اختبار
كيف أتعرف على مشيئة الله
لقد كتب أحدهم قائلاً : ان تعرف مشيئة الله ، فتلك أعظم معرفة أن تتوصل لمشيئة الله ، فذاك أعظم إكتشاف بينما أن تصنع مشيئة الله ، فذاك بمثابة الإنجاز الأعظم في حياتك معرفة مشيئة الله ، لا تخلو جلسة مع الشباب إلا ويكون هو الموضوع الرئيس لتساؤلهم وحيرتهم وشغفهم لمعرفة المزيد عنه . هذا الأمر دفعني لأكتب تلك الصفحات القليلة حول هذا الموضوع وذلك لأنني وجدت الكثير من المفاهيم الدخيلة على الحس المسيحي النقي في التعرف على إرادة الله من حياتنا . ي الكثير من الأحيان كنت أرى أن من الشباب من يبحثون عن ملاك ( وإن لم يفصحوا صراحة عن هذا الطلب ) يقول لهم كيفية التحرك في كل تفاصيل الحياة ، وهم لا يطمئنون لأي شكل آخر من الفهم للمشيئة ! ويعيشون في قلق دائم لئلا يكونوا ضد مشيئة الله !! وحينما أسألهم عن كيفية اليقين ، تكون الإجابة لا أعرف !!
قراءة في حياة الرب يسوع الجزء الثاني
| الإنجيل حركة
قراءة في حياة الرب يسوع هي قراءة معاصرة لكلمات وحياة المسيح ومواقفه التي دونها لنا الإنجيليون . ليست شرحا وتفسيرا منظما متتابعا ، أكثر من كونها لحظات سكون وتأمل واع واقعي لدفقة الوصية في وعائنا المعاصر . فالكثير من كلمات وأفعال المسيح تستوقفك وتمسك بك ولا تريد أن تطلقك حتى تجدد رؤيتك وإنسانيتك ، ويلمس هذا التجديد واقعك الشخصي ومدارك المجتمعي . قد تجد بها تتفا من المعارف الإنسانية التي تتواءم مع روح الإنجيل ، وهو دليل على أن الثقافة الإنسانية ليست متغربة بالكلية عن واقع الإنجيل بل تصبح في العديد من الأحيان شاهدة له ، من خلال خبرات البشر في حياتهم عبر الأزمان والأصقاع ؛ فالبشر على صورة الله ولو لم يدركوا . تصلي في ليتورجية العماد فنقول : أيها الأزلي السيد الرب الإله الذي جبل الإنسان كصورته ومثاله ... افتح أعين قلوبهم [ المعمدين الجدد ] ليستضيئوا بضياء إنجيل ملكوتك إن كل كلمة من كلمات الإنجيل تخلق نوعا من التحدي للذات الإنسانية المتقوقعة حول وجودها الذاتي ، تريد أن تطلقها لترى الوجود الكلي ، متجاوزة أظر الزمان والمكان والتقاليد والبيئة والطباع والمعارف ... ويبقى التحدي قائما في حياتنا حتى تنتصر الكلمة ، كما ينتصر النور على الظلمة ، بالفجر والشروق ، فتكسر كل قناعات النفس القديمة المأخوذة من المسلمات الإنسانية المجتمعية ، والتي ننقلها بعضنا لبعض ونحن في غيبوبة النسبية ، ومتغربين عن كل ما هو مطلق ، فتُحيل كلمات الإنجيل ، عالم الإنسان الترابي إلى تراب ، أي تعود به إلى أصله غير المكتمل قبل نسمة الحياة . وقتها يبدأ الحراك الأبدي في الظهور على سطح الكينونة الإنسانية ، ويبدأ تجاوز الذات والحاضر إلى المطلق . وحالما يلمس النسبي ، أي الإنسان ، المطلق الإلهي ، ينال المعنى الذي طالما بحث عنه . يراه نابضا في قلبه وعقله وجوهره الإنساني . إنها الحياة الإلهية والتي تمر كنبضات إلى كينونة النفس ، فتُحييها . فلا يبقى الإنجيل كتابا يعبر عن هوية دينية ، بل كتاب الحياة والحركة والوجود ، الذي يدفع الإنسان إلى اكتشاف السر والمسيرة ، كما من زجاج شفاف . وقتها “ يتكلم الناصري عن حنين قائم في أعماق القلب "
قراءة في حياة الرب يسوع الجزء الاول
الحاجة إلى واحد
إن كلمات المسيح هي لؤلؤة تلك السلسلة ؛ “ قراءة في حياة الرب يسوع ” ، والتي تبحث عن جمال ، قد يكون مختبئا عن أعين البعض ، في كلمات المخلص . كلماته روح وحياة .. دفقات من الدماء في عروق ، الإنسان الجديد .. ودفقات من النور في ضمائر ونفوس وأرواح من تركوا العتيق البالي بحثا عن التجدد في المعرفة والخبرة الروحية ، كل يوم ، على صورة الله الظاهر في الجسد ؛ الرب يسوع . کلمات تشكل مقياس الحياة الجديدة وتعيد بعث ذكرى البراءة الأولى لإنسان ما قبل السقوط . كلمات تميت وتحيي .. تجرح وتعصب .. ثقيد لتحرر .. كلماته نيران تشتعل في القلوب لتدفعهم للسير وإن كانت المسيرة على جمر نار الاضطهاد والضيقة . إن الكلمات هي نطق الحياة ؛ فكلمات المخلص هي منطوق حياته التي لم تقترب منها شهوة ولا خطيئة ولم تعبث بها غرائز الإنسان العتيق . إلى تلك الحالة كانت دعوة الرب . لم يلقها عبثا على أناس يحيون في العالم ، والعالم شبكة عنكبوتية كبيرة متداخلة .. متاهة من الطرق المتشابكة ، لا نهاية لها . كلماته تحمل من الأسرار الكثير والكثير .. حجاب يرق أو يتكثف بحسب العلاقة معه .. يرق حجاب الأسرار فيظهر الله للبصيرة في فيض نور الحضرة الإلهية .. نور ؛ نغماته فرح وسلام في الروح .. وحينما يستعلن الله تتحول مبهمات الكلمات إلى حقائق أبدية محققة لا يلمسها إلا الإنسان الجديد القائم في المسيح ، من موت الخطيئة . كلمات كان يلقيها على جموع على مختلف مشاربهم ؛ مختلفو الأعمار والمدارك ، ولكن كلمات الرب أشبه بقطعة من الصلصال يشكلها الروح لتناسب الأذهان على مختلف قدراتها .. كلماته كانت قوى الحرية الجديدة لمن تكبلت أذهانهم بقناعات حجرية مغلولة في أصفاد حديدية صدئة هي منطق العالم والحواس والحرف .. كلمات الرب يسوع تنزع النقاب عن وجوهنا الملثمة لنرى الحقيقة ، نرى ما يختبئ خلفه من ملامح إنساننا الداخلي . إنها افتضاح رقيق لزيفنا وازدواجيتنا حتى نبدأ في إماتة إنساننا العتيق بنصل الكلمة نفسها . لا تفتضحنا كلماته أمام الجموع ولكن فقط أمام نفوسنا ..
عهد الصحراء
لطالما كانت البراري المصرية ذات جاذبية خاصة ؛ فسحر الصحراء الخلاب الممتزج بقوة السكون جعلت منها محط أنظار الكثيرين على مدى العصور . ولعل ظهور الحركة الرهبانية المدفوعة بقوة روح الله ، كانت بمثابة المغناطيس الذي جذب أنظار العالم إلى الصحراء ، لا كمكان للخلوة ولكن كمكان للحياة ومعاينة الله . والحديث عن البرية لا يمكن أن يستقيم دون تذكر كوكب البرية اللامع ، أنطونيوس ، الذي دشئن من البرية مذبحاً كبيرا لتقديم ذبائح حية مرضية أمام الله . وإن مجرد ذكريات أنطونيوس هي عون كبيرا ، هكذا أعلن القديس أثناسيوس في السيرة التي خطها بيده عن أنطونيوس الذي صار مثلاً يترجى مجاراته الكثيرون ، في سعيهم نحو المخلص . فحينما بدأت الحركة الرهبانية ، بدأت في قلب أنطونيوس ذلك الشاب الذي قرر أن يتبع المخلص ويحقق الوصية في ملئها مهما كلفه الثمن ، مستندا على وعد الرب بأن الذي يصبر إلى المنتهى ، فذاك يخلص . وببزوغ نجم أنطونيوس الروحي ، الذي رفعه الروح على المنارة ليستضئ بضيائه الجميع ، بدأ التساؤل وبدأ التفكير ف مدى صدق تلك الحياة ومدى إنجيلية تلك الحركة الوليدة